أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > منبــر أخويـــة الحــــــر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 13/12/2007   #1
شب و شيخ الشباب phoenixbird
عضو
 
الصورة الرمزية لـ phoenixbird
phoenixbird is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
بالاستديو
مشاركات:
3,019

افتراضي زمن تساقط الشعارات


كيف تعرضت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج إلى موجة عارمة ومدروسة بطريقة شيطانية من الأكاذيب والخدع العقائدية والأيديولوجية على مدى العقود المنصرمة كان الهدف منها الضحك على ذقون الجماهير لا أكثر ولا أقل. فكما تاجرت بعض الأنظمة العربية بالدين الإسلامي وادعت حمل رايته زوراً وبهتاناً وحكمت من خلاله واسترزقت وأثرت من ورائه ثراءً فاحشاً يندى له الجبين انبرت أنظمة أخرى إلى المتاجرة بعقائد وضعية كالقومية والاشتراكية والجماهيرية لتحقيق أغراض بمنتهى السفالة والانحطاط.

وكي نكون أمينين يجب أن نوضح أن تلك الأنظمة كانت أكثر تفنناً وتلاعباً واستغلالاً للشعارات البراقة بعشرات المرات من الأنظمة التي زعمت نصرة الإسلام ورفعت شعاره على أعلامها ومؤسساتها. فقد كانت الشعارات بالنسبة للأنظمة القومية والاشتراكية والجماهيرية خبزها اليومي وشغلها الشاغل ولعبتها المفضلة وديدنها الدائم، أو بعبارة أخرى لم يكن لديها لتقدمه لشعوبها سوى الشعارات التي لم تكن تلك الأنظمة تؤمن بها قيد أنملة. فكما هو معروف فإن رافعي الشعارات على مختلف أنواعها يستخدمونها مجرد وسيلة للتحكم بالجماهير والتلاعب بها كما يتلاعب البهلوان بكرات مطاطية أمام جمهوره. وقد كانت الشعوب بالنسبة لتلك الأنظمة الشعاراتية، كالأغيار بالنسبة لحكماء صهيون، مجرد (غوييم) قطعان للسوق.

وبإمكاننا القول دون تردد أن تلك الشعارات كانت بمثابة أفيون لتخدير الشعوب العربية التي رزحت وما زالت ترزح تحت حكم أنظمة حكم تدعي القومية والاشتراكية والجماهيرية. فالشعار، كما هو واضح، تصنعه النخبة لتستهلكه الجماهير. وليس من الضروري أبداً أن يكون صانع الشعار مؤمناً به. فقد عُرِف عن تاجر المخدرات الكولومبي الشهير بابلو أسكوبار أنه لم يتناول أي نوع من المخدرات في حياته مع العلم أنه كان يدير أكبر مافيا لتجارة وترويج المخدرات في أميركا اللاتينية والعالم، أي أنه كان يستخدمها لتخدير الآخرين وجمع ثروة من الاتجار بها فقط.

حال أسكوبار كحال المتاجرين بالشعارات من أنظمتنا وقادتنا، فهم روجوا لها دون أن يتعاطوها، فقد التقيت قبل فترة شخصية عربية تاجرت بعواطف الشعوب لردح من الزمن، وكم فـُجعت عندما قال لي بتهكم بارد وخبث نادر إنه قادر خلال أسابيع أن يفبرك عقائد روحية ووضعية تلهي الناس وتخدرهم.

لكن للمخدر أمداً محدداً ولا بد للشخص المُخدَر أن يخرج من تحت التخدير مهما طالت فترة البنج، وهذا ما يحصل الآن للشعوب العربية المُخدرة، فقد بدأ ينفضح أمر تلك الشعارات العريضة التي حقنوها بها إلى حد يجعلنا نطلق على هذه الفترة (موسم تساقط الشعارات العربية)، فكما أن أوراق الأشجار تتساقط لتترك الأغصان عارية كما خلقها ربها فإن الشعارات الإسلامية والقومية والاشتراكية والجماهيرية تتهاوى الآن على رؤوس رافعيها تاركة إياهم عراة من رؤوسهم حتى أخماص أقدامهم.

لم يبق لديهم أية أوراق يسترون بها عوراتهم الكثيرة على الأقل حالياً. لكن كما تستعيد الأشجار أوراقها بعد مدة، فإن أنظمتنا الشعاراتية قادرة بدورها أن تستر عريها بشعارات جديدة حتى لو كانت معاكسة مائة وثمانين درجة لشعاراتها القديمة، كأن تنتقل، مثلاً، بقدرة قادر، من الثورية إلى الليبرالية أو من الاشتراكية إلى الرأسمالية أو من القومية إلى القطرية دون أن يرمش لها جفن، هذا إذا لم تغير جلدها تماماً كما فعل مايكل جاكسون وتبيع قوميتها بقشرة بصل، مع عكس الآية طبعاً.


