أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 24/08/2006   #199
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل فإما علة كثرة الأمطار في الشتاء
وقلّتها في الصيف
فهولأن صعود البُخارَين مُتصلٌ أبداً في العراق وما يليه من الأقاليم الشمالية في الصيف أكثر منهما في الشتاء.
واعلم يا أخي أن لكل كائنٍ تحت فلك القمر أربع عللٍ لا يتكوّن شيء من الكائنات إلاّ بها كلها: إحداها علة هيولانيّة، والأُخرى علة صورية، والأُخرى علة فاعليّة، والأُخرى علة تماميّة.
فأما العلة الهيولانية للسحاب والأمطار وما يتبعهما فهما البُخاران الصاعدان كما وصفنا قبل؛ والعلة الفاعليّة لها هي الشمس والكواكب بمطارح شُعاعاتها كما تقدم ذكرها، والعلة الصورية عقد البُخارين وجمودهما، والعلة الفاعليّة لذلك برد الجو، والعلة التماميّة تكوُّن الأمطار لكما تبتّل الأرض، وينبت النبات، ويتغذى منه الحيوان.
ولما كانت الشمس تقضي ستة أشهر في البروج الشمالية، وتقرب من سمت رأس البلاد، يُسخن جوالهواء إسخاناً شديداً، فتتحرك البُخارات وتتغشى، وتدفعها الرياح الشمالية إلى ناحية الجنوب. وبما أن الشمس تكون بعيدة من سمت تلك البلاد، يُبرد الجوويكون الشتاء هناك والأمطار والغيوم وما يتبعها من حوادث الجو.
فإذا صارت الشمس، بعد ستة أشهر إلى البروج الجنوبية، قريبةً من سمت تلك البلاد، وبَعُدت من البلاد الشمالية، صار الشتاء هذا هُنا والصيف هناك، وذلك دأبها الشتاء والصيف والغيوم والأمطار ما يتبعها من الحوادث التي تقدم ذكرها. وكل هذه الحوادث تكون في سمك كرة النسيم دون مرة الزمهرير.

فصل وأما الحوادث التي في كرة الزمهرير
فهي انقضاض الكواكب التي تُرى في الليالي. فربما كثُر ذلك وربما قلّ.
وأما هيولاها ومادتها فهوالدخان اليابس اللطيف، الصاعد من الجبال والبراري، فإذا بلغت تلك المادة في صعودها إلى الفصل المشترك بين كرة الزمهرير وبين كرة الأثير، استدارت هناك وتشكّلت واشتعلت فيها نار الأثير، كما تشتعل نار السراج المنطفئ، وكما تشتعل نار البرق في الدخان اليابس الدُّهنيّ الذي في السحاب، وكما تشتعل النار في الِّفط الأبيض ثم تفنيه بسرعة فينطفئ. ومما يدلّ على أن مادتها دخانٌ يابس كثرة ما يُرى منها في سني الجدب.
وأما كيفية تشكُّل هذه الدخانات، إذا صعدت إلى هناك واشتعلت فيها النار، فإنها إذا اعتُبرت بالفكر، وجدت تارةً كأنها أعمدةٌ مخروطةٌ قائمةٌ قاعدتها مما يلي كرة النار، ومخروطها مما يلي وجه الأرض. ودليل ذلك أنه إذا اشتعلت النار فيها تُرى عظيمة الاشتعال، ثم لا تزال تصغُر وتنخرط وتقلّ حتى تنطفئ؛ فيتخيّل للناظرين أنها نار هوائية تنزل من السماء في حركتها.

عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #200
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


وإذا اعتبرنا هذا المثال يُظَنُّ أن بين كرة الزمهرير وكرة الأثير سطحٌ متداخل الأجزاء، غير مشتركٍ. وتارةً تُرى حركتها عند انقضاضها كأنها صغيرة هوذي متدرج على سطح كرة كبيرة، وذلك أنّا نراها أحياناً عند انقضاضها واشتعالها تبتدئ حركتها من المشرق فتمرّ على سمت رؤوسنا إلى المغرب، وتارةً من المغرب إلى المشرق، وتارةً تبتدئ من الجنوب وتمرّ على سمت رؤوسنا إلى الشمال، وتارة من الشمال إلى الجنوب، وتارة تتنكّب هذه الجهات، فيتخيل للناظرين كأنها كرة من قُطنٍ اشتعل فيها النار، ثم رميت في الهواء. وكلما أكلتها النار تناثر شررها وصغُرت حتى تفنى وتنطفئ. ومثالها الكرة التي يلعب بها أصحاب الخيالات بالليل، وذلك أنهم يتّخذون كرة معجونةً من سندرس وأجزاء عقاقير، يُشعلون فيها النار، ويأخذونها في أفواههم، فإذا رقصوا أوتنفسوا، رويت النار تخرج من أفواههم ومناخِرهم، ولا يزال ذلك دأبهم حتى تفنى تلك المادة وتنطفئ تلك النار.

