أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > منبــر أخويـــة الحــــــر > حصاد المواقع

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 12/05/2008   #1
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي لبنان الذي يحبون! .. رشيد ثابت


لبنان الذي يحبون!
رشيد ثابت




في كل حقبة زمنية تزدهر في الإعلام والثقافة العربية أسواق للكذب الجميل. هذا الكذب ليس باطلاً محضًا؛ فهو عادةً ما يغلف فكرةً جيدةً وقيمةً عظيمةً في أصلها؛ لكنه يتاجر بهذه الفكرة ويتبذلها ويهينها؛ وأهم من ذلك يجعلها مطية لبيع الكثير من المواقف المبطلة المنحرفة وتسويق الوجوه الكالحة والآراء الفاسدة. خذوا "حب فلسطين" كمثال؛ فلم ترج في الماضي سوقٌ للأدب والفن والعمل التلفزيوني والشعر والأغنية وحتى الانقلابات مثل تلك المتصلة بقضية فلسطين؛ ولم يبقَ صادقٌ ولا كاذبٌ ولا مؤمن ولا منافق ولا برٌّ ولا فاجرٌ إلا ووظف حب فلسطين في الدعاية لمواقفه وبضاعته في الثقافة والسياسة والإعلام بالحق أو بالباطل! وفي مواسم العز وجدنا المطربات والراقصات يهدين "أعمالهن الفنية" لأطفال الحجارة...وتاجر في القضية وحق العودة غناءً وشعرًا ونثرًا كل رائح وغادٍ؛ حتى قبض ثمن حب فلسطين شعراء شعوبيُِّون استئصاليُّون ممن نسي الفرنجة حمل أجدادهم معهم حين انسحبوا من موانيء صور وعكا؛ واستغنى بالكتابة لزهرة المدائن بعض من لهم تسجيلات صوتية مرئية يصفون فيها الفلسطينيين جملةً وعن آخرهم بأنهم "وَسَخَة"!

وقد تعرضت سوق فلسطين مطلع تسعينيات القرن الماضي لانتكاسة كبيرة وذلك حين وقعت حرب الخليج الأولى وأخذت قيادة المنظمة موقفها المعروف؛ وهو موقف سمح للشعوبيين والباطنيين باستغلال الفرصة لشن حملة كراهية متصهينة شعواء ضيقًا بالفلسطيني وزيادةً في عزلته ليُقْبِلَ على خيار "السلام" أو الاستسلام! فخرج الفلسطيني – نتحدث هنا عن الانسان لا عن القيادة المنحرفة المتاجرة بالقضية - من مربع التعاطف معه وانتقل لمربع التعرض للرجم والشتيمة الجماعية؛ أو دخل هو وفلسطينه في أحسن الأحوال في خانة "المسكوت عنهم" من الأقارب المزعجين الذين تضطر الأسرة لِتَقَبُّلِ وجودهم وتَقَبُّلِ ظلهم الثقيل جزءً من تقاسيم القدر – تمامًا كما تتعايش الأسرة العاقة في أضيق الحدود مع الجد العجوز الذي سقطت أسنانه وخارت قواه وتخفيه عن الجيران والأصدقاء كمن يخفي مجنونًا أو مجذومًا.

لكن العقل العربي الإعلامي والسياسي الرسمي المنافق متحركٌ وديناميكي؛ فإن عادت سوق فلسطين رائجةً – مثلاً بحادثة استشهاد محمد الدرة – فإنه يعود للملفات القديمة؛ ويركب تجار المواقف الموجة؛ فلا يبقى سياسيٌّ أو كاتبٌ أو إعلاميٌّ أو مطربٌ إلا ويغني لفلسطين؛ طبعًا بالقدر الذي يحقق الجماهيرية والربح المطلوب وليس تناسبًا مع عظم المصاب...فقد شهدنا في انتفاضة الأقصى الثانية ما هو أقسى من شهادة الطفل محمد الدرة – استشهاد أطفال أصغر سنا أو إبادة عائلات بأكملها – لكن "باروميتر" تجارة المواقف أنبأ باعتها أن السلعة لن تبيع بسبب المتغيرات السياسية وقواعد اللعب الجديدة التي تجرِّم المقاومة في الخطاب الرسمي العربي وتَرْجُمُهَا؛ فمرت هذه الحادثات الجسام دون تسجيل ثقافي أو إعلامي رسمي يذكر!

