أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > منبــر أخويـــة الحــــــر > حصاد المواقع

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18/08/2008   #19
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


لا النفط سلاح، ولا الجيش...



»النفط ليس سلاحا، النفط ليس دبابة« قال مستشار لدى مسؤول عربي كبير. يريد هذا الكلام طمأنة الاسواق والاصدقاء. الاسواق اولا حتى لا تصاب بذعر في وقت يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة حرجة. والاصدقاء حتى لا يشعروا بأن هناك من يريد الضغط عليهم. وإذا وضعنا الاسواق جانبا، فإن الاصدقاء المعنيين، اي الاميركيين، لا يتورعون عن استخدام النفط، او غيره، سلاحا، وأن يعاملوا اكثر من نصف الدول الممثَّلة في الامم المتحدة على قاعدة عقوبات متدرجة.
لقد اشتدت المطالبة الشعبية العربية باستخدام سلاح النفط ضد دول داعمة للاحتلال الاسرائيلي، وذلك، بالضبط، من اجل عدم إحراج حكومات معينة بدعوتها الى استخدام السلاح. اي ان هناك من كان يعطي دولا أسبابا تخفيفية فيكتفي بأن تقنّن استخراج الطاقة، وان لا تعوض عن نقص يفتعله غيرها، وان توحي بأنها تملك خيارات متعددة يمكنها استعمالها من اجل ان يكون صوتها مسموعا.
وإذا أريد للنقاش ان يخرج من هذه الدائرة المغلقة: هل النفط سلاح ام لا؟، فإن السؤال الذي يبقى مطروحا: هل من الجائز لطرف ان يستند الى ما لديه من عناصر قوة من اجل ان يلقي بها سعيا وراء تعديل موازين القوى؟ ان الذهاب الى لب الموضوع يكشف وجود مدرستين. تقول الاولى ان التقرب من الاميركيين، وطمأنتهم، والاندراج في سياساتهم الكونية، تجعلهم يغلّبون علاقتهم مع العرب ويستغنون عن اسرائيل التي يلعب اللوبي المؤيد لها دورا كبيرا وحاسما في تعمية واشنطن عن مصالحها الحقيقية. وتقول المدرسة الثانية ان الولايات المتحدة رتبت اولوياتها في المنطقة اثناء »الحرب الباردة« وبعدها بشكل يجعل كل انتزاع لحق عربي من اسرائىل محكوما بممر إجباري هو قدْر، متدن او مرتفع، من توتير العلاقات مع واشنطن. ولقد دلت التجارب الماضية كلها على ان واشنطن ماضية في تطويع الوضع العربي وإضعافه من اجل إنزاله تحت سقف المقبول اسرائيليا. ولقد عرفت هذه الوجهة اندفاعا اول، بعد حرب الخليج وانتهاء الاستقطاب الدولي، وهي تشهد زخما جديدا منذ 11 ايلول.
لا ضرورة لتبادل الاتهامات بين المنتمين الى هاتين المدرستين بين العرب. غير ان الواجب يقضي تقديم عناصر النقاش الى اوسع جمهور عربي والاحتكام اليه. ولكن بما ان المدرسة المغالية في واقعيتها هي الحاكمة فإنها تحول دون ذلك.
***
جرى تطوير نظرية في بلد عربي اساسي تقول ان الجيش لا يحارب إلا دفاعا عن احتلال ارض وطنية. يبدو، للوهلة الاولى، ان هذا الطرح عقلاني جدا وانه يصدر عن شعور عميق بسطوة فكرة الدولة الامة والسيادة، ويرفض الدخول في مغامرات تبدد القوى. وهكذا نصبح امام واقع يقول ان النفط ليس سلاحا يُستخدم في فلسطين وان الجيوش العربية، بدورها، ليست سلاحا طالما ان لا احتلال مباشرا.
لا يعود مفهوما، والحالة هذه، سبب وجود معاهدة الدفاع العربي المشترك. لا بل لا يعود مفهوما سبب وجود تحالفات وأحلاف في العالم كله. لقد فعّلت دول حلف شمال الاطلسي المادة الخامسة من الميثاق دعما للحرب الاميركية ضد طالبان والقاعدة. وتقول المادة المذكورة ان اعتداء على دولة من دول الحلف هو اعتداء على الكل يجعل الاشتراك في الحرب إلزاميا. لا بل ان جيش الدولة المعنية شارك في حرب الخليج الثانية عند اجتياح دولة عربية لدولة عربية برغم ان ارضه الوطنية لم تكن مهددة. فكيف تستقيم تلك المشاركة مع هذه العقيدة الجديدة المرفوعة في وجه حالة هي كناية عن اجتياح الدولة الاسرائيلية لدولة فلسطين التي تعترف بها الحكومة المشار اليها والتي تفاخر بأنها هي التي ترعى قيامها.
ثم مَن الذي قال ان التهديد للأرض الوطنية يمكن قصره على احتلال اجنبي مباشر؟ ان الحرب تصبح واجبة عند تهديد المصالح الوطنية العليا لأية دولة وبعد ان تفشل المساعي الاخرى في رفع هذا التهديد. وفي الامكان القول ان ما تقوم به اسرائيل في فلسطين ينتمي الى هذا الصنف من التهديد للمصالح الوطنية العليا لغير دولة عربية، لمصر طبعا، ولكن ايضا للاردن وسوريا ولبنان، والى حد أقل الممكلة العربية السعودية.
يمكن للمرء ان يفهم ان مشاعر الأخوّة الإنسانية أو، حتى، القومية لا تستوجب أن يزج بلد نفسه في حروب طاحنة. ولكن ما ليس مفهوما هو الامتناع عن استخدام طاقات اي بلد، اقتصادية أو عسكرية، إذا كانت المصلحة الوطنية في خطر.
إن بعض من لا يشارك في معركة فلسطين اليوم، وبأقصى طاقة ممكنة لديه، سيدفع الثمن لاحقا. سيتم تهميشه، والقضم من مصالحه، والتضييق عليه، وإضعاف سيادته، وإملاء الشروط عليه، والتقليل من اهمية موقعه الاقليمي وما قد يجنيه منه، وارغامه على فقدان الجواب عن سؤال ملح: لماذا تقتطع الشعوب من لقمة عيشها لبناء جيوش وتسليحها، ولماذا تقنع بوضع مصيرها بين ايدي قيادات لا تدرك ان السياسة، هي، بين امور اخرى، فن الاستباق.

04/27/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #20
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


كراهية أميركا



... ولكن لماذا يكره العرب والمسلمون أميركا؟ تردد هذا السؤال كثيراً في الولايات المتحدة وغيرها. ووصل صداه إلى أوروبا حيث يتهم كل صاحب ملاحظة على السياسة الأميركية بأنه »بدائي«. لم يكن مبعث السؤال خطاب ابن لادن وإنما »الحياد الإيجابي« الذي استقبلته به قطاعات شعبية واسعة. »يكرهوننا لأننا أفضل منهم« قال بعض الأميركيين. واعتبروا أن نمط حياتهم، وحرياتهم، وازدهارهم، وقوتهم سبب العداء لهم، وهو عداء متعصب يطالهم من حيث هم ما هم عليه. والاستنتاج من ذلك أن الكاره مريض والمريض يعالج بالصدمة. وإذا لم تنفع الصدمة يكون ضرورياً كسر أي إرادة للتعبير العملي عن هذا العداء.
أقدم بعض آخر على توزيع للمسؤوليات مختلف. قال إن السياسة الأميركية مسؤولة نسبياً عما تثيره من مشاعر ولا بد، بالتالي، من تعديلات تجميلية عليها. لكنه أضاف أن التعديلات الفعلية يجب أن تصيب مجالات أخرى في العالمين العربي والإسلامي. والثقافة هي أبرز هذه المجالات لأن المدارس، والمناهج، والإعلام، والكتب، ورسوم الكاريكاتور، والوعي الديني السائد، لا تفعل سوى بث الشعور السلبي. ولما تنبه هذا البعض إلى أن أوضاع الحريات بائسة لجأ إلى نظرية
المؤامرة. بتنا أمام أنظمة عربية توجه كراهية مواطنيها نحو »خارج« ما حتى لا تصيبها علماً أن هذا »الخارج« لم يرتكب إساءة إلى الشعوب إطلاقاً. والجواب المقترح انطلاقاً من ذلك يدعو إلى الضغط على الأنظمة لتمارس رقابة وإلى إرفاق ذلك بحملة إعلامية تذهب إلى القلوب (والعقول) وتكسبها. وتميّز رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بالدفاع عن هذه الوجهة فحاول أن يمارس سحراً خاصاً عن طريق تسليط ابتسامته على كل من تزيّن له نفسه معارضته.
خلاصة الأجوبة التي قدمتها »المؤسسة« الغربية، بتنويعاتها، هي أن العرب والمسلمين يكرهون أميركا لقصور في وعيهم. اعرفونا تحبونا.
يتجاهل هذا التقدير، عمداً، أن العرب لم يكونوا يوماً أكثر »أميركية« في السياسة والاقتصاد والأمن ممّا هم عليه الآن. فالقوى الحاسمة في نفوذها، في المنطقة، سواء في السلطة أو الجيش أو الاقتصاد، ميالة بشكل كاسح إلى أوثق العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة. أكثر من ذلك تكاد تكون واشنطن، مع ما تعنيه من نفوذ عبر مؤسساتها والمؤسسات الدولية، الطرف المنفرد الأقوى في الحياة الداخلية لمعظم الأقطار العربية.
ولأن هذا هو الواقع، ولأنه واقع تبعي بامتياز، ثمة ردود فعل سلبية. وهي ردود غير منظمة ولا عقلانية في أحيان كثيرة. تعبّر عن نفسها في تشنجات تخبو سريعاً ولا تتحول إلى »قوة مادية«. لا شيء في المنطقة يوازي »كراهية« أميركا النظرية إلا شدة الالتحاق العملي بها ومساعدتها في تأمين مصالحها.
ما من سبب لكراهية أميركا. ما من سبب مقنع. هذا إذا كان المقصود ب»أميركا« الريادة في الثقافة، والعلم، والتكنولوجيا، وإذا كان المقصود نظام الحريات (المهدد؟)، وفصل السلطات، وطيبة الشعب، وإذا كان المقصود حركة الحقوق المدنية، والتفتح الأكاديمي، والحيوية المذهلة. لا بل يمكن الجزم بأنه لا بد من استلهام هذه العناصر كلها من أجل تقديم رؤية نقدية لأميركا بما هي... سياسة، وسياسة خارجية تحديداً، وسياسة خارجية حيال العرب على وجه الخصوص (بالإذن من الأميركيتين الوسطى واللاتينية!).
لم تكن الكراهية في أصل العلاقات العربية مع الولايات المتحدة. ومن لا يصدق فليراجع تجارب الثورات المصرية والجزائرية والفلسطينية وغيرها من حركات وجدت نفسها في مواجهة مع المستعمر الأوروبي. إن الخلافات ظاهرة تاريخية نشأت وترعرعت وكبرت. وكانت، في هذه المراحل كلها، نتيجة خيارات أميركية.
إن أي تعريف رسمي أميركي للمصالح الأميركية في المنطقة يقود إلى استنتاج بسيط: إن التعارض كبير مع أي تعريف للحد الأدنى من المصالح العربية القطرية والقومية. هذه هي المشكلة التي لا تحلها حملة تبشيرية، ولا يرد عليها التأشير على مرض عربي شائع اسمه العداء الفطري لأميركا.
يكفي أن يعي العربي مصلحته حتى يجد أن أميركا تكرهه. ولذا فإن عليها هي أن تكف عن هذه الدهشة التي تصطنع البراءة حين لا يكون كل سياسي عربي مثل أحمد الجلبي، وكل مثقف مثل فؤاد عجمي، وكل رجل أعمال مثل...

