أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > حوار الاديان

عرض نتيجة التصويت: ما هو الحوار الإسلامي المسيحي؟؟؟؟؟
حوار يجمع الدين المسيحي والدين الإسلامي 3 42.86%
حوار يخلق المشاكل والعنصرية 4 57.14%
حوار يفرق الأديان والناس ... 0 0%
المشاركون بالتصويت: 7. لا .. مافيك اتصوت بهال الإستفتاء

 
 
أدوات الموضوع
قديم 19/06/2005   #1
شب و شيخ الشباب Syria Man
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Syria Man
Syria Man is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
بين الزحام أدوب ...................... وارحل بين الدروب
مشاركات:
5,240

إرسال خطاب MSN إلى Syria Man إرسال خطاب Yahoo إلى Syria Man
افتراضي الحوار الإسلامي المسيحي.......


من شروط الحوار السليم - الصحي - بين الإسلام والمسيحية الاعتراف الصريح بدقة الخوض في ميادينه المختلفة :مبادئ الحوار وروحانيته - أهداف الحوار وغاياته - ضروريات الحوار ومقتضياته - مواضيع الحوار - تاريخ العلاقات بينهما ( الإسلامية / المسيحية ) - خصوصية الحوار ( مثلاً المصري / المصري ، أو التونسي / التونسي ، أو اللبناني / اللبناني ، ..... الخ ) إذ أن كل بلد له خصوصيته وظروفة التي يجب أن تراعي في إطار الحوار الديني داخله .

كل هذه الأسس تستحيل إلى أسس نظرية في وجود الخوف ، والتوجس من الآخر ،مما يجعل نفي الآخر أيسر من الاعتراف به ، وبخاصة أن الجهل- جهل كل طرف بطبيعة ديانة الآخر - يؤدي إلى تكفيره بيسر أكثر من محاولة بذل الجهد في التعرف على الآخر أكثر ! هذا إذا وضعنا في الاعتبار جهل العموم من الشعبين ( الإسلامي والمسيحي ) بطبيعة ديانته ، . أما إذا انتقلنا إلى الصفوة من رجالات الدين ، فلسنا نخشى أن نقر بجهلهم - هذا باستثناء بعض رجال الدين المسيحي ، وبخاصة منهم اليسوعيين - عن طبيعة الجدل بين الأديان ، هذا رغم وجود " مقارنة الأديان " لدى الجميع كمادة دراسية في كلياتهم اللاهوتية ، أوالشرعية .!! أليس هذا بمدعاة للعجب

وبينما نجد الجدية الكاملة من اليسوعيين ( الكاثوليك ) في أبحاثهم ودراساتهم ونشراتهم المتناثرة هنا وهناك ، وسعيهم لجمع لجان حوارية ، وتخصيصهم للجنة دائمة للحوار مع الأديان ، نجد أن المسلمين مازالوا متعثرين حتى على مستوى الحوار الطائفي بين سائر طوائفهم الإسلامية .

ولا يخفى على أحد أن محاولات الحوار الإسلامي / المسيحي - والتي كانت قديماً ، ما هي إلا محاولات مقارنة - التي اختبرها تاريخ العلاقات المسيحية / الإسلامية ، منذ ظهور الإسلام إلى اليوم ، لا يخلو في معظمها من عيب بنيوي أفقدها صلاحيتها في تعزيز الحوار المثمر الفعال . فكانت المحاولات مقيدة بأسر المرمى ، الأقصى ، المكتوم الذي كان البعض من علماء الدين في المسيحية والإسلام يسعون إلى بلوغه . فإذا كانت الغاية المقصودة دمج الآخر بالذات ، جرى نمط المقابلة مجرى التشابه والمماثلة والمماهاة . وأما إذا كان يراد من المقارنة التمايز المطلق أسقطت مواضع الإلتقاء والمأثورات المشتركة في التراثين المسيحي والإسلامي ونحت المقارنة منحى التواجه والتعارض . وهو الذي نرى ظلاله المتمدة إلى اليوم .

