عرض مشاركة واحدة
قديم 15/10/2007   #32
صبيّة و ست الصبايا ليندا
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ليندا
ليندا is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
1,130

افتراضي مسرح الـــــــــــــــــــــــ ـــــــهواه في سورية....


مسرح الــــــــــــــــــــــه واه في سورية
يجب أن نتذكر بدايةً أن جميع العاملين في المسرح السوري منذ بداية القرن العشرينحتى الهزيع الأخير منه كانوا من (الهواة، وأن إنجازاته العظيمة قام الهواة بالقسمالأعظم منها. وكلمة (الهاوي) كانت -منذ عشرينيات القرن العشرين- تعني الذي يحب المسرح. وهو الذي يتبرع بوقته وجهده من أجله دون مقابل، والذي هو مستعد لتلقي العسفوالقهر من المحتل الأجنبي. وهؤلاء الهواة أو (الغواة) كما كانوا يسمون أنفسهم فيتلك المرحلة المبكرة، هم الذين خلقوا التيارات الفكرية والفنية في المسرح السوري،وهم الذين أقاموا بينهم وبين جمهورهم جسوراً من التواصل الحي الذي كان وجهاً منوجوه النضال ضد الانتداب الفرنسي، كما كان وجهاً من وجوه التطوير الاجتماعي والتفعيل السياسي.
و(الهاوي) كان يقابله (المحترف). و(مسرح الهواة) كان يقابله (المسرح المحترف). وكان هذا المسرح يعني الفنَّ الذي يقدم الابتذال في التهريج الرخيص ممزوجاً بالموسيقا والرقص المثير وغير ذلك من أفانين (السرور) في سهرة ممتعةيختلط فيها شيء من الدعارة مع شيء من الإضحاك. وكان ذلك يقدم بمقابل مادي يجني منه هؤلاء المحترفون مالاً طيباً يضعونه في جيوبهم مقابل المال الذي كان الهواة يدفعونه من جيوبهم. وهذا المسرح المحترف وُلِد منه المسرحُ التجاري الذي لم يخرج في قواعده العامة وأهدافه ومراميه عما كان عليه منذ نشأته في أواسط القرن العشرين حتى اليوم. وإذا كان المسرح السوري قد عرف تياراتٍ ومدارسَ واتجاهاتٍ ومهامَّ سياسيةًواجتماعية وفكرية تغيرت بتغير الظروف الاجتماعية والسياسية، فإن المسرح المحترف ووريثه المسرح التجاري لم يتغير فيه شيء ولم يخلق لنفسه أهدافاً غير التي بدأ منهاوظل متمسكاً بها. بل لعله كان في بداية نشأته أكثر تنويعاً ورقياً. فقد كان يقدمنوعاً من الاستعراض الغنائي تحت اسم (الميوزيك هول). وكان يقدم نوعاً من النقدالاجتماعي. ثم انحدر تماماً إلى التهريج والإضحاك حين صار اسمه (المسرح التجاري) الذي نعرفه اليوم. وهو الذي قلنا عنه إنه منذ أكثر من سبعين عاماً لم يتغير فيه شيء. فظل -بعد كل حساب- (متعة بمال).

المهم في هذا الموضوع أن أغلب مؤرخيالمسرح السوري ودارسيه يقدمون المسرح المحترف والد المسرح التجاري على أنه هوالمسرح السوري متناسين الدور العظيم لمسرح الهواة. فكأنهم يرفضون لتاريخنا المسرحيأن يكون نظيفاً يحقق جماهيرية الموقف الوطني والتغيير الاجتماعي، ويصرون على جماهيرية الدعارة الفعلية والمفتعلة فيه. ونتج عن ذلك جهل مريع بتاريخ المسرحالسوري الحقيقي وتشويه فظيع لهذا المسرح. وإذا بنا في غمرة هذا التشويه والتجهيل للمسرح السوري نتغنى بتفاهة المسرح المحترف ووريثه التجاري وننسى عظمة المسرح السوري وأعلامه.

