أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 01/05/2009   #109
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


متابعة .. معك



انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
قديم 01/05/2009   #110
صبيّة و ست الصبايا جـدل
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ جـدل
جـدل is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
هناك حيثُ أنت
مشاركات:
696

افتراضي


في الشعر لم يكتب الكثير ولكن مع ظهور حركة الشعر النثري في العالم العربي خاض تجربته بنفس حماس الشعراء الشبان.
في الرواية تميز مشروعه الروائي بالبحث عن أسلوب كتابة حداثي يتجاوز أجيال الكتابة الروائية السابقة مع نكهة عربية. عالج بالخصوص الشخصية الفلسطينية في الشتات من أهم أهماله الروائية "السفينة" و"البحث عن وليد مسعود" و"عالم بلا خرائط" بالاشتراك مع عبد الرحمان منيف.
في النقد يعتبر جبرا إبراهيم جبرا من أكثر النقاد حضورا ومتابعة في الساحة الثقافية العربية ولم يكن مقتصرا على الأدب فقط بل كتب عن السينما والفنون التشكيلية علما أنه مارس الرسم كهواية.
في الترجمة مازال إلى اليوم جبرا إبراهيم جبرا أفضل من ترجم لشكسبير اذ حافظ على جمالية النص الأصلية مع الخضوع لنواميس الكتابة في اللغة العربية كما ترجم الكثير من الكتب الغربية المهمتمة بالتاريخ الشرقي مثل "الرمز الأسطورة" و"ما قبل الفلسفة".

قلْ هُوَ الحُبُ
كَأَنَّ اللهَ لا يَحْنُوْ عَلى غَيْرِكَ
لا يَسْمَعُ إِلاَّكَ
ولا فِي الكَوْنِ مَجْنُونٌ سِواكْ.
لَكَأَنَّ اللهَ موجُودٌ لِكَيْ يَمْسَحَ حُزْنَ النَاسِ فِي قَلْبِكَ،
يَفّْدِيْكَ بِمَا يَجْعَلُ أَسْرَارَكَ فِي تَاجِ المَلاَكْ.
  رد مع اقتباس
قديم 13/05/2009   #111
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


متابع ..
  رد مع اقتباس
قديم 23/05/2009   #112
صبيّة و ست الصبايا جـدل
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ جـدل
جـدل is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
هناك حيثُ أنت
مشاركات:
696

افتراضي


مؤلفاته

- في الرواية
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - 1955
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - بالنجليزية 1960
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - 1970
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - 1978
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - 1982 بالاشتراك مع

    - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - 1986
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

  • شارع الاميرات
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - مجموعة قصصية
  • البئر الاولى - سيرة ذاتية
2- في الشعر
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    1959
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    1964
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    1978
3- الترجمة
  • هاملت - ماكبث - الملك لير - عطيل - العاصفة - السونيتات لشكسبير
  • برج بابل - أندريه مارو
  • الأمير السعيد - أوسكار وايلد
  • في اتظار غودو صامويل بيكيت
  • الصخب والعنف - وليام فوكنر
  • ما قبل الفلسفة - هنري فرانكفورت
3- دراسات
  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

    - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

  • - ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
     

جمعت أعماله النقدية في كتاب بعنوان " اقنعة الحقيقة .. أقنعة الخيال "
  رد مع اقتباس
قديم 23/05/2009   #113
صبيّة و ست الصبايا جـدل
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ جـدل
جـدل is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
هناك حيثُ أنت
مشاركات:
696

افتراضي



أصدر جبرا إبراهيم جبرا ثلاث مجموعات شعرية. وعندما جمعها في ديوان يشتمل على الأعمال الشعرية الكاملة، عام 1990، أضاف إليها مجموعة فيصبح نتاجه الشعري المنشور في حياته على النحو الآتي: تموز في المدينة ـ 1959. المدار المغلق ـ 1964. لوعة الشمس ـ 1979. سبع قصائد ـ 1990.

ولكننا نستطيع أن نضيف مجموعة لم تصدر في كتاب، ولم تضمها الأعمال الشعرية الكاملة. ولكنه نشر معظمها في مجلة "بيادر" التي كنت رئيساً لتحريرها في تونس. ونشر بعضها الآخر، على ما يبدو، في مجلات وصحف مختلفة. وقد أعطى هذه المجموعة عنواناً طويلاً نسبياً "قصائد بعضها لليل وبعضها للنهار".

وإذا كانت المقدمة التي كتبها جبرا لمجموعة بلند الحيدري عام 1943، إيذاناً بالدعوة إلى التجديد، فإن المقدمة التي كتبها لمجموعته "تموز في المدينة" كانت بمثابة مانفستو للشعر الحديث. يقول: "إن إدخال نغمة جديدة على فن قديم يعتمد على الموسيقى التقليدية، أمر يحتاج إلى جرأة كبيرة، له القدرة والبراعة، وأنا قد لا أملك الأخيرتين، ولكنني مندفع في سبيلي مهما اعترض عليه الناس".

وكانت القصيدة الحرة هي السبيل. فهو، كما قال، يعنى بالوزن ولا يعنى. ولكن هذا كلام ملتبس. فقصيدة جبرا خالية من الوزن. وإذا اتفق لبعض السطور الشعرية ـ التي يسميها أبياتاً من باب المناكفة مع التقليديين ـ أن أتت موزونة فإن ذلك على سبيل المصادفة. ولكنها مصادفة مدروسة إذا جاز التعبير. فقد كان معنياً بمنح قصيدته حالة من الموسيقى التي لا تشكل التفعيلة مفتاحاً لها. كما أكد "أنني أمقت النعوت، فالحالات العاطفية من حزن أو فرح أو غضب أو يأس، يجب أن تثار بالألفاظ المجسدة، ومصادر الأفعال أيضاً أرفض استعمالها على وجه الإجمال". أما على مستوى الرؤيا الشعرية، فيمكن القول من غير مبالغة إن جبرا هو واضع ركائز القصيدة التموزية العربية. والتموزية نسبة إلى تموز، إله الخصب القديم في بلاد الشام وما بين النهرين. وقد قتله الخنزير البري، أو إله الشر "موت"، لكنه سرعان ما انبعث من جديد في الصيف فكانت شقائق النعمان هي دمه المتجدد. ومع أن اللحظة التموزية، في مستواها الميثيولوجي، هي لحظة زراعية مرتبطة بالتربة، إلا أن تموزية القصيدة العربية ركزت على المدينة التي تميت البطل الباحث عن الحياة له وللجموع، فينتصر عليها بعودته ظافراً. ويجب ألا نغفل عما تركته الثقافة المسيحية بمحمولاتها الرمزية الخاصة بالفداء، في هذه المدرسة الشعرية. وقد وجد جبرا في موضوع الاستشهاد الفلسطيني مادة لتعميق المعاني التموزية في شعره. ويلاحظ أن مجموعته الأولى قد حفلت بعدد غير قليل من القصائد ذات الصلة المباشرة بالتراجيديا الفلسطينية. لكن مجموعة "المدار المغلق" سترث التموزية من المجموعة الأولى لتعمق فيها الرمز المسيحي. وفي هذه المجموعة قصيدة نوعية بعنوان "لعنة بروميثيوس" مكرسة لاستلهام ثورة الجزائر.
  رد مع اقتباس
قديم 23/05/2009   #114
صبيّة و ست الصبايا جـدل
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ جـدل
جـدل is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
هناك حيثُ أنت
مشاركات:
696

افتراضي


فلسطين وشعره:

أما فلسطين التي لا يمكن أن تغيب عن روح جبرا، فإنها تطل من خلال قصيدة "مارجيروم في بيت لحم" وكذلك في "ما بعد الجلجلة" وفي مجمل الإحالات والرموز المسيحية التموزية. وهذا ما ينسحب على مجموعة لوعة الشمس الذي جعل جبرا قصيدتها الأولى تحية إلى القدس "مدينة المعراج والجلجلة". أما قصائده بعد ذلك فهي في معظمها قصائد حب. ولكننا ندرك أن الشعر الحضاري يفيض عن موضوعه المحدد ليمسّ الهموم الإنسانية على مختلف المستويات
أول ما يلفت النظرفي شعرجبرا أنه وهويكتب قصيدةالنثريتناول هموم القضية الفلسطينية ومعاناتها.
وكان ديوانه "تموز في المدينة" هو أكبر معبر عن شعوره أتجاه فلسطين:

زماننا والمدينة:
جيل المأساة نحن ، وعن وعي نقبلها:
جيل عاصرت أرضه كلّ دورات الزمن
فوعى العصور كلها ،
عرف الزمان مضاعَفًا
ضاربًا عمقًا وعلوًا ،
عاشه عاشقًا متمردا
ويعيشه كل يوم صارخًا متحديا.
....
ولكن لن نعيش إلا زمانها
زمان مدينة الطور والزيتون
مدينة المعراج والجلجلة:
هي وحدها في الأرض لنا أرض
وهي وحدها في السماء لنا سماء.
واقرأ قصيدته ألعينيك أغني (تموز... ص9)، لتجد هذا التلاحم مع وطنه، وينهي ذلك بقوله:
أجل، لعينيك يا وجه بلادي
لعينيك أبكي وأغني
وفي قصيدته في أرضي التياقتطع تها – ( تموز... ص11 ) نجده يحافظ برموش عينيه على هذه الأرض التي عانى حتى خلصها من الشر ، وهو سيواصل مقاومته بإصرار :
غير أني بيدي ، بذراعي
أصد زواحف الجدب حولي ،
أقي القلب في الإنسان من الضياع.
وقصيدة لوعة الشمس – مملكةالحب(لوعة ... ص 29) يبدو لنا وكأنها موجهة للقدس، وذلك إذ يقول :
هناك أراهم على الأرصفة الحجر
يتناقشون يتصايحون،
تحت أقواس البيوت القديمة،
بين باعة الخضار والجلود،
...
من صبح لصبح ، حبيبتي
تقطر الساعات أصواتًا
سوداء كلها،
والشمس تأتي بظلمة،
مالحة ، جارحة.
ويستخدم الشاعر هذه الإشارات والرموزوالأساطيروهذا التصادي المكثف،وذلك غالب في قصائده عامة،فالعنوان تموز في المدينة مثلا- فيه إشارة إلى تموز وعشتار- والخصب، وقصيدة لعنة بروميثيوس (المدار المغلق، ص63)، حاشدة بهذه الإشارات، وكذلك ياقوت وحجر (تموز، ص33)، فلنقرأ مثلا من قصيدة خرزة البئر (تموز، ص59):
احترق القمح واندلعت
قراب الزيت على بديد الحجارة
وعليها صلب عيسى من جديد
خرزة البئر لنا جلجلة ثانية
ومن ثغرها الخصيب ستنطلق
الحمم السوداء لاهبة لاظية
بلحم الصبايا والحبالى
لتبيد
زارعي الموت
مطعمي العقبان في أرضنا
وعندها من فيضها القدسي الخصيب
ستحيي ستحيي
كل قرانا من جديد
فخرزةالبئروعيسىوالجلجلة(

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

) نماذج من هذه الإشارات التي تصل الماضي الحاضر، فتتواشج الصورة وتتركب من أبعاد عميقة تكتسب الأسطورية.