فصل وقد يظن كثير من الناس
أن انقضاض هذه الشهب
هي كواكب تُسقَط ويُرمى بها من السماء في الهواء إلى الأرض، ويستدلّون على صحة ظنونهم الكاذبة بقوله تعالى: ولقد زيّنا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رُجوماً للشياطين.
وليس في هذه الآية دلالةٌ على أن الكواكب هي تُرمى بأنفسها، لأنك إذا قلت اتخذت هذه القوس لأرمي بها العدووالكفار، فليس في قولك دلالةٌ على أنك ترمي بنفس القوس، بل ترمي عنها النُّشّاب، فهكذا قوله تعالى: وجعلناها رجوماً للشياطين؛ أي يُرمون عنها بالشهب، لأن هذه الشهب لا تحدث في الهواء إلاّ بإشراق هذه الكواكب وشُعاعاتها في الهواء، كما بيّنا من قبل، وقد فسّرنا معنى هذه الآية وأخواتها في رسائل لنا.
واعلم أن أهل صناعة النجوم متَّفقون على أن هذه الكواكب الثابتة في الفلك الثامن هي من وراء فلك زحل الذي هوالكرسي الواسع، كما بينا في رسالة السماء والعالم، وإنما ذكر الله تعالى أنها زينة السماء الدنيا، لأن أهل الأرض لا يرونها إلاّ دون فلك القمر الذي هوالسماء الدنيا.
ومما يدل على أن هذه الشهب تحدث قريبةً من الأرض، بعيدة من فلك القمر، وسرعة حركتها، فإنها في لحظة تمر من المشرق إلى المغرب، أومن المغرب إلى المشرق، فلوكانت قريبةً من فلك القمر، لما رأيت حركتها بهذه السرعة.
واعلم يا أخي أنها إذا حدث فمرّت مقبلةً على الناظرين، وجازت على سمت رؤوسهم إلى الجانب الآخر، ذاهبةً إلى الأُفق بسيرها على الرؤية، يتخيل للناظرين أنها وقعت إلى الأرض، وليس الأمر كذلك، لأنها مادة خفيفة تطلب العلو، ولا يزيدها اشتعالها إلاّ خفةً. فإما التي تقع منها إلى الأرض فهي التي تحدث في كرة النسيم، فيضغطها السحاب، ويردها إلى أسفل، كنار البرق التي يضعطها السحاب من فوق إلى أسفل.
وأمل علة استدارة تلك المادة فهي أن الأجسام السيّالة من شأنها أن تتشكل، ما لم يمنعها مانع، أشكالاً كرويةً، كما يستدير القطر في الهواء، لأن الشكل الكروي أفضل الأشكال كما بينا في رسالة الهندسة.
وأما علة حركتها إلى جهة دون جهة فبحسب الدافع لها من جهة المقابل، وليست عي الريح، لأنها أسرع حركةً من الريح، وقد بينا على حركتها في رسالة الحركات.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #201
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فانظر يا أخي وتفكّر في هذه الحكمة الإلهية والعناية الربانية كيف جعلت ورتّبت كرة الأثير دون فلك القمر، وجعلتها ناراً بلا ضياءٍ كيما تحترق بحرارتها الدخانات الغليظة الصاعدة في الهواء، وتلطُف البخارات العفنة الكثيفة، ليكون الجوأبداً صافياً شفافاً. ولم تجعل تلك النار مُضيئةً، لأنها لوكانت مضيئة كالنيران التي عندنا، لمنعت أبصار الحيوان عن رؤية عالم الأفلاك والكواكب، وخاصةً الإنسان، لأنه لما مُنِع الكون هناك لم يُمنع الرؤية والنظر إليه، لكيما تشتاق النفوس إلى الصعود نحوها هناك، كما قال، جل ثناؤه: "إليه يصعد الكلِمُ الطيب والعمل الصالح يرفعه" يعني به روح المؤمنين. وقال في منع روح الكافر: "لا تُفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يَلِج الجمل في سمّ الخياط." وقد جعلت الحكمة الإلهية أيضاً الومهرير حِجاباً بين كرة النسيم وكرة الأثير، لتمنع ببردها وهج الأثير عن الحيوان والنبات أن يُتلفها، ولتُبرّد البُخار وتَعقِده غيوماً ليكون أمطاراً تحيا به البلاد. وجعلت كرة النسيم مُعتدلة المِزاج، ولمّا كان سببها انعكاس شُعاعات الكواكب كما بينا قبل، وأكثرها أوكدّها هي الشمس، جُعِلت تارةً تغيب لبرد الجو، وتارةً تطلع لسخن الهواء، ولودامت بطلوعها، لدام الإسخان ولأفرط الحر، وكان ذلك فسادا كلّياً. وكذلك لودام مَغيبُها لبرد الجووجمدت المياه والرطوبات، وهلك النبات والحيوان من البرد. وكذلك جعل لها أن تميل إلى ناحية الجنوب، ليكون الصيف هناك، والشتاء في الشمال "ذلك تقدير العزيز العليم". وهذه من عظيم نعم الله خلقه وذلك معنى قوله تعالى: "قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سَرمداً إلى يوم القيامة، من إلهٌ غير الله يأتيكم بليلٍ تسكنون فيه، أفلا تُبصرون؟. ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار" إلى قوله: "ولعلَّكم تشكرون".
وعلى هذا القياس لودام الشتاء والصيف لكان بواراً وفساداً للنظام، وكذلك إذا دام مدارها على سمت واحد. قال الله تعالى: "والشمس والقمر والنجوم مُسخراتٌ بأمره" تارةً غاربةٌ، وتارة طالعة، وتارة مائلة، إلى الشمال، وتارةً مائلة إلى الجنوب، وتارةً مرتفعة في الأوج، وتارة منحطة إلى الحضيض، وتارةً فوق الأرض، وتارةً تحتها، وتارةً موازية للبروج النارية، وتارةً للترابية، وتارة للهوائية، وتارةً للمائية، وتارة للبروج المنقلبة، وتارة في الثابتة، وتارة في ذوات الأجساد، وتارة مجتمعة، وتارةً متفرقة، وتارة ناظرة ينظُر بعضها إلى بعض، وتارة ساقطة، وتارة منفصلة، وتارة منصرفة، وتارة كالواقفة، وتارة راجعة، وتارة مستقيمة، وتارة شرقية، وتارةً غربية، وتارةً محترقة بنورها، وتارةً في بيوتها، وتارةً غُربةٍ، وتارةً في الشَّرف، وتارةًفي الهبوط.
هذه كلها من أوصافها وأحوالها لأغراضٍ موصوفة، وآجال معدودة لا يعلمها إلاّ هو: "وما خلق الله ذلك إلاّ بالحق" ولا يحيط أهل صناعة النجوم والخَلْقُ أجمع بشيء من علمه إلاّ بما شاء، وَسِعَ كُرسيُّه السموات والأرض، وقد ذكرنا طرفاً من هذا العلم في رسالة الأدوار، شبه النموذج والإشارة، فانظر فيها وتفكّر فيما ذكرنا، لعلّ نفسك تنتبه من نوم الغفلة ورقدة الجهالة، فتحيا حياة العلماء، وتعيش عيش السعداء مع الأبرار في دار القرار، مُنعّمة ملذّذةً فرحانة مسرورة أبد الآبدين؛ ولا تكن من الغافلين في أسفل السافلين في عالم المون والفساد، واستعدّ للرحيل قبل انقطاع المدة، وتزوّد فإن خير الزاد التقوى.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #202
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل وأما الكواكب ذوات الأذناب
التي تظهر في بعض الأحايين قبل طلوع الشمس أوبعد غروبها، فإنها لا تحدث إلا في كرة الأثير قريباً من فلك القمر، والدليل على ذلك دوارنها مع فلك القمر، تارةً بالتقدم على توالي البروج كمسير الكواكب السيّارة، وتارةً بالتأخير كرجوعها.
وأما مادتها التي تتكون منها فهي دخان وبخار لطيفان يصعدان إلى هناك، فينعقدان بقوة زُحل وعطارد، وتكون شفافة كشفيف البلور؛ إذا اشرقت عليها الشمس شفّت من الجانب الآخر، فلا تزال تدور مع الفلك وتطلع وتغيب إلى أن تضمحل وتتلاشى، وكل هذه الحوادث التي ترى في ضوء الهواء إما بشاراتٌ من الله تعالى بالرُّخص والخصب والسلامة للناس والحيوان، والصلاح، وإما إنذاراتٌ وتخويفات من الحدثان والجدب والقحط والغلاء والزلازل والوباء والموت والخسوف والحروب والفتن، وذلك ليجعل العباد المكلفين يعتبرون بها ويرتدعون عن معصية الله، وينقادون إلى طاعة الله ويظهرون الدعاء والتضرع والتوبة والندم والتطوّع بالصوم والصلاة والصدقة والقرابين في الهياكل والمساجد والبِيَع والصلوات ليكون ذلك تلقيناً من الآباء للأولاد، ومن العلماء للجهال، وتنبيهاً للغافلين عن معرفة الله، عز وجل، وهدايةً لهم كما قال الله تعالى: "ثم إذا مسَّكم الضُّرّ فإليه تَجأرون".
فانظر يا أخي وتفكّر في ملكوت السموات والأرض، وما في الآفاق والأنفس من الآيات، وقل: "رَبنا ما خلقت هذا باطلاً، سبحانك، فَقِنا عذاب النار" واشهد معهم كما ذكر الله تعالى فقال: "شهد الله أنه لا إله إلاّ هو، والملائكة وأُولوالعلم، قائماً بالقسط" ولا تكن من الذين يمرُّون عليها وهم عن آياتها مُعرضون غافلةن، وهم الذين قال الله فيهم: "ما أشهدتُهم خلق السموات والأرض، ولا خلق أنفسهم، وما كنت مُتّخذَ المُضلّين عَضُداً" وقال تعالى: "صُمٌّ بكمٌ عُميٌ فهم لا يعقِلون" أعاذك الله وإيانا من هذه الجهالة والعمى، ووفقنا لما هوأرشد وأهدى برحمته، إنه قريب مجيب.
تمت رسالة الآثار العُلوية، وهي الرسالة الرابعة في الطبيعيات، والسابعة عشرة من رسائل إخوان الصفاء، وتتلوها رسالة تكوين المعادن
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #203
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


الرسالة الخامسة في تكوين المعادن
وهي الرسالة الثامنة عشرة من رسائل إخوان الصفاء
بسم الله الرحمن الرحيم
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #204
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