لقد صدعت بعض الأنظمة رؤوس شعوبها وهي ترفع شعار القومية والتضامن والوحدة العربية و(عزة العرب) كما تشدق صدام حسين وغيره من الزعماء الميامين، بينما كانت تتصرف من وراء الشعار القومي على أساس قبلي وعشائري وعائلي وطائفي بشع. أي أنها رفعت شعاراً فضفاضاً جداً ثم حكمت من خلفه كعصابات ومافيات مكتفية ومنغلقة على نفسها. وكلما كان الشعار القومي عريضاً جداً اعلم سيدي القارئ أن رافعيه فئويون إلى أبعد الحدود، فهم لم يكن يهمهم سوى الجماعات القريبة منهم كالعشيرة والقبيلة والعائلة والطائفة وأبناء البلدة والطغم العسكرية والتجارية المتحالفة معهم. وقد تكشف لنا بعد سقوط النظام العراقي كيف كان العراق محكوماً على أساس قبلي وطائفي وعرقي فج، فطفت القبلية على السطح بسرعة البرق وراح شيوخها يتصارعون للفوز بقسم من الكعكة الوطنية المتناثرة، ناهيك عن الصراعات الطائفية والعرقية الرهيبة التي خلفها النظام (القومي) في العراق.

أظهرت التجربة العراقية أن النزعات الطائفية والعرقية والقبلية والعائلية ازدهرت وترعرعت في ظل هذا النظام وفي ظل أنظمة كانت تتشدق بالقومية والوحدة العربية ليل نهار، أي أن تلك الأنظمة في معرض حديثها عن الوحدة الوطنية تمعن في تكريس التجزئة الداخلية وتفتيت الأوطان، علماً بأن التفتيت هو الضمان الوحيد لبقائها وليس الوحدة والتوحيد، وكانت تقيم توازناتها السياسية على أسس ضيقة ومحلية للغاية فما بالك أن تكون وحدوية أو قومية شاملة في مراميها!

لقد كان التشدق بالقومية والوحدة مجرد عقيدة فارغة ألهت الأنظمة الناس بها لردح من الزمن، وكان الهدف منها إسباغ نوع من الشرعية على تلك الأنظمة فاقدة الشرعية أصلاً. وكم صُدمت حينما شاهدت على شاشة التلفزيون أن آباء القيادات العراقية، التي كانت تمطرنا شعارات قومية بانتظام رتيب، لم يكونوا في واقع الحال سوى شيوخ عشائر وقبائل منطوية على ذاتها يعيشون خارج التاريخ. أما الحزب القومي الذي حكم صدام من ورائه وباسمه فكان مجرد واجهة مفضوحة لإشغال الجماهير وتطويعها لأغراضه الضيقة جداً ولخدمة أهداف العائلة التي تقاسمت النفوذ في البلاد، فالزعامة لصدام والمخابرات لقصي والاقتصاد والإعلام لعدي والفتات للأزلام. يا للوحدوية والقومية والجماهيرية! لم يكن هم صدام وأمثاله تحقيق الوحدة وجمع شمل العرب من المحيط إلى الخليج كما كانوا يزعمون في شعاراتهم المدوية بل إخضاع الشعوب العربية وصولاً لغايات الحكام الفئوية. فكيف يمكن أن تكون وحدوياً قومياً إذا كنت عائلياً أو طائفياً أنانياً ضيقاً لا تأبه بمصالح وهموم أبناء بلدك الأقربين؟ كيف نتوقع منك أن تهتم بعرب موريتانيا وجيبوتي وجزر القمر إذا كنت لا تهتم بعرب العراق القريبين وتنصفهم وتعاملهم برفق؟ ثم كيف نصدق شعاراتكم القابلة للتعديل والتحوير بين لحظة وأخرى؟ ألم يضف صدام عبارة (الله وأكبر) الإسلامية إلى علمه عندما بارت بضاعته القومية، فلم نعد نعرف إذا كان نظاماً قومياً أو إسلامياً؟ كم كانت المسافة شاسعة بين الشعار والواقع لدى (القوميين)!

ماذا حقق النظام العراقي من شعاراته المعروفة في الوحدة والحرية والاشتراكية؟ فعلى صعيد الوحدة لم يتمكن من توحيد العراق بدليل أن البلد تحول إلى ملل ونحل متصارعة بمجرد سقوط بغداد. وعلى صعيد الحرية لم يكن بإمكان الشعب العراقي اقتناء صحن لاقط لمشاهدة القنوات الفضائية. وعلى صعيد الاشتراكية فقد سمح النظام لقبيلته وعائلته وزبانيته أن يشاركوه في نهب ثروة البلاد والاستئثار بها. وقد علق أحد الساخرين قائلاً إن شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية التي رفعها حزب صدام (القومي) تحققت فقط على مستوى الحمامات والمراحيض العامة، فعندما يدخل شخص حماماً يكون لوحده ويستطيع أن يمارس الحرية في داخله على أكمل وجه، وعندما يخرج منه يأتي شخص آخر ليستخدم الحمام وبذلك تكون الاشتراكية قد تحققت في استخدام هذا المرفق العام فقط، فأنت وحيد عندما تدخل الحمام وحر في أن تفعل ما تشاء واشتراكي لأنك تخرج من الحمام كي يحل محلك شخص آخر!!