في يومي ذاك الأخضر
إذ كنت كالعود الطري
أخضر يومي وليلي
بين فروع التينة
أكل التين الندي
مع رفقتي الحفاة
(أقدامنا صخر مرمي)
وأبو خليل يصيح
راكضًا في قمبازه
في إثرنا
وسوطه في يده
والله لأذبحكم
أكلتم التوت والتين…


أتريد أن تقبلني؟

وتهدر الأنغام في رأسي.

وهل فقط أقبلك؟
أريد احتواءك كما
تحتوي الزوابع الأمواج الهائجة –

أوحشيّ حبي هكذا
ولكنه عذب
كحلاوة نهدك المكوّر في يدي
أو حلاوة شفتيك
كلما التهمتهما
خشيت الفراق والظمأ…

أو القصيدة الحادية عشرة :
وهل ألذ من عطرك
محتوى لرسالة؟
يمتعني ، يغيظني ،
يذكرني ، يثيرني ،
أشم فيه خديك ، شفتيك
أشم فيه بلوزك
وما وراء بلوزك
يجسّد لي وهمك
لا أذكر إلا المبهمات
طيَّ نازعٍ يتحفّز
فالوضوح للمنطق الزائل مع اللحظة الزائلة
وتبقى المبهمات شواردَ تتردد
كألحانٍ نصفِ هناك مع شوق كالظمأ
في أيام الشمس المشرقة


وهكذا أكون قد ختمت حديثي عن الشاعر والكاتب والرسام جبرا إبراهيم جبرا

وأرجو أن أكون قد وفيته حقه في العرض

  رد مع اقتباس
قديم 23/05/2009   #115
صبيّة و ست الصبايا suzaan
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ suzaan
suzaan is offline
 
نورنا ب:
Dec 2008
مشاركات:
1,355

افتراضي


وأنا كمان سجلي متابعة

مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني
و للمـآذنِ.. كالأشجارِ.. أرواحُ ....
****************
*******************
ياشام اختَصرتي .. كلَّ بقاعِ الدُنيا ..

بأطرافِ ياسَمينة .. أشرَقَتِ الشَمسُ ..

لِتُنِيرَ بياضَها ..

دِمَشقُ .


suzaan..
  رد مع اقتباس
قديم 10/08/2009   #116
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


نعود مجددا بعد انقطاع لأسباب لوجستية بحتة .. لنقضي الأسبوع الجاي مع
اسبيرانزا
الي اختارت تشاركنا بموضوع عن
الشاعر الكبير محمود درويش

بانتظارك اسبيرانزا

لا أحتاجُ لتوقيعٍ .. فالصفحةُ بيضا
وتاريخُ اليوم ليس يعاد ..

اللحظةُ عندي توقيعٌ ..
إن جسمكِ كانَ ليَّ الصفحات
  رد مع اقتباس
قديم 18/08/2009   #117
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي





(علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي وأمشي ثم أمشي وأقاوم ) ...كثيرة هى المواقف الشعرية التى عبرت عن مبدأ محمود درويش الحياتى والكتابى فالمتابع لأعمال محمود درويش يمكنه استخلاص فلسفة بالغة العمق والاخلاص والثورية
فنادرا ما تلحف محمود درويش رداء الرمزية المنهج الذى شاع فى شعر مرحلته بل استبدلها بالتقنيات المضمونية التى نوعت فى الاحساس والفكرة والرأى
وثابر محمود درويش فى سبيل إنضاج موهبته فهو يتذكر قائلا ( فى بداياتى حاكيت المعلقات فلم احصد الا ملل القراء ) فكان هو نفس المنشد الذى قال بعد زمن ( لابد لى ..لابد للشاعر من نخب جديد .. وأناشيد جديدة )
وقد استطاع درويش ان يفوز كثيرا بالنخب الجديد وذلك من خلال انتهاز اى خبرة او تجربة ليجعل منها نقطة تحول فى مواقفه واساليبه
حسب البعض ان النكسة كانت التحول الحقيقى فى مسار درويش الشعرى وحسب البعض ان اقتحام اليهود لقريته ( البروة ) وتشويه معالمها وتعريضه للاعتقال هو ما حول مساره الشعرى
لكن يبدو ان النكسة واقتحام البروة لم تكن وحدهما اساس التحول والنضج فالتجربة الحياتية عموما وسط القهر وحياة اللاوطن هى من جعل درويش شاعر يحمل القضية والمصباح على الدوام هذا الى جانب انه مخلص صوفى لاى تجربة يمر بها سواء سياسية او عشقية او ادبية

هذا العرض اقل من ان يقترب من مسار درويش اكثر لان حياته لها ابعاد ومواقف اعقد وخاصة المواقف السياسية العرض التالى سيحاول الاقتراب من مواقف درويش الادبية وبالاخص المراحل التى اجتازها شعريا

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
قديم 20/08/2009   #118
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي مراحل في شعر محمود درويش \ د. حبيب بولس


المرحلة الاولى - مرحلة الوطن الام

ان تلج عالم محمود درويش الشعري امر ليس سهلا لأنك تصاب بالرهبة وبالتهيب، ذلك لأنه عالم غني واسع متنوع متلون، لا يستقر على مدرج واحد، فهو دائم الاغتناء، دائم التطور، عالم متقافز قفزاته سريعة وواسعة تمتح من الموروث الشعري العربي ومن الشعر المضارع عربيا وعالميا. هذا من جهة، اما من اخرى فان محاصرة هذا العالم الشعري الدافق والمتجدد امر غير ممكن لا بل مستحيل في محاضرات ثلاث فشاعر بقامة محمود درويش بحاجة اذا اردنا حقيقة ان نستكشف شعره وان نتغور مبانيه ومعانيه ولغته وتقنيات قصائده وتجديده وتحولاته، بحاجة الى محاضرات ومحاضرات ولكنها محاولة اولية للوقوف على بعض محاور شعر امير الكلام المعاصر محمود درويش.
في معرض رده على الشاعر ادونيس الذي اتهم في دراسة له بعنوان "الشعر والثورة"، نشرها في مجلة (الهدف) العدد 20 1969 شعر محمود درويش وشعر اخوانه بانه شعر غير ثوري ومحافظ وذلك لأنه شعر يصف حركة المقاومة ويغنيها وليس شعرا يواكب الحركة ويخلق معادلا ثوريا باللغة ويفكك البنية العادية العربية الموروثة، حيث يقول ادونيس: "فان كانت مهمة المقاومة ان تفجر الواقع السياسي/الاقتصادي وتغيره. فان مهمة الشاعر العربي الثوري هي ان يفجر نظام اللغة (الثقافة/القيم السائدة) ويغيره". في رده على ذلك يقول "محمد دكروب" في كتابه "الادب الجديد والثورة" الصادر عن دار الفارابي سنة 1980 "ان كلام ادونيس تصور ذهني ميكانيكي، لا يرى الارتباط العضوي والتأثير المتبادل بين حركة الواقع وحركة الشعر. وكون حركة الشعر والثقافة اجمالا هي شكل نوعي متميز لحركة الواقع ككل، أي هي انعكاس معقد ومتحول في المخيلة والاحساس والدماغ الى شعر وفن وثقافة صادر اساسا عن حركة الواقع نفسه، وعن حركة الصراع الاجتماعي، وحركة الثورة بالتالي. هذا التحول هو الذي يعطي للشعر والفن والفكر اجمالا تلك الصفة النوعية المميزة، فلا تبقى مجرد انعكاس ميكانيكي لحركة الواقع المادي.
بناء على ما تقدم، فان كل شعر حقيقي اصيل هو ثورة داخل حركة الشعر نفسها، هو تجدد دائم الغنى لنظام اللغة ونظام القصيدة (العمل الشعري). وكل انكار تعسفي لحركة التجدد هذه ولضرورتها وللثورة داخل الشعر التي هي تعبير عن ضرورة الحركة يؤدي الى جمود قاتل، الى موقف رجعي، الى مراوحة في المكان، بينما حركة الشعر مستمرة في تجدد دائم، وهكذا لا يكون الفن ثوريا لمجرد ان يحاول الفنان ان يخلق باللغة معادلا فنيا للثورة، بل بمقدار ما يملك هذا المعادل الفني نفسه ان يمارس تأثيره الثوري ولو داخل قسم من جماهير الثورة.
من هنا تنبع اهمية محمود درويش كشاعر، بمعنى من كونه استطاع ان يخلق معادلا فنيا للمقاومة الفلسطينية وللثورة الفلسطينية في شعره، وفي الآن معا ان يمارس هذا المعادل الفني نفسه تأثيره الثوري والا كيف سنفسر عشق الناس لشعر محمود؟! وكيف سنفسر التطور الذي اصابه على مدى خمسة عقود من الزمان.
يقول المفكر الكبير "حسين مروة" في كتابه "الموقف الثوري في الادب منشورات دار الفكر العربي سنة 76 ملخصا نجاح شعر المقاومة، يقول ان نجاح هذا الشعر ينبع من ثلاثة اصول:
1. كونه نابعا من الجماهير، فالشعراء هم ابناء هذه الجماهير فهي ربتهم واعطتهم الجذور.
2. الاندماج والالتحام بين الشاعر وواقعه وسمة هذا الامر الفنية صدق التجربة والاصالة في تصوير صراع الانسان الفلسطيني.
3. الشروط المعرفية أي المنطلق الفكري الثوري الذي يصدر عن هذا الشعر، وينفذ الى الاعماق مؤثثا بالطاقات المتحفزة دائما لصياغة نفسها من جديد بأشكال ومضامين متطورة باستمرار. وهذا المنطلق الفكري عند درويش هو تبصره بالنظرية الثورية. هذه النظرية التي حررت شعره وعالمه الفني من كوابيس الاوهام وجعلته يتخطى ذاته باستمرار بحيث صار محمود درويش ظاهرة شعرية جديدة بمفرده لا فلسطينيا فحسب ولا عربيا فحسب، بل عالميا، وذلك بما تحمله ابداعاته من الطاقة الفائقة لتخطي الذات المستمر سواء باكتشافاته الرؤيوية ام بصياغاته الفنية لهذه الاكتشافات.
تأسيسا على ما تقدم سنحاول ان نلج عالم محمود درويش الشعري على رحابته، وكي نسيّج هذا الحديث ونمنعه من التشظي والتسيب من جهة، وكي نسهل على انفسنا عملية استبطان هذا العالم من اخرى، سنقسم عالم درويش الشعري الى مراحل ثلاث هي:
1. مرحلة الوطن/ الأم، مرحلة شعر المقاومة حتى عام 1969
2. مرحلة المنفى والحصار والمذابح حتى الخروج من بيروت
3. مرحلة نبش الذات حتى وفاته

  رد مع اقتباس
قديم 20/08/2009   #119
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