إلا أن هذه المحاولات – القديمة منها والمعاصرة – تعطينا إجابة واقعية لهذا السؤال : هل الحوار الإسلامي حقيقة أم خيال ؟ أو إذا رغبنا في صياغته بصيغة أخرى ، ربما تكون أفضل ، هل من الممكن إقامة حوار بين الإسلام والمسيحية فعال ومثمر ؟

وطبعاً هذا السؤال هو في الحقيقة أكبر من سؤال ! لأنه يفرع لنا عدة طرق للإجابة عليه ، وهو ما يكشف صعوبة السؤال !

فالإجابة التاريخية ، تقودنا للنفي ، إذ أن كل الحوارات كانت محاورات جدلية تحمل في طياتها طبيعة خاصة جداً . إذ أن طرفي الحوار تحاورا بمنطق جدلي مزجي . فالاطلاع على ما وصلنا من كتابات تكشف لنا عن هذه الطبيعة الجدلية ، وتكشف لنا عن طبيعة اللغة الحوارية ، وأيضاً الموضوعات – وإن كانت ما تزال ، حتى يومنا هذا ، هي هي ، بدون تغيير – التي تمحورت عليها المحاورات ، زطبعاً لا يخفي عنا التاريخ بعضاً من نتائج هذه المحاورات ، أي ما آل بصاحب أحد طرفي الحوار من مصير !

وحتى ما يكون لكلامنا معنىً ، لنطرح مثالاً واحداً : ما وصلنا اليوم من كتاب يحوي بداخلة رسالتين أحدهما من " عبد الله بن إسماعيل الهاشمي " والأخرى رسالة من " عبد المسيح بن إسحق الكندي " . فالأولى تحوي دعوة من الأول لدخول دين الإسلام ، مبرهناً على صلاح دينه وصدقه بإظهار مفاسد الآخر وعدم منطقيته ، فما كان من الثاني إلا وحاجه بنفس الطريقة مفنداً دعاوى الآخر . وأمر الرسالتين مشهور ، إذ أن ذكرهما كان متضمنا بكتاب " الآثار الباقية عن القرون الخالية " للبيروني .

وأما الموضوعات المتضمنة لرسالة الأول فكانت : التثليث ، نبوة محمد ، الصلوات الخمس ، معجزة ، أو إعجاز القرآن ، الدعوة لصوم شهر رمضان ، وحج البيت الحرام بمكة ، والدعوة بالإقرار بالبعث من القبور والحساب يوم القيامة ، صفة أهل الجنة ، صفة أهل النار ، الدعوة لأن ينكح من النساء ما يحب بالزواج ، الغزو في سبيل الله .. ليختتم رسالتة بإعلان شفقته عليه من أن يكون من أهل النار .

وأما عن الثاني ، فما كان منه إلا أن اعتمد هذه الموضوعات ، ذاتها ، ليجعلها محوراً لنقده الاذع للهاشمي ومعتقده . حتى أنه استحق كلمات الخليفة المأمون فيه إذ قال :" ما كان دعاه إلى أن يتعرض لما ليسس من عمله حتى أجاز كتاف نفسه . أما النصراني فلا حجة لنا عليه ، لأن الأمر لو لم يكن عنده هكذا لما أقام على دينه ".

وأما عن اللغة فمن الأول ، لغة متعالية معرفياً ، تحوي الإداعاء بالمعرفة – وبخاصة عن دين الآخر – أكثر مما يجب أن تكونه لغة حوار . إذ أن لغة الحوار تحتم ، بل وتلزم كل من الطرفين ، بفهم وتفهم ، لما عليه الآخر . وأن يكون ملماً وبشكل جيد بطبيعة ديانته هو ، وكذا طبيعة ديانة الآخر . ففي الحوار لا مكان للغة وعظية منبرية .

