أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 13/12/2008   #1
صبيّة و ست الصبايا Marooshe
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Marooshe
Marooshe is offline
 
نورنا ب:
Apr 2008
مشاركات:
1,420

افتراضي أمّ ياسين وصباحُ يوم شاميّ عادي


أمّ ياسين وصباحُ يوم شاميّ عادي

بقلم بسام درويش

Jul 22, 1987

قبل الخامسة من صباح كل يوم، تكونُ أم ياسين قد استفاقت ولبست واستعدَّت للخروجِ من البيت. معها توقظ ياسين، وهو الأكبر بين الأولاد، ليذهبَ إلى الفرن ويقفَ مع الواقفين بصفٍّ أو بدون صفّ لشراء حاجتهم من الخبز. لقد أوكلت إليه هذه المهمة اليومية لأنه ولدٌ مشاكسٌ ذو طبعٍ هجومي، وشراءُ الخبز يحتاج إلى هذه الخصلة، مثله مثل شـراء أية حاجة من الحاجات الضرورية الأخرى. أما هي، فسوف تنطلق إلى السوق القريب ماشية على قدميها عشرة دقائق ذهاباً وعشرين دقيقة إياباً أو ربما أكثر. أما إذا رجعت بيدين شبه خاليتين من المشتريات فإن خطواتها لا بدّ ستكون أسرع وكذلك وصولها إلى البيت.

السوق الذي تقصده أم ياسين عبارة عن ساحة عامة يفترش أرضها القرويون، يعرضون عليها بضاعتهم من فاصولياء وخس وبندورة حسب الموسم، وإذا تأخَّـرتْ قليلاً عن الخروج، فإن البضاعة ستختفي، والأولاد سيتذمرون عند المساء إذا قدَّمت لهم عوضاً عن الطبيخ صحنَ حمّص وبعض الأطعمة المخزَّنة في القطرميزات، كالمكدوس والمرملاد وغير ذلك مما عُرفت نساء الشام به توارثن خبرة صنعه عن أمهاتهنَّ منذ أيام العثمانيين.

وتحثُّ أم ياسين الخطى، إذ أنَّ عليها أيضاً أن تعود بسرعة لإطعام الأولاد قبل ذهابهم إلى المدرسة وكذلك للاهتمام بأبي ياسين كي يلحق بالباص قبل اشتداد الزحمة.

في طريقها إلى السوق، تتلفَّتُ يمنة وشمالاً لتتأكَّد من أن ليس هناك من يتطلَّع إليها فيقرأ ما في أفكارها، وما أن تطمئنَّ إلى ذلك حتى ترفع نظرها إلى السماء وتقول: "الله يخرب بيتكم يا أولاد الحرام، ما تركتولنا شي ناكله.. هيّ بلادنا اللي كان اسمها بلاد الخيرات؟.. فـقَّـرتوها وانتو نازلين فيها بلع بلع بلع بلع وما كنتوا تشبعوا.. إيه العفاريت تبلعكم إن شاء لله.. الله يخلّصنا منكم بجاه الصباح الكريم." وتتنفس أم ياسـين بارتياح، فقد ردَّدت صلاتها الصباحية الاعتيادية دون أن تلاحظها عينُ رقيب!

تصل إلى ساحة السوق فتلقي نظرةً استكشافية عاجلةً يمنة وشمالاً لترسم بعدها خطة المعركة، بعد ذلك تشقُّ طريقها بين الناس الذين هرعوا كلهم باكراً لنفس الغاية، فتبدأ صراعها معهم ومع الباعة، وأحياناً مع حمير وبغال الباعة.

غالباً ما تتوقَّف قبل كل شيء عند بسطة البندورة، فالبندورة مادة أساسية وضرورية لأكثر أنواع الطبيخ. تمدُّ يدها دون أن تسأل عن السعر، إذ أن أيام المساومة قد مضت يرحمها الله، وبين السؤال والجواب قد تختفي البندورة. تمدُّ يدها بين الأيدي المتشابكة، تشتري، تدفعُ، وتهرعُ إلى الرصيف الآخر لشراء بعض البصل اليابس، ولكن البائع ينظر إليها وهو ينفض الغبار عن شـرواله مستعداً للرحيل قائلاً: " نفَّقنا يا اختي، لبكرة إذا الله راد!" فترفع رأسها إلى السماء تريد أن تدعو وتقول: "حتى البصل يا أولاد الحرام؟" ولكنها تهدّئ نفسها وتتمتم: "هذا ليس وقت الدعاء، يجب عدم إضاعة الوقت!.."

