أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16/08/2008   #1
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي قصص من عالم النساء-محمود البدوى


الورقة المطوية

وقفت في الصف مع الرجال .. أمام شباك التذاكر .. وكان الزحام شديدا في نهاية الصيف والطابور يتلوى لطوله ويبرز خارج المحطة ..
وكان آخر قطار " ديزل " يتجه إلى القاهرة .. ومع أن معظم الواقفين في الطابور لم يكن عندهم أدنى أمل في الحصول على مقعد ولكنهم وقفوا .. وصبروا ليجربوا حظهم .
وكان عامل التذاكر في محطة " سيدى جابر " بليدا ولئيما وحلا له تعذيب الواقفين أمامه في الطابور .. إذ كان يعمل في بطء شديد ، ويحادث موظفا في الداخل بين الحين والحين ويدير رأسه إلى الوراء دون سبب ظاهر ثم يعود في تكاسل إلى عمله ..
وكان كل الذين يرون هذا المشهد المغيظ ، لايبدو منهم التذمر أو الاعتراض .. فقد الفوا مثل هذه الأشياء .. واعتادوا عليها .. وكانوا على يقين .. بعد التجربة المرة .. إن الشكوى والتذمر لا جدوى من ورائهما ..ولا يغيران الحال .. فلاذوا بالصمت .
وصمتت السيدة مثلهم ولكنها كانت تشعر بالغيظ .. وصبرت حتى جاء دورها وأصبحت أمام الموظف على الشباك .. وفتحت حقيبتها لتخرج ثمن التذكرة .. وارتعشت يدها وتمتمت ثم أخضلت عيناها بالدمع ..
وظهر عليها الاضطراب بوضوح .. وأخذت تتلفت زائغة البصر .. ثم خرجت من الصف وهى لاتستطيع حبس عبراتها .. وأدرك الرجل الذى كان وراءها في الصف حالها وما جرى لها .. وكان قد سمعها وهى تقول :
ـ تذكرة لمصر ..
ثم انشل لسانها ..
فأخرج ورقة بخمسة جنيهات من جيبه وقطع تذكرتين بدلا من تذكرة واحدة .. وتناول الباقى من الموظف ثم خرج من الصف ..
وظل يبحث عن السيدة حتى وجدها خارج المحطة .. فتقدم اليها وقال بلطف وهو يمد يده بالتذكرة ..
ـ أدركت ما حدث .. فاسمحى لى بأن أقدم هذه التذكرة .. وعندما تعودين إلى بيتك .. ردى ثمنها في أى وقت ..
فنظرت إلى الرجل مشدوهة .. لم تكن تقدر .. أو تنتظر مثل هذا من إنسان .. وتصورت أن الرجل يحتال عليها .. أو يفعل شيئا ليتقاضى ثمنه مضاعفا .. وظلت مترددة واجمة ولكن لما توضحته ونظرت إلى عينيه توسمت فيهما الطيبة المطلقة ..
فتناولت منه التذكرة .. وهمست ..
ـ متشكرة ..
وبعد أن دخلت من باب المحطة .. تذكرت أنها لم تسأل الرجل عن عنوانه لترد له نقوده ..
فمشت إليه في استحياء .
ـ ولكن .. حضرتك .. لم تعطنى عنوانك ..
ـ في القطار .. اننا جنب بعض ..
جنب بعض .. وعاودتها الهواجس انه يستغل الموقف إذن .. واضطربت وعلا وجهها السهوم .. لقد كانت تتصور فيه الطيبة فإذا به كغيره من الرجال استغل موقفها ببراعة .. ترد له التذكرة ؟ ولكن أين تذهب في هذه المدينة الكبيرة وهى وحيدة مفلسة ؟ فبعد أن نشلت ليس في جيبها أى نقود على الاطلاق .. وليس لها قريب أو غريب في الإسكندرية تعتمد عليه ..
وظلت حائرة مضطربة .. ثم شعرت بالقطار يدخل المحطة فأنقذها من حيرتها وركبت وهى تترك الأمر للمقادير ..
***
وبحثت عن الرجل وراءها وقدامها وهى تدخل في جوف العربة فلم تجده .. وكان الزحام شديدا .. خلق كثير .. يتدافع بالمناكب .. في داخل العربة .. وتحركت ببطء وهى تقدر العثور عليه بعد أن تجلس على المقعد .. فهو بجوارها كما قال لها ..
ولكنها وجدت رقم كرسيها بجوار سيدة فجلست متعجبة .. ولما تحرك القطار تطلعت فأبصرت بالرجل هناك في أقصى العربة .. يجلس بجوار الباب ..
وظلت عيناها معلقتين به .. وهى تنتظر منه أن يتحرك من مكانه ويأتى إليها وعلى الأخص وهو يعرف رقم مقعدها .. ولكنه لم ينهض حتى بعد أن جاوز القطار محطة " دمنهور " ..
وفي محطة " طنطا " حمل اليها لفة طعام ونظرت إليه .. وابتسمت .. وتناولت اللفة صامتة .. فقد خشيت إن رفضتها أن تثير فضول الركاب .. وخصوصا السيدة التى بجوارها فهى فضولية إلى أقصى مدى ..
ولذلك تناولت منه الطعام وهى تشعر من حولها بأنها قريبة له أو حتى زوجته .. فهو في سن زوجها .. وأخذت تأكل .. ضامة شفتيها ما أمكن .. وعزمت على جارتها أكثر من مرة ..
وبعد أن فرغت من الطعام وأحست بأنها تقترب من محطة القاهرة .. فكرت في الذى تفعله لتصل إلى بيتها في الدقى في هذا الليل ومعها حقيبة ثقيلة ..
وخرجت من القطار .. تحمل حقيبتها بيدها .. وفي الصالة الخارجية لمحطة القاهرة كان الرجل بجانبها يعينها .. ودفع إلى يدها ورقة بخمسين قرشا ..
وقال ..
ـ هذا للتاكسى ..
فقالت له بثبات هذه المرة ..
ـ أبدا .. لابد من اسمك وعنوانك أولا ..
فابتسم في لطف .. وأخرج من جيبه ورقة وقلما .. وانتحى جانبا ليكتب ثم طوى الورقة .. وقال لها ..
ـ في هذه الورقة اسمى وعنوانى ورقم تليفونى أيضا ..
وأركبها تاكسى .. واختار لها سائقه ..
ولما دخلت البيت .. كان زوجها لايزال في الخارج .. وكانت الشغالة في انتظارها وسرت لقدومها ..
ولما أخرجت " ثريا " ملابسها من حقيبتها واستراحت قليلا أخرجت من حقيبة يدها الورقة التى أعطاها لها الرجل " وكانت عدة طيات ففردتها ونظرت فيها .. فوجدتها بيضاء .. ليس فيها حرف واحد ".
وابتسمت وصورة الرجل الغريب تتضخم أمامها وتعظم حتى ملأت جوانب البيت كله ..
ولما جاء زوجها من الخارج وجدها في الفراش .. فاقترب منها في شوق ليحتضنها ولكنها دفعته عنها نافرة واعتذرت بأنها تعبة ..
ولأول مرة في حياتها تشعر بكراهية شديدة له واحتقار من غير حدود .. كانت تقارن بين صفاته الخلقية وصفات الرجل الآخر ..
فقد لمست لأول مرة في حياتها النبل والشجاعة في إنسان ..


محمود البدوى
_________________________
نشرت القصة في مجلة الهلال عدد يونية 1973 وأعيد نشرها بمجموعة عودة الابن الضال 1993


  رد مع اقتباس
قديم 16/08/2008   #2
شب و شيخ الشباب W.E.G.A
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ W.E.G.A
W.E.G.A is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
في حضيض المثلية
مشاركات:
1,183

افتراضي


تصوير الاحداث

يكاد يلامس واقعا حدث

شكرا

قصة جميلةة


بما إنو
العيشة سودا
ومش بيضا
اجتمعنا وقررنا
نسلق بيضة
شي مغذي
شي خفيف
شي مطمئن
شي مخيف
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #3
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


