أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > الشعر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 05/10/2006   #19
شب و شيخ الشباب chefadi
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ chefadi
chefadi is offline
 
نورنا ب:
May 2006
المطرح:
بيتي متل ورقة احترق
مشاركات:
544

افتراضي


انا بحب النكوشة

و هي كم قصيدة للكبير أبو عفش


قوسُ قزحِ الله!...

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


الإنسانُ شجرةُ آلامٍ وحيدةْ
حزينة، عارية، وتَسْبحُ في هواءٍ عارٍ!
يا ربُّ: لو أكونُ شجرةً... شجرةً حقيقية
تضحكُ، وتَسْبحُ، وتحلم، ولا تقولُ: "اجعلوني".
: الأشجارُ لا تُجعَل.
الأشجارُ: فقطْ... تحلم.
... ... ...
الأشجارُ تنهضُ على أكتافِ نفسها
تشربُ من ينابيعِ نفسها
وتحلمُ خلوداتِ نفسها...
: الأشجارُ خلودُ الأشجار.
*
... الأشجارُ خلودٌ بلا ذاكرة.
الذاكرة مقبرةُ الحياة
مقبرةٌ سيئةُ التأثيث
مليئةٌ بالبشرِ والأعمارِ والتوابيتِ
والممرَّاتِ... والنوافذِ المغلقةْ!
فإذنْ، يا ربُّ: احفظْني في ذاكرةٍ نظيفةْ.
احفظني في ذاكرةِ شجرةٍ–قلبْ.
احفظني جيداً وطويلاً
في ماء عطفكَ المملَّحِ: النسيانْ.
*
إن كنت تؤمن بي حقاً، يا إلهي...
فقلْ لهم – أحبابي – أن يقبروني على الحافَّةْ:
حافَّةِ الوقت... وحافَّةِ المكان.
بيَ شهوةٌ عاليةٌ للخلود على حافَّةْ...
شهوةُ موتٍ جميلٍ، عطوفٍ، كريمٍ... وأبيضْ.
مجرَّدُ شهوةِ ميْتْ:
شهوة موتٍ بيضاءْ!!...
... ... ...
إذنْ فامحُني.
إن كنتَ تؤمن بي حقاً
فامْحُني جيداً يا إلهي
اُمْحُ الأوراقَ، والغصونَ، والجذعَ، والدماغْ...
واْمحُ الترابَ أيضاً: بيتَ الموتِ التراب؛
امحها كلَّها... وكلِّي
لكنْ، دعْ لي جذري – جذرَ العذابِ الكريم
يتلألأُ في ظلامِ نفسِه.
دَعْهُ – جذري –
يواصل رحلتَهُ المتعثرةَ في هواءِ النور.
دعْهُ يحلم بثمرة نورْ
وورقةِ نورْ
وعَصْفَةِ نورْ
: دعهُ يحلمُ نوراً.
*
الثمرةُ بيضاءْ
الغصن أبيضْ
الأوراق بيضاءْ
الجذعُ أبيضْ
الأحلام بيضاءْ...
والهواءُ، والترابُ، والماءُ، والزرقةُ، وأيضاً الظلامْ: بيضاء كلُّها!
أنا ابنُ "الأبيض"
لهذا: ألواني كثيرةٌ، لألاءةٌ، مشرقةٌ، وتُغْبَط
أنا: قوسُ قزحِ الله...
خزينةُ الجمالِ التي لا تنفد.
أنا: حلمُ الكروانْ.
*
اجعلني إذنْ، يا إلهي، جذراً
يتدلَّى صاعداً
في هواءِ سماواتِ بِيْضْ.
اجعلني أبيضَ...
أبيض... بجميعِ الألوانْ.
...
أنا ابنُكَ، وحاجُّكَ، ومُنكِركَ، وابنُ عطفكَ،
ووريثُ نَدَمِكَ، وشهيدُكَ، وخادمُ نسيانكْ...
إذنْ: فاجعلني... ...
... ... ...
... ... ...
بابكَ مرفوعٌ على كلمةْ
وبابي أيضاً.
كلانا، إذ يَعْبُرُ، ينحني...
كلانا يقولُ: ضَعفْتُ، وتعذَّبتُ، وقَنِطْتُ،
وعانيتُ، وندمتُ، وتقوَّسَتْ روحي!
وحدها "الكلمةُ" تظلُّ هكذا...:
عاليةً، مستقيمةً، واصِلةً...
وحيَّةً (حيَّةً في بهجةِ الكروانْ...)
: الكلمةُ إلهةٌ مسموعةْ (مسموعةٌ ولا يُنصَتُ إليها!...)
الكلمةُ رباطُ دمنا السرِّيُّ والصريحْ
... رباطُ الأزمنةِ الذي لا ينقطع.
...
: كلانا صوتُ نورْ.
... إذنْ، فاجعلني... ...
*
اجعلني – إن شئتَ – ما شئتَ، وكيفما شئت.
أنت: ربَّما...
وأما أنا... فلا أندمْ.
:
"البياضُ: ما لا يُندَمُ عليه".
*
أنا بيتكَ، ومائدتك، وخبزكَ ونبيذك،
ومسعاكَ، ودربُ حقيقتكْ...
إذن: لا تَخَفْ عليكَ من مكيدةِ الموتْ
أنت خالدٌ في ما أراهُ وأحلمهُ
: خالدٌ في بياضِ حلمِ الكروان.

... وأنا: بيتيَ حيثُ تصدحُ كرواناتُ فجري
فتساعدني في حياكةِ الأحلام.
مائدتي أغنيةٌ، وهواءٌ، وشهوةُ بياضٍ بيضاءْ...
ومسعايَ: "أنا"
ولا حقيقة لي:
"الحقيقةُ بياضْ!..."
... ... ...
إذنْ: أبيضُ... وأبيضْ.
أبيض كما جعلتَني، وكما أحببتُ واشتهيتْ.
كلِّي أبيض:
جلدُ وحشي، وقرناي، ودمي، وحنينُ كرواناتي، وأظلافي، ونواجذي، وقلبي، وزعانفي، وأسلحتي، وخوفُ أعدائي، وحيرتي، وسوادُ عينيَّ، وعظامي، وثوبي، وعطشُ لساني، والظلامُ الذي أطرحُهُ فيما أنا أتَقوَّسُ لأعبر البوَّابةَ (أتقوَّسُ لأعبر...)
كلِّي، كلِّي أبيض، ومليءٌ بأحلامِ بياضي...
لهذا... لا أخافُ أن أتَلوَّث
: "البياضُ حقيقة...".
...
... ها أنا أَبلُغُ الحافَّةْ!
... ...
...
ليلة 30-31 كانون الأول 2001

إذا تعبت أضع رأسي على كتف قاسيون و أستريح و لكن إذا تعب قاسيون على كتف من يضع رأسه .......... المـــــــــــــــــــــا غوط
  رد مع اقتباس
قديم 05/10/2006   #20
شب و شيخ الشباب chefadi
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ chefadi
chefadi is offline
 
نورنا ب:
May 2006
المطرح:
بيتي متل ورقة احترق
مشاركات:
544

افتراضي


رعاةُ الدَّم

نزيه أبو عفش

ما أبغضَكم رعاةً!
تذبحون سلامَ الشجرة
وتُهينون سخاءَ المرأة
وتلوِّثون ضحكةَ بوذا–الورد...
بضحكةِ ذابحِ الورد.
... وتنامونَ على أمل! ...
... ... ...
ما أتعسَكم قدِّيسين!
تُجمِّلون بالصبرِ حيرةَ الملهوف
وبالكوابيسِ غفوةَ اليائس...
وتزرعون وردًا
على شرشفِ عروسٍ مذبوحة! ...
... ... ...
وما أمرَّكم! ...