إن محصلة ما سبق تنفي عن كلمة (المحترف) معنى (العلم) بالمسرح،كما تنفي عن كلمة (الهاوي) معنى الجهل بالمسرح. فجميع العاملين في المسرح السوريحتى أواخر القرن العشرين كانوا من الهواة الذين يقفون على خشبة المسرح مدفوعينبحبهم له. ثم يكتسبون الخبرة بالممارسة الفعلية فلا يلبثون أن يصبحوا -مع توالي السنين- ذوي حنكة وبراعة في فن المسرح.

والأهم من هذا أن هؤلاء الهواة كانوا يفرزون من بينهم (المخرجين) الذين كانوا مديري فرق أكثر مما كانوا مخرجين بالمعنى الحرفي للكلمة. وكان هؤلاء (المخرجون) يحققون أمرين نتمنى على مخرجي اليوم أنيحققوهما حتى يتابعوا العمل على رفعة شأن المسرح السوري.

أول الأمرين أنهم كانو ا يعملون على إبراز الهدف الأعلى للعرض المسرحي بجلاء ووضوح. وبما أن هذا الهدفالأعلى كان ينصب في التيار الوطني أو القومي أو السياسي أو الاجتماعي، فقد كانوايُلهِبون جمهورهم ويحرضونه التحريض العفوي الذي عجز أكثر المخرجين المتعلمين بعدهمعن النجاح فيه. وبذلك تحققت لهم أهم صفة في العرض المسرحي وهي (حرارة) المعالجةالاجتماعية التي كانت المهمة الأولى للمسرح منذ نشأته حتى اليوم.

ثاني الأمرين أنهم - لكي يحققوا هذه الجماهيرية بغاياتها وأهدافها العليا- كانوا يبنون فن التمثيل على ما يستمدونه من إيماءات الواقع. فكان المتفرج يجد نفسه على خشبة المسرح موضوعةً بشكل فني. وبذلك خلق هؤلاء المخرجون مع الممثلين أسساً أولى لما يمكنتسميته فن التمثيل العربي. وندرك أهمية هذه النقطة إذا تذكرنا ماهية فن التمثيل.فهو فن يتعلمه جميع الطلاب في جميع الجامعات والمعاهد في العالم بأسس وقواعدمتشابهة أو متقاربة مهما اختلفت مناهجها ومدارسها. وغاية تعليم فن التمثيل هي (أن يؤدي الممثل دوره بإتقان).

فإذا تخرج من المعهد المسرحي أو الجامعة، وجب عليه أ ن يضع ما تعلمه من أصول فنية في بوتقة مجتمعه وظروفه الحضارية ومجمل القيم الجماليةفي عصره لكي يكون ابن بيئته وفاعلاً في أبناء عصره. ومن هنا كان لكل من المسرح الروسي أو الإنكليزي أو الفرنسي أو غير ذلك نكهة خاصة وسمات واضحة تميز كل واحدمنها عن الآخر، رغم أن جميع الممثلين في هذه المسارح يتلقون تعليماً أكاديمياً يمكنالقول إنه متقارب أو متشابه. المخرج السوري الهاوي والممثل السوري الهاوي خلقاهذه السمة المحلية للتمثيل في كل من سورية ومصر وتونس والجزائر والمغرب والأردنوغيرها من الأقطار العربية. ولذلك برز مصطلح (فن التمثيل العربي) بين أواسط ثلاثينيات القرن العشرين وأواخر خمسينياته. ثم اختفى بعد ذلك.

