الحياة ونعمة الحب

[behnam]

خلق الله الانسان لكي يعيش بسلام مع ذاته ولكي يعم الفرح العميق في نفسه . خلق الله الانسان لكي لا يعيش في جو مليء في الحزن والكأبة بل لكي يكون دائما للحياة والحب . يقول القديس ايريناوس (( ان مجد الله يظهر في الانسان الذي يعيش ملء الحياة )) .
نعم الحياة لا تخلوا من المشاكل والصعوبات وليست جنة خيالية يرسمها الانسان في مخيلته ، لان ضغوط الحياة لا تخلوا من المشاكل التي هي من الواقع . فيجب ان تنبض الحياة والحب قلب كل واحد منا . ويجب ان يختبر كل واحد منا الحب على حقيقته ولا يجب ان نفكر في امكانية الموت من دون ان نعيش ملء الحياة .
لكل انسان ولكل واحد منا متطلبات لكي يعيش وينمو . وعندما نعيش حياتنا ونقول نعم للإنسانيتنا في ذلك الوقت سننخرط في الحب الكامل اي الحب الحقيقي . فالرب يريد من الانسان ان يعيش حياته في حب ازلي حب لا يعرف الحدود كما احبنا هو ( موت الصليب ) . الرب يقول لكل واحد منا لا تخف انا احبك . انت مهم في نظري مهما كنت . فمن دون الحب تكون حياتنا لا شيء ، فالحياة لا قيمة لها من غير الحب .
لكن كل واحد منا في بعض الاحيان يختبر في حياته الشعور بالفراغ واليأس . وكثير منا قد اختبر هذا الاحساس ، اذ لا وجود للحياة كلها سعادة . قد نفقد شخصا قريب علينا او شخص محبوب او صديق ، لان حينما نشعر ان صديقنا او الذي نحبه لا يستفسر علينا في وقت الشدة سنشعر باليأس والضياع . فهنا في هذه اللحظة يجب علينا ان نكتشف حب الله في حياتنا ، فاذا لم نكتشف هذا الحب سنكون في حالة يأس . لان حب الله هو اقوى انه كالصخرة ثابت .
لكن لو سالت سؤال: لماذا خلقنا الله؟ اكيد الجواب البسيط الذي عرفناه وحفظناه منذ ان كنا صغارا هو ان نعبده ونمجده ونخدمه كما تقول كتبنا التعليمية المسيحية. فهنا نتصور ان الله هو ملك الملوك قد خلق عبيد لعبيدوه ويحنون رؤوسهم له 24 ساعة وهو سعيد بذلك. هذا هو تفكيرنا عن الله!! لكن الفكرة الصحيحة هي ان الله خلقنا لكي يشركنا في حبه، الله ليس بهذه الصورة الخاطئة التي نلصقها به، ليس الله يحب الانسان من الفوق، لان الله خلق الانسان كما ذكرت لكي يشركه في محبته. فهنا يبادر الى الذهن مرة اخرى سؤال اخر: من هو الهنا؟ الهنا هو اله محبة والمحبة هي جوهر كيانه ((الله محبة)) يوحنا ولا مفر من الحب في الله. لان الحب هو عطاء، بذل مشاركة ، لان في كيانه الالهي يحقق هذه الاشياء.
الحب الالهي بلغ ذروته وقمته في صلب المسيح . ويعتبر الصليب النقطة الجوهرية في ايماننا المسيحي لان فيه تجلى حبه لنا. ولانه اراد ان يشارك عدد كبير من الناس في حبه. وهذه الكثرة تدل على كرمه وتوزيع حبه على اكبر عدد ممكن، فمجده يتحقق حينما يشاركنا في حبه. يتضح ذلك في مثله الذي اعطاه لتلاميذه ولنا عندما شبه الملكوت كمثل ملك اقام وليمة في عرس ابنه.
فإذن يجب على كل واحد منا ان يكون له شعور بأحترام لذاته ويجب علينا ان نقبل بذواتنا بغض النظر ما فينا من الضعف من تحقيق كل الاهداف التي نصبو اليها . يجب ان لا نخفق في الوصول الى ملئ الحياة التي من خلالها يتجلى مجد الله فينا. وعندما نحب لايجب ان نفكر بأمتلاك الاخر مثل سلعة نشتريها، كلا ، فالحب يجب ان يكون سبيلا لتحريرالاخر لا الى تكبيله بسلاسل ويجب ان نسمح له ان يكون دوما ذاته هو وان لايكون مثل لعبة في اليد. فالحب هو مسيرة الى ملئ الحياة لان في خبرة الحب نتعرف اكثر الى حقيقة ذواتنا، لان من خلال الحب نتعلم كيف نقبل بفرح ما نحن عليه. ونسير الى ملئ الحياة التي فيها يتمجد اسم الله. الحب الحقيقي وحده يشكل سببا للعيش في عيد لاينتهي. ..
تحياتي للجميع..