نبدأ بالمرحلة الاولى ونمثل لها بديوان "عاشق من فلسطين" الصادر عام 1966.
ان اول ما يجابهه قارئ ديوان "عاشق من فلسطين" هو صدق التعبير الفني واخلاص الشاعر في الحديث عن قضيته/قضيتنا أي عن القضية الفلسطينية، لا كقضية فردية متميزة فريدة – وهي كذلك – انما الصدق الفني الذي ينتشل القضية من خصوصياتها ليجعلها قضية عامة يمكن ان يحسها الانسان في أي مكان فوق الارض. وهذا التعبير الفني الصادق يأتي بسيطا وعميقا في آن معا وهذه هي سحريته، شعره في "عاشق من فلسطين" حار متفجر ذو حيوية هائلة، ينتفض (على حد تعبير رجاء النقاش في كتاب "ادباء معاصرون" الصادر عن مكتبة الانجلو مصرية في القاهرة عام 6 ويمتلئ بالرغبة في الحياة والتحرر من المأساة سواء المأساة الشخصية او في واقع مجتمعه. ومذاق هذا الشعر مذاق انساني رحب لاذع. وللحقيقة اقول: ان شعرا كالموصوف معرض للانزلاق والوقوع في براثن الخطابية والنثرية والضوضاء الفنية والكليشيه الجاهز ولكن اصالة محمود كفنان وأصالة ايمانه بقضيته يحميانه من ذلك.
لنسمعه يرد على النغمة التي سادت الادب الاسرائيلي الدعائي حتى ادب الاطفال منه في اواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، تلك النغمة التي تحاول ان تقنع العالم، بان العربي همجي بعيد عن الحضارة وهو انسان من درجة ثانية يقول محمود في قصيدة "نشيد للرجال" من الديون:


"لأجمل ضفة أمشي/ فلا تحزن على قدمي/ من الأشواك/ ان خطاي مثل الشمس/ لا تقوى بدون دمي
لأجمل ضفة أمشي/ فلا تحزن على قلبي/ من القرصان/ ان فؤادي
المعجون كالارض/ نسيم في يد الحب/ وبارود على البغض.
ويستمر قائلا: "لأجمل ضفة نمشي/ فلن نُقهر/ ولن نخسر/ سوى النعش الى الاعلى/ حناجرنا/ الى الاعلى/ محاجرنا/ الى الاعلى/ امانينا/ الى الاعلى اغانينا/ سنصنع من مشانقنا/ ومن صلبان حاضرنا وماضينا/ سلالم للغد الموعود/ ثم نصيح يا رضوان/ افتح بابك الموصود.
ويقول فيها ايضا: "سنطلق من حناجرنا/ من شكوى مراثينا/ قصائد كالنبيذ الحلو/ تُكرع في ملاهينا/ وتنشد في الشوارع/ والمصانع/ في المحاجر/ في المزارع/ في نوادينا.
ويختتم بهذه الصرخة المدويّة الثائرة:
"سنخرج من مخابينا/ ويشتمنا اعادينا: "هلا.. همج هم عرب/ نعم! عرب/ ولا نخجل/ ونعرف كيف نمسك قبضة المنجل/ وكيف يقاوم الأعزل/ ونعرف كيف نبني المصنع العصري والمنزل/ ومستشفى/ ومدرسة/ وقنبلة/ وصاروخا/ وموسيقى/ ونكتب اجمل الاشعار/ عاطفة وافكارا وتنميقا".
بمثل هذه العاطفة المليئة بالتفاؤل والثقة والاستعداد للنضال والصبر على الجراح يواجه درويش واقع المأساة.
ولعل اعذب ما في شعر درويش في هذه المرحلة الرؤية الانسانية الخاصة التي تنعكس على بناء قصائده. فهو يرى الناس والاشياء بطريقة تختلط فيها كل العناصر. ففي قصيدة واحدة نراه يتحدث عن حبيبته، وفي مقطع آخر منها نجد هذه الحبيبة قد تحولت الى معنى مختلف هو الوطن، ثم تنقلب الى الام او الاخت، وهكذا فالحب والوطن والحرية والطبيعة كلها معان تختلط ببعضها البعض، انها ذات ملامح متشابهة فالحدود بينها تلتغي كليا. في شعر محمود نوع من وحدة الوجود، من ذوبان الكل في واحد. هذا الامتزاج الكامل بين الصور والمعاني في رؤية درويش للعالم والذي يتحقق على اجمل صورة في شعره يحدث بعفوية وبصورة شفافة. فقصائده عالم رقيق مشرق، رغم تشابك العناصر والرؤى، لذلك قصائده هنا اشبه بحلم ولكنه ليس حلما رومانسيا هروبيا عاجزا، انما هو فيض مشاعر حية كبيرة تملأ وجدان الانسان وتسيطر عليه. وهذا النوع من الحلم هو الهام وحيوية وقوة واقتراب من النبوة، وتعبير عن الاندماج الكبير في الواقع وفي حركته واندغام بين الانسان وعقله الباطن. هذا الحلم هو الذي يفسر لنا انكسار المنطق العادي في شعره وولادة منطق آخر ينقلنا من اللحظة الراهنة الى مناطق الشدهة والاندهاش. ذلك لأن تجارب الشاعر روحية عامرة تملأ مشاعره فتفيض القصيدة عن وصفها للعادي النثري للظاهرة وتأخذنا الى ما وراء الظواهر وهذا هو الشعر الحقيقي بعينه. لنسمع مقاطع من رائعته "عاشق من فلسطين" للتدليل على ما ذكر. يقول في مطلعها: "عيونك شوكة في القلب/ توجعني واعبدها". ويستمر قائلا بعد هذا المطلع الرائع: "كلامك كان اغنية/ وكنت احاول الانشاد/ ولكن الشقاء أحاط بالشفة الربيعية/ كلامك كالسنونو، طار من بيتي/ فهاجر، باب منزلنا/ وعتبتنا الخريفية/ وراءكِ.. حيث شاء الشوق/ وانكسرت مرايانا فصار الحزن الفيْن/ ولملمنا شظايا الصوت/ لم نتقن سوى مرثية الوطن/ سنزرعها معا في صدر قيثار/ وفوق سطوح نكبتنا، سنعزلها/ لأقمار مشوهة واحجار/ ولكني نسيت يا مجهولة الصوت:/ رحيلك اصدأ القيثار ام صمتي".
ثم يتابع ليشعرنا ان حبيبته هذه ليست فتاة عادية وانما هي فلسطين – يقول: "رأيتك في جبال الشوك/ راعية بلا اغنام/ مطاردة في الاطلال/ وكنت صديقتي/ وانا غريب الدار/ ادق الباب يا قلبي/ على قلبي/ يقوم الباب والشباك والاسمنت والاحجار.
رأيتك في خوابي الماء والقمح/ محطمة/ رأيتك في مقاهي الليل خادمة/ رأيتك في شعاع الدمع والجرح/ وانت الرئة الاخرى بصدري/ انتِ انت الصوت في شفتي وانت الماء، انت النار".
ثم يتابع: "رأيتك عند باب الكهف عند الغار/ معلقة على حبل الغسيل ثياب ايتامك/ رأيتك في الموقد/ في الشوارع/ في الزرائب في دم الشمس/ رأيتك في اغاني اليتم والبؤس. رأيتك ملء البحر والرمل/ وكنت جميلة كالارض كالاطفال كالفل/ واُقسم: من رموش العين سوف اخيط منديلا/ وانقش فوقه شعرا لعينيك/ وإسما حين اسقيه فؤادا ذاب ترتيلا/ يمد عرائش الأيك/ سأكتب جملة اغلى من الشهد، من القبل/ فلسطينية كانت ولم تزل".
هكذا نلاحظ كيف تتلاحم المحبوبة مع الوطن وكيف تختلط العاطفة الخاصة بالوطنية، وكيف يصير الخاص عاما والفرداني جمعا.
ثم يختتم بقوله: "فلسطينية العينين والوشم/ فلسطينية الاسم/ فلسطينية الاحلام والهم/ فلسطينية المنديل والقدمين والجسم/ فلسطينية الكلمات والصمت/ فلسطينية الصوت/ فلسطينية الميلاد والموت/ حملتك في دفاتري القديمة/ نار اشعاري/ حملتك زاد اسفاري/ وباسمك صحت في الوديان/ خيول الروم اعرفها/ وان تبدل الميدان/ خذوا حذرا/ من البرق الذي صكته اغنيتي على الصوان/ انا زين الشباب/ وفارس الفرسان/ انا ومحطم الاوثان/ حدود الشام ازرعها/ قصائد تطلق العقبان/ وباسمك صحت بالاعداء/ كلي لحمي اذا ما مت يا ديدان/ فبيض النمل/ لا يلد النسور/ وبيضة الافعى/ يخبئ قشرها ثعبان/ خيول الروم اعرفها وأعرف قبلها اني/ أنا زين الشباب وفارس الفرسان.
هكذا تتفجر المعاني وتتوالد بين يدي محمود درويش ويسرح التضاد وتمرح لغة تلاقي الاضداد وهما من اعمدة الشعر المصفى. ونلتقي في شعر درويش في هذه المرحلة بصور شعبية حميمية لو صاغها آخرون لما اعطتنا شعرا، ولكنها بين يدي محمود تقول ما لم نتعوده منها يعتصرها فنا جميلا مليئا بالسحر والشعر والعذوبة.
وفي هذه المرحلة ايضا نجد عددا من الموتيفات التي يوظفها درويش رموزا وايحاءات في شعره ولكنها جميعا تصب في خانة التلاحم بين الأنا والقضية/ الأنا وفلسطين/ العاطفة والوطنية/ الحب والحرية. كموتيف الاسرة مثلا: الأم، الاب، الاخت. وفي الديوان الذي نحن بصدده نلتقي بقصيدته التي سارت على فم الزمن، وأعني قصيدة الى امي التي يقول فيها: "احن الى خبز امي/ وقهوة امي/ ولمسة امي/ وتكبر فيّ الطفولة يوما على صدرِ يوم/ وأعشق عمري لأني/ اذا متّ/ اخجل من دمع امي".
والأم هنا خير دليل على ما ذُكر، هي الام الشخصية والوطن، هي ام الجميع. ومن الجدير القول: ان معنى الاسرة عند درويش لا يعني الاسرة العائلية المألوفة، انما هي الانتماء، والجذور التي تمده بالصمود وبالتحدي وبالاصرار، والاسرة عنده دائما ممزقة تحاول ان تلتئم. هي اشبه بجثة اوزوريس التي مزقها اشلاء إله الشر (ست) و"ايزيس" الزوجة الوفية الباكية المناضلة تعيد اجزاءها المبعثرة وترد الروح الى الجسد الممزق. وهذا الجسد طبعا هو فلسطين التي لا بد وان تلتئم ويعود ابناؤها وتتحرر.

