أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 19/11/2007   #19
شب و شيخ الشباب باشق مجروح
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ باشق مجروح
باشق مجروح is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
مشاركات:
5,511

إرسال خطاب MSN إلى باشق مجروح إرسال خطاب Yahoo إلى باشق مجروح
افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : Moonlights عرض المشاركة
شكراً لك ولي عندك طلب ومن الجميع :
أرجو من جميع الأعضاء المهتمين بوضع أعمال أدبية أو أي كتاب في المكتبة أن يصرّحوا بذلك كي لا تذهب جهود أي عضو سدى , أعني ربما يوجد أكثر من عضو يعمل لرفع كتاب ما على الموقع
وشكراً
عفوا أنا ما فهمت قصدك يعني وين بدي صرح بهالشي..

صديقي الله .
لا أحسدك على معرفتك مصير كل منا .
لأنك قد تبكي على مصير حزين بينما صاحبه سهران يضحك.
وتعرف الفرح قبل وقوعه فلا ترى مثلنا لذة المفاجأة.
....
  رد مع اقتباس
قديم 19/11/2007   #20
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


شكرا كتير كتير كتير
عالنقل

وتم دمج الموضوع هون ...
مشان السهولة

انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
قديم 19/11/2007   #21
شب و شيخ الشباب باشق مجروح
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ باشق مجروح
باشق مجروح is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
مشاركات:
5,511

إرسال خطاب MSN إلى باشق مجروح إرسال خطاب Yahoo إلى باشق مجروح
افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : butterfly عرض المشاركة
شكرا كتير كتير كتير
عالنقل

وتم دمج الموضوع هون ...
مشان السهولة
ولا يهمك بتمنى تقري القصة ما رح تاخد من وقتك كتير
  رد مع اقتباس
قديم 19/11/2007   #22
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي


في هذا المكان بالضبط
أنا الأن أقوم بإعداد مجموعتها القصصية /ضجيج الجسد / للرفع على الموقع

وشكراً

We ask the Syrian government to stop banning Akhawia and all Syrian sites

القمر بيضوّي عالناس
والناس بيتقاتلوا .
  رد مع اقتباس
قديم 19/11/2007   #23
شب و شيخ الشباب باشق مجروح
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ باشق مجروح
باشق مجروح is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
مشاركات:
5,511

إرسال خطاب MSN إلى باشق مجروح إرسال خطاب Yahoo إلى باشق مجروح
افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : Moonlights عرض المشاركة
في هذا المكان بالضبط
أنا الأن أقوم بإعداد مجموعتها القصصية /ضجيج الجسد / للرفع على الموقع

وشكراً
يعطيك العافية أنا من معجبينها
وايدي بايدك
  رد مع اقتباس
قديم 07/12/2007   #24
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي صعقة حب د. هيفاء بيطار


التقته في نيويورك, أثناء زيارتها لأختها, كنت وحدي أعرف سبب سفرها وأشجعها عليه, شفاء من حب عشش في روحها طويلاً وانتهى بالغدر, حاولت أن أقنعها دوماً بأن الحب الذي ينتهي بالغدر ر يصح أن يسمى حباً على الإطلاق, وكانت تجيبني وسط دموعها: كيف سأتخلص من مخزون سنتين ونصف من الذكريات الرائعة؟ فأقول لها باستخفاف أحاول جاهدة توصيله كاملاً إليها: أنت تبالغين, بالتأكيد ليست ذكريات رائعة, لأنها زائفة, فحبيبك لم يستحق حبك وإخلاصك بل تخلى عنك في أول فرصة ليبيع نفسه لفتاة ثرية تختصر أمامه سنوات من الكفاح.
ما كانت تخجل أن تبوح أمامي بكل شيء, فأنا صديقة الطفولة والشباب والدراسة, كانت تتمنى لو يترك خطيبته الثرية ويعود إليها, ستغفر له, وكان ضعفها يغضبني, خلافنا الحاد كان حول مفهوم الكرامة في الحب, كنت أثور عليها وأصرخ قائلة: كيف تقبلين الرجوع إليه إذا ترك خطيبته؟ فترد بانكسار, كل واحد معرض للغواية, المحب هو الذي يغفر, واحتد قائلة: هناك أخطاء غير قابلة للغفران, لأنها تكشف معدن الشخص, واختياره وقيمه, خطيبك لم يخطئ بحقك من غير قصد بل اختار المال, تركك من أجل فتاة ثرية.
تقول باستسلام : معك حق, ولكن, يختنق صوتها وتهمس: أنا أحبه.
طوال حياتي لم استطع فهم الحب كمرض, الحب يجب ألا يكسر فينا الكرامة والمشاعر الجميلة يجب ألا يحني رقابنا ويحرق عيوننا بالدموع, وحين اقترحت عليها أن تتخلص من صورهما ورسائلهما لتساعد نفسها على النسيان, رفضت, وقالت: لا أستطيع تمزيق سنتين من حياتي.
كتبت لي في الطائرة بأنها لم تتوقف عن البكاء في الجو, وبأنها ندمت كونها سمعت نصيحتي وسافرت, ليس أصعب من اصطحاب جراحنا الطازجة في أسفارنا, قالت إن ألمها يسلخها عن إحساسها بكل شيء جميل, وبأنها تحار كيف ستقضي تلك الأسابيع مع أخيها في نيويورك.