الجوهرة

كان السيد إبراهيم شابا وسيما في الثلاثين من عمره ومتزوجا حديثا من فتاة جميلة ومتعلمة مثله.. وكانا يقيمان في القاهرة في شقة أنيقة بحى قصر النيل قريبا من محل عمله..
فقد كان الزوج موظفا في بنك الاتحاد التجارى.
فلما حل الصيف هذا العام بلهيبه أشفق على زوجته العروس الرقيقة من شدة الحرارة.. وطلب أجازة لمدة شهر.. وسافر بصحبتها إلى الإسكندرية.
وانقضى الأسبوع الأول من الإجازة في متعة هنية.. والزوجان يتصوران من فرط السعادة أنهما رجعا إلى شهر العسل.. ثم جاءت برقية ذات ليلة.. تنبيء بمرض والد العروس وخطورة حالته.. وجمعت الزوجة جواهرها في حقيبة صغيرة.. وتركت كل شيء آخر في الشقة المستأجرة.. وانطلقت مع زوجها تهرول إلى محطة سيدى جابر وهى تحس برجفة الخبر.. وتتوقع تطور الحالة وتقدر أنها ستـصل بعد فوات الأوان.. وأنها لن ترى والدهــا وهو يموت..
فتأثر الزوج وهرول إلى داخل المحطة.. ولكنه وجد قطار الديزل الأخير محجوزا كله.. ولا مكان حتى للوقوف.. فخرج مستاء ليخبر زوجته.. وفى تلك اللحظة تقدم إليه شخص ليدله على تاكسى مسافر إلى القاهرة في الحال..
ومشى إبراهيم مع زوجته دون تفكير وراء الدليل.. فقد كانا يودان السفر فورا بأية وسيلة.. وقادهما الدليل إلى مكان توجد به سيارة "تاكسى" خالية وكانت واقفة في جانب من الطريق.. فركبا في الحال..
ـ الأجرة جنيه يا بيه..
فقالت السيدة على الفور..
ـ خذ ما تريد بشرط أن تتحرك حالا.. نحن في عجلة..
وفى اللحظة التي هم فيها السائق بالتحرك جاء راكبان آخران ودخلا في جوف العربة ثم راكب ثالث.. وهكذا.. أصبح الركاب خمسة واتخذت العربة سبيلها في الطريق الصحراوي وهى تنهب الأرض نهبا..
***

وبعد أن خرجت السيارة من منطقة البحيرات واستوت في قلب الصحراء.. نظر إبراهيم إلى وجوه الركاب لأول مرة وتفرس في سحنتهم.. فلاحظ أن الراكب بجانبها في المقعد الخلفي كئيب السحنة ويحمل وجه شرير.. وأن الراكبين الآخرين الجالسين في المقعد الأمامي بجوار السائق من نفس الطينة.. ويلبسون جميعا بدلات من نسيج واحد ودون رباط عنق وأن الثلاثة يكونون عصابة تهرب المخدرات في الليل أو تقطع على الناس الطريق.. وعجب كيف غفل عن هذا قبل أن تتحرك بهم السيارة.. ونظر إلى زوجته ليقرأ سوانح فكرها.. في هذه اللحظة.. فرآها تحرك يدها على الحقيبة الصغيرة وتخفيها بثوبها وجسمها في الجانب الأيسر بعيدا عن عيون الركاب..
ولم يحدثها بشيء.. وأشعل سيجارة ليخفى انفعالات نفسه.. وكان في كل لحظة ينظر في الظلام إلى وجه الراكب الذي عن يمينه ليطبع صورته في ذهنه.. حتى إذا حـدث شيء استطاع أن يصفه بدقة!!
وحاول كذلك أن يرى وجهي الراكبين الجالسين في المقعد الأمامي بجانب السائق.. التقط الصورة بعدسة عينه كأنها فوتوغرافيا لاقطة.. مرة من الجانب الأيمن ومرة أخرى من الجانب الأيسر.. ومرة ثالثة من الخلف..
وكانت أقفية الثلاثة واضحة.. إذا أضفنا السائق.. وكذلك شحمة آذانهم.. وكانت أذن الذى على يمين السائق كبيرة ومفرطحة كأذن الشامبانزى.. وكانت هناك ضربة بحد الموسى.. تحت الأذن مباشرة ملتئمة.. ثم تركت أثرا ظاهرا.. خط أسود محروق الجلد..
وزاد هذا من خوف إبراهيم.. وجسم توقعه الشر..
وكان الليل فاحما شديد السواد.. والصحراء تبدو رهيبة وصامتة وموحشة في الظلام.. وسرى صمتها إلى الركاب جميعا.. فلم يتبادلوا كلمة واحدة..
وكان إبراهيم من خلال السيجارة التى لم تبرح فمه يلقى بكلمة كالهمس في أذن زوجته من حين إلى حين.. وكانت خائفة مثله وحزينة وزاد الحزن من خوفها..
وكانت هذه أول مرة تركب فيها سيارة أجرة مع غرباء.. ومع غرباء في الليل ومعها كل الجواهر التى تملكها.. تحمل ما يزيد ثمنه على الف من الجنيهات وتنطلق به في الليل.. إنها مجنونة.. لماذا لم تترك الحقيبة هناك في الإسكندرية.. فإن تسرق هناك.. خير من أن تسرق هنا في الصحراء وتقتل هى ويقتل زوجها..
وكان الرجال الأربعة يدخنون.. حتى السائق أشعلوا له سيجارة.. وهى وحدها جالسة صامتة.. لاتستطيع أن تفرج عن أعصابها بشىء ما..
وكان الليل الشاحب يلف كل شىء في شملته.. والريح تصفر.. وسمعت عواء كعواء الذئب.. يأتى من حين إلى حين مختلطا مذابا في صوت الريح..
وكانت الرمال ساكنة لاتحركها الريح أبدا.. وأعمدة التليفون تبدو صامتة وفى مثل حزنها تتلقى المصير في الليل الشاحب..
وفجأة أحسوا بضربة شديدة كأن شيئا سقط من محرك السيارة إلى الأرض وخف دوران المحرك ثم تعطل تماما..
ونزل السائق ودار حول العربة ثم رفع غطاء المحرك.. وأخذ يعالجه على ضوء البطارية.. ونزل بعده الركاب الثلاثة وبقى إبراهيم وزوجته في داخل العربة.. ونظر إبراهيم إلى الظلام حوله والسكون المخيم وأدرك أنهم اختاروا المكان المناسب لفعلتهم فشحب وجهه وتصبب من جسمه العرق..
وشاهد الرجال الثلاثة يتحدثون في جانب من الطريق فأدرك أنهم يتآمرون على التخلص منه هو.. فمال على أذن زوجته
ـ الأحسن أن نخرج من السيارة..
فقالت له:
ـ أبدا.. لن أخـرج.. لو خرجـت سيرون الحقيبة.. ويسرقونها..
ـ جلوسنا هنا خطر..
ـ أبدا.. وأين نذهب على الرمال.. أبدا.. سأظل مع الحقيبة.. أخرج أنت..
وبقى الزوج بجانبها.. وهو يشعر بالغيظ فقد كانت هذه أول مرة تخالفه فيها ولا تنـزل عند رأيه..وعجب لأن تفكيرها كله محصور في الجواهر.. ولا يخطر على بالها أى شىء آخر.. وأدرك الآن مسؤليتة كزوج لأول مرة.. فإنه مسئول عنها وعن حمايتها من كل ما تتعرض له قبل أن يحمى نفسه..
وعرف أن عيون الرجالة الثلاثة الآن على زوجته الجميلة.. وأنها بجمالها فتنتهم.. ودبروا الأمر مع السائق.. ليقف في جوف الصحراء لتكون لديهم الفرصة.. ولكنه سيخنقهم جميعا قبل أن تمتد يد إلى زوجته.. سيخنقهم جميعا.. وأحس بنفسه يرتعش وهو جالس من فرط الانفعال..
وسألته زوجته:
ـ مالك؟
ـ لاشىء..
ـ اطمئن.. الحقيبة لم يرها واحد منهم..
وزادته غفلتها استياء!.. وأخيرا مرت سيارة كبيرة فأشار إليها سائق التاكسى فتوقفت وتعاون السائقان على إصلاح المحرك..
وأسرعت سيارة التاكسى إلى القاهرة دون أن تتوقف في الاستراحة لتعوض مافات.. وكانت السيارة الكبيرة تسير وراءهم ولا تتقدم عليهم.. كأنها مستعدة لنجدتهم إذا حدث عطل آخر..
وتنفس إبراهيـم الصعداء لمـا اقتربوا من منطقـة الأهـرام..
وفى ميدان الجيزة نزل الركاب الآخرون وبقى وحده مع زوجته..
وسألته زوجته بصوت خافت:
ـ لاحظت عليك الاضطراب في طريق الصحراء.. هل كنت تخاف على الجواهر..
ـ لا.. لم أكن أفكر فيها قط..
ـ وعلام الخـوف إذن؟ لقد لاحظت ذلك على وجهك فلا تنكر..
ـ كنت أخاف على جوهرة واحدة..
ـ جوهرة واحدة؟..
ـ أجـل جوهــرة واحدة.. لاتعوض أبدا.. وأمسك بها الآن..
وأمسك بيدها.. ففهمت أخيرا.. وابتسمت.. وضغطت على يد زوجها.. وهى تشعر بفرحة غامرة..

