أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة > قرأت لك

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03/01/2008   #163
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الشاعر المصرى محمد ابراهيم ابو سنة

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #164
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الشاعر

محمد إبراهيم أبو سنة

حوار : ماهر حسن






نحن بإزاء حداثتين .
لدينا نقاد روجوا لمذاهب نقدية ماتت في بلادها .
ليس لدينا خريطة واضحة لقراءة القصيدة المعاصرة.
التيارات الشعرية الجديدة لا تمتلك ذرائعها الكافية.
لم يعد النقد صالحاً لصناعة النجوم.
أشعر بالتفاؤل إزاء النشاط النقدي المعاصر .
العدد 81 يونيه 1995
قصيدة الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة سره الخاص الذي يستقيه من العام، متضافرا مع تحولات الأمة وتاريخ الشاعر، متزاوجاً بين مشاعره والنبض العام لواقعه، متحركا بمرونة وخبرة مع ما هو آني، مرتكزاً علي النبوءة التي لا تخيب رؤاها، قصيدته هي سره الذي لا يحيط به سواه، لقد ملكته التجربة، فانصهر في أتون القصيدة، التي رفضت أن تتخلي عن فسيفسائها العربية، لقد تشكل في قصيدة.
وعلي الرغم من هدوء صوته، ودفء نبرته إلا أن قصيدته محتدمة العناصر، فكان من أبرز فرسان جيله بسعيه من خلال توليفة شعرية تخصه إلي تأسيس علاقات مغايرة بين تراكيب القصيدة، وموضوعها الرئيس بشكل يدفعنا للاعتقاد، بل واليقين بأن عقيدته قد سعت للاستقلال بانجازاتها عن إنجازات الآخرين. إن مفرداته بسيطة، وحرصه علي معايير الجمال في فن العربية الأول كان شاخصا أمامه، فكان حرصه علي التطوير ملازما لحرصه علي عدم المساس بما يميز القصيدة شأنه في ذلك شأن رفاقه في المشهد الشعري الستيني الذي اختلفت أصواته رغم أن قدح الهم كان واحدا.

نريد في البدء أن نتحدث عن الشاعر والنبوءة فالعديد من الشعراء لمسنا لديهم بعض المضامين التي تحاول استقراء المستقبل، علي ضوء متغيرات عاشوها؟ وهل هذه النبوءة كانت مدعاة لدخول المبدع في جدل بمثابة محك رئيس في تكوين رؤية مستقبلية لدي الشاعر ومفجراً لطاقاته الإبداعية ؟

سؤالك يشي بتلك العلاقة بين المبدع وما هو سلطوي، الأمر الذي يدفعنا للوقوف أولا لدي مفهوم السلطة فهو لا يعني بالضرورة النظم السياسية فقط ، وانما يمتد لما هو أشمل .. فالسلطة تعني تلك القوة الضاغطة علي عصب المجتمع ، والتي تتميز بالتأثير المباشر علي المجموع ، ومن ثم فإن موقف الشاعر والمبدع عموما يتحدد مع طبيعة السلطة..
وبما أن المبدع يشكل قوة مبدعة وخلاقة تقوم في جوهرها علي البحث الدائم، والتطلع المستمر لما هو أفضل، وحيث إن الكاتب قوة تقدمية في الأساس فهو في حالة جدل إبداعي مستمر مع أشكال السلطة سواء كانت سياسية أو دينية أو اجتماعية موروثة، أو مؤسسات عاملة في المجتمع، أو مؤسسات ثقافية ذات ثقل سياسي فهو يصطدم تلقائيا بهذه السلطات سواء في الإطار الذي أشرت إليه في سؤالك وهو «المبدع والنبوءة» كشكل غير مباشر لهذا الصدام الإبداعي / السلطوي.

أو خارج هذا الإطار بشكل مباشر حيث يتحول المبدع لاعتناق أيديولوجيا سياسية معينة كموقف سياسي مباشر ومعلن - وإذا تخلينا بشكل مؤقت عن جزئية النبوءة - فلقد كان هناك أدباء ملتزمون وغير منعزلين عن واقعهم برز دورهم في اللحظات الاستثنائية والتاريخية.

فنري مثلا (بول إيلوار) و(أراجون) و(سارتر) قد لعبوا دوراً هاما في قيادة المثقفين إبان المقاومة الفرنسية للنازي، كما قام آخرون بالتصدي لحكوماتهم إبان القمع الفرنسي لثورة الجزائر، مثلما رأينا (برتراند راسل) وهو يقود المظاهرات التي تدعو للسلام العالمي... وعلي الخريطة العربية رأينا مبدعين كهؤلاء.

فلقد كان الشاعر العربي عموما ممثلا لضمير الأمة ومترجما لخلجاتها في المنعطفات التاريخية والتحولات الهامة.

ولقد بلغ هذا الدور ذروة نضوجه وتفاعله والتحامه مع الظروف التاريخية مع بداية الخمسينيات وإبان الستينيات فمنهم من داهن السلطة، ومنهم من كان صادقا معها، ومنهم من كان جزءاً من مشروع المؤسسة فلم يكونوا سوي ظلال لها.
ولكن لنفرغ من هذا الرصد، لنعود إلي ما يتعلق بالمبدع الشاعر والنبوءة، ذلك أن قدرة المبدع علي استشراف العديد من ملامح المستقبل هي قدرة إنسانية استثنائية، كما أنها قدرة مرهونة بوعي المبدع ذاته وثقافته وتراكماته الخاصة، وهذا لا يعني بالضرورة أنني أري الشاعر عرافاً، ولكنني أري فيه إنسانا واعيا قادرا علي استشراف الحاضر من خلال الماضي واستشراف المستقبل من خلال الحاضر، حيث يكون قادرا علي توظيف قدراته الإبداعية وحدسه الخاص في التكهن بالمستقبل من خلال قراءته العميقة للواقع؛ لأن المستقبل يخرج من رحم الحاضر والحاضر قد خرج من رحم الماضي، أتفق معك أن ملامح الحاضر والماضي والمستقبل مختلفة وليست مشتركة ولكنهم يتشابهون في العديد من الجزئيات
.
وإذا أردنا الوقوف لدي بعض قصائدك علي آلية هذا التنبؤ، فما أهم القصائد التي حملت بعضا من ملامح المستقبل مرتكزا فيها علي طبيعة علاقتك بالسلطة آنذاك ؟

هناك العديد من القصائد التي كتبتها في هذا السياق يحضرني منها الآن ثلاث قصائد :
الأولي بعنوان «غزاة مدينتنا» وقد نشرت في مجلة «حوار» عام 1966.
والثانية بعنوان «الصرخة والخوف» والتي نشرت في جريدة «الأهرام» في نفس العام (الطبعة الأولي) فقط حيث تم رفعها من الطبعات الأخري.
ولقد كانتا بمثابة تنبؤ لما قد يحدث، وقد حدث بالفعل متجسدا في نكسة 1967.
القصيدة الثالثة : كانت بعنوان «أتري يكون الوطن؟!» وقد كتبتها عام 1972 فلقد جاءت النبوءة فيها متجاوبة تماما مع أحداث 1973.
كما أنك تستطيع بسهولة أن تقف علي طبيعة علاقتي بمفهوم السلطة آنذاك.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #165
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي



نتوقف معك عند رؤيتك لمفهوم الحداثة فهل نتعامل معه علي نحو يختلف عنه لدي الغرب عن أي حداثة يتحدثون وعن أي حداثة تتحدث أنت.. كيف نتعامل مع هذا المصطلح ؟

نحن بإزاء حداثتين، حداثة مرتبطة بالواقع والتاريخ العربي مستجيبة ومعبرة عن ما يحدث فيه من تطور لرفض الجمود وهذه هي الحداثة التي أقبلها أو أتحدث عنها وهناك ما أسميه بالهامش التجريبي الذي يعني بفتح نوافذ جديدة تطل منها القصيدة المعاصرة علي العالم وتحلم بالتغيير.

ولكن هذا في رأيي يرتكز علي تيارات أدبية لا تتلاءم تماما مع تصور عناصر التجربة الشعرية في المرحلة الراهنة فهذا الهامش متأثر بشكل مباشر بالشعر الأوروبي والنقد الأوروبي، دون أن يكون نابعا من تطور رؤيتنا الشعرية العربية المعاصرة.
أعني بذلك أن هناك تيارين حقيقيين : تيار يعبر عن الحركة الشعرية العربية في سياقها العام الذي يبحث تطوير نفسه باستخدام معطياته الخاصة به وتيار هامشي تجريبي جانبي يبحث عن تطوره في ظل معطيات الآخر.. فلم يمتلك خصوصية الإنجاز، ومن ثم فإنه لم يمتلك مبرراته وذرائعه الخاصة وهذا تيار يقوده أولئك الذين ينسخون ويزعمون أنهم يفجرون اللغة، ويقومون بخلق عالم جديد في الوقت الذي يمزقون فيه اللغة ويجهزون علي وحدة القصيدة ومستقبلها.

وأصبحت القصيدة نوعا من الهلوسة الشعرية التي ترتكز علي التداعي الحر، غير المنطقي في الغالب، الحداثة في تصوري هي الاستجابة العميقة الواعية للتغيير الذي يلحق بسلم القيمة الإنسانية والواقع الإنساني دون أن تنقطع الصلة تماما بالتراث ودون فقدان الصلة مع المستقبل.

لقد ناقشنا تلك العلاقة بين المبدع والسلطة أو المبدع والأيديولوجيا، فلنتحدث إذن عن العلاقة التي تجمع أطراف الإبداع في إطارها (المبدع والمتلقي والناقد) هل يمكننا الوقوف علي طبيعة الدور النقدي الذي يمكن أن يلعبه في تجديد دم القصيدة العربية من خلال اكتشافه ودفعه لأصوات جديدة إلي الساحة،
نود أن نقوم من خلال هذه الإجابة برصد سريع لمسيرة النقد التي لازمت القصيدة المعاصرة؟!

هناك مراحل ووظائف نقدية متعددة، فيمكن مثلا أن يكون الناقد مبشرا بمذهب أدبي جديد، وعلي الرغم من ذلك فإن هناك شكوي دائمة لأي مبدعين جدد من التجاهل النقدي إزاء إبداعاتهم، وهذه قضية يطرحها كل جيل بطريقته الخاصة.
وأود أن أشير إلي أن النقد العربي كان له أثره الكبير في تقديم العون لقضية الشعر الحديث.
فلولا مشاركة نقاد رواد مثل محمد مندور، وشكري عياد، ولويس عوض، ولولا تقديمهم العون للتيار الجديد لما اكتسب شرعيته في زمن قياسي، ولكن هذا النقد في معظمه قد أكد علي الجانب الاحتفالي في مرحلة من المراحل، غير أننا فوجئنا بأن الأجيال التالية :
- وأنا لا أقصد أن أدين أحدا علي الاطلاق - من النقاد الذين احترمهم أمثال د. صبري حافظ / والذي قدم لأعمالي الكاملة للجمهور بشكل رائع / - ود. جابر عصفور ود. غالي شكري، وصلاح حافظ.. لم يقوموا بواجبهم إزاء الأجيال التي تلت مرحلة صلاح عبد الصبور وجيلنا من بعده.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #166
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ولا نستطع أن نقول أن الإغفال النقدي كان مطلقا وإنما الدور النقدي ذاته قد اختلف من اللهجة الاحتفالية، ليتحول إلي اللكنة الهادئة النبرة التي تنزع إلي التحليل، ولعل تغير طبيعة العمل النقدي قد أثر في وجدانات مبدعين كانوا يحلمون بأن يقوم النقد لهم بمثل ما قام به للأجيال السابقة أي (صناعة النجوم) في حين أن هذا الدور لم يعد صالحاً لهذه المرحلة.
الملاحظة الثانية أنه في الوقت الذي بدأ فيه جيل جديد من الشعراء عطاءه، وفد إلي الساحة هذا الاتجاه السرطاني المدعو بـ (البنيوية) الذي حول الإبداع إلي جداول رياضية وألغاز علمية، ولقد انتشر هذا الاتجاه تحت تهديد سافر بأن من لا يعتنقه فهو متخلف إبداعيا، والذين روجوا لهذا الاتجاه - (الذي مات في بلاده) - هم أنفسهم الذين يواجهوننا بالنفي والإنكار، وبدا الوسيط النقدي الذي كان لزاما عليه إرساء الشرعية للجيل الجديد ومنجزاته مشغولا بقولبة نفسه مع الآخرين وأشاح بوجهه عن الذين يرسمون ملامح مرحلة جديدة، ولعل هذا كان من دواعي عرقلة الحركة الشعرية السبعينية وما بعدها.. رغم المواهب الحقيقية التي أسفرت عنها هذه المرحلة وما بعدها.
لقد أخفقت الحركة النقدية في أن تلعب دورا مواكبا لهذا الإنتاج، والتيار النقدي الذي احتوي المخاض الإبداعي للحلم القومي انطوي علي نفسه في حالة من الرثاء الشخصي بعد انكسار هذا الحلم.
ولكنني لا أستطيع انكار المجهود النقدي المعاصر.. الذي تمثل في ميلاد جيل جديد من النقاد الواعين والمتيقظين والمتعاطفين مع ما هو جديد.
رغم وجود بعض المجلات المتخصصة التي اتحفظ عليها مثل «فصول» التي غلبت علي طابعها العام الدراسات النظرية والتي زايدت بها علي الجوانب التطبيقية، وقد غلبت الرؤية الغربية علي آرائها النقدية، وهي لم تقدم أي مؤازرة للإبداع بل جعلت من النقد كهنوتا يهاب منه ومنفصلا عن الإبداع، وكأنها تبتكر لغة سرية، لا نقدية.
وهل كان لهذا الغياب المرحلي لدور النقد إزاء تقديم التيارات الجديدة أثره علي انحسار جمهور الشعر، وكأن القصيدة تصرخ في آبار مهجورة فلا يرتد لها سوي أصدائها الخاصة ؟
أعتقد أن جمهور الشعر الحديث ليس وحده هو الذي انحسر، ولكن تضاؤل المهتمين بكل ما هو جاد وبكل ما يمثل قيمة فنية حقيقية، بما في ذلك القراءة عموما ولكننا أصلا ليس لدينا خريطة واضحة تتعلق بقراءة الشعر الحديث أو بأسلوب إعادة طرحه علي مائدة اهتمام القارئ، ليس لدينا خطة سوي من خلال توزيع المجلات الأدبية وأري أن هذا التوزيع يجتاز أزمة حقيقية بالفعل.
كما أن عدم تبني الصحف اليومية لنشر نماذج رفيعة المستوي شعريا قد أدي إلي تراجع اهتمام الجمهور بالشعر.
إن ما ينشر في الصفحات الأدبية في الصحف الرسمية يقترب من مستوي الفضيحة الشعرية، فهي قصائد هزيلة في معظمها، ولا أدري كيف يتم نشرها... علينا أولا أن نشذب تلك الذائقة المتخلفة للقارئ العادي الذي يحرص علي اقتناء الجريدة اليومية كذلك هناك مجلات أدبية لا يصل توزيعها إلي نسبة توزيع كتاب لكاتب مجهول.
أيضا هناك أزمة إعلامية... حيث لا يقوم الإعلام بالتقديم الكافي أو اللائق للقصيدة الحديثة.
وأضيف في النهاية - مما أشرت إليه في إجابة علي سؤال سابق - عدم المواكبة النقدية التي لم تقدم تفسيرا نقدياً للحركة الجديدة من القصائد الحداثية.
كل هذه العوامل دون ذكر غيرها.. كفيلة بتراجع شعبية القصيدة المعاصرة بالتحديد.
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #167
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الشاعر والروائى التونسى يوسف رزوقه
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #168
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


الشاعر و الروائي التونسي " يوسف رزوقة " في حوار خاص للجزيرة توك





آمال العريسي ـ الجزيرة توك ـ تونس

"مكانة الشاعر تفتك ولا تهدى في طبق ذهبي نحن نعلم معدنه الرخيص"
"الجمهور الرّاهن منمّط أفسدته الثقافة"
"مستخدمي فضاءات الدردشة العرب لا يدخلونها إلا من اجل امرأة ما"

" ي | ر" التوقيع للشاعر و الروائي التونسي " يوسف رزوقة " و القصيدة تحمل عنوان "ملحمة الخاتم" و التي تنشر لأول مرة في موقع الجزيرة توك كهدية من هذا الشاعر المتميز قبل أن يقدمها في مهرجان جرش في صائفة 2007.
"يوسف رزوقة" من مواليد 1957 بقصور الساف في ولاية المهدية الواقعة في ساحل الجمهورية التونسية .
صدرت له حديثا خمسة دواوين شعرية باللغة الفرنسية. اختص إلى جانب الشعر والأدب في اللّغات و السياسة و الصحافة و الفنون الجميلة.عن واقع الشاعر العربي و قضايا الشعر كان للجزيرة توك هذا الحوار معه:
  • صدرت عنك عديد الكتابات بالعربية والفرنسية منها ما يقدم سيرتك الذاتية و منها ما فيه دراسات لدواوينك الشعرية و ما تتطرحه فيها من أفكار و قضايا بعيون عربية و أجنبية فما رأيك في ما يثار حول افتقادنا لفكر عربي نقدي؟
  • في قصيدة جديدة "ملحمة الخاتم" التي لم تنشر بعد و التي سأقدمها في" مهرجان جرش"القادم أقول فيها في هذا السياق بالذات حول النقاد :

    " ما الشّعر؟
    فالنقّاد إن وجدوا
    فلاسفة
    وتلك مصيبة كبرى
    ولا قانون للشعراء
    يحميهم
    من الظّلم العظيم"
    ي | ر

    حوصلت كل ما نعيشه من أزمة في وجود نقاد عرب أفذاذ و فطاحل بهذه الأبيات التي أعي فيها ما أقول باعتبارها تشخيصا نقديا للواقع النقدي المفتقد الذي نعيشه .و آمل أن يولد ذات يوم نقاد صغار أو كبار حتى ننعم بشيء من التناولات النقدية كي تتغمد ما نكتبه بالحنان النقدي اللازم .
  • قلت اثر وفاة الشاعرة العراقية "نازك الملائكة" : "لتهنأ نازك الملائكة برحيلها إلى هناك حيث عاصمة الاطمئنان الأعظم بمنأى عن رداءات هذا الزمان و ضجيجه الأجوف ". فهل هذه هي الصورة التي تراها بالفعل في زماننا الآن؟
  • أوّلا ،لا نملك إزاء رحيل شاعرة كبيرة ك "نازك الملائكة " إلا أ نشعر بأن قامة رمزية رحلت عنا إلى حيث عاصمة الاطمئنان الأعظم كما قلت في البيان الذي تم فيه تأبين الشاعرة الراحلة من قبل حركة شعراء العالم. و فعلا لوحظ في هذا البيان التأبيني شيء من التشاؤم إزاء الراهن على خلفية أن هذا الزمان، زماننا تحديدا ينطوي على الرعب و مشتقاته بمعنى أن فضاءا اتصاليا معولما كالذي نعيشه لا يحمل في شفرته و في أعماقه إلا عوامل " التشيئة " و ما به يكون الإنسان" شيئا ساعيا " في واجهة القيم السائدة .
    دون أن نعدم وجود جوانب إيجابية في هذا العصر و هي أكثر من أن تحصى و التي تؤكد بأن الإنسان يبقى إنسانا و أن هناك في الأفق نافذة نطل منها على حديقة ممكنة.
  • لمّا كانت رؤيتك للواقع كذلك ،فهل هذا ما يفسر اتجاهك إلى تجارب مشتركة مع فرنسا و اسبانيا و غيرها من الدول ؟
  • لعلّ هاجسي إزاء هذا الواقع يهدف إلى تمكين الكائن من مكانة و البحث عن نقطة ضوء في هذا الليل الطويل و الذي يعلن إزاءه الشاعر حالة الطوارئ حتّى يشخّصه و يبحث عن البدائل الممكنة التي قد تسهم بشكل أو بآخر في تحقيق توازن ما بين الإنسان و بين نقيضه و بين التفاؤل و بين التشاؤم بين الألم و الفرح و بين الحزن الطاغي ...كل هذا أراه رسالة مشفّرة يحملها الشاعر من أجل أن يحقق إنسانية هذا الكائن التي لا تتحمل هشاشته على حد تعبير "كونديرا".
  • فماهي رسالة يوسف رزوقة التي جعلت روائية مكسيكية تجعل من شاعر عربي مغاربي بطلا لروايتها " إيزابيل سيدة البحر " كلمة و روحا ؟ و ما الذي يعنيه بالنسبة إليك أن يعي أناس يحملون ثقافة مختلفة رسالتك في حين أنه كان من المفترض أن يعي ذلك آخرون أكثر قربا؟
  • " الجحيم هو الآخرون " قال أحد الفلاسفة ،و بالتأكيد عندما نكون بصدد فك شفرة الرسالة لتصل إلى جمهور مستهدف لا نعني شريحة بعينها بقدر ما نستهدف الوجدان العام في حد ذاته فعندما وجّهنا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة عند اعتداء إسرائيل الظالم على لبنان ،صرخنا بصوت واحد كشعراء ينتمون إلى حركة شعراء العالم :لا لهذا الاعتداء و أنقذوا وردة لبنان ، قد لا يكون لهذا الكلام ثقل و فاعلية و لكنه على الأقل انخرط فيما يتطلع إليه الوجدان العربي من تعاطف و من تضامن و من رسائل ترمي إلى إدانة الآخر المعتدي و الانتصار للحق و للصوت المستضعف الذي استهدفته إسرائيل . و بطبيعة لحال عندما يثور الشاعر على شيء ما فهذا لا يعني أنه سيركب دبّابة
    و يفخّخ نفسه و لكنّه يحمل رسالة أخرى، رسالة الكلمة التي لها فعل السحر و تنطوي على كثير من الوعي الذي يدين الحركة المذنبة و الظلم السائد مقترحة في الآن نفسه ما به يتحقق التوازن على الخارطة.
  • وردت في إجابتك كلمات عديدة تعني بها التواصل و الوحدة بين الشعراء العرب
فهل تعتبر بأن مثل هذا الأمر ممكن في ظل واقع عربي نحن أدرى بشعابه و صعوبة اتحاده؟
  • صحيح و لكن لعلّه من حسن المصادفات أن نلتقي نحن الشعراء في حركة شعرية عملاقة هي" حركة شعراء العالم" و مقرها الشيلي في أمريكا اللاتينية تحديدا حيث تضم هذه الحركة 2400 شاعرا من القارّات الست تجمعهم أهداف سامية و توجهات واضحة .
  • ولكنّ وحدة الأهداف لا تعني أنهم متحّدون فعلا؟
  • هم متحّدون و إن اختلفوا فالاختلاف ضروري و نحن نلتقي بالأحرى للاختلاف كي نكون، و ليس بشرطه أن نكون كائنات مستنسخة بمبادئ معينة و بسلوكيات متماثلة. لا بدّ أن نلتقي في الاختلاف بشكل أوبآخر. و لعل ّ اختلافنا حول ما حدث مؤخرا بين الأمين العام لهيئة الحركة "لويس أرياس مارثو" و شاعر آخر يهتم بتنظيم مؤتمر" باريس للسلام " الذي ألغي بمقتضاه المؤتمر المفترض أن ينعقد في أكتوبر القادم بباريس على خلفية أن الأمين العام لحركة شعراء العالم كان قد شارك في ملتقى شعري بإيران قابل فيه الرئيس الإيراني و أجّل بذلك المؤتمر لينعقد في سنة 2008 بالبرازيل.
  • في صائفة 2003 تمّ توقيع بيان "دستور الشعراء" في عمان أثناء انعقاد فعاليات مهرجان "جرش للثقافة و الفنون". فهل أصبح الواقع الشعري بحاجة إلى مثل هذا البيان في زمن ما أسهل أن ينتهك فيه بيان أو يقع تجاوزه؟
  • ليس بشرطه أن تكون هناك استجابة ما فورية و مكثفة من جمهور الشعراء.فنحن أردنا من وراء دستور الشعراء الذي وقّعنا عليه في مهرجان جرش 2003 أن يكون بمثابة بيان يحسّس الرأي العام أين ما كان بمدى مشروعية أن يكون للشاعر مكانة و مكان تحت الشمس و دعونا في هذا الدستور إلى ترسيخ الدور الوطني للشاعر و العمل على بلورة وجاهته حتى تظلّ للشاعر كلمته الفاعلة التي لا تغمط في بورصة القيم السائدة و المهيمنة.و بذلك لا بد أن تكون هناك إشارة إلى أن الشاعر ليس مجرد كائن يكتب كلمات تذهب هباءا و لكن له دور كبير و مسؤولية عظمى من أجل أن يشير إلى الأدوية إن وجدت و أن يعلن حلة الطوارئ عندما يلجأ الجميع إلى السكوت.
  • نستشف من كلامك أن الشاعر اليوم لا يمتلك المكانة التي يستحقها، فما الذي يحدث للشعراء فعلا في عالم اليوم من خلال موقعك كأمين عام ل"حركة شعراء العالم"؟
  • مكانة الشاعر تفتك من براثن الواقع و لا تهدى في طبق ذهبي نحن نعلم معدنه الرخيص و بالتالي على الشاعر أن يمتلك أحقية حضوره من أجل أن يكون حيا حتى و إن أدى به الواقع المر إلى التغريد خارج السّرب .فهو منذور بمسؤولية التاريخ و عليه أن يظلّ في النار و لا يحترق و في الماء و لا يبتل سلاحه الكلمة و رؤيته التي تحلق عاليا و بعيدا .و لا يرجو من ورائها أن يقال له شكرا أو ما شابه ذلك. فلا بدّأن يكون له مشروع شعري كبير و أن يناضل من أجله حتى و لو خالفه كل العالم الرأي راهنا .
  • إذا ما كان على الشاعر أن يفتك مكانته حتى و إن غرد خارج السّرب، فكيف لشعره أن يصل؟ و ماذا عن الإطار العام للشاعر؟
بخصوص الإطار العام المرجعي و غيره فإن الرأي العام كالصلصال تماما يشكّل وفق ما يريده المبدع لا وفق ما ينتظره الرأي العام نفسه.فالجمهور كذائقة تقبّل تقليدية قد يصدم بما يطرحه المبدع من أفكار و مقاربات و رؤى مختلفة عنه، سيتقبلها مع الأيام لترسخ كقيمة محتملة شيئا فشيئا إلى أن يسهم هذا المبدع في إضافة شيء ما إلى هذا المتقبل الذي كان رافضا لمثل هذه الأطروحات التي بدت له غريبة

آخر تعديل butterfly يوم 21/01/2008 في 08:00.
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #169
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


  • على ذكر الجمهور ،هل للشعر جمهوره في تونس ؟
  • الشاعر يكتب من أجل جمهور متخيّل بمعنى أنه لا ينتظر جمهورا مكرسا عاديا كجمهور كرة القدم أو جمهور هيفاء وهبي أو من لفّ لفّها. و لكن للشاعر جمهور من نوع آخر ،هو يمكن أن يحمّله في متقبل واحد يغني عن ملايين المتقبّلين لما يكتبه الشاعر الآن. فالمعادلة قد تبدو غريبة و لكن للشاعر منطق خاص و هو يكتب للجمهور الذي تعج به السّاحة الثقافية.
  • فهل يعني ذلك بأنك تتّبع منطقا خاصا عندما تكتب القصيدة؟
  • بالتأكيد، أنا أكتب للمتقبل القادم في شكل طالب ، أستاذ يدرس للأدب الحداثي أو الطلائعي ، في شكل امرأة تحب الكلمة باعتبارها بديلا عن رداءات متفشية ، في شكل باحث ...
  • لكأني بك عندما تكتب تؤسس لجمهور معين ،أليس صحيحا؟
  • بل وجدانا بديلا سيطعاطى معه جمهور قادم و ليس جمهورا راهنا ،فلا يهمني الجمهور الراهن لأنه جمهور يعيش على علاّته منمّط أفسدته الثقافة حتى أصبح يرقص على " تار بوفلس " كما يقول المثل التونسي.
    و لا ينطوي بذلك على ما به يكون متقبّلا نوعيا و يراوح بين ما هو ثقافة و شأن يومي و اقتصاد
    و تاريخ ...أنا مع هذا المتقبّل الذي يؤمن بانفجار الوجبة المعرفية التي يحصل عليها كل يوم و لا يكتفي أن يكون رأسه محشوا بكل أنباء الكرة أو معارف حول شخص لا شأن له إلاّ لأن له سرعة فائقة في التلاعب بالكرة ،لا بدّ له أن يراوح بين هذا و ذاك. أن يكون مغرما بالكرة و مغرما بالرياضيات و العلوم و الأدب و الإنترنات...و بكل منجزات التكنولوجيا الحديثة حتّى تحصل له الجدوى و يصبح ضميرا مستترا تقديره إنسان.
  • فكيف يعيش لشاعر وسط هذا الكم الهائل من التأثيرات؟
  • الشاعر يعيش غربته و غرابته و هروبه من الكائن لهذا كله يحاول الشاعر الآن و هنا أن يعيد للقصيدة بيت القصيد.
  • أهي الإرادة نفسها هي التي جعلتكم تأسّسون "الصالون المتنقل لشعراء العالم" ؟
  • الصالون محاولة لتجسير التواصل بين أفراد العائلة الشعرية الموسعة فعندما زرنا أدباء متقدمين في السن و في التجربة ،لاحظنا كم كانت تلك البوادر غيثا على هؤلاء الذين أحسّوا في فترة ما بالعزلة. فزيارتنا لهم كانت بمثابة تأكيد للتواصل بين جيل يعيش عنفوان الحضور و يدأب على التحرك يمينا وشمالا و بين جيل أعطى كثيرا ثم وقف مع الأيام على مشارف شيخوخة داهمة.
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #170
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


  • ألا تخشى من تلك الشيخوخة الدّاهمة و العزلة ؟ و هل ترغب أن تكون لك زيارات مماثلة في وقت آخر؟
  • - يضحك ثم يقول- في الواقع لا أخشى أية شيخوخة لأن الشاعر يعي تخوم العزلة و حدودها و يعمل جاهدا من أجل الحفاظ على التواصل و التعاطف مع الآخر ، ذلك قدرنا حتىّ لا نشعر بهذه العزلة القاتلة ثم من أجل أن نرسّخ أركان العائلة الشعرية الموسعة.
  • إذا ما اتّفق الكثير من النقاد على أن واقع الشعر في العالم العربي يزدد سوءا، فما هي نظرتك للأجيال القادمة من الشعراء؟
  • أنا لا أرى ما يرون لأنّ الرّداءات المتفشية ميزة كل عصر منذ ضياع الخاتم في بئر إيريس و منذ بدء الكون كانت الرّداءة و كان الأفق أيضا. و بالتالي نحن نعوّل كثيرا على أريحية أن يكون للشاعر دوما جناح عملاق يحلّق به عاليا و بعيدا و يحاول أن ينتصر للقيم السّامية و أن يبذر في أرض" الياباب" التي قال بها " إيلوط" بذور الكلمة الطيّبة التي ستنمو إن غدا أو آجلا في شكل زهور يانعة.
  • لو نتحدّث عن بعض الشعراء الذين تخلوا عن كل هذا تحت وطأة الضّغوطات و يواصلون الكتابة رغم خضوعهم لتلك الخيارات؟
  • يحدث هذا في أشد العائلات وجاهة و تشدّدا، لنرى شاعرا حاد عن الطريق من أجل التكسّب السريع أو من أجل منصب لا يدري أنه سيزول غدا أو من أجل لا شيء أحيانا، يمتدح شخصا لكي لا يحصل إلا على السّراب.كل هذا نعرفه و لكن" لا يبقى في الوادي إلاّ حجره " كما نقول في المثل التونسي.
  • و لكن لكي "لا يبقى في الوادي إلاّ حجره"، ماذا فعلتم لتحصّنوا عائلتكم الشعرية الموسّعة ضدّ كل هذا؟
  • تجمعنا في حركة شعراء العالم قيم نضالية واضحة نلتقي كل يوم عبر الانترنات و في المؤتمرات العالمية لنناضل من أجل أن يكون للشاعر موقع على الخارطة و أن تحترم ذاته كشاعر و إنسان و كلمة. و أن نلتقي فذلك في حد ذاته إنجاز عظيم لتحريك السّواد أي هذا يعني أن هنالك دفء و أن هناك عادة حميدة من أجل تأسيس ما به يتجذّر معنى الخير في معياره الحضاري الجديد.
  • فيما تتمثل علاقة الشعر بالثقافة الرقمية و آثارها على أساليب الكتابة ،هل تهدمه أم تخدمه؟
  • بخصوص التعاطي مع الشبكة العنكبوتية وفضاء الدردشة تحديدا ليس لنا إلا حد الآن عربيا تقاليد وظيفية للتعاطي مع هذا المنجز التواصلي العظيم .فمن خلال الاحتكام إلى فضاءات الدردشة العربية غالبا ما يزعجني الوعي المفقود لدى مستخدمي هذه الفضاءات المتاحة .
  • كيف لامست عدم الوعي هذا؟
  • ألامس ذلك من خلال تفكيك شفرة مستخدمي هذا الفضاء أو ذاك ، تصوّري مثلا أنني لا أريد إضاعة الوقت في دردشة جانبية من اجل كسب ودّ سيدة الأقمار السبعة على نبل ما في هذه العملية من إحساس طيب والتي يخيّل لي أحيانا أن مستخدمي فضاءات الدردشة العرب لا يدخلونها إلا من اجل امرأة ما ...فقط يلتقونها صدفة و يمنّون النفس بنظرة عبر الإيمايل و المنتدى و هو ما لا اطرح نفسي مناهضا له. و لكني أتمنى أن يكون في المقابل وعي بتوظيف هذه الفضاءات لما هو أطروحات فكرية و ثقافية و إبداعية .فأنا أدأب على مراسلة شعراء العالم بمعدل ألف رسالة في الأسبوع و هناك تحدث المفاجآت أو بالأحرى المفاجعات ، ذلك أن شاعرا عربيا صديقا طلب مني أن أسحب عنوانه الالكتروني من قائمتي لا لشيء إلا لأنني لا امثل له و هو يعيش كبتا عربيا عظيما ينبوعا أنثويا بديلا له في غربته .فما كان مني إلا أن أسأله لماذا يدأب على وضع بريده الالكتروني في موقع على الانترنت، هل لتغرر بصديقتي أو بأختي أو بأية امرأة عربية أيّها العربي الفحل الأصيل . ليس هذا إلا مثالا بسيطا يعكس مستوى هذا الشاعر الذي ينطوي في داخله على شيء حيوانيا يجعله لا يفكر إلا بغريزته و هذا الأمر يدلّل و يناقشه الشاعر و لي دواوين في ذلك عن" ارض الصفر" و "جمهورية مايكروفيست" و" واد السيليكوم ". و لكن أنا لا أنفي حق الشاعر في البحث عن نصفه الآخر و لكن برفعة و ليس برداءة.
  • على ذكر التصادم مع الشعراء كان لك تصادم أثمر تجربة مميزة في أمريكا اللاتينية، صحيح؟
  • بالفعل قررت في لحظة تصادم مع شاعرة فرنسية لمّا كنا بصدد الإعداد لورشة شعرية حول إيقاع شرق غرب، قررت الاتجاه إلى أمريكا اللاتينية عبر اللّغتين الإسبانية و البرتغالية فأنا أكتب بهما و أحاول أن يكون لي إنجاز نوعي في هذا السياق. و عندما ذهبت إلى هناك و جدت كل ما أتطلّع إليه من حرارة وحب وحلم وحرية وحياة في تلك الأرض المتّقدة حيث الشمس و الخصب و الإنسان الذي لم ينقرض بعد كما في بعض العواصم التي طغى فيها الشيء على القيمة الإنسانية الراهنة .
  • عندما يجد "رزوقة" ما يبحث عنه في مكان آخر، فهل هذا يعني أنك فاقد لكل هذا في المكان الذي كنت فيه ؟
  • الشاعر اليوم يفتقد قيما شتّى في واقع بلا قلب كما يقول الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي. فكل مدينة هي بالتأكيد مفرغة من نبع الحنان و يعيش فيها الشاعر غربته و غرابته وضياعه و لكن هذا لايمنع أن في العالم بقارّاته الست أماكن أخرى مازالت تنبض بالصدق إلى الحد الذي جعل روائية مكسيكية تكتب رواية ثلاثية عني. فهذا لا يتحقق إلا إذا تحقق شرط التواصل الإنساني والحب الاستثنائي الذي لا يعترف بالحواجز .
  • هل تشعر بالغربة عندما تكتب بلغة أخرى بعيدة عن العربية؟
  • لا،لا أجد أية غربة لأنني اخترت منذ البداية أن أكون جسما طائرا مجهولا أعبر الأرض قارة ثم أخرى وأبحث عن صوتي الضائع لأجده هنا أو هناك وأظل أتحسس صدى هذا الصوت حتى أعثر على نفسي في النهاية في شكل صرخة في واد، في شكل وردة في المكسيك، في شكل نهر في الأرجنتين...كل هذا يجعلني في لحظة اكتشاف لجسدي و الايقاع الذي ذهبت به إلى هناك فاختصر المسافات ليكتمل الموقف وأكون به شمسا مشرقة على نفسي .
  • عهدنا أن نذهب نحن للغرب كمبادرة منا للتقريب بين الثقافات و خلق ما يسمى بالحوار بين الحضارات فهل ترى في الغرب تقبّلا فعليا لذلك بعيدا عن الشعارات و التسميات ؟
  • الغرب لا يكلف نفسه عناء المجيء إلى هنا فذلك وعي إستثنائي عندما بدأ المبدع في التسويق لنفسه تماما كما يفعل السياسي حتى يمتلك أحقية ظهوره في المشهد السياسي و للشاعر نفس السياسة التي عبرها يحقق التواصل فأن تذهب إلى أمريكيا اللاتينية لا بد أن تبدأ بالمغامرة وان تكون كبيرا إلى حد يجعلك تجري في لغته أشياء و كتابات تحقق الإضافة التي لم يستطع أن يحققها أصحاب اللغة الإسبانية و البرتغالية أنفسهم.
  • و هذا ما أحدث لك مشكلة إثر صدور مقال مقارنة بينك و بين شاعر إسباني و آخر فرنسي و ما كان من زملائك العرب إلا أن احتجوا على ذلك.فكيف تصف هذا الموقف خاصة و أن هؤلاء ينتمون إلى العائلة الشعرية الموسعة؟
  • في الواقع أنا أتجنب الإحتكام إلى الأحكام الصادرة عن نظرائي من شعراء المرحلة . فهذا أمر طبيعي لأنه لكل منا الحق في أن يمتلىء بذاته وأن يستكثر على زميل له أن يشعّ ويحلق عاليا .عكسي أنا فأنا أحب لكل الشعراء العرب و غير العرب أن يكونوا عباقرة زمانهم .
  • كيف لا و أنت أمينهم العام ؟
  • ليس لهذا الشرط بالذات فالمهم أن تحب الآخر لأن حب الآخر فن في حد ذاته حتى تكون في حلّّ من كل العقد النفسية و ما شابهها لكي تنطلق كبيرا.و ليس بشرطه أيضا أن تحوز على شهادة تقدير من نظرائك فهو حجاب المعاصرة كما يقولون.و لكن يكفيك شرف المغامرة و أن ترتمي في البحرأو في الاقينوس من أجل أن يكون لك مكان أو لا يكون .
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #171
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الشاعر سركون بولص
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #172
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حاوره: صلاح عواد*

- جاءني الشعر مبكرا كالضربة التي مازلت أسترجعها حتى هذا الزمن.
- الحداثة مفهوم غامض وصعب التفسير ويعتمد على موقف الشاعر الشخصي من الثقافة والعالم.
- في قصيدة النثر ليس ثمة ما يقيد الشاعر سوى تجربته الخاصة وديمومة الصوت والايقاع.


منذ فترة تزيد على عشرين عاما يقيم الشاعر العراقي سركون بولس في مدينة سان فرانسسكو، هذا الشاعر المنحدر من مدينة كركوك حاول مع أقرانه حين وصلوا إلى بغداد في الستينات تغيير خارطة الشعر العراقي، وفي إحداث ثورة بأساليبه وتقنياته ضمن مشروع يريد تجاوز ما أنتجه جيل الرواد الشعري جيل قصيدة التفعيلة.




ومن بغداد حمل سركون مشروعه الشعري، حيث توقف في بيروت وتعرف على تجربة مجلة شعر اللبنانية وساهم في تحريرها وترجم العديد من النصوص الشعرية من اللغة الإنجليزية، خصوصا لشعراء القارة الأمريكية، الذين عبروا عن روح جديدة تختلف عن الشعر الانجليزي المكتوب في بريطانيا تنسجم وفضاء القارة الجديدة على حد تعبير اكتافيو باز. ربما هذا الاكتشاف للشعر الأمريكي الذي ساهم فيه شعراء عراقيون آخرون مثل جان دمو وفاضل العزاوي دفع سركون للذهاب إلى موطن حركة الحداثة الثانية في الشعر الامريكي، فسان فرانسسكو هي المكان الذي أنعش حركة جيل البيكنس ومن هناك برز الشاعر ألن غينيسبرغ ولويس فرلينفتيني وغيري سنايدر ومايكل ميكلير، إضافة إلى بروز جاك كيرواك والكاتب وليم بروغ صاحب رواية «الغذاء العاري» التي أحدثت ضجة كبيرة في الوسط الأمريكي وأصبحت في الستينات إنجيل ذلك الجيل.
في سان فرانسسكو تعرف سركون على مصادر الشعر الأمريكي، وتعرف على بعض شخصيات جيل البيكنس، وتعرف على شعراء آخرين اختطوا لأنفسهم نزعة جمالية تتسم بالتأمل وبالنزوع الصوفي مثل الشاعر هيروين. وخلال الأعوام التي قضاها في سان فرانسسكو بقي سركون مخلصا للشعر ولترجمة الشعر، وأثناء تلك الإقامة الطويلة التي قرر أن ينهيها بالذهاب إلى أوروبا خصوصا إلى لندن وباريس طور سركون تقنياته الشعرية، وصارت اللغة لديه أكثر حسية. فهو بالرغم من إقامته الطويلة في الولايات المتحدة لم يتخلص من لهجته البغدادية وبقي نفس القروي ذلك القادم من كركوك.
وكان اللقاء الأول به في مقهى يقع في حي أغلب سكانه من المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية بسان فرانسسكو. وقال هذا أول لقاء له مع شخص عراقي من سان فرانسسكو له اهتمام بالكتابة. ومن المقهى ذهبنا مع صديق لي صاحب مكتبة عربية في المدينة إلى حانة شعبية صاحبها من المكسيك ويتحدث أغلب زبائن الحانة بالإسبانية. وكان سركون قد قرر وقف التدخين، فالجو كان غير ملائم في مكان يدخن فيه الجميع بكثافة وبعد ساعتين غادرنا الحانة وتوجهنا إلى مطعم مكسيكي يبيع وجبات مكسيكية بهيئة ساندويش كبير. وقبل أن ألتقي بسركون في اليوم الثاني اشتريت آلة تسجيل صغيرة، واتفقنا على ايجاد محل هادىء لإجراء الحوار، وبعد جوله طويلة شاركنا فيها طالب دراسات عليا من الكويت في هذه المدينة النائمة بوقاحة على لحف المحيط كما وصفها بقصيدة له، وجدنا مكانا هادئا في حانة شعبية لها ساحة ذات فضاء واسع لم يشاركنا فيها أحد في جلسة استمرت أكثر من ثلاث ساعات وكان هذا الحوار.

س: كيف كانت البدايات ولماذا اختار سركون الشعر؟

ج: أنا أعتقد أن الشعر يختار، وأحيانا دون ارادتك وهذا يعني أن الشعر موقع خاص تصل إليه بشروط معينة تدفعك إليها تجربتك الحياتية. وجاءني الشعر مبكرا منذ كنت صغيرا. وكان كالضربة التي مازلت استرجعها حتى في هذا الزمن المتأخر كلما حاولت أن أكتب قصيدة. وفي مفهومي إن الشعر نوع من السحر الذي من الممكن أن يغير حياتك كاملة، كما قصد ذلك ريلكة في قصيدة له عندما قال "عليك الآن أن تغير حياتك".

س: متي تؤرخ لأول قصيدة كتبتها؟

ج: كانت قصيدة عن صياد أذكر أني كتبتها وأنا في الثانية عشرة من عمري، وأنا لم أنس تلك القصيدة لأن فكرة الصيد هي مفهوم الشاعر الحقيقي. أي أن الشاعر يجلس على البحر أو على الشاطىء كل صباح ويدلي بشصه في الماء لعل هناك سمكة عابرة فالشاعر هو صياد.

س: الآن تدرك هذه المعادلة فلماذا اخترت الصياد كمعادل للشاعر؟

ج: اخترت الصياد دون أي وعي وكنت أصغر من أن أكون واعيا بما أفعل آنذاك، ولكنني أرى الآن أن الشعر بحر والشاعر هو الصياد وهناك شبكة ما. ولنقل أن الشبكة هي القصيدة وعليه
(أي الشاعر) أن يخلق تلك الشبكة وهذا عمل يستغرق طيلة الحياة

س: وبعد ذلك..؟

ج: بعد ذلك، البدايات تستمر ولا اعتقد أن ثمة نهاية للشعر، فالشاعر هو دائما بداية. ويؤكد كاتب إيطالي أجله كثيرا اسمه شيزارا بافيسي يقول أنه «ليس لنا سوى أن نبدأ» وفي هذه الحال ليس لنا سوى أن نبدأ وهذا هو قول الشاعر الحقيقي.
س: إنك من مدينة كركوك وانتقلت من كركوك إلى بغداد وفي مجموعتك الثانية "الحياة قرب الاكروبول " ثمة حضور لمدينة كركوك فكيف تصف لنا تجربة كركوك ؟

ج: هناك فرق كبير بين كركوك وبغداد. فكركوك مدينة غريبة التركيب من حيث الأجواء الاجتماعية ومن حيث الأقوام التي تسكن فيها، ذلك الخليط العجيب المتكون من العرب والآشوريين والأكراد والأرمن والصابئة ومن الأجناس العتيقة التاريخية التي وجدت نفسها في الشمال، حيث أن المدينة كانت دائما منبعا إنسانيا متنوع اللون والشكل. وهو منبع لا ينتهي لغرابة اللغات المتبادلة بين تلك الأقوام، بينما بغداد هي بغداد وهي شيء آخر ولها طابع يعرفه كل من عاش في تلك المدينة. وكركرك بالنسبة لي هي بداية الكتابة وكانت المنبع والمكان الذي فتحت فيه عيني على مواقف الشعر. وعندما ذهبت إلى بغداد كان تركيبي الشعري قد ثبت وتصلب تقريبا حتى ولو كانت بغداد هي المنبر الحقيقي والمكان الأوسع روحا والأكثر امتلاء بالحياة عندما وجدت نفسي في

  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #173
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ما هي ملامح كركوك في تجربة سركون الشعرية ؟

ج: لقد كتبت عن كركوك في كل كتبي وفي شكل خاص في كتابي الأخير «الأول والتالي» وفيه قصيدة اسمها نهار في كركوك. وهي قصيدة تعبر بالضبط عن صورة كركوك التي لا زالت تلازمني، وهي قصيدة كتبت في أمريكا بسان فرانسسكو.

س: إذا أردنا أن نتعرف على ملامح ذلك الشاعر الشاب سركون بولص في كركوك كيف نتعرف عليه؟

طبعا.... هذا الشيء لا يمكن أن أعبر عنه إلا شعريا في قصيدة ولكن سأحاول (يضحك)

س: بعد مرحلة كركوك تأتي تجربة بغداد كيف كانت تلك التجربة ؟

ج: كانت بغداد بالنسبة لي الخروج من الأحلام والسقوط في حلم آخر كبير. فبغداد هي الحلم وكنا نحلم نحن شعراء المدن النائية كمدينة كركوك بتلك الروضة المليئة بالنيون والمليئة بالملذات كما كنا نتخيلها نحن القرويون تقريبا، ذلك لأن الكركوكي بالنسبة للبغدادي في الفترة التي أتحدث عنها وهي فترة الستينات كان نوعا من القروي، وهو يمثل التفكير الريفي بالنسبة للتفكير المديني الذي كان يجسده رجل العاصمة حيث الحانات وحيث الانفتاح من الناحية الاجتماعية في الجنس والنساء والحب. فبغداد أكثر تحررا من مدينة مغلقة اجتماعيا مثل مدينة كركوك، كبقية المدن الأخرى الصغيرة حيث الحب مثلا كان شيئا سريا وخفيا ومازال حتى الآن. وكنا نحلم ببغداد وكأننا إذا وصلنا سنكون قد وصلنا إلى واحة كبيرة بالحياة.

س: في بغداد وجدت نفسك مع جيل شعري جديد كان يفكر بكتابة جديدة تتجاوز ما أنتجه جيل الرواد الشعري في العراق.

ج: في تلك الفترة كانت بغداد مليئة بالشعراء وكان جيل الستينات الذي جاء من جميع أطراف العراق ربما كان مدفوعا بنفس الحلم ومتبعا نفس الخطى معا. وجد ذلك الجيل نفسه في المقاهي حيث النقاش السياسي والثقافي دائر ليل نهار، وكنت تجد نفسك في معركة سحرية جميلة يشارك فيها العشرات من الشباب وكانوا هم من أدرك إن الثقافة ليست مجرد لعبة ايديولوجية كما كانت مثلا عند الرواد، وإنما هي حلم أكبر من ذلك وأكبر من أن تتداول مفاهيم معينة كالثورة والثقافة والشعر، لأن العالم كان كله يلتهب ويغلي بالنسبة لهؤلاء الشباب ويجعلهم يحسون أن طاقتهم جديدة تماما وينبغي أن تكون ثورية ومختلفة بشكل آخر بالنسبة عما سبقهم. ونتيجة لذلك الإحساس وليس التفكير الذي كان يشكل حساسية معينة كان هو الذي ميز شعراء الستينات عن الشعراء الذين سبقوهم وجعل شعرهم وكتاباتهم روضتهم إلى عالم أكثر حداثة وانفتاحا.

س: في تلك الفترة ظهرت مستويات مختلفة من الكتابة التي تدرج ضمن مفهوم الحداثة

ج: الحداثة هي مفهوم غامض وصعب التفسير ويعتمد على موقف الشاعر الشخصي من الثقافة والعالم بشكل عام. أي إن الثقافة تجربة تقف وراء الشاعر والتي تقرر مدى فهم هذا الشاعر أو ذاك وعلى أي مستوى من ما نسميه بالحداثة. وكانت حداثة الرواد تشكيلا جديدا للتفكير الرومانسي الذي هو ثوري أصلا. وكانت متأثرة بتقنيات شعراء الحداثة في أوروبا كإليوت وستويل وعزرا باوند وأودن الذين خلقوا الحداثة الأوروبية والعشرينات والثلاثينات من هذا القرن، في حين أن الشعراء الذين جاؤوا بعدهم - شعراء الستينات - كانوا يقرأون لأجيال أخرى جاءت ما بعد إليوت وباوند وأردن كشعراء البيكنس مكر ألن غينيسبرغ وجاك كيرواك وغيرهم من شعراء الحداثة الثانية في أوروبا وأمريكا. فالتأثيرات التي فعلت فعلها في شعراء الستينات لم يعرف عنها شعراء الريادة الأولى أي شيء، لأن ثقافتهم توقفت عند حدود الحداثة البدائية الأولى، حداثة إليوت وعزرا باوند.

س: هذا يعني حدوث قطيعة مع جيل الرواد؟

ج: إن جيل الستينات كان جيل القطيعة لأنه تبنى أولا قصيدة النثر، وأن قصيدة النثر هي ثورة حقيقية ورفض كامل لأسس معينة استند إليها ويحتمي بها الشعر العربي الكلاسيكي والتي تفرع منها شعر الرواد. فشعر الرواد كسر العمود الشعري وهذا لا يعني أبدا أن الشعر قد تحرر، لأن القيود مازالت كما كانت عند شعراء مكركيتس وووردزروث. فالسياب مثلا كتب بنفس النمط الذي كان يكتب فيه كيتس، فهو أحدث الشعراء على الإطلاق وأعتبره أهم شاعر عربي وقد كتب حسب أنماط موجودة في الشعر الإنجليزي وكانت ثقافته إنجليزية بحتة واتبع نفس التقنيات والقوانين التي كانت عند شعراء الرومانسية الإنجليزية ولم يتبع تقنيات شعر إليوت وعزرا باوند. فهو قد تأثر بإليوت فكريا وتقنيا ولكن ليس بشكل الكتابة الشعرية. وعلي أن أعترف إن المسألة معقدة فإليوت وشعراء الحداثة الأوروبية جاؤوا لكي يثوروا على شعر الرومانسية عند بايرون وكيتس وشيلي وووردزروث وعلى غيرهم من شعراء الرومانسية، وشعراء الرومانسية هؤلاء قد تأثروا في شاعر سبق إليوت وباوند هو توماس هاردي الذي جاء واعتبر في الشعر الإنجليزي أكبر وريث حديث للرومانسية، الذي نقاها وشكلها في قوالب أخرى. أما شعراء العراق الذين سميناهم بالرواد فقد جاؤوا ليكتبوا قصيدة كما كتبها هاردي وليس كما يكتبها إليوت أو باوند وأردن وغيرهم من الشعراء الذين جاؤوا وثاروا على هاردي وريث الرومانسية.
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #174
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


هل يصح مثل هذا الحديث على الجيل الثاني من الرواد مثل سعدي يوسف؟

ج: هذا جيل أخر يضم كلا من سعدي يوسف ومحمود البريكان ورشدي العامل وشعراء آخرين وقعوا تاريخيا بين الرواد وبين الستينيين ونطلق عليهم شعراء الخمسينات. فسعدي يوسف مثلا هو شاعر ذكي وواع، وكان في بداياته مدركا بشكل جيد لهذه المسائل. والغريب أنه قد قام بوثبات مذهلة بتقنياته في شعره الباكر، لكن سعدي يوسف مازال يحمل ذلك النفس الرومانتيكي الحديث لأن شخصيته الشعرية لازالت تتراوح بين قطبين، قطب الحداثة المطلقة وقطب الحداثة المقيدة. وفي هذا المجال خلق سعدي أنماطا جديدة في الشعر موسومة بطابعه الشخص، لأنك تستطيع أن تتعرف على قصيدة سعدي أينما وجدتها وهو شاعر كبير ولم يخلق قطيعة مع الرواد قطيعة كاملة وأنه بحكم عمره وموقعه التاريخي كان مجددا حقيقيا.

إننا عندما نتحدث عن التجديد المطلق الكامل أو عن القصيدة التي تذهب إلى نهاية القطيعة ينبغي أن نتحدث عن قصيدة النثر إذا أردنا أن نفهم أين مستقبل الشعر العربي. ونحن حين نقول قصيدة النثر فهذا تعبير خاطيء لأن قصيدة النثر في الشعر الأوروبي هي شيء آخر. وفي الشعر العربي عندما نقول قصيدة النثر نتحدث عن قصيدة مقطعة وهي مجرد تسمية خاطئة، وأنا أسمي هذا الشعر الذي أكتبه بالشعر الحر كما كان يكتبه إليوت وأودن وكما يكتبه شعراء كثيرون في العالم الآن. وإذا كنت تسميها قصيدة النثر فأنت تبدي جهلك لأن قصيدة النثر هي التي كان يكتبها بودلير ورامبو ومالارميه وتعرف بـ (prose poem) أي قصيدة غير مقطعة. وأصبحت هذه المسألة معروفة الآن. واعتقد أن النقاد العرب، يصرون على هذه التسميات كي يشككوا في قيمة قصيدة النثر لذا نحن نحتاج إلى نقاد مستقبليين يتحررون من هذه العقدة أي عقدة الخوف وأن يفهموا بعد دراسة حقيقية للشعر العالمي ماهية قصيدة الشعر الحر. ونأمل أن يأتي جيل جديد من النقاد يتميز بهذا الفهم، بهذا الانفتاح دون خوف وعقد. ويبدو أن الكثير من كتبوا عن قصيدة النثر كتبوا عنها بشكل عدائي، وهناك فهم خاص في أن قصيدة النثر هي قطيعة نهائية وهذا صحيح وهذه القطيعة هي ضد الشعر وهذا أمر غير صحيح
.
س: في الوطن العربي ظهر جيل بعد تجربة الرواد مثل جيل أدونيس ومحمود درويش وصلاح عبد الصبور وآخرين هل أضاف هذا الجيل إلى تجربة الشعر العربي الحديث ؟

... طبعا دون شك

س: أنت تتحدث عن قطيعة عن قصيدة التفعيلة لكن الاتهام الذي يوجه إلى جيلكم هو التأثر الكبير بتجربة أدونيس الذي لم يتحرر من قصيدة التفعيلة.

ج: بالطبع إن جزءا من شعراء ذلك الجيل كانوا شعراء ايديولوجيين الذين وجدوا عند أدونيس ضالتهم المنشودة. وأن شعراء الايديولوجيا في الستينات والسبعينات في الشعر العربي هم من تأثر بأدونيس لأنه شاعر ايديولوجي وأنا لا أقصد بذلك طعنا بأدونيس وإنما أقصد أن ثمة جانبا كبيرا من التفكير الايديولوجي يسير شعر أدونيس.

س: هل شكت تجربة أدونيس إضافة إلى الشعر العربي الحديث؟

س: دون شك إن أدونيس شكل إضافة وهو شاعر عظيم وأنا لا أحب أي واحد أن يطعن بأدونيس وهو شاعر لا يحتاج إلى شهادات ولا يحتاج إلى إثبات أي شيء لأن نتاجه يقف هناك شامخا.

س: من خلال تجربتك الخاصة كيف تنظر الى أدونيس؟

ج: أنا من خلال تجربتي أختلف شخصيا ونهائيا عن تجربة أدونيس وأعرف شعر أدونيس وأين يتجه وأحترم ذلك الاتجاه، لكن مفهومي الحقيقي للشعر هو: أن كل شاعر ينبغي أن يبني عالما كاملا لأن كل شاعر مختلف في تقاسيمه وإيقاعاته وفي تجربته التي يجترع منها تلك الإيقاعات وتلك التقاسيم وأنا لا أعتقد أن أي شاعر يخرج هكذا ويقلد شاعرا ما، هذا الأمر ليس له أي معنى.

س: في الستينات كتبتم كثيرا ويبدو أنكم مارستم نوعا من الاستعجال في الكتابة ومن خلال الأعمال التي نشرها أبرز ممثلي جيلكم هناك نوع من التخلي عن الكتابات التي يبدو عليها الحماس والاستعجال وأنت واحد منهم حيث نشرت كثيرا في مجلة شعر ومواقف ولم نجد الكثير من تلك النصوص في المجموعات الثلاث التي نشرتها من شعرك.

ج: هذا صحيح وعلي أن أتحدث عن تجربتي الشخصية وأستطيع أن أحكم عن شعراء آخرين وربما قد تكون لي آراء معينة في هذا المجال وأنا لم أتبع الطرق المعتادة التي يتبعها الشعراء الآخرون لأن حياتي كانت مضطربة بشكل مهول وأنا لم أعش الحياة الجيدة اللطيفة الثابتة التي عاشها أغلب الشعراء بعد التخرج من الجامعات وإصدار مجموعات شعرية منظمة والتعامل مع الناشرين. فأنا عشت الشعر وفي رأيي إن الشاعر المبدع هو أن يعيش ذلك الشعر الذي يريد أن يكتبه. فالشاعر بالنسبة لي هو متناحر مع تجربته الحياتية حقا، وتجد الكثير من القصائد إن لم يكن تسعون بالمئة منها لا تعتمد على تجارب حياتية حقيقية رغم أن هذا ليس شرطا ولا يهم القارىء في النهاية. غير أني أجد أن الشعر بالنسبة لي حاجة عظيمة ومخيفة وسحرا أحتاجه لذلك فإن الشعر لا يعني أي شيء عندما يكون مجرد نتاج وملء صفحتي كتاب لذلك لدي ثلاثة كتب فقط، ولدي قصائد منشورة هنا وهناك وفي مجلة أدونيس "مواقف" لدي قصائد منشورة من الممكن أن تكون أكثر من كتاب ولكني لم أجمعها على الإطلاق ولا تلك القصائد التي نشرتها في مجلة شعر والتي تتجاوز الخمسين قصيدة. فأنا لست شاعرا نظاميا، أنا شاعر من نوع آخر.
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #175
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


س: في المجموعة الأولى "الوصول إلى مدينة أين" يحمى القاريء أن القصائد منتقدة من فترات معينة وليس ثمة تاريخ للقصائد فهل كنت متعمدا في هذا الاختيار؟

- ج: إن قصائد "الوصول إلى مدينة أين" هي قصائد متفجرة وهي قصائد الحيرة بدءا من العنوان وإذا فتحت الكتاب وقرأت الكلمة الأولى وهي «وصلت» وقرأت الكلمة الأخيرة في الكتاب "ذهبت" تجد في الكتاب أن فكرة الوصول إلى مدينة أين محتجزة بين هاتين الكلمتين. ففي البداية تصل ولكنك في النهاية تذهب ولم تصل إلى أي مكان لأن ليس هناك أي مكان والمسألة هذه تلتقي مع قول القديس أوغسطين أنه "ليس هناك مكان نحاول أن نذهب ونجيء إليه ولكن ليس ثمة مكان" التي كانت حاضرة في مجموعة الوصول إلى مدينة أين.

س: هل تنطبق هذه المقولة على اختيار كل القصائد في المجموعة؟

ج: أنا أختار القصائد لتشكل كتابا وليست مجموعة قصائد، وأنا أكتب كتابا له بداية ونهاية وتجد هذا في الكتاب الثاني "الحياة قرب الأكروبول" فالكتاب الثالث "الأول والتالي" يبدأ من الطفولة وينتهي في نيويورك وهو يضم سبعة أجزاء وهذا ينطبق على كتاب "الحياة قرب الاكروبول" فكل البلدان التي عشت فيها والمدن التي تعرفت عليها والنساء التي شكلت تجربتي تقولب نفسها كي تتخذ هذه الأشكال وفي النهاية تصب في نوع نهائي هو الكتابة.

س: في نصوص «الوصول إلى مدينة اين» تقنيات في الكتابة تكاد أن تتشابه.. كيف تصف تلك التقنيات؟

ج: هذا الكتاب حاولت أن أجمع فيه جوهر الأصوات المتعددة التي كنت أكتب فيها منذ بدء الستينات بكتاب جاء في الثمانينات أي بعد نشر الكثير من القصائد في المجلات العربية غير أني لم أجمع منها سوى النزر اليسير وركزت بدل ذلك على ما أسميه بالقصائد التفجيرية، لأني أردت أن يكون الكتاب الأول مركزا على النثر بصورة كاملة دون أي تشبث بقصائد الوزن التقليدية كما كانت تكتب من قبل الرواد وأن تكون قطيعة مطلقة من حيث الصوت ومن حيث الإيقاع النثري الخالص مع الشعر السائد. وأنا حين أنظر إلى كل ذلك من خلال هذه المسافة الزمنية أجد أن الجنون العاطفي والايقاعي الذي يصل أحيانا إلى حد اللاوعي والاستغراق به في هذه القصائد هو دليل على ما كنت أعانيه عندما جئت إلى الولايات المتحدة من بيروت وهو دليل على حيرتي إزاء هذا العالم الشاسع الوحشي الذي وجدت نفسي فيه وكيف يمكن لي أن أعبر عما كنت أعيشه وباي سبل. كانت هناك ضرورة قصوى أن أجد أشكالا أخرى لتقمص التجربة الأمريكية كامتداد لتجربتي في الستينات في كل من بغداد وبيروت وهكذا جاء كتاب "الوصول إلى مدينة أين" وهو يعبر عن اللامكان الذي كنت أقف فيه آنذاك.

س: في المجموعة الأولى نلاحظ أن القصيدة تتكون من مقاطع قصيرة حيث تعتمد التقطيع، في حين نلاحظ في المجموعة الثانية "الحياة قرب الأكروبول" ان القصيدة تتكون من جمل طويلة وأحيانا تكون مقطعا كاملا فكيف وصلت إلى مثل هذه التقنية ؟

ج: هذا سؤال رائع، بالطبع هناك قصيدة الضربة، منها مثلا قصيدة الجلاد في الكتاب الأول التي تتكون من ثلاثة أسطر وهي عن الطاغية الذي مازال شبحه يلاحقنا حتى الآن وهذه قصيدة كاملة
وهناك قصائد أخرى من هذا النوع في الكتاب، إنها القصيدة الشرسة والصوت الذي يواجه الموضوع مباشرة ويطلق سهمه نحو الهدف. ويضاف إلى ذلك القصائد العنيفة أي تجربة قصائد النثر التي يمكن لها أن تدخل اللاوعي بشكل عاصف حيث تدوخ اللغة العربية وتبدو أجنبية. واللغة من الممكن أن تغرب بهذه الطريقة. وفي الشعر الحديث إذا درسنا صناعة الحداثة نجد أن تغريب اللغة هو أول الأفعال لفصلها وقطعها عما سبقها بحيث تقف وحدها بلباس أجنبي لتبدو لغة أخرى، ومن هنا تبدأ هذه الصناعة. لذا فإن لغة كتاب "الوصول الى مدينة أين" هي اللغة التي غربت نفسها قصدا لأن الهدف في كل الكتاب هو أن تقف على حدة من جميع ما هو سائد وهذا هو فعل الثورية الحقيقي العنيف الذي ربما فاق الحدود في رأيي. بينما في الكتاب الثاني وجدت نفسي أكثر هدوءا وأتعمق في التجربة الحياتية حيث أن الصوت شكل نوعا من الجملة المطولة التي لا تقف عند حد في حين كانت الجملة بالكتاب الأول عنيفة وشرسة. بينما أصبحت في "الحياة قرب الأكروبول" أكثر امتدادا لتنال مدى أبعد.

س: هل جاء اختيار الجملة الطويلة ضمن خطة واعية أم أملتها التجربة الخاصة ؟

ج: دون أي شك جاءت ضمن اختيارات واعية جدا وأنا واع جدا لعملية كتابة القصيدة، ففي الكتاب الثالث «الأول والتالي» تخلصت من أشياء كثيرة كانت موجودة في الكتابين الأولين، وجرت فيه - أي الكتاب الثالث - عملية تركيز مكثفة حيث أن الوعي يبرز أكثر في كل كلمة. لذلك جاءت القصائد أقصر والديمومة تنال القصيدة بأكملها. ففي القصائد الأخيرة نجد ديمومة الصوت التي بدأت في الكتاب الأول بشكل عنيف كما قلت ومن ثم تطورت وهدأت ونضجت أكثر في الكتاب الثاني حيث تنفرش على الساحة الأصوات والايقاعات وتعطيك خلفية كاملة ومطلقة وبتفاصيل حقيقية تعتمد مرجعيا على التجربة الحياتية مثل الحياة في اليونان والتي استمرت - تلك التجربة الاغريقية - في الكتاب الثالث وثمة قسم كامل لقصائد اليونان في "الأول والتالي" متطورة تقنيا إلى حد أن تتخذ القصيدة مشاهد العالم الحقيقي والتعابير والأشكال والايقاعات التي يستنبطها الشاعر من ذلك العالم.

س: من أين تستمد الايقاع؟ وأنت تؤكد أن التفعيلة تجعل من القصيدة ذات تركيب أفقي وذات شكل هندسي من الممكن أن تتصوره قبل كتابة القصيدة، فأين تجربة محمود درويش الذي حاول أن يطوع التفعيلة ويمنح القصيدة أفقا مفتوحا من حيث الايقاع؟

ج: إن البحور العربية تفرض على الشاعر العربي - أي قبل أن يكتب قصيدة - أن يمشي عبر الصفحة بشكل معين ودون حرية مطلقة، أي أن الشاعر مهما برع في السيطرة والسيادة على الوزن هناك دائما الايقاع الهندسي الذي تفرضه شكلية البحر المختار لكتابة القصيدة. واذا قررنا أن نكتب على إيقاع بحر الكامل مثلا لوجدنا أنفسنا مجبرين على اختيار كلمات معينة ومطولة تتوافق مع متفاعلن ومستفعلن. أي أن مجزوءات هذين الشكلين اللذين يؤلفان بحر الكامل سيفرضان علينا دائما طوال القصيدة أن نتقيد بالكلمات التي تنبني أو تنصب في هذين الصوتين، فـ(متفاعلن) يقابلها (متفجر) لذلك ستكون كل قصيدة تكتب على بحر الكامل ستكون على الاطلاق مؤلفة من كلمات يكون الجزء الأساسي منها مشددا حيث لا تكون ثلاثية أو رباعية وانما من كلمات خماسية وسداسية وأكثر.

س: يعتبر بحر الكامل من البحور التي تمتاز بالتعقيد فهو يجمع بين بحر الوجز والسريع والمتدارك، وثمة عدد قليل من شعراء التفعيلة الذين لجأوا إلى استخدامه مثل أدونيس ومحمود درويش.

ج: إذا كان الأمر يتعلق بشاعر سيد على وزنه وسيد على قصيدته قد يكون مختلفا، فشعراء مثل أدونيس ومحمود درويش هؤلاء يعرفون كيف يمسكون بالتيار وكيف يسيطرون على الدفق. وأنا أتكلم عن أشياء مسبقة عن السيادة ومطلقة بالنسبة لأي شاعر يكتب بالوزن، أي ما أسميه بالقصيدة الأفقية إذ يكون من الصعب كسر السطوح التعبيرية والايقاعية فيها وأحيانا يكون صعبا بشكل استحالي، وعندما يتعلق الأمر بالنثر وأنا أتحدث عن سيد نثره وسيد الايقاعات وهذا لا ينطبق على جميع الشعراء وانما ينطبق على قلة حيث يمكنك أن تخلق في النثر إيقاعات حقيقية وحرة تضرب في مجالات لا يمكن للقصيدة الموزونة أن تطرقها.

س: كيف يمكن تحديد هذه الإيقاعات؟ وما هي إيقاعات القصيدة التي تكتبها؟

ج: عندما نتحدث عن الإيقاع الموزون والإيقاع النثري فإننا نتحدث عن شيئين مختلفين، ذلك لأن الأذن العربية لفرط تعاملها مع الوزن قد صارت مخدرة وتعترف بإيقاعات خاصة معينة تنتج نوعا من الطرب وهي الإيقاعات التي تحتويها البحور العربية. لذا يبدو أن الأذن العربية تحتاج إلى وقت طويل كي تتعود على إيقاعات النثر، وقصيدة النثر لا تعتمد على الإيقاع فحسب بل هي تعتمد على أشياء كثيرة فالإيقاع هو عنصر واحد. وهو في قصائد معينة يتبع دائما الثيمة والموضوع والشكل والأشكال الشعرية الأخرى التي لا تمتلكها قصيدة الوزن بكل بساطة لذا فإن التعقيد في هذا النوع من الشعر- شعر النثر -هو من أول الشروط الشعرية التي يتبعها الشاعر.

س: نلاحظ أن تجربة جيل البيكنس الأمريكي استفادت من إيقاعات معينة مثل الجاز حتى عندما نقرأ نثر جاك كورياك نجد إيقاعات الجاز حاضرة في نثره.

ج: دون أي شك هناك إيقاعات الجاز والبلوز والإيقاعات التي استقاها والت ويتمن من التوراة، إضافة إلى الإيقاعات التي استوحاها واستنبطها ألن غينيسبرغ من ويتمن نفسه ومن الشعر العبراني. واستنبط جاك كيرواك إيقاعات من موسيقى البلوز ومن ما يسمى بالبيب بوب في الجاز وإيقاع الهايكو الياباني فهي تقنيات وأشكال ساهمت في الخلق الشعري الحديث ما بعد إليوت والتي شكلت ما يسمى بما بعد الحداثة كحركة.
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #176
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


س: إذا أردنا أن نتحدث عن قصيدة النثر العربية فهل تمكنت من خلق إيقاعات موسيقية أخرى غير مصادر الموسيقى العربية التقليدية المتمثلة ببحور الخليل؟

ج: إن قصيدة النثر العربية الحاضرة هي قصيدة مغامرة انطلقت من عدم الاقتناع بايقاعات القصيدة التقليدية وإيقاعاتها مستمدة من شكل القصيدة ومن التجربة الموجودة فيها. لذلك فإن الإيقاعات غير ثابتة وغير ممكن أن تكون مقننة في قصيدة النثر، فكل قصيدة لها إيقاعها الخاص يضاف إلى ذلك أن كل قصيدة لشاعر معين تمتلك إيقاعه الشخص الذي يدل عليه وهذا الشيء الذي لا يمكن لقصيدة الوزن أن تفعله على الاطلاق. بينما في قصيدة النثر ليس ثمة ما يقيد الشاعر سوى تجربته الخاصة وديمومة الصوت الذي تشتمل عليه القصيدة والتفاصيل الأخرى التي ليس لها أية نهاية والتي تنضاف إلى مسألة الإيقاع. فالإيقاع ليسر منفصلا في هذه الحالة عن التراكيب الأخرى في قصيدة النثر.

س: لنعد مرة ثانية إلى تجربتك في الكتابة، في كتابك الأول «الوصول إلى مدينة أين» نجد أنه يعتمد على الصورة حيث يبدو كل سطر صورة، في حين نلاحظ أنك تحاول أن تتخلص من الصورة في كتابك الثاني «الحياة قرب الأكروبول» وتلجأ إلى السرد.

ج: هذا صحيح ففي الكتاب الأول كان اعتمادي على الصورة بشكل مبالغ فيه، ذلك لأني كنت منذهلا بالصورة في ذلك الوقت، وبصورة مبسطة أكثر كانت الصورة المكثفة بالنسبة لي آنذاك هي جواز المرور إلى عالم اللاوعي وكنت مندهشا وأفكر صوريا إلى أن تجاوزت هذا الموضوع ووجدت نفسي في الكتاب الثاني أتخلص من الصورة قدر الإمكان، وأبسطها حيث أن الصورة تخدم شيئا آخر هو الحالة أو المشهد الشعري الداخلي الذي ينظر إليه كمرجع للخارج أي في الحياة المدرة والمتدفقة. فالصورة كانت في الكتابب الأول سوريالية وحاولت أن أتخلص من آثار التصوير المباشر في الكتاب الثاني والثالث.

س: في الكتاب الأول تلجأ كثيرا إلى أدوات وحروف التشبيه هل كان هذا لضرورة فنية؟

ج: لقصيدة النثر تقنيات وأساليب تعتمد كثيرا على المقابلة وعلى تقابل الأشياء وتصادمها، لذلك فالصدام بين الأشياء والصور هو الذي يخلق الوديان الكلامية في الكتاب الأول.

س: «الأول والتالي» يبدو أنك تحررت كثيرا من أدوات التشبيه

ج: في الكتاب الثالث أكاد لا أشبه إلا بطريقة غير مباشرة. وهذا يعني أن عملية التشبيه تطورت إلى حد أنها نفت نفسها فصار التقديم أو التجسيد هو الذي يحظى باهتمامي وهناك قصيدة في "الأول والتالي" تتكون من أكثر من عشرين مقطعا عنوانها «تجاسيم» وهذه الكلمة اخترعتها وتفهم بمعنى "التجسيد" للحالات، فصار التجسيد بدلا من التقابل الصوري واللجوء إلى أدوات التشبيه.

س: كلمة "العالم" نكاد نجدها تقريبا في كل نصوصك الشعرية فلماذا هذا الاصرار على هذه المفردة؟

ج: منذ وقت طويل وعند بداية مسيرتي تأثرت بفكرة جاء بها فيلسوف ألماني اسمه ليبيتن وهي فكرة عن المونولودجيا أي أن العالم يتكون من وحدات شكلية سماها بالمونادات فكر شيء هو موناد، فالقنينة هي موناد والعين موناد والكأس موناد وكذلك الشعر والقمر والمصباح والنجوم. وهذه الفكرة تطورت الآن في الوقت الحاضر بالفيزياء الحديثة خصوصا في فيزياء اللايقين عند هاينزبورغ حيث أن هذا العالم لا قيمة ولا معنى له على الاطلاق، لم يكن هناك من يسمونه بالرقيب أي المشاهد الذي يقف في مكان ما من الكون ويقول هذا الشيء المعلق في الفضاء اسمه نجمة وذاك اسمه قمر وهذه هي مجرد اسماء ووحدات أو مونادات بالكون وهذه ببساطة فكرة الفيزياء الحديثة وأنا مؤمن بها ومنذ شبابي سيطرت على هذه الفكرة. وأغلب القصائد التي كتبتها مليئة بالعشرات وربما بالمئات من الوحدات الموجودة واقعيا في العالم التي تتركب مع بعضها البعض لتكون عالما كاملا مستقلا بحيث أن هذه الوحدات والمونادات تتصادم مع بعضها في حقل ميدان من الطاقة حيث تكون القصيدة في النهاية ميدانا حيا من الطاقة الفيزيائية وهذه الطاقة تقرر شكل القصيدة.

س: في المجموعات الأول نراك مشغولا بالفكرة كثيرا وربما هذا ما يفسرا للجوء إلى الصورة في حين نشاهد في المجموعتين الثانية والثالثة ميلا نحو الحسية واستفادة من فنون الكتابة الأخرى كالرواية والمقالة.

ج: إن قصيدة النثر هي التي تستغل وتغرف من كل الروافد ومن كل الأنهار ومن طرائق الكتابة المقالية وتغرف من الكتابة الدينية ومن النص الصوفي ومن العلم ومن السينما والباليه والرقص وربما هذا الذي يشكل إيقاع قصيدة النثر. فالشاعر عندما يكتب يكتب بكل حواسه وبكل معرفته ولا يكتب مثل الشاعر التقليدي الذي يحاول أن يطربنا ويهزنا أو يحاول أن يقنعنا بفكرة سياسية أو أيديولوجية، فالشاعر الآن الذي يقف في مركز الكون وفي مركز التجربة الحياتية حينما يكتب تكون السياسة والايديولوجية والموسيقى وكل الفنون مصبوبة في نظرة ورؤيا وفي موقف حسي وهدفه في النهاية أن يدخلك في هذا الحقل من الطاقة الحية وفي هذه العاطفة المطلقة كما قال عزرا باوند أنه "لا شيء غير العاطفة". والعاطفة هنا بمعنى (Passion) الوجد الوجودي والكوني فالشاعر هو كائن يحترق كي تبرز هذه الطاقة ولكي يكون وقودا لهذه العاطفة ولهذا الوجد. وأنا لا أجد أي شيء يمكنه أن يقنعني بأن قصيدة النثر مجرد شكليات أو مجرد تقنيات أو ضرورة تاريخية كما يتحدث عنها النقاد أو كتقليد سخيف لقصيدة الغرب. فهذه القصيدة هي الضرورة وكان الشاعر العربي يتطور نحوها على الإطلاق منذ القرآن الكريم. وتكاد أن تكون كل الكتب الدينية مكتوبة بالنثر وهي الكتب التي مازالت تهز البشر.
س: في كتاب " الأول والتالي " ثمة استفادة من الشعر العربي القديم وحضور لشخصية النابغة الذبياني وللشاعر عمرو ابن أبي ربيعة، فهل تطمح في خلق علائق جديدة مع شخصيات من الشعر العربي القديم؟

ج: أحيانا أجد نفسي أفكر بشروط زمانية معينة وتعطيني حسا ثابتا لتواريخ معينة، وأحيانا ارتبط مع التاريخ والتراث بشكل اعتباطي وليس شرطيا أبدا. وهكذا يحدث أن أجد نفسي أتحدث وأعيش جوا خاصا يربطني بشاعر معين قرأته في فترة ما وبقي جزء من شعره يغذيني في الحاضر. إن بضعة أبيات للنابغة الذبياني قد بقيت في ذهني وهي تتحدث عن الكواكب وعن السهر والأرق في عهد الملك النعمان بن المنذر عندما كان النابغة شاعر البلاط بالحيرة. وجدت نفسي ذات ليلة في سان فرانسسكو أرقا في ليلة مليئة بالنجوم، وكنت قريبا من البحر ومن الحس التاريخي وبصورة غير واعية أحسست بارتباطي بهذا الشاعر.
وحدث أن اكتشفت أن الأزمنة كلها متداخلة، وأن الذبياني الذي عبر عن هذه الحالة موجود في كل الأزمنة، ومن بينها الزمان الذي أعيش، والذي ولدت فيه قصيدة "كواكب الذبياني" وبشكل واع ربطت الذبياني بمدينة سان فرانسسكو وبليلة معينة من أوا خر القرن العشرين وبليلة لا أعرف بأي تاريخ كتب عنها الشاعر الذبياني.
وأما بالنسبة للشاعر عمرو بن أبي ربيعة الذي أعده من أعظم شعراء الغزل في العالم وهو من أندر الشعراء الذين استعملوا السرد الزماني لخلق جو معين فيه حركة وطاقة، وبنوع من التلاعب والضحك وجدت نفسي أشكو له عن حالتي مع الحب والغزل والمرأة حيث كتبت له مرثية. والمرثية هنا فيها من اللعب لأنها ليست بمرثية على الإطلاق، لأنني أرثي لما أقول للموضوع الذي هو جرأة المرأة الحديثة التي تجرك للسرير بحيث تقطع إمكانية الغزل كما كان الأمر في حياة وزمن عمرو بن أبي ربيعة. وأسمي هذه العلاقة مع التراث أحيانا بالعلاقة الشرطية وأحيانا بالعكسية والتي تتميز في بعض الأوقات باللعب وعدم الجدية، وبالترابط الحي الإنساني وليس بتجربة الكتابة فقط.
س: هل تفكر بإعادة مثل هذا اللعب مع شاعر عربي قديم آخر؟

ج: لدي الآن قصيدة عنوانها "إلى امرىء القيس في طريقه إلى الجحيم" وهي قصيدة أجري فيها حوارا مع امرىء القيس، وبالطبع في أمريكا وفي حالة معينة كانت تشبه حالة امرىء القيس عندما كان يهرب من المنذر بن ماء السماء الذي قتل أباه وحدث أن ذلك الزرد المسموم المشهور قد أهدي من قبل ملك الروم آنذاك إلى امرىء القيس الذي كان سبب موته. جعلتني هذه القصة وقراءة معلقته ذات ليلة أحس به حيا ضمن إطار تجاوز الأزمنة وتداخلها، وأتحاور معه ليس كشخص وإنما من خلال كوة الظل الشعري الذي نسميه امرأ القيس الشاعر. وعليك أن لا تنسى أن الشعراء حتى لو عاشوا في نهاية القرن العشرين فهم مسكونون بالأجداد والأشباح والأطياف الشعرية والتاريخية وهذا الأمر يردنا إلى المونادات أو الوحدات الوجودي
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #177
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


س: قيل عنك أنك كنت تقطع نهر دجلة سباحة من أجل اللقاء مع الكاتب الراحل جبرا ابراهيم جبرا.

"يضحك" إن جبرا كان بالنسبة لي ولشباب آخرين أبا حقيقيا. وكنت أسبح وأعبر جسر الجمهورية كل يومين أو ثلاثة من الأسبوع، كان بالنسبة لنا أيضا مصدر رزق حيث كان ينشر لي ولرهط من الشعراء المفلسين من بينهم جان دمو الذين كانوا يتوافدون يوميا على مكتب جبرا ابراهيم جبرا في مجلة "العاملون بالنفط".
وكان جبرا أبا روحيا بالنسبة لي وكنت أتحدث معه لأنه كان واحدا من العقول النيرة التي أستطيع أن أتحدث معها عن اكتشافاتي في الأدب العالمي التي كنت أقرأه بنهم وكنت مذهولا بالأدب الغربي. وكان جبرا ابراهيم جبرا الكاتب والمترجم والشاعر شخصية فذة، كأنه واحد من شخصيات النهضة الأوروبية العظيمة كدافنشي، التي لها إحاطة بالعلم والأدب والفن والتيارات الفكرية الأخرى، إنه ليس شاعرا أو كاتبا فقط وإنما هو بالنسبة لي كان شخصية عالمية. وأنا عرفته عندما اكتشفت أنه يحرر مجلة «العاملون بالنفط» وكنت آنذاك في كركوك وعرفت أن المجلة تدفع مكافأة مالية كانت متواضعة غير أنها بالنسبة لي آنذاك غير متواضعة، فالدنانير الثلاثة أو الخمسة التي تدفعها كانت كافية لليلتين أو ثلاث في حانة مع عشرة شعراء مفلسين.
س: هل ساهمت تلك العلاقة مع جبرا في ترسيخ عملية الترجمة لديك؟

ج: كان جبرا بالنسبة لي المثال العظيم وهو الذي قام بترجمة شكسبير وآخرين وكنت معجبا بترجماته لشكسبير فهو كان مثالا للمترجم الحق. وأقول لك قصة أنه عندما تركت بغداد للذهاب إلى بيروت والتقيت بجبرا ابراهيم جبرا في مكتبه ببغداد في كرادة مريم أعطاني مخطوطة الملك لير مطبوعة على الآلة الكاتبة كي أوصلها إلى يوسف الخال ببيروت لغرض نشرها في دار النهار. وكان جبرا لا يعرف وأقول هذا للمرة الأولى بأنني كنت ماشيا عبر الصحراء على الأقدام وكان يعتقد بأني ذاهب كأي مسافر بالطائرة أو بالسيارة إلى بيروت، ولم يدر بخاطره هذا الأمر حتى وفاته. ولم أقل له بأني حملت مخطوطة الملك لير معي في حقيبتي عبر الصحراء وفي أحقر الفنادق بحلب وحمص ودمشق وعبر الحدود السورية اللبنانية ومع مهربين مغامرين حتى وصلت بيروت وسلمت مخطوطة الملك لير إلى يوسف الخال ونشرتها دار النهار.

س: أنت تقول انك تكاد تمارس الترجمة يوميا وترجمت العديد من النصوص، ما هو اثر الترجمة على نصك الشعري؟

ج: التأثير كان كبيرا جدا. والترجمة فن قائم بذاته وأنا عندما أترجم -خصوصا الشعر- أقوم بكتابة النص من جديد باللغة العربية محاولا أن أجد الصوت الكافل كما ينبغي أن يكون بالعربية لذلك الشاعر المترجم. وهذا امتحان قاس جدا، والترجمة اليومية المستمرة هي نوع من التمرين بالنسبة لي. وهذا التمرين هو ممارسة اللغة لكي أجد البدائل في العربية لأقصى وأدق التعابير في اللغة الانجليزية. والتحدي هو أن تجد في اللغة العربية التعابير الدقيقة والتراكيب المعقدة التي تجدها أحيانا عند كبار الشعراء. فمثلا أحيانا أقوم بترجمة أبيات من جحيم دانتي لأني أحب أن أترجم لنفسي المقاطع الصعبة لأمتحن اللغة العربية وأتساءل هل يمكن لهذه اللغة أن تعبر عن هذا الشيء أو ذاك كما أجده باللغة الانجليزية لأحد أعظم شعراء اللغة الايطالية. ويقود هذا التمرين أحيانا إلى تجاوز نفسك واللغة لاختراع نوع جديد من التراكيب الشعرية وكل هذا طبعا يؤثر في النهاية علي كشاعر عندما أكتب.
س: الشاعر الامريكي ميروين مهووس بالترجمة، وقد تلقي نصيحة من الشاعر عزرا باوند في بداياته الشعرية الذي حثه على الترجمة، واكتشف الشاعر ميروين أن لغته قبل القيام بالترجمة كان فقيرة وخالية من الدلالات، فهل توفر لديك نفس الاكتشاف بعد ممارسة الترجمة؟

ج: عندما ترجم عزرا باوند للشعر الصيني أحدث ثورة كبيرة في اللغة الانجليزية على الاطلاق وما زالت أصداؤها تتردد حتى الآن، وفي كتابه "Cathay" الذي ترجم فيه لأربع عشرة قصيدة صينية معروفة، عن الحرب وظهر في عام 1915 حين كانت الحرب العالمية الأولى جارية أثر في الشعر الانجليزي بعمق، لأنه قدم التراكيب أو "Ideographs" الصينية، أي وحدات الفكر والتعبير بها في اللغة الصينية. وعندما وجد لها باوند البديل باللغة الانجليزية أحدث ثورة ومن هذه الثورة خرج شعراء مثل غيري سنايدر، الذي لولا تأثره بالشعر الصيني والياباني لما كتب كما يكتب الآن وغيره من الشعراء من بينهم ميروين الذي هو مترجم عظيم، وعاش طوال حياته من الترجمة، وقدم العديد من شعراء الأسبانية والفرنسية والبروفانسية إلى قراء اللغة الإنجليزية. فالترجمة هي نوع من التلقيح، وهي نوع من الجسور التي تمتد عبر اللغات، وتجعل جميع اللغات والكتابات في النهاية تتشارك وتتداخل وتتلاحم لتخلق شيئا جديدا.

س: هل تنصح الشعراء الشباب بالترجمة ؟

أنا أنصح كل شاعر أن يعرف لغة أخرى بشكل جيد وممتاز إذا أمكن وأن يحاول الترجمة حتى لو كان ذلك من أجل لذته الخاصة كتمرين.
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #178
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الشاعر الامريكي سام هاميل المتمرد
  رد مع اقتباس
قديم 04/01/2008   #179
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


الشاعر الامريكي سام هاميل المتمرد على سياسة بلاده في حوار عن الشعر في زمن الحرب

حاورته: رنا جوهر


الشعر بالنسبة له، موقف، تمرد من اجل السمو الروحي للانسان، والشاعر يملك سلاحاً ينفذ الى القلب كلمته، وهو قادر على تغيير حياة الناس، لكنه يغير كل «انسان على حدة» وفي ظل عالم اغفل اهمية الشعر في حياتنا وقام بتهميش دوره، اثبت ان الشعر ما زال يملك القدوة على المقاومة والوقوف ضد التيار وقاد حملة شعرية ضد الرئيس الامريكي بوش والحرب في العراق فأنشأ مؤسسة شعراء ضد الحرب شارك فيها شعراء من كل انحاء العالم تحت قيادته.. هو سام هاميل الشاعر الامريكي المتمرد على سياسة بلاده والمشارك في المؤتمر الدولي الاول للشعر.. والذي كان لنا هذا الحوار معه:
- ان لك باعا طويلة في النشاطات الاجتماعية والانسانية وفي مجال حقوق الانسان ولك اراء سياسية جريئة ومواقف قوية، كيف ينعكس هذا في شعرك؟
* بالنسبة لي اهمية الشعر تتجلى في قدرته على تغيير حياة البشر، فالشعر يمس وجدان كل انسان يقرأه فيصبح هؤلاء الناس مثل قطرات المطر مكونة الغيث الذي يعيد الحياة الى الارض الميتة. وفي ثقافة مثل ثقافة بلادي التي ارى انها اصبحت مصدر تهديد لاستقرار العالم - لم استطع ان اقف مكتوف اليدين ازاء امور ارفضها فالصمت بالنسبة لي كان بمثابة الموافقة الضمنية بل المشاركة غير المباشرة فيما لا اقبله، لذلك كان الخيار الوحيد امامي هو ان اعلن رفضي وتمردي، واعبر بشعوري، عما يجيش بقلبي واصرخ في وجه ما يحدث من اهدار لكرامة الانسان وادميته.

- قال الشاعر الانجليزي «شيلي» - الذي كان يكتب هو الاخر قصائد سياسية ينتقد فيها السياسة البريطانية في القرن التاسع عشر، فهل يمكن ان نقول ان سام يسير بخطى «شيلي»؟

* نعم يمكن ان اقول انني اسلك الدرب ذاته، لكنني اقل رومانسية من شيلي.

- لمن تمتد جذورك فنيا؟

* انها لا تمتد لمصدر واحد فلي اكثر من معلم وقدوة فانا اترجم الشعر الصيني والياباني وادين بالفضل لكثير من شعرائهم، اما في حياتي فأخترت ان اعيش فقيرا زاهداً في كل الامور المادية من حولي اما في السياسة فان بطلي الحقيقي هو الاديب والفيلسوف الفرنسي الجزائري الاصل «البيركامو»، لقد امتلك البيركاكو من الشجاعة ما جعله يقف في وجه العالم ابان الحرب العالمية الثانية ليعلن احتجاجه على ما يحدث ويطلب بوقف الحرب.

- حدثنا عن مؤسسة شعراء ضد الحرب التي اسستها؟

* ولدت فكرة هذه المؤسسة عندما دعيت الى البيت الابيض بالتحديد في يناير «۲۰۰۳» وكان ذلك قبل الغزو الامريكي على العراق، وكان بوش قد اعلن وقتها عن مخططاته العدوانية في المنطقة، الامر الذي صدمني واستفز انسانيتي وغضبت بشدة من الجريمة الشنعاء التي ترتكبها بلادي بأسمي وبأسم كل امريكي في حق الابرياء في العالم، فلم اجد في نفسي القدرة على تلبية الدعوة للبيت الابيض، فجمعت مجموعة من الشعراء والاصدقاء لنعلن تمردنا على الوضع واحتجاجنا على الجريمة التي سترتكب بأسمنا، فكتبنا مجموعة من القصائد تندد بالحرب وبسياسة بوش وفي غضون خمسة اسابيع وصلنا الى ما يقرب من «۱۳» الف قصيدة من «۱۲» الف شاعر من جميع انحاء الولايات المتحدة، واصبح لدينا الان اكبر مجموعة من القصائد في تاريخ الشعر الحديث يجمعها موضوع واحد فلدينا اكثر من «۲۲» قصيدة من شعراء حول العالم كتبها اصحابها ليشاركوا احتجاجاً ويعلو معنا رفضهم ضد الحرب والدمار.

- ذكرت في مقال لك انه لا يوجد في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية رئيس تعدى على الحقوق المدنية واخل بميزان العدل مثلما فعل جورج بوش ما تعليقكم على ذلك؟

* انا اعتقد ان بوش لم يكن يوما رئيسا منتخباً من قبل الشعب الامريكي ففوزه في الانتخابات الرئاسية شابه الكثير من التساؤلات والشكوك خاصة في ولايتي فلوريدا واوهايو، لكن المؤسف اكثر من ذلك ان الكونغوس الامريكي ليست لديه الجرأة الكافية للوقوف في وجهه، فقد اعطاه السطلة والصلاحيات ليفعل ما يشاء، وقد استخدم بوش احداث «۱۱ سبتمبر» ذريعة ليقنع بها الشعب الامريكي ان العالم اصبح مختلفا وخطرا وعلى الولايات المتحدة ان تؤمن نفسها في مواجهة هذا العالم الجديد، وهذه كلها اكاذيب.. ان العالم لم يتغير وان الشعب العراقي لم يؤذ الشعب الامريكي وصدام كان ذريعة بالرغم من كل جرائمه ومساوئه وظلمه وطغيانه.. واعترف للاسف اننا قمنا بالاعتداء على شعب بريء علانية وامام أعين العالم واقول علانية لاننا للاسف شاركنا في الكثير من المآسي لكن بطرق غير مباشرة وليس بهذه الطريقة السافرة والاعجب من ذلك والمثير للغضب هو ان بوش راح يبرر جريمته الشنعاء بوصفها واجبا وطنيا وعملا بطوليا يستحق الثناء! وهكذا استطاع ان يستولي على كل الصلاحيات الخاصة بالحرب التي هي في الاصل من اختصاص الكونغرس الامريكي طبقا للدستور وارسل ابناءنا ليقتلوا ويقتلوا خارقا بنود الدستور الامريكي في حرب غير قانونية وبالتأكيد مجردة من كل المعاني الانسانية والاخلاقية.
  رد مع اقتباس
قديم 05/01/2008   #180
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الناقد الأدبي حسين علي الهنداوي

حاوره : الشاعر حتم قاسم




النقد رؤيوية واعدة تسبر أعماق النص الإبداعي و تطير به في أفاق الكون باحثة عن موقع ٍ راسخ لذلك النص و النقاد على الرغم من كونهم السابر لمسودات الأدباء فإنهم يبقون المصابيح المقـمرة فـي ليـل النصوص الأدبية فكم من مبدع ٍ لولا النقد لبقيت كتاباته في غيابات سجون الصمت 0
الناقد و الشاعر حسين الهنداوي في حوار متميز يفتح أفاقه علـى فضاءات جديـدة للـقراءات النقديـة للنصوص الواعدة 0

س1- بين الأدباء و النقاد صراعات عميقة لا يمكن أن تندمل جراحها فما موقف النقد من الأدب ؟

ج1- النقد بمفهومه الدقيق و الصحيح هو كشف و تحليل للأبعاد الإنسانية التي يحياها الفرد و المجتـمع
نفساً واقعة من خلال النصوص المقروءة و لا يمكن لأي نص مهما علت مكانته أن يخـتم بجــواز
مرور النقد فالنقد هو الذي يفـتق روائع النص و يفتح له الأشرعة ليطير إلى عالم كوني يرتسم من
خلاله أعاداً إنسانية ضمن آفاق فنية 0 وإذا كان هناك من الأدباء من يفترض حساسـية بين النقـد
والأدب فذلك إنما يكون بسبب هشاشة تكمن في النص الأدبـي ( أي عند صاحبه ) 0 هـذا إذا كان
الأدب المطروح أدب حقيقي يمتلك عناصر البقاء الفنية و الإنسانية و النقد بعدٌ إنساني و بعـد فني
توحـدا فشكلا لنا لوحة فنية جديدة 0 إن التكاملية بين الأديـب و الناقـد ( إذا كانا مـتوازيين في
البحث عن الحقيقة النقدية و الحقيقة الأدبية هي التي تجعل العلاقة جدلية بين الفنين ) 0

س2- النص الأدبي أفق واسع يحمل أبعاداً إنسانية و فنية 00 ما شروط خلود النص الأدبي ؟؟ و كــيف
للأديب أن يوقع بقلمه في سجـل الـخـالديــن ؟؟؟

ج2 – لا يمكن لأي نص أدبي أن يرتسم بمعالم الخلود و البقاء على مر الزمان إلا إذا كان يلامس جذور
الواقع الحقيقي للمعطيات الإنسانية المتكررة على مر العصور فالإنسان كما يقول اليوت : ليس ولادة
و زواجاً و موتاً إنه لوحة ترسم أفاقها على واقع الحياة و النص الأدبي الحقيقي بدوره ينمنم هـذه
الصورة و يخرجها إلى الوجود صعقة إنسانية و أي صاحب نص إذا أراد لنصه البقاء و الخلود فعليه
أن يرصد القضايا الكونية و النفسية الممتدة في أعماق الإنسان و التي تقض مضجعه لأنها الأفــاق
الحقيقية للبعد الوجودي للإنسان 0
و الأديب الذي لا يمتلك أدوات حقيقية فاعلة في الأدب لا يستطيع أن ينتج نصاً أدبياً حقيقياً ناهيك عن
تفاعل هذا أديب مع الذات و الآخر و اكتشاف الأبعاد الحقيقية للأعمـاق الإنسـانية فالأدب بلا أدوات
كالصياد الذي يطرد صيده بيديه0 فقد يعود خائباً من رحلته غير ممسك بريشة عصفور
0
س3 : الشعر الفن المدلل الذي ربا عمره على الخمسة الآف عام 00 هل يتحول إلى حمل صغير لا يأبه له
القطيع ؟؟؟

ج3- الشعر في الحقيقة بعدٌ إنساني حمل النفس الإنسانية مبدعة ً و متلقية إلى آفاق الخيال عندمـا كانت
الذاكرة هي الرصيد المتبقي للإنسان في حمل تفاعلات الزمـان و رسـمها عـلى خريطـة الموقـع
الإنسـانـي و لكن مواقع الأدب في هذا الزمان الذي فتـح نوافـذ عـدة على الحياة جعـل الرواية
و القصة القصيرة و المقالة و المسرح تزاحم الشعر على مكانته 0 و تحاول إقصائه عن مكانة الريادة
و تجد ُ سبلاً جديدة إلى النفوس الإنسانية التي بدأت أن تستجيب بسبب طبيعة الحيـاة إلى تزاحـمات
الصراعات الإنسانية التي قد تجعل الرواية الفن الأكثر اختلاساً لخبايا النفوس لما تحمله الرواية مـن
توهجات إنسانية تسبر مغاور النفس و تستخرج خبايا ما يختبئ من تفكير في لاوعي و شعور الإنسان

س4 : هل تكونت لدى العرب نظرية في الشعر و النقد على مر العصور ؟؟ ومن برأيك من النقاد يستحـق
الإعزاز و التقدير ؟؟؟؟

ج4 : للشعر العربي على خريطة الألفي عام السابقتين نظرية أسس لها الكثير من الشعراء و أســهم في
برمجة صياغتها النقاد العرب و كانت نظرية الشعر العربي ابتداء ً من ابن سلام و انتهـاء ً بالآمدي
و مروراً بابن طبا طبا و هؤلاء استطاعوا أن يؤسسوا نظرية شعرية عربية تجعل النص الـشـعري
بعداً ( إنساني – فني يستطيع الثبات لمدة طويلة 0 و لكن اختلاطـات الترجمـات الحديـثـة و ما
استورده المتنورون ممن خرجوا إلى البلاد الأوربية من نظريات حديثة أفرزتها طبيعة تفكير اجتماعي
نتج عن واقع يختلف مع الواقع العربي في بعض جوانبه و يلامسه في البعض الآخر حولت الـشعر
من نظرية ثابتة إلى تجارب جديدة يحاول منها المتمرسون و المبتدؤون بالسوية نفـسـها في إبداع
نصوص تجريبية قد تصمد و قد لا تصمد و الغالب أنها لن تصمد على مر العصور فهي زوبعـة في
فنجان لن تشكل إلا أثار بسيطة و الأهم من ذلك أن لا ينفصل الشعراء المعاصـرون الباحثـون عن
الجدة و ذلك حقهم عن واقع الشعر العربي فلا يستطيعون الرجوع إلى النظرية الشعريــة العربيـة
أو التقدم في وهم نظرية جديدة تحت عناوين غير فاعلة و غير واقعية ظاهرها براق و باطنها يبحث
عن فصل اللغة الفصيحة عن الأدب و بالتالي إقصاء العلاقات البلاغية و الثقافية عن لغة العرب التي
فهموا من خلالها لغة القرآن الكريم 0
أما فيما يتعلق نظرية النقد الأدبي في العصر الحديث فالساحة ما تزال فارغة و ما يكتب لا يتعدى أن
يكون إرهاصات ليل لحالم يجدف بيده عباب الماء ، فالنقد نظرية لن يتم له ذلك إلا إذا وجـد أدبــاً
راسخا ً يمثل واقع الأمة بشفافية و صدق و يرسم آفاقها بدقة متناهية و لا يمكن لأمة اختلطت لديها
مقاييس المراوحة مع مقاييس التطور و مقاييس التقـدم مع مقاييس التأخر و إبعــاد صـناعـة
حياة حقيقية تكتب بتاريخ حقيقي أن تتحدث عن نقدها دون أن تتحدث عن أدب يرســم صورتهـا
الحقيقية على واقع الحياة و الكثير مما نقرؤه من نقد نظري هو ترجمات لآفاق نقد أجنبي اختلسـه
المترجمون و نسبوا الكثير منه إلى أنفسهم و ادعوا أن حياتنا الحديثة تتناسب مع واقع هذا النقـد
و الحقيقة هي غير ذلك فهم يعرفون و يهرفون حاملين إلينا ما تنتجه الثقافات الأخرى و هذا ليـس
عيباً و لكن حبذا لو كان المنقول مهذباً بما يتناسب مع واقعنا و منسوباً إلى أصحابه 0

س5 : المنهج و الرؤيا و المصطلح ثلاثية ما موقعها من النقد الأدبي العربي ؟؟؟؟

ج5 : إذا كان بالإمكان في هذا الزمن المتشابك العلاقات و بمقدورنا ذلك أن نتحدث عن نقد روائي و نقد
شعري و نقد مسرحي فإننا لا نستطيع أن نعمم فالمنهج و الرؤيا و المصطلح في نقدنا الشعري كما
قلت تبلور و شكل نظرية انقطع الحبل بها في أيامنا و مضى الذين تـبنوا التـطور بلغة الخطـاب
الشعري إلى مصطلحات جديدة و منهج جديد و رؤيا جديدة مقتبسة من الثقافات الأخرى و الشعر فن
مشاكس لا يقبل بلغة العرب أن يخرج عن إطارهم أما في الرواية و المسرح و القصة و الخاطــرة
فيمكن أن تتلاقح الرؤى النقدية الأجنبية مع الرؤى النقدية العربية الحديثة و لكن ذلك يحتاج إلى كم
هائل و رصيد كبير من النتاج الأدبي القصصي و الروائي و المسـرحي حتى تبـزغ منه شمس نقد
جديدة تطل على آفاق الواقع العربي 0

س6 : ما هي توقعات الخطى الجديدة في خارطة الموقع النقدي للمستقبل القريب ؟؟؟

ج6 : لا شك أن الواقع النقدي و الأدبي يحتاج إلى إعادة فرز جديدة لاكتشاف الأدباء الفعالون من وجهة
النظر الفنية و من وجهة النظر الرؤيوية و إلى إعادة فرز جديدة لاكتشاف نصوص جديدة مبدعـة
تكون منارات مضيئة في واقع الأمة و هذه مهمة صعبة تحتاج إلى نقاد كبار معبئين بثقافة موسوعية
يقرؤون الأدب و النقد و يعيدون إنتاج نقد حقيقي غير محابي و لا مجامـل يسهم في وضع النقـاط
على الحروف 0
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد


أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 16:25 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.42820 seconds with 12 queries