  رد مع اقتباس
قديم 20/08/2009   #120
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ثم نلتقي في شعر محمود في هذه المرحلة كثيرا برمز الصليب واستخدامه للصليب كرمز له مبرراته، ففلسطين هي ارض المسيح، ومأساة المسيح اقترنت بالصلب، لذلك الصليب مقترن بفلسطين قديما وحاضرا، من هنا يتخذه الشاعر رمزا ليعبر به عن المأساة الفلسطينية، وهي مأساة معادلة لمأساة الصلب ولتاج الشوك والمسامير في اليدين وفي القدمين، يقول درويش في قصيدة "صدى الغابة": "من غابة الزيتون/ جاء الصدى/ وكنت مصلوبا على النار/ اقول للغربان:/ لا تنهشي/ فربما ارجع للدار/ وربما تشتي السماء ربما/ تطفئ هذا الخشب الضاري/ لانزل يوما عن صليبي/ ترى/ كيف اعود حافيا عاري؟!
ومحمود درويش يرى في المسيحية روحا دينية مقاتلة "ليست صليبية، فتفسيره لها تفسير نضالي فهي في وجدانه دعوة الى التقدم والانفتاح والى النضال والوقوف في وجه الآلام الكبيرة وكما يقول السيد المسيح في انجيل متى "الاصحاح العاشر العدد 34": "لا تظنوا اني جئت لألقي سلاما على الارض ما جئت لألقي سلاما بل سيفا". يقول درويش في احدى قصائده (مع المسيح):
"ألو/ اريد يسوع/ نعم! من انت؟/ انا احكي من اسرائيل وفي قدميّ مسامير واكليل/ من الاشواك احمله/ فأي سبيل/ أختار يا ابن الله أي سبيل؟/ أأكفر بالخلاص الحلو/ أم امشي/ ولو امشي واحتضر؟/ اقول لكم يجيبه السيد المسيح: اماما ايها البشر. وكما يوظف السيد المسيح رمزا يوظف النبي العربي محمدا كذلك فهو يقول في قصيدة "مع محمد": "ألو/ اريد محمد العرب/ نعم! من انت؟/ سجين في بلادي/ بلا ارض/ بلا علم/ بلا بيت/ رموا اهلي الى المنفى/ وجاؤوا يشترون النار من صوتي/ لأخرج من ظلام السجن/ ما افعل؟ ويجيبه الرسول العربي: تحدّ السجن والسجان/ فان حلاوة الايمان/ تذيب مرارة الحنظل.
هذا هو محمود درويش في مرحلته الاولى، شاعر صاغته النكبة وصقلته المأساة التي شرب مرها وذاق معها عذاب الفقر وذل العوز وغاص في مقلاتها. هذا هو محمود الذي ينحاز في كل ما صدر عنه الى فقراء الوطن، والذي تبصّر منذ تفتحه بالرؤية الثورية وتسلح بالفكر الاشتراكي التقدمي، ومتح من الموروث الفلسطيني والعربي والعالمي المنفتح، فولج عالم الشعر واثقا صادقا مخلصا مؤمنا بعدالة قضيته، يعاني ويتحدى ويسجن من اجلها. انه شاعر مأساة. فلسطين همه وهاجسه يوظف لأجلها كل طاقاته الشعرية وكل طاقته الفنية بصور رائعة و"مبنى استعاري" جميل متجدد وموسيقى عذبة دافقة ومفردات انيقة متناغمة منسجمة فيصير العادي بين يديه دهشة يلتحم الأنا بالقضية، وتندغم الذات بالوطن، ويمتزج الخاص بالعام، ويتوحد العدل بالحرية، ولا نهاية للنضال الفلسطيني لأنه عادل حتى التحرر فها هو يقول: "مليون عصفور/ على اغصان قلبي/ يخلق اللحن المقاتل".
كفى محمود درويش هذه المرحلة ليصل الى القمة، ولكنه ليس شاعرا من هؤلاء الذين يتغيون الشهرة ويتربعون على القمم، انما هوطامح الى المزيد فالمزيد وحين سئل مرة ما هي القصيدة الاجمل التي قلتها يوما، قال تلك التي لم اكتبها بعد.
  رد مع اقتباس
قديم 20/08/2009   #121
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي من ديوان عاشق من فلسطين


خواطر في شارع

يا شارع الأضواء! ما لون السماء

وعلام يرقص هؤلاء؟

من أين أعبر، والصدور على الصدور

والساق فوق الساق. ما جدوى بكائي

أي عاصفة يفتنها البكاء؟

فتيممي يا مقلتي حتى يصير الماء ماء

وتحجّري يا خطوتي!

هذا المساء...

قدرٌ أسلّمه سعير الكبرياء!

من أي عام...

أمشي بلا لون، فلا أصحو ولا أغفو

وأبحث عن كلام؟

أتسلق الأشجار أحياناً

وأحياناً أجدّف في الرغام

والشمس تشرق ثم تغرب... والظلام

يعلو ويهبط. والحمام

ما زال يرمز للسلام!

يا شارع الأضواء، ما لون الظلام

وعلام يرقص هؤلاء؟

ومتى تكفّ صديقتي بالأمس، قاتلتي

تكفّ عن الخيانة والغناء؟

الجاز يدعوها؟

ولكني أناديها... أناديها... أناديها.

وصوت الجاز مصنوع

وصوتي ذوب قلب تحت طاحون المساء

لو مرة في العمر أبكي،

يا هدوء الأنبياء

لكن زهر النار يأبى أن يعرّض للشتاء

يا وجه جدي

يا نبياً ما ابتسم

من أي قبر جئتني،

ولبست قمبازاً بلون دم عتيق

فوق صخره

وعباءة في لون حفره

يا وجه جدي

يا نبياً ما ابتسم

من أي قبر جئتني

لتحيلني تمثال سم.

الدين أكبر

لم أبع شبراً، ولم أخضع لضيم

لكنهم رقصوا وغنوا فوق قبرك...

فلتنم

صاحٍ أنا... صاحٍ أنا... صاحٍ أنا

حتى العدم


  رد مع اقتباس
قديم 21/08/2009   #122
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


مرحلة المنفى والحصار والخروج من بيروت

مع بداية السبعينيات اشتد الخناق على محمود درويش، فالسلطة لم تكف عن مضايقته وملاحقته وتوقيفه واحتجازه في البيت وعن سجنه ايضا، حتى ضاقت به السبل فقرر ان يهجر هذا الوضع. ترك محمود الوطن الى منفاه الاختياري، وهناك بدأت مأساته الحقيقية، مأساة اللامكان، مأساة الرحيل، والموانئ، ومحطات القطار، والمطارات. (وطني حقيبة) كما يقول، حتى استقر في بيروت. في بيروت راح الجرح يتعمق والمعاناة راحت تتضاعف وتتثلث، والتجربة انفتحت واغتنت وتوسعت فكرا وثقافة، هناك رأى المأساة الفلسطينية عارية على حقيقتها. رأى الفقر في المخيمات، رأى حياة القهر والذل، كما شاهد المذابح والحرائق في تل الزعتر في صبرا وفي شاتيلا، ولكنه شاهد ايضا صمود الفلسطيني ونضاله وكفاحه وصبره وإصراره وايمانه بانتصار قضيته التي حمل السلاح لأجلها ولأجل عودة شعبها وتحريرها. ومثلما رأى الصمود والمذابح رأى الانكسار وعايش حالة الحصار الوحشية في بيروت، ثم شاهد خروج الفلسطينيين الفاجع منها، من منفى الى منفى والتجربة تتسع وتتعمق والهم يكبر. من هنا صارت القصيدة العادية التي الِفها محمود وبرع في نظمها في المرحلة الاولى ضيقة، وعاؤها الاستعاري ضاق عن تفاصيلها، وبنيتها صارت اكثر تعقيدا وصورها اكثر تركيبا، لذلك نراه في هذه المرحلة يميل الى المطولات ذات النفس الملحمي وتكفي الاشارة الى ثلاث مطولات من روائعه في هذه المرحلة هي: احمد الزعتر/ وقصيدة بيروت/ ومديح الظل العالي.

في هذه المرحلة تميل قصائد محمود درويش الى المسرحة والى الدرامية القصصية فالمبنى صار قصصيا، كما مالت القصائد الى كثير من التجريد والى توالد الصور بحيث صارت قراءة القصيدة هي متابعة للصور التي فيها وتفكر بعلاقات الصورة ورمزيتها (كما يقول "الياس خوري" في كتابه "دراسات في نقد الشعر" الصادر عن مؤسسة الابحاث العربية، بيروت طـ 3، 1986).

فكثرت الاستعارات الطريفة والتشبيهات المولدة والايقاع المتقافز النابع من التكرار ومن الترادف والاختلاف والتضاد. في هذه القصائد يجنح نحو التجريب غير هياب، أي الى اللحظة المتوترة دراميا داخل بنية شعرية مركبة. القصيدة في هذه المرحلة هي كثافة الشعر في تجربة كلية متماسكة والصورة تصبح هنا جزءا من كل توتري أي انها تتحول من لحظة توقف تأملية مفاجئة الى سياق بحيث تصير شبكة من السياقات تضمها وحدة بنائية تتداعى داخل حركة لولبية. القصيدة هنا هي محاولة اختصار الحركة بالصورة المتوالدة والبناء الشعري يكتفي بالتلميح والاشارات مرتكزا على عاملَي التداعي الصوري والجملة الشحنة الممتدة لتشمل بناء عالم من اللحظات المتتابعة والتي تشكل بينها وحدة داخلية.

تتميز القصيدة في هذه المرحلة بأصواتها المتعددة الجوانب والمختلفة، بحيث تختلط هذه الاصوات داخل البناء لتلح على توترها وعلى مبناها الدرامي الشعري في محاولة للوصول الى القصيدة الشبكية المعقدة التي تتجاوز الانفعال المباشر والصراخ الواضح في محاولة ايضا للابتعاد عن الموضوع كمقدمة والنظر اليه ككل متكامل.

وهذا المبنى يركز في قصائد محمود درويش على شخصية واحدة هي البطل ويقيم حوارين المباشر وغير المباشر، كما ويجلد السلطة المسيطرة ويدينها دائما وهذه السلطة هي التي تشكل الاطار الثابت في القصيدة. كما وتتميز القصائد بحالة من النبوءة، حالة يمتزج فيها الحلم بالوعي، فتصبح القصيدة سيالة دافقة لا شيء يعثرها في مسراها الحريري. كما ان اللغة ايضا في هذا البناء الجديد تتغير وتتوالد وتتآلف وتتخالف وتبارح مرجعياتها السابقة فكلمة الارض مثلا كمفردة وكإيحاء لا تعود معطى كما المرحلة السابقة ولا اطارا للحنين وللتواصل انما هنا هي تتفجر في علاقة جدلية مع عنصر ايديولوجي بحيث تصير هنا يدا ورصاصة وتفارق ثبوتها. وعنصر الزمن ايضا لا يعود مجرد اطار ساكن انما يصير قاعدة للمسار العام وجزءا اساسيا من البنية الداخلية للقصيدة.
فلنستمع الآن الى بعض المقاطع من شعر هذه المرحلة، وأبدأ بملحمة "احمد الزعتر" يقول محمود:


ليدين من حجر وزعتر
هذا النشيد.. لأحمد المنسي بين فراشتين
مضت الغيوم وشردتني
ورمت معاطفها الجبال وخبأتني
نازلا من نحلة الجرح القديم الى تفاصيل
البلاد وكانت السنة انفصال البحر عن مدن
الرماد وكنت وحدي
ثم وحدي
آه يا وحدي! وأحمد
كان اغتراب البحر بين رصاصتين
مخيما ينمو وينجب زعترا ومقاتلين
وساعدا يشتد في النسيان
ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي
وأرصفة بلا مستقبلين وياسمين..
....
في كل شيء كان احمد يلتقي بنقيضه
عشرين عاما كان يسأل
عشرين عاما كان يرحل
عشرين عاما لم تلده امه الا دقائق في اناء الموز
وانسحبت
يريد هوية فيصاب بالبركان
سافرت الغيوم وشردتني
ورمت معاطفها الجبال وخبأتني

هذا المقطع الذي قبسناه يشي بما تقدم يشي بالتجريد "نازلا من نحلة الجرح" "لم تلده امه الا دقائق في اناء الموز" ويشي ايضا بالبناء الدرامي المتلاحم وبالصور المتوالدة المركبة وبالترميز وما ينتج عنه. كما ان المقطع والذي بعده يزخران بالتوتر – يريد هوية فيصاب بالبركان.
  رد مع اقتباس
قديم 21/08/2009   #123
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


يستمر محمود قائلا، لا بل راويا:

"راح احمد يلتقي بضلوعه ويديه كان الخطوة – النجمة/ ومن المحيط الى الخليج- من الخليج الى المحيط/ كانوا يعدون الرماح/ واحمد العربي يصعد كي يرى حيفا ويقفز/ احمد الآن الرهينة/ تركت شوارعها المدينة، أتت اليه/ لتقتله/من الخليج الى المحيط، من المحيط الى الخليج/ كانوا يعدون الجنازة/ وانتخاب المقصلة.
انا احمد العربي – فليأت الحصار/ جدي هو الاسوار – فليأت الحصار/ وانا حدود النار – فليأت الحصار/ وأنا احاصركم/ احاصركم/ وصدري باب كل الناس فليأت الحصار.