محمود البدوي
  رد مع اقتباس
قديم 20/08/2008   #4
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


قطار الساعة 8

وصلت هدى إلى رصيف المحطة قبل أن يتحرك القطار بأربع دقائق .. وكانت تهرول .. وزوجها يسرع الخطا أمامها ويبحث لها من نوافذ العربات عن مكان فى الدرجة الثانية ..
ودخلا فى جوف عربة من العربات الخلفية .. وهما لايستطيعان معرفة طريقهما .. فقد كانت الدواوين كلها مغلقة ومظلمة لم تكن هناك إضاءة اطلاقا فى الممرات .. ووجد الديوان المخصص للسيدات مشغولا .. وممتلئا إلى السقف بالحقائب والقفف .. وما يجاوزه من الدواوين قد امتلأ بالركاب ..
وأخيرا عثر على سيدة جالسة فى ركن من أحد الدواوين .. وكان هناك رجل يجلس أمامها فى الركن المقابل ..
فقال عصام بسرعة لزوجته ..
ـ اجلسى هنا مع الست ..

فجلست هدى فى الحال .. فقد تقطعت أنفاسها وهى تجرى وحيرها الظلام الذى وجدته فى القطار ..
ومن خلال الضوء المنبعث من خارج القطار .. هيأت لنفسها مكانا بجانب النافذة الغربية مباشرة .. وجعلت حقيبتها على الرف المقابل أمام بصرها مباشرة لأن فيها عدا ما تتحلى به من الجواهر كل ما تملكه من الحلى كعروس ..
وقالت لزوجها :
ـ أنزل أنت .. الجرس ضرب .. من بدرى ..

فسلم عليها وهو يقول ..
ـ عندما تصلى .. ابعثى لى برقية .. وطمنينى على الحالة .. إن شاء الله ستجدينها بخير ..
ـ إن شاء الله انزل .. القطر تحرك ..

ووجدت الدموع تتحير فى عينيها بعد أن تركها زوجها وحمدت الله أن الظلام أخفى عبراتها عن الجالسين معها ..
وكانت هذه الحالة قد لازمتها منذ وصلتها البرقية فى الغروب تنبئها بأن والدتها مريضة وفى حالة خطرة .. فمن هذه الساعة وهى لاتكاد تمسك عبراتها .. وبعد أن نزل زوجها على الرصيف .. وتحرك القطار وخرج من نطاق المحطة .. ظلت تبكى وتطلق العنان لكل عواطفها المحبوسة ولم تكن تدرى .. أتبكى على فراق زوجها .. ولأنها اضطرت لأن تسافر وحدها .. لأول مرة منذ تزوجها .. أم لأنها كانت تتوقع الفاجعة هناك فى البلد .. وتجد الصراخ قد انطلق من جنبات المنـزل ..
وقد منعتها العبرات من أن تنظر إلى من يجلس معها فى الديوان .. وأخيرا مسحت عينيها .. ووجدت نفسها قد استراحت بعد البكاء .. وأحست بالهدوء وبالاستعداد لتلقى النبأ الذى كان منذ لحظات يفزعها ونظرت إلى السيدة التى بجوارها .. فوجدتها تنظر إليها فى حنان وخجلت من أن تكون قد بصرت بها وهى تبكى وأخذت السيدتان تتبادلان الحديث .. فى الوقت الذى ظهر فيه النور فى سقف الديوان .. وظهرت الكراسى الجلدية القديمة القذرة .. والغبار على زجاج النوافذ .. وفى أرض العربة .. وكانت المصابيح الثلاث الصغيرة ترسل نورا خافتا لايستطيع المرء معه أن يقرأ رقم تذكرة السفر ..
ولكن هدى استطاعت فى هذه اللحظة أن تتبين وجه جارتها .. وكانت سيدة فى الأربعين من عمرها .. سمراء .. وترتدى معطفا أسود .. كما استطاعت أن تحدد ملامح الرجل الجالس أمامها من الناحية الأخرى فى الديوان نفسه وكان طويل الوجه ذا شارب قصير وعينين خضراوين .. ويبدو من جلسته أنه متوسط الطول ولم يتعد الخامسة والثلاثين من عمره .. وكان يضع على رجليه بطانية طواها عند صدره ..
وكانت السيجارة لاتفارق فمه .. وعيناه تتحركان فى كل اتجاه فى هذا المكان الضيق وتستقران أخيرا عليها .. وخيل إلى هدى أنهما تنفذان من خلال ثوبها ولذلك ضمت معطفها على عنقها وغطت الجواهر التى فى صدرها وضمت ساقيها وجلست منكمشة ..
وبعد أن ترك القطار مدينة الجيزة .. عاد الظلام مرة أخرى إلى العربة وانطفأت المصابيح التى كانت مضيئة فى السقف .. وخيم ظلام دامس .. وتبادلت السيدتان الابتسام .. وكان الرجل صامتا .. ولا يحول وجهه فى الظلام عنهما ..
وليس من طبيعة المرأة الصمت ولكن وجود الرجل معهما فى مكان واحد وفى هذا الحيز الضيق جعل حديثهما قليلا ومقيدا .. وليس فيه اللذة التى تجدها الأنثى وهى تحادث أختها منطلقة من كل القيود ..
وكان باب الديوان الزجاجى مغلقا على الدوام .. لأن البرد كان شديدا فى الخارج .. والتراب كان ينفذ من خلال الفتحات ويخز الوجوه كالإبر ..
وكانت هدى تنظر دائما إلى ممر العربة من خلال النافذة الزجاجية الصغيرة الملاصقة للباب ..
فتح الكمسارى الباب وفى يده مصباح بالبطارية .. ونظر فى التذاكر ثم خرقها .. وأغلق وراءه الباب .. وذهب .. ورأت هدى وراءه رجلا آخر ثم عسكريا ببدلة صفراء .. وبيده بندقية ..
وبعد أن مر هؤلاء جميعا .. إلى العربة الملاصقة .. ظهر رجل فى الطرقة يلبس جلبابا لم تميز خطوطه ويضع على رأسه لبدة ونظر من خلال الزجاج إلى جوف الديوان ثم تابع طريقه ..
وكانت السيدة الجالسة بجوارها قد أغلقت عينيها ونامت .. وبدا لهدى أن السيدة صائمة مثلها فلما امتلأت معدتها بالطعام أحست بالحاجة إلى النوم .. كمعظم الصائمين .. وكانت هدى تود أن تنام مثلها .. ولكنها كانت قلقة والخواطر السوداء تعصف برأسها .. وأسفت لأنها طاوعت زوجها وحملت نفسها كل حليها .. وجواهرها وهى مسافرة وحدها ..
وكانت نظرتها دائما تحط على الرجل .. الجالس فى مكانه دون حركة والذى كان لايحول عينيه عنها إلا قليلا .. وكانت حركة القطار الرتيبة ودوى العجلات تحتها .. والظلام المخيم .. تساعدها على الاسترخاء .. وترك كل الخواطر التى فى رأسها .. ولكنها كانت تشد هذه الخواطر إلى بؤرة شعورها وتدور بها كالنحلة ..
وكان عدم تعودها على السفر وحدها .. جعلها أكثر قلقا .. ولم تكن تدرى .. لماذا نظرها دواما يتركز على الممر ..
ورأت الرجل اللابس الجلباب واللبدة يمر .. مرة أخرى بعد أن نظر من خلال الزجاج إلى الداخل وتبعه بعد قليل العسكرى ببندقيته ثم الكمسارى دون أن يدخل عليهم هذه المرة .. ثم شخص أو شخصان .. كانا يمرقان فى الظلام كالجرذان المذعورة قبل أن تتوضح هدى وجهيهما ..
وصحت السيدة التى بجوارها .. والقطار يهدىء ويدخل المحطة .. وقالت ..
ـ الواسطى ..؟
ـ أظن ..
ـ الظلام .. يمنعنا من الرؤية ..
ـ لماذا يتركون العربات هكذا .. فى مثل هذه الكآبة ..؟
ـ أنا لا أحب أن أسافر فى الليل .. فى قطارات الصعيد .. ولكننى اضطررت هذه المرة بالرغم عنى إلى السفر ليلا ..
ـ وأنا مثلك يا سيدتى .. من السيدة التى تسافر فى الليل وحدها ..؟ إلا أن تكون مضطرة ..

وارتجفت هدى .. ونظرت إلى الرجل وكان صامتا .. لايحب أن يخوض معهما فى الحديث .. وزادها هذا توجسا منه ..
وعاد الصمت يخيم مرة أخرى ..

وانطلق القطار بأقصى سرعته يطوى المدن والقرى طيا ويشق قلب الليل ثم أخذ يخفف من سرعته وهنا أخذت السيدة الجالسة بجوار هدى تستعد للنزول فسألتها هدى وقد شعرت بالخطر يقترب منها ..
ـ حضرتك .. نازله فى بنى سويف ..؟
ـ نعم ..
ـ مع السلامة ..
ـ الله يسلمك .. وأنت ..
ـ رايحه ملوى ..
ـ كلها ساعتين ..
ـ أجل ..

