01/11/2008
|
#1
|
مشرف متقاعد
نورنا ب: |
Jul 2004 |
المطرح: |
الآن... هنا |
مشاركات: |
9,461 |
|
فــــــــــــــــراتيات
-1-
أحمد الهاشم سعيد جدا اليوم...
منذ أيام و هو ينتظر يوم الجمعة على أحر من جمر, و ها هو يجهّز "العدّة" التي قضى الأسبوع و هو يصنعها.
حميد, أخوه الكبير, سيتزوج بعد أسبوعين, و من تحضيرات العرس الفراتي الأساسية طقس غسل الصوف الذي سيدخل في أثاث بيت العرسان الجدد, و هذه العادة المتجذرة لم يستطع الأثاث الحديث و لا حتى قوانين البلدية أن تنهيها, فهو طقس, عدا عن نفعه لتنظيف الصوف, عائلي و احتفالي, و بمثابة اختبار لشعبية أم العريس و معرفة مدى قدرتها على تجنيد الجارات و القريبات و الصديقات للمساعدة.
طبعا يتخلل المهمة حفلة شواء على ضفة النهر, و استمتاع ببرودة الماء في القيظ الخفيف لأيام نهاية الربيع.
لكن أحمد لم يكن مهتما بكل هذه الأمور, فقد كان سعيدا لأنه سيذهب بصحبة أبناء جاراتهم و أقربائهم برحلة إلى الفرات, هذا العملاق الذي يعد مجرد التفكير بالاقتراب منه من المحرّمات, رغم أنه لا يبعد عن البيت إلا مئات الأمتار. و الذي تحوم حوله أساطير الخطورة, قصص لا يعلم أي منها حقيقي و أيها اخترعته أمه لكي تجعله يخاف النهر و يهاب الاقتراب منه.
خلال الأسبوع المنصرم, كان قد حصل على خطّاف صيد قديم بادله بكرة زرقاء اللون مع زميل صف هو ابن صياد سمك. و اشترى 4 أمتار من خيط نايلون و سرق قصبة طويلة من عريشة بيت عمه المجاور لبيته, و بذلك صنع صنارة سمك صمم على استخدامها في رحلة غسل الصوف و صيد سمكة شبوط كبيرة يشويها و يأكلها مثل المغامرين الذين يقرأ عنهم في مجلات الأطفال.
انطلقت القافلة المؤلفة من 3 شاحنات صغيرة في الصباح الباكر, و اتجهت جنوبا بمحاذاة الجامع الكبير و مرورا ببستان البلدية, حتى الوصول إلى الجسر القديم, حيث يوجد طريق ترابي صغير جنبه يؤدي إلى سرير النهر.
بعد المشاركة الإجبارية بتنزيل الحمولة و وضعها بشكل ملائم لمهمة الغسل, انطلق الأولاد نحو الماء حاملين الصنارة, بعد أن تلقوا أمرا بعدم الدخول في الماء مصحوبا بسيل من التهديدات و الوعود بالذبح و السلخ في حال عصيان الأوامر, و بعد أن شقوا نصف رغيف كي يستخدموه طعما للسمك الذي ينتظرهم.
جلسوا على الضفة, و رمى أحمد الخطّاف بعيدا كيفما استطاع...
و جلسوا ينتظرون...
و مر الوقت ثقيلا... و لا أثر للشبوط
غيّروا طعم الخبز, و وضعوا قطع خس أيضا..
و لا فائدة...
قرروا تغيير المكان إلى أبعد قليلا...
و أعادوا المحاولة.. بدون فائدة...
فجأة انتبه أحمد لوجود صخرة بارزة على بعد حوالي عشرين مترا من مكانهم, تبعد عن الضفة حوالي الخمس أمتار, و فكر أنه لو استطاع الوصول إليها و رمي الخطاف من هناك لوصل إلى مكان أبعد عن الضفة, و لكانت حظوظه بالفوز بالصيد الثمين أكبر.
عرض فكرته على الأولاد... فكان ردهم مزيجا من التشجيع و الخوف من بطش الأهل..
لكن أحمد يريد أن يصيد... و هو متأكد أن صغر المسافة حتى الصخرة يؤكد أنه ليس هناك ما يخاف عليه, فعلى الأكثر سيصل منسوب الماء حتى بطنه و لن يغمره..
و استغل غفلة من أهله.. و دخل في الماء..
مشى مترين.. و شعر بقوة جبارة تدفعه و تقتلع قدميه من موطئهما.. و تتحرك به كقشة في مهب الريح...
جرى كل شيء سريعا... صراخ الأولاد... أخوه حميد و أبناء عمومته يركضون نحوه و يرمون أنفسهم بالماء... ابن عمه يحمله و يخرجه سريعا و يتركه على الأرض...
و شعر بأول ركلة على قفاه....
استفاق من ذهوله ليرى أهله و الموجودين يحيطون به و يصرخون و يشتمونه...
أول صفعة... ثم ركلة أخرى على قفاه...
و كأنهم وقفوا في رتلين على شكل ممر كي يمر فيه و يتلقى ضربات الجميع و شتائمهم.. و هو يركض في هذا الممر و يحاول الهروب من العقوبة...
استمر مهرجان الركل و الصفع حتى أحس بصوت لعنات أمه و وعودها بتكسير عظامه يقترب... ثم لسعة ألم فظيع في فخذه... ضربة مطرق خيزران على جلده المبتل و كأنها رصاصة بارودة روسية.
جرته أمه من أذنه و صوتها يصدر حشرجة هي مزيج من بكاء الرعب و اللعنات و الشتائم.. و ذهبت به إلى إحدى الشاحنات حيث حبسته و منعته من الخروج حتى العودة إلى البيت..
داخل الشاحنة جلس أحمد يبكي بحرقة و هو يحس أنه يحتاج إلى دزينتين من الأيادي كي يتحسس جميع مواضع الألم .. و أذنه تؤلمه جدا, و يحسها و كأنها أصبحت أذن فيل مصاب بضربة شمس.. لانتفاخها و احمرارها و حرارتها
و مكان ضربة مطرق الخيزران... يا ويلاه.. يبدو كوادي النيل في خريطة حمراء اللون...
و ما هو مؤلم أكثر... الأولاد متحلقون حول الشاحنة ينظرون إليه عبر النوافذ و هم يضحكون, و كأنهم يرون قردا يدخّن في قفص في حديقة الحيوان...
بعد نوبتي بكاء شديد... قرر أحمد أنه لن يذوق السمك مرة أخرى في حياته, و أنه يكره النهر... و يكره الصوف...
و القرار الأخير... أنه لا يريد أن يتزوج كي لا يجيئوا لغسل الصوف...
ثم نوبة بكاء أخرى....
Yass
أبو مـــــــــ1984ـــــــارال
خبز,, سلم,, حرّية
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
آخر تعديل yass يوم 01/11/2008 في 04:06.
|
|
|