أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > حوار الروح

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03/10/2009   #217
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


3 تشرين الأول

قصتي هذه ترقي إلى سنوات خلت , يوم كنت في ألمانيا , أحاول أن أتملك لغة أبنائها .
كان لي الحظ أن أقيم , لفترة من الزمن , في دير للراهبات , في منطقة نائية من مقاطعة بافاريا , و كانت هناك راهبة نحيلة البنية , ابنة أربعة و ثمانين عاماً , تسهر على ترتيب غرفتي . و كنت كلما غادرت تلك الغرفة تأتي تنظفها , لا أعني تنظيفاً سطحياً , بل كانت تشمع خشب أرضها , و تلمع مفروشاتها , إلى آخر ما هنالك من أعمال .
و حدث يوماً أني عدت إلى غرفتي , بعد نزهة قصيرة , لأجد الأخت " شوستر " على ركبتها .
تُنهي تشميع الأرض و تلمعها .
فقررت أن أُمازحها , فقلت ضاحكاً : " يا أُختي إنك تُرهقين نفسك في العمل ! " .
فانتصبت تلك الأخت العزيزة المندفعة على ركبتها , و شخصت بنظرها إليّ و خاطبتني بجدية كادت أن تتحول إلى خطورة ,
قالت : ألا تعلم أن ثمن السماء ليس برخيص ؟!" .
بارك الله فيها , فقد تدربت على الإيمان , و آمنت حقاً , من كل قلبها , أن ثمن الحياة الأبدية عيش على الأرض تظلله المشقة .
علينا أن ندفع ثمن السماء , و أنه في الحقيقة لباهظ . فأنا على يقين من أن السماء الآن ملك لتلك الأخت الطيبة , فقد عاشت , بكل أمانة , بحسب معتقداتها . فما من شك أن في السماء قطعة سُجلت خصيصاً لأرواح كتلك التي للأخت شوستر .
و لكن لا يسعني أن أصدق أن هذا السعي الدؤوب , الكثب , لنيل , مقام في السماء , هو في الحقيقة طريقة الحياة التي انتدبنا إليها الرب .
كما أنّي لا أعتقد أن الله يريدنا أن نُدمي في الزحف رُكبنا و أيدينا لنحصل على قطعة في السماء عندما نقتطع من الأرض . فالله لا يفرض على المرء " قطعة من لحمه " ثمناً للحياة الأبدية . أنا أعتقد حقاً أن الحياة الأبدية قد بدأت فينا و هي تنمو في ظل أمانتنا لله الذي يحيا في داخلنا , و أن لنا في ذلك عيداً دائماً . نحن أغصان في كرمة المسيح ( يو 15 / 5 ) .
  رد مع اقتباس
قديم 04/10/2009   #218
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


4 تشرين الأول

إننا ننمو و ننضج كأشخاص من خلالا طرق متعددة . و لكن النمو الشخصي يأتي بنوع خاص من خلال ممارسة اثنين من قدراتنا : العقل و الإرادة . يجب أن يُسمح لنا بأن نفكر و نقرر .
و هذا يعني بالطبع أننا سنُخطئ أحيانا في التفكير و في التقرير . و هذا جزء من حياة كل انسان . فمن دون امكانية التقرير مع خطر الوقوع في الخطا , لا مجال لتحقيق النضج الذي يصبو كل منا اليه .
هنالك طريق لن يقود الى النمو و هو أن أسير على هدي عقل آخر و بتوجيه إرادة غير إرادتي .
أنا لن أكبر أبداً إذا تركت أحداً يفكر عني و يتخذ عني القرارات في حياتي , و بالتالي علي أن أحرص بدوري على ألا أفكر عن سواي مخافة أن أسيء إلى مسيرة نضجهم و لا أن أقوم مقام الآخر في اتخاذ القرار خشية أن أنمي فيه روح الاتكالية فأكون حجر عثرة في سبيل نموه .
  رد مع اقتباس
قديم 05/10/2009   #219
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


