أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > القصة و القصة القصيرة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 31/05/2006   #1
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي قصة مترجمة: العناكب الملعونة /كتبها بالفارسية: محمد محمدي


لم نكن قد رأينا العنكبوت أبدا. فلقد كانت المرحومة أمي تقول إن وجود العنكبوت في المنزل غير مستحب. فهو يجلب الفقر والتعاسة. كنا خمس شقيقات، حيث إن كل أنواع السحر الذي استعملته أمنا- أثناء حملها من أجل أن تلد صبيا وتجعل أبي يكف عن انتقاداته- لم تجد نفعا. لقد كان أبي يتذمر دائما ويؤنب أمي قائلا: "لا أريد أن أترك أمر تجارتي في يد الغرباء" .

لقد كرر هذا الكلام مرارا حتى أنه في النهاية ذهب وتزوج بامرأة أخرى. ومنذ أن عرفت أمي بزواجه مرضت من شدة الحزن وانتفخت حنجرتها وساء حالها يوما بعد يوم.

في الأيام الأولى لمرضها، حيث كانت لا تزال تملك بعضا من نشاطها، كانت تحاول بكل وسيلة ألا تدع مرضها يؤثرفي سير الأمور المنزلية، فتجبرنا على كنس البيت مرتين يوميا وعندما يحل الربيع كانت تقوم هي بزرع أزهار البنفسج. وكان ورد الجيرانيوم في حديقتها موضوع حديث للجارات. كانت قد زينت الفناء كله بمزهرياتها وصنعت ممرا ضيقا بواسطة هذه المزهريات للوصول إلى أية نقطة في المنزل فكل من يجتاز سلالم غرفة انتظار الضيوف ويدخل الفناء يصل عبر هذا الممر إلى الحوض أو غرفة الضيوف أو غرفة الجلوس.

في الأشهر الأخيرة التي سبقت زواجه، كان أبي يستعمل الممر الذي يؤدي إلى جناح الضيوف ، حيث كان يتناول غداءه ويقضي الليل أيضاً هناك. كنت أنا -ابنته الكبرى- أضع غداءه أو عشاءه في صينية وآخذها له. لم يكن لوالدتي الحق في الذهاب إلى هناك. وبعد أن تزوج أبي لم يعد يأتي إلى المنزل ليلا، وكل بضعة أيام يدير المفتاح في الباب ويدخل غرفة انتظار الضيوف. حتى أنه لم يكن يدخل الفناء. ومن هناك يناديني:

أينقصكن شيء يا بنية؟

وكنت أخبره بكل ما نحتاج إليه. وفي نفس اليوم أو اليوم الذي يليه كان يأتي لنا الحمال بالحاجيات.

كان أبي يغلق الباب دائما ويذهب. لم يكن أحد يستطيع أن يأتي إلى بيتنا ولم يكن بإمكاننا مغادرة المنزل. وإن اضطرت أمى إلى الخروج لأداء عمل مهم، كانت تذهب عن طريق السطح إلى بيت الجيران، ثم تخرج من هناك مصطحبة أحيانا واحدة منا. ولكن لم تقم أي منا بهذا العمل دون والدتي. حيث إنها- مثل والدي- كانت محافظة جدا وكانت تقول دائما: "ليس من اللائق أن تخرج الفتاة إلى الطرقات والأسواق وحدها ". وكنا نحن نطيعها بسبب حبنا الشديد لها ولا نخرج من المنزل.

وفي يوم شتائي بارد تشتم منه رائحة الثلج ماتت أمي من شدة الكمد.

كانت هذه هي المرة الأولى التي نشاهد فيها عن قرب نحن الشقيقات الخمس موت شخص مذ التففنا حول أمي وبكينا نحن الخس. كان الخوف قد استبد بنا، ليس من الموت، حيث إننا لم نجد فيه ما يدعو إلى الاستغراب وإنما من عدم وجود أمنا. لقد كان فراقها غير ممكن بالنسبة لنا فلقد كان تعلقنا بها شديداً.

كانت شقيقاتي ينتظرن أن أقول شيئا. وأنا لم يكن لدى ما أقوله. انقضت تلك الليلة. أتى أبي في الصباح الباكر وكالعادة لم يتعد غرفة انتظار الضيوف :

- أتحتجن إلى شيء يابنية؟

لقد أردت أن أخبره بأن أمنا قد ماتت ولكنني على الرغم من محاولاتي لم أتمكن من ذلك.

- لا!

وذهب أبي وأغلق الباب. لم نبتعد عن جسد أمي. في الليل قطعت صمتي وقلت لشقيقاتي:

"سندفن أمي في الحديقة" .