كفى، وكفى...
مُوتوا لتشهدوا
كيف سيفيضُ النورُ على ضفافِ المقابر
ويطلعُ النرجسُ من دماغِ الصخرةِ اليائسة.
... ... ...
مُوتوا...
لتضحكَ الحياة.
***
12 ت 2، 2001

نصيحة الوردة

قال الجلاد! ... مُوتوا تَصِحَّوا...
قال القدِّيس تعذِّبوا...
قالت القسوة مجِّدوا
قال الخوف أطيعوا
قال التاريخ تذكَّروا
قال حانوتيُّ الأمل انسُوا
قالت السعادة ... ... وجُنُّوا
... ... ...
قال الألم! ... كونوا حكماء
قالت الفضيلة عميانًا
قال الشرُّ ... ... وأقوياء
قال الكذب متواضعين
قال الحقُّ خبثاء
قالت العدالة دهاةً
قال الموت شجعانًا
قالت الحياة. ... و: "أنتم"
... ... ...
: فقط، تداوَوْا بجمالي
قالتِ الخجولةُ – الوردة...
***
13 ت 2، 2001

كنيسة العطف

هيَّا، هيَّا، هيَّا...
على شرشفِ الأسرَّة
– بعرقِ الحبِّ وماءِ وردِ الجمال –
اكتبوا وصايا الحياةِ... للحياة.

هيئوا قذائفَ القرنفل
وألغامَ الموسيقى
... وهبُّوا إلى وليمةِ النور.

هيَّا، عيشوا
ذوِّبوا الفولاذَ بلُعابِ الورد
واطحنوا حديدَ الدباباتِ
بأسنانِ العصافير...
... وعيشوا.

حاربوا الندمَ والخوفَ والشجاعةَ
وأمراضَ العفَّة.
لا تُبقُوا وثنًا، ولا ضريحًا، ولا منصَّةَ بطولة.
انسفوا القلاعَ، والمعابدَ، والأقبيةَ، والمخافرَ،
والسجونَ، والخنادقَ، والمقابرَ،
والجسورَ الموصلةَ إلى المقابر...
وعمِّروا
كنيسةَ العطف
ومملكةَ
النباتات ... ... ...
*** *** ***
14 ت 2، 2001
  رد مع اقتباس
قديم 05/10/2006   #21
شب و شيخ الشباب chefadi
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ chefadi
chefadi is offline
 
نورنا ب:
May 2006
المطرح:
بيتي متل ورقة احترق
مشاركات:
544

افتراضي


ما قَبْلَ الأسبيرين

نزيه أبو عفش

فكِّرْ في الألمْ.
مثلما كان ميكلانجلو يفكِّرُ في عذابِ الصَّخرْ
فكِّرْ في الألم.
فكِّرْ في ضَجَرِ الدودةِ – عذراءِ الترابْ –
عاريةً وعزلاءَ
تنزلقُ في أنفاقِ يأسِها، وتأكلُ الظلامْ.
فكِّرْ في أحزان النباتاتْ,
في ما يتألَّمه الطائرُ،
وما تَشْقاهُ البذرةُ،
وما يحلمهُ عِرْقُ النباتِ المقطوع.
فكِّرْ في صُداعِ الحلزون:
(هل سبقَ لكَ أنْ فكَّرتَ في حلزونٍ يتألم؟ ...)
فكِّرْ في حيرةِ الأتانِ الخجولْ،
في صرخةِ مَخاضِها الداميةِ
تَنْدَلِقُ على فِراشِ أمومتها الأولى.
فكِّرْ في العِجْلةِ البتول، تحتَ ميزانِ موتها،
تَعْصُرُ الهواءَ بعينيها
وتتوسَّلُ حنانَ أخيها الجزَّار.
فكِّرْ في الألمْ.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّر في ضوضاء الآلام قبل أن تتحوَّل إلى فكرةْ
وفي غُصَّات الموسيقى قبل أن تصيرَ أغنيةَ عُرْس.
فكِّرْ في الدمعةِ اليابسة لأمِّ الجندي الميْت
تَصْرخُها أمامَ عدسةِ التاريخ:
"أنا فخورةٌ بموته..."
فكِّرْ في الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
لا أقولُ لكَ: ابْكِ.
لا أدعوكَ إلى قدَّاسِ شفقةٍ.
ولا أتوسَّلُ إليك: صلِّ لأجل هذا وهذا... ؛
لكنْ، فكِّرْ فحسب.
فكِّرْ قدْرَ ما تستطيع، وأعمقَ ما تستطيع.
فكِّرْ في أنكَ أنتَ الحلزونُ، والطائرُ،
والمرأةُ، وعِرْقُ النباتِ المقطوع.
بل وأكثرَ: كنْ – أنتَ – هذا وذاكَ وتلك.
فكِّرْ في أنكَ – أنتَ – مَن يتألَّم
وأنكَ – ربما بسبب الحياء –
لا تستطيع أن تقول: "أنا أتألم"
وأنكَ – أنتَ العاجز – إذْ تتضرَّعُ في السرِّ،
تتضرَّعُ إلى جدرانٍ وبَشَرٍ وأيقوناتٍ
ليس بمقدورها أن تشفيَ من الألم.
فكِّرْ في "أنت"... وفي الألم
وانتبِهْ: الألمُ ليس مجرَّدَ فكرةْ.
الألمُ مادَّة.
الألمُ ذاكرةُ العناصر.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّرْ، وآمِنْ بما تفكِّرُ فيه؛
إذْ... كيف لأحدنا أن يعرفْ؟! ...
ربما الهواءُ صرخةُ جُرْحِ الطائر
والظلامُ أنينُ الصخرة
والأخضرُ دمعةُ قلبِ النباتْ.
فكِّرْ
في
الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
ولا تستنجدْ بأحدٍ أو شيءْ.
ما تَصْرُخهُ لا يُسمَع
وما تُلوِّح به لا أحد يراه.
صرخةُ الألمِ: الصمت.
إذنْ...
فكِّرِ الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّرْ:
(ما قَبْلَ الأسبيرين...
أيامَ كان الناس يحلمونَ الحياةَ بأسنانهم
ويداوون آلامَ الموت بصرخاتِ قلوب اليائسين.
ما قبلَ الأسبيرين...
ما قبلَ اللغاتِ والرسائل والتعاويذ،
ما قبلَ الأسئلة الكبرى والرِّسالاتِ الكبرى،
ما قبلَ “Help me!” و"أنْجِدْني"
و"ضمِّدْ بحنانكَ عذابَ قلبي".
ما قبلَ الأسبيرين...
ما قبلَ النارِ, والطبولِ، والرايات،
وزجاجاتِ البحَّارة الهالكين
عائمةً على سقوفِ أوقيانوساتِ الموتْ...)
فكِّر في كوابيسِ تلك الأزمنة
وصيحاتِ أولئك الناس.
فكِّرْ في ألمِ الكائناتِ الضعيفةِ، العاجزةِ، المنذهلةِ،
البكماءْ.
فكِّرْ في هذا وهذا،
وفي ألمِ هذا وهذا.
تألَّمْ هذا وهذا وهذا،
لا كَمَنْ يشاركُ في وليمةِ نَدَمٍ أو وليمةِ عطفْ،
بلْ كمنْ يتألم نيابةً عن خليقةٍ بكاملها.
فكِّرِ الألم
فتكتشف اللغةَ الرسميةَ
لجدِّكَ العظيم: الله.
11 تموز 2003
*** *** ***
  رد مع اقتباس
قديم 05/10/2006   #22
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


حدا يبعت لليلى تنقل الموضوع عالشعر
وفعلا كتير حلو

انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
قديم 05/10/2006   #23
شب و شيخ الشباب كهربجي
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ كهربجي
كهربجي is offline
 
نورنا ب:
Feb 2006
المطرح:
in the dark room
مشاركات:
1,873

افتراضي


له له خلوه هون..

لأنو بالشعر الموضوع بتروح قيمتو.. بيضيع بالعجقة...

وأنا صار في علاقة غرامية مع هالموضوع جواتي

فوق طبعا عشقي لنزيه أبو عفش

I am you and what I see is me

اللي عم يشتغل مو فاضي يحكي كتير
  رد مع اقتباس
قديم 05/10/2006   #24
شب و شيخ الشباب كهربجي
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ كهربجي
كهربجي is offline
 
نورنا ب:
Feb 2006
المطرح:
in the dark room
مشاركات:
1,873

افتراضي


وشكرا كتييييييييييييييييرر لكل العالم المشاركة بالموضوع...