وصلتني رسالتها بعد عشرة أيام من سفرها, ماذا عساني أقول أكثر مما قلت لها, قررت ألا أرد على رسالتها, فقد تحمل كلماتي رائحة حبها المغدور, تشعرها أكثر بسخونة ذكرياتها الملتهبة التي كنت وسيطة في قسم كبير منها, كنت أومن أن أفضل طريقة للنسيان هي أن يقذف الإنسان بنفسه في جو جديد وغريب, دون شفقة على روحه, يترك الأمواج تتقاذفه فإما أن يشفى ويكون جديراً بالحياة الجديدة أو ينهار.

بعد ثلاثة أسابيع من سفرها, تلقيت منها هاتفاً أيقظني قبل الفجر.

هوى قلبي وأنا أسمع صوتها, حاصرتني عشرات الاحتمالات السيئة, اعتذرت مني على الإزعاج, وأسرعت تطمئنني أنها بحالة ممتازة, وبأنها التقت بالشاب الذي يستحقها, حدثتني عنه, صديق لأخيها طبيب أمراض عصبية, مغترب في نيويورك منذ عشر سنين, قالت بأنها التقته ليلة وصولها, وبأن لقاءاتهما تكررت وصارحها برغبته بالارتباط بها, قالت بأنها لم تستطع منع نفسها عن شكري, لأنني كنت السبب الرئيسي في سفرها.

لم تنسَ أن تطمئن عليّ, وأن ترسل سلامها الحار لخطيبي الذي أصبحت تربطها به صداقة بسبب متانة صداقتنا.

مددت إقامتها في نيويورك أسبوعين آخرين, وحين عادت كانت مختلفة تماماً, مشرقة , هائجة بالسعادة, تعجز عن ضبط ابتسامتها, متفائلة لأنها اكتشفت إكسير السعادة الأبدية, وحين حاولت أن أجسّ ندبة حبها القديم قالت ضاحكة: أحس أنه بعيد بعيد, لكأنني انفصلت عنه منذ سنوات.

كانا قد اتفقا على الخطبة والزواج والعيش الدائم في نيويورك, وكانت سعادتها تفيض فتفاجئني بقبلات طائشة وهي تقول: صدري لا يتسع لتلك السعادة, أكاد لا أصدق ما حصل معي.

بذرة شك ظلت تنخر في عقلي, شيء ما في قصة صديقتي لا يقنعني, ترى ما هو؟ ألا يحتمل أن تكون عواطفها العاصفة تجاه حبيبها الجديد كتعويض عن فشل حبها القديم الذي لم تترك لذاكرتها فرصة لنسيانه, وهل هو أحبها حقاً, أم يبحث عن زوجة من بلده؟

هل تقصدت أن تخفي عني موعد وصوله, وأرادت أن تفاجئني بحضوره في مكان عملي, كغرامها الدائم بالمفاجآت, كنت أجلس وراء طاولة مكتبي أدقق في قياسات الطرق التي أجريتها الأسبوع الماضي مع طاقم المكتب الهندسي, حين أطلت كعادتها مشرقة تسبقها رائحة عطرها الكثيفة, قالت وهي تتأبط ذراع شاب طويل نحيل: أقدمه لك, عدنان, التفتت إليه وقدمتني له: مناة صديقتي المفضلة.

تصافحنا بآلية, لكن عيوننا اشتبكت بنظرة طويلة, عجزنا عن فكها, نظرة تجسدت للحال بشكل طوق محكم, أطبق علينا ووقعنا أنا وهو أسيرين فيه, أحسست ما يشبه الصعقة وأنا أنظر إليه, أظنه عانى من الإحساس ذاته, لأنه لم يستطع إخفاء تعكر صفحة وجهه, والاحمرار المفاجئ والشديد في أذنيه, قلت ما يجب قوله: أهلاً! تفضلا بالجلوس.

كنت شهدت ولادة زخم من المشاعر المباغتة في نفسي لا أعرف سببها, كيف حرّض بي هذا الرجل تلك الفتن كلها؟ لماذا تزلزلت الأرض الميتة تحت قدمي؟ لماذا انهارت فجأة الحصون والحدود كلها بيني وبين هذا الغريب, فغدونا شجرتين عاريتين متقابلتين غير آبهتين بالرياح والصواعق, والفؤوس التي تهدد الجذوع والأغصان بالبتر.

أنا التي كنت أباهى بدقة اختياراتي, وبذالك الانسجام الموفق بين العقل والقلب, ما الذي عبث بي وهزّني هكذا؟! لاحظنا بدهشة أننا نلبس الطوق الذهبي نفسه, سلسلة ذهبية تنتهي بمكعب صغير من الذهب, مكعب مصقول, لا نقوش فيه ولا رموز ولا أحرف.

دارينا ارتباكنا بضحكة, لم أتوقع أبداً أن ألتقي بإنسان يحمل مكعبي, رفاقي كانوا يسخرون من هذا المكعب ويسألونني عن معناه؟ فأقول بغرور شارحة وجهة نظري: أنا ألبس الذهب لأنه ذهب, أحتقر أن يصير الذهب رمزاً, أي معنى لصليب من ذهب مرصع بالألماس! الصليب كان من خشب, ترى ما دلالة أن يلبس هذا الغريب مكعبي ذاته, خصوصيتي ذاتها, ألا يعتبر هذا المكعب بمثابة إشارة أو إنذار لأمور غير معلنة بعد, سوف تعلن.

