أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة

إضافة موضوع جديد  و الله هالموضوع مقفول ترى
 
أدوات الموضوع
قديم 29/10/2006   #199
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي مي زيادة


ولدت ماري زيادة (التي عرفت باسم ميّ) في مدينة الناصرة بفلسطين العام 1886
ابنةً وحيدةً لأب من لبنان وأم سورية الأصل فلسطينية المولد.
تلقت الطفلة دراستها الابتدائية في الناصرة, والثانوية في عينطورة بلبنان.
وفي العام 1907, انتقلت ميّ مع أسرتها للإقامة في القاهرة. وهناك, عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنكليزية,
وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته, عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها.
وفيما بعد, تابعت ميّ دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.
وفى القاهرة, خالطت ميّ الكتاب والصحفيين, وأخذ نجمها يتألق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي, وباحثة وخطيبة.
وأسست ميّ ندوة أسبوعية عرفت باسم (ندوة الثلاثاء), جمعت فيها - لعشرين عامًا - صفوة من كتاب العصر وشعرائه,
كان من أبرزهم: أحمد لطفي السيد, مصطفى عبدالرازق, عباس العقاد, طه حسين, شبلي شميل, يعقوب صروف,
أنطون الجميل, مصطفى صادق الرافعي, خليل مطران, إسماعيل صبري, وأحمد شوقي.
وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام ميّ حبًّا روحيًّا ألهم بعضهم روائع من كتاباته.
أما قلب ميّ زيادة, فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده, رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة(!).
ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا: من 1911 وحتى وفاة جبران بنيويورك عام 1931.
نشرت ميّ مقالات وأبحاثا في كبريات الصحف والمجلات المصرية,
مثل: (المقطم), (الأهرام), (الزهور), (المحروسة), (الهلال), و(المقتطف).
أما الكتب, فقد كان باكورة إنتاجها العام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية,
ثم صدرت لها ثلاث روايات نقلتها إلى العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية.
وفيما بعد صدر لها:
(باحثة البادية) (1920)
(كلمات وإشارات) (1922)
(المساواة) (1923)
(ظلمات وأشعة) (1923)
( بين الجزر والمد ) ( 1924)
و(الصحائف) (1924).
وفى أعقاب رحيل والديها ووفاة جبران تعرضت ميّ زيادة لمحنة عام 1938, إذ حيكت ضدها مؤامرة دنيئة,
وأوقعت إحدى المحاكم عليها الحجْر, وأودعت مصحة الأمراض العقلية ببيروت.
وهبّ المفكر اللبناني أمين الريحاني وشخصيات عربية كبيرة إلى إنقاذها, ورفع الحجْر عنها.
وعادت ميّ إلى مصر لتتوفّى بالقاهرة في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 1954
الصور المرفقة
نوع الملف : jpg maizeyada1.jpg‏ (27.2 كيلو بايت, 27 قراءة)

ادعـــي علـــي بالموت.. ولا سمني
بس لا تفارقني دخيــل الله و تغيب
طاري السفر يا بعد عمري همني
شلون اودع في المطار اغلـــى حبيب :cry:
تعال قبل تروح عني ضمني
اقرب من انفاسي ترى حالي صعيب
ابنتثر قدام عينك لمني
وابسألك هل نلتقي عما قريب
نسيت حتي اسمي دخيلك سمني
باللى تسمينى البيلك واجيب
مجنون عاقل ما علي من لامني
انا مع نفسي واحس اني غريب



آخر تعديل layla يوم 29/10/2006 في 23:11.
 
قديم 29/10/2006   #200
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


مي وصالونها الأدبي



كان للصالونات الأدبية دورها فى الحياة الأدبية في مصر ..
كان لها دور كبير ومؤثر .. فصالون مي مثلا ، كان ينبض بالحرارة ، لأن صاحبة الصالون كانت جميلة ،
وكان كل أديب من الأدباء يتردد على هذا الصالون يتصور أن مي تخصه بعواطفها ،
فكان يتبارى كل أديب في عرض أحسن ما عنده .. فكان لهذا تأثير كبير في تنشيط الحركة الأدبية في ذلك الوقت ..
فالصالون الأدبي خرج منه مصطفى صادق الرافعي والعقاد والمازنى وطه حسين .. أما الجمعيات الأدبية الموجودة الآن ،
فليس لها قوة الصالونات التى دفعت هؤلاء الكبار إلى التجديد في أعمالهم .

من حوار محمود البدوي مع الناقد ابراهيم السعفي
الصور المرفقة
نوع الملف : jpg z.may.jpg‏ (34.8 كيلو بايت, 25 قراءة)

آخر تعديل layla يوم 29/10/2006 في 23:12.
 
قديم 29/10/2006   #201
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي مؤلفاتها


1. المؤلفات
أزهار حلم: وهو ديوان شعر باللغة الفرنسية
- باحثة البادية: ألفته سنة 1920م، وفيه درست شخصية ملك حفني ناصف ونظريتها الاجتماعية، ولقد علّقت على تلك النظرية تعليقات جرئية وصريحة، كان لها أبعد الأصداء في العالم العربي، وفي تطوير حالة المرأة العربية.
- كلمات وإشارات: وهي مجموعة من الخطب الاجتماعية طبعت سنة 1922م، وفيها عالجت حالة البؤس والشقاء التي يعيش فيها اليتيم والفقير، ودعوات إلى مساعدتهما مساعدة فعالة.
- سوائح فتاة: جمعت في هذا الكتاب، الذي نشر سنة 1922م، بعض النظريات والآراء التي اقترحها عليها الأديب ولي الدين يكن.
- المساواة: وهو كتاب فريد من نوعه في اللغة العربية، درست فيه قضية الطبقية الاجتماعية وكيفية نشوئها، ثم عرضت الكثير من الحلول العملية.
- الصحائف: ظهر هذا الكتاب سنة 1924م، وهو يشتمل على مقدمة قيمة في النقد الأدبي، ثم على قسمين، خصصت أحدهما لصحائف بعض الأشخاص، وخصصت الآخر لرحلات السندباد البحري.
- بين الجزر والمد.
- ظلمة وأشعة.
ويشتمل هذا الكتابان الأخيران على مقالات أدبية، وفنية، وشعرية.


2. الترجمة
- ابتسامات ودموع: وهو مترجم عن اللغة الألمانية سنة 1911م.
- الحب في العذاب: وهو مترجم عن اللغة الإنجليزية سنة 1925م.
- رجوع الموجة: وهو مترجم عن اللغة الفرنسية سنة 1925م

3. محاضرات ومقالات
وتشمل عددا كبيرا من المقالات التي نشرت في الصحف العربية المختلفة مثل المحروسة والزهور والمقتطف وغيرها
 
قديم 29/10/2006   #202
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي بعض مما قيل في تأبينها


قال الشاعر خليل مطران في الحفل الذي اقيم لتأبين مي زيادة


نعمةٌ ماسخاً بها الدهــرُ حتى آب كالعهدِ سالباً وضَنيــنا
أيُّـهذا الثرى ظَفِرْتَ بحسـنٍ كان بالطُّهْرِ والعفافِ مصونا

لَهْفَ نفسي على حجىً عبقري كان ذُخْراً فصارَ كَنزاً دفيـناً
فعليكِ السلامُ ذكراكِ تحــيا وبرغمِ البِعـادِ لا تبعــدينا
 
قديم 29/10/2006   #203
صبيّة و ست الصبايا لاوديسا
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ لاوديسا
لاوديسا is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
مشاركات:
1,778

افتراضي


يسلمو ليلى كتير

بس معلش تعبك شوي بطلب

يا ريت اذا بتقدري تكبري الخط المرات الجاية....