الحمد لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، آلله خيرٌ أمّا يُشركون؟
فصل واعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروحٍ منه،
أنّا قد بيّنا في رسالة الآراء والمذاهب بأن العالم محدَثٌ مُبدع مخترع كائن بعد أن لم يكن، وأن مُبدعه ومخترعه ومحدثه وخالقه ومُصوّره هوالباري جلّ جلاله، أبدعه كما شاء وكيف شاء بقوله تعالى: "كُنْ" فكان، كما بيّنا في رسالة المبادئ العقلية. فنريد أن نذكر في هذه الرسالة طرفاً من الحوادث والكائنات التي تتكون وتفسُد تحت فلك القمر، بطول الأزمان والدهور والأدوار، كما بيّنا أيضاً كيفية فناء العالم، وكيفية نشئ الآخرة والحشر والحساب والميزان والجواز على الصراط، والنجاة من النيران، والوصول إلى الجنان، وكيفية مجاورة الرحمن في رسالة البعث والقيامة، إذ قدّ تبيّن ببراهين منطقية ودلائل بأن عالم الأفلاك وجواهر أشخاصها لا تمتزج بعضها ببعض، ولا تختلط أجزاؤها، ولا يتكون منها شيء غيرها، بل هي باقيةٌ بما هي عليه الآن بطول الأزمان والدهور، وأنها أيضاً لا تتغير ولا تفسُد ولا تستحيل ما دامت لها هذه الحركة الدورية والأشكال الكروية، إلاّ أن يشاء باريها ومُبدعها وخالقها أن يطلبها دُفعةً واحدة، أوعلى التدريج، أويوقفها عن الدوران وهوأهون عليه: "وله المثل الأعلى في السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم".
واعلم أن وقوف الأفلاك عن الدوران هوموت العالم وبُطلان حياة الكل، ومُفارقة النفس الكلية الفلكية عن الأجسام كلها دُفعةً واحدةً، وتلك هي القيامة الكُبرى والبوار الكلي وبُطلان الجملة، لأن موت كل شخص من أشخاص الحيوانات هومُفارقة نفسه جسده، وهي قيامته، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: "من مات فقد قامت قيامته." وقد بيّنا في رسالةٍ لنا أن العالم إنسانٌ كبير، ذوجسم ونفس وحياة وعلم، فاعرف حقيقة ما ذكرناه من هناك.
وثم اعلم يا أخي أن الكائنات الفاسدات التي تحت فلك القمر هي خمسة أنواع، فمنها استحالة الأركان الأربعة بعضها إلى بعضٍ، كما بيّنا طرفاً من كيفية ذلك في رسالة الكون والفساد؛ ومنها حوادث الجووتغيرات الهواء، كما بيّنا طرفاً منها في رسالة الآثار العلوية، ومنها استحالة الكائنات الفاسدات التي تتكون وتنعقد في باطن الأرض وعمق البحار وجوف الجبال، وهي الجواهر المعدنية، كما سنبين طرفاً من طيفيتها في هذه الرسالة؛ ومنها استحالة النبات والأشجار، وهوكل جسم يتغذّى وينموكما بيّنا طرفاً منها في رسالة النبات؛ ومنها استحالة الحيوان، وهوكل جسم متحرك حسّاس، كما بيّنا طرفاً منها في رسالة الحيوانات بعد ذكر النبات.
واعلم أن هذه الأشياء التي ذكرنا أنها تتكون وتحدث وتتغير وتفسد بطول الزمان والدهور، وتناوب الليل والنهار، وتعاقب الشتاء والصيف على الأركان الأربعة، التي هي الأرض والماء والهواء والنار، إنما يكون باختلاف أحوالنا بحسب مُوجبات أحكام النجوم في القِرانات والأُلوف والأدوار، وبحسب أشكال الفلك ومَسيرات الكواكب، ومطارح شعاعاتها من الأوتاد والآفاق. ونريد أن نبيّن كيفية تكوين المعادن، وأسرار اختلاف جواهرها وأنواعها وخواصّها، ومنافعها مضارّها.
وإذ قد فرغنا من ذكر أدوار الأفلاك وحركات الكواكب وقِرانها في السنين والدهور، وكم هي، وكيف هي، وكيف يكون ذلك في رسالة لنا، فاعلم أن لكل كائنٍ وحادثٍ تحت فلك القمر أربع علل: علةٌ فاعليةٌ، وعلى هيولانية، وعلى صورية، وعلة تمامية. فالعلة الفاعلية للجواهر المعدنية، بإذن باريها جل جلاله، هي الطبيعة، وقد بيّنا ماهية الطبيعة وكيفية أفعالها في رسالة لنا. وأما العلة الهيولانية للجواهر المعدنية فهي الزِّئبَق والكبريت، كما سنبيّن في هذه الرسالة. والعلة الصورية هي دوران الأفلاك وحركات الكواكب حول الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض. وأما العلة التمتمية فهي المنافع التي ينالها الإنسان والحيوانات جميعاً من هذه الجواهر المعدنية بإذن الله، جلّ جلاله.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #205
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل اعلم يا أخي
أن الجواهر المعدنية مختلةٌ في طباعها
وطُعومها وألوانها وروائحها، كلّ ذلك بحسب اختلاف تُرب بقاع معادِنها مياهها وتغييرات أهويتها، وذلك أن كرة الأرض بجملتها وجميع أجزائها، وعُمقها وظاهرها وباطنها، طبقاتٌ، سافٌ فوق سافٍ، متلبِّدة، مُنعقدة، مختلفة التركيب والخلقة. فمنها صخورٌ وجبال صلبة، وأحجار وجَلامِد صَلدةٌ، وحصيّات مُلسٌ، ورجالٌ جريشةٌ، وطين رخو، وتراب لين، وسباخٌ وشروجٌ بعضها مختلط ببعضٍ، أومتجاورةٌ كما وصفها الله تعالى بقوله: "وفي الأرض قِطَعٌ متجاورات" وهي مختلفة الألوان والطعوم والروائح، فمن ترابها وطينها وأحجارها حمرٌ وبيضٌ وزرقٌ وصفرٌ، كما ذكر الله تعاى بقوله: "ومن الجبال جُدَدٌ بيضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانها، وغرابيب سودٌ. " ومن ترابها وطينها ما هوعذب مذاقه، ومرّ طعمه، أومالح أوعَفِصٌ أوحامض أوحلو. ومنه ما هوطيب شمه، ومُنْتِنٌ رائحته، فإن الأرضبجُملتها كثيرة التخلخل والثقب والتجاويف والعروق والجداول والأنهار، داخلها وخارجها، كثيرة الأهوية والمغارات والكهوف، وكلّ هذه مملوءةٌ من المياه والبخارات، وتكون طعوم تلك المياه وروائحها وغِلظها ولطافتها وثِقلها وخفتها بحسب تربة بقاعها وطين مكانها وأجوافه وقرارات مستنقعاتها.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #206
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل واعلم بأن الجواهر المعدنية ثلاثة أنواع

فمنها ما يتكون في التراب والطين والأرض والسبخة ويتم نضجه في السنة أوأقل منها، كالكبريت والأملاح والشُّبوب والزَّاجات وما شاكلها. ومنها ما يتكوّن في قعر البحار وقرار المياه، ولا يتم نضجه إلا في سنة أوأكثر منها، كالدُّرّ والمرجان، فإن أحدهما نباتي وهو المرجان، والآخر حيواني والدُّرّ. ومنها ما يتكوّن في كهوف الجبال وجوف الأحجار، وخلل الرمال، ولا يتم نضجه إلا في سنين كالذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص وما شاكلها. ومنها ما لا يتم نضجه إلاّ في عدد سنين، كالياقوت والزّبرجد والعقيق وما شاكلها. ونريد أن بيّن ونصف طرفاً من كيفية تكوين كل نوع من هذه، ليكون دلالةً على سائرها، ولكن نحتاج، قبل وصفنا هذه الأشياء، أن نذكر صورة الأرض وكيفية قِسمةِ أرباعها، وصفات تلك الأرباع كيف تتغير أحوالها، وكيف تتبدّ لصفاتها في الدهور والأزمان الطول فنقول: إن الأرض بجميع ما عليها من البحار والجبال والبراري والأنهار والعمران والخراب هي كرة واحدة مُعلّقة في الهواء في مركز العالم بإذن الله، جل حلاله، كما بيّنا في رسالة الجغرافيا، فنقول إن الأرض بجملتها نِصفان، نصفٌ شمالي، ونصف جنوبي، وظاهر كل قسم منها ينقسم إلى نصفين، فتكون جُملته أربعة أرباع، كل ربع منها موصوف بأربعة أنواع، فمنها مراضع براري وقفار وفلوات وخراب. ومنها مواضع البحار والأنهار والآجام والغُدران. ومنها مواضع الجبال والتلال والارتفاع والانخفاض. ومنها مواضع المراعي والقُرى والمدن والعُمران.
واعلم يا أخي أن المواضع تتغير وتتبدل على طول الدهور والأزمان، وتصير مواضع الجبال براري وفلوات، وتصير مواضع البراري بحاراً وغدراناً وأنهاراً، وتصير مواضع البحار جبالاً وتلالاً وسباخاً وآجاماً ورمالاً، وتصير مواضع العمران خراباً، ومواضع الخراب عمراناً، فوجب أن نذكر طرفاً من هذه الأوصاف، إذ كان هذا الفن من العلوم الغربية البعيدة عن أفكار كثيرٍ من أهل المرتاضين، فضلاً عن غيرهم.
واعلم بأن كل ثلاثة آلاف سنة تنتقل الكواكب الثابتة، وأوجات الكواكب السيارة وجَوْزَهْراتها في البروج ودرجاتها. وفي كل تسعة آلاف سنة تنتقل إلى ربعٍ من أرباع الفلك. وفي كل ستةٍ وثلاثين ألف سنة تدور في البروج الاثني عشر دورةً واحدة. فبهذا السبب تختلف مُسامتات الكواكب ومطارح شُعاعاتها على بقاع الأرض وأهوية البلاد، ويختلف تعاقب الليل والنهار والشتاء والصيف عليها، إما باعتدالٍ واستواء، أوبزيادة ونقص وإفراطٍ من الحرارات والبرودات، واعتدالٍ منهما. وتكون هذه أسباباً عللاً لاختلاف أحوال الأرباع من الأرض، وتغييرات أهوية البلاد والبقاع وتبديلها بالصفات من حال إلى حال.
ويعرف حقيقة ما قلنا الناظرون في علة المجسطي وعلوم الطبيعيات، فتصير بهذه العلل والأسباب مواضع العمران خراباً، ومواضع الخراب عُمراناً، ومواضع البراري بحاراً، ومواضع البحار براري وجبالاً. ويعرف حقيقة ما قلناه وصحة ما ذكرناه الناظرون في علم الطبيعيات والإلهيات، الباحثون عن علل الكائنات الفاسدات التي تحت مقعد فلك القمر وكيفية تغييراتها، ولكن نريد أن نصف طرفاً من كيفية تكوين الجبال في البحار، وكيف يصير الطين اللين أحجاراً، وكيف تنكسر الأحجار فتصير منها حصىً ورملاً، وكيف تحملها سيول الأمطار إلى البحار في جريان الأودية والأنهار، وكيف ينعقد من ذلك الطين والرمال في قعور البحار حجارةً وجبالاً.
والعم يا أخي أن البحار هي كالمستنقعات على وجه الأرض، فإن الجبال منها كالمنّيات والبريدات لها لتفصل البحار بعضها من بعضٍ، ولئلا يكون وجه الأرض كله مُغطىً بالماء، وذلك أنه لوتكن الجبال علة وجه الأرض، وكان وجهها مستديراً مَلِساً، لكانت مياه البحار تنبسط على وجهها وتغطّيها من جميع جهاتها، وتحيط بها كإحاطة كرة الهواء بالأرض كلها، وكان وجه الأرض كله بحراً واحداً، ولكن العناية الإلهية والحكمة الربانية قد قضت أن يكون وجه الأرض بعضه مكشوفاً ليكون مسكناً لحيوان البرّ، وبعضه لمنابت العشب والأشجار والزروع، إذ كانت هذه غذاء الحيوانات ومادةً لأجسادها "ذلك تقدير العزيز العليم".
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #207
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


