عرض مشاركة واحدة
قديم 26/04/2005   #3
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي مقدمة كتاب " سأخون وطني " لمحمد الماغوط ..بقلم زكر


مقدمة كتاب " سأخون وطني " لمحمد الماغوط ..بقلم زكريا تامر

سيخون وطناً مزوراً
محمد الماغوط أديب طريف, مثير للعجب , فهو قبل ان يخون يؤلف كتاباً يكرسه للإنذار بأنه يعتزم أن يخون وطنه و في زمان تتم فيه أعمال الخيانة سراً.
فأي وطن هو ذلك الذي سيخونه و علناً و يفتخر ؟
الاوطان نوعان ....أوطان مزورة و اوطان حقيقية .
الاوطان المزورة أوطان الطغاة ، و الاوطان الحقيقية أوطان الناس الاحرار.
أوطان الطغاة لا تمنح الناس سوى القهر و الذل والفاقة . و مدنها وقراها لها صفات القبور والسجون ، ولذا فإن الولاء لاوطان الطغاة خيانة للانسان، بينما عصيانها والتمرد عليها إخلاص للانسان و حقه في حياة آمنة يسودها الفرح و تخلو من الظلم و الهوان ،و لا سيما ان الولادة في أي وطن هي أوهى جذر يربط الإنسان بوطنه، ولن يقوى ذلك الجذر وينمو و يكبر إلا بما يعطيه الوطن من حرية وعدل ....
لقد كان محمد الماغوط دائما يظن أنه أنه رجل القضايا الخاسرة و المخفقة , ولكن الوقوف مع الناس إبان محنهم لم يكن في أي يوم من الأيام قضية خاسرة , أنما هو أمتحان عسير للأديب خاصة أن الكتابة في وطن الطغاة أقل أماناً من النوم مع الأفاعي في فراش واحد .
في هذا الكتاب الأسود الجميل الممتع المؤلم الساخر المرح ينجح محمد الماغوط في الجمع على أرض واحدة بين الأمل و اليأس , بين مرارة الهزائم و غضب العاجز , ليقدم صورة لما يعانيه الإنسان العربي من بالاء من سياسييه و مثقفيه و جنده و شرطته و أجهزة إعلامه مكثفاً ذلك البلاء الكثير الوجوه في بلاء واحد هو فقدان الحرية .
والحرية في مملكة الحيوان ُتحمى بالمخالب و الأنياب و ترهق الدماء في سبيل الحفاظ عليها أما في مملكة بني البشر فالحرية مبرر الوجود و الاستمرار , و أذا فقدت غدت الحياة الوجه الثاني للموت .
ومحمد الماغوط الذي عاش نصف قرن و ثلاث سنوات و عرف ما على القمة و ما على الهاوية و لا يزال حياً , يرصد في هذا الكتاب تجربته القاسية المرة مع الحياة في الوطن العربي ....و لكنها ليست تجربته وحده بل هي تجربة جيل بأسره . جيل مسكين خُدع منذ الصغر بالشعارات السياسية و الفكرية البراقة , ولم يكتشف أنه مخدوع إلا وهو يدق أبواب الشيخوخة بقبضات واهنة , فعلم آنذاك أنه قد أضاع أجمل سني عمره هباء .و إذ هو لم يشد مدناً سعيدة للإنسان إنما شيد سجوناً سجن فيها و صنع سياطاً عذب بها , و أوجد مشانق تدلى منها .
هذا الكتاب شهادة فاجعة صادقة على مرحلة مظلمة من تاريخ العرب في العصر الحديث , وتصلح لأن ترفع إلى محكمة الأحفاد كوثيقة تدحض أي اتهام بالتقصير و الاستكانة يوجه إلى الأجداد , فالعنق الأعزل لا يستطيع الانتصارعلى سكاكين المفترسين

والكتاب أيضاً يعززالثقة بالكلمة في زمان الكذب و الرياء , ويعيد أليها بعض بهائها المفقود


زكريا تامر
لندن , أيار (مايو ) 1987

عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02742 seconds with 11 queries