أعرب عن دهشته قائلاً: عجباً كلانا يحمل المكعب ذاته.

سألته: هل اشتريته, أم قدمه لك أحد الأصدقاء هدية؟

قال أبداً, أنا اشتريته لأنني اعتقد أن الذهب هو الذهب, هو ذلك المعدن الأصفر الملعون, سلاح إبليس, على فكرة, لا أملك قطعة ذهب سواه.

عادت نظراتنا إلى التشابك المعقد, ثمة طرقات عذراء تتكشف لي فيها مفاجآت رائعة, يطلعني عليها حدس أكيد, أحسست بوجهه يلتهب, ماذا لو امتدت يدي لتلامس خده ألن تسري فينا كهرباء؟! كيف تحصل هذه الأمور؟ أي قوى تسخر منا نحن الثلاثة, بل نحن الأربعة, يبدو أنني نسيت خطيبي, الذي يفترض أن أتزوجه حالما ينتهي النجار من إنجاز أثاث بيتنا.

أحضر الآذن القهوة, كان من عادتي رشف القهوة من الفنجان وإعادته إلى الطاولة وليس إلى صحنه الأبدي, من جديد أربكتنا المفاجأة: كلانا يشرب القهوة من الفنجان ولا يعيده إلى مكانه آمناً, لماذا نقترب بتلك السرعة في حقل الألغام, غير المسموح بالدخول إليه؟ ازدادت الكهرباء بيننا, أخذ جسدي يرشح عرقاً حاراً, حدثت نفسي أني ما عدت متأكدة من شيء, وبأن زمام أموري أفلت من يدي, أدهشني لن تكون آثار هذا اللقاء رهيبة إلى هذا الحد, لأنني بعد انصرافها أخرجت مرآتي الصغيرة من حقيبتي ونظرت في وجهي, كانت ملامحي العادية هي ذاتها, لكن وجهي ليس وجهي, فيه شيء لا يشبهنني, ثمة إرهاق عميق يلوح من عيني, لكن لمعاناً غريباً يشع منهما أيضاً!

أهي صعقة الحب التي أسمع عنها وكنت أسخر منها؟ ما باله خطيبي تحول بلمح البصر إلى دخان, إلى رجل من ضباب, لا تربطني به علاقة عمرها سنة.

لكن عجباً ألم أكن مقتنعة أنه اختيار عقلي وقلبي مجتمعين ؟! لماذا أشعر بأن كل شيء باطل, وبأنني لم أختر سواه, سوى هذا الغريب الذي يلبس مكعبي الذهبي الفريد, ويشرب القهوة بالطريقة التي أشربها بها, محرراً الفنجان من أسر صحنه الأبدي!

دعتني صديقتي أنا وخطيبي إلى العشاء في اليوم الذي قدمتني لخطيبها, حاولت أن أسترخي طوال فترة العصر, وأعتبر أن ما أحسسته سخف ووهم, وأن خطيبي هو الرجل المناسب لي الذي خبرته طوال عام, يا إلهي ما أبرع العقل في تنفيذ الحجج المنطقية, لكن المرآة فضحتني إذ عكست لي رغبتي اللامحدودة لأبدو في أجمل صوري, عارفة بخبث المرأة الأزلي أنني أتزين لأجله هو, خطيب صديقتي .

لم أستطع مقاومة شعور الإثم طوال السهرة, كل لحظة كانت تؤكد لي حقيقة انجذابنا المدمر, هو بدوره كان يجاهد كي يحرف أنظاره عن وجهي, كانت نظراته تداعب شعري بأصابع من هواء, كان يحفظ ملامحي وشماً في ذاكرته, كي يستعيدني على مهل بعد انتهاء السهرة.

ببساطة علقت صديقتي : كنت أعرف أن مناة سوف تعجبك, قالت لي : لم يكف عن السؤال عنك.

كشفت نظرتي بشكل مباغت عن حمى حب جديد ومباغت, كنت أبذل جهداً غير صادق لمقاومته, وحين عدت إلى البيت يرافقني خطيبي – كما يفترض – تركت يدي باردة فاقدة الشعور تستسلم يائسة ليده, عارفة منذ اللحظة أن الحياة لن تدب فيها بعد الآن أبداً في يد خطيب, ولم أمانع بقوة الهزيمة أن أقدم له شفتين من حطب, كانت تلك أتعس قبلة في حياتي, أحسست أثناءها أنني أخون نفسي, وأخون الغريب.

حاولت أن أرفق بنفسي, وأحلل بمنطق ما حصل معي, أهي جاذبية الغرباء؟ لكن ما معنى هذا الكلام؟ ألا يفترض أنني أحب خطيبي؟ لكن هل أحببته حقاً؟ أم أنني أجده زوجاً مناسباً, فالزواج ضريبة على كل فتاة وشاب, وهكذا نمارسه هنا, في الأحوال كلها سأتزوجه, وستتزوج صديقتي خطيبها الذي جعل قلبي يرتجف.