بعدين يا ريت اللي عندو قصيدة الله قريب من قلبي ينزلها هون
  رد مع اقتباس
قديم 07/10/2006   #25
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


ما يشبه كلاما أخيرا...(الجزء الاول)....





لم يكن نوراً..

كان شيئاً شبيهاً بما يصدم عينَ جنديٍّ خائف

قَذَفتْ به قنبلةٌ إلى قلب العماءْ.

لم تكن عدالةً..

كانتْ مأدبةَ سفاحين.

لم يكن هواءً..

كان دخاناً طائشاً يخرّشُ نسيجَ السماءْ.

لم تكنْ بلاداً.

لم يكنْ بستانَ سابلةٍ صالحاً لرفعِ أرجوحة

أو مدِّ فراشِ حبّ.

حتى ولم تكن أرضاً صالحةً لحراثةٍ.. أو سعيٍ..

أو تشييدِ مقبرهْ:

كان عماءً خالصاً.

كان عماءً فحسب.


وكان أمامي وحولي قضاةٌ فَتَكةٌ، وكهنةٌ يشحذونَ السيوفَ،

وبغايا عفيفاتُ الأعينِ والأهدابِ.. يُطيِّبْنَ شواربَهنَّ بماءِ

قرنفلٍ وشحومِ شهداءَ عاثري الحظّْ.

كنتُ أراهم فوق منصّتهم المرفوعةِ على الرماحِ وعظام ِ

الموتى، تحتَ أضواءَ كاشفةٍ ... وهديلِ ثكالى.. وصياح ِ

مهرّجينْ، يستعدّون لإصدار أوامرهم بإعدامي حرقاً حتى

الموت..

(وكأنما كان في القواميس ما ينصّ عل إعدام ٍ حتى الحياة!!..)

سيقول القضاةُ:

إنني لم أكنْ أومن أن الحريةَ تزدهر في ظلالِ المقاصلِ

والشمسَ تُشرق من قبور الأموات

والعبوديةَ أطيبُ من النبيذ والفوضى!...


سيقولون إنني... إلى آخره ِ.. إلى آخره ِ.. إلى آخره

فيما الكهنةُ يتمنون لي موتا ً سعيداً

ويباركون جبهتي بزيت ٍ مطَّيب ٍ بالأسيد ِ.... والقطران ِ..

وروح ِ البنفسج ْ

!......

كان حُماتي يتآلبون عليي

وأمّهات ُ حيرتي يُلْقِمنَني أثداءَهن َّ محشوة ً بالأكاذيب ِ..

والسم ِّ.. والأغاني.

وكنت ُ وحدي ...

لأنني كنت ُ وحدي


كنتُ ُ، بين النعاسِ والحيرة ِ،

أتنصّّت ُ إلى حفيف ِ أجنحة ِ الله إذ يعبر ُ بين النجوم ْ

ألتقط ُ رسائله وأرد ُّ عليها بالأنين ِ والصمت ِ والدموع ْ:

يا رب ْ

أنت َ، يا رب َّ السفهاء والقضاة ِ والبرابرة ْ

رب َّ العناكب ِ والملوك ِ والعقارب ْ

رب َّ الضباع ِ والجنود ِ والفلاسفة ْ

رب َّ الشعراء الرماديّين

ذوي الأسنان ِ المنخورة ِ

والأعين ِ الجاحظة ِ

والجلود ِ المفضَّضة ِ كحراشف الأسماك ْ

رب َّ قابيلَ.. وموسى.. وفحول ِ الظلمات ِوالدم ِ والحرير ْ

رب َّ القنافذ ِ والمومياءات ِ وملائكة ِ السجون ْ

اُنظر ْ في قلبي

اُنظر إلى قدمي ْ، وساقي ْ، وصدري،

وما يسيل ُ على فمي من وجع ٍ.. وفاقة ٍ.. وأنين ْ

اُنظرْ..

حيث تعبرُ قوافلُ مؤمنيكْ

محفوفةً بالأكاليل ِ

والنعوش

وأضاميم ِ الآسِ الطاردة ِ للوحشة ِ..

والديدان ِ.. والنعاس ْ.

حيث ُ يئنُّ الأمواتُ من الضجر

وتَزْرَقُّ قلوبُهم من الخوف

وتطفحُ على أطرافِ لحاهم أعشابٌ مائعةٌ

لا تنبتُ إلا في الكوابيسْ.

اُنظرْ إلى صدور المحاربينْ..

حيثُ تختلطُ اللهفةُ بالنشيج

والشهقةُ بالأمل

ودقيقُ عظامِ الموتى.. بحريرِ أكتافِ نساءِ الأحلامْ.

اُنظرْ إلى غصّتي ترنُّ في الظلام

كخاتمٍ على حافّة كأسٍ من الزجاجِ النبيلِ النبيلْ.

اُنظرْ إلى تعاستي ويأسي

وإلى كم أنا خائبٌ، ضعيفٌ، ومذعورْ

وكيفَ.. أنا .. وحدي.


كنتُ وحدي..

أرى، من كُوَّتي، سماءً وجبلاً يحزّانِ في قلبي

كوردةٍ مشكولةٍ في قميصِ ميتْ..

أسمعُ خوارَ أبقارٍ

ورفيفَ أجنحةٍ

وصيحات رعاةٍ، وكلابٍ، وديكةٍ، وصيّادينْ.

تنبضُ السهولُ في ذاكرتي

فأشمُّ روائحَ النباتِ تسوقها إليَّ الريحُ من أطرافِ الحقولْ.

أغمضُ عينْي..

فأرى صبياناً وبنات يشاركونني الغناءَ

ويتعقّبونني في غزواتِ الكرومْ..

عرفتُ أنني- وأنا بعدُ حيٌّ- مدفونٌ في قبري

كقدّيسٍ يافعٍ ضلَّ سواءَ السبيلْ

فصِحتُ في داخل نفسي:

ما أبهجَ الحياةَ وأشقّها..

ما أوجعَ الحياةْ!..


وكنتُ وحدي

لأنني ... كنتُ وحدي.


ولأنني كنتُ وحدي.. فلقدْ تأمّلتُ في الظلامِ كأنني

أصلّي، وبما يكفي لأنْ أعرفَ أن كلَّ شيء قد صار ورائي،

ولم يعدْ لي ما آملُ به غير النوم ِ والنسيانْ.

صرتُ أعدُّ على أصابعي مقدارَ ما فاتَ من جنونٍ، وما بقي

من آفات ِ قلبْ، فيما الأصدقاءُ يعاتبونني على يأسٍ لم يكنْ

من صنعي، وسوادٍ لم أكنْ من سيَّلَهُ على حوافِّ الدنيا،

وخرابٍ لم أشاركْ فيه ِ.. إلاّ كما شاركتْْ حواءُ في خلق

التفاح ِ، والرذيلة ِ، والأفاعي..

والعبيدُ في صنع ِ الأغلال ِ والقوانينْ..

والأمواتُ في تلفيقِ أناشيد النصرْ.


فقعدتُ أبكي

دون أيّ حياء ٍ من شاهد يشهدُ

أو عدو ٍ يشمتُ

أو سماء تلوم.

منذ خمسين عاما ً وأنا أبكي

فأبكي.........

لا كطفل ٍ أضاعَ شيئا ً عزيزاً.. إذ لم يكنْ لديّ من متاع ِ

اللقطاء غيرُ الغبار ِ، والخلِّ، ورماد ِ الذكرياتْ،

ولا كامرأة ٍ فقدتْ وليداً، أو زوجاً، أو قرطَ نحاسْ..

فأنا أشَدُّ رثاثة ً من أنْ يكونَ لي ما يُفقَدُ.. أو يُبكَى،

ولا كرجل ٍ..

لأنَّ الأمواتَ لا يبكون رجولة ً لا يعرفونها، والعبيدَ لا

يتحسّرون على حريةٍ لم يذوقوا طعمها إلاّ في الأحلام ِ

والأغاني وأعراس ِ اللصوص، ولا يندبونَ مجداً لا يتذكرون

عنه غيرَ ما تتذكرُ الديدانُ عن سعيها المرير ِ في الطينْ.

حتى ولا كدودة ٍ..

إذْ كانَ لي قلبٌ، وعينان ِ، وروحٌ أمّارةٌ بالجمالْ.

ولا كحلزون ٍ..

