أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > الخواطر و الخربشات

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 19/07/2008   #1
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي مذكّرات قرصان...


الـجُمعة 18 تـمّوز 2008

كانَ اليومُ مُميّزاً، فقد رقدتُ الليلة الماضية، وللمرّة الأولى منذ احتلالي كوبري غَمْرَة في العاصمةِ المصريّة، مبكّراً، تقريباً عندَ مُنتصف الليل! ولأنّي لم أعتد النومَ مع الدَّجاج فقد كانَ غيابي قصيراً حتّى لفحني الصّباحُ بنورِه فارتعشَتْ عيناي وتفتّحتا في الخامسة. كانَ الفطورُ دسماً هذه المرّة فقد ازدردتُ بيضتين و"عيشاً" (خبزاً) مصريّاً مع كأسٍ من الشّاي الثّقيل وتراوحت ملحقاتُ هذا الصَّبوح بين الجبنةِ واللبنةِ. أسرعتُ إلى بريدي الإلكترونيّ فقد كنتُ مداناً إلى صديقةٍ برسالةٍ طويلةٍ أجترُّ فيها رسائلها الأخيرة وكلَّ ما دارَ فيها، ثمَّ ألقي في كتابي إليها بوحَ القلبِ والعقلِ المنعقدَين بين ثنايا السّطور.

ما يزالُ عندي وقتٌ طويل فحدّثتُ نفسي ودعيتُها إلى مائدة من موائد الأدبِ الرّوائي المصريّ، فعندَ وصولي بلدَ النّيلِ والأهرام تذكّرتُ رواية نجيب محفوظ تلك التي حامت حولها منذ فترة قصيرة أقلامُ النقّادِ والأدباء والصحفيّين "أولادُ حارتِنا". والقصّةُ باختصار هي التّالي: رغبت إحدى دور النّشر بإعادة نشر هذه الرّواية، فاشترطَ الأديبُ المصريُّ موافقةَ الأزهر لأسبابٍ عدّة أهمّها تحريم روايته لأسبابٍ دينيّة لا أرغبُ الدّخول في تفاصيلها. وافقَ الأزهرُ وكتبَ أحد أركانِه مقدّمتها بعدما نشرَ تلك المقدّمة في الصّحافة على أنّها كانت عرضاً لنواة تدور أساساً حول مقابلة أُجريت مع المؤلِّف وفيها أنكرَ كلَّ اعتراضٍ دينيّ وأثبتَ إيمانَه بالتّوحيد وبدين الإسلامِ... ثارت الأقلامُ الحرّة على الأديب المصريِّ وكُتبتْ شتّى المقالات تدين هذا التصرّف، لأنّه قد يكون فاتحةً لتحريم الأدبِ وتحليلِه من قِبلَ السّلطات الدينيّة أيّاً كانت. هذه المناوشات التي حدثت منذ فترة لا بأس بها لفتت نظري، ولضيقِ الوقت تجاوزتُ الرواية ولم أخصّص لها مكاناً في برنامج قرصنتي الثقافيّة... وحالما بلغتُ مصرَ قرّرتُ تأويلها والتحليق في عالمِها بين التحريم والتحليل!!!
تلقّفتُها ذاك الصّباح بشغفٍ وفضولٍ وقرأتُ منها الصّفحات الأولى وكيفَ طردَ الجبلاويُّ ابنَه البكر إدريس ابن الهانم وعيّن أدهمَ ابنَ الجارية مديراً للوقف... ارتفعت الشَّمسُ في كبد السّماء فتركتُ الرّواية وهممتُ في مغادرة المنزل.

وصلتُ مترو الأنفاق وانطلقتُ من محطّة غَمرة باتّجاه حلوان، فمررنا في طريقِنا على تاريخٍ سياسيٍّ حافل بالرؤساء والعظام، بدأنا بأقربِهم حسني مبارك ثمَّ التقينا بأحمد عرابي فجمال عبد الناصر صاحب الوحدة المصريّة السوريّة، وسلّمنا بعدَها على أنور السّادات الذي اغتيلَ في أثناء عرضٍ عسكريّ وهكذا مررنا بسعد زغلول فالسيّدة زينب فالملك الصّالح حتّى وصلنا مار جرجس، فنزلتُ أحثُّ الخطى للخروج إلى منطقة مجمع الأديان في مصر القديمة. هذه المنطقة الزّاخرة بكنائسٍ قديمةٍ تعود إلى ما بين القرنين الرّابع والثّامن.