دخنت سيجارة, وأنا أهدأ شيئاً فشيئاً مراقبة تبدد سحب دخانها, موحية لنفسي أن ما أحسسته ليس سوى عاصفة في فنجان, مؤكدة لنفسي المهتزة أن المخطوبين والمتزوجين كلهم يتعرضون لأشياء مشابهة, وأنه لولا الإلتزام لانهارت العلاقات كلها, ولم أتورع عن تهنئة نفسي على شجاعتي بتبادل القبل مع خطيبي رغم حمى الحب المفاجئ التي أصابتني مع الغريب, لكن لماذا دموعي تنهمر بغزارة الشلال, ويرتعش كتفاي بقوة من الإنفعال؟ من يقدر أن يزلزل الإنسان هكذا, سواه الحب.

المرآة وحدها تكشف حقيقتنا, قالت لي وأنا أمسح الماكياج الذائب على وجهي : أنت عاشقة حتى النخاع.

كانت صديقتي تستعد لطقوس الخطبة, الفستان البديع الذي تخيطه عند أشهر خياط في المدينة, بطاقات الدعوة للأصدقاء والأقارب إلى حفل الخطبة في فندق, كل شيء حولي كان حقيقة, لكني لم أكن أصدق شيئاً, غادرني يقيني بكل شيء, تمنيت ألا ينتهي النجار من إنجاز أثاث البيت الذي سيجمعني مع خطيب تحول بقوةٍ سحريةٍ إلى رجلٍ غريبٍ لا يعنيني في سيء.

أخذت أفكر جدياً بفك ارتباطي به, لا أستطيع خداعه, سأتركه وسأداوي نفسي من حبي للغريب, من نوبات البكاء المفاجئة حتى وأنا أقيس الطرقات في الريف, وأسجل الأرقام في الدفتر.

تكررت اللقاءات بحكم صداقتي المتينة مع صديقتي, خطيبي كان يرافقني أغلب الأحيان, وحدنا – أنا وهو – كنا نعرف تورطنا الجميل والحرج, أصبحت عيناه تحاصرني, إنه ينتظر أملاً أو تشجيعاً, وأنا أغرقته بحنان ضائع لا هدف له.

أسبوعان من العراك الضاري مع ذاتي جعلاني مقتنعة تماماً بوجوب الانفصال عن خطيبي, لكني قررت الانفصال عنه بعد أن تتم خطبة صديقتي, هكذا أرضي ضميري, وأتحرر من مشاعر الإثم شديدة الوطأة, أرضاني هذا الحل, وقررت التواري, صرت أتعلل لصديقتي بمشاغل وهمية كي لا ألتقي خطيبها, وأعتذر بالحجة الأبدية لنهاية كل علاقة حب: الصداع, لكنه فاجأني قبل موعد خطبته بأيام في مكتبي, وقف في وسط الغرفة صامتاً دون أن يلقي تحية الصباح, واضح أنه مشهد متألم, واضح أنه عاشق, أخذ قلبي يتسارع نشوة وسعادة وأنا أتأمله, همست لنفسي كم أحبه, تأمل كل منا المكعب الذهبي المعلق في عنق الآخر, مكعب صغير كان في تلك اللحظة فضاءنا المشترك, حينا الأخرس الذي حاولنا إجهاضه, لكنه أبى أن يموت قبل لحظة مواجهة.

قلت له بافتعالٍ: أهلاً تفضل بالجلوس, لماذا خطيبتك ليست برفقتك؟

رمقني بعتاب قائلاً: أظنك تعرفين أنني تقصدت أن أكون وحيداً, وتعرفين لماذا أتيت!

فتشت عن الكلمات, يبدو أن الموقف ما كان يتحمل زيفاً ولا مجاملة, تابع كلامه بصوتٍ ضمنه الحزن: لا معنى لسفري من دونك.

باغتتني جملته الجريئة: ماذا تعني, ألن تتم خطبتك؟!

قال بصوت قطعي:لا, يستحيل أن تتم, إنما خسارة أن أسافر من دونك, أنا أطلب منك.

قاطعته: مهلاً, مهلاً, هل فكرت كم سنسبب جرحاً لأعز الناس إلى قلوبنا, طعنة الغدر لا أقدر عليها, لم أتخيل يوماً أن أطعن أعز صديقة إلي هكذا, وذلك الشاب المسكين.

قاطعني: الطعنة الحقيقية ستكون لذلك الشعور الرائع الذي ولد بيننا من أول لحظة, وتأكد لحظة بعد لحظة, انظري في عيني وقولي لي لا أحبك أنصرف للحال, انسكبت دموعي تأثراً من لهجة صوته ربما, وليس كلماته, امتدت يده تمسح وجهي برفق متحسسة بشرتي الندية, قال لي وأنا مغمضة العينين تبتلعني دوائر صوته المتكاثرة:

-لا تترددي بمباركة هجرة روحك إلى حيث ترغبين.

تركت خدي يرتاح على راحته, كنت أغرق في الحنين وأنا أتساءل ما معنى حياتي من دونه.
  رد مع اقتباس
قديم 07/12/2007   #25
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


تم النسخ لحين القراءة
شكرا جزيلا

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
قديم 07/12/2007   #26
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


من المكتبة



ما اقتنعت بخصائص نفسية البطلة
بنزعج من فكرة تضخيم ... الحب لدرجة يصير اقدس من الالتزام واقدس من الصداقة وهيك بيجي بيلغي أية عقلانية
  رد مع اقتباس
قديم 07/12/2007   #27
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : butterfly عرض المشاركة
من المكتبة



ما اقتنعت بخصائص نفسية البطلة
بنزعج من فكرة تضخيم ... الحب لدرجة يصير اقدس من الالتزام واقدس من الصداقة وهيك بيجي بيلغي أية عقلانية
لا أخالفك الرأي حول ضرورة لا بل قدسية احترم الالتزامات والعهود, لكن الحب هو بحد ذاته حالة ضخمة على الأقل كما أراه وليس بحاجة إلى تضخيم لأنه محور الحياة .