واعلم يا أخي أن الأودية والأنهار كلّها تبتدئ من الجبال والتلال، وتمرّ في مسيلها وجريانها نحوالبحار والآجام والغُدران، وأن الجبال من شدة إشراق الشمس والقمر والكواكب عليها بطول الأزمان والدهور، تُنشَف رطوباتُها، وتزداد جفافاً ويبساً، وتنقطع وتنكسر، وخاصةً عند انقضاض الصواعق، وتصير أحجاراً وصخوراً أوحصىً ورمالاً. ثم إن الأمطار والسيول تحط تلك الصخور والرمال إلى بطون الأودية والأنهار، ويحمل ذلك شدة جريانها إلى البحار والغدران والآجام. وإن البحار، لشدة أمواجها وشدة اضطرابها وفورانها، تبسط تلك الرمال والطين والحصى في قعرها سافاً على سافٍ بطول الزمان والدهور، ويتلبّد بعضها فوق بعض، وينعقد وينبت في قعور البحار جبالاً وتلالاً، كما تتلبد من هبوب الرياح أدعاص الرمال في البراري والقفار.
واعلم يا أخي أنه كلما انطمّت قعور البحار من هذه الجبال والتلال التي ذكرنا أنها تنبت، فإن الماء يرتفع ويطلب الاتساع، وينبسط على سواحلها نحوالبراري القفار، ويغطسها الماء، فلا يزال ذلك دأبه بطول الزمان، حتى تصير مواضع البراري بحاراً، ومواضع البحار يبساً وقفاراً، وهكذا لا تزال الجبال تنكسر وتصير أحجاراً وحصىً ورمالاً، تحطّها سيول الأمطار، وتحملها إلى الأودية والأنهار بجريانها حتى البحار، وتنعقد هناك كما وصفنا، وتنخفض الجبال الشامخة، وتنقص وتقصر حتى تستوي مع وجه الأرض. وهكذا لا يزال ذلك الطين والرمال تنبسط في قعر البحار، وتتلبد وتنبت عنها التلال والروابي والجبال، وينصب من ذلك المكان الماء حتى تظهر تلك الجبال وتنكشف هذه التلال، وتصير جزائر وبراري، ويصير ما يبقى من الماء في وهادها وقعورها بحيراتٍ أوآجاماً أوغدراناً، وينبُت فيها القصب والأوحال، فلا تزال السيول تحمل إلى هناك الطين والرمال والوحول، حتى تجفّ تلك المواضع وتنبت هناك الأشجار والعِكرِشُ والعشب، وتصير مواضع للسباع والوحوش؛ ثم يقصدها الناس لكلب المنافع والمرافق من الحطب والصيد وغيرها. وتصير مواضع الزروع والغروس والنبات بُلداناً وقرى ومدناً يسكنها الناس.
واعلم يا أخي أن هذه البحار التي ذكرنا أنها كالمستنقعات على وجه الأرض، وبينها جبالٌ شامخة وهي كالمُسنّيات لها، وهي متصلةٌ بعضها ببعض، إما بخلجانٍ بينها على ظاهر الأرض، وإما بمنافذ لها وعروقٍ في باطن الأرض، وأن في وسط هذه البحار جزائر كثيرة صغاراً وكباراً، وأنهاراً؛ ومنها عامرةٌ بالناس فيها مزارع وقرىً ومدن وممالك. ومنها براري وقفارٌ فيها جبال وآجام تسكنها سباع ووحوش وأنعام وأنواع من الحيوانات لا يعلم كَثرتها إلاّ الله. وفي وسط تلك الجزائر بُحيرات صغار وكبار، وأنهارٌ وغُدران وآجام. ومنها ما مياهها عذبةٌ، ومنها مالحةٌ شديدة الملوحة، ومنها دون ذلك مختلفةٌ أحوالها وأوصافها، فلنذكر طرفاً من عللها ليعلم حقيقة ما قلنا وصحة ما وصفنا:
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #208
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


أما علة هيجان البحار، وارتفاع مياهها، وبروزها علة سواحلها، وشدّة تلاطم أمواجها، وهبوب الرياح في وقت هيجانها إلى الجهات الخمس قي أوقات مختلفةٍ من الشتاء والصيف والربيع والخريف، أوائل الشهور وأواخرها، وساعات الليل والنهار، فهي من أجل أن مياهها إذا حميت في قرارها وسخنت لَطُفت وتحللت طلبت مكاناً أوسع مما كانت فيه قبل، فيتدافع فيه بعض أجزائها إلى الجهات الخمس فوقاً وشرقاً وجنوباً وشمالاً وغرباً للاتساع، فيكون في الوقت الواحد على سواحلها رياحٌ مختلفة في جهات مختلفة. وأما علة هيجانها في وقتٍ دون وقتٍ فهوبحسب شكل الفلك ومطارح شُعاعاته على سطوح تلك البحار من الآفاق، والأوتاد الأربعة، واتصالات القمر بها عند حلوله في منازله الثمانية والعشرين، كما هومذكور في كتب أحكام النجوم. وأما علة مدود بعض البحار في وقت طلوع القمر ومغيبه دون غيرها من البحار فهي من أجل أن تلك البحار في قرارها صخورٌ صُلبة، فإذا أشرق القمر على سطح ذلك البحر، وصلت مطارح شُعاعاته إلى تلك الصخور والابحار التي في قرارها، ثم انعكست من هناك راجعةً، فسخنت تلك المياه وحَمِيت ولطفت، وطلبت مكاناً أوسع، وارتفعت إلى فوق، ودفع بعضها بعضاً إلى فوق، وتموّجت إلى سواحله وفاضت على سطوحها وأرجعت مياه تلك الأنهار التي كانت تنصبّ إليها إلى خلف، فلا يزال ذلك دأبها ما دام القمر مُرتفعاً إلى وتد سمائه، فإذا انتى إلى هناك وأخذ ينحطّ، سكن عند ذلك غليان تلك المياه، وبردت وانضمت تلك الأجزتء، وغلُظت ورجعت إلى قرارها، وجرت الأنهار على عاداتها، فلا يزال ذلك دأبها إلى أن يبلغ القمر إلى أُفق تلك البحار الغربيّ منها. ثم يبتدئ المدّ على مثل عادته وهوفي الأفق الشرقي، ولا يزال ذلك دأبه حتى يبلغ القمر إلى وتد الأرض، أخذ المدّ راجعاً إلى أن يبلغ القمر إلى أُفقه الشرقي من الرأس و"ذلك تقدير العزيز العليم". فإن قيل: لم لا يكون المد والجزر عند طلوع الشمس وإشراقها على سطوح هذه البحار؟ فقد بيّنا علّة ذلك في رسالة العلل والمعلول فاطلبها من هناك إن شاء الله تعالى.
وأما علة اختلاف تصاريف الرياح من الجهات الستّ، في أوقات الليل والنهار، والشتاء والصيف، فقد ذكرناها في رسالة الآثار العلوية.
وأم الجبال التي ذكرناها بأنها كالمُسنّيات للبحار والبريدات لها فهي راسية في الأرض أُصولها، شامخةٌ في الجورؤوسها، شاهقٌ في الهواء ارتفاعها، ممتدّ علة وجه الأرض بأطوالٍ ما بين مائتي فرسخ إلى ألف. فمنها ما هومن المشرق إلى المغرب، ومنها ما هومن الشمال إلى الجنوب، ومنها ما هونكباواتٌ بين هذه الجهات، مذكورةٌ في جغرافيا بعض أوصافها.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #209
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