حالما بلغتُ الشّارعَ طالعتني يميناً كنيسة القدّيسة العذراء والشّهيدة دميانة الملقّبة بـ"المعلّقة"، وإلى يساري ارتفعت كنيسة اليونان الأورثوذكس الدّائريّة، فخطوتُ إلى اليمين راغباً في زيارة الأقباط في بطريركيّتهم القديمة تلك التي عُلّقت فوق برجين من أبراج حصن بابليون القديم، فأخذت تسميتها من واقعها، كما ويتحدّثُ أصحابُها بقصّةٍ طريفة مفادها أنَّ مياه النّيل كانت تبلغ هذه الأطراف فقاموا بمدّ جذوع النّخل فوق جدران المعبدِ الرّومانيّ القديم، وفوق هذه رصفوا الأحجار ليشيّدوا عليها كنيستهم تلك. ولهذا فهي الكنيسة الوحيدة بغير قبّة فأمّا سقفها فهو خشبيّ على شكلِ فلك نوح الذي نجا من الطوفان. وقفتُ أمامها أمتّعُ النّظر بهيبة الباب الخشبيّ المزركش وقد توّجتْه آيةُ المسيح بخطٍّ عربيٍّ كوفيٍّ جميل تقولُ: "سلوا تُعطَوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم". ولجتُ منه أسألُ وأطلبُ وأقرعُ الأبوابَ راجياً أن أُعطى وأجدَ ويُفتحَ لي!
في الفناء تتوسّطُ بضع شجيرات وأشجار وفي صدرِه السلّم الحجريّ الموصل إلى الكنيسة عبر بابٍ آخر تعلوه عبارةٌ ذات مغزى ومعنى تقول: "من أرادَ الغنى فالقناعةُ تكفيه". قرأتُها وابتسمتُ متذكّراً الجدلَ الذي صارَ في الأخويّة قبل مدّة حول القناعة والطّموح وهل يجمعهما شيءٌ أم يفصلُهما التضادُّ!!! عبرتُه فبلغتُ ردهةً تملؤها صورُ بطاركة الأقباط في القرن العشرين وهناك اصطفّت الكتبُ والمنشورات والتذكارات فاجتزتُها ودخلتُ المعبدَ المفعم بعبق البخور واللبان. نظرتُ إلى الشّرقِ فوجدتُ أنَّ الستائرَ تحجبُ قدسَ الأقداسِ وتخفيه عن عيون الزّائرين، وصحنَ الكنيسة عبارةٌ عن ثلاثة أقسامٍ يتربّع في القسمِ الأوسط البيما، أي المنبر، مرتفعاً ثلاثة أمتار، وهو تقليدٌ عريقٌ في القِدم ويمتاز بأعمدته الرّخاميّة البيضاء المعرّقة بألوانٍ مختلفة. طرازُ الكنيسة بازيليكيٌّ وهو أقدم أنواع أبنية الكنائس ويعود إلى القرنِ الثّاني الميلاديّ وهو أيضا أبسط الأنواع إذ يقسم صحنَ البناء إلى ثلاثة أقسام أكبرهما القسم الأوسط ويتساوى فيه الجناحان الجانبيّان اللذان ينفصلان عن الوسط بأعمدة حجريّة تتوّجها زخارف متنوّعة إغريقيّة ورومانيّة وترتفع فوق الأعمدة آيات الزّبور التي تدعوك إلى توبةٍ عميقة. المراوح التي تكسرُ من حدّة الحرارة المرتفعة وتنثرُ أنفاس البخور في الأرجاء، والنوافذ الزجاجيّة الشفّافة التي تتخلّل أرضَ الكنيسةِ وتحدّثك عن قصّة المعلّقة فوق نخيل مصر وأبراج الرّومان هرباً من غضب النّيل وثورته. والنّوافذُ الخشبيّة التي ترتفعُ هنا وهناك فتزهو بجمالِ طرازها وزخرفتها العثمانيّة وريثة التلاقي بين الإسلامِ والغرب! فأمّا المقاعدُ العريضة المعلَّمة بصلبانٍ مربّعة فدليلُ تقليدٍ شرقيّ أثيل.

بعدَ ذلك حملتُ بعضي وغادرتُ أصحابَ البيتِ لألتقي بالغرباء في كنيسة مار جرجس لليونان الأورثوذكس وهؤلاء كانوا يُعدّون من أكبر الجاليات المسيحيّة بعدَ الأقباط. كنيستُهم مميّزة بدائريّتها وأيقونستازِها وكراسيها الممتدّة في باطن دائرتها لتلتفَّ وتحيط بالمصلّين من كلِّ جانبٍ وجهة. خرجتُ على عجلٍ وعرّجتُ على مقبرتهم التي تزيّنها قبور الصّامتين. هذا هو المكان الوحيدُ الذي يتساوى فيه الأغنياء والفقراء، الملوك والخدّام، الأحرار والعبيد. هؤلاء هم الذين يصمتون فلا يجيبون لا مديحاً أو شكراً ولا حتّى تعنيفاً أو رذلاً، هذه هي مدينة الموت الأخيرة!
بعدَ الموتِ والقبور دخلتُ مكاناً فيه بئرٌ عذبة يُقالُ إنَّ العائلة المقدّسة، أي يوسف ومريم ويسوع، شربوا منه عندَ مرورِهم في هذا المكان بعدَ هربهم من بطش هيرودس. ومنه خرجتُ إلى الشّارع واجتزتُ في طريقٍ ضيّقٍ امتلأت جدرانُه بالكتبِ والصّور من مختلف اللغات وفي نهايته كانت بانتظاري كنيسة الشهيدين سرجيس وباخوس المعروفة بأبي سرجه! ويجمعُ التقليد أنَّ هذه الكنيسة مقامة فوق المحلّ الذي أقامت فيه العائلة المقدّسة في مصر.