واغتصبت هدى ابتسامة شاحبة .. أخفت بها انفعالها وارتجاف قلبها وبعد أن نزلت السيدة .. وتحرك القطار من المحطة .. كانت هدى تود أن تبحث عن مكان فى ديوان السيدات ولكنها وجدت نفسها لاتستطيع أن تتحرك وظلت فى مكانها .. تنظر إلى الرجل الجالس معها فى الظلام والرجل ينظر إليها فى صمت ..
ورأت أخيرا .. ألا تظهر أمامه بمظهر الضعيفة أو الخائفة منه لأن ذلك سيشجعه على المغامرة والطمع فيها .. ولكن غريزتها كانت تجعلها تخاف .. بعد أن أصبحت معه وحيدة فى مكان صغير ضيق والباب مغلق عليهما .. والنوافذ الخشبية مسدلة .. والإضاءة لا وجود لها فى الديوان أو فى الممر .. وانقطعت الأرجل التى كانت تعبر فى الظلام .. كالخفافيش .. وبدا لها أن من بقى من الركاب فى القطار قد نام .. لأنها ظلت ترقب كل حركة فى الممر وتتسمع كل حس .. ولكنها لم تر شخصا يمر .. أو ينفذ إلى العربة الملاصقة ..
وظهر العسكرى .. ببندقيته وكان المتوقع أن يجعلها هذا تطمئن وتشعر بالأمان ولكن شكله أفزعها .. كان يخيفها أكثر من الرجل الجالس معها .. لأنه بدا لها جلفا .. وعلى وجهه الغباء المجسم ..

***
ونظرت للمرة الخمسين إلى الرجل الجالس أمامها .. وكان يدخن وعيناه المتقدتان تنفذان من خلال ثوبها .. وكان صاحيا طول الوقت وغاظها أنه كان هادئا ممتلكا زمام أعصابه .. وقد جعلها هذا الهدوء العجيب ترتجف أكثر وأكثر .. وحدق فيها نصف دقيقة كاملة .. ثم رأته يدفع بيده البطانية .. عن صدره .. وتصورت أنه سينقض عليها .. ويطوقها وربما مزق ملابسها .. وكانت فى هذه اللحظة تود أن تصرخ .. ولكنها وجدت صوتها لايطاوعها وأغلقت عينيها تنتظر الشىء المقدر .. ولما فتحتهما وجدت الرجل لايزال فى مكانه ..
فنظرت إليه سادرة وفمها مفتوح .. ثم أغلقت عينيها مرة أخرى وكانت تود أن تبكى ..
وراحت تسترجع فى ذاكرتها حوادث القطارات .. فلم تجد .. من بينها حادثة اغتصاب واحدة .. ولكنها تذكرت حوادث قرأتها فى الصحف عن أجسام تمزق بالسكاكين ثم تلقى تحت العجلات خلسة فى ظلام الليل ليتوهم الناس أن الذى مزقها هو القطار .. وعن نساء تخنق فى الظلام .. ثم توضع فى جوال وتلقى فى داخل القطار كما يلقى العفش .. وفى خلال دوامة أفكارها .. تذكرت حادثة شاب هجم على سيدة ليلا فى قطار المترو فارتجفت وهى تتذكر هذه الحادثة وعادت تنظر إلى الرجل .. وتفكر فى الطريقة التى ستعالج بها الموقف هل تسمح له بأن يقبلها .. ثم تخنقه فى أثناء هذه اللحظة وهل تستطيع خنقه حقا ..؟ انها ساذجة .. الأحسن أن تسمح له بالقبلة وبأن يعريها من ثوبها وفى لحظة انشغاله بهذا ستنقض عليه كالنمرة .. بأسنانها وأظافرها وتمزق جسمه ..
لا .. إنه أقوى منها وسيتغلب عليها أخيرا ..
والأحسن من هذا كله أن تصرخ .. ولا بد أن يسمعها أحد الركاب ويأتى لنجدتها ..

وجف ريقها فى خلال هذه الخواطر .. وكف قلبها عن الخفقان ثم عاد يخفق ..
ومن العجب أن خواطرها تركزت كلها فى الخوف على عفافها ونفسها ولم ينصرف قط إلى الجواهر التى تحملها .. مع أنها كانت فى أول الأمر تخشى على الجواهر أن تسرق ..
وكان الرجل الجالس معها فى مكانه لم يغيره .. كان يدخن فى هدوء ..
انه يعد نفسه للحظة الحاسمة ..
أما هى فستقاوم .. وتقاوم .. إلى آخر نفس ..

وقبل أن يدخل القطار فى محطة المنيا .. ظهر الرجل اللابس الجلباب واللبدة مرة أخرى فى الطرقة .. ووقف بجوار باب الديوان .. ونظر من النافذة إلى الداخل .. ثم فتح باب الديوان .. وتناول حقيبة من فوق الرف .. وأنزلها ووضعها فى الممر .. وظل فى مكانه ينظر من نافذة القطار الزجاجية إلى حدود المدينة ..
ولما دخل القطار المحطة .. وتوقف .. رأته يحادث شابين آخرين كانا ينتظران على الرصيف ويلبسان الملابس البلدية .. وكان يقف معهما رجل يلبس بدلة أنيقة ..
ودخل الشابان إلى جوف العربة ..

ورأت هدى الشابين ينحنيان على الرجل الجالس معها فى العربة .. ويحملانه إلى الخارج ..
وسقطت البطانية من فوق رجليه .. فى هذه اللحظة نظرت هدى إلى ساقيه المتدليتين دون حركة كشىء ميت .. واحمر وجهها ..
وعندما خرجوا بالرجل من القطار .. فهمت الشىء الذى لم تكن تقدره أو تتوقعه أبدا .. وآلمها أنها لم تعرف حالته طول الوقت .. ولم تعاون عجزه عن الحركة بأية مساعدة قليلة منها ..
ومسحت عبراتها مرة أخرى ..

محمود البدوي
__________________________________
نشرت بمجلة الجيل المصرية فى 451959 وأعيد نشرها بمجموعة زوجة الصياد 1961لمحمود البدوى
  رد مع اقتباس
قديم 20/08/2008   #5
صبيّة و ست الصبايا يا نااااس
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ يا نااااس
يا نااااس is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
فلسطيــــن
مشاركات:
175

افتراضي


ما بزكر اني قرأت شي احلى من هيك
يسلموووووو دياتك

لو لف العالم ما بلائي متلك
بحبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك
""""""""""""""""""""""""""""
كلنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
غـــــــــــــــزة العـــــــــــــــزة
  رد مع اقتباس
قديم 20/08/2008   #6
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : يا نااااس عرض المشاركة
ما بزكر اني قرأت شي احلى من هيك
يسلموووووو دياتك
نورتي,
  رد مع اقتباس
قديم 23/08/2008   #7
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


الملهمة

كان إبراهيم عبد المجيد يكتب القصة القصيرة فى المجلات والصحف منذ سنوات .
وكان يصور حياة الفقراء والبؤساء ، والذين قست عليهم الحياة وشردهم المجتمع ، أبلغ تصوير .
كان يكتب بكثرة ويعمل ليل نهار ، ومع ذلك لم يجد لما يكتبه صدى ، ولا أثرا فى نفس أحد من القراء ، كانت كتاباته تذهب مع الريح . لم يتحدث عنه ناقد ، ولم تكتب عنه صحيفة ، ولم تصله رسالة من انسان تشجعه على مواصلة جهوده . . ! !


ومع هذا ، فإن إبراهيم لم ينقطع عن الكتابة والنشر ، ذلك أنه كان يجد سلوته الوحيدة وناصره ومشجعه على المضى فى طريقه .. من جارته الحسناء ! وكانت أرمل فى الثلاثين من عمرها ، غضة الأهاب ، ريانة العود ذات عينين سوداوين ناعستين وأنف دقيق وخد مورد وبشرة ناصعة البياض .
كان يراها من شرفته تقلب بيدها الرخصة المجلات المصورة التى كان يكتب فيها ، وكان يراها وهى تقلب المجلة ، وتبتسم تلك الابتسامة الفاتنة ويتصور أنها تقرأ قصته ، وتبتسم لفكاهاته ، ثم يراها مرة أخرى حزينة واجمة ، فيتصور أنها تأثرت من إحـدى قصصه المحزنة ! كان يرى كلامه مطبوعا على جبينها ، وكان يفسر كل حركة تصدر منها بأنها إيحاء من قصصه !
وكان يتصور أنها تتبع حركاته وسكناته ، فترقبه وهو خارج من المنـزل ، وتستقبله وهو عائد إلى بيته من وراء سجف النافذة . ولهذا كان يميد من الزهو ويشعر بارتياح شديد ونشاط لاحد له وكان يكتب .. ويكتب .. غير عابىء بما يحيط به من انكار وجحود ، كان يكفيه أن هذه السيدة الجميلة تقرأ له وتعجب به .
كان يكفيه هذا ، وكان يكتب لها وحدها ، وكان يشعر بها تغمر جوانب نفسه بنور قوى ، كانت تدفعه إلى العمل والجهاد وإن لم يتحدث إليها قط ، كان يكتفى منها بهذه الابتسامة المشرقة من بعيد .
ومضت الأيام وهو يواصل عمله بنشاط ، وصورة جارته الحسناء لاتبرح مخيلته أبدا .
وفى ليلة من الليالى كان جالسا إلى مكتبه يكتب كعادته ، فسمع جرس الباب الخارجى يدق ، فنهض وتوجه إلى الباب ، فألفى خادم جارته الحسناء فسر لهذا جدا ، واستقبل الخادم مرحبا !
وقال له الخادم :
ـ تسمح بقلم حبر ...
وطار من الفرح ، فقد حسب أن السيدة تطلب القلم لتكتب له رسالة تشجيع !
وأسرع إلى مكتبه ، وعاد بالقلم ، وقبل أن يعطيه للخادم ، سأله فى لهفة :
ـ لمن .. لسيدتك ؟
ـ لا .. لسيدى الصغير .. ستى لاتعرف القراءة ! !
وسقط القلم من يد القصصى النابغ ، من هول الصدمة ولم يكتب بعدها حرفا .. !