ولغة الثاني ، كانت حادة وجارحة ، وبخاصة أنه لم يسعى لتفهم حساسيات الآخر ، سواء على المستوى العقيدي أو على مستوى الاستعداد النفسي للتفهم . فما كان منه إلا أن كال له وبقسوة ، متنقلاً وبمهارة الفيلسوف بين الموضوعات ليعكسها على أرض الآخر . فرسالته تكشف أكثر عن طابع ثأي منه حواري ، وكأنه انتهز فرصة الرسالة ، مع جواز إمكانية الرد لينفس عن ضيق تاريخي ، إجتماعي ، ضد الإسلام كسلطة دولة ، وكديانة زائفة . وطبعاً ؛ فهذه الطبيعة تنفي إمكانية الحوار إن لم تنقله إلى أرض معركة حربية ، وفي الغالب سيدفع الأضعف – سلطة – الثمن كاملاً..!

ومن هذا المثال نكتشف عدة معوقات لهذا الحوار :

1- الحاجز النفسي بين الطرفين : فبينما يتكلم الأول من منطلق سلطوي ، يدفعه لاستخدام لغة متعالية على الآخر . يستخدم الآخر لغة المرارة بالهجوم على الآخر غير مانح للآخر فرصة لمعرفته ، بل وتشجيعه على الإنطلاق وبشجاعة المغامرة لطرح نمط جواري لموضوعاته التي طرحها . وهو ما أدى إلى نهاية قصيرة لقصة أقصر .

2- الحاجز المفاهيمي : لا يدرك كل آخر طبيعة الاختلاف الاصطلاحي لمفاهيمه . فبينما يتفق الطرفان على وحدانية الله ، إلا أن الطرفان لا يحاولان تفهم طبيعة هذه الوحدانية – نقول هذا غير متجاهلين لمجهودات الكنيسة الكاثوليكية في كتاباتها وأطروحاتها عن الإسلام – وكذا أيضاً موضوع الوحي ، فبينما يتفق الطرفان على أن الله هو الذي يوحي للإنسان بكيفيات مختلفة ، إلا أنهما يحدان من هذه الكيفية

3- التباعد الثقافي : فهنا نجد أن ثقافة الطرف الإسلامي مبنية على السماع والتسليم ، وهو ما يحجبه من مغامرة معرفة الآخر ، نجد أن الطرف المسيحي ملماً بتاريخ الإسلام – سواء كان كتاباً ( القرآن ) أو شخصاً ( محمد ) – وأيضاً لديه معرفة اختبارية لمعتقداته مما مكنه من استخدام لغة منطقية ، وإن كانت ذات طابع فلسفي ، إلا أنها كانت واضحة غير عسرة . وهذا برغم أنه مشجع إلا أنه يدفع الطرف الإسلامي للإنكماش أكثر ، هذا بدلاً من الانفتاح على الآخر .

مما سبق نرى بأن هذه العوائق ما تزال إلى يومنا هذا هي هي ، لم تتغير ولم تتطور . هذا برغم إنفتاح الكنيسة بالدعوة للحوار المتبادل بين الطرفين ، وطرحت مشاريع مطبوعات بلغات عدة ، إلا أنها ما تزال تقابل بروح ريبة وشك تجاه هذه الدعوة . فالطرف الإسلامي مازال ينظر إلى الكنيسة على أنها – مهما كان مكانها – على أنها عميلة للإستعمار في زمن الهولمة والاتجاه للكونية ! حيث أن الطرف الإسلامي مازال حبيساً لحقبة تاريخية مازال يجتر منها كل حين ، وأيضاً تمسكه بنظرية المؤامرة ، محتفظاً لنفسه مكانة الضحية . وطبعاً مخافته من فتح آفاق الحوار إذ أن المحاذير لديه كثيرة ، فبينما الغرب – هكذا يرى الكنيسة ضمنياً ، مع أن الكنيسة الأولى شرقية ، بل وشرق أوسطية – يقتحمه ويستكشف كل تاريخه الإسلامي الخاص ، بل وكتابه ( القرآن ) ترجموه إلى لغاتهم الأوربية وتناولوه بالدرس والنقد ، بينما هو لا يمكنه مسه أو لمسه بدون وضوء . وكأن الآخر ( المسيحي ) يسعى لتدمير عقيدته ، ورغم هذا فهو ( المسلم ) يعتمد دراسات هؤلاء ، بل وحتى أبحاث اليهود من المفكرين أو المستشرقين ، في دراساتهم العليا . وليس هذا فقط بل يتم اغتيال كل مشروع فكري في البحث الديني للإسلام من المسلمين أنفسهم ( فرج فوة – نصر حامد أبو زيد ... مثلاً).