ومن المسيحيّة إلى اليهوديّة حيث معبد بن عزرا. عندَ الباب لافتةٌ مكتوبٌ عليها "ملك الطائفة اليهوديّة بالقاهرة" ونجمة داود السداسيّة تزيّن الجدار الآخر... أهلاً بك بين يهود مصر!
أخبرتِني تلك السيّدة الجالسة أمام طاولة البيع أنَّ اليهودَ المصريّين يبلغ عددهم أربعاً وستين شخصاً ومعابدهم سبعة عشر. هنا عالَمُ العبريّة والشّعب المختار وجماعات الشّتات. في وسط الكنيست يرتفع منبرٌ يعلوه مدرج من الكتب المقدّسة ملفوفٌ على شكلِ الكتبِ القديمة... واللغة العبريّة تعجّ في المكان، ونافذة الزّجاج الملوّن ترتفعُ في أعلى الحائط الشرقيّ يميّز النّاظرُ إليها أربعة حروف عبريّة: الياء والهاء والواو والهاء مشكّلةً كلمة "يهوه" التي تعودُ إلى المضارع من فعل الكون والصّيرورة. عند مقدّمة المنبر ينتصبُ شمعدانٌ برؤوسه السّبعة وهو رمزٌ لذاك الذي كان منصوباً في الهيكل قرب تابوت العهد، فأمّا الرؤوس السّبعة فهي إشارةٌ إلى أيّام الخليقة وكي يبقى النورُ يطرد الظلامَ الذي قد يقعُ على قدس الأقداس حيث التابوت حافظ الوصايا وعصا هارون!

لملمتُ ما تناثرَ منّي وحملتُها في طريق العودة حتّى المنزل...

نلتقي في القريب...

Mors ultima ratio
.
www.tuesillevir.blogspot.com
  رد مع اقتباس
قديم 19/07/2008   #2
شب و شيخ الشباب VivaSyria
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ VivaSyria
VivaSyria is offline
 
نورنا ب:
Jun 2008
المطرح:
في وطن تعب الناس فيه من الدعاء إلى الله
مشاركات:
2,166

افتراضي


على إعتبار بعدني ماقريتها كلها بس بصراحة من زمان ناطر هيك خطوة منك...

سلامات صديقي

الحرية لكل أسرى الحرية في سوريا...


العربي الذي لايجرأ من الذل والخوف على رفع رأسه لرؤية القمر !!!

كيف سينتصر على غزاة القمر؟؟!!
  رد مع اقتباس
قديم 19/07/2008   #3
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


بننتظر باقى جولاتك السياحية
بكتشف مصر معك

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
قديم 20/07/2008   #4
شب و شيخ الشباب اللامنتمي
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اللامنتمي
اللامنتمي is offline
 
نورنا ب:
Sep 2007
المطرح:
في عينيها !
مشاركات:
2,873

افتراضي






أعدتُ قراءتها مَثنى وَ ثـُلاث يا رفيق

وَ كأني كُنتُ مَعكَ في كُل ِ خطوةٍ وَ كُل ِ نفس

هُناكَ قوة ٌ في السرد

وَ وصفٌ لـِ كُل الأشياء التي شاهدها القرصانُ هذا اليوم

لقد وصفتها بـِ كُل ِ بـِ دقة

إنكَ تكتبُ الوقائع بطريقةٍ أخرى

طريقة أقرب للروح

لأنها بسيطة وَ غير مُتكلَّفة

وَ مليئة بالصدق

حدثنا عَنْ ليل ٍ مِنْ لياليكَ يا رفيق ,.



" أعطني سـَريراً وكِتاباً تكونُ قد أعطيتني سـَعادتي "
  رد مع اقتباس
قديم 20/07/2008   #5
شب و شيخ الشباب ارسلان
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ ارسلان
ارسلان is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
حيث أجدني
مشاركات:
3,170

إرسال خطاب ICQ إلى ارسلان إرسال خطاب AIM إلى ارسلان إرسال خطاب Yahoo إلى ارسلان
افتراضي


لأول قرائة أشعر بأن لغزة معبر آخر لا يمكن ان يغلق

ابقهِ مفتوحا ولا تطويه على الروح يا صديق

جرائم حماس على صفيح ساخن
http://hamasgaza.wordpress.com/
  رد مع اقتباس
قديم 20/07/2008   #6
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


على إعتبار بعدني ماقريتها كلها بس بصراحة من زمان ناطر هيك خطوة منك...
سلامات صديقي
هي ذي الخطوة بين يديك افعل بها ما تشاءْ!
بانتظارِ قراءَتك الكاملة يا صديقي.