11/30/2001
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #21
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


العبودية، المحرقة، الصهيونية



قد لا تكون دوربان واحدة من »بوابات اللاعودة«. فهذا الاسم يطلق على المدن الافريقية التي خرج منها الملايين، أُخرجوا بالأحرى، وعلى امتداد قرون ثلاثة، نحو عذابات لا تُحتمل. لا بل إن عذابات »العبيد« كانت أفضل ما يمكن ان يحصل لهم لأن البديل الوحيد عنها كان الموت غرقا في الاطلسي.
غير ان دوربان قد تكون واحدة من بوابات الدخول التي قرر »الرجل الابيض« استخدامها من اجل إعادة ارتكاب الجريمة فوق مسرحها الاصلي. ولقد فعل ذلك في حمأة سياسات استعمارية استيطانية شهدت، في ما شهدت، بدء التسرب الصهيوني الى فلسطين، والشروع في بناء نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا.
تستضيف دوربان، هذه الأيام، مؤتمر مناهضة العنصرية والتمييز، وهي احق من غيرها بذلك بعد سنوات على إلغاء نظام الابارتهايد وتضافر المعطيات المؤكدة ان المرحلة الانتقالية تمر بأقل الأضرار الممكنة. وإذا كان هذا ما يحصل فإن القامة التاريخية لنلسون مانديلا ليست مسؤولة وحدها. لم يكن ذلك ممكنا لولا فحص الضمير، والاعتراف بالأخطاء، ولجنة التقصي برئاسة القس ديسموند توتو وغيرها من المراحل. ان هذه العملية التاريخية هي التي تسمح لسود افريقيا الجنوبية تحمُّل سيطرة البيض، وهم أقلية ضئيلة جدا، على معظم ثروات البلاد.
إن قضية العبودية هي، من حيث المبدأ، في صلب نقاشات دوربان. لقد استُعبد من استُعبد، ومات من مات. ولكن، فوق ذلك، أُفرغت أفريقيا من نسغها بما أسس لحالة التخلف، وأمكن لأوروبيي الحملة الاميركية الاستغناء، بالإبادة، عن هنود القارة الجديدة وسكانها الاصليين.
هل من تعويض عن ذلك؟
لم تكن الفكرة واردة من قبل. غير أنها تبلورت وتطورت مع تجدد النقاش في السنوات الأخيرة في شأن الأموال اليهودية في مصارف سويسرا وغيرها، ثم مع مطالبة شركات بدفع بدائل عن عمل السخرة في فترة الحرب العالمية الثانية. وبما أن الولايات المتحدة كانت، في الحالين، القوة الدافعة فإن المحاكاة فرضت نفسها وارتفعت مطالب تطرح التعويض، واستندت هذه المطالب الى استمرار الوضع الدوني لسود أميركا والى المصير البائس الذي تتخبّط فيه أفريقيا منذ عقود من دون أن تقدم »العولمة السعيدة« اي حل له.
وإذا كان السجال عن التعويض متشعب ويطرح قضايا شائكة وخلافية فما لا شك فيه ان طلب الاعتذار هو القاسم المشترك لمن يرفعون الظلامات. ولكن الدول الغربية ضنينة بذلك مخافة أن يكون الاعتذار مدخلا الى المزيد.
إن الاعتذار هو أقل ما يمكن، طالما ان الحل الجذري هو في نظام اقتصادي عالمي جديد، ولكن الاعتذار، ليس مطلوبا من الدول الغربية فقط، ان الجرأة الاخلاقية كانت تقتضي ان يرتفع صوت عربي يعتذر من الأخوة الأفارقة لأنه، في مرحلة من المراحل، لم يكن العرب بعيدين عن تجارة الرق وإن كان دورهم، في هذا المجال، دون مستوى الآخرين.
لو لم يكن هذا الصوت ناقصاً لكان الموقف العربي أقوى في دوربان.
* * *
ليسمح لنا الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان ان نخالفه الرأي. خاطب المؤتمرين ليقول لهم ما معناه ان هول المحرقة ضد اليهود لا يجوز ان يحجب الاضطهاد الذي يتعرّض له الفلسطينيون. هذا كلام غير موفّق. وهو يقوم على افتراض الفصل بين العرب وسائر البشر في الموقف من المحرقة بحيث يصبح من حقنا ألا نأخذها في الاعتبار.
كان الحري بأنان أن يقول إن هول المحرقة يجب أن يضيء ما يتعرض له الفلسطينيون. وفي هذا القول، المفترض، ما يكشف مسؤولية الغربيين إياهم عن المحرقة، وما يحدد المسؤولية الاسرائيلية الراهنة من منظار تاريخي، وما يجعل عذابات الفلسطينيين المستودع الانساني الراهن لكل الثقافة (والسياسة) الرافضة اي شكل من أشكال التمييز ضد الشعوب والأفراد.
لم يقل أنان ما كان يجب عليه قوله لأنه، ببساطة، ضحية »صناعة الهولوكوست« في جانبها الايديولوجي. أي ضحية فكرة »فرادة المحرقة« التي تقود، في ترجمتها الصهيونية، الى تبخيس عذابات الآخرين وإلى تحصين الممارسات الاسرائيلية وجعلها فوق الشبهات والإدانات.
* * *
إن هذا التحصين هو الذي يتداعى في دوربان. فالرأي الاسرائيلي يقول »بما أننا كنا ضحية المحرقة لا يعود جائزا اتهام الصهيونية بمساواة العنصرية«. وتكشف هذه الأطروحة معنى الاستخدام الذرائعي المديد الذي وظّف مآسي الحرب العالمية الثانية في تقديم التبرير الأخلاقي اللاحق للمشروع الصهيوني، وفي توفير التغطية لممارسات وسياسات نابعة، في الأصل، من أفكار عنصرية.
لنضع اليمين الاسرائيلي جانبا. ولنضع معه الحاخام عوفاديا يوسف، وحركة »كاخ«، وافيغدور ليبرمان. ولننسَ حتى اسحق رابين، وايهود باراك، وبنيامين اليعازر. لنكتف بمثال واحد يمثل عصارة اليسار الثقافي العمالي: ا.ب. يهو شواع.
الرجل روائي كبير. غير أن ذلك لا يمنعه من القول (»لوفيغارو« الفرنسية، 28 آب) بمناسبة مؤتمر دوربان: »الفلسطينيون أغبياء. لو استحصل المئتا ألف فلسطيني في القدس على الجنسية الاسرائيلية لنالوا نصف عدد المقاعد في البلدية ولنجحوا في وقف التمييز ضدهم«. هذا الكلام هو، ببساطة، عنصري. لا يجد يهو شواع حلا ل»وقف التمييز« إلا بإيصال الفلسطيني إلى إعادة تشكيل نفسه إسرائيليا من أجل نيل »حقوق بلدية«. ولكن الكاتب نفسه يحذر من »الخطر الديمغرافي« ويدافع عن حل سياسي يستعيد، حرفيا، ما هو منسوب الى... ارييل شارون!
إذا كانت هذه هي النسخة »المتنوّرة« عن الصهيونية فما على مؤتمر دوربان، بمنظماته غير الحكومية أساساً، إلا

09/03/2001
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #22
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


هل نفتح القفل؟



كان المفكر السوري ياسين الحافظ، رحمه الله، يقول ان لا مجال للتقدم العربي من دون فتح قفل الاسلام. هذا الكلام الذي كان صحيحا بالأمس هو صحيح اليوم، وبحدة اكبر. لم يفتح العرب قفل الاسلام ولذلك فهم يوالون الانحدار، ويتلقون الهزائم، ويخرجون من كل هزيمة أشد محافظة وتقليدية، اي اكثر استعداداً لنكسة جديدة. ان المسار العربي مسار تنازلي.
لقد جددت أحداث السنة الماضية، وخاتمتها تفجيرات 11 أيلول وحرب افغانستان، جددت طرح الموضوع المتكرر منذ قرن ونيف. فمن دون ان نعرف اي اسلام نريد لن نستطيع التأسيس لمكان لنا في العالم، مكان يحفظ الحد الادنى من الحقوق. وكشفت التطورات الاخيرة أن خطرا داهما يواجه وعينا. انه خطر الانشطار بين »اسلام طالباني« متشنج، ومنغلق، وبين اسلام يريده لنا الاميركيون »متسامحا« أي تقليديا وغافلا عن الاتصال بمنظومة الوعي الذي يفترض بنا امتلاكه لمأزقنا وقضايانا ومصالحنا.
لقد انطلقت، في الغرب، آلة الدعاية الجبارة داعية المسلمين في كل اقطارهم والعرب بشكل خاص، الى تغيير مناهج التعليم، وتعديل التوجهات الثقافية، ومراقبة خطب المساجد... قد تكون هذه كلها تحتاج الى مراجعة ولكن المطلوب، اميركيا، هو توفير مضمون لهذا التغيير يجتث بؤرة الممانعة التي لم يتم القضاء عليها بعد. أما تطوير هذه النواة الصلبة من اجل توفير بيئة تسمح بسياسة أكثر رشدا، اي اكثر إصراراً على المصالح الوطنية والقومية، فهو ليس على جدول الاعمال.
ولعله بات واضحا، اليوم، أن المسألة الثقافية، بهذا المعنى الواسع، ستكون واحداً من أبرز أسئلة المرحلة المقبلة عربياً وإسلامياً. لقد كانت مطروحة في الماضي ولكن بطريقة جعلت ما حصل، وهو كارثة متصلة، ممكناً.
عندما كان يقال لنا »شرق اوسطية« كنا نشهر السلاح ضد »التطبيع الثقافي«. ونتغافل، والحالة هذه، عن كل الانهيار الذي نعيشه، وتعيشه مجتمعاتنا، في مجال الصراع مع الهجمة الاستعمارية الجديدة وطليعتها الإسرائيلية. وعندما كان يقال لنا »عولمة« كنا نشهر السلاح ضد »الغزو الثقافي« ونتغافل عما عداه مما يشكل، فعلياً، جوهر العولمة الزاحفة.
لم يحصل ذلك في فراغ. إنه النتيجة الطبيعية لتعثر وجودنا، كأمة، سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً وأمنياً، واقتصار هذا الوجود على حالة ثقافية نعتبرها مهددة. ولكن ما يشدنا الى أسفل بقي يفعل فعله خاصة اننا اضفنا الى نقص الوعي بأسباب تراجعنا امتشاقاً لسلاح طاله هذا التراجع مثلما طال غيره وأكثر. ولذلك فإننا نعيش، منذ عقود، انفصاماً لا حدود له بين مبالغات سياسية واقعية تلامس التطرف الاستسلامي وبين مبالغات ايديولوجية جامحة يعبّر عنها تطرف إسلامي تحوّل، في غير بلد، الى فعل تدمير.
إن فتح قفل الاسلام يعني إحداث ثورة فكرية، تنويرية، تحديثية، تعيد للدين موقعه في قلب المشروع القومي الديموقراطي. وما لم يحصل ذلك فإن البديل عنه سيبقى مشروع الثورة المجهضة باسم دين يعاني من تخلفنا قدر ما نعاني من ترجمته الضيقة والمحافظة.
أن يكون العدد السنوي ل»السفير« مخصصاً لتلمّس هذه القضايا هو تحصيل حاصل. لقد بدت الفكرة جذابة بمجرد أن طرحت.
ولا يدّعي العدد إحاطة شاملة بموضوع له هذه الحساسية وهذا الاتساع. انه مجرد محاولة للحض على التفكير والتبصر، وهي محاولة تنطلق من ان التطورات المتلاحقة في السنة الماضية في منطقتنا والعالم كانت على تماس مباشر بهذا العنوان، وهي ستكون كذلك في المدى المنظور.

12/29/2001


  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #23
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