ولكن ، لنكن إيجابيين ولنحاول معاً محاولة تحسس طبيعة الاختلافات الأساسية ، محاولين أن نحول السؤال إلى نقطة تحدي للطرف الإسلام ، هذا طالما أن الطرف المسيحي مفتوح وغير مغلق . ولنطرق الموضوع من حيث المفاهيم الإيمانية بينهما .

المصطلحات والمفاهيم :

من المسلم به أن المفردات والمصطلحات والأوضاع اللغوية والتعابير والمفاهيم والتصورات التي تتسق بها مقارنة المضامين والمواضيع اللاهوتية لا تحمل المدلول عينه في المسيحية والإسلام . فالفقه في الإسلام غيره في المسيحية ، والتفسير في المسيحية غيره في الإسلام . ويضاف إلى ذلك أن المقارنة مبنية على التصور المعاصر للمسيحية وعلى ما يجمع عليه إجماعاً عفوياً علماء الإسلام في الزمن الحاضر . فالتطور الفكري الذي اختبرته المسيحية هو غير التطور الفكري الذي يمتحن اليوم الإسلام . لذلك لا ينقذ موضوعية المقارنة سوى الإقرار بأن هذه المقارنة بين المسيحية والإسلام هي ، في واقع الحال ، مقارنة بين مسيحية يفترض البحث أنها ، في إثر ما ألم بها من تبدل تاريخي ، باتت في جوهر ذاتيتها المطلق ، مسيحية الزمن الراهن ، وإسلام غدا اليوم في تواجه حيوي مغن مع تجليات الحداثة السائدة . وموجز القول أن المقارنة لا تنوي على الإطلاق دمج المفاهيم الخاصة في كل ديانة وإفراغها من خصوصيتها . ولا ترمي كذلك إلى التغافل عن اختلاف الإيقاع التاريخي الذي تختبره المسيحية في غير ما يختبره الإسلام . بيد أن هذه المغايرة لاتعطل البتة منطلق التطور الخاص الذي تعتنقه كل ديانة .

الوحي :

الدين ، بما هو دين ، يفترض أسبقية المبادرة الإلهية . فالله هو الذي يبادر إلى الإنسان يكشف له ما يود تبليغه إليه . وتتفق المسيحية والإسلام على الإقرار بهذه الأولوية المطلقة لله في ملاقاة الإنسان . وهي أولوية يبررها ارتباط الخليقة بالخالق الإلهي . وفيما تصر الديانتان على صلاحية الإنسان في بحثه الوجودي عن الله ، تنفرد المسيحية ، ولا سيما في فكرها المعاصر ، فتتوسع في خطابها اللاهوتي عن تلازم قطبي اللقاء ، الله والإنسان ، وتلاحم مصيرهما في صميم التاريخ . وهذه الرؤية اللاهوتية المسيحية لاقتران مصير الله بمصير الإنسان في قرائن الزمن هي التي تبررها وتؤيدها مقولات التجسد ، مع ما تستتليه من التزام إلهي بسيرورة التاريخ ، ومقولات الحرية المسيحية وما تستصحبه من تأسيس لإستقلالية الإنسان الوجودية . وبخلاف هذه الرؤية المسيحية التكاملية بين الله والإنسان ، يلح الإسلام في التشديد على تعالي المصدر الذي تنبثق منه المبادرة الإلهية . فالتسامي الإلهي المطلق في الإسلام يصبغ هذه المبادرة ، نشوءاً واعتلاناً وانخراطاً في التاريخ ، بصبغة الهيمنة والتفرد وانقياد الإنسان الذي يسلم أمره لهذه المبادرة إسلاماً واثقاً كاملاً بيناً . وينقلب من ثم الإنسان موضوعاً محضاً لاستقبال مبادرة الله ، عوضاً من أن يكون ذاتاً مستقلة بإرادة الله تتفاعل تفاعلاً حراً خاسماً مع هذه المبادرة ومضامين الوحي الصادر منها .