بننتظر باقى جولاتك السياحية
بكتشف مصر معك
عزيزتي رجاء
أشكرُك هذه المشاطرة والمقاسمة اللطيفة، وأرجو منك أن تساعديني إذا ما أخطأتُ مرّةً، كما أودّ أن أسمعَ تعليقك حول هذه المشاهدات!


أعدتُ قراءتها مَثنى وَ ثـُلاث يا رفيق
وَ كأني كُنتُ مَعكَ في كُل ِ خطوةٍ وَ كُل ِ نفس
هُناكَ قوة ٌ في السرد
وَ وصفٌ لـِ كُل الأشياء التي شاهدها القرصانُ هذا اليوم
لقد وصفتها بـِ كُل ِ بـِ دقة
إنكَ تكتبُ الوقائع بطريقةٍ أخرى
طريقة أقرب للروح
لأنها بسيطة وَ غير مُتكلَّفة
وَ مليئة بالصدق
حدثنا عَنْ ليل ٍ مِنْ لياليكَ يا رفيق ,.

صديقنا المبدع
قلمُك شهد لي فأطرى عليّ وأنا أخجلُ من الإطراء!
فأمّا عن لياليّ فلا أظنُّ أنّك ستلقى فيها تلك المغامرات!
ومع ذلك فلستُ بخيلاً لأمنعك عن سماعِها... ستأتيكَ في أوانِها.


لأول قراءة أشعرُ بأنَّ لغزة معبراً آخر لا يُمكن أن يُغلق
أبقهِ مفتوحاً ولا تطويه على الروح يا صديق

لكلامِك حنينٌ ورغبة... ولسطرِك وهجٌ وقوّة، طوباكَ بين الأقلامِ!
سيبقى مفتوحاً ما شاءَ اللهُ وشاءتْ الحياةُ وشاءَ المُشرفون.

اقبلوا منّي قبلة ووردة .
  رد مع اقتباس
قديم 21/07/2008   #7
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