ما يجعل هذه المطولة جميلة تهز قارئها او متلقيها هو تعدد الاصوات فيها وثنائية الخطاب القصصي كما في المقطع التالي:

يا ايها الولد المكرس للندى/ قاوم!/ يا ايها البلد – المسدس في دمي/ قاوم/ الآن اكمل فيك اغنيتي/ وأذهب في حصارك/ والآن اكمل فيك اسئلتي/ واولد من غبارك/ فاذهب الى قلبي تجد شعبي/ شعوبا في انفجارك. ويختتم محمود درويش هذه الملحمة بصوت يصرخ ألما وحلما وبنبرة "واثقة" حيث يقول: كتبتْ مراثيها الطيور وشردتني/ورمت معاطفها الحقول وجمعتني/ فاذهب بعيدا في دمي! واذهب بعيدا في الطحين/ لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين.
يا احمد اليومي!/ يا اسم الباحثين عن الندى وبساطة الاسماء/ يا اسم البرتقالة/ يا احمد العادي!/ كيف محوتَ هذا الفارق اللفظي بين الصخر والتفاح/ بين البندقية والغزالة!/ لا وقت للمنفى واغنيتي/ سنذهب في الحصار/ حتى نهايات العواصم/فاذهب عميقا في دمي/ اذهب براعم/ واذهب عميقا في دمي/ اذهب خواتم/ واذهب عميقا في دمي/ اذهب سلالم/ يا احمد العربي قاوم!
فاذهب عميقا في دمي واذهب عميقا في الطحين/ لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين.

ثم يتبدل الصوت وتتبدل النبرة فيخاطبنا الشاعر عن احمد الزعتر ويقول:

وله انحناءات الخريف/ له وصايا البرتقال/ له القصائد في النزيف/ له تجاعيد الجبال/ له الهتاف/ له الزفاف/ له المجلات الملونة/ المراقي المطمئنة/ ملصقات الحائط/ العَلم/ التقدم/ فرقة الانشاد مرسوم الحداد/ وكل شيء كل شيء كل شيء/ حين يعلن وجهه للذاهبين الى ملامح وجهه.
يا أحمد المجهول!/ كيف سكتنا عشرين عاما واختفيت/ يا احمد السري مثل النار والغابات/ اشهر وجهك الشعبي فينا/ واقرأ وصيتك الاخيرة؟/
أخي احمد!
وأنت العبد والمعبود والمعْبد
متى تشهد
متى تشهد
متى تشهد؟

واذا انتقلنا الى "قصيدة بيروت" سنجد نفس الظواهر والسمات التي وجدناها في "احمد الزعتر"، بمعنى سنجد وتلاقي الاضداد والنص الملحمي والصور المركبة والتجريد والزخم والتناص والاتكاء على الرمز، فلنسمع مقاطع منها، تقطر حزنا لأنه سيفارق المدينة التي احب يقول:

تفاحة للبحر، نرجسة الرخام/ فراشة غجرية. بيروت شكل الروح في المرآة/ وصف المرأة الاولى، ورائحة الغمام/ بيروت من تعب ومن ذهب، واندلس وشام/ فضة. زبد. وصايا الارض في ريش الحمام/ وفاة سنبلة. تشرد نجمة بيني وبين حبيبتي بيروت/ لم اسمع دمي من قبل ينطق باسم عاشقة تنام على دمي.. وتنام/ من مطر على البحر اكتشفنا الاسم، من طعم الخريف وبرتقال القادمين من الجنوب، كأننا اسلافنا نأتي الى بيروت كي نأتي الى بيروت.
من مطر بنينا كوخنا، والريح لا تجري فلا نجري، كأن الريح مسمار على الصلصال تحفر قبوَنا فننام مثل النمل في القبو الصغير كأننا كنا نغني خلسة/ بيروت خيمتنا/ بيروت نجمتنا/ سبايا نحن في هذا الزمان الرخو/ أسلمنا الغزاة الى اهالينا/ فما كدنا نعض الارض حتى انقض حامينا على الاعراس والذكرى فوزعنا اغانينا على الحراس/ من ملك على عرش/ الى ملك على نعش/ سبايا نحن في هذا الزمان الرخو/ لم نعثر على شبه "نهائي" سوى دمنا/ ولم نعثر على ما يجعل السلطان شعبيا/ ولم نعثر على ما يجعل السجان وديا/ ولم نعثر على شيء يدل على هويتنا/ سوى دمنا الذي يتسلق الجدران/ ننشد خلسة بيروت خيمتنا/ بيروت نجمتنا.
هذه المرارة القاسية التي تفوح في ارجاء القصيدة هي المسيطرة ولكنها تنفرج في النهاية وتنفتح على الاصرار حيث يقول:

احرقنا مراكبنا، وعلقنا كواكبنا على الاسوار
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:
بيروت تفاحة/ والقلب لا يضحك/ وحصارنا واحة/ في عالم يهلك/ سنرقّص الساحة/ ونزوّج الليلك.
ثم يقول:

لم نولد لنسأل: كيف تم الانتقال الفذ مما ليس عضويا الى العضوي؟ لم نولد لنسأل:
قد وُلدنا كيفما اتفق/ انتشرنا كالنمال على الحصيرة/ ثم اصبحنا خيولا تسحب العربات/ نحن الواقفين على خطوط النار/ احرقنا زوارقنا/ وعانقنا بنادقنا/ سنوقظ هذه الارض التي استندت الى دمنا/ سنوقظها، ونخرج من خلاياها ضحايانا/ سنغسل شعرهم بدموعنا البيضاء/ نسكب فوق ايديهم حليب الروح كي يستيقظوا/ ونرش فوق جفونهم اصواتنا:
قوموا ارجعوا للبيت يا احبابنا/ عودوا الى الريح التي استلت جنوب الارض من اضلاعنا/ عودوا الى البحر الذي/ لا يذكر الموتى ولا الاحياء/ عودوا مرة اخرى/ فلم نذهب وراء خطاكم عبثا/ مراكبنا هنا احترقت/ وليس سواكم ارض ندافع عن تعرجها وحنطتها/ سندفع عنكم النسيان، نحميكم/ بأسلحة صككناها لكم من عظم ايديكم/ نسيجكم بجمجمة لكم/ وبركبة زلقت/ فليس سواكم ارض نسمّر فوقها اقدامنا/ عودوا لنحميكم/ ولو انا على حجر ذبحنا/ لن نغادر ساحة الصمت التي سوّت اياديكم/ سنفديها ونفديكم.
ثم يختتم بقوله:

نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي: لن نترك الخندق/ حتى يمر الليل/ بيروت للمطلق/ وعيوننا للرمل/ في البدء لم نخلق/ في البدء كان القول/ والآن في الخندق/ ظهرت سمات الحمل.
وبعد خروج الفلسطينيين من بيروت يطل محمود درويش مع ملحمة رائعة هي "مديح الظل العالي" وهي تحتوي ايضا على نفس موتيفات وتقنيات القصائد السابقة، يقول فيها:

بحرلأيلول الجديد/ خريفنا يدنو من الابواب
بحر للنشيد المر. هيأنا لبيروت القصيدة كلها
بحر لمنتصف النهار/ بحر لرايات الحمام، لظلنا، لسلاحنا الفردي/ بحر للزمان المستعار/ ليديكَ، كم من موجة سرَقتْ يديك/ من الاشارة وانتظاري
ضع شكلنا للبحر. ضع كيس العواصف عند اول صخرة
واحمل فراغك... وانكساري
.. واستطاع القلب ان يرمي لنافذة تحيته الاخيرة،
واستطاع القلب ان يعوي، وان يعد البراري
بالبكاء الحر
ثم يقول مخاطبا الفلسطيني المقاوم:

خذ بقاياك، اتخذني ساعدا في حضرة الاطلال. خذ قاموس ناري وانتصر/ في وردة ترمى عليك من الدموع/ ومن رغيف يابس، حاف وعار/ وانتصر في آخر التاريخ/ لا تاريخ الا ما يؤرخه رحيلك في انهياري/ قلنا لبيروت القصيدة كلها، قلنا لمنتصف النهار/ بيروت قلعتنا/ بيروت دمعتنا/ ومفتاح لهذا البحر/ كنا نقطة التكوين/ كنا وردة السور الطويل وما تبقى من جدار/ ماذا تبقى منك غير قصيدة الروح المحلق في الدخان قيامة وقيامة بعد القيامة.
خذ نثاري/ وانتصر فيما يمزق قلبك العاري/ ويجعلك انتشارا للبذار/ قوسا يلم الارض من اطرافها جرسا لما ينساه سكان القيامة من معانيك.
انتصر/ ان الصليب مجالك الحيوي، مسراك الوحيد من الحصار الى الحصار.
بحر لأيلول الجديد. وأنت ايقاع الحديد تدقني سحُبا على الصحراء، فلتمطره لأسحب هذه الارض الصغيرة من إساري.
لا شيء يكسرنا/ وتنكسر البلاد على اصابعنا كفخار، وينكسر المسدس من تلهفك. انتصر، هذا الصباح، ووحد الرايات والامم الحزينة والفصول بكل ما اوتيت من شبق الحياة،
بطلقة الطلقات/ باللاشيء/ وحدنا بمعجزة فلسطينية..
بيروت قصتنا/ بيروت غصتنا/ وبيروت اختبار الله/ جربناك جربناك. من اعطاك هذا اللغز؟ من سمّاك؟
وفي مقطع آخر منها يهاجم الحكام العرب الذين وقفوا متفرجين على جراح الفلسطيني وموته يقول:

هي هجرة اخرى/ فلا تكتب وصيتك الاخيرة والسلاما/ سقط السقوط، وأنتَ تعلو/ فكرة/ ويدا/ و... شاما!
كسروكَ، كم كسروك كي يقفوا على ساقيك عرشا
وتقاسموك وأنكروك وخبؤوك وأنشؤوا ليديك جيشا
حطّوك في حجر.. وقالوا: لا تسلّم/ ورموك في بئر وقالوا: لا تسلم/ وأطلت حربك، يا ابن امي، الف عام الف عام، الف عام في النهار/ فأنكروك لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرار.
ثم يجلد العرب على تقصيرهم وخياناتهم فيقول:

نحن البداية والبداية والبداية. كم سنة
وأنا التوازن بين ما يجب؟/ كنا هناك. ومن هنا ستهاجر العرب/ لعقيدة اخرى وتغترب
قصب هياكلنا/ وعروشنا قصب/ في كل مئذنة حاو ومغتصب/ يدعو لأندلس/ ان حوصرت حلب.
وأنهي بهذا المقطع الذي يلخص مأساة الفلسطيني، يقول محمود في نفس القصيدة:

"وطني حقيبة/ وحقيبتي وطني/ ولكن... لا رصيف، ولا جدار/ لا ارض تحتي كي اموت كما اشاء/ ولا سماء حولي/ لأثقبها وادخل في خيام الانبياء.