إذْ لم يكنْ لي قوقعةٌ أتحصّن فيها

وأحلمُ بحلزونتي إذْ يهبُّ الخريفُ على أديم ِ الترابْ.

ولا كأحد ٍ شبيه ٍ بي، إذ.. كنتُ أبكي

فقعدتُ أبكي.

.. .. .. .. ..

ورأيتُني عاريا ً وفقيراً ولا شأنَ لي..

قلتُ: يا ربُّ أين قميصي

وأينَ حذائي، وسلّةُ خبزي،

وما وُعِدَ الوُدَعاءُ به من نبيذٍ وقمحٍ؟؟؟

قلتُ: أين طريقي.. لأعْبرَ منهُ إلى مدنٍ غير هذي

وأهل ٍ سوى هؤلاء ِ

وقبر ٍ أقلَّ ظلاما ً؟؟؟

وأين هم رُسُلي، ورعاتي، وساسةُ خيلي؟

وأينَ أخي ، وابنُ عمي؟

وأينَ الشهودُ لكي يشهدوا؟

أينَ أمي التي دوّرتْ صيحتي في بساتين ِ أحشائها

كلَّ هذي الشهور ِ..

فلمّا خرجتُ إلى النور غلّتْ يديَّ وسدّتْ فمي ببقايايَ

ثم بكتْ فوق سلَّة نومي.. فسالتْ على زهرة ِ القطن ِ أنَّتُها

وتلطّخَ بالدمع ِ ثوبُ نعاسي؟!

وأينَ أبي؟..

يا أبي.. يا أبي

يا صديقي، تلفَّتْ إليَّ قليلا ً

لأعرفَ أين أنا الآنَ ممّا تمنّيتَ لي

ورسمتَ على جبهتي من فنون ِ الرعاة ِ وأفكارهمْ..

تلفّتْ إليَّ قليلا ً.. لكي أتعرّفَ عينيك َ في محنتي

مِلْ عليَّ.. وهّدْهِدْ ظلامي لكي يخرجَ الليلُ منّي

فتهدأ روحيَ فيَّ

تقدّمْ إليَّ..

وقُدْني إلى طرف ِ الحقل ِ حيثُ ينامُ أقارُبنا نومةَ الموت ِ

مفترشينَ معاطفَهم وبيارقَ أعراسهم..

فيمدّونَ راحاتهم صوبنا من شقوق مقابرهم

ويئنّون من شدَّة ِ البرد ِ،

قلْ لي كلاما ً جميلا ً، وخذني إلى كتفيكَ كما يؤخذ الطفلُ

خذني ودغدغْ نعاسي بكفّيكَ

خذ ْ يأسَ قلبي..

فقد كنتَ مثلي ضعيفا ً

وكنتَ، إذا عصَفَ الخوفُ، تنهدُّ حتى...

تتضوَّر روحكَ من حمله ِ

ويخونكَ قلبُ الفقير ِ

فتبكي....

ثم تقعدُ، خلفَ الجدار ِ، تغني

وأيضا ً تغني.. فيحسبنا العابرونَ ملوكا ً.

وتبرأُ أرواحُنا بالدموع ِ..

فنشربُ نخبَ سعادتنا.


كأنما، يا أبي، كنّا بشراً إلى حينْ:

كانت جدتي تعتقدُ أننا فقراء لأنّ الله لا يحبنا.. إذْ لم

تكنْ أمي تذهب إلى الكنيسة ِ إلاّ لِتَفقُّد ِ الأعراس ِ وحمل ِ

الأزهار ِ إلى جنازات ِ الموتى.

على أنني- يومها- لم أكنْ قادراً على رؤية ما يسيلُ داخلَ

عينيْ أمي من ظلام ٍ ودمع: كنتُ ما أزالُ أتدرّبُ على

الصلاة ِ، والكذب ِ، والتلذّذ ِ برائحة البخورْ..

كنتُ- كجميع ِ القدّيسينَ- ذكيا ً.. وأعمى.

.. .. .. .. ..

كأنّما كنّا بشراً إلى حينْ.


كنا نموتُ سبعَ مرّات ٍ في اليوم.. ثم ننصرف، في

أوقات ِ فراغنا، إلى تأليف ِ كتب ٍ وأناشيدَ تُمجِّد الجزّارين،

والبهائم، والحياة...

كنا بشراً إلى حينْ.

ان الحياة كلها وقفة عز فقط.......

شآم ما المجد....أنت المجد لم يغب...
jesus loves me...
  رد مع اقتباس
قديم 07/10/2006   #26
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


ما يشبه كلاما أخيرا (الجزء الثاني)


إذنْ.. فاغفروا لنا، قُضاتَنا وأسيادَ يأسنا، أننا أبناءُ وقتٍ

فاسدٍ.. وأرض ٍ عاثرة ٍ.. وأهلٍ أموات!.

إغفروا لنا أننالا نجرؤ على معاتبة ِ طاغية ٍ ، أو نبيٍّ، أو

محصِّل ِ ضرائب.

إغفروا لنا أننا خائفونَ وتعساء، وليس لأحد منا غيرُ قلب ٍ

واحد ٍ يحتصَّنُ به في مواجهة هذا الجنونِ الجنونْ.

إغفروا لنا أن الحياةَ ماضيةٌٌ .. والذاكرةَ ليست عمياء.

إغفروا لنا أننا بشرٌ . إلى حينْ.

*

كنا نمدُّ البساط على العتبة.. كيما يَتوهَّمَ عابروا السبيل

الجائعونْ أنهم مطارنة ٌ، أو رُسُلُ سلام ٍ، أو قراصنة ٌ

روّضوا البحار وأخضعوا القارّاتِ كلها.

كنا بشراً إلى حينْ.


كنا نزرعُ الحبقَ في الممرّات.. حيثُ كان فقراءُ

الضيوف يرفعون رؤوسهم وأكتافهم كأمراءَ تائهينَ هبطوا

إلى الأرض ِ في صحون ٍ طائرة، ثم يرمقوننا بزوايا أعينهم

ويُحيُّوننا برؤؤس ِالأصابع، متقدّمينَ رويداً رويداً.. كأنّما

لتُنفخَ لأجلهم أبواقُ الجُند ِ، وتَنْفتحَ أبوابُ القلاع ِ

المحصَّنةُ. ثم- وهم يتأهّبونَ للجلوس- ينفخون في

راحاتهم.. ويغرسون أنوفهم في الهواء ليتنبأوا لنا بمواعيد ِ

سقوطِ الأمطارْ، فيما سكّيرٌ حزينٌ وأخرق، بندبة ٍ غامضة ٍ في

الجبين، وسنذٍ وحيدة ٍ في الفم، يُجمِّل تعاستنا بأغنيات ٍ

تمجِّدُ اللهَ.. والخمرَ.. والنساءْء، فإذا غضبَ سبَّّ أمّهاتِنا

والملوك. لكنّه، بعد آخر جرعةٍ من العرق ِ الثقيل ِ والصبر،

يتفرّس فينا كأننا صانعو فقرة..

ثمّ.. يصفعُ السماءَ

ويبكي.


كنا بشراً إلى حينْ..

نتقاسمُ الخبزَ، والغصّةَ، ولقمة َ الجمالْ

ونشهقُ، متوجِّعينَ، لمرأى غْيمةٍ.. أو عصفورٍ..

أو فراشة ٍ تتمرجحُ على تويج ِ وردةْ.

على أنني- كعادتي الآنَ- لمْ أكنْ أكثِرُ من الأسئلة..

فلم أعرفْ أبداَ يا أبي

لماذا يوجعُ الفقراءَ الجمال!..

*

*

... فإذنْ

ليتك َ تعرفُ يا أبي

كم الشوقُ معذّذِبٌ، وكم الذكريات ُ موجعة ٌ

ليتك َ تعرف- وأنت َ تقطع الطريق َ إلى نهايتها-

كم الحياة ُ قصيرة ٌ، ورائعة ٌ، وملعونهْ..

وكم تخيفُ الولد َ، إذ يتأمّلُ في الموت،

فكرةُ أن تنتهي به الطريقُ إلى ما يشبه هذا القبرَ

أو هذه البلادَ

أو هؤلاء الأعرابَ الذين يتغذّون على القوافي

ولحوم ِ الضان ِ

وأفخاذ ِ النساءْ.