________________________

نشرت القصة بالمجموعة القصصية " العربة الأخيرة " سنة 1948 لمحمود البدوى
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2008   #8
صبيّة و ست الصبايا وشم الجمال
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وشم الجمال
وشم الجمال is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
جبين الشمس
مشاركات:
4,561

افتراضي


اول تلت قصص حسيت فيهم نفس الاحداث ونفس الاسلوب يعني صحيح تغير المضمون بس الاحساس فيهم واحد والخاتمة كانت ظريفة

بس القصة الاخيرة (الملهمة )هاي كانت غير وجد مميزة جدا جدا وحسيتها عالوجع لما الواحد يحس انو في حدا معو وبلحظة بيكتشف انو وحيد.....


ميرسي الك وائل عالقصص وبانتظار اتحاف جديد من حضرتكم

تباً إننا جيل كامل من الانتظار .. متى نفرغ من الصبر .. و من مضغ الهواء ..


اتعرى من الجميع كي أجدني,,,,
فأضيع !!!!

حاولتُ أن أغرق أحزاني في الكحول، لكنها، تلك اللعينة، تعلَّمَت كيف تسبح!
  رد مع اقتباس
قديم 30/08/2008   #9
post[field7] على عبد اللطيف
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ على عبد اللطيف
على عبد اللطيف is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
مصر الجديدة ـ القاهرة ـ مصر
مشاركات:
9

افتراضي


شكرا لكم لتكبد مشقة نقل قصص الأديب المصرى الراحل محمود البدوى



آخر تعديل achelious يوم 30/08/2008 في 16:08. السبب: حذف رابط مدونة..
  رد مع اقتباس
قديم 30/08/2008   #10
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


إكسير الحياة

التقيت وأنا أعبر شارع الشيخ حمزة إلى عيـادتى فى أمسية من أمسيات الخريف بصديقى لطفى .. وكان من رفاق الحداثة فى المدرسة الخديوية .. ولما دخلت مدرسة الطب كان هو قد ترك الجامعة واشتغل فى الصحافة .. وغمره تيارها وأصبحت لا أراه إلا قليلا ..
وسر لما رآنى عرضا فى الطريق وسررت أنا أكثر منه .. ولكن شيئا على خديه وفى عينيه أشاع الرجفة فى قلبى ..
سلم فى بشاشة وهو يقول :
لى ستة شهور وأنا عازم على زيارتك فى العيادة ، وكل يوم أقول غدا .. تصور .. ولكن ما دمنـا قد التقينا الآن سأحـدد الميعاد فى هذه الساعة .. وسأجىء فى الخامسة بعد ظهر غد ..
وجاء .. وأخذ يحدثنى عن حياته وعمله .. وكيف أنه يقضى الليل كله فى المطبعة بين الحروف والرصـاص .. ومنـذ شهور طويلة أحس بشىء فى صدره .. ويخشى أن يكون قد تمكن منه الداء ، ولولا أنه أحب فتـاة حبـا جارفا ويفكر فى الزواج منها .. ما اهتم بالأمر ، ولهذا يود أن يطمئن تماما قبل أن يشرك فتاة بريئة فى نفس المصير ..
وابتسمت .. ونفيت له الخاطر الذى دار فى ذهنه ، ولكن نظرة فاحصة إلى وجهه جعلت قلبى يدق بشدة ..
وقال ووجهه يضطرم :
ـ هل يمكن أن أكشف الآن ؟
ـ تفضل ..

وادخلته الحجرة ..التى فيـها جهاز الأشعة .. وخلـع ملابسه ووقف بصدره العارى وراء اللوحة .. وسلطت الجهاز .. ورأيت تمزقا ظاهرا فى الرئة اليمنى .. وخيـطا أسـود كضربة موسى يبعـد عن التمزق بمقدار عشرة سنتيمترات .. واسود وجهى وتندت عيناى بالدموع .. فقد كانت الحـالة ميئوسا منها تماما ولا ينفع فيها أى علاج ..
ولما خرج صاحبى من وراء الجهاز وارتدى ملابسه .. لم أشعل نور الغرفة وتركتها فى الظلام حتى أخفى تعبيرات وجهى ..
ـ ماذا رأيت ..؟
ـ صدرك سليم .. بل أقوى من صدر مصارع الثيران ..
ـ لاشىء ..؟
ـ لاشىء على الاطلاق ..

فنـظر إلىّ فى شـك .. ولكـن الفرحة هزته وأجرت الدم فى خديه ..
ـ أتزوج إذن ..؟
ـ توكل على الله .. هل حددت ميعاد الزواج ..؟
ـ بعد خمسة شهور ..

وقدرت حياته الباقية بثلاثة شهور على أوسع مدى .. وقدرت للفتاة النجاة .. وسألته :
ـ والعروس قريبتك ..؟
ـ لا .. إنها من المنصورة .. وأنا لا أراها إلا مرتين فى الشهر .. ولهذا أتعجل الزواج ..

واسترحت لأنها لاتعيش فى القاهرة معه .. وأسفت على شبابه وصحته ..
وكنت أحادثه وأنا أكتم انفجار الألم فى نفسى .. وأضغط على مخارج الحروف حتى لا أبدو ضعيفا أمامه ..
وعندما بارحنى مسرورا بنتيجة الفحص كنت غـارقا فى دوامـة من الأسى ..
وفكرت فى أن أتصل به بعد ذلك بأيام .. وأقول الحقيقة بطريقـــة مخففة .. أو أعرف عنوان الفتاة وأبعث لها برسالة ..
ولكننى وجدت أن فى إخباره قسوة بشعة وتعذيبا لإنسان سيموت حتما .. وفى الاتصال بالفتاة قسوة مثلها ..
وظللت أتعذب وأنا غير مستريح إلى كذبتى .. وكنت كلما دخلت على فتاة مريضة فى العيادة تصورتها خطيبة صاحبى .. وأنها جاءت تحمل إلىّ اللعنة والعذاب .. ومر عام وأكثر .. ونسيت الحـادث ونسيت صاحبى فى غمرة الحياة ..
***
ثم التقيت به عرضا منذ اسبوع وأنا داخـل إلى استراحة " شل " على الطريق الصحراوى وكان على حالة من الصحة .. والعافية أدهشتنى .. ولما جلسنا .. نشرب القهوة فى الاستراحة وجدت نفسى أوجه إليه هذا السؤال وأنا لا أشعر :
ـ ألم تسافر إلى سويسرا فى العام الماضى ..؟
ـ سويسرا لماذا .. اننى لم أبرح مصر قط ..
ـ خيل إلىّ أننى رأيت شخصا يشبهك فى " بادن "
ـ اننى مشغول بعملى ولا أستطيع السفر إلى الخارج ..
وكنت أود أن أسأله :
ـ ألم تدخل مصحة ..؟

ولكننى " بلعت " هذا السؤال .. وأنا أنظر إلى سيدة رائعة الحسن تقبل علينا فى رشاقة حلوة .. وأدركت بعد أن قدمنى إليها .. ونظرت إلى عينيها ووجهها .. سر نجاته من ذلك الداء ..
فقد كانت " سميحة " زوجته تبتسم له ابتسـامة مشرقة فيها الأمـل والحــياة ..
=================================
نشرت القصة فى صحيفة الأهرام المصرية فى 1731956 وأعيد نشرها بمجموعة " الجمال الحزين 1962 " لمحمود البدوى


لا أحتاجُ لتوقيعٍ .. فالصفحةُ بيضا
وتاريخُ اليوم ليس يعاد ..