تلتقي الديانتان المسيحية والإسلامية في موضع الاعتراف بأن الوحي الإلهي ما هو إلا مبادرة إلهية . وبأن هذا الوحي الإلهي ، خىفاً لسائر أصناف الإشارات والدلائل والرسائل التي قد تؤثرها أديان أو مذاهب أخرى ، هو الصورة المثلى للإفصاح عما تتضمنه المبادرة الإلهية . وتجمعان أيضاً على أن مضمون الوحي الإلهي ، بمعزل عن كيفية تجليه وسبل اختباره واعتناقه ، هو الذي يشتمل على حقيقة الكيان والإنسان والوجود وينهج الحلاص للإنسانية ، على اختلاف معنى الخلاص في الديانتين ، راسماً لبني البشر شرائع المعاملات العامة وسنن المسلك الأساسية .

الوحي في الإسلام ، أولاً ، تنزيل ، والتنزيل الهابط من علٍ مستقل عن مسرح التاريخ ومعصوم بحرفه وروحه من الخطأ . وأما الوحي في المسيحية فهو مقترن بقرائن الإنسان الذي يستقبله استيعاباً وتمثلاً وتدويناً . ومع أن المسيحية تميز تمييز التدقيق والتفصيل بين مضمون الوحي التأسيسي الذي اصطفته الجماعة المسيحية الأولى مستودعاً نهائياً لكشف الله ، ومضامين الوحي المبنية على المضمون الجوهري والتي يستمر استخراجها على تعاقب الأجيال باستمرار استلهام المؤمنين ، صلاة وفعلاً ، لكلمة الله المبثوثة في تضاعيف هذا الوحي ، فإنها تنسب جوهر الوحي إلى مبادرة الله وترد تعابيره إلى اختبار الإنسان . وبذلك ينشأ في منظومة اللاهوت المسيحي تصور للوحي يُنزله منزلة الوسط بين مبادرة الله وجوابالإنسان .

والوحي ، ثانياً في الإسلام ، من حيث مضمونه ، هو وحي المشيئة الإلهية ، به يبلغ الله الإنسان إرادته وشريعته وناموسه . أما الوحي في المسيحية فهو ، من حيث مضمونه أيضاً ، وحي الذات والكيان به يتجلى الله للبشر شخصاً فريداً في التاريخ . وبين وحي المشيئة يُظهره في أكمل صورة له نص القرآن ، ووحي الذات الإلهية يجسده في ملء الأزمنة تجسيداً كاملاً كلمة الله الوحيد ، ترتسم دلائل التباين بين المسيحية والإسلام ، إذ أن هذه الرؤية الأساسية للوحي هي التي تُضفي على العقائد والبني والنظم والشرائع انعكاسات الفرادة والخصوصية الناشئة في كل دين . ولكن الديانتين تعودان فتجتمعان ، في هذا السياق عينه ، على الإقرار ، بإزاء فكر الإلحاد المعاصر ، بتشابه الصعوبة المنهجية التي تكمن في تبرير كيفية الإنتقال بالألوهة ، مشيئة وذاتاً ، من مقام التسامي الذي لا يُدرك إلى حيز التاريخ المحصور . وفي إدراك جوهر هذه الصعوبة الواحد في المسيحية والإسلام إمكان تعاقد وتناصر على إنشاء خطاب التعليل الواحد .