 
قديم 29/10/2006   #204
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


أنت أيها الغريب


أنا وأنت سجينان من سجناء الحياة, وكما يُعرَف
السجناء بأرقامهم يُعرَف كلُّ حي باسمهِ.
- بنظرك النافذ الهادئ تذوقتُ غبطة من لهُ عينٌ
ترقبه وتهتم به. فصرت ما ذكرتك إلاّ ارتدت نفسي
بثوب فضفاض من الصلاح والنبل والكرم, متمنية أن
أنثر الخير والسعادة على جميع الخلائق.
لي بك ثقةٌ موثوقة, وقلبي العتيُّ يفيض دموعًا.
سأفزع إلى رحمتك عند إخفاق الأماني, وأبثك شكوى
أحزاني - أنا التي تراني طروبة طيارة.
وأحصي لك الأثقال التي قوست كتفيَّ وحنت
رأسي منذ فجر أيامي - أنا التي أسير محفوفة
بجناحين متوجة بإكليل.
وسأدعوك أبي وأمي متهيبة فيك سطوة الكبير
وتأثير الآمر.
وسأدعوك قومى وعشيرتى, أنا التي أعلم أن
هؤلاء ليسوا دوامًا بالمحبين.
وسأدعوك أخي وصديقي, أنا التي لا أخ لي ولا
صديق.
وسأطلعك على ضعفي واحتياجي إلى المعونة, أنا
التي تتخيل فىَّ قوة الأبطال ومناعة الصناديد.
وسأبين لك افتقاري إلى العطف والحنان, ثم أبكى
أمامك, وأنت لا تدري .
وسأطلب منك الرأي والنصيحة عند ارتباك فكري
واشتباك السبل.
كل ذلك, وأنت لا تعلم!
سأستعيد ذكرك متكلمًا في خلوتي لأسمع منك
حكاية غمومك وأطماعك وآمالك. حكاية البشر
المتجمعة في فرد أحد.
وسأتسمع إلى جميع الأصوات علِّي أعثر على
لهجة صوتك.
وأشرِّح جميع الأفكار وأمتدح الصائب من الآراء
ليتعاظم تقديري لآرائك وأفكارك.
وسأتبين في جميع الوجوه صور التعبير والمعنَى
لأعلم كم هي شاحبة تافهة لأنها ليست صور تعبيرك
ومعناك.
وسأبتسم في المرآة ابتسامتك.
فى حضورك سأتحول عنك إلى نفسي لأفكر فيك,
وفى غيابك سأتحول عن الآخرين إليك لأفكر فيك.
سأتصورك عليلاً لأشفيك, مصابًا لأعزيك,
مطرودًا مرذولاً لأكون لك وطنًا وأهل وطن, سجينًا
لأشهدك بأي تهور يجازف الإخلاص, ثم أبصرك
متفوقاً فريدًا لأفاخر بك وأركن إليك.
وسأتخيل ألف ألف مرة كيف أنت تطرب, وكيف
تشتاق, وكيف تحزن, وكيف تتغلب على عاديّ
الانفعال برزانة وشهامة لتستسلم ببسالة وحرارة إلاّ
الانفعال النبيل. وسأتخيل ألف ألف مرة إلى أي درجة
تستطيع أنت أن تقسو, وإلى أي درجة تستطيع أنت أن
ترفق لأعرف إلى أي درجة تستطيع أنت أن تحب.
وفى أعماق نفسي يتصاعد الشكر لك بخورًا لأنك
أوحيت إليّ ما عجز دونه الآخرون.
أتعلم ذلك, أنت الذي لا تعلم? أتعلم ذلك, أنت
الذي لا أريد أن تعلم?





من كتاب ظلمات وأشعة1923
 
قديم 29/10/2006   #205
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : layla عرض المشاركة
.

وسأطلعك على ضعفي واحتياجي إلى المعونة, أنا


التي تتخيل فىَّ قوة الأبطال ومناعة الصناديد.


وسأبين لك افتقاري إلى العطف والحنان, ثم أبكى


أمامك, وأنت لا تدري .


وسأطلب منك الرأي والنصيحة عند ارتباك فكري


واشتباك السبل.


كل ذلك, وأنت لا تعلم!





وأشرِّح جميع الأفكار وأمتدح الصائب من الآراء


ليتعاظم تقديري لآرائك وأفكارك.





فى حضورك سأتحول عنك إلى نفسي لأفكر فيك,


وفى غيابك سأتحول عن الآخرين إليك لأفكر فيك.




أتعلم ذلك, أنت الذي لا تعلم? أتعلم ذلك, أنت


الذي لا أريد أن تعلم?



