عرض مشاركة واحدة
قديم 19/08/2008   #27
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


وبنكمل


الانفراد بصيغة الجمع



»إذا كانت التعددية تعني الالتحاق بالسياسة التي تقررها الولايات المتحدة منفردة فمرحى بها«. يكاد يكون هذا ما قاله، حرفياً، أحد أقطاب المحافظين الجدد الأميركيين، روبرت كاغان. وهو يشبه ما أعلنه جورج بوش في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حين دعا العالم إلى المشاركة في ما تريد أميركا فعله خوفاً عليه، أي العالم، من فقدان معناه.
وتشاء الصدف أن نكون أمام نموذجين متوازيين لفهم واشنطن المشاركة: مناقشات اللجنة الرباعية في ما يخص قضية فلسطين، والمباحثات في مجلس الأمن في ما يتعلق بالعراق. إن الدخول في تفاصيل، ولو مملة بعض الشيء، يؤكد أن ما تفعله الولايات المتحدة هو تطويع هذه المؤسسات الدولية لجعلها لصيقة، قدر الإمكان، بسياسات جرى تقريرها سلفاً.
في ما يخص اللجنة الرباعية تجدر الإشارة إلى أن الإدارة لا تخفي تفضيلها العمل الانفرادي في الشرق الأوسط. وهي، إذ وافقت على إشراك الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، فإن الأمر لا يصل عندها حد التوصل إلى قواسم تحوّل الكومبارس إلى لاعبين فعليين.
ما ان كشف بوش عن رؤيته حتى تبرع الأوروبيون، فرادى ثم مجتمعين، بوضع »خارطة طرق« تحول الرؤية إلى واقع. غير أن الأميركيين اعتبروا أنفسهم أولى بفعل ذلك بعدما لاحظوا أن الترجمة الأوروبية لا تناسبهم تماماً. وضعت الإدارة »خارطة طرق« وطالبت »شركاءها« بأن يتواضعوا قليلاً ويسحبوا منظورهم من التداول. وإذا كان لديهم رأي فالأحرى به أن يتحول إلى مسعى لتعديل بند في الورقة الأميركية.
تتفق الخارطتان على أمور عديدة:
1 يجب تقسيم أي تسوية على ثلاث مراحل تنتهي في عام 2005.
2 لا بد، في مرحلة مبكرة، من تعيين رئيس حكومة يضع ياسر عرفات في الظل أي يحوله »رمزاً«.
3 في معادلة الإصلاح الأمني الفلسطيني والانسحاب الإسرائيلي يأتي البند الأول أولاً. وهكذا، في كل مرة تكون التبادلية ضرورية يفترض بالطرف الأضعف أن يثبت حسن النية. فالفلسطينيون مطالبون بالكثير لإقناع الدبابات بالتراجع.
4 ثمة توافق أوروبي أميركي على فكرة »الدولة بحدود مؤقتة« أو »الدولة المؤقتة«.
5 لا يجد الطرفان في المبادرة العربية سوى أنها دعوة إلى التطبيع الكامل مع إسرائيل ويعتبران أن الأمر سيحصل بعد حل يشمل سوريا ولبنان.
6 تشير الخارطتان إلى بُعد دولي لمساعي التسوية.
غير أن وجهتي النظر تتباينان. فالأوروبيون من أنصار التجميد السريع للأنشطة الاستيطانية في حين يميل الأميركيون إلى تقسيط ذلك ويعطون الأولوية للمستوطنات التي نشأت في ظل الحكومة الحالية.يصر الأوروبيون على انسحاب إسرائيلي من المناطق »أ« في المرحلة الأولى في حين يميّع الأميركيون ذلك ويمدونه في الزمن. يتحمس الأوروبيون لمؤتمر دولي مبكر في حين يتحدث الأميركيون عن مؤتمرين لا يضغطان على المفاوضات ولا ينتج عنهما ما يؤثر على الانتخابات الإسرائيلية في نهاية 2003.
الملاحظ أن واشنطن تتعمّد باستمرار تأمين مقابل عربي، لا فلسطيني فقط، للخطوات الإسرائيلية فتطالب، على التوالي، بعودة سفيري مصر والأردن، ثم عودة الممثليات التجارية، ثم استئناف المفاوضات الإقليمية، كما تطالب، وبسرعة، بوقف التمويل العربي للمنظمات الإرهابية.