واخيرا هذا هو شعر درويش في المرحلة الثانية مرحلة المنفى والحصار والخروج من بيروت. وقد رأينا كيف تطور هذا الشعر وانفتح ليعانق كل تقنيات القصيدة الحديثة مع محافظته على الموسيقا والايقاع وهذه هي فرادة محمود وتفرده وتميزه
  رد مع اقتباس
قديم 21/08/2009   #124
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي قصيدة بيروت


بيروت من تعب ومن ذهب، وأندلس وشام .

فضّة، زبد، وصايا الأرض في ريش الحمام.

وفاة سنبلة، تشرّد نجمة بيني وبين حبيبتي بيروت .

لم أسمع دمي من قبل ينطق باسم عاشقة تنام على دمي... و تنام ...

من مطر على البحر اكتشفنا الإسم، من طعم الخريف وبرتقال

القادمين من الجنوب، كأنّنا أسلافنا نأتي إلى بيروت كي نأتي إلى

بيروت ...

من مطر بنينا كوخنا، والريح لا تجري فلا نجري، كأنّ الريح

مسمار على الصلصال، تحفر قبونا فننام مثل النمل في القبو

الصغير

كأننا كنا نغنيّ خلسة :

بيروت خيمتنا

بيروت نجمتنا

سبايا نحن في هذا الزمان الرخو

أسلمنا الغزاة إلى أهالينا

فما كدنا نعضّ الأرض حتى انقضّ حامينا

على الأعراس و الذكرى فوزّعنا أغانينا على الحرّاس

من ملك على عرش

إلى ملك على نعش

سبايا نحن في هذا الزمّان الرخو

لم نعثر على شبه نهائي سوى دمنا

و لم نعثر على ما يجعل السلطان شعبيّا

و لم نعثر على ما يجعل السجان وديا

و لم نعثر على شيء يدلّ على هويتنا

سوى دمنا الذي يتسلّق الجدران ...

ننشد خلسة:

بيروت خيمتنا

بيروت نجمتنا

...و نافذة تطلّ على رصاص البحر

يسرقنا جميعا شارع و موشّح

بيروت شكل الظلّ

أجمل من قصيدتها و أسهل من كلام الناس

تغرينا بداية مفتوحة و بأبجديات جديدة :

بيروت خيمتنا الوحيدة

بيروت نجمتنا الوحيدة

هل تمددنا عل صفصافها لنقيس أجسادا محاها البحر عن أجسادنا

جئنا إلى بيروت من أسمائنا الأولى

نفتّش عن نهايات الجنوب و عن وعاء القلب ...

سال القلب سال ...

و هل تمدّدنا على الأطلال كي نون الشمال بقامة الأغلال؟

مال الظلّ مال عليّ، كسّرني و بعثرني

و طال الظلّ طال...

ليسرو الشجر الذي يسرو ليحملنا من الأعناق

عنقودا من القتلى بلا سبب...

و جئنا من بلاد لا بلاد لها

و جئنا من يد ألفصحى و من تعب...

خراب هذه الأرض التي تمتدّ من قصر الأمير إلى زنازننا

و من أحلامنا الأولى إلى... حطب

فأعطينا جدارا واحدا لنصيح يا بيروت!

أعطينا جدارا كي نرى أفقا و نافذة من اللهب

و أعطينا جدارا كي نعلّق فوقه سدوم

التي انقسمت إلى عشرين مملكة

لبيع النفط ...و العربي

و أعطينا جدارا واحدا

لنصيح في شبه الجزيرة :

بيروت خيمتنا الأخيرة

بيروت نجمتنا الأخيرة

أفقّ رصاصيّ تناثر في الأفق

طرقّ من الصدف المجوّف... لا طرق

و من المحيط إلى الجحيم

من الجحيم إلى الخليج

و من اليمين إلى اليمين إلى الوسط

شاهدت مشنقة فقط

شاهدت مشنقة بحبل

واحد

من أجل مليوني عنق !

بيروت! من اين الطريق إلى نوافذ قرطبة

أنا لا أهاجر مرتّين

و لا أحبّك مرتين

و لا أرى في البحر غير البحر ...

لكنيّ أحوّم حول أحلامي

و أدعو الأرض جمجمة لروحي المتعبة

و أريد أن أمشي

لأمشي

ثم أسقط في الطريق

إلى نوافذ قرطبة

بيروت شاهدة على قلبي

و أرحل عن شوارعها و عنيّ

عالقا بقصيدة لا تنتهي

و أقول ناري لا تموت ...

على البنايات الحمام

على بقاياها السلام...

أطوي المدينة مثلما أطوي الكتاب

و أحمل الأرض الصغيرة مثل كيس من سحاب

أصحو و أبحث في ملابس جثتي عنيّ

فنضحك: نحن ما زلنا على قيد الحياة

وسائر الحكّام

شكرا للجريدة لم تقل أني سقطت هناك سهوا...

أفتح الطرق الصغيرة للهواء و خطوتي و الأصدقاء العابرين

و تاجر الخبز الخبيث، و صورة البحر الجديدة

شكرا لبيروت الضباب

شكرا لبيروت الخراب ...

تكسّرت روحي، سأرمي جثّتي لتصيبني الغزوات ثانية

و يسلمني الغزاة إلى القصيدة...

أحمل اللغة المطيعة كالسحابة

فوق أرصفة القراءة و الكتابة:

"إن هذا البحر يترك عندنا آذانه و عيونه "

و يعود نحو البحر بحريّا

...و أحمل أرض كنعان التي اختلف الغزاة على مقابرها

و ما اختلف الرواة على الذي اختلف الغزاة عليه

من حجر ستنشأ دولة الغيتو

و من حجر سننشيء دولة العشّاق

أرتجل الوداع

و تغرق المدن الصغيرة في عبارات مشابهة

و ينمو الجرح فوق الرمح أو يتناوبان عليّ

حتى ينتهي هذا النشيد...

و أهبط الدرج الذي لا ينتهي بالقبو و الأعراس

أصعد مرة أخرى على الدرج الذي لا ينتهي بقصيدة ...

أهذي قليلا كي يكون الصحو و الجلاّد...

أصرخ: أيّها الميلاد عذّبني لأصرخ أيّها الميلاد...

من أجل التداعي أمتطي درب الشآم

لعلّ لي رؤيا

و أخجل من صدى الأجراس و هو يجيئني صدأ

و أصرخ في أثينا: كيف تنهارين فينا؟

ثم أهمس في خيام البدو :

وجهي ليس حنطيّا تماما و العروق مليئة بالقمح...

أسأل آخر الإسلام :

هل في البدء كان النفط

أم في البدء كان السخط ؟

أهذي ،ربمّا أبدو غريبا عن بني قومي

فقد يفرنقع الشعراء عن لغتي قليلا

كي أنظفها من الماضي و منهم...

لم أجد جدوى من الكلمات إلا رغبة الكلمات

في تغيير صاحبها ...

وداعا للذي سنراه

للفجر الذي سيشقّنا عمّا قليل

لمدينة ستعيدنا لمدينة

لتطول رحلتنا و حكمتنا

وداعا للسيوف و للنخيل

لحماية ستطير من قلبين محروقين بالماضي

إلى سقف من القرميد ...

هل مرّ المحارب من هنا

كقذيقة في الحرب؟

هل كسرت شظاياه كؤوس الشاي في المقهى؟

أرى مدنا من الورق المسلح بالملوك و بدلة الكاكي ؟

أرى مدنا تتوج فاتحيها

و الشرق عكس الغرب أحيانا

و شرق الغرب أحيانا

و صورته و سلعته...

أرى مدنا تتوّج فاتحيها

و تصدّر الشهداء كي تستورد الويسكي

و أحدث منجزات الجنس و التعذيب ...

هل مرّ المحارب من هنا

كقذيفة في الحرب؟

هل كسرت شظايا كؤوس الشاي في المقهى ؟

أرى مدنا تعلّق عاشقيها

فوق أغصان الحديد

و تشرّد الأسماء عند الفجر...

...عند الفجر يأتي سادن الصنم الوحيد

ماذا نودّع غير هذا السجن ؟

ماذا يخسر السجناء؟

نمشي نحو أغنية بعيدة

نمشي إلى الحرية الأولى

فنلمس فتنة الدنيا لأول مرة في العمر ...

هذا الفجر أزرق

و الهواء يرى و يؤكل مثل حبّ التين

نصعد

واحدا

و ثلاثة

مائة

و ألفا

باسم شعب نائم في هذه الساعات

عند الفجر عند الفجر، نختتم القصيدة

و نرتب الفوضى على درجات هذا الفجر

بوركت الحياة

و بورك الأحياء

فوق الأرض

لا تحت الطغاة

تحيا الحياة !

تحيا الحياة !

قمر على بعلبك

ودم على بيروت

يا حلو، من صبّك

فرسا من الياقوت!

قل لي، و من كبّك

نهرين في تابوت!

يا ليت لي قلبك

لأموت حين أموت

...من مبنى بلا معنى إلى معنى بلا مبنى".

وجدنا الحرب ...

هل بيروت نرآه لنكسرها و ندخل في الشظايا

أم مرايا نحن يكسرنا الهواء؟

تعال يا جندي حدثني عن الشرطيّ:

هل أوصلت أزهاري إلى الشبّاك ؟

هل بلّغت صمتي للذين أحبّهم و لأول الشهداء؟

هل قتلاك ماتوا من أجلي و أجل البحر ...

أم هجموا عليّ وجرّدوني من يد امرأة

تعدّ الشاي لي و النّاي للمتحاربين ؟

و هل تغيّرت الكنيسة بعدما خلعوا على المطران زيّا عسكريا؟

أم تغيّرت الفريسة ؟

هل تغيرت الكنيسة

أم تغيّرنا؟

شوارع حولنا تلتفّ

خذ بيروت من بيروت، وزّعها على المدن

النتيجة: فسحة للقبو

ضع بيروت في بيروت ،واسحبها من المدن

النتيجة: حانة للهو

...نمشي بين قنبلتين

_هل نعتاد هذا الموت ؟

_هل تعرف القتلى جميعا؟

_أعرف العشّاق من نظراتهم

و أرى عليها القاتلات الراضيات بسحرهن و كيدهن

..و ننحني لتمر قنبلة؟

نتابع ذكريات الحرب في أيامها الأولى

_ترى، ذهبت قصيدتنا سدى

_لا... لا أظنّ

_إذن، لماذا تسبق الحرب القصيدة

_نطلب الإيقاع من حجر فلا يأتي

و للشعراء آلهة قديمة

...و تمرّ قنبلة، فندخل حانة في فندق الكومودور

_يعجبني كثيرا صمت رامبو

أو رسائله التي نطقت بها إفريقيا

_و خسرت كافافي

_لماذا

_قال لي: لا تترك الاسكندرية باحثا عن غيرها

_ووجدت كافكا تحت جلدي نائما

و ملائما لعباءة الكابوس ،و البوليس فينا

_ارفعوا عنيّ يدي

_ماذا ترى في الأفق؟

_أفقا آخرا

_هل تعرف القتلى جميعا ؟

_و الذيت سيولدون...