رائعة جدا جدا يسلمو

انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


 
قديم 30/10/2006   #206
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي



الإخاء



إنّ كلمة الإخاء التي ينادي بها دعاة الإنسانية في عصرنا, ليست ابنة اليوم فحسبُ, بل هي ابنة جميع العصور, وقد برزت إلى الوجود منذ شعر الإنسان بأنّ بينه وبين الآخرين اشتراكًا في فكرة أو عاطفة أو منفعة, وبأنهم يشبهونه رغبات واحتياجات وميولاً. يجب أنْ يتألم المرء ليدرك عذوبة الحنان, يجب أنْ يحتاج إلى الآخرين ليعلم كم يحتاج غيره إليه, يجب أنْ يرى حقوقه مهضومة يُزدري بها ليفهم أنّ حقوق الغير مقدسة يجب احترامها, يجب أنْ يرى نفسه وحيدًا, ملتاعًا, دامى الجراح ليعرف نفسه أولاً ثم يعرف غيره, فيستخرج من هذا التعارف العميق معنى التعاون والتعاضد. كذلك ارتقى معنى الإخاء بارتقاء الإنسان.
فى جمعيات سرية وعلنية, في جمعيات علمية وفلسفية ودينية وروحانية استُعملت كلمة الإخاء بين الإنسان والإنسان قرونًا طوالاً, حتى جاءت الثورة الفرنساوية تهدم أسوار العبودية بهدم جدران الباستيل, وتعلن حقوق الإنسان مستخلصة من بين الأخربة والدماء والجماجم, كلمات ثلاثًا هنَّ شعار العالم الراقي: حريةٌ, مساواة, إخاءٌ.
حرية, مساواة: كلمتان جميلتان يخفق لهما قلبُ كل محب للإنسانية, لكن - لا بدَّ لكل شيءٍ من (لكن) - هل كان تحقيقهما في استطاعة البشر? ما أضيق معنى الحرية إذا ذكرنا أنّ مجموعة الكائنات تكوّن وحدة العالم, وأنّ على كلٍّ منها أنْ يصل إلى درجة معينة من النمو مشتركًا مع بقية الكائنات في إكمال النظام الشامل. وفي وسط هذا النظام القاهر نرى الإنسان وحدهُ متصرفًا في أفعالهِ بشرط أنْ يخضع للقوانين المحيطة به والنافذة فيه. هو حرٌّ بشرط أنْ تنتهي حريته حيث تبتدئ حرية جاره, وبشرط أنْ يعلم أنه حيثما وجَّه أنظاره وأفكاره وجد نظامًا معينًا; وأنّ حريته, كلَّ حريتهِ, قائمة في اختيار السير مع ذلك النظام أو ضده, واستعماله للخير أو الشر, للربح أو الخسران. فما أكثرها شروطًا تقيد هذه الحرية التي تندكُّ لأجلها العروش وتتطاحن الأمم للحصول عليها!
أما المساواة فحلمٌ جميل ليس غير. لأن الطبيعة في نشوئها التدريجى لا تعرف إلاّ الاختلاف والتفاوت. أين المساواة بين النشيط من البشر والكسول, بين صحيح البنية والعليل وراثة, بين الذكي وغير الذكي, بين الصالح والشرير? كلا, ليست المساواة بالأمر الميسور, بل هي معاكسة لنظام حيوي إذا غولب كان غالبًا قاهرًا.
كلمة واحدة, تجمع بين حروفها الحرية والمساواة, وجميع المعاني السامية والعواطف الشريفة. كلمة واحدة تدلّ على أنّ البشر إِذا اختلفوا في بشريتهم اختلافًا مبينًا فهم واحد في الجوهر, واحد في البداية والنهاية. كلمة واحدة هي بلْسم القروح الاجتماعية ودواء العِلل الإنسانية, وتلك الكلمة هي الإخاء. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما رأينا الشعوب مشتبكات بحروب هائلة صرعت فيها زهرة الشبيبة, وما زالت الدماء جارية في القارات الأربع وما يظللها من سماء ويتخللها من ماء. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما وجدنا في التاريخ بقعًا سوداء تقف عندها نفوسنا حيارى. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما رأينا المطامع تدفع الأمم القوية إلى استعباد الأمم الضعيفة. لو أدرك البشر أخوَّتهم لما سمعنا في اجتماعاتنا كلمات جارحات يجازف بها كلٌّ في حق أخيه, وهي من أركان أحاديث صالوناتنا الجميلة. ولكن لننزلنَّ قليلاً إِلي ما هو تحت السياسة والتاريخ والصالونات, لننزلنَّ إلى مهبط الشعب حيث الشقاء مخيم, واليأس مستديم.
يتفجر ينبوع النهر في أعالي الجبال, فيهرول مقهقهًا على الصخور, حتى إذا ما حشر وسط الشواجن الخضراء ملأ الوادي ألحانًا وأنغامًا. يجري في الصحاري والقفار فتنقلب القفار والصحاري مروجًا خصيبة وجنات زاهرة. يسير في البادية والحضر على السواء فيروي سكان المدينة وأهل القرية بلا تفريق بين الشريف والحقير. يرضع الأشجار بتغلغله في صدر الأرض الملتهب, ويغذي الأثمار والنبات ناظمًا لآلىء في ثغور الورود. وكلما وزع من مياههِ زادت مياههُ اتساعًا وتدفقًا, فيتابع السير بعقيقه الفخم واسع العظمة رحب الجلال, حتى إذا ما جلب النفع على الكائنات, وملأ الديار خيرًا وثروة وجمالاً, رأي البحر منبسطًا لاحتضانه, فشهق الشهيق الأخير, وانصبّ في صدر البحر مهللاً مكبرًا. كذلك عاطفة الأُخوَّة لا تكون أخوَّة حقيقية إلاّ إذا خرجت من حيز الشعور إلى حيز العمل, تنفجر عذوبتها على ذرى الاجتماع, وتجري نهرًا كريمًا بين طبقات المجتمع, فتلقي بين المتناظرين سلامًا, وبين المتدينين تساهلاً, وتنقش محامد الناس على النحاس; أما العيوب فتخطّها على صفحة الماء. تساعد المحتاج ما استطاعت بلا تفريق بين المحمدي والعيسوي والموسوي والدهري. ترفع المسكين من بؤس الفاقة, وتنشر على الجاهل أشعة العلم والعرفان, وتفتح أبواب الرجاء لعيونٍ أظلمتها أحزان الليالي. فكم من درةٍ في أعماق البحر لم تُسَرَّ بها النواظر لأن يد الغوَّاص لم تصل إليها! وكم من زهرة نوَّرت في الفقر, فتبدد عطرها جزافًا في الهواء! إنما الإخاء يزيح بيده الشفيقة الشوك عن الزهرة المتروكة, ويرفع لها جدرانًا تقيها ريح السموم الفتاك. هو العين المحبة التي ينفذ نظرها إلى أعماق النفس فتري أوجاعها, وهو الهمة العاملة لخير الجميع بثقة وسرور, لأنه القلب الرحيم الخافق مع قلب الإنسانية الواجف.
الإخاء! لو كان لي ألف لسان لما عييتُ من ترديد هذه الكلمة التي تغذت بها الضمائر الحرة, وانفتحت لها قلوب المخلصين. هي أبدع كلمة وجدت في معاجم اللغات, وأعذب لفظة تحركت بها شفاه البشر. هو اللِّين والرفق والسماح, كما أنه الحِلم والحكمة والسلام. لو كان لي ألف لسان لظللت أنادي بها (الإخاء! الإخاء!) حتى تجبر القلوب الكسيرة, حتى تجف الدموع في العيون الباكية, حتى يصير الذليل عزيزًا, حتى يختلط رنين الأجراس بنغمات المؤذنين, فتصعد نحو الآفاق أصوات الحب الأخويّ الدائم



من كتاب كلمات و اشارات 1922
 
قديم 30/10/2006   #207
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي من قصائدها باللغة الفرنسية


عينطورة


لياليك ياعينطورة, لياليك هي التي أيقظت قلبي



يا قريةً وادعةً, يا عشّاً لا يمكن أن يُنسى

أمسياتك كانت ملاذى, وظلمتها شقيقتي,

بل شقيقة روحي التي لا يُدرك كنهها في عمقها

وعنفوانها!

(يا هذه البرية! يا هذا الخلاء في لبنان!

إنى لألقى على كل صخرة من صخورك, تحت

كل شجرة من أشجارك, نثرات من كياني: أنثر

الابتسامات, والزفرات, والأحلام, والأغاني,

والآمال, والإعجاب والتأمّل...

يلوح لي أحيانًا أني طرحتُ عليكَ كل ما في

وسعي, وأني ألقيتُ إليك بنهاية منتهى اقتداري,

ولكنني كلما أحببتُك زدت نموًا واقتدارًا, كلما

دفقت عليكِ, يا قمم جبالي, عواطفي وذهولي

تجدّد فىّ الحبّ, وزكت الحماسة, فإذا بي مثلكِ

باقية.
 