وجدنا المعول والمجرفة في القبو. أطفأنا النور في الفناء ولحسن الحظ كانت المدينة تغط في صمت عميق وتناوبنا على الحفر في الحديقة بواسطة المعول أو المجرفة، وعندما أصبح القبر جاهزا وضعنا أمنا فيه وألقينا عليها التراب. وعدنا إلى الدار. إن شقيقاتي كن يرتعدن من الخوف. قلت " لم ترتعدن؟ "

- إذا عرف والدنا فإنه سيهلكنا ضربا!

حاولت أن أطمئنهن قائلة:"لا تخفن لن يعرف شيئا على الإطلاق".

ولكن لم يصدقن ، وقالت أختي الصغيرة، التي كانت أكثرهن خوفا: "عندما يأتي أبي في الغد سأخبره. يجب أن يعرف أية مصيبة حلت بنا".

كان أبي عندما يريد أن يضربنا يخرج سوطاً من صندوق يحتفظ بمفتاحه. في أحد الأيام عندما أتى إلى غرفة انتظار الضيوف أعطاني مفتاح الصندوق وقال لي: "إن أرادت أمكن أن تعاقبكن فهذا هو مفتاح الصندوق لم أعط المفتاح لأمي أبدا. لقد خبأته في مكان ما.

ذهبت وأتيت بالمفتاح . فتحت الصندوق وأخرجت السوط وانهلت به على جسد أختي.

ضربتها بالسوط على ظهرها حتى فقدت الوعي. أما بقية شقيقاتي فقد استوعبن الدرس جيدا.

تساقط الثلج بشدة في تلك الليلة وغطى أرض الحديقة. لم يأت أبي لمنزلنا لمدة أسبوع وعندما أتى- كالعادة- لم يتعد غرفة انتظار الضيوف ولم يضف شيئاً لما كان يقوله في الماضي:

- أتحتجن إلىشيء يا بنية؟

- ليس لدينا زيت للوقود ولا بقول.

كنت أرتعد من الخوف. ولكن أبي الذي كان يقف في ظلمة غرفة انتظا الضيوف لم يلحظ ذلك.

وهكذا، اعتدنا أنا وشقيقاتي هذا الوضع. كنت أنا كبيرة المنزل ولم لدى شقيقاتي الجرأة على القيام بأي عمل دون موافقتي. كنت في كل يوم أجد مبرراً لضرب واحدة منهن. لا أحد يعلم إلى أي حد كنت أتلذذ من عملي هذا. كنت أشعر بالارتياح. لقد كنت أنتقم. كنت أقوم بما كان يفعله أبي بي في الماضي.

لقد أصبحت شقيقاتي مطيعات. لقد اختلفن عما كن عليه في الماضي في شيء واحد وهو أنهن لم يعدن يتحدثن معي. كن يجبن على ما أقوله بلا أو نعم فقط. لقد أصبحت أبا بالنسبة لهن. حيث إنني كنت أنام ليلا قي حجرة أبي.

انتهى الشتاء وفي رأس السنة (3) أتى أبي إلى منزلنا. لقد اجتاز غرفة انتظار الضيوف ودخل الفناء كانت كل المزهريات قد جقت وذبلت.

- لم جفت المزهريات يا بنية؟

- لَقد أيبسها البرد!

- لم لم تضعها أمكن في غرفة الزهور؟

- لم تستطع. لقد كانت مريضة.

- كان من المفروض أن تقمن بمساعدتها وتأخذن الورد إلى غرنة الزهور.

- لم تطلب منا ذلك.

صعد السلالم ودخل غرفة أمي، كانت شقيقاتي الأربع في الحجرة.

- أين أمكن إذن؟

- لم تجب شقيقاتي فرجع أبي ونظر إلي.

- لقد ذهبت أمنا.

قلت ذلك بصوت خفيض وأدركت أنه لم يسمعني.

- قلت إلى أي مقبرة ذهبت هذه المرأة؟

هذه المرة أجبت بصوت عال:

- "لقد أتى خالي وأخذها".

- متى؟

- قبل عدة أيام.

بدأ يسب أمي ويلعنها. وطبعا لم يستغرب أنها خرجت، حيث إنه كان يعلم أنها تخرج أحيانا من منزل الجيران.

- إلى الجحيم. فلتلاقي الموت حيثما ذهبت. إن المرأة التي تخطو خارج البيت دون إذن زوجها لا تعد امرأة، ويجب أن تموت.

عندما هدأ قليلا قال :"ألم تأخذ معها شيئا؟"

- لا!

- أمتأكدة أنت؟

- نعم

لم يصدق ما وفتش المنزل بنفسه وعندما تأكد إن أمي لم تأخذ شيئا معها قال:

- قد ترجع في هذه الحالة لن تسمحوا لها بالدخول حتى أقوم بتصفية حسابي معها! لم أجبه. عندما أراد أن يترك المنزل. قال:

- انتبهي لشقيقاتك. إن السوط الذي في الصندوق هو ملكك إذا عصين أوامرك احرقيهن به.