فرادة المحرقة، فرادة البرجين



ما هو الحدث التاريخي الأكثر مركزية في الوجدان الأميركي العام؟ العبودية؟ الحرب الأهلية؟ بيرل هاربور؟ إنزال النورماندي؟ كوريا؟ فيتنام؟ اغتيال كيندي؟ حركة الحقوق المدنية؟ لا. إن الحدث الأكثر مركزية هو المحرقة. المحرقة النازية بحق اليهود. الأمر غريب ولكن هذا هو الواقع. جريمة حصلت قبل عقود فوق قارة أخرى ومع ذلك فإنها أول ما يتبادر إلى ذهن الأميركي العادي عندما يُطلب منه أن يسمي واقعة تاريخية. ليس في ما تقدم تجاوز. هذه خلاصة أبحاث كثيرة أهمها على الإطلاق كتاب بيتر نوفيتش »المحرقة في الحياة الأميركية« الذي استفاد منه نورمان فنكلشتاين في وضع كتابه »صناعة المحرقة«.
العنوان الثاني دقيق. لقد صُنع وعي المحرقة في الولايات المتحدة من قبل 2 إلى 3 في المئة من السكان الذين نجحوا في تعميمه برغم كونهم في موقع لا علاقة له بوضعية الضحية. ويجمع المؤرخون على أن حرب حزيران 67 هي الموعد الفاصل في هذه العملية. قبل ذلك لم يكن الموضوع مطروحاً في أميركا. بعد ذلك أصبح مهيمناً بفضل الاكتشاف الأميركي لأهمية الموقع الاستراتيجي لإسرائيل واندفاع القسم الأكبر من اليهود الأميركيين إلى الاستفادة من ذلك وتوظيفه، عبر أدب المحرقة، في الحصول على امتيازات معنوية تصب، في النهاية، في خدمة السياسات الإسرائيلية.
* * *
أحداث 11 أيلول هزت الولايات المتحدة هزاً. تغيّرت وتغيّر العالم من حولها. المسافة بين 10 أيلول و12 أيلول لا تُقاس بالساعات.
انبعثت العزة القومية. وُضعت قوانين كان يستحيل وضعها. تعالت النزعة الحربية على قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا. انقسم العالم إلى »فسطاطين«. وصبت روافد دينية وسياسية ووطنية ومصلحية في مجرى واحد. ثمة، كما يقال، ما قبل وما بعد.
كان يمكن لهذا الحدث الجلل أن يحتل الموقع الأول في الوجدان الأميركي وأن يزيح المحرقة من الصدارة. هل حصل ذلك؟ من المبكر الإجابة. ولكن في الإمكان القول إن عناصر دفعت نحو إنتاج تسوية من نوع آخر. تسوية تعايش.
1 كانت نيويورك مسرحاً للضربة الأكثر مأساوية. ونيويورك هي المدينة اليهودية الأولى في العالم. ويقود ذلك إلى مشاركة في المشكلة وليس إلى تمايز.
2 لعب رودولف جولياني دوراً خاصاً. فالرجل يكاد يكون الأكثر صهيونية بين السياسيين الأميركيين. وإذا كان تحوّل إلى بطل قومي، وإلى رجل العام، فلقد قنن هذا التوظيف العاطفي كله من أجل أن يأخذه معه في رحلته إلى إسرائيل، هذه الرحلة التي خاطب مضيفيه خلالها انطلاقاً من وحدة حال مفترضة.
3 حصل نجاح في تصوير ما يدور فوق أرض فلسطين وكأنه اعتداء من أقران أسامة بن لادن على شعب شقيق لا بل على بشر تتداخل حياتهم بحياة الأميركيين.
4 وفرت متانة العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل قاعدة لازدهار العواطف المشتركة. ووفر أدب المحرقة مخزوناً ثرياً لأدب تفجيرات 11 أيلول بحيث استعيدت، حرفياً، التفسيرات (اللاتفسيرات بالأحرى) المعطاة للأمرين وهي ذات طابع غير عقلاني لأنها، تعريفاً، وكما يُزعم، »عصيّة على الفهم«.
وهكذا تجاورت التفجيرات مع المحرقة في سياق عملية تماهٍ تضع أميركا وإسرائيل في موقع الضحية لعدو يتناسل: النازية بالأمس والفاشية الإسلامية اليوم.
* * *
هذا الحرث الثقافي، المستند إلى صلابة في العلاقات الاستراتيجية، لعب دوراً مؤكداً في تعزيز الانحياز الأميركي إلى إسرائيل. ويكفي المرء
أن يقارن حتى يستنتج أن الأميركيين يكادون ينسخون الخلاصات التي قادت إليها »صناعة المحرقة«.
لم تعد المقارنة جائزة بين 11 أيلول وأي إرهاب آخر في العالم. كل ما سوى ذلك حوادث أما هذا فهو الحدث. ولم يعد جائزاً أي استدراك عند إبداء الأسف على ضحايا التفجيرات. فلما حاول الوليد بن طلال أن يقول »ولكن« أسكته جولياني نفسه. ولم تعد آلام الآخرين إلا نسبية حيال الألم المطلق والفريد الذي أصاب الأميركيين.
وهكذا يجد كولن باول أن الإتيان على ذكر بيوت رفح المجروفة »كلام هستيري«. وباول نفسه لم يقل الكلام نفسه عندما قورنت تفجيرات القدس بما حصل في نيويورك.
إن فرادة »البرجين« هي استمرار لفرادة المحرقة. كل قول آخر تحريفي، وكل تحريف تعاقبه واشنطن.
... عودة إلى كتاب نوفيتش، وعلى خلفية الموقف الأميركي من الفلسطينيين: »إن خطاب المحرقة (كما خطاب البرجين) يقود، على عكس المفترض، وعبر التركيز على الفرادة، إلى الانسحاب من الواجبات الأخلاقية.

01/22/2002
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #24
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


جوزف سماحة في سطور(1949 2007)


صحافي لبناني، ولد في الخنشارة (المتن الشمالي) العام 1949. أنهى دراسته الثانوية في مدرسة "الفرير" في بيروت، بعدها انتقل إلى الجامعة اللبنانية حيث نال الليسانس في الفلسفة العام 1972، ثم حاز على دبلوم دراسات معمقة في العلوم السياسية العام 1981 في باريس. 
له ولدان: أميّة وزياد.
عمل في مجلة "الحرية" من العام 1972 وحتى 1974، ثم التحق بجريدة "السفير" العام 1974 وبقي فيها حتى 1978.

ترأس تحرير جريدة "الوطن" الناطقة بلسان "الحركة الوطنية اللبنانية" من 1978 وحتى 1980. وما لبث أن عاد إلى "السفير" ليبقى فيها حتى العام 1984.
غادر لبنان إلى فرنسا العام 1984، وعمل مديراً للتحرير في مجلة "اليوم السابع" الى جانب الكاتب الفلسطيني بلال الحسن، وبقي في هذا الموقع حتى العام 1991.

التحق بجريدة "الحياة" في العام 1992، وأصبح لاحقاً نائباً لرئيس التحرير.
شغل مركز مدير تحرير في جريدة "السفير" في العام 1995 وبقي فيها حتى العام 1998، عندما انتقل مجدداً إلى "الحياة"، وأصبح رئيساً للدائرة السياسية فيها ومقرها لندن، ثم عيّن مديراً لمكتبها في بيروت حتى العام 2000.
أصبح رئيساً لتحرير "السفير" في العام 2001، ثم تركها ليحقق حلمه الخاص في آذار 2006، مؤسساً جريدة "الأخبار" ومترئساً تحريرها منذ صدورها في آب 2006. كتب افتتاحيته اليومية في "الأخبار" تحت "ترويسة" هي "خط أحمر"، أما في "السفير" فكانت "ترويسته" هي "الآن هنا"، وفي "اليوم السابع" تحت "بلا ضفاف".

ألّف كتابين:
ـ "قضاء لا قدر: في أخلاق الجمهورية الثانية" (1996)
ـ "سلام عابر: نحو حل عربي للمسألة اليهودية" (1993)
ـ نقل كتباً فلسفية وسياسية عدة عن الفرنسية.

عندي ثقـــــــة فيـــــــك ...



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

الأمــــــل باقي
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #25
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


يعطيك العافية لنقل المقالات
حطيت مداخلة صغيرة للتعريف بجوزف سماحة بما انو رح نخصصلو هالزاوية
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2008   #26
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


عمرك اطول من عمري جايي لنزلون هلق
حبيت قوال انو المقالات السابيقة هني من جريدة السفير
ولسا ما خلصنا
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #27
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


وبنكمل


الانفراد بصيغة الجمع



»إذا كانت التعددية تعني الالتحاق بالسياسة التي تقررها الولايات المتحدة منفردة فمرحى بها«. يكاد يكون هذا ما قاله، حرفياً، أحد أقطاب المحافظين الجدد الأميركيين، روبرت كاغان. وهو يشبه ما أعلنه جورج بوش في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حين دعا العالم إلى المشاركة في ما تريد أميركا فعله خوفاً عليه، أي العالم، من فقدان معناه.
وتشاء الصدف أن نكون أمام نموذجين متوازيين لفهم واشنطن المشاركة: مناقشات اللجنة الرباعية في ما يخص قضية فلسطين، والمباحثات في مجلس الأمن في ما يتعلق بالعراق. إن الدخول في تفاصيل، ولو مملة بعض الشيء، يؤكد أن ما تفعله الولايات المتحدة هو تطويع هذه المؤسسات الدولية لجعلها لصيقة، قدر الإمكان، بسياسات جرى تقريرها سلفاً.
في ما يخص اللجنة الرباعية تجدر الإشارة إلى أن الإدارة لا تخفي تفضيلها العمل الانفرادي في الشرق الأوسط. وهي، إذ وافقت على إشراك الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، فإن الأمر لا يصل عندها حد التوصل إلى قواسم تحوّل الكومبارس إلى لاعبين فعليين.
ما ان كشف بوش عن رؤيته حتى تبرع الأوروبيون، فرادى ثم مجتمعين، بوضع »خارطة طرق« تحول الرؤية إلى واقع. غير أن الأميركيين اعتبروا أنفسهم أولى بفعل ذلك بعدما لاحظوا أن الترجمة الأوروبية لا تناسبهم تماماً. وضعت الإدارة »خارطة طرق« وطالبت »شركاءها« بأن يتواضعوا قليلاً ويسحبوا منظورهم من التداول. وإذا كان لديهم رأي فالأحرى به أن يتحول إلى مسعى لتعديل بند في الورقة الأميركية.
تتفق الخارطتان على أمور عديدة:
1 يجب تقسيم أي تسوية على ثلاث مراحل تنتهي في عام 2005.
2 لا بد، في مرحلة مبكرة، من تعيين رئيس حكومة يضع ياسر عرفات في الظل أي يحوله »رمزاً«.
3 في معادلة الإصلاح الأمني الفلسطيني والانسحاب الإسرائيلي يأتي البند الأول أولاً. وهكذا، في كل مرة تكون التبادلية ضرورية يفترض بالطرف الأضعف أن يثبت حسن النية. فالفلسطينيون مطالبون بالكثير لإقناع الدبابات بالتراجع.
4 ثمة توافق أوروبي أميركي على فكرة »الدولة بحدود مؤقتة« أو »الدولة المؤقتة«.
5 لا يجد الطرفان في المبادرة العربية سوى أنها دعوة إلى التطبيع الكامل مع إسرائيل ويعتبران أن الأمر سيحصل بعد حل يشمل سوريا ولبنان.
6 تشير الخارطتان إلى بُعد دولي لمساعي التسوية.
غير أن وجهتي النظر تتباينان. فالأوروبيون من أنصار التجميد السريع للأنشطة الاستيطانية في حين يميل الأميركيون إلى تقسيط ذلك ويعطون الأولوية للمستوطنات التي نشأت في ظل الحكومة الحالية.يصر الأوروبيون على انسحاب إسرائيلي من المناطق »أ« في المرحلة الأولى في حين يميّع الأميركيون ذلك ويمدونه في الزمن. يتحمس الأوروبيون لمؤتمر دولي مبكر في حين يتحدث الأميركيون عن مؤتمرين لا يضغطان على المفاوضات ولا ينتج عنهما ما يؤثر على الانتخابات الإسرائيلية في نهاية 2003.
الملاحظ أن واشنطن تتعمّد باستمرار تأمين مقابل عربي، لا فلسطيني فقط، للخطوات الإسرائيلية فتطالب، على التوالي، بعودة سفيري مصر والأردن، ثم عودة الممثليات التجارية، ثم استئناف المفاوضات الإقليمية، كما تطالب، وبسرعة، بوقف التمويل العربي للمنظمات الإرهابية.
ثمة نقطتا خلاف جوهريتان في الخارطتين. فالأميركية تعتبر أن المواعيد مستحسنة وإنما غير ملزمة لأنه، في فاتحة كل مرحلة، ثمة حق في التأجيل. أما الأوروبية ف»تغامر« بوضع مواصفات لطبيعة الحل النهائي تصلح كمرجعية: الانسحاب حتى حدود 67 مع تعديلات متبادلة، القدس عاصمة لدولتين، الدولة الفلسطينية محدودة التسلح، حل مشكلة اللاجئين أخذاً بالاعتبار المخاوف الديموغرافية لإسرائيل. وهذه المواصفات (أقل مما جرى التوصل إليه في كامب ديفيد وطابا) ترفض واشنطن أن تأتي على ذكرها لعدم إزعاج أرييل شارون.
يمكن الرهان، منذ اليوم، على أن شرط بقاء »الرباعية« هو الانحياز إلى الموقف الأميركي. إن هذا هو الفهم السائد في واشنطن للتعددية والمشاركة. إذا لم يحصل الانحياز تنفذ أميركا سياستها وحدها بدل أن يساعدها الآخرون في تطبيق السياسة... نفسها.
ما يحصل في مجلس الأمن يكاد يكرّر آلية العمل هذه. كانت فرنسا تريد قرارين عن العراق: عودة المفتشين ثم البحث في الواجب عمله بعد الفشل. وكانت روسيا لا تريد أي قرار جديد على الإطلاق. جرى شطب موسكو أولاً ودار سجال بين واشنطن وباريس. كانت الثانية تملك أفكاراً واضحة لكنها لم تقدمها رسمياً. لذا بادرت الأولى إلى طرح مشروعها فأصبح هو قاعدة النقاش.
كان المندوب الأميركي يصر على ثلاثة عناصر: إعلان أن العراق هو، حالياً، في حالة »خرق مادي« لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، تعزيز صلاحيات المفتشين إلى حد أقصى، النص على عواقب وخيمة في حال تمادى السلوك العراقي. وفوق ذلك كان المندوب يذكّر الآخرين بأن الكونغرس فوّض الرئيس صلاحية شن الحرب دفاعاً عن المصالح الوطنية الأميركية ويعني ذلك أن القرار لبوش منفرداً إلا إذا شاءت الدول الدائمة العضوية »مشاركته« به.
عندما كشف النقاب عن مشروع القرار الأميركي تراءى للبعض أن فيه تنازلات دالة: لا يطلب مباشرة حق استخدام القوة، يربط نتيجة عمل المفتشين بتقرير من هانس بليكس، يتخلى عن الحق في إشراك مندوبين من الدول الكبرى في لجان التفتيش.
غير أن هذه التنازلات ليست »جسيمة«. لقد بقي الإصرار قائماً على نظرية »الخرق المادي«. وبات مطلوباً استجواب عراقيين خارج بلادهم. وأصبح من حق »انموفيك« حظر الطيران والسير حيث تشاء. وألغي التفاهم السابق الخاص بالقصور. وجرى تقصير قياسي للفترة الفاصلة بين طلب التفتيش وتنفيذه. وأبقي على حراسة مسلحة للمفتشين...
غير أن النقاش استمر، عملياً، حول البندين 9 و10. ففرنسا تريد العودة إلى مجلس الأمن، بعد تقرير بليكس من أجل اتخاذ القرار. وتقدمت باقتراح يقول: »ان مجلس الأمن يلتئم فوراً وعند استلامه التقرير من أجل أن يقرر اتخاذ أي تدبير، بما في ذلك اللجوء إلى القوة، من أجل فرض احترام قراراته«. أي أنها وافقت على الحرب عبر قرار ثان إذا كان تقرير المفتشين سلبياً. غير أن الولايات المتحدة لم توافق. تريد انتزاع الحق في الحرب من القرار الأول. ولكنها، شكلاً، تراجعت أمام باريس. وافقت في البند 10 من مشروعها على أن مجلس الأمن »يقرر الانعقاد فوراً حال تسلمه التقرير... للنظر في الوضع...«. »النظر في الوضع« هو كل ما هو منسوب إلى الجلسة لأن حق الحرب منتزع في القرار الأول حسب القراءة الأميركية.
يقول الفرنسيون (والروس والصينيون) إن النقاش سيكون صعباً. يقول الأميركيون لماذا تصعيب النقاش طالما الخاتمة معروفة: شاركونا الانفراد حتى لا ننفرد وحدنا!