الـجُمعة 18 تـمّوز 2008
النّصفُ الثّاني

سألتُ صديقي الذي أُلازمه مسكنه عن الغداء فقال لي: "كُشَري"، ستأكل اليومَ طعاماً لذيذاً وستدعو لي من بعدها. خرجَ على أثرها وعادَ بعد قليل حاملاً الكشري الموعود وبضعة أقراص من الطعميّة وعلبتين من اللبن الزّبادي. نزلتُ إلى الميدان بكامل لباسي العسكريّ فمزّقتُ الصّحون والأقداح وجعلتُ منها عبرة لمن اعتبر!
محبّتي للكتبِ والمكتبات نظّمت لي برنامج الظّهيرة، فبعد استراحةٍ قصيرة خرجتُ بصحبة الصّديق لقضاءِ حاجتي من الكتبِ وأصحابِها. أخذنا سيّارة أجرة وسألتُه أن يوصلنا إلى شارع طلعت حرب، وعندما بلغنا تمثالَه أوقفتُه ودفعتُ له خمسةَ عشر جنيهاً ونزلنا.
على الرّصيف اليمينيّ ارتفعت لافتة المكتبة بخجلٍ "مدبولي". كانت مكتبةً صخمة فعلاً فيها من الكتبِ ما لذَّ وطابَ، وتذكّرتُ أبا عثمان الجاحظ الذي كان يكتري دكاكين الورّاقين للقراءة فيها في أثناء الليل وهجعاته الطوال... فقلتُ ما أسعدك يا ابن بحر فليلة مع كتابٍ أثمنُ عندَك من ليالي العاشقين، فكيف تكونُ إذاً ليلتُك بين المئات منها؟! ارتفعت الكتبُ حتّى سقف المكان وفي الأعلى اصطفّت المجموعات العربيّة والإسلاميّة والموسوعات الضّخمة، وفي القسم الأسفل منها ترتّبت كتبُ الآداب والتاريخ والسياسة، وفي غرفةٍ أخرى احتشدت كتبُ اللغات الأخرى ومعاجمها بالإضافة إلى جمٍّ من روايات الأدب العالميّ المنقولة إلى العربيّة. نظرتُ يميناً ويساراً فاقتربَ أحدُ الباعة منّي متسائلاً، وقبل أن يقولَ شيئاً بادرتُه: "دوستويفسكي... الإخوة كارامازوف"؟! فأجابَ: لحظة من فضلك وهرع إلى تلك الغرفة. عادَ ليخبرني بأنَّه عثرَ فقط على أعمال هذا الأديب الروسيّ كاملةً في مجموعةٍ واحدة، شكرتُه وسحبتُ صديقي خارجاً قبل أن تأسرَني الكتبُ فأفرغُ محفظتي انتقاماً من هذا العشق القاتل.
خرجتُ أجرُّ رفيقي لاعناً هذا الهوى، فطالعتنا الأقدارُ بمكتبةٍ أخرى انتصبت على رصيفٍ آخر في مواجهتنا تماماً، فعلت وجهي الابتسامةُ، والحسرةُ وجهَ صديقي. دخلنا مكتبة "الشّروق" وخابَتْ رغبتي من جديد، فلعنتُ الرّغبة والحسرة معاً، وانقلبت الأدوارُ فعلتِ الابتسامة لا بل الضّحكة وجه الصّديق! شزراً نظرتُ إليه فسكتَ، ومن فرط غضبي قلتُ له سأتركُ البحثَ إلى يومٍ آخر أكون فيه وحيداً، فهدّأ أحوالي وقال: كنتُ أمازحك يا رجل ما بك؟! قلتُ: اعذرني فمجرّد الدّخول إلى عالم الكتبِ والعودة صفر اليدين يملؤك من الغيظ، وعقّبتُ: تعالَ معي سأريك شيئاً، وسرتُ به عائدين في شارع طلعت حرب حتّى وصلنا المرمى فأوقفتُه وقلتُ: انظر هذه العمارة. وقفَ ينظرُ إليها ثمَّ إليَّ ورفع يديه باندهاشٍ وسألَ: "إي... وبعدين؟! شو فيا يعني؟". حماقتي امتدّت وقلتُ: آه، يا... هذه "عمارة يعقوبيان". وشرعتُ أقصُّ عليه حكايتها منذ نشأتها وحتّى اليوم: هذه العمارة أُسّست في العقد الرّابع من القرن العشرين على يد الثريّ الأرمنيّ جاكوب يعقوبيان، وبعدَ الثّورة في مطلع الخمسينات تحوّلت إلى شقق سكنها الضبّاط. سمعتُ عنها بعدَ أن ألّف طبيبُ أسنان مصريّ يُدعى علاء الأسواني روايةً تدورُ أحداثُها في هذه العمارة وشخصيّاتها المختلفة مجسّدةً في صغرها المجتمع المصريّ الواسع. ومثّلَ عادل إمام دورَ البطل زير النّساء في الفيلم الذي أخرجه عنها مروان حامد. نظرتُ إليه بعد هذا العرض السّريع فوجدتُه غير مهتمّ لا بل متعجّباً من اهتماماتي التّافهة هذه!!! رأى الحزنَ يطبعني فقال لي: سنذهبُ إلى مكانٍ يروق لي ولك معاً "سيتي ستار" ها ما رأيك؟! قلتُ: حسناً!
دخلنا هذا المركز التجاريّ العملاق وسارعنا إلى سوقِه حيث المؤونة والغذاء، وحملنا معنا ما يكفينا أسبوعاً وكانَ بينها باذنجان أبيض أراه لأوّل مرّة أخذناه لنصنعَ منه مع الكوسا والبندورة والفليفلة طعاماً نسمّيه "دولما" وهو "المحشيّ" عند البعض الآخر. بعدَ جولةٍ أخرى من التسوّق والتجوال في هذا "المول" جلسنا في أحد مقاهيه وطلبتُ كأساً من الشوكولا المثلّجة، بينما اشتهى صديقي كأساً من الشّاي.
عُدنا إلى البيت واقتصر العشاءُ على بقايا الغداء من السباجيتّي وملحقات الصّفرة الأخرى.
وهكذا انتهى نهارٌ آخر وأدركَ القرصانَ الصّباح فسكتَ عن الكلام المباح.
  رد مع اقتباس
قديم 21/07/2008   #8
شب و شيخ الشباب ارسلان
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ ارسلان
ارسلان is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
حيث أجدني
مشاركات:
3,170

إرسال خطاب ICQ إلى ارسلان إرسال خطاب AIM إلى ارسلان إرسال خطاب Yahoo إلى ارسلان
افتراضي


لقد قرأتك مساءً وهذا يعني أن جرحي و خيبتي سـ يمتدان بي حتى صباح الغد
يبدو ان ألمنا اليومي أشرق بدلاً من الشمس فعمدتنا لعنت الفقر بخيبات
عجزنا عن ملامسة أمثال تلك الروايات التي تترفع بأسعارها عن مصافحة أكفنا
ما دامت محافظنا تعلن كل يوم أنها أكثر تقوى من نبينا أيوب فتصوم كل يوم ولا تفطر في أي يوم

أصبحت وجبتي الرابعة
دمت لذيذ كـ أنت
  رد مع اقتباس
قديم 21/07/2008   #9
شب و شيخ الشباب suryoyo
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ suryoyo
suryoyo is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
المطرح:
اطلال المدينة الفاضلة
مشاركات:
5,118

افتراضي


ذكرتني بعشقي للكتب و المكتبات الضخمة ..... !

كنت اتمنى لو كنت انا معك في تلك الساعة ... لفرغت جيوبنا معا و رجعنا مشيا او هرولة


تحية معطرة للقراصنة ....