سيولدون

تحت الشجر

و سيولدون

تحت المطر

و سيولدون

من الحجر

و سيولدون

من الشظايا

يولدون

من المرايا

يولدون

من الزوايا

و سيولدون

من الهزائم

يولدون

من الخواتم

يولدون

من البراعم

و سيولدون

من البداية

يولدون

من الحكاية

يولدون

بلا نهاية

و سيولدون، و يكبرون، و يقتلون ،

و يولدون، و يولدون، و يولدون

فسّر ما يلي :

بيروت ( بحر -حرب - حبر - ربح )

البحر : أبيض أو رصاصيّ و في إبريل أخضر ،

أزرق، لكنه يحمرّ في كل الشهور إذا غضب

و البحر : مال على دمي

ليكون صورة من أحبّ

الحرب : تهدم مسرحيتنا لتلعب دون نص أو كتاب

و الحرب : ذاكرة البدائيين و المتحضرين

و الحرب : أولها دماء

و الحرب : آخرها هواء

و الحرب : تثقب ظلّنا لتمرّ من باب لباب

الحبر : للفصحى و للضباط و المتفرجين على أغانينا

و للمستسلمين لمنظر البحر الحزين

الحبر : نمل أسود، أو سيّد

و الحبر : برزخنا الأمين

و الربح : مشتق من الحرب التي تنتهي

منذ ارتدت أجسادنا المحراث

منذ الرحلة الأولى إلى صيد الظباء

حتى بزوغ الاشتراكيين في آسيا و في إفريقيا!

و الربح : يحكمنا

يشردنا عن الأدوات و الكلمات

يسرق لحمنا

و يبيعه

بيروت أسواق على البحر

اقتصاد يهدم الإنتاج

كي يبني المطاعم و الفنادق ...

دولة في شارع أو شقّة

مقهى يدور كزهرة العبّاد نحو الشمس

وصف للرحيل و للجمال الحرّ

فردوس الدقائق

مقعد في ريش عصفور

جبال تنحني للبحر

بحر صاعدة نحو الجبال

غزالة مذبوحة بجناح دوريّ

و شعب لا يحب الظل

بيروت_ الشوارع في سفن

بيروت_ ميناء لتجميع المدن

دارت علينا و استدارت .أدبرت و استدبرت

هل غيمة أخرى تخون الناظرين إليك يا بيروت؟

هندسة تلائم شهوة الفئة الجديدة

طحلب الأيام بين المدّ و الجزر

النفايات التي طارت من الطبقات نحو العرش ...

هندسة التحلّل و التشكّل

واختلاط السائرين على الرصيف عشيّة الزلزال...

دارت و استدارت

هندسيّتها خطوط العالم الآتي إلى السوق الجديد

يُشترى و يباع. يعلو ثم يهبط مثل أسعار الدولار

و أونصة الذهب التي تعلو و تهبط وفق أسعار الدم الشرقيّ

لا... بيروت بوصلة المحارب...

نأخذ الأولاد نحو البحر كي يثقوا بنا...

ملك هو الملك الجديد...
  رد مع اقتباس
قديم 21/08/2009   #125
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


وصوت فيروز الموزّع بالتساوي بين طائفتين

يرشدنا إلى ما يجعل الأعداء عائلة

و لبنان انتظار بين مرحلتين من تاريخنا الدمويّ

_هل ضاق الطريق

و من خطاك الدرب يبدأ يا رفيق ؟

_محاصر بالبحر و الكتب المقدسة

_انتهينا؟

_لا. سنصمد مثل آثار القدامى

مثل جمجمة على الأيام نصمد

كالهواء و نظرة الشهداء نصمد...

يخلطان الليل بالمتراس. ينتظران ما لا يعرفان

يخبّئان العالم العربيّ في مزق تسمّى وحدة...

يتقاسمان الليل :

_ليلى لا تصدّقني

و لكني أصدّق حلمتيها حين تنتفضان ...

أغرتني بمشيتها الرشيقة :

أيطلا ظبي ،و ساق غزالة، و جناح شحرور، وومضة شمعدان

كلّما عانقتها طلبت رصاصا طائشا

_ملك هو الملك الجديد

إلى متى نلهو بهذا الموت ؟

_لا أدري، و لكنّا سنحرس شاعرا في المهرجان

_لأيّ حزب ننتمي ؟

_حزب الدفاع عن البنوك الأجنبية واقتحام البرلمان

_إلى متى تتكاثر الأحزاب، و الطبقات قلّت يا رفيق الليل؟

_لا أدري ،

و لكن ربما أقضي عليك، و ربما تقضي عليّ

إذا اختلفنا حول تفسير الأنوثة...

_إنها الجمر الذي يأتي من الساقين

يحرقنا

_هي الصدر الذي يتنفّس الأمواج

يغرقنا

_هي العينان حين تضيّعان بداية الدنيا

_هي العنق الذي يشرب

_هي الشفتان حين تناديان الكوكب المالح

_هي الغامض

هي الواضح

_سأقتلك.المسدّس جاهز.ملك هو الملك ،

المسدّس جاهز.

بيروت شكل الشكل

هندسة الخراب...

الأربعاء .السبت .بائعة الخواتم

حاجز التفتيش. صيّاد. غنائم

لغة و فوضى. ليلة الإثنين .

قد صعدوا السلالم

و تناولوا أرزاقهم. من ليس منّا

فهو من عرب و عاربة .سوالم

يوم الثلاثاء. الخميس. الأربعاء.

و تأبطوا تسعين جيتارا و غنّوا

حول مائدة الشواء الآدمي

قمر على بعلبك

و دم على بيروت

يا حلو، من صبّك

فرسا من الياقوت

قل لي، و من كبّك

نهرين في تابوت

يا ليت لي قلبك

لأموت حين أموت ...

...أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار.

نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:

بيروت تفّاحة

و القلب لا يضحك

و حصارنا واحة

في عالم يهلك

سنرقّص الساحة

و نزوج الليلك

أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار

لم نبحث عن الأجداد في شجر الخرائط

لم نسافر خارج الخبز النقيّ و ثوبنا الطينيّ

لم نرسل إلى صدف البحيرات القديمة صورة الآباء

لم نولد لتسأل: كيف تمّ الانتقال الفذّ مما ليس عضويا

إلى العضوي؟

لم نولد لتسأل ...

لم نولد لتسأل ...

قد ولدنا كيفما اتفق

انتشرنا كالنمال على الحصيرة

ثم أصبحنا خيولا تسحب العربات...

نحن الواقفين على خطوط النار

أحرقنا زوارقنا، و عانقنا بنادقنا

سنوقظ هذه الأرض التي استندت إلى دمنا

سنوقظها، و نخرج من خلاياها ضحايانا

سنغسل شعرهم بدموعنا البيضاء

نسكب فوق أيديهم حليب الروح كي يستيقظوا

و نرش فوق جفونهم أصواتنا:

قوموا ارجعوا للبيت يا أحبابنا

عودوا إلى الريح التي اقتلعت جنوب الأرض من أضلاعنا

عودوا إلى البحر الذي لا يذكر الموتى و لا الأحياء

عودوا مرة أخرى

فلم نذهب وراء خطاكم عبثا

مراكبنا هنا احترقت

و ليس سواكم أرض ندافع عن تعرّجها و حنطتها

سندفع عنكم النسيان، نحميكم

بأسلحة صككمناها لكم من عظم أيديكم

نسيجكم بجمجمة لكم

و بركة زلقت

فليس سواكم أرضا نسمّر فوقها أقدامنا...

عودوا لنحميكم...

"و لو أنّا على حجر ذبحنا "

لن نغادر ساحة الصمت التي سوت أياديكم

سنفديها و نفديكم

مراكبنا هنا احترقت

و خيّمنا على الريح التي اختنقت هنا فيكم

و لو صعدت جيوش الأرض هذا الحائط البشريّ

لن نرتدّ عن جغرافيا دمكم.

مراكبنا هنا احترقت

و منكم... من ذراع لن تعانقنا

سنبني جسرنا فيكم

شوتنا الشمس

أدمتنا عظام صدوركم

حفت مفاصلنا منافيكم

"و لو أنّا على حجر ذبحنا"

لن نقول" نعم"

فمن دمنا إلى دمنا حدود الأرض

من دمنا إلى دمنا

سماء عيونكم و حقول أيديكم

نناديكم

فيرتدّ الصدى بلدا

نناديكم

فيرتد الصدى جسدا

من الأسمنت

نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:

لن تنرك الخندق

حتى يمرّ الليل

بيروت للمطلق

و عيوننا للرمل

في البدء لم نخلق

في البدء كان القول

و الآن في الخندق

ظهرت سمات الحمل

تفّاحة في البحر، إمرأة الدم المعجون بالأقواس ،

شطرنج الكلام،

بقيّة الروح ،استغاثات الندى ،

قمر تحطّم فوق مصطبة الظلام

بيروت، و الياقوت حين يصيح من وهج على ظهر الحمام

حلم سنحمله. و نحمله متى شئنا. نعلّقه على أعناقنا

بيروت زنبقة الحطام

و قبلة أولى. مديح الزنزلخت .معاطف للبحر و القتلى

سطوح للكواكب و الخيام

قصيدة الحجر. ارتطام بين قبرّتين تختبئان في صدر...

سماء مرّة جلست على حجر تفكّر ،

وردة مسموعة بيروت. صوت فاصل بين الضحية و الحسام .

ولد أطاح بكل ألواح الوصايا

و المرايا

ثم... نام ..

ثم... نام ..

ثم... نام ..

ثم... نام ..

ثم... نام ..

ثم... نام ..

ثم... نام ..

ثم... نام ..

ثم... نام ..
  رد مع اقتباس
قديم 22/08/2009   #126
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


المرحلة الثالثة - مرحلة الكون والانسان ونبش الذات

في هذه المرحلة وخاصة في باريس تزداد تجربة محمود درويش الشعرية غنى وثراء، فهو في وحدته هناك يملأ الوقت بالقراءة والتبصر في الذات الانسانية وفي الكون فيجنح شعره الى تغور الذات والنبش في خفاياها وفي خفايا الكون وحين يدهمه المرض ويضطر الى الرضوخ لعملية جراحية معقدة في قلبه ثم الى عملية اخرى ويستشعر محمود خطورة المرحلة في حياته وعلى حياته تزداد قراءاته وتزداد تأملاته في الحياة وفي الكون وفي القضية وفي النفس البشرية، فيمتلئ شعره بالفلسفة ويمتح من الثقافتين العربية والغربية، وحين يتاح له القدوم الى الوطن ورؤية البلاد من جديد ومقابلة الاهل والاصدقاء القدامى، ينفتح الجرح ويدفق قصائد رائعة تصور لهفته وحنينه ولكنها لهفة الفلسطيني التي لا تخلو من المرارة.

