أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 13/02/2009   #1
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي يوم من هذه الأيام - ماركيز


يوم من هذه الأيام
قصة غابريل غارسيا ماركيز
ترجمة: رافع الصفار
فجر الاثنين ، دافئ وغير ممطر. أوريليو أسكوفار، طبيب أسنان من دون شهادة، مبكر جدا في النهوض، فتح عيادته عند الساعة السادسة. تناول بضعة أسنان اصطناعية، مازالت موضوعة في قوالبها الكلسية، من علبة زجاجية ، ووضع مجموعة من الأدوات على الطاولة مرتبا إياها حسب حجمها كما لو كان يجهزها للعرض. كان يرتدي قميصا عديم الياقة مغلقا عند العنق بزر ذهبي، وبنطلونا بحمالات. وكان منتصب القامة، نحيفا، قلما ينسجم مظهره مع الموقف، تماما كما هي حالة الأصم.
عندما انتهى من ترتيب العدة على الطاولة، سحب المثقاب ناحية كرسي المعالجة وجلس ليباشر في صقل الأسنان الاصطناعية. وكان يبدو شارد الذهن، لا يفكر في تفاصيل العمل الذي يؤديه بدقة وثبات متواصلين، وكانت قدمه تظل تضغط على عتلة المثقاب حتى عندما تنتفي حاجته إلى الآلة.
بعد الثامنة توقف لبرهة كي ينظر إلى السماء من خلال النافذة فرأى صقرين منشغلين في تجفيف نفسيهما تحت الشمس على سقيفة البيت المجاور. عاد إلى عمله وهو يقول لنفسه بأن المطر سيسقط قبل موعد الغداء. صوت ابنه الحاد والمفاجئ شتت تركيزه
- بابا.
- ماذا ؟
- العمدة يريد أن يعرف إذا كنت ستخلع له ضرسه.
- قل له بأنني غير موجود.
كان منشغلا بصقل سن ذهبية. حملها أمامه وراح يتفحصها بعينين نصف مغلقتين. عاد ابنه ذو الأحد عشر عاما يصرخ مجددا من غرفة الانتظار.
- يقول بأنك موجود، وأيضا لأنه يستطيع أن يسمعك.
ظل الطبيب منشغلا بتفحص السن. وعندما أنجز عمله واخذ السن شكله النهائي وضعه على الطاولة وقال:
_ هذا أفضل.
شَغَّل المثقاب ثانية، وأخذ بضعة قطع تركيب من علبة كارتونية حيث يحتفظ بالأشياء التي تحتاج إلى انجاز، وباشر بعملية التعديل والصقل.
- بابا.
أجابه مستخدما نفس التعبير
- ماذا؟
- يقول بأنك إذا لم تخلع له سنه فسوف يطلق النار عليك.
دون تعجل، وبحركة شديدة الهدوء أوقف المثقاب، دفعه بعيدا عن الكرسي، وسحب الدرج السفلي للطاولة، وكان هنالك مسدس. قال:
- حسنا، قل له أن يأتي ويطلق النار علي.
دفع الكرسي بمواجهة الباب، وكانت يده تستقر على حافة الدرج. ظهر العمدة عند الباب. كان قد حلق الجانب الأيسر من وجهه، لكن الجانب الآخر كان متورما وبلحية لم تحلق منذ خمسة أيام. رأى الطبيب في عينيه ليالي من التوجع والأرق، فأغلق الدرج بأطراف أصابعه وقال برفق:
- اجلس.
- صباح الخير.
أجابه الطبيب:
- صباح الخير.
وبينما انشغل الطبيب بتسخين أدواته، أسند العمدة رأسه على مسند الكرسي الخلفي فشعر بشيء من الارتياح. كانت أنفاسه تطلق بخارا في الهواء. كانت عيادة بائسة: كرسي خشبي قديم، مثقاب يعمل بدواسة، وعلبة زجاجية تحوي قناني السيراميك. في المواجهة للكرسي نافذة تغطيها ستارة من القماش. عندما شعر العمدة باقتراب الطبيب شبك ساقيه وفتح فمه.
أدار أسكوفار رأس العمدة باتجاه الضوء. وبعد أن تفحص السن الملتهبة، أغلق فك العمدة بحركة حذرة، ثم قال:
- سأقلعه ولكن من دون مخدر.
- لماذا؟
- لأنه لديك خرّاج.
نظر العمدة في عيني الطبيب. قال أخيرا وهو يحاول أن يتبسم.