24/10/2002
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #28
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


جار الله القتيل، جار الله القاتل



خذ محطات رئيسية في تاريخ اليمن وحدد منها موقفا.
الإمامة في الشمال كان لا بد لها ان تزول من اجل إنهاء القرون الوسطى وتلمس الطريق نحو حد أدنى من الحداثة.
الاستعمار في الجنوب كان لا بد أن يلقى مقاومة ترغمه على الجلاء.
»التشطير« كان لا بد ان يُتجاوز بعد نجاح الثورتين، وفي أفق الاندراج في المشروع العربي الأكبر.
تقديم همّ بناء دولة عادلة كان لا بد من طرحه من دون السقوط في فخ »اليسراوية« المتطرفة.
السعي الى توحيد الحياة السياسية بين الشمال والجنوب ضروري مرفقا بجعل الهمّ التوحيدي معيارا. اذا كنت شماليا والسلطة الشمالية ضد فأنت جنوبي. والعكس صحيح.
إنهاء »التشطير« لا بد ان يكون مدروسا ومتأنيا ومحافظا على مكتسبات تطال التعددية، واحترام الرأي الاخر، وحقوق المرأة...
الحرب الانفصالية في 94 لا بد ان تكون مرفوضة خاصة وان الاكثر حماسة لها هم من كانوا الاكثر نزوعا نحو الاندماج الفوري والكامل.
مداواة آثار الحرب أولوية مطلقة. لا يكون ذلك بالتخلي عن رفاق أخطأوا ولا بالالتحاق بظافرين ظفروا، يكون بالتشجيع على المصالحة الوطنية، وتنقية الوحدة من الشوائب، ورفض مقاطعة الانتخابات، وبناء موقع قوي للمعارضة.
خذ هذه المحطات الرئيسية ستجد ان جار الله عمر كان باستمرار على الموعد، انه واحد من قلة اجتازوا المراحل المضطربة في اليمن وكانوا على الجانب الصح، او، اقرب ما يكون اليه. لم تغوه سلطة دار بخارها في رؤوس رفاقه. لم يسقط في فخ تسريع التاريخ في هذا البلد الفقير. لم يسمح للعصبيات المناطقية، التي عانى منها كثيرا، ان تؤثر على ثباته ووضوح الرؤية لديه. لم يرتبك في تنويع أشكال النضال، من العمل المسلح الى التبشير الديموقراطي. لم يغب عن باله يوما موقع بلده في المشروع العربي العام ولو انه، احيانا، جمع الوطنية والقومية بطريقة تستحق ان تثير نقاشا. لم يمنعه جسمه المنغرس في تربة اليمن من ان يبقي رأسه مفتوحا على كل ما يستجد في العالم: لقد كان ممتعا الاستماع اليه يناقش
أسباب انهيار الاشتراكية في العالم وهو الذي شاهد »تباشير« ذلك في عدن، ولكن المتعة الاكبر هي الانصات اليه يرسم حدود المراجعة المطلوبة مميزا بين وحدة الالمانيتين ووحدة اليمنين ورافضا ان يكون انهيار الجدار سببا للارتداد عن... بناء دولة.
جار الله عمر القتيل هو من أفضل النماذج التي انتجتها التجارب القومية واليسارية العربية في العقود الاخيرة، ولانه كذلك، وبسبب من تربيته الدينية، فلقد احسن الجمع بين رفض المهادنة الايديولوجية مع التيار الاصولي وبين ضرورات نهوض معارضة واسعة تدافع عن التعددية.
قاتله يدعى علي جار الله ليس معروفا. غير ان الثابت هو انه من خريجي مدارس الايمان التي أدارها الشق الاصولي المتخلف في تجمع الاصلاح.
ان شخصا في اليمن تربى على اعتبار جار الله عمر زعيما سياسيا يستحق الموت قتلا، واليوم، وبتهمة الكفر، ان شخصا من هذا النوع يدل على الهاوية التي نتجه الى الوقوع فيها، وندفع دفعا نحو ذلك بفضل هذا المزيج »الخلاق« من العدوانية الخارجية والعجز الداخلي.

30/12/2002
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #29
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


معجم ل... »عبادة الشيطان«



إذا صدقنا الأقاويل فإن لبنان يشهد نمواً مذهلاً ل... »حزب الشيطان«. إنه تنظيم سري، ينتشر كالنار في الهشيم، يخترق المناطق والطوائف، يقيم طقوساً غرائبية، ويترك بصماته على جثث يتكاثر اكتشافها.
وفي حين يكتشف الحقوقيون ثغرات قانونية في التعاطي مع الظاهرة، ويتولى التلفزيون تضخيمها بلا مسؤولية، يغيب المسؤولون الأمنيون ومعهم المعنيون، سياسياً، بمخاطبة المواطنين. ويكاد المرء يعتقد أن هناك من هو مرتاح للذعر الجماعي الذي قد يبرّر مبالغات في تدابير الأمن، ويوفر ذرائع لممارسة الهيبة في غير محلها.
إن الوقائع التي تسند الأقاويل هزيلة إلى أبعد حد. ولذلك فإن السؤال الأول هو عن سر تلقف اللبنانيين للشائعة قبل أن يكون عن سر انصراف شبان قلائل إلى ممارسات خارجة عن المألوف.
قبل العودة إلى هذا »السر« لا بد من القول إن الشبان المعنيين يعيشون مع أهلهم، ومنذ فترة، في عالم ملؤه صراعات الآلهة والشياطين. ويكفي لهم أن يمارسوا قليلاً من الاهتمام بالأخبار حتى يقادوا، رغماً عنهم، إلى »مانوية« يصعب الفكاك منها.
تكاثرت في التظاهرات والكاريكاتورات صورة الشيطان. مرة على شكل أسامة بن لادن. ومرة على شكل جورج بوش. ومرة على شكل صدام حسين. وتعددت عناوين الكتب عن »صدام الحضارات« (البُعد الديني مؤكد)، و»نهاية التاريخ«، و»نهاية الإنسان«، و»نهاية الإيديولوجيا« وذلك في ما لا نهاية له من كتابات ومساجلات عن أننا لا نعيش بل نستمر في البقاء.
إن في الإمكان وضع معجم مصغر بالمصطلحات والتعابير التي تشكل الزاد اليومي الذي ننهل منه. هذه بعضها:
؟ »الأحادية القطبية«. يحيل هذا التوصيف للعالم إلى واقع استراتيجي. ولكن ليس صعباً أن نرى فيه أيضاً الإحالة الدينية إلى التوحيد. وتتصرف الدولة المعنية بهذا التعريف وكأنها قدر إلهي. فهي تملك أن تكافئ أو تعاقب. وهي ترتد على »مخلوقاتها« فتدمرها. وتحدد مواعيد الأجل لخصومها. وتهزأ من القدرة البشرية على مقاومتها ولو تجسّدت في عشرات ملايين المتظاهرين. ثم أنها موجودة في كل مكان وفي كل لحظة. تراقب الكون وتفاصيله، وتستمع إلى الهمسات، وتتدخل حيث تريد. وتتحدث عن مهمة تنتدب نفسها لها ليست أقل من إعادة صياغة حياة البشر جميعاً وذلك في وقت يعيش الناس، في مجال آخر، مخاوف الاستنساخ البشري.
؟ »العدوان الثلاثي«. المصطلح تطبيق على العراق لما حصل ضد مصر عام 56. ولكن رائحة دينية تفوح منه بفعل وجود أب جبار وابن مدلل وناطق فصيح. وتتأكد هذه الرائحة من البُعد التوراتي الموجود وراء هذا العدوان عند الداعين إليه. فالهدف منه، حسب رأيهم، تمكين اليهود وحدهم من أرض الميعاد بما يسمح بالتعجيل بعودة (أو بمجيء، لا فرق) المسيح.
؟ »دمار شامل«. إنها الأسلحة التي يُقال عنها موضوعاً للحرب. ولكن هل قدّر أحد مفعول تكرار »دمار شامل« على العقول عشرات المرات في اليوم. ليس غريباً، والحالة هذه، أن يقفز البعض إلى الاستنتاج بأن يوم الحشر قريب وأننا نعيش عشية »أرماجدون«. يمكن للانتحار، بهذا المعنى، أن يصبح، طالما المفهوم دارج، »فعلاً استباقياً«، أو، لنقل، »فعلاً اختيارياً« يحدد فيه المرء مصيره بدل أن ينتظره وهو لا يملك رداً له.
؟ »محور الشر«. عشنا جميعاً منذ سنة ونيف نعلك الكلمتين. اكتشفنا، أخيراً، أن الذي صك المصطلح كان اقترح »محور الكراهية«. غير أن جورج بوش فضّل »محور الشر« ليس تيمناً ب»أمبراطورية الشر« الريغانية فحسب بل لأنه وجد العبارة »أكثر لاهوتية«. ويعلّق الكاتب البريطاني مارتين امبس على ذلك بقوله: »رفع بوش الصراع إلى المستوى اللاهوتي لأن ذلك يسمح له أن يكون غبياً«. ففي عالم اللاهوت لا يعود الذكاء مطلوباً لفهم ما يجري. الإيمان وحده يكفي. على أن الإيمان هنا يصطدم، تعريفاً، بإيمان آخر.
؟ »صراع الخير والشر«. بوش، إياه، هو صاحب النظرية. وهي تشبه، شبه النقطة للنقطة، نظرية بن لادن بانقسام العالم إلى »فسطاطين«. لعبة مرايا من الطراز الأول. وهي لعبة لسنا مدعوين إلى فهمها. إن الرئيس الأميركي غير مهتم بمن يفهم عليه لأن ما يقوم به يتضمن حكمة إلهية ستنكشف لاحقاً للجهلة. يؤكد مقربون منه أنه يتصرف »بإلهام رباني كما لو أن الله حدّد له الأجندة« (جيم كودي، أصولي مسيحي. في واشنطن بوست). إن الله، حسب كودي، »يختار القادة«. ويشرح أصولي آخر، ستيف كلارك، »إن الله يختار، في أوقات محددة شخصاً لإيداعه وصيته«. وبوش يصدق، كما سنرى لاحقاً، إنه »رجل الله المختار«. أسامة بن لادن يصدق، أيضاً، أن الله (نفسه؟) اختاره لمحاربة... بوش. والله أعلم.
؟ »لا نهائية الصراع«. هذا مفهوم ديني بامتياز. والقصد منه التذكير أن القيامة وحدها تضع حداً للنزاع. وظيفة الأنبياء، والحالة هذه، هي شحذ همم الخير في محطات تاريخية. يكاد بوش يعتبر نفسه واحداً منهم ففي رأيه: »إن الحرب مع القاعدة بدأت ولكنها لن تنتهي إلا بعد أن نكون وجدنا كل مجموعة إرهابية ذات بُعد عالمي وأوقفناها وهزمناها«. إنها حرب إلى الأبد إذاً. وينقل بوب وودوارد أن هناك من سأل بوش: »ماذا لو بقينا وحدنا أحياء؟«. أجاب: »لا بأس بالنسبة لي. نحن أميركا«. قال ذلك دون أن يشعر بالرعب الذي انتاب نورمان ميلر (العدد الأخير من نيويورك ريفيو أوف بوكس) من وراء فكرة الصراع اللامتناهي. كتب: »كل الحروب التي عرفناها سابقاً، ومهما كانت مريعة، تقدم، على الأقل، وعداً أنها ستنتهي«. إلا حروب بوش.؟ »العدو الهلامي«. أسامة بن لادن شخص شبه ميتافيزيقي. حاضر غائب. يدير شبكة غير منظورة. الصورة الأبقى عنه هي صورة الدمار القادم من السماء. غير أن الولايات المتحدة »كائن« حقيقي، مادي، ملموس. إنها تحتاج، في معاركها، إلى دمج مستمر بين التجسيد الهلامي للخطر وبين »كائن« آخر. ولذا يمرّغ مسؤولو أميركا أخلاقهم بالوحل وهم يؤكدون صلة الوصل بين بن لادن والعراق. بين بن لادن وإيران. ولمَ لا... بين بن لادن وكوريا؟
؟ »تنفيذ الإرادة الإلهية«. يتبارى كل من بن لادن وجورج بوش في تقديم نفسه، كأنه مجرد »عميل« ينفذ، كالماشي في نومه، رغبات تتجاوزه كثيراً. إنه نوع من مندوب سام لعناية إلهية. خاطب بوش، قبل أشهر، وفداً من »المولودين ثانية«. قال لهم: »لقد كان حرياً بي أن أكون، الآن، في بار تكساسي لا في المكتب البيضاوي. ثمة سبب واحد لوجودي في المكتب البيضاوي وليس في بار: لقد صادفت الإيمان. لقد صادفت الله. أنا هنا بقوة الصلاة« (من كتاب »الرجل المناسب«، سيرة حياة جورج بوش بقلم ديفيد فروم، الكاتب السابق لخطابات الرئيس). طبعاً إنه موجود في البيت الأبيض لأنه ابن سلالة حاكمة ولأن التزوير ساعد العناية الإلهية ولأن أرباب عمل أرادوا ذلك، غير أنه مقتنع أن هذه »الصدف« خدمت وضع »الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب«. وبما أن الله، حسب بوش، هو »وراء الحرية الممنوحة للعالم« فإنه، كرئيس، لن يقدم كشف حساب في هذه الدنيا لا لمواطنيه ولا، من باب أولى، لغيرهم. إنه لا يقرّر بل ينفذ، مثل النبي موسى، تعليمات هبطت عليه من علياء. ليس غريباً، والحالة هذه، القول إن »معجزة« فقط تستطيع رده عمّا يعتزمه. إن الله، في اعتقاده، هو من »كتب لي حياتي«. وهكذا فإن على من يريد مساءلته أن يتوجه إلى عنوان آخر غير البيت الأبيض.
؟ »من ليس معنا فهو ضدنا«. تكتسب هذه الجملة معنى بحسب أن قائلها بوش أو بن لادن. لكنها، في الحالين، تعدم التمايز وتحيله إلى شبهة وتهمة. من يختلف مع الأول يصبح »لا وطنياً«، ومع الثاني »كافراً« (مثل الحكم الاشتراكي في بغداد و... عدن!). المعارض مكانه في الغولاغ أو في غوانتامو. والمحتج مريض نفسي. ويصل الأمر في أميركا حد اضطهاد شخص لأنه تجرأ على لبس قميص تحمل عبارات رافضة للحرب.
* * *
لنتخيّل جيلاً يدخل الحياة سابحاً في هذه المفاهيم. لنتخيّل رغبة عند فتى أو فتاة في قدر من غير المألوف. لنتخيّل شرطة أخلاقية تبحث عن دور. لنتخيّل رجال دين في أدوار »نازعي الأرواح الشريرة«. لنتخيّل مجتمعاً مأزوماً لا يجد لغة التعبير عن مآزقه ولا سبل حلها. لنتخيّل مشهد الموت اليومي في فلسطين. لنتخيّل التوزع بين اشتهاء الحياة الأميركية وبين التشفي بالصدمة العدمية للبرجين... لنضف إلى ذلك أزمات شخصية، ونزعات تمرد مقموعة، وميلا إلى تطلّب التماثل والانضواء...
إذا فعلنا ذلك ربما فهمنا وجود أفراد غير أسوياء. ولكننا بالتأكيد سنفهم سر الصدى الذي يحدثونه في مجتمع يتلقف كل شائعة ويحولها إلى تجسيد لخطر داهم يحدق به هو في الواقع »ظل« للخطر الفعلي.