واعلم أن الجبال التي ذكرناها منها ما هوصخور صَلدة، وحجارة صُلبة، وصفوانٌ أملس، فلا ينبت عليه النبات إلا شيءٌ يسير، مثل جبال تهامة. ومنها ما هي صخورٌ رخوة، وطينٌ لينٌ، وترابٌ ورملٌ وحصاةٌ مختلفة مُتلبدة، سافٌ فوق سافٍ، مُتماسك الأجزاء، وهي مع ذلك كثيرة الكهوف والمغارات والأودية والأهوية والعيون والجداول والأنهار والأشجار، كثيرة النباتات والحشائش والأشجار، مثل جبال فلسطين، وجبال لُكّام وطبرستان، وغيرها. وأما الكهوف والمغارات والأهوية التي في جوف الأرض والجبال، إذا لم يكون لها منافذ تخرج منها المياه، بقيت تلك المياه هناك محبوسة زماناً، وإذا حمي باطن الأرض وجوف تلك الجبال، سَخِنت تلك المياه ولطفت وتحللت وصارت بخاراً، والاتفعت وطلبت مكاناً أوسع، فإن كانت الأرض كثيرة التخلخل، تحلّلت وخرجت تلك البخارات من تلك المنافذ، وإن كان ظاهر الأرض شديد التكاثف حصيفاً منعها من الخروج، وبقيت محتبسةً تتموج في تلك الأهوية لطلب الخروج، وربما انشقت الأرض في موضع منها، وخرجت تلك الرياح مفاجأةً، وانخسف مكانها، ويُسمع لها دويُّ وهدةٍ وزلزلة. وإن لم تجد لها مخرجاً، بقيت هناك محتبسةً، وتدوم تلك الزلزلة إلى أن يبرد جوتلك المغارات والأهوية، ويغلظ. ومتى تكاثفت تلك البخارات واجتمعت أجزاؤها وصارت ماء، خرَّت راجعة إلى قرار تلك الكهوف والمغارات والأهوية، ومكثت زماناً، وكلما طال وقوفها ازدادت صفاءً وغلظاً، حتى تصير زءبقاً رجراجاً، وتختلط بتربة تلك المعادن، وتتحد بحرارة المعدن دائماً في إنضاجها وطبخها، فتكون منها ضروبٌ من الجواهر المعدنية المختلفة الطبائع كما سنبيّن. وأما على اختلاف مياه العيون والينابيع التي في جوف الأرض وكهوف الجبال، من العذوبة والملوحة والحموضة والعُفوصة الكبريتية منها، والنفطية، والدهنية، وعلة حرارتها في الشتاء، وبردها في الصيف، وما كان على حالةٍ واحدةٍ في جميع الأوقات، فهي بحسب اختلاف ترب بقاعها، وتغييرات أهوية مكانها والعوارض التي تعرض لها، ونحتاج إلى أن نذكر طرفاً من عللها ليكون قياساً على البقية فنقول: أما على حرارة مياه أكثر العيون في الشتاء، وبردها في الصيف، فهي من أجل كون الحرارة والبرودة ضدين لا يجتمعان في مكان واحد، فإذا جاء الشتاء وبرد الجو، فرّت الحرارة فاستجنّت في باطن الأرض، فسخنت تلك المياه التي في باطنها وعمقها، فإذا جاء الصيف وحمي الجو، فرّت البرودة واستجنّت في باطن الأرض، وبردت تلك المياه التي في باطنها وعمقها. وأما علة حرارة بعض العيون في الصيف والشتاء على حالة واحدة فهي أن في باطن الأرض وكهوف الجبال مواضع تربتها كبريتية، فتصير تلك الرطوبات التي تنصب هناك دهنية، وتكون الحرارة فيها راسيةً دائمةً، بينها أوفوقها مياهٌ في جداول وعروقٍ نافذةٍ، فتسخن تلك المياه بمرورها هناك وحواجز عليها، ثم تخرج وتجري على وجه الأرض وهر حارةٌ وحامية، فإذا أصابها نسيم الهواء وبرد الجوبردت، وربما جمدت، إذا كانت غليظةً، وانعقدت وصارت زئبقاً، أورصاصاً، أوقيراً، أونفطاً، أوملحاً، أوكبريتاً، أوبُورقاً، أوشبّاً، أوما شاكل ذلك بحسب اختلاف ترب البقاع وتغييرات الأهوية. وأما علة ملوحة مياه عامة البحار فهي بعناية من الباري، جل ثناؤه، وحكمة إلهية، لما فيه من الصلاح الكلي والنفع العام؛ وذلك أن البخارات المتصاعدة منها في الجو، إذا اختلطت أجزاؤها مع الهواء، وتموجت إلى الجهات، دبغتها وملّحتها، ومنعتها من العفن والتغيير والفساد، فلولا ذلك لهلكت الحيوان المستنشقة للهواء، دُفعة واحدة، وهكذا أيضاً تمتنع ملوحة مياه البحر من أن تأسن أوتتغير، فيكون ذلك هلاك حيوان البحر جملة واحدة. ولهذه العلة أيضاً شدة أمواج البحار في أكثر الأوقات، يختلط أعلاها بأسفلها، وأسفلها بأعلاها، لئلا تغلظ بطول الوقوف غلظاً شديداً، أوتجمد، فتكون أرضاً كلها. ولهذه العلة أيضاً إشراق الشمس والكواكب عليها، وتسخينُها لها، ومنعها من أن تغلظ وتجمد، وكذلك تفعل بالهواء والجوأيضاً، وذلك أنه لولا مطارح شعاعات الكواكب بالليل، لجمد الهواء في المواضع التي لا يطلع عليها الشمس والقمر زماناً كالتي تحت قطب الشمال والجنوب جميعاً. وأما عفوصة مياه بعض العيون فلأنها تجري إليها من مواضع تربها مياهٌ زاجيّةٌ، وهكذا حكم ما كان
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #210
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