والوحي ، ثالثاً ، يظل في الإسلام مُلكاً لله الذي يمسك بمبادرته أيما إمساك ، إذ هو الذي يبطل من آيات وحيه ما يشاء وينسخ منها ما يشاء ويأتي بأفضل منها وفاقاً لما يشاء . ومعنى ذلك أن الله ، في الإسلام ، لا يعهد في الاعتناء بمبادرته ، وقوامها جوهر الوحي القرآني ، إلى الأمة المؤمنة تتصرف بها بحسب ما ترتئيه وما تمليه عليها قرائن الأحوال ( إلا في حال غياب النص القرآني القاطع ، فيعمد حينئذ إلى استنطاق " مصلحة " الجماعة ؛ ولقد يرى البعض في ذلك كله ثنائية التكامل بين النص القرآني و " مصلحة " الجماعة ) . فإذا كان الناسخ والنسوخ ، وهما التعبير الأوفى عن حيوية النص القرآني ، لا يجوز لغير الله أن يرسم حدودهما ، غدت هذه الحيوية التأويلية محصورة في دائرة المشيئة الإلهية . وأضحت محاولات التفسير البشرية أشبه بهوامش إيضاحية تنزع اللبس والإبهام عن أذهان المؤمنين الذين يودون الاستنارة بالنص القرآني ، وتستل لهم في معترك وجودهم توجيهات المعتقد القويم وإرشادات المسلك الصحيح .

وأما في المسيحية ، فالوحي ، هو وحي الشخص ووحي الاختبار . فالله يعهد في وحيه الكامل ، وهو كلمته يسوع المسيح ، إلى بني الإنسان به يختبرون في صميم وجودهم ومعاناتهم سر ظهور الله في التاريخ . فالوحي المدون هو اختبار بشري للوحي المتجسد ، والوحي المتجسد هو قمة الاعتلانات التاريخية للوحي الإلهي . وبذلك عاد الله لا يمسك بوحيه إمساك الإطباق والهيمنة ، بل غدا ، في مغامرة بذاته فريدة ، يخلي للإنسان موقع الند في التفاعل الحر مع مبادرة وحيه الإلهية . وهذا مما يفسر إقبال المسيحية على نصوص الوحي المدونة إقبال التأويل الحر الذي يحيل مدلول الكلمة المدونة إلى وحي الكلمة المتجسد ويستشف صورة الكلمة المتجسد من خلال اختبار الأنبياء والرسل لاعتلان الكلمة الإلهية في يسوع المسيح ، وهو اختبار الترقب والتشوق في العهد القديم واختبار المداناة والمعايشة في العهد الجديد .

والوحي ، رابعاً ، يمتد في المسيحية والإسلام على فترات متلاحقة قبل أن يبلغ ذروته وكماله في ملء الأزمنة واختتام النبوة . وبموازاة تعاقب هذه الحقب ، تتفق الديانتان على الاعتراف بأشكال وكيفيات مختلفة للوحي الإلهي ، فتجمعان على التمييز بين الوحي الطبيعي والوحي الذاتي والوحي النبوي ، وتختلفان على الإقرار بالوحي الشخصي الحاصل بالتجسد ، وهو الوحي الذي تنفرد المسيحية باعتناقه . فالوحي الطبيعي الذي تسلم به المسيحية باعتناقه . فالوحي الطبيعي الذي تسلم به المسيحية والإسلام هو الوحي غير المعلن وغير المباشر الذي يجعل الإنسان يدرك الخالق بواسطة مبروءاته . فالطبيعة ، في سر تكوينها وسيرها ، تتوق بالإنسان إلى اكتشاف صانعها الإلهي وبعض من ملامح هويته الإلهية . والوحي الذاتي الذي تعترف به المسيحية والإسلام هو ما تُلقيه نعمة الله في فؤاد الإنسان من استعداد الانفتاح على الله والتعرف التلقائي على إرادته بواسطة الاستضاءة بهدي الضمير المستنير هو أيضاً بنور أحكام الله . ولا ريب أن هذين الوحيين ينتميان إلى نمط من الاختبار البشري قد يكون سابقاً أو حتى معاصراً لاختبار الوحي النبوي .