11/3/2003
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #30
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


النظرية الجديدة للحرب الأميركية: من يحب جيداً ... يؤدّب جيداً



النظرية الجديدة للحرب الأميركية:
من يحب جيداً ... يؤدّب جيداً

بشرى من »هآرتس«. في السادس من الشهر القادم يكشف كولن باول خارطة الطريق إلى »الشرق الأوسط الجديد«، أي إلى عالم عربي قائم على الديموقراطية والتنمية الاقتصادية. سيركز على دمقرطة المؤسسات الراهنة، وتطوير حقوق النساء، وتعزيز حرية الصحافة، وتوسيع الفرص الاقتصادية والتربوية، وزيادة الشفافية في عمل الحكومات.
يقترب باول، إذ يفعل ذلك، من مدنيي وزارة الدفاع (بيرل، وولفويتز، فيث) الذين غرفوا من التجارب الكولونيالية الغابرة والتي رفعت رايات التنوير فوق بوارج الفتوحات. يعتبر هؤلاء »المثاليون« أن »العنف قابلة التقدم«. فالوضع العربي بات بالغ الانسداد ولا بد من القوة لتحريره من وضع آسن يركد فيه ولا يُنبت إلا العداء لأميركا وسياستها ما يحسم أي جدل في أنه وضع مزر. ويستطيع الكولونياليون الجدد أن يزعموا أن ما دعوا إسرائيل إلى تطبيقه ضد الفلسطينيين نجح: كان يفترض ممارسة هذا القدر من القهر من أجل فتح أبواب الإصلاح الموصدة!
مدنيو وزارة الدفاع هؤلاء باتوا في غنى عن التعريف. إلا أن وسائل الإعلام الأميركية كشفت أنهم، وعلى رأسهم دونالد رامسفيلد، يلجأون دورياً إلى استشارة المؤرخ والأكاديمي برنارد لويس. ولعل الكتاب الأخير للرجل يشكل مرجعية فكرية تتحكّم بما ينوي باول الإعلان عنه. فرداً على السؤال الأميركي بعد 11 أيلول »لماذا يكرهوننا؟« أجاب لويس: »لأنهم فاشلون«. وشرح »أن الفشل يطال الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتربية والعلوم والحريات السياسية واحترام حقوق الإنسان«. أضاف أن ما يقوم به العرب (والمسلمون) هو إسقاط هذا الفشل على أميركا وإسرائيل لنفي مسؤوليتهم عنه. وبما أن هذه هي الثقافة السائدة يصبح ظهور الإرهابيين مفهوماً.
تشكل نظرية لويس الإطار الذي يفسر الاهتمام البالغ الذي حظي به تقرير »برنامج الأمم المتحدة الإنمائي« حول التنمية الإنسانية في البلاد العربية. ومن دون التشكيك بواضعي التقرير أو بمعطياته، كان يصعب ألا يلاحظ المرء المكانة الخاصة التي احتلها في الإعلامين الأميركي والإسرائيلي والتعليقات والمقالات التي تناولته. والتقرير لا يقول شيئاً آخر سوى أن العرب، اليوم، وبصورة إجمالية، يكادون يحتلون أسفل الهرم العالمي لناحية التنمية الإنسانية: الحريات، الاقتصاد، التعليم، المرأة، الهجرة... ولقد جرى توظيف التقرير، رغماً عن إرادة أصحابه، بطريقة تجعله رافداً لما كتب عنه لويس.
في مجال آخر وإنما في السياق نفسه، رد عشرات المثقفين الأميركيين على رد للمثقفين السعوديين. قالوا لهم، قبل أيام، »نطلب منكم أن تعيدوا النظر في التوجه السائد في رسالتكم والذي يلقي اللوم في المشاكل التي يواجهها مجتمعكم على الجميع إلا قادتكم ومجتمعكم. فبعض القادة السياسيين يجد فائدة في بعض الأحيان في اللجوء إلى إثارة البغض إزاء الآخر أو العدو، وذلك في سبيل تحويل أنظار الجمهور عن المشاكل الفعلية القائمة«. أضافت الرسالة الأميركية »نحن ندعوكم، بصفتكم مثقفين، إلى إعادة النظر في ما إذا كان السبيل إلى التصدي للتحديات الملحة التي يواجهها مجتمعكم من البطالة إلى غياب الحريات الديموقراطية وعدم النجاح في تحقيق اقتصاد عصري متنوع، واحتضان العنف الإسلاموي وتصديره هو اللجوء إلى إلقاء اللوم على الآخرين من أفراد وأمم«. المنطق هو نفسه وحتى العناوين تتكرر من باول إلى لويس وصولاً إلى »المثقفين«.
يصل الأمر إلى ذروة غير مسبوقة في مقال لباري روبين عن »الجذور الحقيقية للعداء العربي لأميركا« (فورين افيرز تشرين الثاني كانون الأول 2002). يكذّب »الادعاء« القائل إن الاعتداءات على أميركا هي رد على سياستها الخاطئة ليقول إن
السياسة الأميركية تبالغ في تأييدها للعرب. ويعتبر أن تسعير العداء لواشنطن تتوسله قوى تريد إلهاء الشعوب عن أمور أخرى: الخصخصة، الحرية، المرأة، المجتمع المدني... يستعرض روبين العقود الماضية فلا يرى فيها إلا الانحياز الأميركي للعرب والمسلمين (على حساب إسرائيل أحياناً!) ويهاجم الأنظمة العربية والمنظمات والصحافيين والمثقفين الذين يقننون العداء لأميركا لحماية فشلهم.
والاستنتاج السياسي من ذلك كله، حسب روبين، أنه إذا حاولت الولايات المتحدة إظهار أن نواياها غير عدائية حيال العرب والمسلمين فإنها تكون ترتكب خطأً كبيراً بدعم المتطرفين. ويعني ذلك، عملياً، أنه ليس على أميركا أن تتغيّر وإنما عليها أن تغيّر... العرب. يلتقي روبين هنا مع من سبقه ومع لويس تحديداً الذي اعتبر الامتناع عن تغيير النظام العراقي خدمة لبن لادن والتطرف. وتصب هذه الوجهة كلها في مجرى الدعوة التي يدافع عنها »حزب الحرب« الأميركي وهي دعوة صاغها بول وولفويتز بصفتها الإجراء التأسيسي لإدخال العرب في المعاصرة!
يتبنى هذا التيار الفكرة القائلة إن الحرب على العراق إنما هي لمساعدة العرب تماماً مثلما فعل شارون مع الفلسطينيين. الحرب، إذاً، قضية نبيلة تقوم بها جمعية خيرية اسمها الولايات المتحدة وبغيرية لا يسع غير الأميركيين امتلاكها. يريدون التضحية من أجلنا. لا يهمهم سوى إخراج العرب من حالة الفشل التي أوقعوا أنفسهم فيها. واشنطن هي القائدة الفعلية لحركة التحرر العربي وهي تصادر الشعارات التي ارتفعت ذات مرة في المنطقة واستدعت، من أجل كسرها والانتهاء منها، كل الحروب من 48 إلى 67 إلى 82 إلى المواجهة المستمرة في فلسطين.
لقد دعمت الولايات المتحدة الحروب ضد العرب الداعين إلى الحداثة والتقدم والتنمية والعدالة ومساواة المرأة... وكان دعمها ناجحاً إلى حد أن هذه الموجة تحطمت. يُراد لنا أن نصدق، اليوم، أن المجرم يعود إلى ساحة الجريمة لإحياء الضحية. صحيح أننا نعاني تخلفاً ولكن ليس إلى هذا الحد! فما زال هناك إدراك أن »الشرق الأوسط الجديد« الذي تقود إليه الخارطة الأميركية لا علاقة له ب»شرق أوسط جديد« يلبي الحد الأدنى من طموحات المنطقة وأهلها.