طعمه كبريتياً أونفطياً. كبريتياً أونفطياً.
واعلم أن في بعض المواضع يُرى من بعيدٍ، على رؤوس الجبال وبطون الأودية، نيرانٌ وضياءٌ بالليل والنهار، ودخانٌ معتكرٌ ساطعٌ في الهواء ومرتفع في الجو، وعلّته أن في جوف الجبال كهوفاً ومغارات وأهوية حارةً ملتهبةً تجري إليها مياه كبريتية أونفطية دهنية، فتكون مادة لها دائمة، وهي مثل التي بجزيرة صِقِلية وبجبل مزمهر من خوزستان، وفي بعض المواضع جبال تهب عليها رياح لينة دائماً، وجبال تهب عليها رياح باردة في أوقات مختلفة، وهي الجبال التي تكون عليها الثلوج عند ذوبانها، وذلك أنه يتحلل من تلك الرطوبات أجزاءٌ لطيفة تصير بخاراً، وترتفع في الهواء، فيدفعها إلى الجهات الخمس، أوإلى جهة دون جهة، مثل ما يهب في جبل الثلج الذي بدمشق، والذي ببلاد داور من جبال غُور، وجبل دوماند وما شاكلها من الجبال.
فأما الجبال التي تهب منها رياح لينة في دائم الأوقات، فمثل التي ببلاد باميان، وذلك أن هذا الجبل تخرج من أسفله عيون كثيرة، وحوله مروجٌ كثيرة، وتجري إلى تلك المروج أنهارٌ وجداول من غير أن تُرى عليه ثلوج وأمطار، بل تهب منها أبداً أرياح لينة، فهذا دليل على أن في جوف هذا الجبل مغارات وكهوفاً وأهوية باردة مفرطة البرد، تجمد الهواء فيصير ماء، ثم ينصبُّ إلى أسفله، وينزل من مسام ضيقةٍ تجري منها تلك العيون والجداول إلى تلك المروج والبراري والقرر، وبها ينتفع الناس وسائر الحيوان من الوحوش والسباع والأنعام والطير الذي هناك، إذ كان هذا الجبل بعيداً من البحار، ولعلّ الغيوم قلّ ما تصل إلى هناك، لطول المسافة، وإذا تأملت الذي ذكرناه تبيّنتَ عناية الباري، جل جلاله، بتقدير خلقه، وحسن سياسته لهم، وشفقته عليهم، وكثرة ما أزاح من العلل في مرافقهم، وجرّ المنافع إليهم من كل الوجوه المُمكنة من الهيولى المتأتي فيها أفعاله.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #211
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل واعلم أن الأودية والأنهار
أكثرها تبتدئ من الجبال والتلال،
وتمرّ في جريانها نحوالبحار والآجام والغُدران، والبطائح والبُحيرات، فمنها ما هوأنهار طوالٌ، جريانها من المشرق إلى المغرب كنهر مأوند من سجِستان، فإنه يبتئ من جبال باميانَ وجبال غُور، ويمرّ نحوالمغرب إلى تُربة كَرمان ثم إلى بحر هُرمُزَ. ومنها ما يمرّ في جريانه نحوالمشرق كالأرس والكرس، وهما نهران ببلاد أذربيجان، ابتداؤهما من جبال الروم، ويمران متوجهين نحوالمشرق إلى بحر طبرستان، فينصبّان فيه. ومنها ما جيرانه من الجنوب إلى الشمال نحونيل مصر، فإنه يبتدئ من جبال القمر من وراء خط الاستواء، ويمر في جريانه متوجهاً نحوالشمال، إلى أن ينصب في بحر الروم. ومنها ما يكون جريانه من الشمال إلى الجنوب مثل دجلة، فإنها تبتدئ من جبال نصِيبين، وتمر في جريانها إلى الجنوب ثم تنصبّ إلى بحر فارس بعبّادان. ومنها ما يكون جريانه متوجهاً في إحدى نكباواتٍ مثل جيحون خراسان والفرات، وذلك أن جيحون يبتدئ من جبال صَنعانيان، ويمرّ متنكِّباً للغرب والشمال، وينصب إلى بحر بشمال بلاد خوارزم، والفرات يبتدئ من جبال الروم ويمر متنكّباً للمشرق والجنوب، وينصب إلى بحر فارس من عبّادان. وعلى هذا المثال سائر الأنهار في الجريان.
وأما علة مدود أكثر الأنهار التي جريانها من الشمال إلى الجنوب في أيام الربيع، فهي من أجل الثلوج إذا كثرت في الشتاء على رؤوس الجبال الشمالية، ثم حمي الجوبقرب الشمس من سمتها، ذابت تلك الثلوج وسالت منها الأودية والأنهار.
وأما علة مد نيل مصر في أيام الصيف فهومن أجل أن هذا النهر يجري من الجنوب إلى الشمال، ومبدأ جريانه من وراء خط الاستواء، حيث يكون الشتاء عندنا، ويكون صيفاً هناك، وفي الصيف عندنا يكون الشتاء هناك، فتكون في ذلك الوقت كثرة الأمطار هناك. ولهذه الأنهار عطافاتٌ وعراقيل يطول شرحها وشرح علتها، وهي تسقي في جريانها السَّوادات والمزارع والمدن والقرى، وما يفضُل من مياهها ينصب إلى البحار والآجام والبطائح والبحيرات، ويمتزج بمياهها، عذبةً كانت أومالحة. فإذا أشرقت عليها الشمس والكواكب سخّنتها، وحميت ولطفت وتحللت وصارت بخاراً، فارتفعت في الهواء، وتموّجت إلى الجهات، ويكون منها الرياح والغيوم والضباب والطّل والندى والصقيع والأنداء والثلوج والبرَد على رؤوس الجبال والبراري والعُمران والخراب.

وأما الأمطار التي تكون على رؤوس الجبال فإنها تَغِيضُ في شقوق تلك الجبال وخَلَلها، وتنصب إلى مغارات وكهوف وأهوية هناك، وتمتلئ وتكون كالمخزونة، ويكون في أسفل تلك الجبال منافذ ضيقة تمر منها تلك المياه، وتجري وتجتمع وتصير أوديةً وأنهاراً، وتذوب تلك الثلوج على رؤوس تلك الجبال، وتجري إلى تلك الأودية، وتمرّ في جريانها راجعة نحوالبحار، ثم تكون منها البخارات والرياح والغيوم والأمطار كما كان في العام الأول و"ذلك تقدير العزيز العليم".
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #212
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل وإذ قد فرغنا من ذكر صورة الأرض
ووصف البحار والبراري والجبال، واختفى تُرب البلاد ومياهها، فنريد أن نذكر هذا هُنا طرفاً من أسرار المعادن، فنقول إنه ليس جبلٌ من الجبال، ولا بحر، ولا تربة، ولا جزيرة، ولا نهر، ولا بُقعة، ولا بلد من الأرض، ولا صغيرةٍ ولا كبيرةٍ، لا ظاهرها ولا باطنها، إلاّ ولها خاصية ليست لأُخرى، أوعدة خواص، فمن خاصية بلدٍ بلدٍ، أوبقعةٍ بقعةٍ، أنه تتكون هناك ضروبٌ من الجواهر المعدنية، أوعدة ضروب، أوينبُت نوع من النبات، أويتولد جنس من الحيوان لا يتكوّن في بلد آخر، ولا ينبت في بقعةٍ أُخرى، ولا يتولّد إلاّ هناك، مثال ذلك أنه لا تتولد الفيلة إلاّ في جزائر البحار الجنوبية، تحت مدار برج الحمل، وكذلك الزرافة لا تولد إلاّ في بُلدان الحبشة، والسَّمُّورُ والسِّنجاب وغزال المسك لا يتولد إلاّ في البراري الشرقية الشمالية، وأما الصقور والبزاة والنسور ما شاكلها من أنواع الطيور فإنها لا تُفرِخ إلاّ في رؤوس الجبال الشاهقة؛ والقَطا والنَّعام لا يُفرِخ إلاّ في البراري والفلوات، والبُطوط والطيِّطوى وأمثالهما لا تُفرخ إلاّ على الشطوط وسواحل البحار والبطايح والآجام؛ والعصافير والفواخت والقَماريّ وأمثالها من الطيور لا تفرخ إلاّ بين الأشجار والدِّغال والقرى والبساتين. وعلى هذا المثال حُكم النبات فإن النخل والموز لا ينبتان إلاّ في البلاد الحارة والأراضي الليّنة، والجوز واللوز والفستق والبندق وأمثالها لا تنبت إلاّ في البلاد الباردة؛ والحُلبَة ةالدُّلب وامّ غيلان في البراري والقفار؛ والقصب والصَّفصاف على شطوط الأنهار. وعلى هذا حكم سائر النبات. وهكذا أيضاً حكم الجواهر المعدنية، لكل نوع منها بُقعة مخصوصة، وتربة معروفة، لا تتكون إلاّ هناك كالذهب، فإنه لا يتكون إلاّ في البراري الرملية، والجبال والأحجار الرخوة؛ والفضة والنحاس والحديد وأمثالها لا تتكون إلاّ في جوف الجبال والأجحار المختلطة بالتربة اللينة؛ والكبريت لا يتكون إلاّ في الأراضي الندية، والترب اللينة، والرطوبات الدهنية؛ والقُلقُطار والأكلاح لا ينعقد إلاّ في الأرض السبخة والبقاع المشروجة؛ والجص الإسفِيذاج لا يتكونان إلاّ في الأرض الرملية المختلط ترابها بالحصى؛ والزاجات والشُّبوب لا تتكون إلاّ في الترب العَفِصة القَشِفة. وعلى عذا القياس حكم سائر أنواع الجواهر المعدنية.
فصل واعلم أن الجواهر المعدنية كثيرة الأنواع

