أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 15/10/2006   #1
شب و شيخ الشباب raji_k
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ raji_k
raji_k is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
حمص- سوريا
مشاركات:
108

إرسال خطاب MSN إلى raji_k إرسال خطاب Yahoo إلى raji_k
افتراضي شخصية القديس بولس


تظهر ملامح شخصية القديس بولس منذ أول ارتداده. فعندما ناداه الصوت حالاً أجاب: "مَن أنتَ.. ماذا تريد أن أعمل.." هو رجل لا يعرف التردّد، هو رجل من الرجال الذين قست أخلاقهم وتمرّست في الصعاب فعملت منه رجلاً غيَّر وجه التاريخ.
سرُّ عظمة هذا الإنسان هو نفسه السامية وقلبه الكبير وذكائه المتوقّد.
كل عظماء التاريخ، وبولس منهم، كانوا نحيلي الأجسام، معذّبين في الأرض، يتّسمون ببعض النقائص. كأن الضعف هو شرط للعبقرية والعظمة.
كان رجل عمل: وكل رجل عمل عظيم يمتاز بنظرة جذّابة، وباشارة القوة، وبثقل الصمت والسخرية المصلحة والغضب المفيد.
لم يكن خطيباً. إن الخطابة تتطلب مواهب طبيعية غابت عن القديس بولس؛ ولم يكن كاتباً بارعاً ولغته اليونانية ليست بليغة ولاكلاسيكية، بل لغة شعبية. أسلوبه خاطئ، وجُمَلُهُ غير صحيحة وغير منظمة بأسلوب الآداب العالية. إن رسائله صعبة "كما شهد عنها بطرس الرسول". (2 بطر 3/16).
وفي هذا السيل من اللغة والإنشاء نجد قوةً تطغى على كل شيء، وتسري من شخصيته وتتسرّب إلى القارئ وتحمله إلى التمعّن والتبصّر بما يكتب الرسول.
ويكتشف كل متأمل تعابير رائعة: رجل الخطيئة، نفحة المسيح الطيّبة، شوكة الجسد، جنون الصليب...
هو رجل الروح، ويسير حسب الروح، ويعيش حسب الروح...
وهذا الروح هو روح قوة وشجاعة وخلق عظيم.
عقل بولس كان ثاقباً يعرف قيمة الظروف وسوانح الفُرَص، ولا يدع فرصةً تمرُّ دون أن يستفيد منها. فهو بين الهود يهودي، ومخلص غيور، يحترم الشريعة ويقول بإتمامها ويجلّ الرؤساء. هو كل للكل ليربح الكل.
فهو يقول لليهود مفتخراً بعلمه وتمرّسه بالديانة اليهودية: "وتأدبت على قدمَي جملئيل على حقيقة الناموس الأبدي. وكنت غيوراً لله كما أنتم جميعاً.." (أعمال 22/23)؛ وعندما أمر قائد الألف أن يمتحن بولى بالجَلد يقول له: "أيجوز لكم أن تجلدوا رجلاً رومانياً غير مقضي عليه.." (أعمال 22/25)؛ وعندما رأى الجمع المزدحم أنه على مذهبين، صاح فيهم: "أنا فرّيسي ابن فرّيسي.. وأنا على الرجاء وقيامة الأموات أُحاكم.." (أعمال 23/6) فاذا بالحشد ينقسم على نفسه..؛ وعندما أمر الولاة أن يطلقوه مع برنابا رفيقه أبى وقال: "لقد جلدونا جهراً من غير أن يُقضى علينا ونحن رجلان رومانيان وألقونا في السجن. أما الآن يخرجوننا سرّاً. كلا بل فليأتوا هم أنفسهم.." (أعمال 16/33).
وفي مقابلة بولس لاغريبا نرى بدائع الجرأة والأدب الرفيع والبيان الساحر، حتى قال اغريبا له: "انك بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً.." (أعمال 26/25).
عظيم هذا الإنسان الذي يخيط السجاد. هو حسب قول القديس يوحنا الذهبي الفم؛ "خاط ثوب الله الذي لفّ العالم كله حتى يومنا هذا."
بين عظماء المسيحية والإنسانية هو العظيم.
سقط العالم الروماني، واضمحلَّ العالم اليوناني، وتداعى هيكل اليهودية، إنما بقيت روح بولس التي حلّت مشاكل العالم آنذاك وأصبحت روح العالم الغربي والمسيحي.
كل ما هو وقتي يزول وكذلك ما هو أرضي. يستعمل الله الوقتي والأرضي كمطرقة لخلق شرارة ثم يضمحلّ. وكل ما هو مرتبط بالوقت يتغيّر كالثوب.
الرجل العظيم هو عظيم ليس بحد ذاته بل بدعوة خاصة وتكرّس تام لقضية.
إن العظمة الحقيقية هي التي تعمل إلى أجيال ولا تزول.
هكذا كانت عظمة بولس.
بولس هو رجل واقعي، عرف أن يقرن أعظم الحقائق بأصغر الأمور والوقائع، قرَنَ الروحانية مع الواقعية، قرَنَ روحانية الشرق مع تنظيم الغرب من يونان ورومان؛ هو رجل واقعي صريح يجابه الحقيقة في تجسّدها في حياة الإنسان.
إن تعليمه كله مستمد من وقائع وحوادث صارت في المسيحية. رأى اهتمام التسالونيكيين باليوم الآخر فكتب عن قيامة الأموات؛ رأى في كنيسة كورنثس خلَلاً في الآداب فكتب عن الخطيئة وقال كلمات لا تُنسى عن الإنسان وضعفه.
ما يجعل تعليم بولس يتلاءم مع كل عصر ومصر وحال هو واقعيته. "مَن لا يعمل لا يأكل.." (2 تسا 3/10)؛ فصّل تعليم الزواج محدداً طبيعته وعبوديته وحدوده؛ درس أمور الحياة الاجتماعية والسياسية وعلاقة الأولاد مع الآداء.
تعرّض لكل مشاكل الإنسان. "كل ما يخص الإنسان يخصني".
يتعجّب القارئ عندما يقرأ كلمات القديس عن الخير والشرّ وكيف يتصارعان ويتحاربان، وعن المحبة ومتطلباتها وضرورتها؛ وعن وصف البؤس البشري الذي يشفيه بسوع بدمه.
المسيح سنَّ المبادئ الأساسية للحياة مع الله. أما بولس فقد نظّم ورتّب السنن والشرائع الخاصة بكل حالة.
نحب قراءة رسائل القديس بولس لأننا نرى فيها وصفاً لحالتنا، وحلاًّ لمشاكلنا، وصورة لواقعنا...
من كتاب انجيلك نور لحياتي

R-K
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 11:05 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.05949 seconds with 14 queries