26/10/2002
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #31
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


سنونوة البرازيل


هل تنبئ سنونوة البرازيل قدوم ربيع ما؟ فلأول مرة في التاريخ الحديث ربما يصل زعيم يساري بهذه الجذرية إلى موقع الرئاسة حائزاً على أكثرية كاسحة. وبما أن البرازيل هي البلد الخامس في العالم سكانياً والثامن اقتصادياً فإن الحدث لا يمكنه أن يكون هامشياً. فهل يعني، والحالة هذه، أننا أمام افتتاح لمرحلة جديدة لا تستبعد مثل هذا الاحتمال في الأمد المنظور وفي دول ذات ثقل مميّز؟
إن لويس انياسو دا سيلفا (المعروف ب»لولا«) زعيم جذري ببرنامج اشتراكي ديموقراطي حقيقي تبهت أمامه الألوان الزهرية لاشتراكيي »الطريق الثالث« البريطاني، أو »الوسط« الألماني، أو »الاجتماعي الليبرالي« الخجول من نفسه في فرنسا. ناهيك، طبعاً، عن النموذج »الديموقراطي« الأميركي. ويقود انتصاره المدوي إلى طرح سؤال أثاره ذات مرة الكاتب الإنكليزي جون غراي (في كتابه »الفجر الكاذب«): هل ثمة مجال، في ظل العولمة، لمؤسسات اشتراكية ديموقراطية وطنية؟
ستحسم التجربة في الجواب. إن مشكلات البرازيل هائلة: فوارق اجتماعية أسطورية، تمايزات مناطقية واتنية، انعكاسات للبؤس على وضع أمني متدهور، دين يناهز نصف الدخل الوطني، بيئة إقليمية شديدة الاضطراب بعد الأزمة الأرجنتينية، وجار شمالي يمر في مرحلة تشنج تجعل سياسته الداخلية والخارجية رهينة أصحاب المصالح الكبيرة فكيف إذا جاء التهديد من »الفناء الخلفي« وكيف إذا تنفس كاسترو وشافيز الصعداء وعاودت نيكاراغوا أحلامها؟...
إن مهمات هرقلية تنتظر لولا. فصندوق النقد بالمرصاد وقد أصبح دائناً للبرازيل. والرساميل تهدد بالهرب في أي لحظة في ما يشبه الابتزاز الذي أسماه الرئيس الجديد »إرهاباً«. والإصلاحات مكلفة جداً ويمكنها إرهاق القدرة التنافسية. والعملة فقدت، أصلاً، أربعين في المئة من قيمتها. غير أنه يستطيع الاتكال على مجموعة من الميزات ليست بسيطة. فحزبه، حزب العمال، مجرب في إدارة الولايات بنجاح، والتعبئة الشعبية وراءه عالية، وبرنامجه الإنقاذي بات أكثر عقلانية وتواضعاً.
بالإضافة إلى ذلك فإن وصوله إلى السلطة ليس نتيجة تفاقم الانهيار. فسيكون المرء ظالماً إذا لم يعترف أن العقد الماضي شهد ضبطاً للتضخم، وانفتاحاً ليس كارثياً بالكامل، وخصخصة لقطاعات خففت عن كاهل الدولة النجاح الانتخابي، بهذا المعنى، هو ثمرة تلاطم هذه النتائج الاقتصادية والاجتماعية وتوفر قناعة واسعة أن في الإمكان تأمين المزيد من العدالة في التوزيع والإنفاق الاجتماعي بصفتها عنصراً اقتصادياً مربحاً وليست مجرد واجب أخلاقي وإيديولوجي.
ليس صدفة، والحالة هذه، أن يكون لولا هو المرشح الأقوى في الجنوب المتقدم وليس في الشمال الفقير. إن قاعدته الاجتماعية لا تتماهى مع الأكثر بؤساً في المجتمع وإنما مع طبقة عاملة منظمة ومستقرة، ومع فئات وسطى تريد المزيد، ومع مهنيين وجامعيين متماسكين في طرحهم الديموقراطي، ومع شريحة بورجوازية متنورة، ومع اتنيات مقهورة وتشكل من هذا المزيج »كتلة تاريخية« تملك مشروعاً تغييرياً يستند إلى نجاح مؤكد في الإدارة المناطقية.
إن تحولات لولا الشخصية قادته إلى حيث هو الآن. فمن ماسح أحذية في سن السابعة، إلى عامل، إلى زعيم نقابي، إلى سجين رأي، إلى مناضل في سبيل الحريات، إلى خصم للديكتاتورية العسكرية ثم الليبرالية الأصولية، إلى أحد أبرز دعاة العولمة البديلة (بورتو الليغري)، إلى مرشح فاشل للرئاسة، إلى الفوز... تتداخل عناصر السيرة هذه لتشير إلى أن الشخص، الأمي أصلاً، بذل جهداً استثنائياً كي يكتسب قماشة رجل الدولة، واشتغل، قدر المستطاع، على توسيع قاعدته الاجتماعية.
ولقد واكب حزبه هذه التحولات فأعاد صياغة نفسه. إنه زواج ناجح من نقابيين مسيسين، وتيارات اشتراكية جماهيرية، وجذريين كما يمكن لأميركا اللاتينية أن تُنبت، وناشطين اجتماعيين عضويين، ومثقفين ملتزمين، وخبراء يملكون أجوبة محددة على مشاكل محددة. إنه حزب تعددي يلعب دوره بصفته أداة سياسية تتجاوز التمثيل القطاعي لتشكل صلة وصل توسع جبهة التغيير وتعدل برنامجها لتصيب نقطة التوسط التي يمكن لرأسمالي عصري أن يلتقي عندها مع عامل إصلاحي.
الرهان المعقود على التجربة البرازيلية كبير. فالبلد، إضافة إلى أهميته، صاحب »اشعاع« وفرته له، مرة، كرة القدم، وثانية استضافة منتديات »العولمة البديلة«. والنجاح يأتي في لحظة خاٌّصة تمر بها العولمة الليبرالية كونياً وفي أميركا اللاتينية خاصة. إنها لحظة التوقف في محطة النقد الذاتي، والدعوة إلى تصحيح المسار، ورفض الثقة المفرطة بالنفس، والتقليل من النزعة الظافرية. حتى صندوق النقد بات أكثر تواضعاً. ولأن اللحظة هي هذه يصح السؤال: هل يقود لولا البرازيل عكس السير أم أنه يومئ إلى أن السير يعتزم تغيير وجهته

29/10/2002
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #32
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


كيسنغر!



كأن الإدارة الأميركية لا يكفيها من فيها: حشد من المتهمين في قضايا مالية سابقة ومن ممثلي مصالح خاصة ومن أصوليين لا يحسدهم بن لادن على شيء... كأن ذلك لا يكفي. فجورج بوش استحضر جون بويندكستر، المسجون سابقاً لدوره في فضيحة إيران غيت ليكلفه مهمة استخباراتية، واستعاد إليوت ابرامز الذي كذب على الكونغرس في الفضيحة نفسها ليسلمه مكتب... الديموقراطية وحقوق الإنسان. ونبش هنري كيسنغر ليطالبه بترؤس لجنة من الحزبين مكلفة التحقيقات في أحداث 11 أيلول.
المعروف بعد تلك الأحداث أن الولايات المتحدة شهدت نقاشاً حول سؤال »لماذا يكرهوننا«؟ غير أن السؤال تحول مع الوقت، حسب لويس لابهام في كتابه الأخير »الجهاد الأميركي«، إلى نوع من الاستهجان.
إن اختيار كيسنغر رئيساً للجنة تحقيق يوفر، من حيث المبدأ، عنصراً من الجواب. فيكفي أن يتذكر المرء الرجل، وتاريخه، وجرائمه، وارتكاباته، وأكاذيبه، والتي طالت المعمورة كلها، من أجل أن يصاب بنوبة كراهية للسياسة الأميركية. ويكفي أن يكافأ الرجل على ماضيه الكريه من أجل الاستنتاج بأن الولايات المتحدة، اليوم، تعيد تبني سياسات عدوانية وتكرّم من كان يفترض أن تتبرأ منه.
عندما اندلعت قضية بينوشيه في بريطانيا كتب أحدهم أن الرجل لا يجب أن يحاسب على ماضيه بل على حاضره الذي لا تتخلله لحظة ندم واحدة. وهكذا فإن بوش، باختياره كيسنغر، يسحب اعتذارات خجولة قدمها بيل كلينتون إلى شعوب عانت من سياسات واشنطن.
لقد كانت قضية بينوشيه، أيضاً، مناسبة استذكر فيها البعض كم أن الرياء سائد. فلقد كان حرياً بالقضاة مطاردة الرجل الذي دبّر، ونظّم، وأشرف على انقلاب 13 أيلول 73 في التشيلي وهو انقلاب على سلطة ديموقراطية قاد إلى حملات قتل وتشريد وتعذيب لا زال ضحاياها أحياء يشهدون. إن كيسنغر هو البطل الفعلي لانقلاب سانتياغو، وهو، إذ كتب عن الموضوع، أسرف في الكذب إلى أن جاءت وثائق رسمية تفضحه.
ما قامت به المحاكم جزئياً (كيسنغر مطلوب للشهادة في عدد من الدول منها التشيلي وفرنسا وبلجيكا...) قام به كتّاب ومثقفون بصورة جدية. فالكتب عن جرائم الوزير الأميركي السابق عديدة وهي موثّقة كلها. وتثبت هذه الكتب أنه مسؤول عن مئات آلاف القتلى في تيمور الشرقية، وباكستان، وأندونيسيا، واليونان، وقبرص، والأرجنتين، وكمبوديا ولاوس وفيتنام وبنغلادش. لقد فعل ذلك ببرودة أعصاب مذهلة وباسم خدمة المصالح الوطنية لبلاده. لم تبق موبقة واحدة لم يرتكبها: كذب، رشى، خدع، حض على الاغتيال، سرق وثائق، أخفى معلومات، شجع عمليات سرية، خرّب مفاوضات سلام، حوّل بلداناً إلى أنقاض، تغاضى عن وحشية حكام أصدقاء، ودعم ديكتاتوريين دمويين يثقلون سجناء الرأي بالحديد، يرمونهم في البحر، تجسس على زملائه في العمل، الخ...
إن من استمع إلى بوش يمتدحه وهو يعلن تنصيبه »محققاً« لن يعود يتعجب من وصف شارون ب»رجل السلام«.
إن الذين سيستدعيهم كيسنغر لسماع إفاداتهم يعرفون عنه أكثر مما نعرف بكثير وهم، إذا كانوا يحترمون ملكاته الفكرية وبرودته في رسم السياسات، فإنهم مدركون أن بينه وبين الأخلاق، بأي تعريف متسامح، هوة غير قابلة للردم.
كان حرياً بالولايات المتحدة أن تحاكم كيسنغر لا أن تجعله قاضياً لو أنها كانت جدية فعلاً في التساؤل عن أسباب كراهية قطاعات واسعة في العالم لسياستها. اختارت العكس. وليس هذا بغريب على إدارة تعبّر عن أحط النزعات في هذا المجتمع الغني جداً ولكن العاجز عن إدراك أزمة علاقته مع الآخرين.
كيسنغر ليس اسماً. إنه برنامج.