5 تشرين الأول

إن وعي تلك الحقيقة أضاف بعداً جديداً , لا إلى حياتي فقط , بل إلى تفكيري في الطبيعة البشرية أيضاً . كنت قد تيقّنت أن الحبّ هو الحلقة الأساسية في مسيرة العيش العميق الحيّ , و أنّ نجاحه رهن بإرادتي عل العمل لإنجاحه .
بدا لي جلياً أن عمليّة الاتصال هي للحبّ نبع الحياة , و أن الخبرة و التعبير عن العواطف هما بمثابة اللبّ من عملية الاتصال . و وعيت أيضاً أنّ ما من أحد يمكنه أن يُحدث عواطف في شخص خر , بل جلّ ما يستطيع المرء تحقيقه , هو عملية توعية لتلك العواطف الراقدة في انتظار مَن يوقظها .
و بعد أن انتقلت من تبصر إلى تبصر , و في كل تبصر عمق فهم جديد يكشف لي أرضاً جديدة , بقي يراودني سؤال واحد :
ماذا لو قرر المرء أن يعمل بوحي كل تبصر , و يختبر الوحدة و الخوف و الغضب ... بعمق , و يعبر عنها بنضج , ماذا بعد ذلك ؟
فهل مجرد التعبير عن تلك العواطف السلبية المضنية يكفي لإحداث تغيير إيجابي في نمط ردّات الفعل عند المرء ؟؟
من علماء النفس مَن يجيب بالإيجاب عن هذا السؤال , و منهم مَن يرى عكس ذلك .أما خبرتي الخاصة ,مع نفسي و مع اخرين ,فتقودني إلى الاعتقاد بأن تغييراً في نمط شعور سلبي لا يحصل إلا من خلال التفكير الذي يبدل في النظرة إلى الواقع , يبدل في الرؤية .
يبدو لي الآن بديهياً أن ردات أفعالنا العاطفية ليست قسماً ثابتاً من كياننا ,بل إنها تنبع من نظراتنا إلى أنفسنا ,إلى الآخرين و إلى الحياة و العالم و الله .
هذه النظرة تتحول إلى محور للحياة ,في إطاره نعمل و نتحرك . و من خلال أفكارنا و مواقفنا ,تنبثق ردات أفعالنا العاطفية . فالعواطف السلبية , إذا كانت ثابتة ,تشير إلى أن هناك وهما في تفكيرنا و تقلبا في رؤيتنا .
  رد مع اقتباس
قديم 06/10/2009   #220
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


6 تشرين الأول

" الإنسان الكامل " يستطيع الخروج من ذاته , و عنده القدرة على الالتزام . و هو في خروجه من ذاته و في التزامه دائماً حرّ . " الإنسان الكامل " بالطبع شخص حر . هناك العديد من " محبي الناس " بيننا . الذين يهبون من وقتهم و مما عندهم , و كأنهم مُدمنون " مرغمون " على العطاء .
يبدو أن فيهم حاجة تدفع بهم إلى ذلك و تقض مضجعهم , و فكأن قلقاً أو شعوراً بالذنب تملكهم و هو يشدهم من أنفهم من عمل خير إلى عمل خير آخر . " فالإنسان الكامل " يخرج من ذاته نحو الآخرين و نحو الله نفسه , لا بدافع قسري قلق , بل بعمل حر , لمجرد أنه قرر أن يفعل ذلك .
الفيلسوف مارتن هيدغير Martin Heidegger - , و في حديث عن الاتحاد في الحب , يحذر من خطرين يُخشى على النمو منهما : الارتياح المكتفي بذاته الذي يرضى بما هو , و النقيض لذلك , أي الحركة التي لا تعرف الهدوء , فتفتقر من إلهاء إلى إلهاء ,بحثاً عن شيء ما في الأفق . النتيجة في رأي هيدغير هي دائماً هجر للذات . في الحب , علينا أن نعتنق و نشغف بالذي هو , و نطمح في الوقت نفسه لنبلغ ما هو أكمل . ذاك هو الاتزان الذي يبلغه " الإنسان الكامل " بين " ما هو " و ما " سوف يكون " .
"الإنسان الكامل " لا يعتبر نفسه ملتصقاً بمن أو ما يحب , و كأنهم ملحقات لذاته . كبريال مارسل - Gabriel Marcel في كتابه " ما أنا و ما أملك ". يأسف كيف أن حضارتنا تعلمنا أن نملك الأشياء , بينما عليها أن تعلمنا كيف نتجرد منها . فالإنسان لا يستطيع أن يعيش حياة حقيقية , و لا يمكنه أن يكون حراً من دون أن يتمرس على التجرد .
  رد مع اقتباس
قديم 07/10/2009   #221
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