أخيرا ً ..

ليتك َ يا أبي- وأنتَ تتشمَّمُ روائحَ ثيابي، وما تبقّى من

أنقاضي.. من أوراق ٍ، وغبار ٍ، وأسمال ٍ مبقّعة ٍ بالحبر ِ

والخلِّ والدموعْ-

ليتك َ تعرف ُ

كم كان َ الولدُ- وهو يقطع الطريق َ إلى ظلامه ِ-

خائفا ً وتعيسا ً..

كم كان- وهو يكوِّرُ صيحتَهُ كالطغاة ْ-

تعذِّبه الذكرى

وتوجع ُ قلبَهُ روائح ُ الطفولةْ.

وكم كانت ضيّقة عليه ِ دنياهُ الواسعةُ

وقارّاتُ يأسهِ المفتوحةُ على الخرائب ِ، والقيظ ِ، والغبارْْ..

وكم كانَ- وهو يتعجَّل المضيَّ إلى ما هو فيه-

يأملُ أن يُعادَ تأليفُ الحياةِ مرّة ً ثانية ً

ليبدأها دونما غلٍّ، أو حسرة ٍ، أو شهواتْ.

ليتك َ تعرفُ

كم ِ الخريفُ محزنٌ

والولدُ توّاقٌّ إلى قبلة ٍ..

وباب ٍ..

وحضن ٍ أخيرْ....

ليتك يا أبي

.. .. .. .. ..

ليتَ أمّنا جعلتْ فوقَ لحافنا ورداً

وطيَّبتْ نعاسَنا بالقبلاتْ.

ليتَ الأمواتَ لم يموتوا

واليائسينَ صبروا

والضالّينَ يعودونْ.

ليت الأخوة َ،

قبلَ أن تنحدرَ الشهواتُ بأحلامهم إلى الجنونْ،

كانوا أرْأفَ بما رَعَينا من نبات ٍ

وأطلقْنا من وعود ٍ

وطيّرْنا من فراخ ِ عصافيرْ.

وليتَ الذين يركضونَ أما منا

ليصلوا قبلنا إلى رؤوس الينابيعْ

ويقطفوا أُولى الثمارْ

ويزرعوا أعلامَهم على رؤوس ِ التلال ِ العليا...

ليتهم يتريّثون قليلاً

عند هذا المنعطف ِ الشائن ِ الخبيثْ

لنتبادل ما بقيَ لدينا

من أزهار ٍ

وقبل ٍ

وأمنياتْ،

ونُصرِّحَ أمامَ جميع ِ ما يُزهرُ من لوز ٍ

ويسيلُ من سَواق ٍ

ويسرحُ من ماعز ٍ وغنم ٍ وبغالْ..

أننا إخوةٌ.. لا مقتسمو غنائمْ

بشرٌ عاديّون... لا ملوكْ

وموشكونَ على الرحيل ِ.. لا آلهة ٌ بكماء ُ

لا تحزن ُ.. ولا نأسفُ.. ولا تشيخْ.


وليتنا لا نشيخ.

*

ليتَ من ماتَ يُبعثُ

كي نتولّى تعاستَهُ باليسير من الحبِّ والعَبَراتْ

فتهدأ غصّتُهُ في التراب ِ، وتدْفأ كفّاه ُ.

ليت الذينَ قضوا في الطريق إلى النبع ِ

لم يرحلوا ظامئينْ.

وليتَ الحياةْ

أخلصتْ حين قالتْ لنا:

إنَّ أجملَ ما يوهَبُ المرءُ في سعيه ِ

أن يحبَّ الحياةْ.

.. .. .. .. ..

ليتَ أنَّ المسيحْ

لم يقلْ لأبيه ِ: "أبي...."

ليتَ أمَّ المسيحْ

لم تقلْ: أنا عذراءُ ما مسَّني بشرٌ،

ليتَ يوسفَ لم يمتثلْ أو يصدِّقْ.

وليتَ المجوسْ

كَذَّبوا نجمهم، وأضاعوا الطريقَ إلى مذود ِ الحسراتْ.

ليتَ أنّا جميعا ً كذبنا على ربّنا

فضلَلْنا.. وخُنَّا..

ليتَ أنّا..

خسرنا فراديسنا كلّها

وربحنا جحيمَ الحياةْ.

.. .. .. .. .. ..

.. .. .. .. .. ..


سنحبُّ الحياةَ اذنْ.. سنحبُّ الحياةْ

وسنلعنها حين نَقْنط ُ..

ثم نتوقُ إليها مؤبّدةٌ كظلام ِ الطواغيت ِ،

خادعة ً كالعدالة ِ،

عمياء َ كالحبِّ،

فتّاكة ٌ كقلوب ِ النساء ِ..

ومالحة ً كالنشيجْ.

سنرجمُ أبراجها بالدموع ِ إذا أخلفتْ موعداً

ثم نركعُ تحت شبابيكها كالمجانين ِ نسألها الصفحَ،

: يا للحياةْ

كيفَ تُفْلتُ منّا..

فلا يتبقّى لنا من فضائلها غير لسعة ِ خيباتها

والدخان ِ الذي يتصاعدُ من ثكنات ِ الطغاة ْ.

*

*

.. أخيراً.. خذني من يديَّ يا أبي،

ورَِّبتْ على موضع ِما كان لي من أجنحة ٍ

تُستعادُ بها ملكّية ُ السمواتْ.

خذني إلى حافّة هذا الوقت ِ المريضْ

ولا تتركني واقفا ً كدريئة ِ الرمي ِ..

فأنا أخافُ من الموت ِ ونفسي.

ولا تَهُمَّ بذبحي قربانا ً لملك ٍ، أو عقيدة ٍ، أو إلهْ

فأنا لستُ وَلَدَ ابراهيم..

والبشرُ ما عادوا يُقْتَدونَ بالخرافْ

خذني.. وأطْلقني في عراء ِ الخليقة الدامي

كعجل ٍ طائش ٍ، أ و أُمنية ٍ، أو غراب ِ نبوءاتْ.

خذني إلى الحافّة ِ هناكْ

لأرى السماءَ أعمقَ، وأقربَ، وأصفى

فأحلمَ بي حرّاً.. وأطلبَ فرصة ً إضافية ً للحياةْ.

خذني..

واتركني أتدحرجْ في الهواء الأزرق ِ كبيضة العصفورْ.

ولا تتمنَّ لي سعادة ً، أو مُلْكا ً، أو غبارَ مجدْ..

فحيثُ يخفق الجناحُ لا يكون ألمٌ، أو خوفٌ، أو قنوطْ.

أطلِقْني إذنْ، كمطلع ِ أغنية ٍ،

كشهقة ٍ،

كدعاء ِ حبْ.

أطْلقْني.

وتطلَّعْ إليَّ بعينيك َ الكفيفتين وروحك َ الرقراقة ِ كخلاصة ِ النورْ

تنصَّتْ راضيا ً، إلى حفيف ِ جناحيَّ في الأعالي

فيما أنا- بين الشهقة ِ والشهقة-

أضمُّ ريشي على سعادتي

وأحلمُ بأصابع ِ أمي

تباركني، وتنسجُ لعينيَّ النعاس َ.. والأمل َ.. والأحلام ْ.



إلى الحافّة إذنْ يا أبي

خذني إلى الحافّة...

لكنْ- قبل َ أن تُديرَ ظهرك لي،

وأديرَ لك قلبي-

دعنا نتوقّفْ قليلاً

على تخوم ِ هذا الخريف ِ الطائش ِ السقيمْ..

دونما علم ٍ نغرسهُ،

أو نار ٍ نوقدها،

أو خوذة ٍ مرفوعة ٍ على حربة

تدلُّ الحجاجَ إلى مواضع الموتى...

دعنا نتوقّف قليلا ً هناك

لنزرع َ وردة ً أخيرة ً

حيث تَمدّد َ اليأسُ في قبره ِ كميت ٍ حقيقي

ثم أطلقَ على رأسه النار

كي لا يرانا
  رد مع اقتباس
قديم 07/10/2006   #27
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


أسئلة



كيف لي أن أواسي الحياةْ؟

كيف لي أن أردَّ إليها الورودَ التي أذْبَلَتْها المحنْ؟

كيف أرفو ثقوبَ سماواتها وهي تشحبُ شيئاً فشيئاً

فيُكسبها الخوفُ لونَ بياضِ الكفنْ؟!