هنا تلوح على وجهها ابتسامة غريبة، فتتوقف لتفكِّر وهي تزهو بنفسها وكأنها اكتشفت نظرية مهمة أو حلاً ما لهذه الأوضاع الزفت وتخاطب نفسها قائلةً: "ها ها!.. يبدو أنه لهذا السبب تريدنا الحكومة أن نبقى مشغولين بالتفتيش عن اللقمة حتى لا يكون عندنا وقت لندعو عليها!" ولكن أم ياسين ما تلبث أن تعود إلى عالم الواقع فتتابع صراعها وتملأ شنطتها بما وجدته في السوق وتتجه بخطاها مسرعةً في طريق العودة.

أم ياسين ليس عندها برنامج طبيخ لكل يوم، فطبيخها متعلق ببورصة سوق الخضار. يوجد كوسى تطبخ كوسى، وغداً إذا لم تجد غير الكوسى فإنها أيضاً تطبخ كوسى. كبيرة صغيرة لا يهم، إنما المهم أن تطعم الأولاد.

زوج أم ياسين رجل هادئ الطبع ومتفائل وقانع. الآن سيقول لها حين تخبره بمعاناتها: الحمد لله يا امرأة، كثَّـر الله خير الحكومة. الحكومة مشغولة بقضايا أهم من الكوسى والباذنجان.. هناك عدوّ على الحدود وهناك أرض محتلَّة. هناك مشكلة لبنان والعراق ومؤتمرات ووفود وعلاقات خارجية وداخلية وهناك مؤامرات ومخربون وعملاء للاستعمار، فعلى من تقع مسؤولية الاهتمام بكل هذه الأمور؟ ثم ما دخل الحكومة بقلّـة البصل أو البندورة؟ الناس يتكاثرون والأراضي تقلّ!

وستقول أم ياسين له: إن الحكومة تريد كل الناس أن يكونوا مثلك!
ولكن هل حقيقةً أن أبا ياسين رجلٌ قانعٌ لهذه الدرجة من القنوع؟.. لا، فهي تعرف أن زوجها أذكى من أن يصدّق بأن الحكومة لا دخل لها في أوضاع البلد السيئة. لقد رفع رأسه ذات مرة وأجابها بعزة نفس لكن بلهجة يعتصرها الأسى: "لا وحياتك يا أم ياسين، فَشَــروا! لكن إذا تكلمتُ فلن يبقى هناك إلى جانبك من يؤمِّن لك المال لتشتري به البصل أو الكوسى. أنا لا أحب أن أعوِّد نفسي في البيت على انتقاد الحكومة مخافة أن أحمل عادتي معي إلى المكتب حيث قد يزل لساني".

"معه حق، إيه والله!"، تخاطب أم ياسين نفسها وهي تتابع طريقها لتتوقَّف بعد برهة على باب اللحام القريب من البيت. هناك تدفع نفسها بين الزبائن داخل الدكان الصغير وتقول بصوت منخفض كأنّها تمرِّر سـراً عسكرياً: "شو يا أبو أحمد، وصِّيتك على اللحمة من البارح!" ويجيب أبو أحمد أيضاً بصوت منخفض: "ارجعي بعد أن يذهب الأولاد إلى المدرسة.. لقد خبّأتهم لك جانباً."

وتصل أم ياسين إلى البيت، فتجد الأولاد قد اسـتفاقوا وياسين الشاطر قد عاد هو الآخر "بالخبزات"، كما تجد زوجها مشغولاً بحلاقة ذقنه وهو عادة يحب أن "يريحها" من الحلاقة ويتركها تطول لفترة ولكنه يخاف. يخاف أن يشكَّ به أحد ما ويظنّ أنه من جماعة الإخوان، ولقمة العيش أهم من راحة ذقنه أو أي شيء آخر.