أدعى الناس الى الشفقة ذلك الي يحول أحلامه الى الفضىة و الذهب.. جبران خليل جبران

اذا كان العالم اشتراكيا بالفطرة و رأسماليا بالفطرة و ربما قوميا بالفطرة ... فهل يا ترى كان رجعيا بالفطرة ؟

لن نبق اسرى الماضي ...
  رد مع اقتباس
قديم 21/07/2008   #10
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


لقد قرأتك مساءً وهذا يعني أن جرحي و خيبتي سـ يمتدان بي حتى صباح الغد
يبدو ان ألمنا اليومي أشرق بدلاً من الشمس فعمدتنا لعنت الفقر بخيبات
عجزنا عن ملامسة أمثال تلك الروايات التي تترفع بأسعارها عن مصافحة أكفنا
ما دامت محافظنا تعلن كل يوم أنها أكثر تقوى من نبينا أيوب فتصوم كل يوم ولا تفطر في أي يوم
أصبحت وجبتي الرابعة
دمت لذيذ كـ أنت

عزيزي أرسلان
طرقتْ نفسُك بابي هذا المساء، وعندما فتحتُ لها حدّثتني بلغةٍ أعرفُها ولكنّي لم أفهمْ منها أشياءَ، فهلا أسعفتني باقترابِك منّي؟!
ذكرتَ الخيبة مرّتين في حديثِ المساء، فلماذا شعرتَ بها يا صديقي؟ هل للحديث صلة بها، أم تعني الفقرَ والكتاب وأشياءَك أنت؟
مودّتي.


ذكرتني بعشقي للكتب و المكتبات الضخمة ..... !
كنت اتمنى لو كنت انا معك في تلك الساعة ... لفرغت جيوبنا معا و رجعنا مشيا او هرولة
تحية معطرة للقراصنة ....

هذا هو ذنبي الأكبر يا ابنَ أمّتي الغالي! صدّقني بتُّ أيّاماً على الطّوى لأنَّ الكتابَ كان يفقرني أكثر ممـّا أنا فيه... ولطالما فضّلتُ القراءة على شراء الطّعام...
آهٍ لو كنتَ معي... لكنّا أفلسنا كما أفلسَ عمرُ أبو شعر . (اشتعل مذهبك يا تيم عبّاس).
ܪܶܚܡܰܬܝ̄.
  رد مع اقتباس
قديم 04/08/2008   #11
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


الخميس 27 آذار 2003

لم أتزحزحْ عن الفراشِ حتّى الثّانية بعدَ الظّهر، وهذا يعني أنّي داومتُ في عملي هذا، أي النّوم، اثنتي عشر ساعةً بالتّمام والكمال. وهذا يعني أيضاً أنّي قضيتُ نصفَ يومٍ في غياهبِ النّسيان والموت! ويجرّني هذا معه إلى التفكيرِ في رغبتي في الموت مقدار رغبتي في الحياة. لكنّي نكزتُ رأسي وقلتُ: دع عنكَ هذا الاستنتاج الخاطئ، وتذكّر يا هذا أنّك استيقظتَ رغماً عن أنفِك لا بل نهضتَ من السّرير ورأسُك تؤلمُك من كثرة الرّقاد، ولم تفعلها حبّاً في الحياةِ أو العملِ أو ما تبقّى عليك من واجب، بل قمتَ به لأنّك أردتَ الهربَ من آلامِك...
كفى! كفى! اسكتْ!!!
دعني أُكمل: باختصار كلُّ ما جاءَ في تلك المقدّمة يعني أنّك تحبُّ الموتَ أكثر من الحياة، فبئسَ حياةٍ هي حياتك وطوبى لموتك فأنت تستحقّه عن جدارة.

شارفتْ سنتي الجامعيّة الأخيرة على الانتهاء، وما زلتُ أشعرُ بأنّي فتىً يلهو مع أقرانِه في لعبةِ الحياةِ هذه، ولستُ مستعدّاً لمواجهة أيّ شيء. ماذا تعني الشّهادة؟ أليست إنذاراً يخبرك أنَّ العملَ على الأبوابِ يقرع؟! من كثرةِ التفكير في الأمرِ شعرتُ بعجزي لا بل رأيتني شيخاً لم يتعدَّ الجيلَ الثّالث من عمره، شيخاً هرماً تطعنهُ الحياةُ كلَّ يومٍ وكأنّها لم تقتبلْه ولا تريدُ أن تراه. تمزّقه بمخالبها وتفترسُه بأنيابها وتجعلُ منه عظاماً ملقيّةً أمام نسور الأزمان. في الحقيقة أنا نفسي أحسُّ مثلها، وينتابني الشّعورُ نفسُه وكنتُ أتخيّلُ الحياةَ كلَّ لحظةٍ رجلاً فأطعنُه بخنجري المسنون المعقوف ولا أكفُّ عن الطّعنِ حتى أرى الموتَ بين أجنابِها، أطأها برجليَّ كما وطئ المسيحُ الموتَ... فأمّا وهي ليست كذلك، ليست على ما أتصوّره في مخيّلتي، فهذا مجرّد أضغاث أحلام يؤلمني جداً معرفتها على ما هي عليه في الواقع!!!
  رد مع اقتباس
قديم 10/08/2008   #12
شب و شيخ الشباب jano.
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ jano.
jano. is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
478