لا يحصي عددها إلاّ الله تعالى، ولكن منها ما يعرقه الناس، ومنها ما لا يعرفونه، وقد ذكر بعض الحكماء ممن كانت له عناية النظر في هذا العلم والبحث عن هذه الأشياء، أنه قد عرف وعدّ منها نحوتسعمائة نوعٍ، كلها مختلفة الطباع والشكل واللون والطعم والرائحة والثقل والخفة، والمضرة والنفع. ونريد أن نذكر منها طرفاً ليكون دلالةً على الباقية وقياساً عليها، فنقول إن من الجواهر المعدنية ما هوحجريٌّ صُلبٌ، لكن يذوب بالنار، ويجمد إذا برد، مثل الذهب والفضة والنحاس والحديد والأُسرب والرصاص والزجاج وما شاكلها. ومنها ما هي صلبة حجرية لا تذوب إلاّ بالنار الشديدة، ولا تنكسر إلاّ بالماس، كالياقوت والعقيق. ومنها ترابي رخولا يذوب ولكن ينفرك، طالأملاح والزاجات والطلق. ومنها مائية رطبة تقرّ من النار كالزئبق. ومنها هوائي دُهنيّ تأكله النار كالكبريت والزَّرانيخ. ومنها نباتي كالمرجان الأبيض والأحمر. ومنها حيواني كالدُّرّ. ومنها طلٌّ منعقد كالعنبر والبازَهْرات؛ وذلك أن العنبر إنما هوطلّ يقع على سطح ماء البحر، فينعقد كالعنبر في مواضع مخصوصة في زمان معلوم، وكذلك البازهرات أيضاً فإنه طلّ يقع على بعض الأحجار، ثم يرسخ في خللها وينعقد هناك في بقاعٍ مخصوصة في زمان معلوم، كما أن الزنجبيل إنما هوطلّ يقع على نوع من الشوك بخراسان، وهكذا اللكُّ يقع على نبت مخصوص في زمان معلوم، ويتعقد عليه؛ وكذلك الدُّرُّ فإنه طلّ يرسخ في أصداف نوعٍ من الحيوان البحري، ثم يغلظ ويجمد وينعقد فيه؛ وكذلك الموميا طلّ يرشَح في خلل صخورٍ، ثم يغلظ هناك، ثم يصير ماءً، ثم يبرز من مسامّ ضيقة ويجمد وينعقد؛ والطلّ هورطوبة هوائية تجمد من برد الليل وتقع على النبات والحجر والشجر والصخور. وعلى هذا القياس حكم جميع الجواهر المعدنية، فإن مادّتها إنما هي رطوباتٌ مياه وأنديةٌ وبخاراتٌ تنعقد بطول الوقوف وممرّ الزمان في البقاع المخصوصة لها. فقد تبين بما ذكرنا أن الجواهر المعدنية مركبة كلها مع اختلاف أنواعها وطبائعها وألوانها وطعومها وروائحها وثقلها وخفّتها وصلابتها ورخاوتها ولينها وخشونتها وخواصها ومنافعها ومضارها، مركبةٌ كلها ومؤلفةٌ من أجزاء ترابية صلبة ثقيلة مظلمة مُشفّة؛ومن أجزاء مائية رطبة سيالة صافيةٍ بين الثقل والخفة؛ ومن أجزاء هوائية خفيفة ليّنة دُهنية صافية نيّرة؛ ومن حرارة قوية أوضعيفة مُنضجة أومُقصِّرة؛ ومن تأليفٍ على نسبة فاضلة أودون من النسب التأليفية، وهي اثنتا عشرة مرتبة مضروبةً في أربع طبائع، وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، جملتُها ثمانٍ وأربعون مرتبةً؛ هذا هوالطول مضروباً في نفسه يكون ألفين وثلثمائة وأربعة. هذا هوالعرض مضروباً في جذره 111072؛ هذا هوالمكعّب آحادٌ، ونحتاج أن نشرح هذا الباب لأنه أصلٌ في معرفة كيفية تكوين المعادن.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #213
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل اعلم يا أخي أن تلك
الرطوبات المختنقة في باطن الأرض والبُخارات المُحتبسة هناك إذا اختوت عليها حرارة المعدن تحللت ولطفت وخفّت وتصاعدت عُلواً إلى سقوف تلك الأهوية والمغارات ومكثت هناك زماناً.
وإذا برد باطن الأرض في الصيف جمدت وغلظت وتقاطرت راجعة إلى أسفلتلك الأهوية والمغارات، واختلطت بتربة تلك البقاع وطبنها، ومكثت هناك زماناً، وحرارة المعدن دائماً في نضجها وطبخها، وهي تصفوبطول وقوفها وتزداد ثقلاً وغلظاً، وتصير تلك الرطوبات بما يخالطها من الأجزاء الترابية وما يأخذ من ثقلها وغلظها وإنضاج الحرارة وطبَخها إياها زئبقاً رَجْراجاً، وتصير تلك الأجزاء الهوائية الدهنية، وما يتعلّق بها من الأجزاء الترابية بطبخ الحرارة لها بطول الزمان، كبريتاً محترقاً.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #214
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فإذا اختلطت أجزاء الكبريت والزئبق مرة ثانية، تمازجت واختلطت واتحدت، والحرارة دامةٌ في نضجها وطبخها فتنعقد عند ذلك ضروب الجواهر المعدنية المختلفة، وذلك أنه إذا كان الزئبق صافياً والكبريت نقياً، واختلطت أجزاؤهما، وكانت مقاديرُهما على النسبة الأفضل، واتحدت وامتصت الكبريتية رطوبة الزئبق، ونشّفت نداوته، وكانت حرارة المعدن على الاعتدال في طبخها ونضجها، ولم يعرض لها عارضٌ من البرد واليبس قبل إنضاجها، انعقد من ذلك على طول الومان والذهب والإبريز؛ وإن عرض لها البرد قبل النضج، انعقدت وصارت فضة بيضاء؛ وإن عرض لها اليبس من فرط الحرارة وزيادة الأجزاء الأرضية، انعقدت فصارت نحاساً أحمر يابساً؛ وإن عرض لها البرد قبل أن تتحد أجزاء الكبريت والزئبق قبل النضج، انعقد منها رصاصٌ قَلَعيٌّ؛ وإن عرض لها البرد قبل النضج، وكانت الأجزاء الترابية أكثر، صارت حديداً أسود؛ وإن كان الزئبق أكثر والكبريت أقل، والحرارة ضعيفة، انعقد منها الأُسرُبُ؛ وإن انفرطت الحرارة فأحرقته، صار كُحلاً، وعلى هذا القياس تختلف الجواهر المعدنية بأسبابٍ عارضةٍ خارجةٍ عن الاعتدال وعن النسبة الأفضل من زيادة الكبريت والزئبق ونقصاهما، وإفراط الحرارة أونقصانها، أوبَردِ المعدن قبل نضجها أوخروجها عن الاعتدال. فعلى هذا القياس حكم الجواهر المعدنية الترابية.
وأما الجواهر الحجرية مثل البلّور والياقوت والزَّبَرجَد والعقيق وما شاكلها من التي لا تذوب بالنار، فإنها تنعقد من مياه الأمطار والأنداء التي ترشح في تلك المغارات والكهوف والأودية التي من الجبال الصلدة والأحجار الصُّلبة، ولا يخالطها شيء من الأجزاء الترابية والطين، بل بطول الزمان كلما طال وقوفها هناك، ازدادت المياه بقاءً وثقلاً وغِلظاً، وحرارة المعدن دائماً في نُضجها وطبخها، حتى تنعقد وتصير حجارة صُلبةً صافيةً، وتكون ألوانها وصفاؤها ورزانتها بحسب أنوار الكواكب المُتولية لذلك الجنس من الجواهر، ومطارح شعاعاتها على تلك البقاع المختصّة، كما سنبين في رسالة النبات. وذلك أن لون الياقوت الأصفر ةالذهب الإبريز، ولون الزّعفران وما شاكلها من النبات منسوبةٌ إلى نور الشمس وبريق شعاعاتها، وكذلك بياض الفضة والملح والبلور والقطن والثلوج وما شاكلها من ألوان النبات منسوبٌ إلى نور القمر وبريق شعاعه، وعلى هذا القياس سائر الأوان من كل نوع منسوبةٌ إلى كوكب من الكواكب السيارة والثابتة، وذكورٌ ذلك في كتب أحكام النجوم كما قيل إن السواد لزحل، والحُمرة للمريخ، والخُضرة للمشتري، والزُرقة للزهرة، والصُفرة للشمس، والبياض للقمر، والمُتلوِّن الألوان لعطارد.
وأما حكم الجواهر الترابية في كيفية تكةينها فهي أن تلك المياه إذا اختلكت بتُربة البقاع وعملت فيها حرارة المعدن، تحل أمثر تلك الرطوبات، وتصير بخاراً يرتفع في الهواء كما ذكرنا قبل، وما بقي منه يكون محبوساً ملاوماً للأجزاء الأرضية، متحداً بها، عمِلت فيها الحرارة وأنضجتها وطبختها، حتى تغلظ وتنعقد، فإن تكن تربة تلك البقاع مشورجة سبخة، تكونت منها ضروب الأملاح والبوارق والشبوب. وإن تكن تربة البقاع عفِصة، انعقدت منها ضروب الزاجات الخضر والصفر، والقُلقُطار وهوجنس من الزاج وما شاكلها. وإن تكن تربة البقاع حصاةً وتراباً ورمالاً مختلطة، انعقد منها الجص والإسفيذاج وما شاكلها. وإن تكن تربة البقاع تربة لينة وطيناً حرّاً، انعقدت منها الكمأة، ونبتت منها ضروب العشب والحشائش والكلإ والأشجار والزروع
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #215
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل واعلم يا أخي أن
النار هي كالقاضي بين الجواهر المعدنية،