7 تشرين الأول

" الإنسان الكامل " شخص فاعل لا راد فعل . يخبر الصحافي سدني هاريس - Sydney Harris - قصة حدثت لصديق له مع بائع صحف
" سلم صديقه على بائع الصحف بكل تهذيب , فبادره بائع الصحف برد قاسٍ دافعاً بالصحيفة في وجهه . أخذ صديق هاريس الصحيفة بكل تهذيب و ابتسم متمنياً لبائع الصحف وقتاً طيباً . و تابع الصديقان طريقهما , و دار بينهما في الطريق الحديث التالي :

سأل هاريس صديقه قائلاً :
- هل يتعامل معك بهذه الوقاحة دائماً ؟
- نعم بكل أسف .
- و هل أنت تبادله بالتهذيب نفسه ؟؟
- نعم .
- لِمَ أنت لطيف معه إلى هذا الحد , مع أنه يعاملك عكس ذلك تماماً ؟
- لأني لا أريده هو أن يقرر عني كيف سأتصرف أنا .
  رد مع اقتباس
قديم 08/10/2009   #222
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


8 تشرين الأول

كلما تمرست على الإتكالية ألفتها , و قد تجعلني أشعر بأن فيك حاجة دائمة إلي , فتسر أنت بأنني أخفف من عنائك , و أشعر أنا ببعض النشوة من جراء إعرابك لي عن شكرك العميق , فأطرب لذلك و قد أوهم نفسي بأنني أقدم إليك خدمة هامة .
و لكن سرعان ما تجد أنك تقوم باستمرار بدور " المحتاج إلى مساعد " و أقوم أنا بدور " المساعد " . و هكذا أشجعك على الاتكالية و أحول دون بلوغك النضج الذي أنت قادر على تحقيقه .
فماذا تفعل إذا عندما يأتيك شخص هو في صدد اتخاذ قرار مستقبلي بعد أن أُرغم عل ترك عمله لأنه رفض الانصياع إلى أوامر رئيسه ؟ أجد نفسي عادة , في مثل هذه الحال , أحول دون اتباعي ميلاً فيّ إلى الإسدال بالنصح و الإفراط بالشروحات , فأجيب عن طلبه بسؤال أوجهه إليه : " ليس لدي الحل لما تطلب , و لكن ما رأيك أنت في الأمر؟ ما هي إمكانيات الحل في نظرك ؟؟ " و قد أضيف , بعد أن أفسح له في المجال كي يفكر بعض الشيء : هل خطر ببالك أن تتدرب في الكلية على عمل آخر في سوق العمل حاجة إليه ؟ أتظن أن موقفك ممن يمثلون السلطة تأثر بالعلاقة القائمة بينك و بين والدك ؟
عندما يأتي شخص يبحث عن بعض المعلومات , من الطبيعي أن أقدمها إليه إذا ما كانت لدي . و لكن عندما يحاول الإفادة من المعلومات ليتخذ قراراً ما , فذلك , يقع , في الأساس , على عاتقه هو .
  رد مع اقتباس
قديم 09/10/2009   #223
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