من جهة الخصائص النفسية للبطلة أشاطرك الرأي كانت بحاجة إلى تحديد أكثر وليس فقط إلى إيماءات أو إشارات هنا وهناك , فمعالجة قضية كهذه يجب أن تكون بطلتها قادرة نفسياً وفكرياً على مناقشتها ومعالجتها رغم صعوبة حسمها لكون هذه الحالات لا تصادف – أو تصادف دون أن تعني شيء لأخريات – إلا شخصيات ناضجة فكرياً وعاطفياً وهناك إشارة صريحة في القصة لذلك وهي أنها اختارت خطيبها بمزيج من العقل والعاطفة مع ترجيح كفّة العقل في هذا الخيار .

ولكن الحالة أو القضية كما أراها :

ما فرصة الشاب والصبية بشكل خاص في عيش الحب الذي يرضي المشاعر والأحاسيس والحالة الفكرية ويتناسب أو يتكامل مع أسلوب الحياة التي أختطها الشاب أو اختطتها الشابة .

دعينا نقول "بدون تحديد شاب أو شابة" يبقى الإنسان في مرحلة البحث والسعي هذه فترة طويلة قد يوفّق خلالها وقد لا يوفّق قد يلتقي بهذا الشريك الذي يبحث عنه دون أن يعرف ودون أن تتحرك فيه أي مشاعر عاطفية تجاهه فينتهي الأمر بهذا الإنسان المحزون والفاقد للفرحة الداخلية الحياة إلى تسليم عقله فقط مفتاح اختيار هذا الشريك ومن ضمن المتاح فقط لأن دائرة الاختيار تضيق مع مرور الزمن مهما اتسعت .

لكن الصدمة المفرحة المحزنة القاصمة المقوية تكون عندما يلتقي بشريكه الحقيقي بعد فوات الأوان فيبدأ الصراع وازدواجية المشاعر وتيه الحياة فلا هو يستطيع أن يحسم أمره بالاتجاه بمشاعره وفكره نحو الحبيب الذي طال انتظاره ولا هو بقادر على متابعة رتم حياته كما كانت قبل اقتحامها من قبل هذا الحبيب في الزمن الضائع .

صراع قاسي مرير ليس من السهولة بمكان حسمه ويبقى هو الخاسر الأكبر سواء أدار ظهره لهاذا الحب أم فتح له قلبه وذراعيه واحتضنه .

ولكن أساس القرار هو هل هو بقادر فعلاً على الاستمرار بحياته كما هي وكأن شيئاً لم يكن لا أظن ذلك مهما كان خياره.

على كل حال لقد أبقت هيفاء بيطار النهاية مفتوحة كي يضع لها القارئ النهاية التي يراها مناسبة , أو ربما هي نفسها لم تستطع حسم هذا الموضوع الأخلاقي الشائك.

وشكراً
  رد مع اقتباس
قديم 09/12/2007   #28
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي مهزومة بصداقتك / هيفاء بيطار