وعلاوة على هذين الصنفين من الوحي ، تتوافق المسيحية والإسلام على الإقرار بالوحي النبوي المدون الذي تبلغه كُتب العهد القديم والقرآن ، ولو أنهما يختلفان في إحصاء عدد الأنبياء وتثبيت مضمون أقوالهم والتوفقيق بين شتيت منطوقها وتفسير جميع مدلولاتها . وأما الاختلاف الخطير الذي يباعد بينهما فهو اقتصار الاعتقاد في الإسلام على هذه الضروب الثلاثة من الوحي ، واتساع المسيحية للإيمان بوحي التجسد الشخصي لكلمة الله . فالوحي في الإسلام محصور بوحي الكلمة المكتوبة ، وأن القرآن إلا تتويج لهذا الوحي واختتام له . وبذلك ينجلي الوحي الإسلامي وحياً مقتصراً على النبوة التي تبلغ مشيئة الله وتنبئ بالغيب وتحرص على تقويم المسلك . وليس من وحي في الإسلام حارج هذه النبوة ، فيما المسيحية ، وفي ذلك نواة خصوصيتها ، تقر بشكل رابع من الوحي ، هو وحي التجسد الذي يختزن في كيانه مجموع الوحي السابق والمعاصر ويتجاوز تجاوزاً كاملاً . فالوحي المتمثل بالكلمة المتجسد لا يقتصر على التبليغ والتنبؤ والتحريض ، بل يشمل أيضاً الكشف عن كيان الله ، حباً يحياه المسيح في أقصى مقتضياته ، ويختبره الإنسان في تجل الألوهة ، إخلاء للذات وبذلاً للكيان وتضحية بالفعالية المنظورة .

مع أن المسيحية والإسلام ، تجتمعان على الإقرار بالأنبياء السابقين للمسيح ولمحمد ، تختلفان اختلافاً بيناً في تصنيف هاتين الرسالتين . فالمسيحية تعتقد أن النبوة إعداد لوحي التجسد الذي اكتمل في شخص يسوع المسيح ، والإسلام يعتقد أن نبوة محمد خاتمة النبوات جميعاً ، ومن بينها نبوة المسيح ، وتصديق لها . ومعنى التصديق ترميم ما حُرف واعوج وتذكير بما عقده الله من عهد أزلي مع الإنسان الأول . فلا محمد ، في نظر المسيحية ، نبي ، لأن نبوة الإعداد قد انقضت مهمتها بعد اكتمال الوحي في شخص المسيح ؛ ولا المسيح ، في نظر الإسلام ، قمة الوحي الإلهي المتجسد ، لأن كلمة الله لا تُبلغ ، بسبب من تعالي الله ، إلا أمراً مكتوباً ومقروءاً قد اختزنته في مختتم الأزمان نبوة محمد .

الإسلام يرى في حملة الأنبياء طائفتين ، تتألف الطائفة الأولى من أولئك الأنبياء الذين دعاهم الله ليضطلعوا بمهمة التحريض على الإيمان وحمل الناس على الطاعة والائتمار بأمر الله . وتتألف الطائفة الثانية من أولئك الرسل الذين ينهضون بما ينهض به الأنبياء ويضيفون إلى رسالتهم إبلاغ الناس ما يوحيه إليهم الله من جليل الإلهامات يُدون كتابه فيقُرأ ويُسمع ويُنشر . وأما في المسيحية ، فالوحي يتناوله ، استلهاماً وتدويناً ، الأنبياء والرسل . ولكن التمييز بين الفئتين قائم في أن الأنبياء أنبياء حتى مجئ المسيح ، والرسل شهود الاختبار الإيماني المؤسس لجماعة الكنيسة المؤمنة . ولقد قام من بين هؤلاء من دون وحي التجسد تدوين التأسيس المطلق . فمحفل الاثني عشر رسولاً هو مجمع التدوين التأسيسي لاختبار المبادرة الإلهية ، ولو أن الرسل لم يدونوا جميعهم اختباراتهم الإيمانية ، بل اكتفوا بتبليغها تبليغ المشافهة الشخصية . ومع أن بولس الرسول لم يكن من الحواريين الذين صاحبوا السيد المسيح واختبروا اختبار الكلمة المعاشة والفعل الحي شهادة البشارة الإنجيلية التي نطق بها كلمة الله ، يظل اختباره الإيماني والتعليم الذي استمده بنعمة خاصة من السيد المسيح ورسائله الصادرة منه ومن مدرسته ، بمثابة الشهادة التأسيسية لتدوين الوحي الإلهي . وأما طغمات الرسل المتأخرين الذين وضع اليد عليهم ، بمؤازرة الروح القدس ، محفل الاثني عشر رسولاً ، ومعشر الآباء الكنسيين الأوائل ، فإسهام شهادتهم غدا إسهام التفسير التأسيسي الأول لشهادة الاختبار الإيماني التي دونت مبادرة وحي التجسد هذه .