9 تشرين الأول

هذا يوحي بأن " الإنسان الكامل " هو سيد نفسه , و لا يميل مع كل ريح تهب, و لا هو سجين صفائر الآخرين و غضبهم و نقمتهم , و حقدهم على الناس . فالأجواء لا تؤثر فيه بقدر ما يؤثر هو في الأجواء .
إننا , في غالبيتنا , نشعر مع الأسف و كأننا مركب يتيه بين الأمواج , نفقد الاتزان عند هبوب الرياح و اهتياج الأمواج . نتفوه بعبارات كهذه : " لقد جعلتني أحنق بكل عنف " . " أنت في الحقيقة تُزعجني كثيراً " . " ملاحظتها أحرجتني جداً " . " هذا الطقس يُتعب أعصابي " . " مجرد مشاهدته تُحزنني ".
لاحظ أن الأمور التي ذكرناها " تؤثر بطريقة ما في وفي عواطفي ". ليس عندي ما أقوله عن غضبي و حزني و تعب أعصابي ... و كسائر الناس ,أكتفي بإلقاء اللوم عل آخرين , و على الظروف و سوء الحظ . " الإنسان الكامل " يعرف , كما قال شكسبير في يوليوس قيصر : " إن المشكلة , يا عزيزي بروتس , ليست في نجمنا , بل فينا ... " يمكننا أن نرتفع فوق غبار المعركة اليومية التي تخنق العديد منّا و تُعمي عيوننا . و هذا بالضبط ما هو مطلوب في مسيرة نمو كل شخص .
  رد مع اقتباس
قديم 12/10/2009   #224
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


10 تشرين الأول

يدعو الله كلاً منّا إلى أن نعيش الحياة بملئها , فننعم من لدنه بسلام عميق . و عندما يعكر صفو ذلك السلام ألم , أجسدياً كان أم عاطفياً أو روحياً , ففي ذلك دعوة إلى وقفة تأمل تقود بي إلى داخل ذاتي , أسئل نفسي عمّا هو في . إنه لمن الضرورة بمكان أن أطرح هذا السؤال على نفسي بشجاعة و صدق . أنا لست مسؤولاً عن أن أغير الآخر , و لا العالم من حولي و لا أيضاً موقع النجوم التي فوق . و لكنه بإمكاني أن أغير ذاتي .
ففي وقفة تأمل و صلاة , يمكنني أن أعود بالألم الذي فيّ إلى حقيقة موقفي من الحياة و من الآخر و من الله . قد يكون ذلك الموقف سليماً و لكنه مؤلم في آن , و لكن إذا كان بين حياتك و حياتي وجه شبه , فلا بد و أن نكتشف , كما يحدث لي غالباً , أن ، موقفي لا يمّت إلى مبادئي المسيحية بصلة و أن ذلك البعد عن الحقيقة التي تحررني هو السبب الكامن وراء ألمي .
فرجوعي إلى ذاتي و وقوفي على حقيقة الحال التي أنا فيها بداية طريق العودة إلى ذلك السلام الذي من شأنه أن يبدد من نفسي كل ألم .
  رد مع اقتباس
قديم 12/10/2009   #225
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


11 تشرين الأول

إن مسيرة النضج رهن بطريقة تعاملنا مع المصاعب و التحديات . الإنسان غير الناضج لا يرى إلا المصاعب : إنها تصدم بصره فيتعذر عليه تخطيها . و اهم من ذلك ,فإنه يحجم عن التبصر في موقفه منها . المصاعب تمر و لكن موقفنا منها يبقى . يذكرنا هذا يقول وليم جيمس William James : " في السماء إله يغفر لنا سيئاتنا , أما الطبيعة البشرية فهي لا تنسى " . مواقفنا من المصاعب محفورة في نفوسنا و أجسادنا .فكل ردة فعل , أياً كانت درحة نضجها , تتفاعل لتكون بداية عادة جديدة فينا . و من خلال المواقف وردات الفعل الناضجة , نتمرس على النضج الذي يحدد كياننا . و كذلك المواقف المتتالية التي تفتقر إلى النضج , فهي أيضاً تلقي بدورها في أرضنا .
على المسيحي أن يقبل ذاته دائماً كإنسان في سفر , و يعي أنه لا بد للمسافر من أن يعرف الفشل . و من الضروري أن تخضع المثل دائماً لامتحان الخبرة . و هكذا , فمُثُلنا التي تبدو لنا في الغالب جميلة جداً , سرعان ما تتحول إلى صراع , إلى نكران للذات , إلى معركة لضبط النفس , إلى إرادة مجدداً على أثر فشل و إلى قبول واعٍ لسر الصليب .
المشكلة في العمق لا تكمن في حادث فشل ظرفي , بل في ردة الفعل عندنا على هذا الفشل . إن ردة فعل الإنسان المسيحي يجب أن تأتي دائماً محصنة بثقة عميقة , مبنية على قناعة راسخة بأن الله يقف دائماً إلى جانبه , و أن حب الله أقوى من أي ضعف عند الإنسان , و لا بد لمسيرة النضج من أن تصطدم ببعض العقبات , و تتعرض لبعض الكبوات . و لكن الفشل الوحيد الحقيقي يكمن في الانهزام . عندما تقوى المتاعب , على المسيحي أن يصبح أقوى , عليه أن يكون دائماً أكبر من المشكلة . و في النهاية سيُفضي به تصميمه على الحب إلى أمام صليب الحب المتجسد , و هناك , في المسيح المنتصر , يجد لنفسه الغلبة .
  رد مع اقتباس
قديم 12/10/2009   #226
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