- حسناً.
ولم يرد الطبيب على ابتسامته. جلب إناء الأدوات المعقمة إلى الطاولة وراح يخرجها من الماء المغلي بملقط صغير بارد، دون أن يبدو عليه بأنه في عجلة من أمره. دفع المبصقة بطرف حذائه، وذهب ليغسل يديه في المغسلة. قام بكل ذلك دون أن ينظر إلى العمدة، لكن العمدة لم يرفع عينيه عنه.
كان سن عقل سفلي. فتح الطبيب قدميه وأمسك بالسن بالكلاّب الساخن. تشبث العمدة بذراعي الكرسي، واضعا كل قوته في قدميه. شعر عندها بفجوة باردة في كليتيه، لكنه لم يصدر صوتا. حرك الطبيب رسغه فقط. ومن دون حقد، وبرقة لاذعة قال:
- الآن ستدفع لموتانا العشرون.
شعر العمدة بانسحاق العظام في فكه، وامتلأت عيناه بالدموع. لكنه لم يتنفس حتى أدرك بأن السن قد أقتلع، ثم رآه من خلال دموعه. في تلك اللحظة كان عاجزا تماما عن فهم عذاب الليالي الخمس الفائتة.
انحنى على المبصقة، لاهثا يتصبب منه العرق. فتح أزرار سترته الضيقة ومد يدا الى جيب بنطلونه ليخرج المنديل. ناوله الطبيب قطعة قماش نظيفة. قال له:
- جفف دموعك.
كان العمدة يرتعش وهو يجفف دموعه. وأثناء انشغاله بغسل يديه، رأى أسكوفار السقف المتداعي وشبكة العنكبوت المغبرة وبيض العنكبوت والحشرات الميتة. عاد الطبيب وهو يجفف يديه. قال للعمدة:
- خذ غرغرة ماء بالملح، ثم اذهب إلى الفراش.
نهض العمدة واقفا. أدى تحية وداع عسكرية ثم تحرك باتجاه الباب وهو يدفع ساقيه، ودون أن يغلق أزرار سترته الضيقة. قال:
- ابعث بالفاتورة.
- لمن ؟ لك أم للبلدة ؟
لم ينظر إليه العمدة. أغلق الباب وراءه وهو يقول:
- لا فرق.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
قديم 14/02/2009   #2
صبيّة و ست الصبايا boozy
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ boozy
boozy is offline
 
نورنا ب:
Mar 2008
المطرح:
العراق الحبيب
مشاركات:
1,410

افتراضي


الله يسلم ايدك
رووووووووووعة
احبه لماركيز
شكرا شكرا

لستُ بجسدٍ تسكنه روح.
بل
ثلاثة أرواحٍ
و عقولٍ
و قلوب
جزئها المرئيُّ الصغيرُ
جسدْ.
http://evandarraji.blogspot.com/
  رد مع اقتباس
قديم 16/02/2009   #3
شب و شيخ الشباب رفعت خالد
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ رفعت خالد
رفعت خالد is offline
 
نورنا ب:
Feb 2009
مشاركات:
2

افتراضي السهل الممتنع


السلام عليكم..

بسيطة و متقنة تذكرك بالسهل الممتنع فهي سهلة للغاية لكنك تكاد تقسم أنك لن تكتبها مهما حاولت..
لم أفهم جيدا ما أراده الكاتب في الخاتمة لكنه يبدو شيئا سياسيا معمقا..
  رد مع اقتباس
قديم 17/02/2009   #4
صبيّة و ست الصبايا ربيع الأحزان
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ ربيع الأحزان
ربيع الأحزان is offline
 
نورنا ب:
Sep 2007
المطرح:
أم الدنيا
مشاركات:
621

افتراضي


مرسيييييييييييييييييييييي ي

هاموش/ وحشاني

عش ألقا وأبتكر قصيدة وأمض



زد سعة الأرض

(أدونيس)
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 19:55 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.08650 seconds with 14 queries