مهزومة بصداقتك
أنا صديقتك المفضّلة التي تحكي لها خصوصياتك, ونكشف لها أعماقك التواقة للحب و الارتباط ...
أنا صديقتك التي تمتدح ذكاءها دوماً, وقدرتها على تفهم النفس البشرية.
أنا صديقتك التي تُحسُ بالبلبلة والضياع حين تسافر ولا تتمكن من التحدث إليها ....
أنا صديقتك الحزينة التي لا يمكن أن تقول لك ما توّد أن تقوله ..
أنا المرأة المتيمة عشقاً بكَ...
أنا التي ما عدت أتعرّف ذاتي بعد أن عرفتك, إذ شعرتُ أني تجاوزت شخصيتي إلى وجود جديد, وصار توازني النفسي يشبه توازن ملعقة على حافة كأس....
أنا الخائنة لصداقتك, لأنك لا تعرف كم أعشقك ....
وكيف أحس بمجرد أن أتنشق عطر جلدك أن وجودك ينهمر عليّ كما ينهمر رذاذ المطر على أرض مشققة من عطش الحرمان.
أنا العاشقة القابعة في كهف الصمت, أتخيلك وأسترسل مع أحلام يقظة تلحمني بكَ ...
أنا المرأة الساكنة, الصامتة, المشحونة بكهرباء الرغبة ... أحب أن أتخيّل لهفتك لحب امرأة أخرى , حين أسمعك تحكي عن توقك لتلك المرأة التي لم تلتقيها بعد أحس بطهم عذبٍ ممزوج بمرارة ينسكبُ في جوفي ...
أتخيل كيف ستقـبّـل تلك المرأة الحلم, وكيف ستداعبها , تعبر جسدي رعشة نشوتِك ....
ترتسم سعادتي في مرآة سعادتك, كما أنني ظللك ....
أتعرف , حين شربنا البيرة المثلجة قرب البحر , وأنا أنصتُ إليك تبوح لي بقلقك أنك لم تلتق المرأة التي تحب الارتباط بها , كنتَ تنظر للبحر , وأنا انظر إلى وجهك شاعرة كيف تتفتح براعم شوقي لك , مرتبكة من جوع ٍ نهم لشفتيك المكتنزتين ... أحسد سيجارتك التي تمتصها وحمالة مفاتيحك التي تدعكها بيديك ...
أنصتُ لك بذهن شارد, وأنا أزن ثقل أشواقي الخجولة لك ... وحين هبّت نسمة وطيّرت خصلات من شعرك الناعم صار الشوق يوجعني كما لو أن مسماراً مغروساً في قلبي .
فكرت أي اختراع رائع النظارة الشمسية التي تنجح إلى حد كبير في إخفاء إشعاعات الوجد من عيني العاشقين ...
سألتك يومها : طيب ما صفات تلك المرأة التي تبحث عنها, وترغب أن تتزوجها وتنجب منها أطفالاً ...
تدفقتَ بالكلام ... ولن تعرف أبداً لماذا أسرعتُ إلى الحمام متعللة بأثار البيرة, هناك واجهتني مرآة الحقيقة, كاشفة كم شوّه الألم وجهي, واستعدتُ كلماتك , ياه , لم تكن فيّ صفة واحدة من صفات تلك المرأة, حلمُك !
لو تعرف كيف يمتد الشوق بداخلي ما إن اسمع صوتك وكيف لم أعد أميّز بين الألم والحب ... يبدو لي الحب بداية الألم ... أو لعل وخز الألم هو بداية الحب ... لأني منذ أحببتك صرت أشعر بثقل ألم غير واضح المعالم.
متربعة فوق عرش سنوات الحكمة , أتنكّر لعقلي وأسمح لعواصف عواطفي أن تكتسح كل الحجج الباهتة المنطقية والعقلانية والبليدة التي لا يكف عقلي عن تذكيري بها ...
أنا الصديقة التي خانت صداقتك, حين استسلمت لصحوة حواسي المفاجئة, حين شعرتُ فجأة أن النهار يشبه النور المُبهر وأن سواد الليل مشحون بكهرباء الرغبة الكامنة.
أنا الصديقة التي ما أن تسمع رنين هاتفك حتى يجتاحها فرح فائق الإثارة, لدرجة تصديق أن فرحاً كهذا موجود حقاُ .
أنا العاشقة المستسلمة لأحلام لن تتحقق .... أنا التي حولني الحب إلى فراشة, فنفضتُ الغبار عن الأغاني العاطفية, لأنها تساعدني كي أتجمّل ثقل أشواقي لكَ .... أنا التي ستراهن على آخر أمل وآخر حب, وتطوح بحصانة الصداقة, معرّية أعصابها المتوهجة بالشوق كأسلاك مضيئة ....
أنا التي ستتنكر لصداقتك, وتسفح دموع الوجد بين يديك أنا المهزومة بصداقتك .....

د. هيفاء بيطار
  رد مع اقتباس
قديم 09/12/2007   #29
شب و شيخ الشباب BL@CK
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ BL@CK
BL@CK is offline
 
نورنا ب:
Apr 2007
المطرح:
Aleppo-Syria
مشاركات:
4,345

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : Moonlights عرض المشاركة
أنا الخائنة لصداقتك, لأنك لا تعرف كم أعشقك ....
وكيف أحس بمجرد أن أتنشق عطر جلدك أن وجودك ينهمر عليّ كما ينهمر رذاذ المطر على أرض مشققة من عطش الحرمان.


رائـــــــــــــــــعـة ..

ويحَ زمَنٍ أصبَحَ فيهِ عاشِقُ الوطَنِ يُهان ..

ويُشطَبُ مِن ذاكرةِ عشقِهِ ..

ومِن قائِمَةِ بني الإنسان !!



.
  رد مع اقتباس
قديم 09/12/2007   #30
صبيّة و ست الصبايا Reemi
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ Reemi
Reemi is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
المطرح:
WHATEVER
مشاركات:
13,241

افتراضي


فوق الخيال


شو هالعمر اللي مش باقي شي
لولا الوقت الولا خلى شي
خلالي طريقي و رح أمشيه


- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
قديم 09/12/2007   #31
صبيّة و ست الصبايا manalak
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ manalak
manalak is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
وطني
مشاركات:
174

افتراضي


مو معئول شو حلو كلام رائع

كم علي ان اخسر في هذا العالم كي اكسبك
لكل كلمة اذن ولعل اذنك ليست لكلماتي فلا تتهمني بالغموض
ان تكون فردا في جماعة الاسود خير لك من ان تكون قائدا للنعام
  رد مع اقتباس
قديم 10/12/2007   #32
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي


ذائقتكم الأدبية هي الرائعة
شكراً لمروركم وتعقيبكم
  رد مع اقتباس
قديم 10/12/2007   #33
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


طيب
  رد مع اقتباس
قديم 11/12/2007   #34
شب و شيخ الشباب Moonlights
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Moonlights
Moonlights is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
فوق جبل بعييييييد
مشاركات:
263