افتراضي


أخذنا القرصان معه في جولته الاولى الى الاديرة العتيقة التي تبكي حجارتها على الامس المزهر, والتي يختزن خشبها رائحة البخور منذ القدم...
وفي جولته الثانية عرفنا ان القرصان يقرأ بنهم وعنده الكتاب اهم من الطعام, ورفوف الكتب تشهّي أكثر من موائد الملوك..
وقبل ان يحرمنا من مذكراته الرائعة ويتركنا نشتاق لقلمه الانيق وصف لنا بؤس الحياة وما تحمله من آلام ...

أين انت يا قرصان؟!

haa haaaa haatshuuu!!!!!!!..... Sorry, I'm allergic to bullshit!

Urhoy سابقاً
  رد مع اقتباس
قديم 10/08/2008   #13
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


أخذنا القرصان معه في جولته الاولى الى الاديرة العتيقة التي تبكي حجارتها على الامس المزهر, والتي يختزن خشبها رائحة البخور منذ القدم...
وفي جولته الثانية عرفنا ان القرصان يقرأ بنهم وعنده الكتاب اهم من الطعام, ورفوف الكتب تشهّي أكثر من موائد الملوك..
وقبل ان يحرمنا من مذكراته الرائعة ويتركنا نشتاق لقلمه الانيق وصف لنا بؤس الحياة وما تحمله من آلام ...
أين انت يا قرصان؟!

عزيزي الرّهاويُّ...

ها قد مضت ثلاثُ ساعاتٍ من نهارِ يومٍ جديد، يومِ المسيحيّين المُقدَّس!
ما زال الضّوضاءُ في الخارجِ يدلّني على وقعِ الحياةِ الرّتيب...
هل تعلمُ يا صديقي أنَّ غمرةَ لا تنام؟! لأنَّ الحياةَ فيها أدوارٌ لا تنتهي.
بعدَ ساعةٍ تقريباً سيخرجُ صاحبُ الجراج في حيّنا العتيق من منزلِه ليخلعَ عنه دورَه الحقيقيّ، فيلبسَ العمامةَ ويعلنَ الأذانَ في الجامع المبنيّ تحت الكوبري، يدعو الناسَ إلى الصّلاة وما أقلّهم!
هل تعلمُ أيضاً أنَّ الصّلاةَ لا تطيبُ لي إلا على نورِ السيجارةِ ودخانها؟! نعم فإنَّ اللهَ غفورٌ رحيم...

دعكَ الآنَ منّي ومن سيجارتي اللعينة ومن غمرةَ ومن المؤذّن وهلمَّ معي في رحلةٍ قصيرة بين ساعات ذاك اليوم الكئيب:



الأحد 30 آذار 2003
نباحُ الكلابِ في الخارج يشعرني برهبةِ القذائف الأميركيّة- البريطانيّة المتساقطة على أرض العراق! لا يختلفُ الفاعلون عن كلابِ هذا الصّباح، جميعهم ينبحون، هؤلاء من أجلِ الحصولِ على كسرةٍ تسدُّ رمقَ تشرّدهم، وأولئك من أجلِ عظامٍ سوداءَ من نوعٍ فريد...
هي السّاعاتُ الأولى من الصّباح، والجميعُ يرقدون بأمان، وأطفالُ العراقِ يئنّونَ في مضاجعهم، والكبارُ يسهرون بقلوبٍ واجمة، محدّقين إلى مستقبلٍ يلفّه ضبابٌ من دخان ومن موتٍ كئيب!!!
تنهمرُ القذائفُ بدلاً من الأمطارِ، وعلى ضجيجها تتصاعدُ آهاتُ البكاءِ والنّحيب، يبكونَ آباءً وأمّهات وإخوة وأخوات وأبناء، يبكون الموتَ، ولا ينفعهم بكاء.
قلبي يعتصرُ كمداً، فحنيتُ القلمَ وأبيتُ النزيف على أديم الأوراقِ، وأطفأتُ النورَ وخرجتُ حاملاً دمعات تردّد: "أيّامُ الإنسانِ كالعشبِ تمضي، وحياتُه كزهرِ الحقلِ تذوي".
  رد مع اقتباس
قديم 10/08/2008   #14
شب و شيخ الشباب jano.
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ jano.
jano. is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
478

افتراضي


كلماتك عن العراق الجريح جعلتني أُشعل سيجارةً وأصلّي, صلّيتُ كما تَفعل ويطيبُ لك...
سألتُ الله: "يارب, أخبرتنا بأن وطننا الحقيقيّ هو السماء... ولكن أين يجب علينا الإنتظار إلى أن نصل لوطننا السماء؟!"

تباً للحروب...