وفي مكان آخر من العالم العربي كان هناك نظام يملأ الدنيا ضجيجا وصخبا وحدوياً وقومياً ويبيعنا الشعارات القومية صبح مساء هذا في الوقت الذي كان يحكم بلاده على أساس قبلي وعائلي صارخ. وقد كان توزيع المناصب والثروات على أساس القرابة أو القرب من مركز الحكم. وكما في العراق كان الشعار مجرد ستار حاجب. ففي وسائل الإعلام وعلى الجدران لا حديث إلا عن حكم الشعب نفسه بنفسه من خلال الهيئات واللجان الشعبية وعن ضرورة جمع الطاقات العربية تحت لواء واحد، وفي الخفاء هناك جماعة أو فئة تدير البلاد بطريقة عشائرية وعائلية بادية للعيان. أما اليوم فالهم الأول والأخير للقوميين العرب القدامى هو تجهيز الساحة لذريتهم كي تحل محلهم عندما يتفضل عزرائيل مشكوراً بخطف أرواحهم إلى جهنم وبئس المصير.

والدليل على أن الشعارات القومية التي رفعها هذا البلد أو ذاك كانت مجرد شعارات جوفاء أنه انقلب عليها بسرعة البرق وكأن شيئاً لم يكن، فقد تحول الاقتصاد من اقتصاد (جماهيري اشتراكاوي تشاركي) إلى اقتصاد رأسمالي بعد أن أصبح الرأسماليون (حبايب) النظام ومسامحيه. وقد عاد العمل بقوانين ما قبل الثورة، أي قوانين الملك الذي انقلب عليه النظام الثوري. وبدلاً من الالتزام الشفوي بالثوابت القومية العربية العامة هناك جنوح خطير باتجاه معسكر الأعداء. وهذا إن دل على شيء فيدل على ميوعة الشعارات التي كانت مرفوعة وهلاميتها وزئبقيتها المفضوحة.

وكم ستفاجئون لو عرفتم أن بعض البلدان العربية التي رفعت شعار الاشتراكية كانت أسوأ من أي نظام رأسمالي في العالم. ففي أحد البلدان التي امتلأت حيطان مدنها وقراها بالشعارات المنادية بالاشتراكية تبين أخيراً أن حوالي سبعة بالمائة من الشعب يملكون أكثر من ثمانين بالمائة من الثروة الوطنية، وأن القوى العاملة لا تملك ربع ما تملكه مثيلاتها في أكثر الدول رأسمالية ألا وهي بريطانيا، فنصيب العامل البريطاني من الثروة الوطنية أكبر من نصيب مثيله في الدول العربية (الاشتراكية). بعبارة أخرى، فإن النظام البريطاني المتهم باستغلال الطبقة العاملة، حسب التوصيف الماركسي، أثبت أنه أكثر اشتراكية وعدلاً في توزيع الثروة من بعض الأنظمة العربية التي ادعت الاشتراكية وثولتنا بها. ولا داعي للحديث عن استئثار المقربين بمعظم الكعكة الاقتصادية في البلاد من خلال احتكار الوكالات والشركات. ويحدثونك عن الاشتراكية!! لما لا؟ وهل بريجينيف الذي حذرته والدته من عودة البلاشفة لإسرافه في العيش الرغيد أفضل من اشتراكيينا العرب؟ ما حدا أحسن من حدا، ألم تعش القيادات الاشتراكية في (داتشات) موسكو وضواحيها في نعيم مقيم بينما كانت الجماهير تقتات على الفودكا الفاسدة؟ فلنعلنها اشتراكية إذن ونحكم ونعش بالرأسمالية المتوحشة حتى لو ضاقت الشعوب ذرعاً بأكاذيبنا وشعاراتنا!

لقد لخص أحد الزعماء العرب ذلك النفاق الشعاراتي الإسلامي والقومي والاشتراكي الذي ضحكوا علينا به لعشرات السنين بنكتة تقول: إن سائق الزعيم سأله ذات مرة وهو يقود السيارة: أين أتجه يا سيادة القائد، إلى اليمين أم إلى اليسار، فأجابه الزعيم: اتجه إلى اليمين، لكن اعط إشارة بأنك متجه إلى اليسار!!



د. فيصل القاسم

وحياة سواد عينيك يا حبيبي غيرك ما يحلالي
we ask syrian goverment to stop panding akhawia
نقسم سنبقى لاننا وارضنا والحق اكثرية
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 12:58 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.06025 seconds with 14 queries