12 تشرين الأول

إنني غالباً ما أفكر في رجال و نساء كبار و كيف أفهم , في تخطيهم ذواتهم تركوا بصماتهم في التاريخ , و منهم مَن احدث تغييراً كبيراً في وجه الدنيا .ما كان حدث لو أن كريستفوفر كولومبوس قال في نفسه : " هل من الممكن أن يكون الكل مخطء و أنا وحدي على حق ؟ و ماذا لو فشلت محاولتي وضعت في عرض البحار ؟ ماذا سيقول الناس عني ؟ " .
و ماذا لو أن توماس جيفرسن استسلم لمخاوفه و قال : " أن أكتب إعلان الاستقلال لدولة جديدة ؟هل بإمكاني أن أفعل ذلك ؟ ما حدث لي لو فعلت ذلك من قبل ! " .
قد تقول في نفسك : " هذا صحيح , و لكنني لست بكريستوفر كولومبوس و لا أنا توماس جبفرسن " . في هذه الحال اسمح لي أن أجيبك " صحيح , و لكن أحدهما لم يكن نا هو عليه قبل أن يجاذف في محاولة تخطي ذاته " .
  رد مع اقتباس
قديم 13/10/2009   #227
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


13 تشرين الأول

نحن غالباً من ننسى أن كل إنسان يحمل في ذاته ميلاً طبيعياً إلى النمو الشخصي يشبه النمو الفيزيولوجي إلى حد ما . فعندما ننظر إلى جسد طفل . نعرف أنه , إذا ما توفر له الوقت و الاهتمام اللازمان , سوف ينمو إلى ملء قامته . و كذلك هي الحال في النمو الشخصي فالإنسان , الذي بلغ مرحلة ما في مسيرة نموه هذه , لا بد و أن يكمل المسيرة نحو النضج , إذا ما توفرت له المساحة الزمنية و الاهتمام الشخصي الذي يحتاج إليهما . و الغذاء الضروري للنمو الشخصي هو قبول الآخرين لنا و تشجيعهم فالإنسان لا يمكنه أن ينمو في جو يرفضه . إذ إن المجال الطبيعي لنموه الشخصي إنما هو احتضان المحيط البشري له , و قبوله هو لذاته .
الحقيقة أننا عندما نجابه بالرفض و عدم الرضى , يتكون لدينا , أنت و أنا , موقف يحملنا على التوقف حيث نحن لأننا نفتقر إلى الحاجة أو القدرة على التقدم و النمو , و كأن قوة قد انتُزعت منّا .... إن بي حاجة إلى أن أُقبل كما أنا فتكون لدي القدرة على السير قدماً نحو ما يمكنني أن أكون .
قبولك لي و احترمك لمسيرتي أنجح بكثير من أية نصائح يمكنك أن تقدمها لي .
  رد مع اقتباس
قديم 14/10/2009   #228
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