  رد مع اقتباس
قديم 10/08/2008   #15
شب و شيخ الشباب jano.
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ jano.
jano. is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
478

افتراضي


هاقد مضت الساعة السادسة من نهارنا الجديد...
الهدوء الذي يحيط بيّ منعني من نسيان ذاك اليوم المشؤوم الذي ذكّرتنا به!
اشعلتُ سيجارتي الثانية وأنا مازلت أفكر بشرقنا الحزين, الشرق الذي تعود على الحروب... الشرق الذي نسي الحبّ وهو الذي انبعثت منه أول رسالة حبّ...

***

سألتهُ في ذاك اليوم مستفسراً عن العراق وعمّا جرى في بلد الجوار... سألتهُ لأنه ابن الوطن, سالته لأنه ابن الحيّ, لانه رفيق الأيام...
وياليتني لم أسأل!

"سننتصرُ عليكم!!!!! ستعودون خائبينَ الى حيثُ أتيتم!!!!"

كلمات ذاك المتجهّم آلمتني بقدر ما آلمكَ أنين الأطفال وبكاء الأمّهات..
تمنّيت لو انشقت الأرض وابتلعتني, تمنيّتُ لو اصبحتُ حجراً صامتاً بين حجارة الحيّ.
ربما كنتُ أول من يحسد الحجارة!
نعم حسدتها لأنها لا تتألم ولا تحزن,
لأنها لا تؤمن بوجود الأقنعة, ولا تأبه لسقوطها إن وُجِدت......
منذ ذاك اليوم وأنا أهتم بالحجارة وربما أفضلها على الكثير من البشر
بدأت أفهم عبارتها التي تنطق بها دوماً,
تلك العبارة الغريبة التي لم أكن افهمها من قبل, ها أنا أرددها كلّ يوم:

"مزيداً من الحبّ سينُهي الظلم!!... مزيداً من الحبّ يا أهل الشرق!!"
  رد مع اقتباس
قديم 12/08/2008   #16
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


تباً للحروب...

ألفاً وربوة...

أنا آسف يا صديقي إن كنتُ آلمتُك بهذه الذّكرى، ولكنَّ الأوراقَ كما تعلمُ تختزنُ الصّالح والطّالح، ولابُدَّ من عرضهما على حالهما أيّاً كانا!
وأشكرُك على كلماتِك المضافة إلى هذه الصّفحات يا ابنَ الرّها السريانيّة.
  رد مع اقتباس
قديم 12/08/2008   #17
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


الخميس 3 نيسان 2003

كنتُ أسيرُ على وقعِ نسيمِ الرّبيعِ، يلفحني بلطفِه، فألفحُه بتجهّمي! كنتُ أبكي بكاءً مرّاً، وإن سُألتُ عن السببِ فالإجابةُ لا تروي الغليل: لا أذكر... والحفنة التي تحتويها وريقتي الصفراء هذه لا تشيرُ إلا إلى آثار الدّموع وانسحاق نفسي الحزينة حتّى الموت.
بالقربِ من البستانِ انتشر مستنقعٌ متجهّمٌ هو الآخرُ لكثرة سوادِه وفسادِه... اقتربتُ منه، فكانت المفارقةُ: كلانا مُتجهِّمان مُتحمِّمانِ والفرقُ الوحيدُ بيني وبينه كانَ اختلاجُنا. فبينما نشجتُ أبكي وأنتحبُ كانت الضفادعُ تنقُّ بصخبٍ لا مثيل له! أليست مفارقةً أن أبكي وحيداً وأن تنقَّ الضفادعُ مجتمعةً كلانا في بحرٍ من السّواد؟!
أدرتُ ظهريَ للمكانِ ومسحتُ ما تبقّى من فيضِ عينيَّ وامتطيتُ الطّريقَ مرنّماً أنشودةً سريانيّة عتيقة يقولُ مطلعُها:
ܦܬܰܚ ܠܺܝ ܡܳܪܝ ܬܰܪܥܳܟ ܡܠܶܐ ܪ̈ܰܚܡܶܐ... افتحْ لي يا ربُّ بابَ مراحمِك كما فتحتَه أمام الخطاة...

آخر تعديل black_iris يوم 17/10/2008 في 18:58.
  رد مع اقتباس
قديم 12/08/2008   #18
صبيّة و ست الصبايا إبريل
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ إبريل
إبريل is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
Behind The Scenes
مشاركات:
437

سوريا


يا غريبَ الدارِ عن وطنِه مُفْرداً يبكي على شجنِه
كلّما جدّ البكاءُ بهِ دبّتِ الأسقامُ في بدنِه

ولقد زاد الفؤاد شجىً طائرٌ يبكي على فننه

شفّه ما شفّني فبكى كلّنا يبكي على سكنه

هذا ما توارد لذهني من شعر ابن الأحنف لدى قرأتي لكلماتك،
غاية في الجمال أيّها القرصان .
تقبل مروري .. ,, ..


أنا لست ابنة للمجتمع ولا هو أبي أنا غريبة ..
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 19:03 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.20653 seconds with 12 queries