عرض مشاركة واحدة
قديم 16/04/2005   #1
شب و شيخ الشباب yass
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ yass
yass is offline
 
نورنا ب:
Jul 2004
المطرح:
الآن... هنا
مشاركات:
9,461

افتراضي دستور السلطة الخالدة


ياسين الحاج صالح



بمنطقه الذاتي، يقود تطلب الإقامة المؤبدة في السلطة إلى اعتبار المجتمع المحكوم مصدر الخطر الأول، والداخل هو "العدو الخارجي" الوحيد. هذا يفضي إلى سياسات هدفها الأوحد إبقاء العدو ضعيفاً، مستسلماً، عاجزاً عن المطالبة، وأعجز عن المقاومة. وليس هناك أي شيء غير عقلاني في سياسات تعمل على إضعاف العدو، وفي الخصوص إن كانت تنجح في عملها على الدوام.

هذه بعض مواد "الدستور" غير المكتوب للسلطة المؤبدة:

الأمن أمن النظام، والصفة المطلقة للأمن تتناسب مع الأبدية المرغوبة للمكوث في الحكم. العدو هو المجتمع المحلي، في وصفه المصدر المحتمل لمطالب التغيير ومعارضة التأبيد. ليس هناك أي خطأ أو سهو في هذا، كما يفترض معارضون إيديولوجيون. فالجوهر هو السلطة المؤبدة، أما العقيدة الوطنية فمحض عرض. الاعتقاد بأن الجوهر الوطني يعاني من انحراف سلطوي غير مناسب هو "كنز" لا يفنى من الأوهام الإيديولوجية.

أجهزة الأمن هي الجيش الحقيقي لمواجهة العدو وسحقه. الجيش هو منبع خطر ينبغي السيطرة عليه وتفريقه وإفساده وتجويعه وقتل معنوياته.

الدولة احتكار أحادي الجانب للحرب الأهلية. وهي تنهار إذا نزع الاحتكار من يدها. سواء تسنى ذلك بإبطال التلويح بالحرب الأهلية وتجريدها من هذا السلاح، أو بتأميمه وكسر احتكاره.

المعارضون هم الخونة لأنهم عملاء العدو الحقيقي، المجتمع المحلي، والمعركة معهم معركة وجود لا حدود. هذا منطقي، فهم يعترضون على رسالة السلطة الخالدة: خلودها هي بالذات، ويطالبون صراحة بتقييدها.

ليس التماسك الداخلي ضرورياً لمواجهة العدو الخارجي، بل العدو الخارجي ضروري لفرض التماسك الداخلي وسحق الخونة المعارضين. هذا أيضاً خلافا لتثبت إيديولوجي مُعنِّد لدى معارضين يطالبون بالديمقراطية لـ "تحصين" الداخل في مواجهة أخطار الخارج.

التنازلات للخارج حكمة سياسية، أما التنازلات للداخل فهي خطر وجودي. على جبهة "التناقض الثانوي" لا قيمة لأي تنازلات، ما دام "الصمود" محققاً على جبهة "التناقض الرئيسي".

لا يمكن الاستغناء عن المجتمع المحلي أو إفلاته رغم كونه منبع أخطار. إنه ركيزة لا مناص منها للسلطة.

ألحق النظام هزائم حقيقية بأعدائه الحقيقيين، وإن يكن عجز عن تحقيق أي نصر لأنه لا يعرف السياسة. النصر، بالطبع، شيء مختلف عن محض القدرة على إلحاق الهزيمة بأعداء. النصر سياسي وثقافي، بينما إلحاق الهزيمة بعدو قد لا يتطلب غير قدرات عسكرية مادية. لم ينهزم النظام إلا في معاركه غير الحقيقية. حين قيل عام 1967 إن العدوان الإسرائيلي فشل لأنه لم يسقط الأنظمة التقدمية، كان القائلون يدركون من هو العدو الحقيقي وأين تقع جبهة الحرب الحقيقية. النظام كان، ولا يزال، أهمّ من البلد.

ليس ثمة وطنية دون تخوين. لكن هناك وطنية تخوّن وهناك وطنية ليست إلا تخويناً. الأخيرة فقط تستحق اسم "الوطنية التخوينية". الوطنية التخوينية هذه فاقدة أي مضمون ثقافي أو اجتماعي أو سياسي إيجابي. آلة إقصاء فحسب: تجريم قانوني وتخوين إيديولوجي.

الغرض من بسط القضايا السابقة أن معظم ملامح نظامنا السياسي تقبل الاشتقاق من مبدأ وحيد، هو إرادة الحفاظ على السلطة "إلى الأبد". إنه مبدأ كافٍ من أجل الدمار الاجتماعي. لذلك المبدأ التغييري الأول هو ولاية محددة زمنياً للنخبة السلطة وللمسؤول الأول في الدولة.

على غرار الدولة الأورويلية، شعارات الدولة المؤبدة:

العدو هو الشعب؛

الدولة هي احتكار للحرب الأهلية؛

الوطنية هي الوشاية؛

الخيانة هي المعارضة؛

وهكذا، وهكذا.
-------------------------------------------------------------------------------------
أخبار الشرق - www.thisissyria.net

أبو مـــــــــ1984ـــــــارال
خبز,, سلم,, حرّية

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03318 seconds with 11 queries