وقد استمر الحال مع مسرح الهواة في سورية على هذا الشكل حتى ما بعد الاستقلال لأنه كان الشكل الوحيدالذي ظهر فيه المسرح السوري. وهو الشكل الذي ترك لهذا المسرح تاريخه العظيم. وهوالذي أسس للمرحلة اللاحقة. وكان لا بد أن ينعطف في طريق جديدة بعد أن بدأ العملالمسرحي السوري يكتسب ثقافة جديدة ويقوم بمهمات جديدة بعد الاستقلال. لكن الحكوماتالوطنية التي جاءت بعد الاستقلال أخذت تحارب المسرح بعد أن كانت تشجعه. وقد ذكرناذلك وأسبابه في كتابنا (من التقليد إلى التجديد في الأدب المسرحي السوري). ونذكرهنا أهم هذه الأسباب، وهو أن المسرح كان سلاحاً في يد البرجوازية الوطنية تحارب بهالمستعمر الفرنسي. فلما جاء الاستقلال استلمت هذه البرجوازية قيادة البلاد فخافت منهذا السلاح أن يُوجَّه نحوها. فحاربته بشدة وبطريقة ما تزال آثارها حتى الآن. فالمسرح فن اللهو وفن الدعارة. وهو (تشخيص) لا يليق بالمحترمين من الناس. وإذا بالهجوم الاجتماعي على المسرح جعله يتراجع. وإذا بهذا الفن الذي كان شامخاً حتى نهاية الانتداب يتضاءل حتى يتحول إلى مجرد مشاهد كوميدية أقرب إلى التهريج تُقدَّمفي سهرات الأندية الفنية مع الموسيقا التي صارت الأصل في برامج هذه الأندية بعد أنكان المسرح عماد إنشائها. وبهذا الشكل نلاحظ وجود مرحلة تبلغ خمسة عشر عاماً كادفيها المسرح أن يموت. وكان من الممكن أن يظل المسرح على تضاؤله حتى الموت لولا مجيءالوحدة بين سورية ومصر في عام 1958. وكانت هذه الوحدة بداية لمرحلة جديدة فيهاانعطاف حاد اجتماعي وسياسي وفكري وقومي ووطني. وهذا الانعطاف الذي بدأ يغير الكثيرمن ظواهر حياة الناس كان لا بد له أن يخلق معادله الفني الذي كان المسرح أحدمظاهره. وبهذا الشكل ولد المسرح من جديد. وكان لا بد له أيضاً أن يتخذ ملامحالمرحلة التي ولد للتعبير عنها. وأبرز هذه الملامح هي:

- جيل المسرحيين الذي أخذ يقف فوق خشبة المسرح يكاد يكون جيلاً جديداً لا يربطه بالجيل السابق روابط العلاقةبين الأستاذ والتلميذ. فالجيل السابق الذي خرج من المسرح قبل ما يقرب من عقدين لميعترف بالجيل اللاحق ولم يعلمه أصول ما سار عليه في النشاط المسرحي. وإذا بهذاالجيل الجديد يبدو وكأنه من غير أساتذة، وكأنه أخذ يعيد الكرة في تعليم نفسه صناعةالمسرح.

- هذا الجيل حمل أهدافاً فكرية ووطنية واجتماعية جديدة تناسب المرحلةالجديدة، مما جعله يتخذ وسائل فنية جديدة كانت الواقعية سمتها الأساسية. فبعدالنبرة الخطابية الكلاسيكية في مرحلة الانتداب جاءت النبرة الواقعية الأقرب إلى فنالدراما. وهذه السمة استمرت حتى اليوم.

- الوحدة بين مصر وسورية وما تلاها منانفصال ومن ثورات قلبت الأنظمة العربية وطرحت شعارات جديدة خلقت مرحلة صعود جديدةاستمرت ربع قرن أنجز فيها المسرح صعوده الكبير في التأليف والتمثيل والإخراج وجميعأركان صناعة المسرح، كما ذكرنا في البحث السابق.

- بجميع هذه الخصائص لم يكنممكناً أن يبقى المسرح في أيدي الأندية الفنية العاجزة عن تقديم الدعم اللازم لهفكان لا بد أن تقوم الدولة برعايته وتمويله وتطويره. وهذا ما حدث في جميع الأقطارالعربية. فمنذ ستينيات القرن العشرين بدأ إنشاء المسارح الرسمية العربية ومنهاسورية. لكن المسرح الرسمي لم يكن قادراً على جمع شمل كل النشاط المسرحي. وإذا بهيتقاسم هذا النشاط مع مسرح الهواة الذي ولد من جديد. وبذلك بدأ المسرح السوري حكايةجديدة لنفسه سوف نقف عندها.



يتـــبع ...


لا تحلموا بعالم جديد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر اخر جديد
وخلف كل ثائر يموت
احزان بلا جدوى
ودمعة سدى

،،أمــل دنقل
:
((We ask the Syrian government to stop banning Akhawia ))
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08888 seconds with 11 queries