وآلية النفاق الحاضرة في "حب فلسطين" على المذهب الرسمي العربي كانت موجودة أيضا عند معالجة الملف العراقي. فحين كان المطلوب إقناع الناس أن سقوط الدكتاتورية هو أهم ما يلزم العراقيين اصطفت كل الأقلام والحناجر تروج للأمركة والانسحاق عند أقدام بوش باسم الحرص على الحريات والديمقراطية القادمة على طائر الإف ستة عشر الميمون وإدانة استبداد صدام حسين (وهذا حق ولكن!). أما حين استعرَّ أوار القتال والحرب وذاق الأمريكيون بَأْسَاء المقاومة تذرع الخطاب الرسمي العربي ببعض الحق – انتشار المذابح والحرب الطائفية في العراق – من أجل الترويج لباطل سلمٍ أهليٍّ ترعاه أمريكا وتحتاجه. ونسي أرباب الإعلام والسياسة هؤلاء أدوارهم وأدوار حكومات بلادهم في التبشير بمحاسن الغزو الأمريكي وبتقديم كل أيدي الدعم المادي والمعنوي لإنجاحه وإنجاح الفتن التي جاء بها؛ وعاد المطرب العراقي الكبير الذي غنى مع اليهودية "سارة برايتمان" لحنًا أشاد بانتهاء الحرب وسقوط التماثيل عشية احتلال بغداد – عاد وصار يتأوه ويتوجع على بغداد ويقبض الثمن بطبيعة الحال بالعملات الصعبة!

وحيث حلت فلسطين والعراق جاء لبنان أيضًا في أعين هؤلاء. في الحقيقة لم ترج بدعة نفاق اجتماعي عند المثقفين والسياسيين الرسميين العرب وعند حكوماتهم مثل بدعة التغني ببيروت وجمال بيروت وجمال صوت فيروز أيضًا! في العناوين تحدث الجميع عن المقاومة وعن أشياء أخرى جميلة؛ لكن عند تحرير هذه العناونين العامة تظهر النوايا الحسنة عند البعض ويظهر الرديء والفاسد المخبوء عند آخرين! فهؤلاء المنافقون ليسوا في الحقيقة أوفياء لدماء وعرق المناضلين والثوار بل هم حريصون على زجاجات العرق وأقداح الخمر! والجماعة ليسوا معنيين بحرية الرأي ولا مفتونين بتمتع أهل بيروت بحرية التعبير؛ بل هم مهتمون بالحرية الجنسية والإباحية و"قلة الأدب" (وإلا فليطالبوا بحرية التعبير في البلاد التي تمولهم ويكتب بعضهم منها)! وأولئك الحريصون على الهدوء والطمأنينة في بيروت ليسوا حقًّا ضد كل الميليشيات بالمطلق – وإلا فسيخسرون كل رموز فريقهم اللبناني الخاص المكون من القتلة والسفاحين والعملاء – بل هم فقط ضد فريق مسلح بعينه وما يمثله من قيم لا ترضي السيد الأمريكي!

على هذا النحو إذًا تجيء غضبة النظام الرسمي العربي الآن لبيروت: إنها غضبة لحق فريق من أبناء الأمة في قضاء أطول أجازة صيف في العالم في ربوع معامل الأنبذة ومنتجعات السياحة التي لا يربح من ورائها إلا الاستئصاليون! إنها وقفة حازمة لانقاذ حق المارونية السياسية المعلوم في نفط العرب ومال الحج والعمرة ودعوة أبينا إبراهيم! كأنه لا يكفينا أن تضيع أموال فوائض النفط في الاستثمار في التراب والرمل والاسمنت وبناء الجزر الاصطناعية وآلاف الغرف الفندقية في بلاد مرشحة لحرب كونية كاسحة!! ولا يكفينا أن يضيع مال العرب في صفقات سلاح يعرف البائع والشاري أنه لن يستعمل في شيء – اللهم ما خلا تغطية العمولات "إياها" – وكأنه لا يكفينا كل هذا "التقشيط" لنحافظ على سهم القوات والكتائب من "نهيبة" المال العربي...كل هذا مع أن القوم لا يدخرون وسعًا في سبنا وشتمنا وشتم الصحراء والجمل والعربي والبدوي والرمل ويتغنون بذلك في وسائل إعلام لهم لا تتمول إلا بمال الأمة ومال حجيج بيت الله الحرام! تخيلوا أننا ندفع من أرزاق البيت العتيق لمن يدفع لفاجرة تحتل الأثير لتشجب الحجاب والعفاف وتحمل على القرآن وحاكمية الإسلام ودون شك ترجم "هَوْدِي الفلسطينية" المجرمين!