كيف لي أن أميلَ إليها بقلبي وأحرسَ أنقاضها

إذْ يُغِيْرُ عليها الجنونُ

وتغفلُ عنها قلوبُ الرعاةْ؟

كيف لي، وأنا واحدٌ أحدٌ،

أن أضيء حطامَ المراثي

وأُنهِضَ تحت الرفات الرفاتْ!..

كيف يمكن لي أن أُؤذِّن في من يموتُ:

الحياةَ... الحياةْ..؟

كيف لي أن أفسّر هذا الأنينْ

ثم أجرؤ أن أدَّعي

أن هذا الغبار الذي يتلألأ في أعين الميّتينْ

ومضةٌ من حياةْ؟!...
.. .. .. ..


كيف لي

- وأنا أتفقّد أشلاء نفسي فلا أتعرَّفها

وأنقّب في الهاويات لأحصي هشيم دمي ورنيم عظامي-

كيف لي أن أُسوّغ بطلان هذا اليقين

ثم يمكن ألاّ أرى

- وأنا راسخٌ في ظلامي-

أن هذا الجنونْ

وهو يعلو ويعلو

ليس أكثر من عُدّةٍ لاحتمال جنون الحياةْ؟....
.. .. .. ..


كيف يا سائلي

كيف يا قاتلي

كيف يا سيدي وإلهي

كيف لي، وأنا أتتبّع أطوار هذي الحياةْ،

أنْ أصدق أن الرصاص الذي يصرع العاشقينْ

هفوةٌ.... لا خطيئةْ؟!

كيف لي أن أؤكد للقاتلين

أن خلفَ الدريئةْ

أعيناً لا يراها الرماةْ؟..
.. .. ..


كيف لي، بعد هذا وهذا،

أن أُكذّب صيحة قلبي:

"الحياةْ..

وهي تذبلُ في تيهِ أعمارنا

وصمةٌٌ في ضمير الطغاةْ.."؟!
  رد مع اقتباس
قديم 08/10/2006   #28
شب و شيخ الشباب chefadi
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ chefadi
chefadi is offline
 
نورنا ب:
May 2006
المطرح:
بيتي متل ورقة احترق
مشاركات:
544

افتراضي


هيلودينا الجذَّابة وهيلودينو القوي...



هكذا تعوَّدت: أترك بابي مفتوحًا.
في النهار وفي الليل، في الصيف وفي الشتاء، وعلى مدار العهود والأيام، أتركه مفتوحًا، وأعيش، وأنام، وأصحو، ولا أخاف شيئًا.
ذات يوم، وبابي مفتوح، وأنا أتنعَّم بدفء منزلي ودفء نفسي، وأسبح في نور منزلي ونور نفسي، سمعتُ صوت امرأة، حزينًا وحنونًا، يأتي من ظلام الهواء الذي خلف الباب المفتوح:
"مساء الخير يا عزيزي."
قلت: "مساء الخير يا عزيزتي."
(وعرفت صوتها الحنون الحزين: كانت هيلودينا الجذابة ذات الشعر الأسود الطويل، إلهة الأشعار والزنابق والأعراس والعطف والكلمات والموسيقى...)
"لماذا لا تضيئين المصباح عندك؟" سألتها بحب.
قالت: "صدِّقني، لا أعرف كيف أضيء مصباحًا في العتمة. تعال وساعدني... لعلِّي أستطيع أن أقول لك "مساء الخير يا عزيزي" وأنا في النور..."
خرجت إلى الهواء المعتم أضيء لها المصباح: فأمسكتْني إلهة العطف والزنابق والكلمات والموسيقى بذراعها الأيسر، وأسندت عنقي وظهري إلى أسفل بطنها وساقها اليسرى، وأشهرتْ بقبضتها اليمنى سكِّينها الرشيقة اللامعة، سكين الأزهار والعطف والموسيقى، وانهالت عليَّ طعنًا في البطن والصدر والقلب والعنق والكتفين...
قلت: "يا هيلودينا، دعيني أولا أضئ المصباح."
وأحسست، من ورائها، بوجود شبح! شبح إله آخر متخفٍّ وراء شبحها ووراء الظلام. (أبصرت الذي معها، ولم أميِّزه جيدًا. لكن رأيت أنه كان طويلاً عريضًا قويًّا، وشعره قصير وأبيض: إله رياضي!)
قال: "لا تعرفني؟!... (فكرت: هذا جوبيتر!) أنا هيلودينو، إله المصابيح والعدل والصداقة والأزهار والشجاعة والكرم والإخاء والطفولة الأبدية والحليب الطاهر والعطف والموسيقى..."
عرفته. وقلت: "عرفتك. فساعدني..."
فأشهر الإله الذي معها (الإله الرياضي الطويل العريض القوي، ذو العنق الصاخب الغليظ، والضحكة الفولاذِ الفوسفورية المعطَّرة بحليب الأزهار وأنفاس البلابل، والشعر الصبياني القصير القصدير المفضَّض...)، أشهر خنجره اللامع الرشيق الجميل المذهَّب المفضَّض، ثم أسندني إلى ركبة وذراع!
أسندني كلٌّ إلى ركبة وأسفل بطن وذراع، وراحا يذبحانني كلٌّ بخنجر وضحكة وذراع! راحا يطعنان جسدي معًا: في البطن وما تحت البطن، وفي القلب وما فوق وما تحت القلب، وفي الرئتين، وفي العنق والكتفين والراحتين الموَلْوِلَتين المرفوفتين في الظلام.
طعناني حتى في صيحة فمي. فخفت على عينيَّ...
وسألني جوبيتر: "أين عيناك؟ أين عيناك؟..."
خفت على عينيَّ – خفت كثيرًا – فأوشكت أن أصبح ميتًا.
... ... ...
وإذ أسنداني هكذا...، وراحا يطعنانني هكذا، بكلِّ هذا الدأب والسخاء والعطف، فقد سال منِّي دمٌ كثير ولهاثٌ كثير: دمٌ مثل رحيق وَرْدٍ مدفَّأ بشمس ربيع، دمٌ غامض وخجول مثل دم الفراشات، مثل رنين أشعار حبٍّ تغنَّى في البال، مثل هواء خفيف أو بخار دم... فما لبث أن احمرَّ الظلام (الظلام الذي كان شديدًا لأن هيلودينا الإلهة لم تعرف كيف تضيء المصباح...)، احمرَّ الظلام كثيرًا، فصار له لونُ نبيذ مسيحيٍّ عَطِر دافئ وأحمر.
... وإذ صار للظلام لونُ نبيذ دافئ وأحمر، فقد صَعُبَ عليَّ أن أموت.
فامتنعت عن الموت.
فبقيت حيًّا...
... ... ...
بقيت حيًّا. لكن... كنت حزينًا بعض الشيء، حزينًا أكثر من بعض الشيء.
فجلست على درجة السلَّم الباردة الدافئة، ورحتُ أنفض الدم – غبار الدم – عن صدري وثيابي وشفتيَّ.
وتفقَّدت عينيَّ، فعرفت أنني لم أصبح أعمى.
وكان بوسعي أن أسمع وأضحك وأشم.
فضحكت قليلاً...
فشممت رائحة وَرْدٍ نعسان. وتناهت إليَّ تغريداتُ كروانات سعيدة تضحك للفجر.
جلستُ على الدَّرَج الذي لم يعد معتمًا كثيرًا. ورحت أحلم قصائدي، وأشرب نبيذي، وأتمتَّع بوردي وكرواناتي وحياتي وباب منزلي المفتوح.
أما هما (إله الخناجر والأزهار والكلمات والموسيقى، وإلهة السكاكين والعطف والكلمات واللطافة والموسيقى) فقد سقطا ميِّتين على الفور، عند باب المصعد!... ماتا وتبدَّد شبحاهما الفولاذيان في الهواء الخمريِّ – مثل بخار نبيذ يغلي – فلم يبقَ منهما غيرُ شعر طويل وأسود، وشعر قصير وأبيض، وبقايا ثياب أرجوانية صدئة مجعدة ومهترئة، تحترق من غير نار ويفوح منها دخانٌ زَنِخٌ كريه أشبه بدخان شحوم ضباع فاسدة!
وسمعت الجيران تحت وفوق يفتحون أبوابهم ويصيحون، كلٌّ من باب وكلٌّ من طابق وكلٌّ من شرفة: ما هذه الرائحة البغيضة؟ الرائحة التي تقتل؟!
قلت أخاطب الجميع: "لا تقلقوا ولا تخافوا. هذا لا شيء. مجرَّد رائحة إلهين، ضبعين عظيمين، يحترقان."
وشرحت لهم أكثر: "زوجان عظيمان من آلهة الظلام والمصابيح والأزهار والعناكب والعدالات والصداقة والعطف وحنان الموسيقى!"
أغلقوا أبوابهم وعادوا ينامون.
وراح يعلو أكثر فأكثر صياحُ الكروانات السعيدة، في الحدائق الفجرية السعيدة، وفاض على الكون عطرُ ورود حقيقية، شفافة، عطوفة وسعيدة.
وتناهى إلى سمعي صوتُ ولد سعيد يغنِّي:
اتركوا الأبواب مفتوحة
وأضيئوا المصابيح...
ولا تخافوا
الذين يحبُّون، يحبُّون حقًّا الأزهار والكروانات والعطف والجمال والموسيقى...
لا يخافون أحدًا
لا يخافون شيئًا
لا يخافون أبدًا:
لا يخافون حتى في الأحلام.
  رد مع اقتباس
قديم 15/10/2006   #29
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