قديم 30/10/2006   #208
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


أين وطني؟
عندما ذاعت أسماء الوطنيات,
كتبت اسم وطني ووضعت عليه شفتيّ أقبّلهُ;
وأحصيت آلامه مفاخرة بأن لي كذوي الأوطان وطنًا;
ثم جاء دور الشرح والتفصيل فألممت بالمشاكل التي لا تحلّ;
وحنيت جبهتي وأنشأت أفكر;
وما لبث أن أنقلب التفكر فىَّ شعورًا;
فشعرت بانسحاق عميق يُذِلّني;
لأنى, دون سواي, تلك التي لا وطن لها.
وإذ تمرُّ مواكب الأمم المظلومة منكّسة أعلامها وراء نعوش الشهداء; وهتاف الحرية والاستقلال يتغلب على أنين الثكل والتفجّع منها, أعتز لأني ابنة شعب في حالة التكون والارتفاع, لا تابعة شعب تكوّن وارتفع ولم يبق أمامه سوى الانحدار.
ولكنّ الشعوب تهمس همسًا يطرق مسمعي: فهؤلاء يقولون (أنتِ لستِ منّا لأنك من طائفة أخرى).. ويقول أولئك: (أنتِ لستِ منا لأنك من جنس آخر).
فلماذا أكون, دون سواي, تلك التي لا وطن لها?
***
ولدتُ في بلد, وأبي من بلد, وأمي من بلد, وسكني في بلد, وأشباح نفسي تنتقل من بلد إلى بلد, فلأي هذه البلدان أنتمي? وعن أي هذه البلدان أدافع?
كل أمة تحدّث عن عظمتها وفضلها على المدنية ونبلها في صيانة حقوق الضعفاء; فبأي الأمم أعجب?
وكل أمة - دون سواها - تحمي ذمار الحرية وتذود عن العدل والمساواة والإخاء; فعلى أي الأمم أتكل?
وكل دين - دون سواه - احتكر لأتباعه الشرف والفضيلة في الحياة, والسماء والألوهية بعد الممات; فأي الأديان أعتنق?
وكل حزب يدّعي الصدق والعصمة, وكل فرد صائب الرأي يضحِّي الخير الخاص للخير العام; فأي الأحزاب أصدِّق وأي الأفراد أتبع?
ما سمعت وصف بلاد إلاّ سعى إليها اشتياقي.
ولا حدّثت عن بسالة أمة وسؤددها إلا تمنيتها أمتي.
بنسيم وطني امتزج الوحي والنبوءات,
ومع أشعة الشمس فيه انتشرت صور الجمال,
فكانت له حياة وهّاجة متلظيّة وراء مظاهر الجمود والهجران وخيالات الآلهة تسيرُ أبدًا فيه متمهلة متأملة,
من القمم والأودية, من الصخور والينابيع, من الأحراج والمروج تتعالى معاني بلادي في الضحى, وعند الشفق تتكاملُ أرواحُ الأشياء وتتجمهر كأنها تتداول في إنشاء عوالم جديدة.
أحبُّّ عطور تربة الجدود ورائحة الأرض التي دغدغها المحراث منذ حين. أحب الحصى والأعشاب, وقطرات الماء الملتجئة إلى شقوق الأصلاد.
وأحب الأشجار ذات الظل الوارف أكانت محجوبة في أحشاء الوادي أم أسفرت مشرقة على البحر البعيد.
وأحب الطرق الوعرة المتوارية في قلب الغاب, وتلك المتلوية على أكتاف الجبال كالأفاعي البيضاء, وتلك السبل الطويلة الممتدة, الممتدة وكأن الغبار الذهبي منها ينتهي إلى قرص الشمس.
ولكن أيكفي أن نحب شيئًا ليصير لنا? وهكذا رغم حبي الأفيح أنا في وطني تلك الشريدة الطريدة لا وطن لها.
جرّبتُ من الوطنيات صنوفًا: وطنية الأفكار والأذواق والميول,
وتلك الوطنية القدسية المثلى: وطنية القلوب,
فوجدتُ في عالم المعنَى ما عرفته في عالم الحس.
إلاّ بقعة بعيدة تفرّدت فيها الصور وتسامت المعاني.
ثقّفنى أبناءُ وطنى, وأدبني أبناء الأوطان الأخرى,
وأسعدنى أبناء وطني وأسعدني الغرباءُ أيضًا,
ولا ميزة لأبناء وطني في أنهم أوسعوني إيلامًا,
فقد نالني من الغرباء أذى كثير:
فبأي الأقيسة أقيس أبناء الوطن?
ولماذا أكون أنا وحدي تلك التي لا تدري أين وطنها?
***
أيها السعداء ذوي الأهل والأوطان, عرّفوا لي سعادتكم وأشركوني فيها!
رضيتُ حينًا بأنه ليس للعلم والفلسفة والشعر والفن من وطن, أما اليوم فصرت أعلم أن للعالم والفيلسوف والشاعر والفنان وطنًا. صرت أعرف ضعف الإِنسان الذي إذا مال إلى النوم والراحة طلب مضجعًا ناعمًا لجسمه المضني لا مرجًا واسعًا يتناوله منه الحر والبرد, ولا بحرًا عرمرمًا تبتلعه منه اللجج.
إنى أعبد تفطّرك الصامت, أيها الفيلسوف القديم, أنت الذي بعد أن اكتشفت آيات الفكر وعجائبه, أرسلت زفرة كأنها شكوي الدهور فقلت: إنما أريد صديقًا لأموت لأجله.
وأنا أجثو الآن خاشعة أمام ذكرك مردّدة ما يشبه قولك: إنما أريد وطنًا لأموت لأجله - أو لأحيا به!
 