هذه الوحدة وهذا الانكفاء على الذات ولّدا شعرا معمّقا لا يتسكع على السطح ولا يحايئ الوجود من خارج بل يتغوره ويسبر خفاياه، في هذه المرحلة يخفت ايقاع القصائد ويجنح نحو ايقاع داخلي، متآلف متجانس ليعبر من خلاله محمود بصور مركبة تتوالد لولبيا عن مراراته وعن احساسه الداخلي بعبثية الحياة كما يعبر من خلاله عن مواجهة الموت. والموت كموتيف يرافق قصائد محمود في هذه المرحلة بشكل بارز،وقد كبس عليه الحنين في هذه المرحلة:

يقول محمود:


"امي تعدّ اصابعي العشرين عن بعد
تمشطني بخصلة شعرها الذهبي، تبحث
في ثيابي الداخلية عن نساء اجنبيات،
وترفو جوربي المقطوع، لم أكبر على يدها
كما شئنا: انا وهي، افترقنا عند منحدر
الرخام.. ولوّحت سحب لنا ولماعز
يرث المكان، وانشأ المنفى لنا لغتين
دارجة.. ليفهمها الحمام ويحفظ الذكرى
وفصحى.. كي افسر للظلال ظلالها (لماذا تركت الحصان وحيدا)

وفي مواجهته للموت يصر محمود على الحياة ويصر على فلسطينيته وعلى امتلاك الاشياء المنتزعة من ذاكرته ووجوده من ماضيه وحاضره ويقول:

"هذا البحر لي/ هذا الهواء الرطب لي/ هذا الرصيف وما عليه/ من خطاي وسائلي المنوي.. لي/ ومحطة الباص القديمة لي/ ولي شبحي وصاحبه/ وآنية النحاس وآية الكرسي، والمفتاح لي/ والباب والحراس والاجراس لي/ لي حذوة الفرس/ التي طارت عن الاسوار../ لي ما كان لي/ وقصاصة الورق التي انتزعت من الانجيل لي/ والملح من أثر الدموع على جدار البيت لي" (الجدارية)

وحين يحدث الانقسام في صفوف شعبه يتعذب محمود ويشعر ان كل ما بنيناه قد صار آيلا للسقوط فيطلق زفراته المؤثثة بالمرارة والمحملة بالكثير من العتاب واللوم ويقول:

"سنصير شعبا إن اردنا، حين يؤذَن للمغني ان يرتل آية من "سورة الرحمن" في حفل الزواج المختلط. سنصير شعبا حين نحترم الصواب، وحين نحترم الغلط" (أثر الفراشة)


وحين يعود الى حيفا عشيقته الاولى قبل وفاته، حين يمكث في الجليل فترة طويلة نسبيا لأنه كان يستشعر على ما يبدو قرب اجله يقول لحيفا:

"حيفا: يحق للغرباء ان يحبوك، وان ينافسوني على ما فيك، وان ينسوا بلادهم في نواحيك، مِن فرط ما انتِ حمامة تبني عشها على انف غزال! حيفا تقول لي: انتَ منذ الآن انتَ!" (اثر الفراشة)
يقترب الموت من محمود ويزداد استشعاره به فيزداد تأملا وتلبس قصائده حالة من العمق الصوفي والفلسفة الانسانية العميقة كقوله:


"الصمت اطمئنان الصاحب للصاحب/ وثقة الخيال بنفسه بين مطر وقوس قزح/ قوس قزح هو تحرش الوحي بالشاعر، بلا استئذان.. وافتتان الشاعر بنثر القرآن/ فبأي آلاء ربكما تكذبان/ وغائبان انا وانتَ، وحاضران انا وانت، وغائبان/ فبأيّ آلاء ربكما تكذبان" (في حضرة الغياب).
او كقوله:


"سيري ببطء، يا حياة، لكي اراك بكامل النقصان حولي، كم نسيتك في خضمك باحثا عني وعنك. وكلما ادركت سرا منك قلت بقسوة: ما اجهلك!/ قل للغياب: نقصتني/ وأنا حضرت لأكملك. (كزهر اللوز او ابعد)
في مطولته الاخيرة يرتفع السؤال حارقا عند محمود درويش "من انا؟ من أنا؟" لأنه لا يستطيع ان يخيب ظن العدم كما كان يحسب، وفعلا ينتصر هذا العدم في النهاية فيقول:

"كان يمكن لو كنت ابطأ في المشي ان تقطع البندقية ظلي عند الارزة الساهرة/ كان يمكن لو كنت اسرع في المشي، ان اتشظى وأصبح خاطرة عابرة/ كان يمكن، لو كنت اُسرف في الحلم ان افقد الذاكرة/ ومن حسن حظي اني أنام وحيدا فأصغي الى جسدي وأصدق موهبتي في اكتشاف الألم/ فأنادي الطبيب، قبيل الوفاة بعشر دقائق/ عشر دقائق تكفي لأحيا مصادفة وأخيب ظن العدم/ مَن انا لأخيب ظن العدم؟ من انا؟ من انا" (لاعب النرد).

في مرحلته الشعرية الاخيرة يصل محمود الى ما بعد الحداثة ويصل فيها الى تأملات تحاول ابداعيا ان تجد صيغا غير مألوفة لحوار الانسان مع نفسه، مع الطبيعة ومع الخالق، فالانسان هنا محور تدور حوله التناقضات والثنائيات.

في قصائده في هذه المرحلة يلتقي محمود درويش مع الفيلسوف "هيدجر" الذي قال: "اذا اردنا لأنفسنا ان نصل الى مرتبة الوجود الاصيل فلا بد لنا من ان نرتد الى ذواتنا لكي نأخذ على عاتقنا مسألة وجودنا". في شعر محمود درويش نلتقي مع مقولة الشاعرة والناقدة اميلي ركنسون التي تقول: "اذا ما بدأت اقرأ وشعرت ان قمة رأسي قد انتزعت، فانني حينئذ اقول ان ما اقرأه شعر".
وانتزاع قمة الرأس في شعر محمود يعني نجاحه في نقل مأزومه الينا لنصير وإياه واحدا ولندخل معه جرن التجارب ولنتعمد في المعاناة، او لم يقل تولستوي: "الفن عملية انسانية فحواها ان ينقل الانسان للآخرين واعيا مستعملا اشارات خارجية معينة الاحاسيس التي عاشها فتنتقل عدواها اليهم فيعيشونها ويجربونها".
ان شعر محمود درويش الدافق يشعرك انه قطعة منك، شعر جديد، له حقيقته الخاصة، حقيقة العالم الذي لا يعرف الذهن التقليدي ان يراه، ولكن الذي يراه ويكشف عنه هو الشاعر، فشعره في مرحلته الثالثة خصوصا يرى في الكون ما تحجبه عنا الالفة والعادة ويكشف وجه العالم المخبوء كما ويكشف عن علائق خفية ويستعمل لغة ومجموعة من المشاعر والتداعيات الملائمة للتعبير عن هذا كله، كما يقول "يوسف الخال" هذه هي بعض سرية شعر الدرويش، وهذا هو امتيازه في الخروج عن التقليدية، فقوامه شعر خلاق توليدي لا معنى سردي وصفي، أي قوامه الكشف عن عالَم يظل دائما في حاجة الى الكشف كما يقول "رينيه شار". من هنا يصير شعر الدرويش ذا خاصية تلتصق به تعني انه يعبر دائما عن قلق الانسان ابديا.

ومحمود شاعر شاعر يعرف كيف يوازن بين حدود اللغة قواعدها وأصولها واساليبها المتواررثة وبين الجديد، فهو شاعر موهوب يعترف بقواعد لغته واصولها وبمبادئ الاساليب المتأثرة بهذه اللغة المتوارثة في تاريخها الادبي، وفي الوقت ذاته يأخذ لنفسه قدرا كافيا من الحرية لتطويع هذه القواعد والاساليب لينفخ شخصيته فيها. يقول "روزنتال": "الشعر الجديد في اقوى دفقاته يعتمد على الصلة بالتقاليد وانجازاتها الجمالية، والطرافة في القصيدة ليست وحدها التي تحدد مدى اصالة الشاعر وانما ما يحددها كذلك قدرتها على الافادة من التراث الشعري. اذ لا نجد شعرا قديما له قيمته دون ان يكون له ما يمثله اليوم".

من هنا، ليس غريبا ان نجد اكثر الشعراء نشاطا – كما الحال مع الدرويش -، في مجال الابداع والتجربة هم كذلك اكثرهم تأثرا بصوت الماضي. فالماضي ليس عبئا بل مصدرا رائعا ذا معين لا ينضب، يقول تي.إس.اليوت: "نجد ان خير اجزاء القصيدة، بل نجد اكثرها تميزا، تلك التي تؤكد فيها آثار اسلاف الشاعر الموتى". وهذا يعني ان الدرويش كشاعر كان عليه في خلقه ان يجتاز عملية صراعية مع اللغة والاسلوب ليخرج سيدا منتصرا، لأنه في قدرة الشاعر – وهذا امتحانه – ان يتناول اللغة والطريقة المتوارثة ويرغمهما على التفاعل كمعنى مع المعنى الفردي والفريد الذي جاءت به تجربته، وهذا الشيء هو بالذات الذي يأسرنا في شعر الدرويش، فشعره بناء موضوعي ذو معنى ينعم بوجود خاص به وهذا البناء يتميز بثالوث الشعر العميق الجيد، اعني: "التضمين وتلاقي الاضداد والتلميح" لانه بالتضمين تكتسب القصيدة الجدة والطرافة وتعالج القضايا في ضوء تعقيداتها الحقيقية، وبتلاقي الاضداد تكتسب التوتر والزخم وترتفع عن مساق الكلام العادي، وبالتلميح تكتسب الضبابية والسرية اللتين تثيران في القارئ حب الاستطلاع والتشويق والتحدي والمغامرة في المجهول، وحجارة هذا البناء الموضوعي عند الدرويش الالفاظ لأنها في الشعر تؤدي الى ما وراء المعاني فتضاف اليها ابعاد جديدة وبذلك تتجدد وتحيا.
"ان ابرز مظاهر الفرق بين اسلوبي الشعر القديم والحديث ليست ناجمة كما هو الاعتقاد السائد عن التحول من التعبير الواضح الى لغة الاحاجي،وانما هي ناجمة عن انتقال من الصيغة الشكلية الى البساطة وصراحة التعبير. فالشعر الجيد يتصف بألفة لا صنعة فيها ولا تكلف وادراك لحقائق الحياة اليومية بصورة لم تكن معهودة من قبل"

كما يقول "روزنتال":

شعر الدرويش يتجه نحو التخلي عن الحادثة والوقائعية ويستخدم كلمات منزاحة "ليست وفقا لدلالاتها المألوفة، كما انه يتخلى عن الجزئية ليتبنى رؤيا للعالم ولكنها رؤيا ليست مباشرة.
يقول "مارلو": "الاثر الشعري الذي لا يكون الا شكلا من اشكال المديح والهجاء هو في الحقيقة ضد الشعر". لذلك الشعر عند الدرويش ليس انعكاسا بل فتحا، وليس رسما بل خلقا، الشعر عنده يتخلى عن الرؤية الافقية كما الشعر القديم الذي تمترس ووراء بستان من الالفاظ وتغطى بزخارف عديدة تركت لنا القصيدة اللعبة، القصيدة الجلية وتستّر بكابوس من التشبهات والاستعارات ليتغلّب على افقيته، لذلك ظل القديم على السطح كما يقول ادونيس، في شعر الدرويش لا نجد شعرا يتسكع على السطح ويعاني الوجود من خارج، بل يتحول الى محايأة هذا الوجود" كما يقول "امطانيوس ميخائيل".
شعر الدرويش وارتكازا على ما ذكر يقوم على تنافر بين الشاعر والواقع يوازيه تنافر بينه وبين القارئ، وهذا التنافر هو ابرز خصائص هذا الشعر، والتنافر شعريا هو الغرابة، و"الجميل غريب دائما" كما يقول "بودلير".
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 10:25 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.32855 seconds with 12 queries