المتحكم فيها كلها والمفرِّق بينها وبين ما كان من غير جنسها، فأشرفُها هي التي لا تقدر النار على أن تفرِّق بين أجزائها، مثل الذهب والياقوت، وذلك لشدة اتحاد أجزائها بعضها ببعضٍ، فإنه ليس بين خلل أجزائها رطوبةٌ. وأما احتراق بعض الجواهر المعدنية، وأكل النار لها، وسرعة اشتعالها فيها، كالكبريت والزرنيخ والقير والنفط وما شاكلها من المعدنيات، فهي من الأجزاء الهوائية الدهنية المتعلقة بالأجزاء الترابية، غير متحدة بها، والأجزاء المائية قليلة معها، وهي غير نضجةٍ أيضاً ولا متحدة بها، فإذا أصابتها حرارة النار ذابت بسرعة، وتحللت وصارت دخاناً وبخاراً، وفارقت الأجزاء الترابية، وارتفعت في الهواء، واختلطت به، وتفرّقت بين أجزاء الهواء. وأما إذا قيل: ما العلة في أن الذهب يذةب ولا يحترق، والياقوت لا يذوب ولا يحترق، فنقول: إن علة ذوبان الذهب هي من الرطوبة الدهنية المتحدة بالأجزاء الترابية، فإذا أصابتها حرارة النار ذابت ولانت الأجزاء الأرضية التي معها، وأما ما لم يحترق فمن أجل الأجزاء المائية المتحدة بالأجزاء المائية المتحدة بالأجزاء الترابية والهوائية، فإنها تقابل النار وتدفع عن جسدها الترابي وهج النار ببرْدها ورطوبتها، فإذا خرجت من النار جمدت تلك الأجزاء الهوائية الدهنية، وغلظت الأجزاء المائية وانعقدت، وصارت الأجزاء الأرضية كما كانت؛ وعلى هذا القياس سائر الأجسام الترابية. وأما الياقةت فلأنه أجزاء مائية وصفت بطول الوقوف بين الصخور، وأُنضجت بدوام طبخ حرارة المعدن لها، واتحدت أجزاؤها ويبست، فصارت لا تذوب بالنار، لأنه ليس فيها رطوبة دهنية. وأما علة صفائه فمن أجل أنه ايس فيه أجزاءٌ ترابية مظلمةٌ، بل كلها أجزاءٌ مائية قد غلظت وصفت ونضجت وجمدت ويبست، فلا تقدر النار على تفريق أجزائها لشدة اتحادها ويبسها. وأما سرعة ذوبان بعض الأجسام واحتراقها، مثل الرصاص والأُسرب، فهومن أجل أن الأجزاء المائية والهوائية غير متحدة بالأجزاء الترابية. وأما سوادها فمن أجل أنها غير نضجة وثقلها من أجل كثرة الأجزاء الأرضية فيها، والله أعلم.
خواص الجواهر فصل واعلم يا أخي أن لهذه الجواهر خواص كثيرةً، وطباعها مختلفة: فمنها مُتضادة متنافرة، ومنها متشاكلة متآلفة، ولها تأثيراتٌ بعضهافي بعض، إما جذباً أوإمساكاً أودفعاً أونفوراً، ولها أيضاً شعورٌ خفيّ وحسّ لطيف كما للنبات والحيوان، إما شوقاً ومحبة، وإما بغضاً وعداوة، لا يعلم كُنه عللها إلاّ الله تعالى. والدليل على صحة ما قلنا وحقيقة ما وصفنا، قول الحكماء في كتاب الأحجار ونعتُهم لها أن طبيعةً تألف طبيعةً، وطبيعةً تُناسب طبيعةً أُخرى، وطبيعةً تلصق بطبيعة، وطبيعة تأني بطبيعة، وطبيعة تقهر طبيعة، وطبيعة تقوى على طبيعة، وطبيعة تضعُف عن طبيعة، وطبيعة تُلهب طبيعة، وطبيعة تحب طبيعة، وطبيعة تطيب مع طبيعة، وطبيعة تفسد مع طبيعة، وطبيعة تبيّض طبيعة، وطبيعة تحمّر طبيعة، وطبيعة تهرب من كبيعة، وطبيعة تهرب من طبيعة، وطبيعة تُبغض طبيعة، وطبيعة تمازج طبيعة.
فأما الطبيعة التي تألف طبيعة أُخرى فمثل الألماس والذهب، فإنه إذا قَرُب من الذهب التصق به وأمسكه. ويقال إن الألماس لا يوجد إلاّ في معدن الذهب، وفي وادٍ من ناحية المشرق؛ ومثل طبيعة حجر المغناطيس في جذب الحديد، فإن هذين الحجرين، يابسين صُلبين، بين طبيعتهما أُلفةٌ واشتياقٌ، فإنه إذا قَرُب الحديد من هذا الحجر حتى يشتم رائحته، ذهب إليه والتصق به، وجذبه الحجر إلى نفسه، ومسكه كما يفعل العاشق بالمعشوق. وهكذا يفعل الحجر الجاذب للحم، والحجر الجاذب للشعر، والحجر الجاذب للظُّفر، والحجر الجاذب للتِّبن. وعلى هذا القياس ما من حجرٍ من الأحجار المعدنية إلاّ وبين طبيعته وبين طبيعة شيءٍ آخر أُلفة واشتياق، عرف الناس ذلك أم لم يعرفوه.
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2006   #216
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


واعلم أن مثل مُقابلة أفعال هذه الأحجار بعضها في بعض يكون مثل تأثيرات الدواء في العضوالعليل، وذلك أن من خاصية كل عضوعليل اشتياقاً إلى طبيعة الدواء المُضاد لطبيعة العلة التي به، فإذا حصل الدواء بالقرب من العضوالعليل، أحسّ به، وجذبته القوة الجاذبة إلى ذلك العضو، وأمسكته الماسكة، واستعان بالقوة المدبرة بطبيعة الدواء على دفع طبيعة العلة المؤلمة، وقويت عليها وغلبتها، ودفعتها عن العضوالعليل، كما يستعين ويدفع المحارب والمخاصم بقوة من يُعينه على خصمه وعدوِّه، في دفعه عن نفسه. وهذه من إتقان حكمة الله، جل جلاله، وعجيب صُنعه، ولطيف تدبيره بخلقه من الحيوان، وحسن سياسته له، إذ جعل لكل داءٍ وعارضٍ دواءً شافياً، ثم ألهمه إياه، كما ذكر الله تعالى حكايةً عن موسى، عليه السلام، لما قال له فرعون ولأخيه هارون: "فمن ربُّكما يا موسى؟ قال: ربُّنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى." يعني خلقه وصوّره وعرّفه منافعه ومضارّه، وقوّاه وأعانه وحفظه ورعاه ودبّره وساسه كما شاء وكيف شاء، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وأما الطبيعة التي تقهر طبيعةً أُخرى فمثل طبيعة السُّنباذَج التي تأكل الأحجار عند الحك أكلاً، وتُليّنها وتجعلها مُلساً؛ ومثل طبيعة الأُسرب المسخ الذي يُفتت الماس القاهر لسائر الأحجار الصلبة، وذلك أن الماس لا يقهره شيء من الأحجار وهوقاهرٌ لها كلها، لوأنه تُرك على السَّندان وطُرق بالمطرقة لدخل في أحدهما ولم ينكسر، وإن جعل بين صفحتين من أُسرب وضُغط عليها تفتت. ومثل طبيعة الزئبق التيّار الرطب القليل الصبر على حرارة النار، إذا طُليت به الأحجار المعدنية الصلبة مثل الذهب والنحاس والفضة، أوهنها وأرخاها، ختى يمكن أن تُكسر بأسهل سعي تُفتت قطعاً قطعاً، ومثل الكبريت المنتن الرائحة، المُسوِّدِ للأحجار النيرة البراقة، المُذهب لألوانها وأصباغها، يمكِّن النار منها، حتى تحترق في أسرع مدة. والعلة في ذلك أن في الكبريت رطوبة دهنية لزجةً جامدةً، فإذا أصابته حرارة النار، ذاب والتصق بأجساد الأحجار ومازجها، فإذا تمكّنت النار فيه احترق وأحرق معه تلك الأجساد، ياقوتاً كانت أم ذهباً أم غيرهما.
وأما الطبيعة التي تُزيّن طبيعة أُخرى وتُنوِّرها فمثل النوشادر الذي يغوص في قعر الأحجار ويَغسلها من الوسخ.
وأما الطبيعة التي تُعين طبيعة أُخرى فمثل البورق الذي يُعين النار على سرعة سبك هذه الأحجار المعدنية الترابية، ومثل الزاجات والشبوب التي تجلوها وتنورها وتصبغها، ومثل المينا والقِلى والمُعينان على سبك الرمل وتصفيته، حتى يكون زجاجاً شفافاً. وعلى هذا القياس والمثال حُكم سائر الأحجار المعدنية في تأثيرات بعضها في بعض. فأما تأثيراتها في أجسام الحيوان فقد ذُكِر في كتب الأدوية والطب والعقاقير.
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 00:25 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.41314 seconds with 12 queries