قديم 30/10/2006   #209
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


أنا والطفْل

هناك بعيدًا عن المدينة وضوضائها, في الطريق المؤدية إلى قصر كان بالأمس للخديوي إسماعيل ولم يعد له, على شط معبود المصريين ومرضع سهول إيزيس- على شط النيل النائح في سيره على رفات العذارى المبعثرة في أعماقه - هناك روضة غناء مفتوحة لجميع الداخلين وقد حفظ جوها أحلام زائريها المتأملين.
قصدت إلى الحديقة في صباح يوم منير. نبذت عني عادات المدنية فافترشت الثرى كما يفترش سكان البادية رمال الصحراء, وتمددت على العشب الأخضر في فىء شجيرة عند قدمي أحد التماثيل المنصوبة هنالك.
لم أرَ حولي سوى سيدتين إنجليزيتين مع إحداهما ثلاثة أطفال. وإن هي إلاّ دقائق حتى اقترب مني أحد هؤلاء, وهو صبي في الرابعة من سنواته. فناديته قائلة: (تعالَ إلىَّ أيها الصغير!).
فدنا واجفًا باسمًا, فسألته: (ألا تجلس على ركبتي?). فجلس صامتًا.
ولما شعرت بثقل جسده الصغير ذكرت أخي الوحيد الميت, ووثب قلبي إلى شفتيَّ وجالت الدموع بين أجفاني فملت إلى الطفل أمتص من حلاوة وجنته, لاهية بتلك القبلة عن كآبتي المتصاعدة من فؤادي كما يتصاعد الغيم من أطراف البحار.
ما أعذب قبلة الأطفال, وما أطيب طعم ابتسامهم!
ثم سألت الطفل: (ما اسمك?).
قال: (روبرت).
نظرت في وجهه, فإذا به آية من آيات الجمال الإِنجليزي: وجهٌ شفاف كأنما هو عصير ورد وياسمين تجمد فنُحِتَ وجهًا بشريًا. وفم كزرّ الورد لطفًا وانكماشًا. وجبهة كبيرة عالية يخفيها شعر ذهبي مسدول عليها. وعينان لهما زرقة عميقة كزرقة البحار بعيد الغروب, وهما كبعض العيون الإنجليزية في جمودهما الظاهري وحرارتهما الخفية وحلاوتهما وتلاعبهما. نظرت في جميع هذه الملامح متمعنة, فقلت للطفل: (من أين أتيت بعينيك, يا روبرت?! ومن أعطاك زرقتهما?).
أجاب, ولم يفهم غير كلمتي (من أعطاك):
- (ماما).
قلت: (قرّت عينا أمك بك! وأي عمل يعمل أبوك?).
قال: ولثغاته اللطيفة تتدحرج على لسانه متعثرة بشفتيه:
- (بابا ضابط. وأنا عسكري مثل بابا).
قلت: (أنت جميل وأنا أحبك يا روبرت. هات يدك).
قال: "Yes, Thank youس.
يد الأطفال عجيبة حلوة كابتسامتهم. أخذت يد روبرت أقرأ فيها ما خطته يد الأقدار. يدٌ مربعة كبيرة الإبهام وفيها كل من خطوط الحياة والعقل والقلب واضح جلي, وتلُّ المريخ يرتفع في تلك الكف الصغيرة متهددًا متواعدًا...
فنظرت إليه وخاطبته همسًا:
- (هذه اليد التي تنقل إشاراتها اليوم ما حفظته من إشارات الملائكة, هذه اليد التي لا تمتد إلاّ لمداعبة الندى ولمس الأزاهير, هذه اليد الصغيرة الطرية سوف تصير يد جندي, سوف تقبض على السيف والحربة وتطلق النيران من أفواه المدافع, سوف تفتك بحياة البشر أشرارًا كانوا أم أبرارًا...).
قال روبرت وهو يضرب أديم الحديقة بقدميه:
- (أنا عسكري مثل بابا?).
قلت: (نعم يا روبرت, عندما تبلغ سن التجند تصبح جنديّا. وستكون جميلاً في ثوبك العسكري, ستكون جميلاً جدّا, لكن أقل جمالاً منك اليوم وأنت بأثواب الطفولة. سوف تبسم لك النساء لأنهن يملن إلى الجنود, ومُذهّبُ الأكمام والصدور يسير بهنّ إلى عالم الأحلام. وهذه اليد الصغيرة الضعيفة سوف تكون كبيرة قادرة تؤلم وتشقى وتميت, سوف تلمس آلات التدمير والهلاك بعزم وثبات! وعيناك الجميلتان سوف تكونان عينيْ جلاد يرى الدماء والدموع دون أن يلين أو يرحم... وقلبك, ترى كيف يكون قلبك الذي لا يدرك اليوم ولا يشعر إلاّ قليلاً..?
(أتكون من الكثيرين الذين لا يحسبون للعواطف في الحياة حسابًا, فيلعبون ويضحكون ويتمتعون ويحزنون دون استبقاء أثر لما يختبرون, بل تمرُّ الأفراح والأتراح على نفوسهم كما تسقط دموع الغيوم على صفحة الزجاج فلا تترك عليها سوى ما لا يلبث أن يزول... أم تكون من أولئك الذين يشعرون بقوة وحدة ويتظاهرون بعكس ذلك كبرًا وخجلاً?... هل تضربك يومًا يد امرأة فتضع في عينيك للحب دموعًا وتغمد في فؤادك من اليأس خنجرًا?.
(غدًا, يا روبرت, تنمو جسدًا ونفسًا, غدًا تقف على أحوال البشر فتجد ذاتك وحيدًا في معترك الحياة. غدًا تعذبك المسؤولية وتضنيك المجاهدة, ويلذعك لهيب الفكر وتذيبك نار الهيام. غدًا تذوق ظمأ الروح. غداً تصير إنسانًا, يا لهول الكلمة! غداً تصير إنسانًا أي حيوانًا وإلهًا معًا!...) صمتُّ طويلاً.
وفى ذلك الهدوء الشامل في حضن الطبيعة تصاعدت نغمة حلوة من أطراف الحديقة وانتشر تموجها على أنفاس الأزهار: وكان ذلك صوت المؤذن يردد في الظهيرة ما أنشده في الفجر وما سيعيده عند الغروب.
فسألت: (هل سمعت الصوت, يا روبرت?).
أجاب: " Yesس.
قلت: (عما قريب تعرف ما هي الميثولوجية, وما هي النصرانية, وما هو الاسلام. عما قريب تفهم ما هو التعصب الديني والجنسي والعلمي والعائلي والفردي. عما قريب تعلم أن الأنسجة التي تخاط منها أثواب العرس تصنع منها أكفان الشهداء. عما قريب ترى الأقوام يفتكون بالأقوام لأنهم محتشدون حول قطعة نسيج صبغت بلون غير لون نسيجهم. عما قريب ترى كل هذا, يا روبرت, وتشترك فيه لأنك عسكري مثل بابا!).
انفصلت عن روبرت بلا قبلة ولا تحية. أنا لم أقبله لأني وقفت متهيبة أمام رجل الغد منه. وهو لم يقبلني لأني لم أعطه كعكًا ولا حلواء...