29/11/2002
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #33
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


تسويق تركيا



بدأ بول وولفويتز، مبعوثاً من الإدارة الأميركية، جولة تندرج تحت العنوان العراقي. حاضر في معهد للدراسات في لندن. لم يجد شيئاً كثيراً يضيفه على الموقف البريطاني الرسمي المعروف. لم يقنع بعض الحضور بأطروحات الصلة بين بغداد و»القاعدة«. لم يبد مهتماً بذلك ما دام ينتظر، بفارغ الصبر، وبتشكك واضح، نتائج عمل لجان التفتيش. ولقد كان لافتاً أنه اختار العاصمة الأوروبية الحليفة من أجل أن يمهّد لزيارته المهمة إلى تركيا. لقد خصص وولفويتز نصف محاضرته في لندن من أجل الإعلاء من شأن أنقرة.
وكما في ما يخص العراق فإن الأميركيين والبريطانيين على موجة واحدة في ما يتعلق بتركيا. يؤيدون، بحماسة، انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، ويدعون إلى أن تحدد قمة كوبنهاغن المقبلة موعد بدء التفاوض معها حول هذا الموضوع.
واللافت أن الدولتين الأقل اهتماماً بالبناء الأوروبي هما الأكثر إلحاحاً على »المصير الأوروبي« لتركيا. وليس الأمر غريباً. فهما تدركان الإشكالات العديدة الحائلة دون ذلك وتريدان للسلسلة الأوروبية أن تصبح محكومة بأضعف حلقاتها. فانضمام تركيا، بعد التوسيع المقرر في 2004، يزيد من أطلسية القارة، ويقلّل من قدرتها على بناء سياسة خارجية وأمنية مستقلة، ويرغمها على أن تبقى سوقاً حرة مفتوحة بدل أن تتحوّل إلى كيان سياسي.
لقد كان هذا هو الموقف التقليدي لواشنطن ولندن. والواضح أن تعديلاً لم يطرأ عليه بعد الانتخابات الأخيرة التي حملت »حزب العدالة والتنمية« إلى السلطة.
لقد استقبل فوز الحزب المذكور بأسئلة كثيرة في أوروبا الغربية، وهي أسئلة لا تخلو من قلق لا بل من عدائية. إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا الأسرع في التقاط الرسائل الإيجابية لطيّب أردوغان وللتعامل معها بإيجابية.
فالبيت الأبيض كاد يحتفل بالنتيجة. إنه يتعرض إلى هجوم من على يمينه (نعم إن الأمر ممكن!) من أجل أن تكون حربه ضد الإسلام كدين ومؤمنين وليس ضد الإرهاب والأصولية. وهو يحتاج إلى مادة تسمح له بخوض السجال. ثم إن ظروف ما بعد 11 أيلول تشدد الحاجة إلى ذلك. فمنذ انهيار المعسكر الاشتراكي وواشنطن »تبيع« النموذج العلماني التركي ضد النموذج الأصولي الإيراني. ولكن المستجدات تعطي الأولوية ل»بيع« النموذج الإسلامي التركي ضد النموذج الإسلامي العربي.
ويكفي أن نضيف إلى ذلك انفتاح الملف العراقي حتى تتضح أهمية الموقع التركي الذي سمحت له التطورات بأن يدافع عن نفسه بعد انتهاء الحرب الباردة.
وبما أن الحكام الجدد في أنقرة أكدوا الاحترام الشديد للاتفاقات مع صندوق النقد، مع ما يعنيه ذلك من تركيبة اقتصادية، وأعربوا عن رغباتهم الأوروبية واستطراداتها السياسية، فإن واشنطن وجدت أن دورها هو، أيضاً، في »بيع« تركيا للاتحاد الأوروبي.
إن معادلة الأطلسي + صندوق النقد + احترام الدستور العلماني + الميول الأوروبية + الموقع الاستراتيجي المهم، إن هذه المعادلة تكاد تكون حاجة أميركية اليوم. ولقد كان وولفويتز واضحاً في التبخير لهذه المعادلة مستعيداً نظريات المؤرخ المقرب من صقور واشنطن برنار لويس.

4/12/2002
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #34
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


المنطقة في مهب جذريتين



الإعصار الذي سيضرب المنطقة يتشكل من التقاء رافدين: الجذرية الأميركية والجذرية الإسرائيلية. وإذا كان هناك من يخطئ في تقدير قوته فلأنه يرفض الاعتراف بأننا أمام أميركا جديدة وأمام إسرائيل جديدة وأمام صيغة جديدة في العلاقة بين الطرفين.
ان الادارة الحاكمة في واشنطن هي، في الوقت نفسه، الأكثر يمينية منذ عقود والأكثر عدوانية. ويدلّ مشروعها للميزانية على نوع من الانحياز الاجتماعي ضد الفقراء يودي بكل ادعاءاتها عن »المحافظة ذات الوجه الانساني«. فالاقتطاعات من ضرائب الأغنياء لا يوازيها إلا الخفض في التقديمات للفئات الأكثر هشاشة. وتأتي الزيادة الصاروخية على نفقات الدفاع من أجل ان تلغي فوائض بيل كلينتون لتعيد الولايات المتحدة الى عصر العجوزات في الميزانية.
والسياسة القائمة على التفارق الاجتماعي الداخلي، أي على التغليب الأناني لمصالح الأشد ثراء، تنعكس، في الخارج، أنانية قدمية لا يسلم منها أقرب الحلفاء في أوروبا القديمة و... الجديدة. وبعد ان تمادت واشنطن في ازدراء الاتفاقات الدولية ها هي تقدم، في مجلس الأمن، نموذجاً عما تعتبره التعدد والتشاور. فالالتحاق بها، وكسر إرادة المختلفين معها، والانتقال من الارجحية الى السيطرة هي معالم السياسة التي يراد لها ان تقود العالم.
لا بد من قول ما تقدم في ظل عناد المتوهمين بالديموقراطية القادمة الى العراق أولاً، والى العرب والمسلمين تالياً، عبر سياسة البوارج والحروب التي لا ذكاء فيها الا في ما خص بعض الأسلحة. لن تشذ توجهات بوش عندنا عن غيرها ولن يعاملنا بأفضل مما يعامل القسم الأكبر من مواطنيه. وهو قادر، الا اذا دفع ثمناً باهظاً، على انقاذ قدر من التماسك
الداخلي مستنداً في ذلك الى كتلة شعبية متطرفة ومشبعة بأفكار »الثورة المحافظة« التي أوصلت رونالد ريغان مرة الى السلطة.
وتجدر الاشارة، برسم من يعتقد ان الادارة، وبعد العراق، ستجعل اقامة الدولة الفلسطينية أولوية، ان بوش، وفي سياق الحرب المقتربة، سيفتتح معركته الانتخابية لولاية ثانية.
لقد كانت هذه المرحلة، على الدوام، مرحلة تقارب بين رئيس الولايات المتحدة واسرائيل ولكنها، هذه المرة، ذات طعم خاص.
ينوي بوش، في ما تبقى له من وقت، حسم قضية الصوت اليهودي لصالح الحزب الجمهوري واليمين الصلب. وهو حقق خطوة في هذا الاتجاه في الانتخابات النصفية للكونغرس. ويعتزم تصديق استطلاع الرأي القائل ان يهود أميركا سيقترعون لصالحه ولو كان منافسه السناتور اليهودي (المحافظ) الديموقراطي جوزف ليبرمان، ولمن يعرف القليل عن السياسة الداخلية الأميركية فان كسب الجمهوريين معركة الصوت اليهودي يعني إلحاق هزيمة مديدة بالحزب الديموقراطي وانشاء واقع سياسي جديد في الولايات المتحدة يقوم على حرمان اليسار الليبرالي من نسغ أمده، طيلة عقود، بحيوية متجددة. ويلتقي توجه بوش هذا مع تحولات سوسيولوجية وايدلوجية تعيشها الأقلية اليهودية في أميركا وتدفع بها الى وسط المشهد السياسي ويمينه وتجعلها تقترب، أكثر فأكثر، من المعسكر القومي المتشدد في إسرائيل. وليس صدفة، والحالة هذه، ان تكون النواة الصلبة لمفكري المحافظين الجدد في الولايات المتحدة متشكلة من يهود متحدرين من أصول يسارية.
لم تخف إدارة بوش انها تفضل شارون لرئاسة الحكومة. تأجيل الاعلان عن خريطة الطريق. الوعد بضمانات القروض. والأهم من ذلك تعيين إليوت ابرامز في مجلس الأمن القومي مشرفاً على ملف الشرق الأوسط. والرجل، اذ يتطلع الى شارون، يرى في المحارب الاسرائيلي قامة تشرشل ويعتبر ان أفضل وسيلة لدعم اليمين في تل أبيب هي تمتين التحالف بين يهود أميركا واليمين الأقصى فيها.
ان ادارة من هذا النوع لن تكتفي بوضع اليد على العراق ولكنها ستعمل على خفض سقف التطلع الفلسطيني الى أدنى مستوى ممكن.
تلتقي هذه الجذرية مع جذرية اسرائيلية واضحة للعيان. وربما كان علينا ان نتساءل عما اذا لم تكن الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة مفصلاً هاماً في تاريخ الدولة.
لم يطل الحديث عن »ما بعد الصهيونية« حتى حققت الصهيونية، في صيغتها الأقرب الى التحريفية، انتصاراً. ولعله من الواجب قراءة الحصيلة في المصير البائس لما يسمى اليسار سواء في شقّه الذي شارك في حكومة الوحدة الوطنية (العمل) أو في الشقّ الذي عارض (ميريتس) ولقد كان ملفتاً ان الدرس الذي استخلصه يوسي سريد من هزيمة حزبه هو أن السبب يعود الى عدم اعلاء الصوت كفاية ضد... ياسر عرفات. ويخدم هذا الدرس في تنبيه من يهمه الأمر الى ان المقترعين لم يكونوا يردون على العمليات الاستشهادية فقط وانما على الحركة الوطنية الفلسطينية بمجملها وعلى »الخونة« من بينهم الذين ارتكبوا... اوسلو!
منذ أواسط السبعينات واليمين صاعد في اسرائيل. وأدت المحاولات المتعثرة لما يسمى اليسار (رابين، باراك) الى تأكيد هذا الصعود. فالأمر يعود الى تحولات ديمغرافية جدية (راجع انضمام ناتان شارانسكي وحزبه الى »ليكود«) والى شعور متزايد بالقوة المانعة لأي »تنازل«.
إن يميناً إسرائيلياً معيناً يصعد الى موقع الهيمنة في المجتمع. وإذا كان شارون حلّ أولاً بين الجنود فإن الملفت هو أن عميرام متسناع حل ثالثاً. ولهذا التحول صلة بتيارات عميقة في المجتمع وبحساسية خاصة تشده الى ما يجري في العالم والى التموضع المستجد للدياسبورا اليهودية على يمين الخارطة السياسية في كل بلدان العالم.
عصب الحركة الصهيونية الذي أسس الدولة وادارها لفترة ينتمي الى البنية الشوفينية في الحركة العمالية الأوروبية. وتحديداً الى هذه الحركة في أوروبا الوسطى والشرقية (دولها أكثر انحيازاً الى بوش من أوروبا الغربية) حيث القوميات مأزومة وحيث البديل عن »اليسار الشوفيني« حركات عنصرية حادة مثل جابوتنسكي الترجمة اليهودية لها وشكلت الفاشية مرجعها.
وعاشت دولة إسرائيل لعقود في ظل استقطاب دولي واحتلت مكاناً مميزاً في قلب الاشتراكيين الديمقراطيين الأوروبيين الذين رفضوا الاعتراف بأن الكيبوتس ليس ناظما لحياتها.
لم نعد اليوم أمام شيء من هذا القبيل. ولذا فإنه من المسموح لنا القول بأن نتائج الانتخابات الأخيرة قد تكون مؤشراً الى تأسيس جديد لدولة إسرائيل يستند الى التحولات الداخلية والدولية ويحاول الاستفادة من المعطيات الإقليمية التي ستتولد عن الحرب الأميركية على العراق ومشروعها للتغيير »الجذري« في الشرق الأوسط على حد وصف كولن باول أمس الأول.
كتب ديفيد غروسمان: »انتصر شارون لأن أكثرية الإسرائيليين تعتقد أنه سيضرب الفلسطينيين بقوة أكبر«. وهو سيفعل ذلك مدركاً أن جذريته المعبرة عن »اعتقاد« الأكثرية لن تصدها الولايات المتحدة ولن تقف في وجهها »خارطة طريق« نعاها سلفا ولن يحرص أصحابها عليها كثيراً.
إن واحدة من هاتين الجذريتين كانت كفيلة بالنيل من الضعف العربي الاستثنائي، رسمياً وشعبياً... فكيف إذا التقتا وضربتا معاً؟

8/2/2003
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #35
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


