عرض مشاركة واحدة
قديم 10/06/2006   #104
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


وأعلم يا اخي بأن الناموس وضع لصلاح الدين والدنيا جميعاً، وأن الدنيا والآخرة هما داران متقابلتان، واسماهما مضادتان، ومعناهما وحقيقتهما وصفتهما مختلفات متضادات، إحداهما كالقشرة وهي الدنيا، والأخرى كاللب وهي الآخرة، ولهما أهل وبنون، ولأهلهما وبنيهما صفات وأخلاق وسجايا وأعمال متخالفات متضادات، نحتاج أن نشرحها ونفصلها ونذكر الفرق بينها وبين حقيقتها، ونميز بين أهلها، ليعلمها ويعرفها كل من أراد أن يفهمه، ويريد هذا العلم، إذ كان هومن أشرف العلوم وأجل المعارف التي يتعاطاها الناس من سائر العلوم، فنقول: أما الدنيا فاسمها مشتق من الدنووالقرب، والآخرة من التأخر؛ وأما حقيقتهما، فالدنيا هي تصاريف أمور تجري على الإنسان من يوم ولادة الجسد إلى يوم الممات الذي هوولادة النفس ومفارقتها إياه، والآخرة هي تصاريف أمور تجري على الإنسان من يوم الممات ومفارقة النفس الجسد إلى ما بعدها أبد الآبدين ودهر الداهرين.
وأعلم يا أخي بأن الله- جل ثناؤه- سمى الحياة الدنيا عرضاً ومتعاً إلى حين، لأن كون الإنسان في الدنيا عارض عرض في طريق الآخرة، ولم يكن القصد والغرض المقام فيها، كما أن الغرض في الكون في الرحم لم يكن الغرض والقصد طول المكث والمقام هناك، ولكن طريقاً وجوازاً إلى الدنيا، فكذلك كون النفس في هذا الجسد هوسفينة ومركوب ومعبر إلى الدار الآخرة، وذلك إنه لم يكن الورود إلى الدنيا دون الكون هنالك زماناً لتتميم بنية الجسد، وتكميل صورته كما بينا في رسالة مسقط النطفة، فهكذا ايضاً حكم المكث في الدنيا والكون فيها زماناً هوطريق وجواز إلى ما بعدها، وذلك إنه لم يكن الورود إلى الدار الآخرة دون الجواز على الدنيا والكون فيها زماناً ما لكيما تتم أحوال النفس وتكمل فضائلها، كما بينا في رسالة الإنسان عالم صغير، ورسالة حكمة الموت.
ولهذا المعنى الذي ذكرناه ووصفناه قيل في الخطب على المنابر في الأعياد والجمعات: أعلموا أيها الناس إنكم إنما خلقتم للأبد، ولكن من دار إلى دار تنقلون، ومن الأصلاب إلى الأرحام، ومن الأرحام إلى الدنيا، ومن الدنيا إلى البرزخ؛ ومن البرزخ إلى الجنة أوإلى النار، كما ذكر الله- عز وجل- بقوله:" أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً، وأنكم إلينا لا ترجعون". وقوله:ط يريدون عرض الدنيا، والله يريد الآخرة". وقوله:" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً" وآيات كثيرة في القرآن في التزهيد في الدنيا، والترغيب في الآخرة، مثل قوله تعالى:" وإن الدار الآخرة لهي الحيوان؛ لوكانوا يعلمون" يعني أبناء الدنيا لرغبوا فيها أكثر وحرصوا في طلبها أشد، ولكنهم عنها غافلون ساهون جاهلون، لا يدرون ما هناك من النعيم واللذات والسرور والفرح والراحة، كما ذكر الله- عز وجل- واختصر بقوله:" فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وأنت فيها خالدون" فلما جهل أبناء الدنيا أمور الآخرة، وغفلوا عنها، اشتغلوا عند ذلك بطلب الدنيا ونعيمها ولذاتها وشهواتها، وتمنوا الخلود فيها، لأنها محسوسة لهم، يشهدونها، وتلك غائبة عن إدراك الحواس، فتركوا البحث عنها، والرغبة فيها، والطلب لها، وإليهم أشار بقوله- جل ثناؤه:" ورضوا بالحياة الدنيا وأطمأنوا بها، والذين هم عن آياتنا غافلون".
وأعلم يا أخي بأن الله- جل ثناؤه- سمى الدار الآخرة الحيوان، لأنها عالم الأرواح ومعدن النفوس، والدنيا عالم الأجسام، وجواهر الأجسام موات بطبائعها، وإنما تكسبها الحياة النفوس والأرواح بكونها فيها ومعها، كما تكسب الشمس الهواء النور والضياء بإشراقها عليه، وفيه الدليل على ان النفوس هي التي تكسب الأجساد الحياة بكونها معها، وما يرى من حال الأجساد قبل الموت من الحس والحركة والشعور والأصوات والتصاريف وكيفية فقدانها ذلك عند الموت الذي ليس هوشيئاً سوى مفارقة النفس الجسد، مما لا خفاء به عند كل عاقل منصف بعقله في موجبات أحكامه.
وأعلم يا أخي بأن أكثر الناس من أتباع واضعي الناموس وأنصارهم مقرون بالآخرة مؤمنون بها، ولكنهم لا يعرفون ماهيتها، ولا يدرون ما حقيقتها ولا كيفيتها ولا أبنيتها، ولا متى وقت الوصول إليها؛ وهكذا أيضاً كثير من المتفلسفين مقرون بعالم الأرواح وجواهر النفوس، ولكن أكثرهم أيضاً لا يدرون كيف الطريق نحوها، ولا كيف الوصول. وقد بينا نحن في رسائلنا الناموسية والعقلية ما يحتاج إليه كلا الفريقين جميعاً في هذا المعنى. وإذ قد تبين بما ذكرنا ما الدنيا وما الآخرة فنقول الان إن الناس كلهم أبناء الآخرة وأهلها، كما هم أبناء الدنيا وأهلها، ولكنهم ينقسمون في الآخرة قسمين اثنين، كما هم في الدنيا قسمان اثنان: سعداء وأشقياء، فأما سعداء بني الدنيا وأشقياؤهم فهم معروفون ولسنا نحتاج إلى ذكرهم، إذ كان هذا هومشاهد، ولكن الذي نحتاج أن نذكره علامات سعداء أبناء الآخرة وأخلاقهم وأعمالهم، إذ كان هذا أمراً خفياً لا يعلم إلا بعد الوصف والشرح والدليل والعلامات.

عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04717 seconds with 11 queries