14 تشرين الأول


الإنسان الذي يعيش ملء الحياة يفيد كلّ الإفادة من كافة مؤهلاته و قواه . فهو ينمّي قواه الداخلية و يفيد منها كما أنّه يعمل جاهداً ليكون فاعلاً حيث هو .إنه يعيش بسلام مع ذاته , و هو منفتح على كامل الخبرة البشرية و يعبر عن حقيقته ببساطة و شفافية . إن مثل هؤلاء الأشخاص أناس تنبض الحياة في قلوبهم , و العقل عندهم و الإرادة في يقظة دائمة . في العديد منّا خشية تكاد أن تكون طبيعية من الاندفاع في الحياة بملء قوانا . نحن نفضل , باسم الإيمان , أن نغب من الحياة ما نحن متيقنون من هضمه . أما الإنسان الذي يعيش ملء الحياة , فهو ينخرط في الحياة بقوة , و اثقاً بأن مَن يوظف كل طاقاته بجدية يحصد نمواً متزناً لا يعرف الضياع و لا الفوضى .

الإنسان الذي يعيش ملء الحياة حي في جميع حواشه ، يرى جمال العالم و يطرب للموسيقى و الشعر . هو ينعم بأريج كل يوم جديد ، و يتذوق عذوبة كل ساعة من حياته ، و القبح من حوله يُحزنه و يؤذيه .إن في تسلق الجبل صراعاً و لكنّ المنظر من رأس الجبل رائع .الإنسان الذي يعيش ملء الحياة فسيح المخيلة ، مرح المزاج ، مرهف الشعور ، و هو يعرف كيف يواجه الألم كما أنه يتقن التنعم بالفرح .إنه لم يفقد بهجة الدهشة و في قلبه رقة لطف و دفء حنان .
  رد مع اقتباس
قديم 15/10/2009   #229
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


15 تشرين الأول


الإنسان الذي يعيش ملء الحياة حيّ في عقله . هو يعي أهمية قول سقراط و حكمته : " الحياة التي لم تُفهم لا تستحق أن تعاش " . و هو بفكر باستمرار , و بتساءل عن معنى الحياة ، و يصغي إلى ما تطرح عليه الحياة من أسئلة . فيه قلب يخفق بقوة و له إرادة لا تخشى الصعاب .
يحبّ كثيراً و في حبه صدق . إنه يحترم نفسه ، و على هذا الاحترام يبدأ بناء الحبّ . الإنسان الذي يعيش ملء الحياة إنسان يقدر نعمة الحياة و ما وضع فيه الله من قدرات . و يقدر نِعمَ الآخرين و يقلق عليهم . فسعادتهم و نجاحهم و سلامة عيشهم في صلب همومه . إنه ملتزم بالأمانة الصادقة لمَن يحب .
إنّ لأمثال هؤلاء الناس فرح الحياة ، و لهم فيها دائماً بهجة عيد . فحياتهم ليست مسيرة جنائزية مستمرة ، بل إنهم في كل غد على موعد جديد مع الحياة . للحياة عندهم معناها و للموت أيضاً معناه . و ساعة يأتي يجد فيهم قلوباً مفعمة بالامتنان لكل ما كان ، و لما كانوا هم عليه ، و لخبرة حياتهم الجميلة . فكأن ابتسامة تعمّ كيانهم بأكمله و هم يستعرضون حياتهم . و العالم من بعدهم سيبقى مكاناً تحلو فيه الحياة ، و يعمه الفرح و روح الإنسانية ، لأنهم هنا عاشوا و هنا ضحكوا و أحبوا .
  رد مع اقتباس
قديم 16/10/2009   #230
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


16 تشرين الأول

الإنسان الذي يعيش ملء الحياة ، و لأنه يفعل ، يختبر الفشل كما يختبر النجاح ، و يتعرض للألم كما يعيش الفرح . لديه أسئلة متعددة و قلة من الأجوبة . هو يبكي و يضحك ، يحلم و يأمل .
و لكن الخبرة الوحيدة التي تبقى غريبة عن حياته هي خبرة السلبية و الامبارلاة . إنه يقول " نعم " للحياة بكل قواه ، و يستجيب لدعوة الحب من دون تردد . يحس بنبضات الحياة و النمو تدفع به نحو التجدد ، و هو يعمل باستمرار ، فعقله متيقظ و في قلبه شوق إلى التطور .
كيف السبيل إلى مثل هذه الحال ؟
غن الحكمة المعاصرة تشير إلى مراحل خمس تسيير بالإنسان نحو طريقة الحياة تلك . كل مرحلة تُبنى على سابقتها ، و لكن من دون أن يتوقف النمو تماماً في أية مرحلة من المراحل . فكل مرحلة ، في حد ذاتها ، تبقى هدفاً لا ننفك نصبو إليه . و في كل مرحلة ، خطوة جديدة في صلب الرؤية و دخول أعمق في محور الحياة ، و وعي أوضح أو نفاذ بصيرة . و بقدر ما يتعلق المرء في وعيه ، يمكنه أن يحقق ملء الحياة في ذاته .
المراحل الخمس هي :
1- أن يقبل الإنسان نفسه .
2- أن يعيش ذاته .
3- أن ينسى ذاته في الحب .
4- أن يكون مؤمناً .
5- أن يشعر بالانتماء .
ما من شك أن كل نمو يبدأ بقبولٍ فرحٍ للذات . و إلا بقي الإنسان رهنية ألم دائم و حرب داخلية متواصلة . و بقدر ما نقبل أنفسنا ، نتحرر من الخوف ، من عدم قبول الآخرين لنا ، نتحرر فتنمو ثقتنا بأنفسنا . و لكننا ، إذا ما عشنا فقط لأنفسنا ، فسرعان ما تتحول حياتنا كلها إلى سجن صغير . علينا أن نتلعم كيف نخرج من ذواتنا لندخل في علاقات مع الآخرين ، و العلاقات هي دوماً رهن بمستوى الصدق و الشفافية عند الإنسان . و إذا ما خرج الإنسان من ذاته ليكون في صلة حب . عليه أن يطور تلك الصلة ليعيش اختبار إيمان بشخص أو بقضية . و ذلك الاختبار يعطي حياته معنى و يفعمها بهاجس رسالة . و بقدر ما تمتلئ الحياة برسالة و معنى ، يتطور عند المرء شعور بالانتماء ، و تصبح الجماعة حقيقية و واقعاً لننظر في الأيام المقبلة عن كثب في كل من تلك المراحل الخمس .
  رد مع اقتباس
قديم 17/10/2009   #231
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


17 تشرين الأول

الإنسان الذي يعيش ملء الحياة يقبل نفسه و يحب ذاته كما هو . هو لا يعيش في انتظار غد قد لا يأتي ، يظهر هو فيه كما يود ان يكون . إنه يشعر ، كما أنت و أنا أشعر ، عندما نلتقي شخصاً نقدر و نحب . يرى ما هو حسن في حياته ، و يقدر حتى صغائر الأمور من قدراته على الابتسامة ، إلى أكبر القدرات عنده ، يقدر ما هو في أساس طبعه و ما حققه هو بتعبه . و عندما تصدر عنه الصغائر يتعامل مع ذاته بعطف و وداعة . يحاول أن يفهم من دون أن يدين . يفرض على نفسه نظاماً قاسياً و لكن بوداعة .
إن النبع الذي منه يستقي المرء ملء الحياة إنما ينبت في الداخل .
و يعلمنا علم النفس أن قبول الذات و النظرة الإيجابية إلى النفس و الفرح الداخلي في الحياة ، كلها تشكل الأساس الذي عليه تُبنى الحياة الحقيقية و النبع الذي فيه يبدأ كمال الإنسان .
  رد مع اقتباس
قديم 18/10/2009   #232
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


18 تشرين الأول

الإنسان الذي يحاول أن يعيش ملء الحياة شخص تحرر عندما قبل ذاته ، فأصبح بإمكانه أن يعيش حقيقته بشفافية ، إذ إنه ما من إنسان يمكن أن يخاطر في تحمل مسؤولية العيش بشفافية إلا إذا عرف كيف يقبل ذاته بفرح .
في الإنسان توق إلى أن يكون ذاته .
و لكن ارتداء الأقنعة أمر قد يُغري ، لأنه يسهل الحياة و يبني من حولنا سياجات توفر علينا الكثير من الأذى ، و لكنها تقيم حاجزاً بين الواقع و بيننا ، فتشوه رؤية الواقع عندنا ، و تخفف من قدرتنا على الحياة .
إذا كان بإمكاني أن أعيش ذاتي فهذا يعني أني أصبحت حراً أُفصح عمّا أشعر به و أفكر فيه . و الشخص الصادق ينحو إلى الاستقلالية في التفكير و القرار . و قد تخطى الحاجة الملحة إلى موافقة الآخرين على ما هو و على ما يعمل . لا يبيع نفسه إلى أحد ، و ليست عواطفه و أفكاره و قراراته برسم الإيجار . شعاره في طريقة عيشه :
" كن صادقاً مع نفسك " .
  رد مع اقتباس
قديم 19/10/2009   #233
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


19 تشرين الأول

ينسى الإنسان ذاته في الحب

بعد أن يقبل الإنسان نفسه و يعيش ذاته بصدق ، ينطلق في محاولته أن يعيش ملء الحياة ، نحو التمرس على نسيان الذات و إتقان فن الحب .
يتعلم كيف يخرج من ذاته كي يشاطر الآخرين همهم بصدق .
إن حجم عالم المرء بحجم قلبه . و نحن نشعر بارتياح في واقعنا بقدر ما تعلمنا أن نحبه . فالمرأة أو الرجل الذي يعيش بصدق ، يخرج من عالم الأنانية الضعيف الظالم الذي لا يتسع إلا لشخص واحد . هم يعايشون الآخرين عن قرب و يشاطرونهم آلامهم و أفراحهم بكل عفوية .
و في ولوجهم إلى عالم الآخرين بصدق و عفوية ، يكبر عالمهم ، و مدى خبرتهم الإنسانية يتسع . إنهم يعيشون خبرة لا يستحقها سوى أولئك الذين التزموا بالآخرين و أحبوهم حباً " لا أعظم منه " ،
حب مَن هو مستعد لأن يبذل نفسه في سبيل من يحب .

أن يكون الإنسان محباً ، فهذا لا يعني أنه يدور يعمل الخير و يدوّن ذلك ليفتخر به ، و كأنه يستعمل الآخرين كمطية لأنانيّته . الإنسان الذي يحب حقاً ، يتعلم كيف يجعل و يأبى الظهور على المسرح ، بل يبقى دائماً وراء الكواليس . فإذا لم يكن اهتماماتنا بالآخر صادقاً ، فحبنا لا يعني شيئاً . و ما من إنسان يمكنه أن يتعلم كيف يعيش ، إن لم يتعلم كيف يحبّ .
  رد مع اقتباس
قديم 20/10/2009   #234
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


20 تشرين الأول

بعد أن يكون الإنسان قد تعلم كيف يتخطى ذاته ، آنذاك يبدأ يكتشف معنى لحياته . هذا المعنى هو ما سماه فيكتور فونكل Victor Frankl " دعوة خاصة أو رسالة حياة " . إنها قضية التزام بشخص يؤمن به أو بقضية يجند في سبيلها قواه . هذا الإيمان - الالتزام هو الذي يعطي حياة الإنسان نهجها ، فيأخذ كل جهد معناه و قيمته الخاصة . و إذا ما كرس الإنسان نفسه لمثل تلك المهمة ، فلا بد و أن يرتفع فوق تفاهة صغائر الأمور التي تنهش معنى الحياة فتشوهه . و إذا ما خلت حياة امرئ من المعنى ، تحول همه من خدمة الآخرين إلى ذر الرماد في عيونهم . و قد يلجأ إلى اختبارات متعددة ، يبحث دائماً من خلالها عما يحطم التراتبية الفارغة المقلقة في حياته . و لربما بلغ به الأمر إلى ضياع في أدغال أوهام خلقها فيه مخدر أو مسكر . الطبيعة البشرية تمقت الفراغ . فأما أن يكون لنا قضية نؤمن بها ، و أما أن نقضي ما تبقى من العمر في محاولة تعوبض عن فشل نعيشه في عمق أعماقنا .
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد


أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 20:52 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.15273 seconds with 11 queries