عرض مشاركة واحدة
قديم 11/01/2008   #44
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


الأنثروبولوجي
في أدب نجيب محفوظ
عماد الدين عيسي

تمثل البيئة الشعبية القاسم المشترك الأعظم في أغلب إبداعاته الأدبية، فالبيئة الشعبية كذلك في زحام الحياة بكل ما تحتوي من معالم وأبعاد وأعماق، فالبساطة تسود المظاهر المحيطة، كما أنها تجمع السواد الأعظم الممثل لنمط الشخصية المصرية، سواء في أصالتها أو دلائل انتمائها، فهي تشمل أولاد البلد، والطبقة المتوسطة، كما يكون في قيعان الأحياء الشعبية حياة الطبقة الدنيا.

«وقد وطد نجيب محفوظ نفسه منذ البدايات علي ارتياد هذه البيئة وعايشها، ورصدها رصدًا لماحًا يستشف المعني والفكر وراء الظاهرة الحديث والشخوص» (1).

ولذلك الرصد تأثير بالغ علي إبداعاته ـ عند استرجاعها ـ سواء في الرواية أوالقصة القصيرة.. ولقد أمضي «نجيب محفوظ» مراحل حياته الأولي معايشًا لحي شعبي إلي آخر أكثر أصالة وعراقة في شعبيتها وسماتها الأخلاقية إلي العادات وأساليب....

«كذلك قد استوعب نجيب محفوظ أخلاق البيئات الشعبية، الكرم وإكبار الشيوخ وتوقيرهم والسماع عن تفوقهم ثقافة ودروسًا، والقناعة بالموجود واحتمال الأذي والطاعة لكلامهم والإسراف في الشهوات وإيثار أولادهم وزوجاتهم، وذريتهم علي أنفسهم، كما تبرز في الأحياء الشعبية العادات والتقاليد الدخيلة علي الإسلام، فتكثر الأضرحة والدراويش والموالد، وأصحاب الطرق الصوفية ومظاهر الاحتفال بالمواسم والأعياد ومجالس الظرفاء والسمر والمتأدبين وشاعر الربابة ونافخ الأرغول، إلي ظهور الجرامفون والراديو» (2).

ولذلك فإنه يمكن ـ في مناخ الحارة ـ رصد الفكر الإنساني مجسما، فإن المعاني المطلقة المجردة مثل الخير، والشر، الفضيلة، الرذيلة، الملائكة، الشياطين، يمكن تحسسها مباشرة في مواقف تستحق الجزاء، أو العقاب، الحسنات والسيئات، الشرف والخيانة، ومن ثم يمكن تقديم الأنماط بمدلولاتها التي لا يختلف عليها أهل الحارة.

التوظيف المحفوظي للحارة

بل إن نجيب محفوظ عندما يستلهم بنائية الحارة الاجتماعية والثقافية ويوظفها لأفكاره ومعتقداته فهو يطبعها في قالب أدبي تعني بالفكر وتعني بالرؤية الشمولية.. التي تجعل الحارة في مصر الحي الخلفي في مدينة عالمية.. بل عندما يغوص إلي أعماق الحارة حيث الخرائب، لا يبعد بها هذا عن الغجر في أوروبا وإفرازاتهم علي البيئة الدنيا في المدن العليا.

وإن استعراض القوة السائدة في تلك البيئات أمر لم يغفله نجيب محفوظ، فالنزال في الحارة ومعاركها في فتواتها مادة جاهزة لتلعب الشوم والنبابيت دورها في الإجهاز علي الخصوم، وهي أيضا الصورة للمعارك في الأحياء الخلفية المظلمة في المدن العليا في العالم المتقدم، وهذا ما نراه في ملحمة الحرافيش، وغيرها، كما لعبت فيه «الفتونة» هذا الدور، وكانت المقاهي مسرحا لمثل هذه المعارك والخصومات.

إنها التوظيف المحفوظي لما ذهبنا إليه، ألا وهو إبراز المعاني المطلقة في أخلاقيات الحارة.. بل المجتمعات الإنسانية ككل، ومن ثم فهو يقول «المعارك في رواياتي ضرورية لأنها تعكس الصراع بين الخير والشر وهو جوهر الحياة».

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04461 seconds with 11 queries