اللحظةُ عندي توقيعٌ ..
إن جسمكِ كانَ ليَّ الصفحات
  رد مع اقتباس
قديم 06/09/2008   #11
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


المعجزة

كانت هند طريحة الفراش منذ تسعة شهور ، استيقظت ذات صباح فوجدت نفسها لاتستطيع أن تنهض من سريرها ، لقد أصيبت بالشلل النصفى على إثر صراع نفسى جبار استمر سنوات وأحزان قاتلة هدت كيانها ..
كانت تعتقد أنها دميمة قبيحة الصورة لاتصلح للرجال ولايحبها إنسان .. وقد رسخ هذا الاعتقاد فى نفسها منذ الطفولة وكبر مع الأيام .. كانت أمها تقول لها وهى صغيرة تلك الكلمة القاتلة يا وحشة كانت تسمع منها هذه الكلمة فى اليوم عشرين مرة .. فرسخت الكلمة فى أعماقها واستقرت فى طوايا نفسها ، فنشأت مريضة حزينة منطوية .
ولما كبرت رأت أختيها الصغيرتين تتزوجان قبلها وبقيت هى فى المنزل لايتقدم لها أحد حتى تعدت سن الزواج . وكانت تتصور أن جميع من فى البيت يكرهونها لهذا السبب ، وزادت أحزانها وآلامها .. وانفجر شريان غضبها أخيرا فأصيبت بالشلل ..
وأحضر لها أبوها أبرع الأطباء فى المدينة ، ودخلت كل المصحات وطافت بالأضرحة ، ونذرت لها النذور ، ولكن دون جدوى ..
ولجأت أمها ـ بعد أن تطرق إلى قلبها اليأس ـ إلى الدجالين ، فكانوا يكتبون لها الأحجبة والطلاسم والألغاز .. وأخذت تطلق البخور فى حجرة ابنتها لتطرد الشياطين .. وتنتظر الفرج من ملائكة الرحمة ..
وكانت الفتاة بعد الحادث الذى نزل قد زهدت فى كل شىء .. فى الحياة .. وقد علمتها الشهور الطويلة التى قضتها فى الفراش التأمل .. والقراءة .. فكانت تطلب الكتب وتقرأ .. وتقرأ وتفكر .. وقد خرج بها الألم عن الدائرة الضيقة التى كانت تعيش فيها من قبل ، فأصبحت إنسانية النزعة تتألم لآلام الناس وتشاركهم عواطفهم ..
وكان أبوها يسير أصيل يوم فى أحد شوارع القاهرة ، فلمح لافتة صغيرة تشير إلى طبيب نفسانى .. ومع أنه لم يسمع به من قبل ولم يحدثه أحد عنه ولكنه صعد إليه .. واستقبله الطبيب مرحبا .. فقد كانت العيادة خالية تقريبا من المرضى ، وتحدث الأب عن فتاته المريضة ..
فقال الدكتور وهو يبتسم :
ـ قبل كل شىء سنشرب القهوة لأن جلستنا ستطول..
وشرب القهوة .. وقال الدكتور وهو يفتح دفتر مذكراته :
ـ أنا على استعداد لأن أذهب معك إلى البيت الآن وأرى المريضة ، ولكنى أود قبل هذا أن أعرف كل شىء عنها .. فأسرد علىّ سيرتها من الطفولة إلى الآن ، وحاول أن تتذكر كل شىء فإن ذلك من الأهمية بمكان ..
وتحدث الأب واستمع اليه الطبيب ساعة كاملة ، ثم ركب عربة إلى البيت ، ودخل الطبيب على المريضة واستقبلها بوجهه الضاحك ، وأخذ يوجه اليها بعض الأسئلة ويشيع الطمأنينة فى نفسها ..
واستراحت اليه الفتاة كثيرا على خلاف من سبقه من الأطباء ..
ثم استأذن وأخذ طريقه إلى الخارج .. وسأله الأب فى لهفة :
ـ أين الروشته يا دكتور ؟
ـ ليس بابنتك أى شىء ..
ألا تصف لها دواء ؟
ـ أنا لاأعالج بالسموم .. وسأعالجها على طريقتى .. وسترى نتيجة ذلك قريبا ..
ـ وستشفى ؟
ـ بإذن الله .. ما فى شك ..
ونظر إليه الرجل بين مصدق ومكذب .. ودفع يده فى جيبه ليخرج المحفظة ويدفع الأتعاب .. فقال له الطبيب وهو يربت على كتفه :
ـ دع هذا الآن .. وسأحضر غدا فى مثل هذه الساعة ..
وفى اليوم التالى جاء الطبيب ومكث مع الفتاة أكثر من ساعة يحادثها فى مختلف الشئون ، ولم يجر ذكر المرض على لسانه قط ، فعجب الأب لهذا الطبيب المعتوه ..
وفى صباح يوم جميل حمل البريد إلى الفتاة رسالة ففضتها وهى تعتقد أنها من احدى صاحباتها ، ولكنها عجبت بعد قراءة سطرين منها إذ وجدتها بخط رجل يبثها غرامه .. ويقول انه جارها ويسكن فى الشارع الذى تقيم فيه .. وأنه رآها أكثر من مرة فى شرفتها ولكنها كانت فى شغل عنه فلم تلتفت اليه مرة واحدة .. وأنه لم يرها منذ شهور فى الشرفة أو فى النافذة فهل هى مسافرة أو مريضة ؟ إنه يود أن يعرف لأنه قلق .. ولأنه معذب ولأنه متيم بها ..
وقرأت الرسالة مرة ومرات وتورد وجهها .. وكانت عندها خادمة تحبها وتثق فيها فطلبت منها أن تضع الرسالة فى خزانة ملابسها ففعلت ..
وبعد يومين جاءتها رسالة ثانية .. فقرأتها فى لهفة .. وكانت أشد عنفا إذ كتبها بدم قلبه .. ثم تدفقت عليها الرسائل بعد ذلك .. وكان الطبيب فى خلال تلك المدة يزورها ، ويلاحظ التغير الذى طرأ على نفسها وجسمها .. فيسر لذلك ..
وحملت إليها الخادمة رسالة معطرة من حبيبها المجهول ..
وقال لها فيها إنه عرف رقم تليفون منزلها بعد أن عرف اسم والدها من البواب .. وإنه سيطلبها الليلة فى التليفون الساعة العاشرة مساء ويرجو أن تكون وحدها ..
ومن غروب الشمس كانت آلة التليفون بجوار سريرها ، وفى الساعة العاشرة دق الجرس .. فرفعت السماعة وظلت ممسكة بها برهة وقلبها يخفق خفقان الطائر المذبوح .. ثم قربت السماعة من أذنها وجاءها صوته من وراء الأبعاد .. وأخذ يتحدث .. وكانت هى تستمع فى نشوة وقد عقد الخجل لسانها .. ثم تشجعت وأسمعته صوتها .. ورأته يسر لذلك ويتدفق فى الحديث كالسيل ..
ووضعت السماعة وأحست بشىء جديد يسرى فى كيانها ، وبالدم يتدفق فى عروقها .. ويسرى فى جسمها كله حتى فى نصفها المشلول ، وكان خداها فى حمرة الورد .. وكانت عيناها تلمعان ببريق غريب .. بريق الحياة التى أخذت تدب فى جسمها ..
وظلت تحلم أحلام اليقظة إلى ساعة متأخرة من الليل ..
وأخذ بعد ذلك يحادثها فى التليفون كل يوم .. وكانت تطلب من خادمتها أن تغلق عليها الباب وتظل تتحدث معه ساعة وأكثر .. وكان إذا تصادف وخرج أهلها للتنزه وبقيت وحدها مع خادمتها ودق جرس التليفون كانت تشعر بسعادة غامرة لأنها تستطيع أن تحادثه بحرية ولمدة أطول وأطول .. وكانت قد ألفت صوته واستراحت إليه وازداد تعلقها به .
وذات مرة قال لها :
ـ عاوز أشوفك ..
ـ صحيح ..؟
ـ والنبى ..
ـ فين..؟
ـ فى أى مكان تحبينه ..
ـ لكن أنا مبخرجش ..
ـ أبدا ..؟
ـ أبدا..
ـ طيب ..
ووضعت السماعة وبكت ..
وفى اليوم التالى حادثها وقال لها :
ـ أنا زعلان منك ..
ـ ليه ..؟
ـ مررت تحت البيت فلم أرك ..
ـ والله فيه عذر قوى .. وأنا معذورة ..
ـ بكرة سأمر .. ولازم أشوفك ..
ـ سأحاول ..
ووضعت السماعة .. ولكنها لم تبك بل أحست بشىء يعمل فى داخل نفسها .. وبقوة دافقة تسرى فى كيانها ..
وقبل الموعد بساعات طلبت خادمتها وأخذت تتزين ، والبستها الخادمة أحسن أثوابها .. وقربت منها المرآة .. فأخذت تنظر فى وجهها طويلا .. وتصفف شعرها ، ولاحظت التغيير الذى طرأ عليها ، ورضيت وابتسمت .. وصرفت الخادمة ولما اقترب الموعد خيل اليها أنها تسمع صوته يناديها فتحركت من فوق السرير ووجدت نفسها لأول مرة فى حياتها تحرك رجليها .. وأنزلتهما برفق وقد غمرتها فرحة عارمة ونزلت على الأرض وتماسكت واستمرت واقفة وحلت المعجزة ومشت فى أرض الغرفة نحو الشرفة ..
واستندت على الحاجز ، ورأته هناك فى الجهة المقابلة من الشارع ولوح لها بمنديله الأبيض كإشارة للتعارف كما اتفقا .. وظلت متماسكة تنظر اليه فى سرور ..
ورأت الخادمة سيدتها واقفة فصاحت :
ـ شوفو ستى .. شوفو .. ستى ..
ورأت الأم ابنتها واقفة فى الشرفة .. فجرت نحوها ، وارتمت هند على صدرها وأخذت تبكى .. بكاء الفرح ..
وبعد ذلك بساعة كان الطبيب جالسا فى مكتبه يسجل فى دفتر مذكراته ..
إنتهى العلاج وحدثت المعجزة
----------------------------------------------
نشرت القصة فى صحيفة الزمان المصرية 1|12|1952 وأعيد نشرها بمجموعة حدث ذات ليلة 1953
  رد مع اقتباس
قديم 06/09/2008   #12
شب و شيخ الشباب ارسلان
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ ارسلان
ارسلان is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
حيث أجدني
مشاركات:
3,170

