ما بين عقليتين .. النظام السوري والمعارضة

[yass]

بقلم: ناصح أمين *



بعد هذه المسيرة الطويلة للنظام السوري التي امتدت لأكثر من أربعين عاماً، ورغم تبدل شخصية الحاكم، فاننا نجد هذا النظام يسير في نفس المنهج ويفكر بنفس العقلية (استبداد - طغيان- استئصال - إقصاء - تضييق - تهميش)، ويحظر على الانسان عقلاً وتفكيراً وسلوكاً، وكل صاحب رأي حر فهو إما متهم أو مطارد أو معتقل أو هو مشروع اعتقال بموجب قانون الطوارئ والأحكام العرفية.

وان كل من يفكر في الانعتاق من حالة الاستبداد والطغيان التي تعيشها سورية فليس أمامه إلا إحدى الحالات المذكورة أعلاه وقد يضاف اليها شيء جديد هو الانضمام إلى جوقة المطبلين والمزمرين للنظام أو ينضم إلى أصحاب البدعة الجديدة جماعة الليبراليين الذين جمدوا نشاطهم لمجرد اعتقال بعض نشطائهم.

إن هذا النظام يعيش حالة من الشذوذ. فرغم كل الإشارات إليه على أنه مصدر الشر للشعب وأنه وصل إلى مرحلة العجز وسن اليأس وأنه نظام غير شرعي؛ يكابر ويدعي أنه صبية بنت أربعة عشر، وأن حالته الصحية والجسدية تمكنه من الإنجاب. وليثبت صحة ما يدعيه تراه يوسع من دائرة القمع والاستبداد والتضييق ليغطي عجزه وفشله الذريع الذي استشرى على كل المستويات.

رغم كل الإشارات لم يدرك هذا النظام أنه وصل إلى حافة الافلاس والانهيار وأنه آن الأوان له أن يقدم استقالته فيرتاح ويريح الشعب من شروره، لكنها عقلية المستبد والمتكبر.

وفي المقابل عندما ننظر إلى تيارات المعارضة بكل أطيافها وألوانها؛ نجد سطحية في التعامل مع هذا النظام وقد انسحبت من المواجهة الحقيقية مع هذا النظام، فلم تعد قادرة على تحقيق الحريات المشروعة وما عادت تمارس أي ضغط يُذكر. فمنذ دخول العهد الجديد وسورية مرت بأحداث جسام من تضييق وتهميش واعتقالات ووأد للمجتمع المدني؛ فلم تسجل هذه المعارضة سوى بيانات شجب واستنكار لا تسمن ولا تغني من جوع، حتى أضحت تستحق بكل جدارة لقب بطل الموسم لدوري بطولة المعارضة الموسمية.

إن السكوت المزري للمعارضة عن كل ما يحصل يقوي حصارها من قبل النظام ويهمش دورها وينطبق عليها ما قاله القس "مارتن نيموللر" من الكنيسة الألمانية: جاءوا بحثاً عن الشيوعيين ولم أحتج لأنني لست شيوعياً، ثم جاءوا بحثاً عن الاشتراكيين ولم أحتج لأنني لست اشتراكياً، ثم جاءوا بحثا عن قيادات العمل فلم أعترض لأنني لست منهم، وأخيراً جاءوا يبحثون عني فلم يبقَ من يحتج ويدافع عني!

_________

* كاتب سوري - برلين