افتراضي حوار إنساني / هيفاء بيطار


-الأول, يتنهد بارتياح : الحمد لله أرضيت ضميري.
-الثاني, يتنهد بحرقة : يا إلهي كيف سأتدبر أموري؟
-الأول : أمّنت مستقبل أولادي الخمسة, كتبت باسم كل واحد منهم ثلاث شقق وأربعة مخازن.
-الثاني : أولادي الخمسة يطلون على هاوية الفقر يكادون يسقطون فيها ولا أملك وسيلة لإنقاذهم.
-الأول : تركتُ لي ولزوجتي ثروة كبيرة, كي نضمن لأنفسنا حياة كريمة, أتعرف يا أخي, أكبر خطأ أن تعطي كل شيء لأولادك, مهما أحبوك, هناك خطر الطمع, ابن الإنسان طمّاع, لو أعطيتهم ثروتي كلها لوضعتُ نفسي في خانة الشحاذين, سيشعرون أنهم يخدمونني من أموالهم, ناسين أو متناسين أن المال مالي, >> يضحك متأملاً الوجه المتغضن بتجاعيد الألم مقابله, لكنه لا يرى فيه سوى نفسه, يقول مقهقهاً<< : تصوّر أنهم يعاملونني الآن بقدسية, يقبّلون يدي أتعرف لماذا؟ لأنني أملك ثروة لم أوزعها عليهم بعد.
-الثاني : قلبي أعزل, جيوبي خاوية, لا أملك أن أقدم لهم شيئاً, لا أقدر حتى على مواساتهم, ثلاثة منهم يبحثون على وظيفة دون جدوى, رغم أنهم خريجو الجامعات, ابنتي الصغرى مطلّقة اضطرتها الظروف للعمل خادمة في البيوت كي تعيل صغيريها.
عادت إلينا مكسورة مُهانة, الكلب زوجها حلم أن يقفز فوق الفقر, تاجر في الممنوعات فزجّوه في السجن, والله كنتُ أقاوم أن أسقط في خرافات السعد والنحس, لكني الآن أحس أنني منحوس فعلاً, فابنتي الصغرى أحب أولادي..
-قاطعه الأول : عذراً على مقاطعتك, لكنك ذكرتني بابنتي الصغرى, فمنذ شهرين كان زفافها حيث المدينة كلها, استوردنا الفاكهة من إفريقيا والزهور من إسبانيا, يـاه! لو رأيت هذه الزهور تحس أنك لم ترَ أزهاراً من قبل, هل تتخيل زهوراً زرقاء لمّاعة؟
تصور كريستيان ديور صمم لها فستان العرس, لا تسأل عن الكلفة؟ يكفي أن تعرف أنه مرصع بألف حبة لؤلؤ! أما العريس – لعق شفتيه وبرقت عيناه كذئب يتحلب على فريسته – فكامل الأوصاف, عريس لقطة كما يقولون : جمال وعلم ونسب عريق وثروة لا تأكلها النيران, يـاه لو حضرت حفل الزفاف, صوّرته ثلاث مجلات, شهق الحضور حين قدّم العريس لزوجته هدية واحدة فقط, موضوعة في علبة من المخمل الأسود, أتعرف ما الهدية؟ شمس ساطعة, ألماسة بحجم حبة الخوخ, قال إن الذهب صار شعبياً, ولا يرضى أن يقدمه لزوجته فقيمتها الألماس.
-الثاني : يتنهد كأنه يشحذ الهواء كي يسعفه بحفنة أوكسجين : الذهب, لقد نسيته فقد بعت خاتم زفافي وخاتم زوجتي, حتى الأقراط الصغيرة لحفيدتي بعتها كي نشتري للصغيرين ثياب المدرسة هل تتخيل مقدار البؤس الذي أحسه حين يكون سعر حذاء الطفل يعادل راتبي التقاعدي! أتعرف كل ما أخشاه أن أمرض, الآن ورغم القهر والذل كليهما لم يصيبني المرض لشدة ما أخشى زيارة طبيب أو دخول مستشفى.
ماذا سيحل بي؟ يبتسم كاشفاً عن أسنان مهترئة ولثة متورمة تكفيني عاهة الفقر, أما الجسد فيقاوم ويتحمل كما يبدو.
-الأول : ذكّرتني بالصحة, كل سنة أسافر إلى لندن, وأدخل مشفى شهيراً يعمل فيه ألمع الأطباء أقضي فيه أسبوعاً يجرون لي التحاليل الطبية كلها لأطمئن على صحّتي, تصور أن أحد الأطباء اكتشف أو وحمة في كتفي الأيسر ازداد حجمها قليلاً عن السنة الماضية, فاستأصلها وأرسلها للتشريح المجهري, أتعرف أنها كانت بداية سرطان, قال لي بأنني لو أهملت الفحص الدوري لكان السرطان انتشر في جلدي, يضحك منتشياً ويتابع: أتعرف المال يتحدى السرطان لو كنت فقيراً لما تنبهت أصلاً لهذه الوحمة فالفقر يعمي, كنت سأموت دون أن أشعر كيف بدأ السرطان وانتشر.
-الثاني : يطرق كما يقاوم ألماً كاوياً في صدره : زوجتي المسكينة بتروا لها ثديها لأنها أصيبت بسرطان الثدي, اعترفت لي بأنها أحست بكتلة في ثديها الأيمن, لكنها خشيت أن تصارحني لأنها تعرف أنها ستكلفني مالاً فنحن لا نملك أكثر من ثمن رغيف الخبز ونحس أن مراجعة الطبيب ترف لا نستحقه, طبيبنا الوحيد هو الله هذا ما قالته لي قبل أن ترتاح من عذاب هذه الدنيا وتسلم الروح.