"صباح الخير أبو ياسين".
ويأتيها الجواب فوراً: "صباح الخير يا أم ياسين، ماذا ستطبخين لنا اليوم؟"
وتجيب أم ياسين بصوت منخفض وكأنها لا تجيب: "الذي في السوق يا أبو ياسين!"
*************
  رد مع اقتباس
قديم 13/12/2008   #2
صبيّة و ست الصبايا القط المشاكس
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ القط المشاكس
القط المشاكس is offline
 
نورنا ب:
Dec 2008
مشاركات:
25

افتراضي


يسلم تمك اخذتيني لايام زمان وزكرتيني بستي وجدي بس الفرق في النهايه انو ستي كانت تتخانا مع جدي من وين بدو يسدد فاتوره الخضري لان ما بخفي عليكم كان في فواتير اللحام والبقال وغيره ه ه ه ه ه

لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
  رد مع اقتباس
قديم 15/12/2008   #3
صبيّة و ست الصبايا Marooshe
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Marooshe
Marooshe is offline
 
نورنا ب:
Apr 2008
مشاركات:
1,420

افتراضي


اقتباس:
تريدنا الحكومة أن نبقى مشغولين بالتفتيش عن اللقمة حتى لا يكون عندنا وقت لندعو عليها!"
هيي القصه بتحكي وجع شعب عن طريق سرد احداث يوم روتيني عادي،


اهلين فيكي
  رد مع اقتباس
قديم 16/12/2008   #4
شب و شيخ الشباب باشق مجروح
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ باشق مجروح
باشق مجروح is offline
 
نورنا ب:
Dec 2005
مشاركات:
5,511

إرسال خطاب MSN إلى باشق مجروح إرسال خطاب Yahoo إلى باشق مجروح
افتراضي


على الرغم من كل اوضاع بلادنا الصعبة فان شعبنا لم يقتله اليأس فلم يفارق صوت فيروز بيوت الفقراء ولم يستطع الجلادون ان يسرقوا ابتسامة الفلاحين وايمان الناس بان ( بكرا احلى ) .
مع الشكر الجزيل للقصة المعبرة عن هم شريحة كبيرة من شعب بلدنا .

صديقي الله .
لا أحسدك على معرفتك مصير كل منا .
لأنك قد تبكي على مصير حزين بينما صاحبه سهران يضحك.
وتعرف الفرح قبل وقوعه فلا ترى مثلنا لذة المفاجأة.
....
  رد مع اقتباس
قديم 16/12/2008   #5
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


بالتمانينات كانت سورية عايشة حصار اقتصادي .. فكانت طوابير من الناس توقف بالدور لتحصل على علبة محارم أو علبة سمنة أو علبة حليب أطفال ..
اليوم الأزمة بالعكس .. كل شي موجود بس مافي مصاري!!

قصة حلوة مروش
يسلمو
  رد مع اقتباس
قديم 21/12/2008   #6
صبيّة و ست الصبايا Marooshe
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Marooshe
Marooshe is offline
 
نورنا ب:
Apr 2008
مشاركات:
1,420

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : باشق مجروح عرض المشاركة
على الرغم من كل اوضاع بلادنا الصعبة فان شعبنا لم يقتله اليأس فلم يفارق صوت فيروز بيوت الفقراء ولم يستطع الجلادون ان يسرقوا ابتسامة الفلاحين وايمان الناس بان ( بكرا احلى ) .

مع الشكر الجزيل للقصة المعبرة عن هم شريحة كبيرة من شعب بلدنا .
اهلين فيك صافو


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : achelious عرض المشاركة
بالتمانينات كانت سورية عايشة حصار اقتصادي .. فكانت طوابير من الناس توقف بالدور لتحصل على علبة محارم أو علبة سمنة أو علبة حليب أطفال ..
اليوم الأزمة بالعكس .. كل شي موجود بس مافي مصاري!!

قصة حلوة مروش
يسلمو
بعد شوي بيصيرو البياعيين يوقفو طوابير بالاسواق .. يمكن يجي دورهن ويشتري منهن زبون .. !!

نورت
  رد مع اقتباس
قديم 03/02/2009   #7
صبيّة و ست الصبايا rannosh
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ rannosh
rannosh is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
الخبر
مشاركات:
27

افتراضي


القصة ذكرتني بسوريا وأهل سوريا وشوارع سوريا
في قلبي عشق خاص لهالبلد الطيب

مشكور
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 01:23 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.07532 seconds with 14 queries