من كتاب (ظلمات وأشعة ) , 1923
 
قديم 30/10/2006   #210
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


مي زيادة: قصة شوق وذهول وجوع فكري لا ينتهي

أحبها العقاد وظل قلبها مأخوذا بجبران خليل جبران وحده



تجمع السير الذاتية التي تناولت حياة الأديبة مي زيادة على انها ولدت في مدينة الناصرة بفلسطين في العام 1886 ابنة وحيدة لأب من لبنان وأم سورية الأصل فلسطينية المولد.
تلقت زيادة دراستها الابتدائية في الناصرة, والثانوية في عين طورة بلبنان. وفي العام 1907, انتقلت مع أسرتها للإقامة في القاهرة. وهناك, عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنكليزية, وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته, عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها.
وفيما بعد, تابعت ميّ دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.
وفي القاهرة, خالطت الكتاب والصحافيين, وأخذ نجمها يتألق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي, وباحثة وخطيبة.
وأسست ندوة أسبوعية عرفت باسم (ندوة الثلاثاء), جمعت فيها صفوة من كتاب العصر وشعرائه, كان من أبرزهم: أحمد لطفي السيد, مصطفى عبدالرازق, عباس العقاد, طه حسين, شبلي شميل, يعقوب صروف, أنطون الجميل, مصطفى صادق الرافعي, خليل مطران, إسماعيل صبري, وأحمد شوقي.وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام ميّ حبًّا روحيًّا ألهم بعضهم روائع من كتاباته.
وتشير السيرة الذاتية الى ان قلبها ظل مأخوذًا بجبران خليل جبران وحده, رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة.
ودامت المراسلات بينهما لعشرين عاما: من العام 1911 وحتى وفاة جبران بنيويورك في العام 1931.
نشرت ميّ مقالات وأبحاثا في كبريات الصحف والمجلات المصرية, مثل: " المقطم ", " الأهرام", "الزهور" , " المحروسة" و " الهلال ", و" المقتطف" . أما الكتب, فقد كان باكورة إنتاجها في العام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية, ثم صدرت لها ثلاث روايات نقلتها إلى العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية. وفيما بعد صدر لها: (باحثة البادية) (1920) (كلمات وإشارات) (1922) (المساواة) (1923) (ظلمات وأشعة) (1923) ( بين الجزر والمد ) ( 1924) و(الصحائف) (1924).
وفي أعقاب رحيل والديها ووفاة جبران تعرضت ميّ زيادة لمحنة في العام 1938, إذ حيكت ضدها مؤامرة دنيئة, وأوقعت إحدى المحاكم عليها الحجْر, وأودعت مصحة الأمراض العقلية ببيروت.
ويرى الباحث محمد سلام جميعان "ان مي زيادة أديبة ملتبسة بنفسها وبالآخرين وتمتلك مقومات ابداعية تفوق امكانات الجيل الذي ولدت فيه"، ويضيف جميعان "كانت تمتلك عبقرية مذهبية جعلت من صالونها الأدبي محورا للاخاء الانساني" . اما د.انور الزعبي فيشير الى
"ريادتها في مساندة المثقفين وكيف انها ألهبت مشاعر الكثيرين من الكتاب والمبدعين".
ويؤكد الزعبي انها "ضربت نموذجا متميزا عن اداء المرأة الذي لا يقل عن دور الرجل".
وفي السياق نفسه يعد الناقد زياد ابو لبن "ان زيادة من الكاتبات المتميزات حيث سطرت بقلمها مقالات وخواطر نقدية رسخت في الادب العربي". ويبين ابو لبن ان مي زيادة "رائدة عصرها خصوصا في كتابة المقالة الادبية على مستوى الوطن العربي".
اما الشاعر مازن شديد فيصف مي زيادة بقولة " تصوفة كانت تحلم وتحاول رسم الاشياء على طريقتها الخاصة في الحب والحياة".
لم تكن "مي زيادة" مجرد أنثى ارتدت من الأنوثة ثوباً واتخذت من الفصاحة لساناً، بل إنها أنثى امتازت بالثقافة العالية فقد أتقنت ثماني لغات غير العربية، وهي" (الفرنسية/ الإنجليزية/ الألمانية/ الأسبانية/ الإيطالية/ اليونانية الحديثة).
ولم توهب موهبة الكتابة فقط وإنما كان لها شغف بالرسم والخطابة، وكانت خطيبة مفوهة ساعدها على الخطابة صوتها الرخيم وثقافتها العالية.ومما ذكر عنها أنها كانت: مرهفة الحس ذات شخصية جريئة، وطموح عال، امتازت بسرعة البديهة والذكاء الحاد، وكانت شديدة الاعتداد بنفسها.
وعن صفاتها الانثوية انها لم تكن بالطويلة ولا بالقصيرة، وقد وصفت نفسها في خطاب لصديقتها "جوليا دمشقية" تقول فيه: "أصحيح أنك لم تهتدي بعد إلى صورتي؟! فهاكها: "استحضري فتاة سمراء كاللبن أو كالتمر هندي كما يقول الشعراء، أو كالمسك كما يقول متيم العامرية. وضعي عليها طابعاً سديمياً من وجد وشوق وذهول وجوع فكري لا يكتفي، وعطش روحي لا يرتوي؛ مرافق ذلك جميعاً استعداد كبير للطرب والسرور واستعداد أكبر للشجن والألم وأطلقي على هذا المجموع مَي".
تعرضت مَي زيادة لمعارضة من الأوساط الصحافية والأدبية، فقد قابلها البعض بالسخرية والتهكم أحياناً، فهذا "محمد التابعي" يكتب مقالات قصيرة في مجلة"روزاليوسف" يسخر فيها من مَيّ وأسلوبها الذي أطلق عليه اسم "الشعر المنثور" أو"النثر المشعور" ولم يكن يوقع تلك المقالات باسمه؛ لأنه كان لا يزال موظفا في مجلس النواب.
أما المعارض الآخر فهو الأديب "إبراهيم عبد القادر المازني" الذي لم يتناول مَيّ بالنقد ولا بالتهكم، ولكنه كان يغفل أمرها ولا يعترف بوجودها ولم تكن له الرغبة في لقائها ولا حتى في التعرف عليها!
ومن أطرف المواقف التي تعرضت لها مَي مؤامرة حاكها لها أمير مغربي اسمه محمد الجزائري كان ينزل مصر لزيارتها، فاتخذ فيها مقراً للإقامة وحاشية تحفه أينما سار من الطلبة المغربيين الذين كانوا يدرسون في الأزهر.. تعرف الأمير الشاب على مي من خلال صديقهما المشترك "جبران خليل جبران"، وتعددت زيارته لصالونها كل ثلاثاء، وأخذ الحب من قلبه مأخذه فتآمر على مي بالاتفاق مع خادمها ليساعده على خطفها على حصان أبيض! لولا أن الخادم اعترف لمي بالمؤامرة، فقامت هي بدورها بإبلاغ الشرطة التي أعدت للأمير كميناً، وتم القبض عليه، وعلى حاشيته التي أحاطت ببيت مَيّ وكذلك على الحصان الأبيض الذي أعده الأمير لتركبه مَي .
وتذكر بعض الآراء ان نهاية مَي لم تكن مشرقة كبدايتها حيث بدأ إشراقها يذبل رويداً رويداً حتى خفت فاختفى، وراوحت الآراء في تحديد أسباب انهيار مي الذي أدى بها في كل الأحوال إلى المكوث بمستشفى "العصفورية" للأمراض النفسية ببيروت.
فالرأي الأول هو أن سبب اضطراب مي ومرضها النفسي هو وفاة والدها ثم والدتها، ولحق بهم جبران خليل جبران، فأثرت وفاة الثلاثة عليها مما دعاها للاعتزال والتخفي عن عيون الأصدقاء فآثرت الوحدة، فزادتها الوحدة اضطراباً ووسوسة، فحاك لها بعض أقاربها مؤامرة فأودعوها في إثرها مستشفى "العصفورية" للأمراض النفسية بيروت في العام 1938 ثم صدر حكم قضائي بحجزها.
أما عن الرأي الثاني القائل بأن: مي كانت في زيارة إلى إيطاليا وزارت "الفاتيكان" وجرى حديث بينها وبين البابا عن إعادة الإمبراطورية الرومانية على يد "موسليني"، فقالت مَي :" إن هذه الإمبراطورية هي التي صلبت المسيح (بزعمهم!).. فلماذا تحرصون على عودتها؟! وفي مساء ذلك اليوم قابلت أحد أصدقائها ونصحها بمغادرة إيطاليا من دون أن تفتح فمها بكلمة!
وبالفعل عادت إلى مصر خائفة واعتكفت في بيتها واعتزلت أصدقاءها وتصورت أن إيطاليا (الفاتيكان) سترسل لها من يقتلها، وبلغ منها الخوف أن طردت كل العاملين لديها بدءاً من مديرة المنزل، وحتى سائقها، وأحضرت جهازاً لتحليل ما تأكله وتشربه، وصارت تغسل الفاكهة بالمحلول المطهر وتغلي الماء قبل أن تشربه؛ كل ذلك دعا أهلها لإيداعها "العصفورية" حتى توفيت ما بين (1941-1945) ولم يحدد تاريخ الوفاة ـ في المعادي، ودفنت هناك. وفي تشيعها يقال إن العقاد وقف على قبرها باكياً وقال: "كل هذا التراب ... آه من هذا التراب".