هذا هو لبنان الذي يحبون يا سادة! إنه لبنان الذي يقدم كأس الراح لهم و"كباية" الشاي لقائد الكتيبة الصهيونية في الجنوب! أما لبنان قصف حيفا وما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا فليس لهم عنده إلا كل قواميس الشتم والإدانة والتشكيك تحت أي عنوان يلزم وفي إطار أي كذبة يمكن أن تبيع جماهيريًّا!

ولذلك يصعب علي أن أصدق أن وزراء الخارجية العرب أو مندوبي حكوماتهم في الجامعة العربية جادون في الحرص على لبنان وأهله. هم كما في العراق وفلسطين حريصون فقط على أجندات أمريكا؛ وعلى قَسَمِهِم هم وحصتهم من سهم استرقاق الأمة. وإلا فإن كانت هذه الغضبة التي غضبوها بالأمس هي لسلامة أمن عاصمة عربية فدونكم غزة ففيها من الناس المُرَوَّعين ضعفا من في بيروت الغربية والضاحية الجنوبية من البشر. وإن كانت هذه وقفةَ عزٍّ انتصارًا لأهل السنة والجماعة – وحلفائهم من القرامطة و"الأُوَّات" بزعامة مشايخ "البوني تيل" وساء أولئك رفيقا! – فأهل غزة كلهم مسلم سني وليس فيهم شيعي واحد؛ وكذلك أهل الموصل الذين يتعرضون الآن لحملة "زئير الأسد"؛ وأعداؤهم الصهاينة والأمريكان كفار بإجماع المذاهب الأربعة ومذاهب الشيعة من مختلف المشارب!

لكن لأن همتكم دون ذلك؛ ولأن مواقفكم مفتضحة ومكشوفة؛ فنحن لا نعول على تدخلكم في غزة ولا نأمِّل أنفسنا بالمستحيل. وفي المقابل نحن لن نلتفت لصراخكم الكذاب ونواحكم على سلام بيروت وسلامتها. بيروت الآن تنحاز للمقاومة الحقيقية – لا المقاومة التي يتاجر بها أهل السكر والعربدة والقوادة بالمعنى الحرفي! – والأداء الباهت لخصومها الذين تضعضعوا بسرعة زادت على سرعة انهيار قوات دحلان – هذا الأداء الباهت يحول دون تطوير رأي عام شعبي يدين حزب الله على ما صنعه. ولا أخفيكم أنني أدعو الله أن أراه وقد تمكن من تحقيق كل ما يصبو إليه في تغيير وجه بيروت؛ وما نصبو إليه من تحطيم لأصنام النظام الرسمي العربي في لبنان؛ وسقوط حكم العائلات وزعامات الطوائف لمصلحة الوجه الشعبي الحقيقي للبنان البلد العربي الحر الأصيل المقاوم...ولمصلحة الشارع المضحي المعطاء لا لمصلحة من امتهنوا الشارع واستغلوه لترسيخ كراسيهم ولو على حساب التبعية والعمالة للصهاينة والأمريكان وكل قوة خارجية غاصبة أخرى!

قبل الختام: "ما بتعرف خيري تا تجرب غيري"!
لم ينتظر أمين عام حزب الله حتى تحل الواقعة بحزبه. حزب الله لم يقدم بعد عشرات الشهداء على يد مسلحي تيار الحريري أو القوات ولم يقدم مئات المعتقلين لملأ سجون 14 آذار. حزب الله لم يخسر خلية صوريف ولم يقدم الشهيد تلو الشهيد ويعض على جراحه أعوامًا عديدة من أجل عيني "الوحدة الوطنية"؛ بل اكتفى الحزب بأول تعرض مباشر للمقاومة ليوضح "بالمشرمحي" أنه يحمل رموز 14 آذار المسؤولية؛ وقال أمينه العام كلامًا قويَّا حاسمًا رقصت قلوبنا له فرحًا؛ وهو كلامٌ جعل فريق السفارة الأمريكية لا يقوم لهم وضوء ولا تستقيم لهم طهارة (لو كانوا من أهلها طبعًا) – والكناية واضحة بطبيعة الحال – وقام رجال الحزب وقوات الحركات المتعاونة معه بتطهير بيروت من أولاد عمومة أيتام دايتون وشرعت في تنظيف الجبل أيضًا. فهل يدرك الذين حملوا على حماس وعلى "إفراطها" في استخدام القوة في غزة – هل يدركون الآن أنها صبرت كثيرًا وكانت واسعة الصدر وبلغت نهاية الأرب في الحلم على اللحديين في أرض فلسطين؟

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 19:18 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.07285 seconds with 12 queries