نايبول، فوكوياما: استفزاز مُضاعَف



منح جائزة نوبل للآداب إلى في. اس. نايبول استفزاز. ليس أقل من ذلك. إنه، ببساطة، محاولة لإثبات أن أسامة بن لادن على حق. ولو بالمقلوب. فالرجل هو المعادل الروائي لسيلفيو بيرلوسكوني في نسخته الفخورة بتفوق حضارة ودعوتها إلى الهيمنة على غيرها.
إن النظر في القيمة الروائية والأدبية للكاتب الترينيدادي المولد، البريطاني الجنسية، العالمي الإقامة، هو من عمل النقاد المختصين. ولكن نايبول ليس روائياً فحسب. إنه صاحب نظريات في الاستعمار، والتحرر الوطني، ومصائر الشعوب المقهورة. وهو، بالإضافة إلى ذلك، كاتب تحقيقات صحافية مطولة عن رحلات له في بلاد إسلامية (»بين المؤمنين«، 1981، و»أبعد من الإيمان«، 199 ضمّنها نظرته إلى الإسلام. وهذه النظرة »الرائدة« تتساوى مع أحط ما يُقال، هذه الأيام، في الموضوع نفسه في أوروبا وأميركا.
سُئل ذات مرة عن سر امتناعه عن تضمين بلد عربي في رحلته الباحثة عن الإسلام الآسيوي. أجاب باختصار إنه لا يريد ولا يطيق أن يجمع بين »تخلّفين«. ولأنه معروف بهذا الموقف كان لا بد من سماع رأيه بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن. لم يتحدث لا عن بن لادن، ولا عن الأصولية. ذهب مباشرة إلى الشكوى من »تأثيرات الإسلام الكارثية على البشر«، وإلى »جرائمه« في إخضاع شعوب واستعباد ثقافات وتدمير كل ما سبقه... ولم يكن يفعل في معرض هذا التعليق سوى استعادة ما كتبه قبل سنوات، وفي التركيز على الموازاة بين المفاعيل التدميرية لكل من الإسلام و... الإمبريالية!
وحتى لا يخطئ أحد الظن فيعتقد أن نايبول كاره للإمبريالية كما هو كاره للإسلام والمسلمين تجب العودة إلى كتابه الصادر عام 75 بعنوان »غيريللا« (حرب العصابات). ففي هذه الرواية عن مدينة يجتاحها ثوار التحرر الوطني جزم في أن نزعة الاستقلال والخلاص هي أسوأ ما يمكن للاستعمار أن ينتجه. ليست الإمبريالية تدميرية إذاً إنما... المقاومة! والخلاص، بهذا المعنى، هو اتباع خيار نايبول الحاقد على لونه الغامق، الفخور بلغته الإنكليزية، والمستعد لأن يساعد »الرجل الأبيض« في الانتهاء من عذابات الضمير التي تسبّبها له ممارساته الكولونيالية.
لقد استحق نايبول، لهذه الأسباب، مكانته في قلب البُعد الثقافي للثورة الريغانية التاتشرية في الثمانينيات. احتفى به كل من اعتقد، منذ 75، أنه آن الأوان لرمي عقدة الذنب، وللتبجح بأن الاستعمار هو الخط الوحيد للشعوب وأن خرابها جاء، فقط، من استعادة سيادتها الوطنية.
ولهذه الأسباب، بالضبط، قيل في الأيام الأخيرة إن لا مجال لمنحه جائزة نوبل للآداب. فالظرف العالمي متوتر جداً. والغرب يجاهد للتمييز بين الحرب على بن لادن وطالبان وبين الحرب على الإسلام والمسلمين والعرب. ومع ذلك اختارت الأكاديمية السويدية أن تقدم على هذا الاستفزاز متجاهلة أن هناك بين العرب والمسلمين من يكون قرأ كتابات نايبول غير الأدبية.
إن هذا الاستفزاز ليس فعلاً معزولاً. ثمة موجة تريد أن تقول إنها »تكسر المحرّمات« وأنها تريد تعريض الإسلام، في أي نسخة كانت، إلى المساءلة.
شاءت الصدفة أن تنشر »غارديان« البريطانية، يوم أمس، مقالاً للأميركي من أصل ياباني فرنسيس فوكوياما عنوانه »لقد ربح الغرب«.
يستعيد فوكوياما أطروحته عن »نهاية التاريخ« ويكرر شرحها. لقد انتهى التاريخ بمعنى أن لا مجال لتجازو النموذج الغربي المتميز بالديموقراطية السياسية والرأسمالية الليبرالية الاقتصادية. ويرد على الذين يتبنون أطروحة »صدام الحضارات« لصموئيل هنتنغتون استناداً إلى وقائع التفجيرات الأخيرة والحرب على أفغانستان. يقول فوكوياما إن هذه الأحداث، على أهميتها، لا تغيّر شيئاً في أن التاريخ استقر عند الديموقراطية وحرية السوق. غير أنه يدخل تحفظاً على نظريته لا يخلو من دلالة. فهو يعتبر أنه ليس صدفة نمو الديموقراطية الليبرالية الحديثة في »الغرب المسيحي«. ويشير إلى تقدمها »في شرق آسيا، وأميركا اللاتينية، وأوروبا الأرثوذكسية، وجنوب آسيا، وحتى
أفريقيا«. ويخلص من ذلك إلى أن ثمة مشكلة مع السلام أو مع القراءة الأصولية له. ولكنه يستطرد »إن الإسلام هو النظام الثقافي الوحيد القادر على الانتاج الدوري لأناس مثل بن لادن أو طالبان«، وأكثر من ذلك، على استدراج »تعاطف مع الإرهابيين يتجاوز الأقلية الضئيلة ليطال الفئات الوسطى...«.
هل يعني وجود هذا التحدي أن التاريخ لم ينته فعلاً؟ كلا، يجيب فوكوياما. »لقد انتهى التاريخ لأن نظاماً واحداً سيستمر مهيمناً على السياسات العالمية، وهو النظام الليبرالي الديموقراطي العربي«. والاستنتاج من ذلك أن العرب والمسلمين العاجزين، لأسباب ثقافية فقط، عن الاندراج في »نهاية التاريخ« عليهم أن يخرجوا منه ببساطة »لأن الوقت في صالح الحداثة ولأنني أرى تصميماً أميركياً على النصر«.
من نوبل نايبول إلى استدراك فوكوياما ثمة ملامح واضحة لمناخ هو أقرب إلى »صراحة« بيرلوسكوني منه إلى »خبث« طوني بلير. وهذا المناخ كفيل باسيلاد ألف بن لادن!
ملاحظة: مُنح نايبول جائزة في إسرائيل. وصل لاستلامها. أهين في المطار بسبب لونه. غادر محتجاً. زاد شتائمه للعرب والمسلمين!

10/12/2001
  رد مع اقتباس
قديم 19/08/2008   #36
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


البرابرة على الأبواب



لا اسم لما حصل في الولايات المتحدة وضدها. إنه أكبر من مجموعة عمليات »كاميكازية« وأقل من حرب. لنقل إنه يقترب من ممارسة أقصى الأذى في ظل موازين القوى الراهنة و... المنظورة. لماذا يقترب فقط؟ لأنه ليس موجهاً ضد أصدقاء أميركا وحلفائها أو حتى قواتها في الخارج. إنه فوق الأرض الوطنية. هذا أولاً. ثانياً، لأنه يقف على عتبة الحالة التي يعتبرها الأميركيون »كابوسية«: اندماج »الإرهاب« بالأسلحة غير التقليدية ونقل المعركة إلى »الداخل«. ثالثاً، لأنه ليس رمزياً فحسب نظراً إلى الخسائر البشرية الفادحة التي أنزلها وببشر مدنيين لا ذنب لهم. هذا الأمر الذي »لا اسم له« هو البداية الفعلية للقرن الحادي والعشرين. لقد انتهت نهاية الحرب الباردة حتى قبل أن تبادر الإدارة الجمهورية الحالية إلى إعلان وفاتها. وإذا كانت تأخرت بعض الشيء في الإعلان فلأنها تبحث عن خصم مقنع يستحق أن تُعاد الهندسة الأمنية الدولية من أجله.
لا اسم لهذا الخصم. إن الولايات المتحدة، اليوم، كتلة عضلية جبارة تبحث عن متنفس لغضبها وعن تعويض للجرح الوطني الذي أصابها. أي رد، متى حصل، سيكون رهيباً. ولكن لا عدو بحجم رد رهيب. ويكفي لتبيان ذلك كشف بأسماء المشبوهين أو مراجعة سريعة للائحة المطلوبين العشرة الأوائل. التوازن معدوم. هذه نقطة قوة لصالح أميركا. ولكنها نقطة ضعف أيضاً. ما من طرف يوازيها في الحجم، والقدرة، والنفوذ، والإمكانيات. لكن عدم التوازي ينقلب ضدها في لحظة. فهي، منذ سنوات، تنفق 25 مليار دولار كل عام لمكافحة الإرهاب. ولكنها ستدفع مئات المليارات لأن حالة هجينة غامضة الملامح صممت وخططت ونفذت، ولم تكلف نفسها إعلان المسؤولية.
إن ما لا اسم له يضع على المحك المنظومة الأمنية الأميركية كاملة. فالعقيدة الدفاعية الجارية مراجعتها تريد الانتقال من »الحربين الإقليميتين« بعيداً عن الأرض الوطنية إلى »الحرب ثم الثانية«. ضد مَن؟ كوريا الجائعة أو العراق المحاصر! توسيع حلف شمال الأطلسي له صلة بإبقاء »الروابط« مع الحلفاء أكثر من صلته باحتمالات تجدد التهديد الروسي. الانتشار الآسيوي لم يعرف حتى الآن تحديد سياسة واضحة في ما يخص الصين الوطنية.
ثم كان أن ورث جورج بوش عن بيل كلينتون ملفين أمنيين. يقتضي الأول بناء درع صاروخي (مليارات لا تحصى من الدولارات وفعالية مشكوك فيها) ضد دول »مارقة«. أحداث الأيام الأخيرة، بسبب من »عدم التوازي«، وجهت ضربة قاسية للفكرة. ويقتضي الثاني إنفاقاً مذهلاً ضد »الإرهاب السيبرنتيكي«. فالاعتماد الأميركي على التكنولوجيات الجديدة، اقتصادياً وخدماتياً واستراتيجياً، آخذ بالتحول إلى مصدر خطر. غير أن المشروع برمته عاجز أمام طالب في جامعة أو أمام خاطف طائرة يحسن قيادتها.
لا اسم للسياسة الخارجية الأميركية. فهي ليست انعزالية تماماً وليست تدخلية تماماً. وتكاد الصراعات البيروقراطية الداخلية تجعلها بعيدة عن أن تكون »بين بين«. انسحاب من كيوتو ووعد بمشروع جديد لمقاومة الاحتباس. رفض بروتوكول حظر الأسلحة البيولوجية وحملة ضد مَن يرفض. الامتناع عن أي تفاوض خاص بالأسلحة الخفيفة لأن الدستور الأميركي يحمي هذا الحق. شراء تحويل سلوبودان ميلوسيفيتش إلى المحكمة ورفض الانضمام إلى محكمة الجزاء الدولية. التلويح بالانسحاب من معاهدة 72 مع موسكو ومغازلة بوتين و»السماح« للصين بتطوير ترسانتها النووية. مغادرة مؤتمر دوربان، حضور انتقائي في البلقان. »حضور الغائب« في الشرق الأوسط و»فيتو« على حضور مَن يرغب لسد الفراغ...
تريد واشنطن أن تقود من دون موجبات الدور القيادي. غير أن هذا »التمرين« لم يعد ممكناً بعد العمليات الأخيرة. فما لم يحمه المحيط، وما لم يكن ممكناً لدرع ما أن يحميه، لن يحميه قرار باعتكاف مزاجي. سيكون بوش مضطراً إلى استلحاق نفسه بدروس في التاريخ والجغرافيا والعلاقات الدولية، عله، على الأقل، يعرف كيف سيرد الضربة، علماً بأن التحضيرات لها قد تكون سابقة لتعداد الأصوات في فلوريدا.
والشرق الأوسط في كل ذلك؟ نحن متجهون، على الغالب، نحو زيادة التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة. وذلك بغض النظر عن الجهة التي نفذت العمليات. سيقدم أي رد أميركي مقياساً يستخدمه أرييل شارون في تعاطيه مع الفلسطينيين والعرب. كل المقدمات جاهزة من أجل ذلك. ألم يفرح الفلسطينيون للمَصاب الأميركي؟ ألم تبدو إسرائيل جزءاً من الغرب المستهدَف؟ ألم تخض الدولتان »حرب دوربان« معاً؟ ألا تتقاسمان القيم نفسها؟ أليس أعداء الواحدة (العراق، إيران..) أعداء الثانية؟ أما امتدح بوش سياسة ضبط النفس الشارونية ثم عجز عن ضبط نفسه؟ أما انتقد باول »القتل المستهدف« فبات »البرابرة على الأبواب« على ما قال معلق »جيروزاليم بوست« جيرالد ستاينبرغ«؟ ألا يريد العرب والمسلمون »افتراس الغرب« كما يؤكد بنيامين نتنياهو، بدءاً بإسرائيل وصولاً إلى أميركا؟ ألا يشكل عرب إسرائيل، كما عرب أميركا، »طابوراً خامساً«؟ ألا تحتضن دمشق »المعارضة« الفلسطينية وتشجع »حزب الله« منذ تفجير مقر المارينز حتى اليوم؟ ألم تتواطأ السعودية مع إيران في التغطية على انفجار الخُبر؟ ألم يتم إغراق المدمرة كول في المياه اليمنية؟ ألا تشكل »الأممية الإسلامية«، من قندهار إلى وهران مروراً بضواحي القاهرة، جبهة تقوم بدورها في »صراع الحضارات« ضد التراث المسمى »يهودياً مسيحياً«؟
إن محنة الشعب الأميركي المفهومة والبالغة المأساوية، سترتد على الشرق الأوسط تدعيماً لموقع »البرابرة« الذين يطرقون الأبواب ويلوّحون باقتحامها.

09/13/2001
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 17:16 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.27624 seconds with 14 queries