إرسال خطاب ICQ إلى ارسلان إرسال خطاب AIM إلى ارسلان إرسال خطاب Yahoo إلى ارسلان
افتراضي


قصصٌ قصيرة بـــ طول الحياة والموت
بــــعمق الحــــب

تسلم

جرائم حماس على صفيح ساخن
http://hamasgaza.wordpress.com/
  رد مع اقتباس
قديم 07/09/2008   #13
صبيّة و ست الصبايا دلوعة سوريا
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ دلوعة سوريا
دلوعة سوريا is offline
 
نورنا ب:
May 2007
المطرح:
فوق الغيمات.,.,.,
مشاركات:
231

افتراضي


القصص رائعة و خصوصاً الملهمة...

يسلموووووو

ـــــــــــــــــــــــ
لـــــ ـــــــــ ــــا
لـــ*ـــــــــ*ـــا
لــــــــــــــــــــا

ســـــوريـــــــــا يا بلد الورد,لونو عـــ خدودكـ صافي...
الــــك مني احلى وعـــــد,رجعة عــ حضنكـ الدافي...

(*(*(*(*(*عصابة الملوك*)*)*)*)*)
  رد مع اقتباس
قديم 07/09/2008   #14
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


شكرا لجميع المتابعين, المشاركين بالردود وغير المشاركين
  رد مع اقتباس
قديم 07/09/2008   #15
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


الزلزال

سمعت سعاد جرس الباب الخارجى يدق .. ومع أنها كانت جالسة قريبة من الباب .. لكنها لم تنهض إذ كانت تشعر بتراخ وكسل ونادت خادمتها وداد بصوت عال ففتحت هذه باب المطبخ وظهر صوت الوابور .. يغطى كل الأصوات ..
ـ مش سامعة الجرس ..؟
ـ أبدا ياستى .. ودخلت هدى .. فاستقبلتها سعاد مرحبة .. وقالت هدى وهى تقبل سعاد في وجنتيها :
ـ الف مبروك ..
ـ مرسى خالص ..
ـ قد إيه فرحت .. لما سمعت من فاطمة هانم ..
لازم كده .. منقدرش نستغنى عن الراجل .. مهما كانت الظروف ..
ـ رأيك كده ..؟
ـ طبعا ومن الأول .. قلت لك لازم تجوزى يا سعاد .. حرام .. تضيعى شبابك .. وجمالك .. وترفضى عثمان بيه لأنه كويس
قوى ..
ـ آدينى ياستى قبلت ..
ـ وامتى حنفرح ..
ـ لما تفوت سنة على المرحوم .. قربنا .. ـ
نازلة معايا مصر .. أنا رايحه الصالون الأخضر .. حاشوفلى حتتين .. ـ متأسفة خالص يا هدى .. النهاردة أول
يوم في المدرسة .. ولازم أستنى حلمى لما يرجع .. ـ إحنا راجعين حالا .. ـ ما أقدرش .. الصبح وديته المدرسة بنفسى .. وفضلت معاه في الحوش .. أكتر من سـاعة .. وبعد كده وقفت بره السور .. مدة كبيرة
.. ولما دخل الفصل عيطت .. ولما جيت هنا قعدت جنب التليفون .. وكل ساعة أضرب للناظرة حاجة تكسف .. ؟ ـ معلهش علشان النهاردة أول يوم يخرج فيه من البيت .. وبعدين تعتادى على كده .. ـ والعياط ..
شىء يكسف .. !؟ ـ عينيك حلوة بالدموع .. وضحكتا .. وأخذت الصديقتان تتجاذبان الحديث حتى جاوزت الساعة العاشرة من الصباح فانصرفت هدى .. وبقيت سعاد وحــدها تنظر إلى الســـاعة وهى رائحة وذاهبة في البيت وداخلة
من حجرة إلى حجرة دون غرض ولأول مرة في حياتها شعرت بالفراغ .. بالفراغ المعذب .. وبوحدة المرأة الحزينة التى فقدت زوجها .. وهى في أول شبابها .. فقد كان ابنها ينسيها هذا وينسيها بألاعيبه وبكائه وجريه في البيت أنها
أرملة وأنها وحيدة وأنها فقدت زوجها .. فقدت الرجل الذى كان يحيطها بذراعيه القويتين وقلبه الحنون .. أحست بالفراغ الكبير وانقبض صدرها وتألم وتحركت في حجرات البيت ترتب بعض الأشياء الصغيرة .. ثم سمعت جرس الباب
الخارجى يدق مرة أخرى .. وتناولت الثلج من البائع ووضعته في الثلاجة .. ودخلت على خادمتها المطبخ .. وكانت سعاد تعد من الصباح الباكر لطفلها طعاما شهيا .. وبعض الحلوى .. كانت تود أن تحتفل باليوم الأول لدخوله
المدرسة .. وفرغت من كل شىء وهى لاتزال تشـعر بالوحشة وانقباض النفس .. وتحركت إلى التليفون .. وأدارت القرص .. فوجدت نمرة المدرسة مشغولة .. فعاودت الدق .. فسمعت انشـغال الخط مرة أخرى ..
فجلست مكتئبة على كنبة .. وفى يديها خيوط من الصوف تنسج بها " بلوفر " لابنها .. وأخذت تعمل وكانت يداها تتحركان حركة آلية دون وعى ودون حس .. وبعد قليل ألقت خيوط الصوف وعادت تدق للمدرسة .. وشعرت
بالخجل يصعد إلى وجنتيها وهى تحادث النــاظرة .. وتسـأل عـن ميعــاد الانصراف للمرة الرابعة .. وقبل الميعاد بسـاعة ارتدت فستانها الأسود وخرجت مسرعة إلى المدرسة .. وزاغت عيناها في مئات الأطفال متناثرين كالزهور في حوش
المدرسة ولكن باصرتها تركزت في دائرة زرقاء رسمت بها اسم حلمى على صدره ووجدته أخيرا .. فجرت إليه واستقبلته بين ذراعيها .. وكان الغلام مسرورا بلقاء أمه .. وقد انفرجت أسارير نفسه عندما وجدها على الباب .. وعاد
يشعر بعطف الأمومة يغمره ويشيع البهجة في عالمه الصغير ..
***

وكان عثمان خطيب سعاد يشغل وظيفة رئيسية في إحدى الشركات بالقاهرة ويعمل في الشركة في الصباح والمساء .. ومـع ذلك .. ومع أن سعاد تسكن بعيدة عنه فقد كان يزورها في بيتها يوميا منذ أعلنت خطوبتهما .. فقد بهره جمالها
وسحره فتعلق بها وأصبح لايغيب عنها .. وكان يقضى معظم الوقت معها في البيت لأنها كانت ترفض دعواته إلى السينما أو إلى أى نزهة في الخارج .. فلا تزال تلبس السواد ولم ينصرم عام على وفاة زوجها .. كما أنها لاتحب أن تخرج
وتترك الغلام وحده في البيت .. وكان عثمان يستاء لرفضها الخروج معه .. ولكنه كان يلتمس لها العذر .. ويضـطر إلى مـلازمتها في البـيت والسـهر معهـا .. وكان يراها أمامه جميلة رقيقة المشاعر عذبة الحديث .. تجمع كل مفاتن الأنثى .. ولكنه كان يستاء في أعماقه لأن ظهوره في جو حياتها لم يدخل السرور على قلبها .. ولم يعد إليها اشراق وجهها .. وكان يراها مشغولة باطعامه .. وراحته والذهاب به إلى الفراش .. وإذا ارتفعت حرارته نصف درجة .. شغلت بتمريضه والعناية به وتستدعى له أكثر من طبيب .. ولكن عثمان كان يحتمل هذا بصبر ويعرف أن الحياة ستغيرها بالتدريج .. وأنها ستصبح له وحده بعد أن يتملكها ..
***

وكان يجلس معها بعد العشاء في الشرفة ويتمتعان بجو الخريف المنعش وبالهدوء في هذه المنطقة وبالمنازل الجميلة الحديثة التى حول البيت .. وبالاضاءة الخافتة في الشارع .. فإذا طلع عليهما القمر وغمرهما بضوئه وسحره تفتحت مشاعره للغزل .. فيناغيها .. ويناجيها ويمسك راحتها البضة بيده الملتهبة .. ويضغط عليها ويمسح على ذراعيها .. فإذا راح في سكرة الحب .. واقترب منها ليمسح على شفتيها بشفتيه ويبرد النار التى تشتعل في قلبه .. دفعته عنها
برفق وهى تهمس :
ـ حلمى صاحى .. وكان يتألم لهذا الرفض ويتعذب .. وصرخ من أعماقه وهى تمضى عنه إلى فراش الغلام ..
ـ جته موته .. ولكنها لم تسمعه ..