لك شو هاد يا فادي ...هي اول مرة بقراها...شي بياخد العقل...اكيد متل ما عودنا دايما الكبير نزيه ابو عفش.......
  رد مع اقتباس
قديم 15/10/2006   #30
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


القلعة.....


يغلقُ الليلُ أبوابَ بيتِ أبي ويخلِّفني خارجاً . .
أتلصص من فجوةٍ في السياج وأطلق روحي في الهواء السميك . .
فتبصرُ . . طيفَ أبي عائماً في الفضاء
يصون المكان ويحمي سكينته
وأخي يترنّح في مستطيلٍ من النور
ضاماً يديه على كرةٍ من هواءْ . .
هوَ ذا البيتُ !
أوشك من موضعي أن أقيسَ حرارته
وأشمّ هواء الغرف
هوَ ذا البيتُ !
أُوشك أن أتلمّس أجزاءه
وأعدّ تفاصيله في شغف
هوَ ذا . يتفتح قدام قلبي ويطرح أسراره:
حجرٌ ما،
حذاءٌ أطاح به أحدٌ ما .
مغزل الصوف ملقى إلى جانبٍ ما
القدور، القوارير، خابية الماء
ركن فراش الطفولة، حيث يروق النعاس لجدّي، فيبيضّ شاربه . . وتطول ذراعاه
أيقونةٌ للعشاء الأخير معلقة فوق رأس أبي
تدفع الخوف عنه وتحرس أحلامه
وتدٌ غامض . .
كان في زمنٍ غابرٍ مِشجباً لملابسنا
لم تزل تتسرّب منه روائح أجسامنا
وعطور ثياب الأحد
ثغرةٌ في الجدار . .
( وُجدت هكذا )
جعلتها نباهة أمي مصيدةً للغار
وحصّالة لنقود الوالد
تُركت هكذا، في رضاها اليتيم،
تعدُّ الغبار وتغني قداستها،
سدّة الذكريات: خزانة أمي،
المرايا،
حفيف تداخل أجسادنا في نسيج المرايا
أدوات الحياة مبعثرة في الزوايا
هوَ ذا . . . ميتم الروح
حضن فضائلها الغابرات ومملكة العاشقين
كلّ ما فيه من حنان على كلّ ما فيه
مستسلم لسكينته، غارق في السلام
معجز في وداعته، راسخ في رضاه
كأن . . هكذا تركته يد اللـه من ألف عام
إنّه البيت
حارسنا الشهم،
مسند أرواحنا الذاهلات
ينام الجميع
وتغفو قلوب الجميع
وحجارته لا تنام

* * *
فجأة،
كلّ شيء هدأ
خلط الليل أشجار منزلنا بحجارته
سقفه بالسماء
نوافذه بسياج الحديقة .
مستطيل أخي غام في لحظةٍ وانطفأ
كلّ شيء بدا . . ساكناً
كلّ شيء غدا . . داكناً
كخيال إله ضجر
يتسلّى بأفكاره قبل بدء الخليقة

* * *
يا أبي، لو تصدّق:
ما جئت أشكو إليك
ولا جئت أطلب مالاً
ولا عنّ لي بعد هذي السنين
أن أقاضي على حجر
أو أثير على ما افتقدت العراك
لو تصدقني يا أبي
جئت
كيما
أراك

* * *
ضرب الليل أركان منزلنا . . وابتعد
ساحباً خلفه الأغطية
حاملاً ما استطاع:
الصحون، الكراسي، المصابيح،
خابية الماء والأحذية
لم يخلّف لنا من حوائجه الألف غير عصا جدتي
وصليب من الشوك فوق سرير الولد
ثمّ خلّفني في الدمار وحيداً
وأومأ لي:
لا تعدْ . . .
. . . . . . .
هبَّة، من حنين
عصفت بالفتى
فأتى
ليرى
لا أحد

* * *
لا تفق يا أبي
فلقد عرفتني الكلاب
وشمّت روائح يأسي القطط
لم أجئ طارقاً
لم أجئ طارقاً
جئت أبكي فقط
جئت أسأل عن حجر ضاع مني
ها هنا ذات يوم
عن شؤوني التي كنت أدفنها في زوايا
الجدار القديم
جئت أسأل عن خاتم من تنك
فرّ من إصبعي في الطريق إلى البيت
يومئذٍ لم أعره اهتماما
جئت ألقي على حصن روحي السلاما
جئت أبحث عن كتبي
عن حذائي القديم ومريلة الثالث الابتدائي،
جئت ألملم آثار خطو البناتِ
وأختام أحذية الطالبات
عن غبار الطريق
جئت كإله، أنفخ في الطين
علّي أعيد إلى ما مضى الروح
علّي أسدّ الجروح وأحيي الركام الذي يحترق
جئت أسأل عن ركن أرجوحتي في الممر الطويل
عن عذابات حبّي الجميل
وقلبي الذي كان تخلعه نسمة من هواء
عن بدايات شعري التي كنت أبعثها للنساء
عبر أسلاك طيارة من ورق
. . . . . . .
لاتفق يا أبي .
آه، لا تضطرب يا أبي
لا تصح: منْ هنا ؟ !
إنّ هذا أنا
جئت أبحث عن صورتي في التفاصيل
في ما تساقط من ذكريات الطفولة أثناء غفوتنا
في الحجارة،
في ملمس العشب تحت سماء الربيع
في طلاوة ماء الينابيع
في ما تخلفه الشمس من ذهب العصر
فوق سطوح البيوت
في الحنين الذي لا يموت
جئت أبحث عن شبهي في التفاصيل
في ما تخلّف بين ثنيات أرواحنا من نزق .
في البكاء الذي كان في لحظة، يعترينا
فيجعل أرواحنا تختنق
في الهتاف الذي يشعل القلب
في شهقة القلب تحت جناحي سنونوةٍ
تنطلق
جئت أبحث عن جدتي في البقايا
عن حوائجها الغامضات،
روائح أثوابها القطن،
قمطتها،
صلوات المساء التي تُذهب الخوف عن روحنا
وتقينا عثار الطرق
جئت أبحث عن جدتي
عن رنين عصاها على درج البيت
عن سرّ فطنتها الدائمة
جئت من آخر العالمين
أنظّف روحي على ركبتيها
وأبكي قليلاً
على روحها النائمة

* * *
لا تُفق يا أبي
فأنا لست جوعان
لست حزيناً تماماً
ولست شقياً تماماً
ولكنني . .
تعبتْ فيَّ روحي قليلاً
وجسمي قليلاً
ولكنني لم أزل قادراً أن أصون السجايا
وأحفظ ثوب الرعاة النظيف
لم ألوث يدي بالوحول
ولم تلوِ قامة روحي الكنوزْ
لم تدنّس فمي صلوات الذين يُجيزون
ما لا يجوزْ
لم يزل سارقو عمرنا يضرمون الحرائق في لغتي
ويثيرون في الكلمات القرفْ
لم أزل شاعراً يا أبي
لم أزل قادراً
أن أقيس المسافة بين الرضا والترف .
لا تنم يا أبي . . .
أو . . . فنمْ .
أنت قلعتنا
أنت سور فضائلنا الباقيات
أنت علمتنا
أن نحب الحياة
ونأكل لقمتنا بشرفْ .
  رد مع اقتباس
قديم 15/10/2006   #31
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي رائعة هي القصيدة...