زياد العناني
 
قديم 31/10/2006   #211
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي




كن سعيداً



إذا كنت محسنًا كن سعيدًا! لأنك ملأت الأيدي الفارغة, وسترت الأجساد العارية, وكوّنت من لا كيان له فرضيت عن نفسك, وودت إسعاد عشرات ومئات لتتضاعف مسرتك النبيلة الواحدة بتعدُّد المنتفعين بأسبابها.
إذا كنت شابًا كن سعيدًا! لأن شجرة مطالبك مخضلة الغصون, وقد بعد أمامك مرمى الآمال فتيسر لك إخراج الأحلام إلى حيز الواقع إذا كنت بذلك حقيقًا. وإذا كنت شيخًا كن سعيدًا! لأنك عركت الدهر وناسه وألقيت إليك من صدق الفراسة وحسن المعالجة مقاليد الأمور: فكل أعمالك إن شئت منافع, والدقيقة الواحدة توازي من عمرك أعوامًا لأنها حافلة بالخبرة والتبصر وأصالة الرأى, كأنها ثمرة الخريف موفورة النضج, غزيرة العصير, أشبعت بمادة الاكتمال والدسم والرغبة.
إذا كنت كثير الأصدقاء كن سعيدًا! لأن ذاتك ترتسم في ذات كل منهم. والنجاح مع الصداقة أبهر ظهورًا والإِخفاق أقل مرارة. وجمع القلوب حولك يستلزم صفات وقدرات لا توجد في غير النفوس ذات الوزن الكبير, أهمها الخروج من حصن أنانيتك لاستكشاف ما عند الآخرين من نبل ولطف وذكاء. وإذا كنت كثير الأعداء كن سعيدًا! لأن الأعداء سلّم الارتقاء وهم أضمن شهادة بخطورتك. وكلما زادت منهم المقاومة والتحامل, وتنوَّع الاغتياب والنميمة, زدت شعورًا بأهميتك, فاتعظت بالصائب من النقد الذي هو كالسم يريدونه فتَّاكًا ولكنك تأخذه بكميات قليلة فيكون لك أعظم المقويات, وتعرض عما بقي, وكان مصدره الكيد والعجز, إعراضًا رشيقًا. وهل يهتم النسر المحلّق في قصىّ الآفاق بما تتآمر له خنافس الغبراء?
إذا كنت عبقريّا كن سعيدًا! فقد تجلّي فيك شعاع ألمعي من المقام الأسنى ورمقك الرحمن بنظرة انعكست صورتها على جبهتك فكرًا, وفي عينيك طلسمًا, وفي صوتك سحرًا. والألفاظ التي هي عند الآخرين أصوات ونبرات ومقاطع صارت بين شفتيك وتحت لمسك نارًا ونورًا تلذع وتضىء, وتُخجّل وتُكبّر, وتذلّ وتنشط, وتوجّع وتلطِّف, وتُسخط وتُدهش, وتقول للمعنى (كن!) فيكون.
إذا كنت حرّاً كن سعيداً! ففي الحرية تتمرّن القوى وتتشدد الملكات وتتسع الممكنات. وإن كنت مستعبدًا كن سعيدًا! لأن العبودية أفضل مدرسة تتعلم فيها دروس الحرية وتقف على ما يصيرك لها أهلاً.
إذا كنت محبًّا محبوبًا كن سعيدًا! فقد دلَّلتك الحياة وضمتك إلى أبنائها المختارين, وأرتك الألوهية عطفها في تبادل القلوب, واجتمع النصفان التائهان في المجاهل المدلهمة فتجلت لهما بدائع الفجر وهنأتهما الشموس بما لم تهتد بعد إليه في دورتها بين الأفلاك, وأفضى إليهما الأثير بمكنون أسراره.
كن عظيمًا ليختارك الحب العظيم, وإلا فنصيبك حب يسفُّ التراب ويتمرَّغ في الأوحال, فتظل على ما أنت أو تهبط به, بدلاً من أن تسمو إلى أبراج لم ترها عين ولم تخطر عجائبها على قلب بشر, لأن هياكل مطالبنا إنما تقام على خرائط وهمية وضعتها منّا الأشواق




من كتاب ظلمات و أشعة 1923

 
قديم 01/11/2006   #212
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


لا أعلم لماذا، فمن بين كل قصص الحب في التاريخ وجدت نفسي مرتبطا روحيا بقصة حب مي زيادة وجبران خليل جبران. فقد سحرتني هذه العلاقة القوية بين أثنين يفصل الواحد عن الآخر آلاف الكيلومترات، حيث كان جبران يعيش في نيويورك، ومي في القاهرة. وقد امتدت هذه العلاقة لفترة طويلة من الوقت، قرابة الربع قرن، لم يلتقيا فيها ولا مرة واحدة. ورغم ذلك فقد حدث بينهما ذلك التواصل الكبير الذي يربط المجتمع الإنساني، ويدعى الحب.

وما يميز ذلك الحب أنه بين أديبين كبيرين. فجبران لا يحتاج أن يتحدث أحد عن إبداعه الأدبي في الرواية والشعر والرسم. ومي زيادة كذلك، فعلى الرغم من أنها لم تنل نصيب جبران من الشهرة، إلا أن من يقرأ أعمالها يعرف أنه أمام أديبة ولدت في زمن لا يعترف إلا بالرجال. بالإضافة إلى نضالها المستمر لتحرير المرأة العربية، ودعواتها ومحاضراتها في الإصلاح الاجتماعي.

فأنا هنا بين عملاقين من البشر قررا أن يعشقا بعضهما، بطريقة هي أقرب إلى الحب الأفلاطوني الذي لا يسعى إلى الوصال، ولكن إلى الاستمتاع بحديث العقل والفكر. وقد أتهم حبهما من بعض النقاد بأنه لا يتعدى كونه صداقة أدبية، لكن من يقرأ رسائل جبران يعرف أنه كان أكثر من ذلك.

قد يكون تعلقي بهذا الحب هو ما يمثله من رمز لواقع العلاقة بين الرجل والمرأة. فقد يكون كل منهما قد أحب الآخر بشكل كبير، لكن طريقة هذا الحب اختلفت بينهما. فجبران على حبه لها، ظل مشغولا بهاجسه الأدبي، وبسعيه للوصول إلى القمة، ويحدثها عن ذلك في معظم رسائله. بل أنه كان يستوحي أعماله الأدبية من ذلك الحب، خاصة روايته المشهورة "الأجنحة المتكسرة". كما أنه لم يستطع أن يرتقي فوق غرائزه الرجولية، وانغمس في علاقات متكررة مع نساء المجتمع الغربي. وكأنما هو يقول هذا هو حب الرجال في "نيويورك".

أما مي، فقد فرّطت بالكثير من ما كان يمكن أن تحصل عليه، فقد بدأت مراسلة جبران لتستزيد من أسلوبه الكتابي المبدع، وبذلك ترتقي بطريقتها بالكتابة، لكنها عشقت الكاتب، ونسيت الكتابة. كما أنها شغلت نفسها بجمع كل رسائل جبران وحفظها، وبذلك صارت كل رسائل جبران مفتوحة للعالم، أما رسائلها فقد ضاع معظمها بعد وفاة جبران. كما أنها حفظت ذلك الحب إلى أقصى الحدود، فحرمت نفسها نعمة الزواج وعاطفة الأمومة. وكأن لسان حالها يقول هكذا تعشق المرأة الشرقية في "القاهرة".

وحتى تكتمل صورة العشق بين الشرق والغرب، عاشت مي حياة المعاناة، التي يمكن أن تتعرض لها كل امرأة شرقية. فقد تكالب عليها رجال عائلتها بعد أن مات أبوها، حتى يغتصبوا منها الورث الذي هو حق لها، ووصل بهم الأمر أن دبروا لها فرية أدخلوها بها إلى مستشفى المجانين في لبنان. ولولا تدخل شخصيات بارزة في ذلك الوقت، لقضت بقية عمرها في المشفى.

مي أحبت جبران لأنها كانت كأي امرأة شرقية ذات عقل وثقافة تبحث عن من يكون ندا لها من الرجال، فهي لا تستطيع أن تعشق رجلا لا يمكن أن يصل إلى عقلها. حتى أنها تذكرني ببعض النساء السعوديات الآتي يحلمن بالزواج برجل أجنبي، لأنهن لم يجدن في ابن البلد ذلك الإنسان المثقف الذي يستطيع أن يخاطب عقلها وقلبها معا. فمن ما يروى عن مي، أنها تعلقت بشاب ألماني تعرفت عليه، وأنها ذهبت إلى برلين بعد أن سافر لتبحث عنه، لكن يبدو أنها لم تجده، أو أنها وجدته لكنها اكتشفت شيئا آخر.

أعتقد أن جبران كان واقعيا في حبه أكثر من اللازم، ومي كانت في حبها حالمة أكثر من جبران، وحين يلتقي الواقع بالحلم، يصير حبا من خارج هذا العالم، حبا ليس له مكان ولا زمان، حب لا يمكن أن يحويه إلا جنه الله في عليائه. يا ترى لو التقى مي وجبران في مكان ما، وقررا أن يعيشا حياتهما سويا، فما كان مصير ذلك الحب؟!
 
قديم 01/11/2006   #213
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


نشيد نهر الصفا


نهر الصفا! جئتك تعبة الروح والجسد معًا.
قرأت خلاصة الأحوال الحاضرة فدّوى في مخيلتي هدير المدافع, وتمثلت لناظرى صور الحرب المخيفة. ثم قصدت الاجتماعات فملأ أذني ضجيجها التافه, وضجرت نفسي من معانيها السطحية ومراميها الخبيثة. عجبت لبلاهة الإنسان وركاكة ميوله وفتور همته. إذ ذاك سمعت اسمك الموسيقيّ فأحببته لأن فيه جمالاً وعذوبة وسلامًا.
لقد أحرقت قدميَّ الرمال الحارة, ومزّقت يديَّ أشواك الحياة, فجئت أستخلص من أعشابك بلسمًا لجروحي. تعلق بأهدابي غبارُ المادة محاولاً إخفاء الجمال المعنوي عن عينيَّ, فأتيت أغسل أهدابي بمياهك المقدسة.
جئت لأرطب يديَّ وعينيَّ برضابك العذب.
ثقُل فؤادى عليّ, فأسرعت لأبعث به معك إلى روح البحر العظيم الذي يناديك من عمق أعماق زرقته البعيدة.
أنت ابن الغيوم, وألعوبة الحرارة الهوائية, وضحكة المادة الدائمة, وقهقهة الجو بين الهضاب والأودية. أنت قبلة الشمس للبحر. أنت أنشودة الجبل في الوادي. أنت الروح الصغيرة المسرعة إلى أحضان الروح الكبيرة.
أنت عميق كأسرار الجنان, عذبٌ كنظرات الولهان, وفي اسمك ألوان وألحان.
أنت تهلمم تهلمم: هلمم: دعاه قائلا له: هلمَّ. بى, أيها النهر, فخذنى معك بعيدًا عن الحياة وضوضائها, خذنى معك... لكن, ما هي نسبتى إليك?
أنت مجموع سوائل لا وجدان لها, ولا قلب يخفق بين أجزائها. وأنا... أنا شيء آخر. أنت لغز بين البحار والآفاق, وأنا لغز بين الحياة واللانهاية. أنا أعرف أني لا أفهمك, وأشعر بجهل الإنسان وشقائه, أما أنت... ما لنا ولك?
سيري, أيتها المياه, سيري واتركيني. اسقي النباتات والأعشاب, ضعي لآلئ في ثغور الورد, رطبي صدر الأرض الملتهب, ترنمي في وحدة الوادي, اسردي حكايتك التي لا تنتهي, اندبي هللي, اصرخي اهمسي, أنشدي انحبي, اطربي احزني, كل هذا ننسبه إليك. نحن أبناء النشوة والكآبة.
سيري. أيتها المياه. ودعيني أبكى. لقد تلبد جو فكري بالغيوم القاتمة. وقلبي - ما لك وله! - منفرد حزين...


من كتاب ( ظلمات وأشعة ), 1923
 
قديم 01/11/2006   #214
شب و شيخ الشباب Eh@Ab
عضو
 
الصورة الرمزية لـ Eh@Ab
Eh@Ab is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
فلسطين
مشاركات:
2,030

إرسال خطاب MSN إلى Eh@Ab بعات رسالي عبر Skype™ ل  Eh@Ab
افتراضي


والله فكرة حلوة كتير

هنا كنا هنا سنكون........
 
قديم 01/11/2006   #215
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


ليلى يسلمو كتير .
بظن أنو جبران بزمانو ما حب مي كان يحب وحدة تانية كان
اقتباس:
كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية وتكبر جبران بعشر سنوات،
وصل جبران إلى بوسطن حيث اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماسا لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت الزواج منه بسبب فارق السن


ليلى المقتطفات اللي عم تنزليا من كتاب ظلمات وأشعة - ممكن تدمجيون بملف وورد وتنزليون بالمكتبة مشان أوردون بالفهرس
ويسلمو منتابع معك
 
قديم 01/11/2006   #216
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : Eh@Ab عرض المشاركة
والله فكرة حلوة كتير
الله يحلي أيامك
 
إضافة موضوع جديد  و الله هالموضوع مقفول ترى



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 20:37 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.35535 seconds with 15 queries