ثمة نقطتا خلاف جوهريتان في الخارطتين. فالأميركية تعتبر أن المواعيد مستحسنة وإنما غير ملزمة لأنه، في فاتحة كل مرحلة، ثمة حق في التأجيل. أما الأوروبية ف»تغامر« بوضع مواصفات لطبيعة الحل النهائي تصلح كمرجعية: الانسحاب حتى حدود 67 مع تعديلات متبادلة، القدس عاصمة لدولتين، الدولة الفلسطينية محدودة التسلح، حل مشكلة اللاجئين أخذاً بالاعتبار المخاوف الديموغرافية لإسرائيل. وهذه المواصفات (أقل مما جرى التوصل إليه في كامب ديفيد وطابا) ترفض واشنطن أن تأتي على ذكرها لعدم إزعاج أرييل شارون.
يمكن الرهان، منذ اليوم، على أن شرط بقاء »الرباعية« هو الانحياز إلى الموقف الأميركي. إن هذا هو الفهم السائد في واشنطن للتعددية والمشاركة. إذا لم يحصل الانحياز تنفذ أميركا سياستها وحدها بدل أن يساعدها الآخرون في تطبيق السياسة... نفسها.
ما يحصل في مجلس الأمن يكاد يكرّر آلية العمل هذه. كانت فرنسا تريد قرارين عن العراق: عودة المفتشين ثم البحث في الواجب عمله بعد الفشل. وكانت روسيا لا تريد أي قرار جديد على الإطلاق. جرى شطب موسكو أولاً ودار سجال بين واشنطن وباريس. كانت الثانية تملك أفكاراً واضحة لكنها لم تقدمها رسمياً. لذا بادرت الأولى إلى طرح مشروعها فأصبح هو قاعدة النقاش.
كان المندوب الأميركي يصر على ثلاثة عناصر: إعلان أن العراق هو، حالياً، في حالة »خرق مادي« لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، تعزيز صلاحيات المفتشين إلى حد أقصى، النص على عواقب وخيمة في حال تمادى السلوك العراقي. وفوق ذلك كان المندوب يذكّر الآخرين بأن الكونغرس فوّض الرئيس صلاحية شن الحرب دفاعاً عن المصالح الوطنية الأميركية ويعني ذلك أن القرار لبوش منفرداً إلا إذا شاءت الدول الدائمة العضوية »مشاركته« به.
عندما كشف النقاب عن مشروع القرار الأميركي تراءى للبعض أن فيه تنازلات دالة: لا يطلب مباشرة حق استخدام القوة، يربط نتيجة عمل المفتشين بتقرير من هانس بليكس، يتخلى عن الحق في إشراك مندوبين من الدول الكبرى في لجان التفتيش.
غير أن هذه التنازلات ليست »جسيمة«. لقد بقي الإصرار قائماً على نظرية »الخرق المادي«. وبات مطلوباً استجواب عراقيين خارج بلادهم. وأصبح من حق »انموفيك« حظر الطيران والسير حيث تشاء. وألغي التفاهم السابق الخاص بالقصور. وجرى تقصير قياسي للفترة الفاصلة بين طلب التفتيش وتنفيذه. وأبقي على حراسة مسلحة للمفتشين...
غير أن النقاش استمر، عملياً، حول البندين 9 و10. ففرنسا تريد العودة إلى مجلس الأمن، بعد تقرير بليكس من أجل اتخاذ القرار. وتقدمت باقتراح يقول: »ان مجلس الأمن يلتئم فوراً وعند استلامه التقرير من أجل أن يقرر اتخاذ أي تدبير، بما في ذلك اللجوء إلى القوة، من أجل فرض احترام قراراته«. أي أنها وافقت على الحرب عبر قرار ثان إذا كان تقرير المفتشين سلبياً. غير أن الولايات المتحدة لم توافق. تريد انتزاع الحق في الحرب من القرار الأول. ولكنها، شكلاً، تراجعت أمام باريس. وافقت في البند 10 من مشروعها على أن مجلس الأمن »يقرر الانعقاد فوراً حال تسلمه التقرير... للنظر في الوضع...«. »النظر في الوضع« هو كل ما هو منسوب إلى الجلسة لأن حق الحرب منتزع في القرار الأول حسب القراءة الأميركية.
يقول الفرنسيون (والروس والصينيون) إن النقاش سيكون صعباً. يقول الأميركيون لماذا تصعيب النقاش طالما الخاتمة معروفة: شاركونا الانفراد حتى لا ننفرد وحدنا!

24/10/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04585 seconds with 11 queries