لم يكن يعلم أنني كنت أقوم بهذا العمل منذ زمن طويل. ولكنني أصبحت أكثر استعمالا للسوط منذ تلك الليلة تحملت فيها هذا العمل بشكل رسمي.

لم أسمح لشقيقاتي أبدا بأن يقمن بتنظيف المنزل أو أن يسقين الحديقة. لقد أحرقت المكانس ورميت رمادها في البئر. تغير وضع بيتنا تدريجيا. لقد ظهرت العناكب واحدة تلو الأخرى، وهي التي لم يكن لها أي وجود في منزلنا على الإطلاق. لقد امتلأ المكان بها: في المطبخ الذي كان ملاصقا للقبو .. في مخزن المؤن الذي كان ملاصقا لغرفة أمي، كانت العنكب تحيك خيوطها وتتكاثر. لم يكن لشقيقاتي أي عمل سوى النظر إلى العناكب. لقد كان هذا شغلهن الشاغل من الصباح حتى غروب الشمس. كن أراهن يتهامسن ولكن بمجرد رؤيتي كن يلزمن الصمت. ولم أعرف عما يتحدثن واعتقدت أنهن يقمن بنميمتي. ولذلك منعتهن من الحديث وهن لم يجرؤن عليه بعد ذلك، كان المنزل يغط في الصمت، حتى أنه لم يكن يختلف عن أية مقبرة، عدا أنه عندما كنت أرفع سوطي وأنهال به ضربا على أجسادهن كان يسمع لوقت قصير، صوت لسعات الصوت وصراخهن.

إلى أن كان يوم لاحظت فيه غياب أختي الصغيرة أثناء تناولنا الفطور.

- أين هي؟

لم تجب أي واحدة من شقيقاتي الثلاث. أخذت السوط وانهلت به ضربا. ضربتهن لأكثر من نصف ساعة حتى قامت في النهاية إحداهن بالإشارة صوب المخزن. ذهبت إلى هناك ولكني لم أجد أختي الصغيرة. غير أنه كان هناك عنكبوت سمين معلق في السقف وفي فمه قطعة من رداء أختي الصغيرة يقوم بأبتلاعها على عجل. أردت أن أضرب العنكبوت بسوطي، ولكن لم يهن علي ذلك:. لا أدري لمَ.

رجعت إلى حجرة أبي. ارتديت ملابسه ووضعت قلنسوته على رأسي ورميت ملابسي في الموقد. أحرقتها ودفنت رمادها تحت التراب.

في اليوم التالي اختفت واحدة أخرى من شقيقاتي. لم أضرب الاثنتين الباقيتين. ذهبت مباشرة إلى المخزن لقد كان هناك عنكبوت آخر بجانب العنكبوت السابق. كان هو الآخر ييتلع القطعة الأخيرة من ملابسها.

في اليوم الرابع اختفت أختي الرابعة. لقد أصبح هـناك أربعة عناكب كبيرة تحيك خيوطها في المخزن.

انقضت سنة لم يأت فيها أبي للسؤال عنا. غير أن عامله العجوز كان يأتي إلى البيت مرة في الأسبوع. كان يقف في غرفة انتظار الضيوف ويجلب كل ما نحتاج إليه مع الحمال ويضعه هناك ويرحل.

لقد ظهر أبي في يوم رأس السنة. اجتاز غرفة انتظار الضيوف وتقدم إلى الفناء. لقد غضب كثيراً عندما وجدني مرتدية ملابسه.

- لماذ ترتدين ملابسي يابنية؟

- لم يكن لدي ما ألبسه

- حسنا! كان يجب أن تخبريني حتى اشتري قماشا وأبعث به إليكن.

صعد الدرج، فتح باب الغرفة، لم ير شقيقاتي.

- أين، إذن شقيقاتك؟

- في المخزن!

ذهب أبي للبحث عن شقيقاتي فى المخزن. أريته العناكب الأربعة، أزرق وجهه من شدة الضيق

- أهكذا تكون المحافظة على شقيقاتك؟

-هن اللواتي أردن أن يصبحن عناكب.

- لم يكن من المفروض أن تتركيهم. يفعلن ذلك. لقد كنت أنت المسئولة عنهن ، اذهبي الآن وأحضري سوطي.

ذهـبت إلى حجرته واحضرت السوط وألقيت به عند قدميه.

أخذ السوط وقام بضربي إلى أن تمزقت ملابسي على جسدي ، عندما انتهى من عمله طوى السوط ووضعه في جيبه ثم ترك المنزل ، قمت بلف قطعة قماش حول جسدي وذهبت إلى المخزن كنت ابتلع القماش رويدا، رويداً حتى أصبح مثلهن ، كن يلعن أنفسهن لأنهن جعلن بناتا ويلعننى لأنني جعلتهن عناكب. وأنا أيضا كنت ألعنهن لأنني كنت أختهن الكبرى.


ترجمة : د. زبيدة علي أشكناني


13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 01:00 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.05567 seconds with 14 queries