الغفران

"لا يا كاليغولا، أنا لا أكرهك بل أراك ضارا وقاسيا
وأنانيا ومغرورا، ولكني لا أقدر على كرهك لأنني لا
أعتقد أنك سعيد، ولا أستطيع أن أحتقرك لأني أعلم
أنك لست جبانا"... البير كامي ...
الآن ، اسمعني يا كاليغولا:
أعرف أنك أنت من كسر قلبي
(أيام، كان قلبي . الذهب الصغير
الآن ، اسمعني يا كاليغولا:
أعرف أنك أنت من كسر قلبي
(أيام ، كان قلبي الذهب الصغير
ما يزال مشغولا بضخ ماء الحياة
في ساقية الأحلام الأولى….)
أعرف أنك أنت من فتت حياتي
كغيمة مهترئة في صندوق زجاج أسود
أعرف أنك أنت من جعلني أندم
لأنني لم أخلق بقرة.. . أو حرذونا..
أو ضفدعة نقاقة على حافة بئر.. هناك ،
وأنك أنت من جعلني
-أيام كنت أزال قادرا
على الإيمان بخطيئة الأمل
أكتب على حائط ذاكرتي:
الحياة موت يطول !!..
رضيت بما لا أرضى..
وخفت مما لا يخيف ..
وتعذبت ..
لكن ، أغفر لك .
جعلتني أشرب الجنون مع كأس حليب الصباح
وفي كل صباح, كنت أسأل نفسي:
"والآن - معك أو بدونك -
حياتي ؟
حياتي التي, الآن ... أغفرها لك .
إذن ... أغفرتها لك

.. .. .. .. .. ..

وفي المتاه العظيم
تحت ناموس ظلك القاسي
كنت أسلم أمري لأبالسة الخوف
أسأل الهواء: " هل أنجو؟..))
حسنا .. ونجوت.
(من يراني يظن أنني كنت أحيا!..)
..وغفرتها لك.

.. .. .. .. .. ..

وفيما كنت أحاول أن أفتح باب الحياة
راجيا أن أدخل
كان جبيني يصطدم بظلماتك
حتى ينشج وتسيل منه دماء حامضة!....
أما أنت ..فلم تكن ترى
ما يرى كان وحده الظل
(قناع الظل)
وخلف القناع
كان فقط الهواء الأسود...
والدخان الأسود..

والنذر السود..
وزبد الحياة الأسود..
وموت أبيض
ينتظر ،وينتظر !!..
فقط , كنت ظلا ( قناع ظل ..)
لكن ..
- تحت ثقل قناع الظل -
كانت صورتك محفورة على دماغي وثوبي ولساني
وحائطي وشمع صلاتي ودفتر أناشيدي
وضفيرة امرأتي وغشاء قلبي الأحمق المريض ..
كنت تأكل معي
وتنام معي
وترصد السماء
وتبيض القصائد
وتنهر الطفل الباكي
وتسمم الخلوة
وتظهر كالقطبة النافرة في نسيج الأحلام...
وفي معصرة الظلام التي
تطحن البراءة والأمل وطفولة القلب
كان كل شيء يتحول
إلى دم مظلم وسميك كدماء الحراذين !.
لكن ... غفرت لك .

.. .. .. .. .. ..

عبدتك .. حتى أشركت بنفسي!..
صرت أصرخ في وجه السماوات : آمني بي..
وفي وجه ظلك : ارحمني..
وفي وجه نفسي:
" من أنت ..
ساعدني لأكون نفسي!..
حتى تحول ظل نفسي إلى أسمال ظل خائف..
خائف .. ويخيف !!
ذلك ما لا أغفره لك .
لكن...غفرت لك .

.. .. .. .. .. ..

عبدتك.. حتى أشركت بنفسي!...
صرت أصرخ في وجهة السماوات : آمني بي..
وفي وجه ظلك : إرحمني..
وفي وجه نفسي:
" من أنت...
ساعدني لأكون نفسي !..

.. .. .. .. .. ..

أعرف أنك أنت
من كسر قلبي وقلوب كثيرين ..
أنك أنت .. من جعل الهواء مرا
من جعل الأطفال يبكون
والأمل مرا
والعبادة مرة
ولقمة الأحلام أمر..
أعرف أنك أنت
ظل الهلع السري
الذي يحفر في ظلام نفسي
كينبوع ظلام طالع من صخرة ظلام!
أعرف أنك أنت
لأنهم ولدوا تحت سقف ظلامك القاسي.
والأمهات..
لأنهن تركن أرحامهن تخصب
تحت سقف ظلامك المقاسي
والرجال ..
لأنهم أوقدوا شموعهم .. قدام وثن ظلامك القاسي
والأموات..
لأنهم لم يظفروا بنعمة الموت
بعيدا عن سقف ظلامك القاسي

.. .. .. .. .. ..

أعرف .. وأعرف
وأعرف .. وتعرف ..
أما الآن , أما الآن
وقد أتت الساعة التي حلمت بها دونما إيمان ..
أما الآن, وقد أتت هذه الساعة،
فلا فرح .. ولا ضغينة ..
فقط , سأمشي
خلف ظل نعشك الهائل المديد
بلسان أبيض
وقلب دامع
وربطة عنق سوداء...
وسأغفر لك.
  رد مع اقتباس
قديم 12/11/2006   #32
شب و شيخ الشباب بورخيس
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ بورخيس
بورخيس is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
60

افتراضي


الرائع نزيه ابو عفش شاعر بمعنى الكلمة مشكورة يا سرسورة على امتاعنا بهل القصائد الرائعة
  رد مع اقتباس
قديم 15/08/2008   #33
شب و شيخ الشباب agressive creator
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ agressive creator
agressive creator is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
شو بدك فيه
مشاركات:
11

إرسال خطاب MSN إلى agressive creator
افتراضي لعيونك ابو العل الكهربجي


الله قريب من قلبي



ليت من مات يبعث
كي نتولى تعاسته
باليسير من الحب والعبرات
فتهدأ غصته في التراب
وتهدأ كفاه
ليت الذين قضوا
في الطريق الى النبع
لم يرحلوا ظامئين
ليت أن المسيح
لم يقل لأبيه ( يا ابي ..)
ليت ام المسيح
لم تقل:
انا عذراء ما مسني بشر
ليت يوسف لم يصدق
ليت انَا جميعا كذبنا على ربنا
فضللنا .. وخنَا
ليت انَا..
خسرنا فراديسنا كلها
وربحنا جحيم الحياة
سنحب الحياة اذا
سنحب الحياة
وسنلعنها حين نقنط
ثم نتوق اليها مؤبدة
كظلام الطواغيت
خادعة كالعدالة
عمياء كالحب
فتاكة كقلوب النساء
مالحة كالنشيج
وسنرجم أبراجها بالدموع
اذا أخلفت وعدا
ثم نركع تحت شبابيكها
كالمجانين نسألها الصفح
يا للحياة:
كيف تفلت منا
فلا يتبقى لنا من فضائلها
غير لسعة خيباتها
والدخان الذي يتصاعد
من ثكنات الطغاة

لدينا قناعات شفافة قابلة لاعادة التشكيل.....
الذي لا يعرف كيف يوظف ارادته في الامور, يضفي عليها معنى ما على الاقل, ذاك يوهم بأن فيها ارادة مسبقا.... اساس الايمان ( نيتشه)
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 15:16 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.32533 seconds with 15 queries