وبعد هذا العرض السريع ، ترى هل الحوار الإسلامي / المسيحي ، ممكن أم هو حلم ليلة صيف

خدني الحنين لعينيكي حبيتو من وقتها
بحلم سنين ألاقيكي و أنسى الجراح بعدها
وبقيتي من قسمتي عشقي ونور دنيتي
ما شافتش قبلك عيوني وعليكي فتّحتها

المسيح يحمينا

jesus i trust in you

أنا هو القيامة والحياة من يتبعني لايمشي في الظلمة
 
قديم 19/06/2005   #2
شب و شيخ الشباب Syria Man
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Syria Man
Syria Man is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
بين الزحام أدوب ...................... وارحل بين الدروب
مشاركات:
5,240

إرسال خطاب MSN إلى Syria Man إرسال خطاب Yahoo إلى Syria Man
افتراضي


شو رأيكن يا جماعة نحنا بحقيق ولا بوهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!

 
قديم 19/06/2005   #3
شب و شيخ الشباب Syria Man
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Syria Man
Syria Man is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
بين الزحام أدوب ...................... وارحل بين الدروب
مشاركات:
5,240

إرسال خطاب MSN إلى Syria Man إرسال خطاب Yahoo إلى Syria Man
افتراضي


؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 
قديم 19/06/2005   #4
شب و شيخ الشباب الأسمر
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ الأسمر
الأسمر is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
حمص العدية
مشاركات:
995

إرسال خطاب MSN إلى الأسمر
افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : waleed_daoud
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مقالك هاد ما بيتفق مع أهداف منتدى حوار الأديان ... هاي الاهداف المقيتة اللي أقيم المنتدى من أجلها و فهمك كفاية . يعني فالج لا تعالج

ما مهم
 
قديم 19/06/2005   #5
شب و شيخ الشباب ma7aba
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ma7aba
ma7aba is offline
 
نورنا ب:
Jun 2004
المطرح:
سوريا دمشق
مشاركات:
3,316

إرسال خطاب MSN إلى ma7aba إرسال خطاب Yahoo إلى ma7aba بعات رسالي عبر Skype™ ل  ma7aba
افتراضي


حلم ليلة صيف لشكسبير كثير حلوة بس حبيت الملك لير اكثر

واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم.باركوا لاعنيكم.احسنوا الى مبغضيكم.وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.

فماذا نقول لهذا.ان كان الله معنا فمن علينا.

ياأبتي أغفر لهم فإنهم لا يعلمون ماذا يفعلون
 
قديم 19/06/2005   #6
شب و شيخ الشباب Syria Man
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Syria Man
Syria Man is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
بين الزحام أدوب ...................... وارحل بين الدروب
مشاركات:
5,240

إرسال خطاب MSN إلى Syria Man إرسال خطاب Yahoo إلى Syria Man
افتراضي


هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاه اهاها
 
 



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 06:13 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.10277 seconds with 14 queries