-الأول : رحمها الله ماذا أحدثك عن زوجتي إنها تستدعي عشرة أطباء إذا اكتشفت أن شعرها يتساقط أكثر من معدله الطبيعي, صدقني يا أخي إنها امرأة مصابة بالوسواس تصور أنني كثيراً ما استيقظ على صوت بكائها اسألها : ما بك يا امرأة؟ تقول لي وفرائصها تتقصف رعباً بأنها تخشى الموت, لا أخفيك سراً عرضتها على أشهر الاختصاصيين النفسانيين قالوا لي إن الأثرياء جداً معرضون للإصابة بمرض اسمه الخوف من الموت, ‘ذ يشعرون أن أموالهم كلها لن تحميهم من الموت, هذا ما يقض مضجعها ويعذبها عذاباً شرساً لا يرحمها لكني عوّضت لنفسي بعشيقات رائعات, أنسى معهن مأساة زوجتي التي تعاني رهاب الموت يضحك فيرتج كرشه ويتابع قائلاً: عشيقتي هذه الأيام أجمل فتاة في المدينة عمرها خمسة وعشرون عاماً محامية ناشئة, بيننا تواطؤ رائع, أهديت لها مكتباً فخماً مقابل أن تقدم جسدها.
عجز الثاني عن تخيل فتاة جميلة في حضن هذا العجوز المقرف الذي ينثر لعابه وهو يتكلم والذي تساقطت أشعار أهدابه وحاجبيه حاول تخيل هذا الفم الكريه برائحته المقززة يقبل فم الشابة؟ عجباً كيف تستطيع؟ أجابه عقله بكلمة واحدة: المال. سأله: وأولادك هل يعرفون أن لديك عشيقات؟
ضحك الأول طويلاً قائلاً: فرخ البط عوام, وهم أيضاً لديهم عشيقات, ابني البكر يصرف الملايين على عشيقاته.
فكر الثاني أن الفقر كان سبباُ في موت زوجته, وسبباُ في منعه من الزواج ثانية, فالفقر نفاه عن عالم المرأة, لسعته صورة أحسها كحرق, تذكر أن ابنته الصغرى تعمل خادمة في البيوت وبأنها أخذت في الفترة الأخيرة تبالغ بالعناية بشكلها وأنها تحضر أغراضاً لطفليها غالية الثمن, حدّق في جليسه وسأله بعينيه: أيعقل أن تكون ابنتي عشيقتك؟ أحس أن الآخر فهم سؤاله ورد عليه بنظرة متحدية واثقة: النساء كلهن قابلات للشراء.
استمر حوار العيون قال الثاني بصوت أخرس وعينين حزينتين: لكن ابنتي شريفة, لوى الأول شفتيه متشككاً: خادمة شابة وجميلة مطلقة ومحرومة ما معنى الشرف هنا؟
-اخرس إنها شريفة لأنها ابنة ناس شرفاء, لأنها تشبعت بالمثل والأخلاق.
يسأله الثاني بصوت مرتعش: هل سبق أن كان لديك عشيقة خادمة؟
يحك الأول صلعته متذكراً: الخادمات إنهن شريحة بائسة يكتفين بالطعام والثياب لقد عرفت الكثير من الخادمات.
أخذ قلب الثاني يخفق بعنف, سأل وهو يشعر أن لسانه يلتصق سقف حلقه: هل كن متزوجات؟
أجاب الأول : البعض منهن متزوجات لكن أغلبهن مطلقات ولديهن أطفال جياع تصور يا أخي إحداهن كانت تهبني جسدها مقابل ثمن ثلاث فراريج سميتها في سري أم ثلاثة فراريج.
تيبس الثاني في مقعده وقد أحرقته صورة ابنته تحمل كيساً فيه ثلاثة فراريج, أحس أن الهواء لم يعد يصل إلى رئتيه ثمة عائق ما, كان يختنق لم يعد قادراً على الكلام, قام مترنحاً يستأذن ببرطمة غير مفهومة, سأله الأول: ما بك يا أخي, ابق لنتابع حديثنا المسلي, بجهد قال الثاني : آسف أنا متعب.
ضحك الأول قائلاً : طوال عمرك تنسحب متعللاً بالتعب مذ كنا صغاراً في الابتدائية ترى ما سر تعبك؟
الثاني منصرفاً: لا اعرف.
كانت صور ابنته تحرقه وخياله يسوطه بصورها عارية في حضن الكهل وعلى الطاولة ثلاثة فراريج مذبوحة ما تزال ساخنة والدم يسيل من عنقها, تحسس عنقه لزجاً كدم أبيض تناهى لسمعه صوت زنخ اقشعر جسده حين سمعه: ابق تعال تعال من وقت لآخر لنتساير ونتحدث حديثاً إنسانياُ.
هيفاء بيطار
  رد مع اقتباس
قديم 11/12/2007   #35
شب و شيخ الشباب BL@CK
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ BL@CK
BL@CK is offline
 
نورنا ب:
Apr 2007
المطرح:
Aleppo-Syria
مشاركات:
4,345

افتراضي


القصة جدا ً مؤثرة و حزينة ...

عظمة على عظمة , عم تنقلنا أجمل القصص لهيفاء يا ريت يكونوا كلهون بموضوع واحد ..

شكرا ً جدا ً جزيلا ً ..
  رد مع اقتباس
قديم 11/12/2007   #36
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


دمجت القصص كلن سوا

القصة الاخير مؤلمة كتير
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 14:21 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.19994 seconds with 13 queries