يتبع..

آخر تعديل achelious يوم 07/09/2008 في 23:43.
  رد مع اقتباس
قديم 08/09/2008   #16
شب و شيخ الشباب i m sam
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ i m sam
i m sam is offline
 
نورنا ب:
Jul 2008
مشاركات:
1,245

افتراضي


اولا مشكور تعبك بنقل القصص الرائعة
بالنسبة للقصص التلاتة الاولى ..عم استغرب كيف وصل الحال فينا انو ديما الانسان بيفكر بالشي السلبي وبالكوارث حتى قبل ما توقع بيجوز هالزمن يلي وصلنالو وبيجوز هي طبيعة الانسان هيك
بس قصص روعة والباقيين لا تعليق

اذا لم نعش جميعا متآخين كشعب واحد ....
فان كل واحد منا سيموت وحيدا

بجيب الريح تتلعب معك

www.3tbatt.blogspot.com
  رد مع اقتباس
قديم 09/09/2008   #17
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


وكان عثمان يمضى يوم راحته الاسبوعية في بيت ســــعاد ويجىء مبكرا ويحاول ملاعبة الغلام ومداعبته .. ولكن عطفه لم يكن طبيعيا .. كان متكلفا .. كان مجاملة للأم .. ولكن سعاد لم تكن قد خبرت بعد طباع خطيبها أو وصلت إلى أعماقه .. واقترب يوم الزفاف .. تحدد يوم الخميس الأول من الشهر التالى وكان الخطيبان في فرحة وسعادة متصلة .. وكان عثمان بك يتعشى مع سعاد كل ليلة ويبقى في بيتها إلى منتصف الليل .. وذات ليلة تعشى حلمى ونام مبكرا .. وعندما جاء عثمان لم يره كما اعتاد ، وكانت سعاد في هذه الليلة سعيدة .. وازينت وبدت في ثوب من الساتان الوردى ، خلعت السواد وبدت كأجمل عروس رأتها العين .. وكانا يتحدثان في وفاق ومحبة .. وقررا الانتقال في أول الشهر إلى شقة جديدة على كورنيش النيل لتكون العش الهنى .. وبدا كل شىء ممتعا وسارا في تلك الساعة .. وعندما ضمها إلى صدره ليقبلهـا لم تمانع أو تعتذر بوجود حلمى .. ولفرط السعادة التى غمرته وهو يعانقها نسى أن حلمى موجود في البيت أصلا .. ثم خطر في ذهنه خاطر .. لماذا لايدخل حلمى أية مدرسة داخلية .. قرر أن يعرض عليها هذا الخاطر بعد الزواج ..

وجاء عثمان إلى بيت سعاد ذات صباح مبكرا يصحبها إلى السوق لشراء بعض الأشياء اللازمة لهما في البيت الجديد .. وكان حلمى قد ذهب إلى المدرسة .. وفيما هما جالسان في الصالة أحسا بهزة عنيفة فذعرا وارتجفا .. وعرفا أنه زلزال .. وبعد أن مرت الهزة العصبية .. جرت الأم إلى التليفون تتحدث مع المدرسة فوجدت الخط مشغولا .. فظلت تتحرك في البيت دون وعى وهى شاردة وقد ساورها القلق القاتل . وبعد قليل سمعت من الجيران أن الزلزال أحدث ذعرا في بعض المدارس ومات بسبب هذا أطفال .. فابيضت عيناها من الفزع وخرجت بملابس البيت تعدو إلى المدرسة .. وكان من يراها وهى تجرى في الشارع يتصور أنها جنت ، فقد كانت تجرى على شريط الترام ولا تحس بالسيارات المسرعة التى تكاد تدهسها .. ومـع أنها مـذ نزلت مـن البيت كانت تود أن تركـب " تاكسى " .. ولكنها لم تركب ووجدت طاقتها العصبية تدفعها إلى الحركة والعدو .. وهى لاتحس بشىء مما حولها ، وبعد عشر دقائق رجعت إلى نفسها وركبت " تاكسى " إلى المدرسة .. وبقى عثمان في البيت لم يخرج وراء سعاد .. وكان يود أن يسأل الناس ليتحقق من أن الزلزال وقع فعلا في المدرسة التى فيها حلمى بالذات .. وأن البناء انقض على الغلام وحده .. كان يود أن يتأكد من هذا وجعله هذا الخاطر سعيدا ومبتهجا وظهر البشر على وجهه ..

ودخلت عليه هدى لما علمت بذهاب سعاد إلى المدرسة .. وقالت له :
ـ كان لازم تروح معاها .. يا عثمان بك ..
ـ علشان إيه .. ؟
ـ وجودك يريح أعصابها ..
ـ دى طارت من غير ماتتكلم ..
ـ طبعا .. أم ..
ـ اضربى للمدرسة علشان نطمئن .. دى غابت .. باين مات ..
ـ حرام عليك .. تقول كده .. وتجيب سيرة الموت على لسانك دول أطفال ..
ـ بصراحة .. مش حا أستريح أنا وسعاد ما دام الواد دا عايش ..
ـ ليه .. تقول كده .. وكان وجهه يفيض بشرا للأمنية التى يتمناها في تلك اللحظة .. ويرجو أن تكون قد تحققت ..
ـ تفتكر ولا قدر الله إن جرى حاجة .. حتتجوزك سعاد ..
ـ طبعا .. وتكون كلها لى ..
ـ لأ .. انت غلطان .. ودا تفكير حيوان مش انسان .. سعاد حتتجوزك علشـان تربى الواد .. وتكون أب له .. قبل ما تكون جوز لها .. انت ما تعرفشى سعاد .. تتمنى الموت لابنها في الساعة المشئومة دى .. حـرام ..لازم تنزل حالا وراها .. وتخليها تحس بأنك راجل نبيل .. وانسان .. وكانت سعاد قد دخلت البيت وبيدها حلمى .. وسمعت الحديث كله .. سمعت كل ما قاله عثمان .. ولكن عندما دخلت عليهما الغرفة لم تظهر ذلك .. كانت فرحتها بعودة ابنها تطغى على كل عواطفها ولم يستطع عثمان أن يخفى انقباضه لنجاة الغلام فاسود وجهه .. ثم فتح فمه دون أن ينطق بحرف .. ودخل حلمى الغرفة واحتضنته هدى .. وقبلته .. وأخذت المرأتان تتحدثان وتقصان ما وقع لهما ..
وكان عثمان جالسا في صمت ووجهه أبيض .. وكانت سعاد تنظر اليه وهو جالس باحتقار شديد ومقت أشد وتود لو تطرده من بيتها .. وأخذت هدى تضحك وتحاول أن تعيد البهجة إلى الخطيبين .. بكل ما تستطيع المرأة من حيل .. ولكن بعد أن خرجت هدى من البيت عاد الوجوم والصمت .. وتكشفت نفساهما .. وأصبح كل منهما يرى وجه صاحبه خالصا من كل قناع وزيف ..
وتحدث عثمان وردت عليه سعاد في فتور .. ولما نهض ليخرج لم تستبقيه كعادتها للغداء .. بل فتحت له الباب على مصراعيه .. وعلى بسطة السلم ألقت وراءه بشىء صغير .. سمع رنينه وانحنى والتقطه .. وعندما أدار رأسه إليها .. كانت في تلك اللحظة قد أغلقت الباب في وجهه بعنف ..

_____________________________
نشرت القصة بمجلة الجيل في 19-12-1955 وأعيد نشرها بمجموعة الأعرج في الميناء لمحمود البدوى 1958
  رد مع اقتباس
قديم 09/09/2008   #18
صبيّة و ست الصبايا دلوعة سوريا
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ دلوعة سوريا
دلوعة سوريا is offline
 
نورنا ب:
May 2007
المطرح:
فوق الغيمات.,.,.,
مشاركات:
231

افتراضي


شكراً الك.... و بانتظار المزيد من القصص الرااائعة
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 23:32 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.27621 seconds with 12 queries