الأسباب الرئيسية للتشكيك في صحّة الأرقام الرسمية، حتى في حال عدم تسجيل أي من الانتهاكات المذكورة أعلاه:
- رغم الإقبال الكبير في بعض المراكز الرئيسية في المدن الرئيسية، خاصة تلك التي شهدت تغطيه إذاعية وتلفزيونية مكثفة، رصد مراقبونا أن الإقبال الحقيقي، حتى في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب، كان دون المتوسط في معظم الأحيان. وعلى حد تعبير أحدهم: "إن نظرة سريعة على مراكز الاستفتاء المنتشرة في العاصمة دمشق تجعلنا نرجّح أن نسبة المشاركين بالاستفتاء على منصب رئاسة الجمهورية كان عادياً جداً، وسيكون خجولاً إذا ما قارناه بـ"الحملة" الانتخابية التي سبقت الاستفتاء بأكثر من عشرة أيام ."
- الإقبال كان شحيحاً في محافظة الحسكة، خاصة في مطلع اليوم، حيث أعطى سوء الأحوال الجوية (العاصفة الرملية التي وقعت) الكثير من الناس مبرراً مناسباً لمقاطعة التصويت. لكن تحسن حالة الطقس في العصر سهّل مهمة الدوريات الأمنية المسلحة لإغواء/تخويف الناخبين وإقناعهم على الحضور الى مراكز الإقتراع المحلية. ومع ذلك بقيت نسبة الإقبال في الحسكة الأقل في البلد، باستثناء محافظة القامشلي ذات الغالبية الكوردية والتي مازال سكانها يصرّون على مقاطعة قرارات السلطات المركزية بسبب استمرار سياسات التعريب في البلد.
- لكن النقطة الرئيسية التي تهمنا في هذا الصدد هي الالتباس الكبير فيما يتعلّق بمسألة تسجيل الناخبين. فقد أكد المسؤولون السوريون أبان الانتخابات التشريعية، أن عدد الناخبين المسجلين في البلد لا يزيد عن 7.6 مليون ناخب، وأنه وحده الناخب المسجل سيسمح له بالتصويت. وفي الفترة السابقة للاستفتاء الرئاسي أجمعت التقارير المنتشرة في وسائل الاعلام على ضرورة أن يستخدم الناخبون بطاقاتهم الانتخابية للمشاركة في الاقتراع، لكي يثبتوا لاحقاً أنهم شاركوا بالاقتراع فعلاً (إذ يتم ختم البطاقات عند الاقتراع). عن هذ الأمر يشكل بذاته استبعاداً لأكثر من 4 ملايين ناخب محتمل من العملية الانتخابية. صحيح أنه قد تم تشجيع الناس على التسجيل للحصول على بطاقة انتخابية في الفترة التي تلت الإعلان عن موعد الاستفتاء في 7 أيار / مايو، لكن مراقبينا لم يرصدوا وقوع أي تحرّك كبير شعبي في هذا الصدد في الفترة الفاصلة بين الانتخابات التشريعية في نيسان / أبريل 22-23 والاستفتاء الرئاسي في 27 أيار / مايو، على الرغم من رصدنا المستمر للمراكز المصدرة لهذه البطاقات (وهي مهمة أسهل وأكثر منطقية من مراقبة جميع مراكز الإقتراع البالغ عددها 12،000). هذا يعني أن الغالبية العظمى من الناخبين الغير مسجلّين بقيت غير مسجلّة. كيف يمكن إذاً للأرقام الرسمية ان تشير إلى مشاركة أكثر من 11.4 مليون ناخب؟ صحيح أنه من المثبت الآن أن تم إصدار قرار في الساعات الأخيرة السابقة للاستفتاء يسمح باستخدام أي وثيقة شخصية للمشاركة في الاقتراع، وأن هذه المسألة برمتها فقدت معناها في الساعات الأخيرة للتصويت عندما تحوّلت العملية الانتخابية بأسرها إلى استعراض ماجن للتملّق والتخويف والتلاعب والسيطرة، حيث تم تشجيع الناس على التصويت ربلا أي وثائق وأكثر من مرة وفي المركز نفسه، واقتيد الناس من الشوراع لفعل ذلك، بغض النظر عن تأكيداتهم أنهم قد شاركوا بالفعل. لكن هذا كله تم في اللحظة الأخيرة، ولك يكن هناك وقت للناخبين الغير مسجلّين ليعرفوا بما يجري ويقرّروا المشاركة في الاستفتاء على نطاق واسع، على افتراض أنهم يريدون التصويت أساساً.
كل هذا يلقي الكثير من الشكوك على صحة الأرقام الرسمية المتعلّقة بالعملية الانتخابية، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الانتهاكات المذكورة أعلاه، فإن شرعية العملية ككل باتت تقع تحت علامة استفهام كبيرة. لذا، نطالب المجتمع الدولي أن ينضم إلى جماعات المعارضة السورية والناشطين الحقوقيين في رفضهم التام لنتائج الاستفتاء الرئاسي. ففي الواقع، لدينا جميعاً ما يكفي من أسباب ومبرّرات للطعن في نتائجه والتشكيك في شرعيته.
فريق عمل الناخب السوري
( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )