أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 22/08/2009   #127
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي لاعب النرد


مَنْ أَنا لأقول لكمْ
ما أَقول لكمْ ؟
وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ
فأصبح وجهاً
ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ
فأصبح ناياً ...
أَنا لاعب النَرْدِ ،
أَربح حيناً وأَخسر حيناً
أَنا مثلكمْ
أَو أَقلُّ قليلاً ...
وُلدتُ إلى جانب البئرِ
والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ
وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ
وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً
وانتميتُ إلى عائلةْ
مصادفَةً ،
ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ
وأَمراضها :
أَولاً - خَلَلاً في شرايينها
وضغطَ دمٍ مرتفعْ
ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ
والجدَّة - الشجرةْ
ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا
بفنجان بابونجٍ ساخنٍ
رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة
خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ
سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...
ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
كانت مصادفةً أَن أكونْ
ذَكَراً ...
ومصادفةً أَن أَرى قمراً
شاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
ولم أَجتهد
كي أَجدْ
شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !
كان يمكن أن لا أكونْ
كان يمكن أن لا يكون أَبي
قد تزوَّج أمي مصادفةً
أَو أكونْ
مثل أختي التي صرخت ثم ماتت
ولم تنتبه
إلى أَنها وُلدت ساعةً واحدةْ
ولم تعرف الوالدةْ ...
أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ
قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /
كانت مصادفة أَن أكون
أنا الحيّ في حادث الباصِ
حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّةْ
لأني نسيتُ الوجود وأَحواله
عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ
تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها
ودورَ الحبيب - الضحيَّةْ
فكنتُ شهيد الهوى في الروايةِ
والحيَّ في حادث السيرِ /
لا دور لي في المزاح مع البحرِ
لكنني وَلَدٌ طائشٌ
من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ
ينادي : تعال إليّْ !
ولا دور لي في النجاة من البحرِ
أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ
رأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ
كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً
بجنِّ الُمعَلَّقة الجاهليّةِ
لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً
لا تطلُّ على البحرِ
لو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القرى
تخبز الليلَ
لو أَن خمسة عشر شهيداً
أَعادوا بناء المتاريسِ
لو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْ
رُبَّما صرتُ زيتونةً
أو مُعَلِّم جغرافيا
أو خبيراً بمملكة النمل
أو حارساً للصدى !

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
قديم 22/08/2009   #128
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


مَنْ أنا لأقول لكم

ما أقول لكم

عند باب الكنيسةْ

ولستُ سوى رمية النرد

ما بين مُفْتَرِسٍ وفريسةْ

ربحت مزيداً من الصحو

لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ

بل لكي أَشهد اﻟﻤﺠزرةْ

نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ

وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ

وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي

وخفتُ على زَمَنٍ من زجاجْ

وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي

وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ

وخفت على عِنَبِ الداليةْ

يتدلّى كأثداء كلبتنا ...

ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ

حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أريدُ

من الغد - لا وقت للغد -

أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ /

أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أسرعُ / أبطئ / أهوي

/ أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ

/ أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ

/ أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى

/ أرى / لا أرى / أتذكَُّر / أَسمعُ / أبصرُ / أهذي /

أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أجنّ /

أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أدْمَى

/ ويغمى عليّ /

ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك

مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيشِ /

لا دور لي في حياتي

سوى أَنني ،

عندما عَلَّمتني تراتيلها ،

قلتُ : هل من مزيد ؟

وأَوقدتُ قنديلها

ثم حاولتُ تعديلها ...

كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً

لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،

والريح حظُّ المسافرِ ...

شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُ

أما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليَّ

لأن الجنوب بلادي

فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي

ربيعاً خريفاً ..

أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ

ثم أطيل سلامي

على الناصريِّ الذي لا يموتُ

لأن به نَفَسَ الله

والله حظُّ النبيّ ...

ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ

...

من سوء حظّيَ أَن الصليب

هو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !

مَنْ أَنا لأقول لكم

ما أقولُ لكم ،

مَنْ أنا ؟

كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ

والوحي حظُّ الوحيدين

« إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ »

على رُقْعَةٍ من ظلامْ

تشعُّ ، وقد لا تشعُّ

فيهوي الكلامْ

كريش على الرملِ /

لا دَوْرَ لي في القصيدة

غيرُ امتثالي لإيقاعها :

حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً

وحَدْساً يُنَزِّلُ معنى

وغيبوبة في صدى الكلمات

وصورة نفسي التي انتقلت

إلى غيرها « أَنايَ » من

واعتمادي على نَفَسِي

وحنيني إلى النبعِ /

لا دور لي في القصيدة إلاَّ

إذا انقطع الوحيُ

والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ

كان يمكن ألاَّ أحبّ الفتاة التي

سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟

لو لم أَكن في طريقي إلى السينما ...
  رد مع اقتباس
قديم 22/08/2009   #129
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما

هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما ...

هكذا تولد الكلماتُ . أدرِّبُ قلبي

على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...

صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي

ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ

إذا التقتِ الاثنتانِ :

أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ

يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ

ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا

عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبّ

لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .

وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .

فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ -

لا شكل لك

ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً

أَنت حظّ المساكين /

من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً

من الموت حبّاً

ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً

لأدخل في التجربةْ !

يقول المحبُّ اﻟﻤﺠرِّبُ في سرِّه :

هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ

فتسمعه العاشقةْ

وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ

كالبرق والصاعقة

للحياة أقول : على مهلك ، انتظريني

إلى أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...

في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع

الهواءُ

الفكاكَ من الوردةِ /

انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي

فاُخطئ في اللحنِ /

في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ

لنشيد الوداع . على مَهْلِكِ اختصريني

لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،

وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :

تحيا الحياة !

على رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /

حتى على الريح ، لا أستطيع الفكاك

من الأبجدية /

لولا وقوفي على جَبَلٍ

لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوء أَعلى !

ولكنَّ مجداً كهذا الُمتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ

صعبُ الزيارة : يبقى الوحيدُ هناك وحيداً

ولا يستطيع النزول على قدميه

فلا النسر يمشي

ولا البشريُّ يطير

فيا لك من قمَّة تشبه الهاوية

أنت يا عزلة الجبل العالية !

ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ

أو سأكونْ ...

هو الحظُّ . والحظ لا اسم لَهُ

قد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا

أو نُسَمِّيه ساعي بريد السماء

نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد

نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ

نحن الذين كتبنا النصوص لهم

واختبأنا وراء الأولمب ...

فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون

وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون

ومن سوء حظ المؤلف أن الخيال

هو الواقعيُّ على خشبات المسارحِ /

خلف الكواليس يختلف الأَمرُ

ليس السؤال : متى ؟

بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ
  رد مع اقتباس
قديم 22/08/2009   #130
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


مَنْ أنا لأقول لكم

ما أقول لكم ؟

كان يمكن أن لا أكون

وأن تقع القافلةْ

في كمين ، وأن تنقص العائلةْ

ولداً ،

هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ

حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً

على هذه الكنبةْ

بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب

ولا صوتُهُ ،

بل هو الليل مُعْتَصراً كُلّه

قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ

كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو

لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً

فوق فُوَهَّة الهاويةْ

ربما قال : لو كنتُ غيري

لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ

هكذا أَتحايل : نرسيس ليس جميلاً

كما ظنّ . لكن صُنَّاعَهُ

ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ

في الهواء المقَطَّر بالماء ...

لو كان في وسعه أن يرى غيره

لأحبَّ فتاةً تحملق فيه ،

وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان ...

ولو كان أَذكى قليلاً

لحطَّم مرآتَهُ

ورأى كم هو الآخرون ...

ولو كان حُرّاً لما صار أسطورةً ...

والسرابُ كتابُ المسافر في البيد ...

لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ

بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول

ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخرى

يشدُّ على خصره . ويدقُّ خطاه على الرملِ

كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ .

والسراب يناديه

يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ

إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا

ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ،

وماء .

ويكتب سطراً على الرمل : لولا السراب

لما كنت حيّاً إلى الآن /

من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ

توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجل

حين تبدو السماءُ رماديّةً

وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً

من شقوق جدارْ

لا أقول : السماء رماديّةٌ

بل أطيل التفرُّس في وردةٍ

وأَقول لها : يا له من نهارْ !

ولاثنين من أصدقائي أقول على مدخل

الليل :

إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُنْ

مثلنا ... وبسيطاً

كأنْ : نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ

نحن الثلاثة ،

مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا

وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً

منذ يومين ،

فلنحتفل بسوناتا القمرْ

وتسامُحِ موت رآنا معاً سعداء

فغضَّ النظرْ !

لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ

وخياليَّةُ الأمكنةْ

بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ

ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً مُقَدَّسَةً

لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها

نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ

بل لأن نبيّاً تمشَّى هناك

وصلَّى على صخرة فبكتْ

وهوى التلُّ من خشية الله

مُغْمىً عليه

ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ

متحفاً للهباء ...

لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك

من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين

يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في

خيمتين حريرَيتَين من الجهتين ...

يموت الجنود مراراً ولا يعلمون

إلى الآن مَنْ كان منتصراً !

ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا :

لو انتصر الآخرون على الآخرين

لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أخرى

يا أرضُ خضراءَ . تُفَّاحَةً . « أحبك خضراءَ »ُ

تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ

أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق...

برفقِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء .

أَنا بذرة من بذورك خضراء ... /

تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ

كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ ...
  رد مع اقتباس
قديم 22/08/2009   #131
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


من أنا لأقول لكم

ما أَقول لكم ؟

كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا

كان يمكن أَلاَّ أكون هنا ...

كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ

بي صباحاً ،

ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُوم الضحى

فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ

كان يمكن أَلاَّ أرى الشام والقاهرةْ

ولا متحف اللوفر ، والمدن الساحرةْ

كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي ،

أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي

عن الأرزة الساهرةْ

كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي ،

أَن أَتشظّى

وأصبح خاطرةً عابرةْ

كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم ،

أَن أَفقد الذاكرة .

ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً

فأصغي إلى جسدي

وُأصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ

فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق

عشر دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً

وُأخيِّب ظنّ العدم

مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّ العدم ؟

مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا ؟

نشرت في الثاني من تموز (يوليو)2008
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2009   #132
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي محمود درويش وشكل الصوت الغنائي \صبحي حديدي


-1-
تحاول هذه الورقة مقاربة الموضوع الغنائي بوصفه واحدا من أبرزا لسمات التكوينية في مشروع محمود درويش الشعري، سواء من حيث الديمومة الطويلة التي تكاد تبدأ منذ القصائد الأولى وتتواصل حتى القصائد الأخيرة، أو من حيث الحضورا لمركذي شبه الدائم في معظم النقلات الأسلوبية الكبرى التي عرفها هذا المشروع. ولسوف نتوقف عند اشكاليات مصطلح الغنائية ذاته ( وهو، كما هو معروف، بين أكثر مصطلحات نقد الشعر تعقيدا وتشابكا وتضاربا)، ثم بعض خصائص الموضوع الغنائي عند محمود درويش، كما يمكن تلمسها في مجموعته هي غنية، هي غنية (1986)، وتحديدا في قصيدة واحدة من هذه المجموعة هي "فانتازيا الناي".
واذا كان في وسع المرء أن يبدأ من القرائن الأولى البسيطة، فإن استعراض عناوين قصائد درويش طيلة ثلاثة عقود، بين عام 1966 وحتى عام 1990، يشير الى حضور مفردات الموضوع الغنائي في كل مجموعة تقريبا: "نشيد ما"، "أغنية » في مجموعة أوراق الذيتون ( 1964)، "قال المغني"،"شهيد الأغنية "? "ناي" «نشيد"، في مجموعة عاشق من فلسطين (1996)، "أغنية حب على الصليب "، "موال ". "أغنية ساذجة عن الصليب الأحمر"، "مغني الدم "، "أغنيات الى الوطن "، "الأغنية والسلطان" في مجموعة آخر الليل (1967)، "عازف الجيتار المتجول » "تقاسيم على الماء"، "أغنية الى الريح الشمالية "، "أغنية حب الى افريقيا" في مجموعة أحبك أو لا أحبك (1972)، "موسيقى عربية، "لحن غجري" في مجموعة حصار لمدائح البحر (1984)، "عزف منفرد"، "فانتازيا الناي" في مجموعة هي أغنية، هي أغنية (1986)، "رباعيات "، "جملة موسيقية " في مجموعة أرى ما أريد ( 1990).
من جانب آخر، ربما كان الموضوع الغنائي كما تجلى في القصائد ذاتها هو التفصيل الذي حظي على الدوام بقدر ملموس من افصاح درويش عن "النوايا الأسلوبية "، إذا صح هذا التعبير. ومن المعروف أن درويش نادرا ما يعلق باسهاب على نصوصه الشعرية، ويحدث غالبا أن دارسيه يقتنصون إشارة هنا أو إشارة هناك من حواراته وأحاديثه. ولحسن حظ دارسه، لا يبخل درويش في هذا المضمار، وتكاد بعض أقواله تذهب مذهب الحيثيات القاطعة الدالة على هذا أو ذاك من شؤون شعره، فتقتبس على نطاق واسع وتحتل موقعها لأسباب عديدة تتجاوز أحيانا حكمة إطلاق تلك الأقوال في الأساس.
ومما يلفت الانتباه أن درويش توقف مرارا عند تفصيل هام منتزع من سيرته زمن الطفولة، ذي صلة جوهرية برؤية الشخصية لمفهوم الشعر اجمالا، وبالموضوع الغنائي على وجه لتخصيص. وأنقل هنا هذا التفصيل كما رواه الشاعر في حوار مع التلفزة الفرنسية قبل أسابيع معدودات:"بدأت علاقتي بالشعر عن طريق علاقتي مع المغنين الفلاحين، المنفيين من قبل الشرطة. كانوا يقولون أشياء غريبة على درجة من الجمال بحيث أنني لم أكن أفهمها، ولكني كنت أشعر بها، وهكذا وجدت نفسي قريبا من أصوات الشعراء الجوالين المغنين، وقيما بعد أخذت استمع الى الشعر العربي الكلاسيكي الذي يروي مغامرات عنترة وسراه من الفرسان، فاجتذبني هذا العالم وصرت أقلد تلك الأصوات، واخترع لنفسي خيولا وفتيات » (1) قبلئذ، في عام 1987، قال: «مازلت أطلب الغناء وأرفض الرومانسية، مازلت أحث الواقع، بكل ما فيه من مفارقات وتناقضات وعبث، وأصر على الغناء الذي لا يشبه الغنائية المعروفة. لقد أراحني يانيس ?يتسوس حين وصف شعري بأنه ملحمي غنائي، أو غنائية ملحمية » (2) وفي عام 1970 كان قد قال: "أنا منحاز للغناء في الشعر. إن المناخ الانساني الحذين يقتض الشفافية في التعبير، ا وأحيانا لا أجد هذه الشفافيه إلا في الغناء» (3).
لقد أراحه يانيس ريتسوس، ولكن أنى لريتسوس أن يريح دارسي الموضوع الغنائي عند محمود درويش. الاجماع قائم وشامل حتى أننا لا نعثر على استثناء واحد لا يضع الغنائية في رأس التوصيفات العديدة الخاصة بشعر درويش، فكيف باستثناء ينفي الغنائية عن مشروعه. ولكنه عموما ليس الاجماع الناجم عن اشتغال نقدي معمق يبدأ من النصوص ذاتها لكي يستصدر الأحكام بوحي منها واستنادا الى ما تعرب عنه من خصائص، بل هو لسوء الحظ اجماع غائم في معظم الحالات، وهو بالتالي اجراء لا يسلط المذيد من الضوء على ظاهرة أسلوبية معقدة أصلا، بل يكتفي باعادة انتاج الضوء القديم المقيم ذاته، اذا لم يسلط بعض العتمة !
ولسنا نقصد توجيه اللوم هنا، ولسوف نوضح بعد قليل مقدار ما يثيره مصطلح الغنائية من اشكاليات عويصة تسقط قسطا كبيرا من الملامة عن دارس شعر درويش، وان كانت لا تعفيه البتة من واجب المحاولة الثانية في أضعف الايمان. وما يذيد الأمر سوءا أن المصطلح يقاس عادة بقرينة أحادية هي الأداء الغنائي الصائت، أو"النغم » في مغناه التطريبي المبتذل، أو حتى بالقصيدة التي لا تكتب إلا لكي تعطى الى المطرب، الذي يحملها بدوره الى الملحن. أكثر من ذلك. يحدث أن ينقلب الخيار الغنائي الى "شتيمة" أو "وصمة عار"عند بعض الشعراء العرب، لأن الغنائية هنا هي تذكره على نحو ما بالأوزان التقليدية بطبولها وصنوجها وتطويباتها التي أكل الدهر عليها وشرب، ولا يعقل أن يلجأ اليها شاعر يشتغل على تقنيات مختلفة مثل "تفجير اللغة » و" الايقاع الداخلي ".
وبالطبع يتجاهل هؤلاء، إذ لا يعقل أنهم يجهلون حقيقة حضور الغنائية الى درجة الانفجار الصرع في نص مثل "نشيد الانشاد"، أو في المقطع الشعري التالي من محمد الماغوط على سبيل المثال:
كن غاضبا أو سعيدا ياحببيي
كن شهيا أو فاترا، فإنني أهواك.
يا صنوبرة حذينة في دمي
من خلال عينيك السعيدتين
أرى قريتي، وخطواتي الكئيبة بين الحقول
أرى سريري الفارغ
وشعري الأشقر متهدلا على المنضدة
كن شفوقا بي أيها الملاك الوردي الصغير
سأرحل بعد قليل، ومحيدا ضائعا
وخطواتي الكئيبة
تلتفت نحو السماء وتبكي.(4)
وفي كل حال، من الانصاف القول أن اجتهادات دارسي الموضوع الغنائي عند محمود درويش تمتلك جميعها ما يمتلكه أي اجتهاد من فضيلة مزدوجة. لها أجر على المحاولة في الأساس وحتى حين تخطي،، ولها بالطبع أجر ثان حين تصيب، إذا جاز لنا اقتباس الحديث النبوي الشريف في هذا المقام. ومن الطبيعي استطرادا، أن نعثر على معالجات "دراماتيكية » لهذا الموضوع، وعلى أخرى رصينة أو تلم بمقدار كبير من النطاق الواسع المعقد، النظري والتطبيقي، الذي تشغله الموضوعات الغنائية في أي مشروع شعري كبير. وهكذا على سبيل المثال، نقرأ ما يلي من شاكر النابلسي: (درويش) يحاول أن يقدم دائما السؤال الوطني والسؤال الفكري عن طريق قلبه، وليس عن طريق عقله أو ذهنه وهذا الذي يأخذ شعره الى الغنائية دائما. لذا فقد كانت الأغنية رمزا لهذه التجربة في شعره. رمزا لأن تمر كل التيارات عبر قلبه، لا عبر عقله. ولذا فهو يغني دائما. يغني، ويغني ويغني، ما استطاع الى ذلك سبيلا، حتى لا يقتل الرمز، ويقتل المرموز، ويقتل الترميز في شعره. ذلك أن النغم يخدر الوعي، ويدع الروح تتحرر، ويترك الشاعر يرسل بحرية، عبر النغم، والأغنية، وهو في حالة تآلف بينه وبين الكون » (5).
أو نقرأ بالمقابل، ما يقوله غالي شكري: "كان درويش عميق الانصات للحوار السري بين الانسان والطبيعة وسريع الالتقاط لهمسات المعاني الملتبسة في تراكيب اللغة. أي أنه رغم افتراضه "البساطة " في القصيدة الغنائية جاءت قصيدته باصطياده غير (المألوف من أعماق العادي والمألوف كيانا مفتوحا على الدلالة المجردة في قلب الصورة المجسدة. وهي الصورة التي أسست لغته من ترابط الايقاع والدلالة، ويتابع غالي: "ومن هذا المفهوم الأول للشعر الغنائي أقبل معجمه الخاص في اللغة، بمفرداتها وتراكبيها ودلالاتها. معجما من صناعة الخيال الخلاق، الخيال المثقف بهذا القدر أو ذاك من المعرفة والخبرة البشرية والقدرة على إقامة حوار غير مسبوق بين اللغة والناس والأشياء، وبين أسرار الأزمنة والتضاريس المجهولة في جغرافيا الروح. هذه اللغة التي استجابت للصورة المركبة بديلا للصورة المسطحة في الخارج أو المكورة داخل الذات، الصورة المركبة من الوعي واللاوعي، من الذاكرة الشعبية (التاريخ) والخيال القادر على التركيب. هذه اللغة أيضا هي التي استجابت للصوت المركب من حوار الطبيعة والانسان حوار الأنا والآخرين، وحوار الزمان والمكان، فلم يأت صوت الشاعر أحاديا أو متعددا بين المفني العربي القديم والكورس اليوناني القديم، وانما صوت مركب لا ينوب عن، ولا يوجز، ولا يختزل ولا يفني لنفسه. إنه صوت الشعر، لا أي صوت آخر"(6).
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2009   #133
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


واذا كان النابلسي قد لجأ الى القلب بدل العقل و" النغم الذي يخدر الوعي، ويدع الروح تتحرر، ويترك الشاعر يرسل بحرية " لتفسير غنائية محمود درويش، فإن غالي شكري لامس سلسلة من النواظم الأساسية في الموضوع الغنائي (أي الصوت الأحادي أو المتعدد وحوار الأنا والآخر وموقع الروح من تضاريسها المجهولة) ولكنه ذهب بهذه جميعها الى منطقة أخرى ليست من الغنائية في شي ء اذا لم تكن نقيضها المواذي وأقصد الصوت الدرامي.
وكان ت. س. إليوت قد أصيب ذات يوم، ببعض ما أصيب به دارسو الغنائية العرب من حيرة، ففي مقالته الشهيرة "أصوات الشعر الثلاثة، توصل دون كبير مشقة الى تشخيص صوت ثان من الشعر هو الصوت الملحمي أو الوعظي Didactic حيث يهيمن الفرض التاريخي أو الاجتماعي ويلح حضور الجماعة على وجدان الشاعر، وتوصل الى صوت ثالث هو الصوت الدرامي Dramatic حيث ينقل الشاعر بعض وجدانه الى شخوص وأقنعة وأفكار خارجية، مثلما يتلقى من هذه بعض وجدانها، ضمن صيغة حوارية في الحالتين، ولكن ماذا عن الصوت الأول، الغنائي، حيث الشاعر هو ضمير المتكلم، من نفسه ولنفسه وحول نفسه؟ لقد نقب إليوت طويلا في قاموس اكسفورد بحثا عن تعريف لكلمة "غنائي" فلم يجد ما يشفي غليله. ثم استعرض قرونا وعقودا من كتابة القصيدة الغنائية في أوروبا القديمة والحديثة والمعا هوة فلم يجد بينها القاسم المشترك الأعظم الذي يسمح بتدبر تعريف ما. ولقد وجد اليوت أن ما يميز القصائد التي ليست وعظية ملحمية وليست دراسية عن تلك القصائد المكتوبة بضمير المتكلم هو أمر واحد. أن شاعر ضمير المتكلم يعبر عن أفكاره وعواطفه لنفسه، أو لا يعبر عنها لأحد أخر محدد» (7) وهكذا قرر أن يطلق على قصائد هذا الصوت اسم "الشعر التأملي »، فلاسفة ونقاد وشعراء آخرون سواه لم يعبأوا كثيرا بحكاية التسمية بحد ذاتها فاستبقوا عليها رغم أنهم اختلفوا بهذا القدر أو ذاك حول التعريف جزئيا، ثم انخرطوا في سجال (لم يتوقف حتى الآن) موضوعه مسائل أخرى أكثر تشعبا وتعقيدا.
ما هو السر في أن هذا النوع الكتابي الذي نسميه القصيدة الغنائية صمد على مر الدهور في جميع الثقافات الشفافية والمكتوبة، في حين انقرض أو يكاد النوع الوعظي والنوع الدرامي؟ لماذا تبدو القصيدة الغنائية وكأنها اختصار الشعر بأسره، أو تسميته الثانية؟ هل يكمن بعض السر في العلاقة بين القصيدة الغنائية والموسيقى؟ ما هي خصوصية موقع القاريء الواحد ذاته، بين قصيدة غنائية وأخرى غير غنائية؟ لماذا يبدو الوجدان العاطفي للشاعر الفرد وكأنه، في القصيدة الغنائية أكثر قدرة على "تكييف استجابات القاريء، وربما تحويله الى صوت ثان للشاعر أو صدى لذلك الصوت كما أشار هيجل؟ لماذا كان الصوت دالة الموضوع الغنائي ومشكلته في الآن ذاته؟ واذا شئنا نقل هذه الأسئلة الى منطقتنا. فكيف يتوجب أن نفسر شيوع أولى القصائد الغنائية في الأشعار المصرية الفرعونية، والسومرية والبابلية - الأشورية، والكنعانية والعبرانية، والساسانية والغسانية واللحمية والفارسية، وذلك قبل وقت طويل من الولادات الأوروبية الأولى لهذه القصائد؟
وبالطبع ليس من مهاو هذه الورقة الخوض في محتوى السجالات التي نجمت عن الأسئلة السابقة، ويكفي التذكير هنا بأبرز خصائص القصيدة الغنائية كما تمخضت عنها وتجمع عليها جملة هذه السجالات، إنها قصيدة قصيرة نسبيا وعموما (بين 30- 50 سطرا شعريا) عالية التركيز في طرائقها التعبيرية ذاتية في التقاطها للعالم الخارجي، شخصية في موضوعها، وقريبة من الغناء في نوعية بنائها، وهي تتحرك في موشور عريض من الأغراض، يبدأ من قصيدة الحب، ويمر بالمرثية، ولا ينتهي عند الانشاد الديني والتصوفي. وكان الشاعر الأمريكي الكبير إدجار ألن بوقد نفى عنها صفة التفجع العاطفي الرومانسي، واعتبر أنها ليست سوى الشعر في أصفى أشكاله. والموسيقى في القصيدة الغنائية عنصر عضوي تكويني، بالمعنيين الفكري والجمالي. والعمارة الايقاعية تصبح بؤرة تركيز لمدركات الشاعر اذ تتخذ شكلها اللفظي اللغوي، واذ تشرع في نقل القيم الوجدانية والشعورية والعقلية. ويجدر التذكير هنا بأن العرب كانت تقول "مقود الشعر الغناء" ولحسان بن ثابت بيت شهير يقول فيه:
تغن في كل شعر انت قائله
ان الغناء لهذا الشعر مضمار
  رد مع اقتباس
قديم 24/08/2009   #134
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي قصتي مع شعر درويش \ مارسيل خليفة



اعتدت دائماً أن احتضن آلة العود لأغني شعر (محمود درويش) ويبدو أنه لا بد من الكلام لوحده، حين يأتي ليقول عن علاقتي بشعر (درويش).
من جهةٍ ثانية لم أحب أن أرتجل (بعضاً من الحكي) عن ذلك الشعر الجميل، فوجدت أن لا بد من كلمة تكتب فكتبت:
تعرفت على شعر (محمود درويش) عبر قراءات موسيقية شبه صامتة للقصائد الأولى، وكانت تلك المقاربات الموسيقية للقصائد يغلب عليها طابع الحذر حتى الخوف، الخوف المصاحب دائماً لأي مشروع جديد. بخجل وتردد رحت أعرض تصوري لضرورة غناء تلك القصائد.
وفي صباح يوم باكر من شهر آب- أغسطس لسنة 1976 دخلت أحد استوديوهات باريس الصغيرة.
ولم يكن معي سوى العود وأمي وريتا وجواز سفر وكانت أول تظاهرة لأسطوانة (وعود من العاصفة) على خشبة الجناح اللبناني في مهرجان الإنسانية بباريس مع أول أيلول-سبتمبر لسنة 1976 بالقرب من بسطة الحمص والفول والفلافل. لقد استعرت آنذاك من محمود درويش تلك النصوص ووضعت لها موسيقى على النبض الدرويشي، وذلك بإعطاء بعد موسيقي مستقل عن الكلمة سواء من الناحية الميلودية أم الإيقاعية أم التوافقية فكان هناك عالم صوتي يتشكل من بعدين موسيقي وشعري لينبثق من استقلالهما وحدة فنية.
لسنين طويلة ارتبطت موسيقاي بشعر محمود درويش، فتآلفت أعمالنا في ذاكرة الناس حتى صار اسم أحدنا يستذكر آلياً اسم الآخر، ولا عجب في ذلك، فكل محطات مساري الموسيقي، لثلاثين عاماً مليئة بالإشارات من إلى أعمال درويش,. بدءاً ب(وعود من العاصفة) وصولاً إلى (يطير الحمام).
فمنذ أولى محاولاتي وقبل أن يتعرف أحدنا إلى الآخر، كنت أحس بأن شعر درويش قد أنزل عليَّ ولي. فطعمُ خبز أمه كطعم خبز أمي، كذلك عينا (ريتاه) ووجع يوسفه من طعنة اخوته، وجواز سفره الذي يحمل صورتي أنا، وزيتون كرمله، رمله، وعصافيره، سلاسله وجلادوه، محطاته وقطاراته، رعاة بقره وهنوده... كلها كلها سُكناها في أعماقي.
فلا عجب أن آلفت موسيقاي أبياته بشكل طبيعي، دونما عناء أو تكلف، يقيني أن شعره كُتب لأغنيه، لأعزفه، أصرخه، أصليه، أذرفه.. أحكيه ببساطة، على أوتار عودي، وإذا ما أشركت كل آلات الأوركسترا مع كلماتي وصوتي، طلع ذلك الإنشاد الذي يهز ويواسي، يحث ويقاوم.. في أوراقي الموسيقية اليوم مكان لشعر درويش أكثر حضوراً مما كان عليه.
أمزحة الأمر أم مزاجية عبثية؟ لا هذه ولا تلك بل شيء كزهرة أتطاول إليها بيدي منذ زمن ولا أتجاسر، واليوم فأنا مستعد وسأجرؤ لأغني ألماً يلجمه النبل والخفر عن الصراخ والأنين، ولأرمز شعره في نظام أصوات ونبرات وإيقاعات.
لشعر محمود درويش مذاق خاص، فهو مرتبط بذلك العالم المسور بالدمار وأمل القيامة الأخضر وفي شعره دعوة منعشة إلى الحياة. قصائد درويش بشوشة وفرحة كالنهار الذي ننتظر قدومه ومليئة بالأمل كالساعة التي لم نعشها بعد.
والحزن الواضح النبرة أحياناً خلق صلة بشرية حميمة وتعاطفاً إنسانياً بالأشياء والرموز. مع شعر محمود درويش تعرفت على نفسي كفرد لي أهوائي ونوازعي ووساوسي وحاجاتي الملحة للحرية وللخبز وللورد ولقول الأنا دون خجل.
محمود درويش يحفر الصخر بأظافره حتى الوجع الوحشي كي يجد القصيدة الطازجة دائماً.

** الحكى عن محمود درويش ما بيخلص والمقالات اللى انكتبت عن تجربتو الشعرية ما بتكفيه بس لحد هون وقف الاسبوع ...ودمتم ..
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد


أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 22:20 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.30445 seconds with 12 queries