أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > المكتبة > قرأت لك

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 31/12/2007   #127
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الروائى المصرى صنع الله ابراهيم

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
قديم 31/12/2007   #128
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي



الروائي صنع الله إبراهيم:مصر مقبلةعلي ثورة تلتهم الأخضر واليابس

* روايتك الأحدث «تلصص» تلعب في منطقة المقاربات التاريخية انطلاقاً من حرب ١٩٤٨، فعلي أي نحو جاءت هذه المقاربات، وإلي أي حد اقتربت من تفاصيل اللحظة السياسية الراهنة؟

- رغم أن أحداث هذه الرواية تعود إلي ذلك التاريخ حيث زخم أحداث عام ١٩٤٨ فإنني اكتشفت أن أحداث تلك الفترة تتشابه إلي حد كبير مع عصرنا الحالي، حيث تداعي النظام، وتراجع الحياة، وقديماً وصل الناس لحد مهاجمة النظام الملكي، فخرجت في المظاهرات وهي تهتف «أين الكساء ياملك النساء؟» مثلما هتفت حينما طلق الملك فاروق الملكة فريدة وهي تقول «خرجت من بيت الدعارة.. لبيت الطهارة».
وكانت هناك حالة من السخط العام، وكان هناك بلاء شديد، وأيضاً أثرياء حرب ومظاهرات واعتصامات لرجال البوليس وللعاملين في التمريض، وأضرب العمال، وكان هناك في المقابل صعود لدولة إسرائيل، وكنا مضحكة للأمم بعد أن أضعنا فلسطين، وإذا بي أقف علي هذا التشابه بين تلك اللحظة ولحظتنا هذه، إذ نشهد بداية التدخلات الأجنبية وسيطرة النفوذ الأجنبي ووصايته علينا، ولنشهد ضرب الصناعة المصرية، وملاحقة الشيوعيين، ومحاولات الاغتيال.. ولذلك فإنني أقول ما أشبه الليلة بالبارحة.

* وهل بسبب اعتماد الرواية علي هذه المقاربة جعلت بطلها طفلاً ورجلاً طاعناً في السن وكأنك تقيم حواراً بين الماضي العربي المصري وحاضره؟

- نعم.. وهو في مقدمة الرواية أما خلفيتها فهي أحداث عام ١٩٤٨، وهاتان المرحلتان كانتا بغرض تحقيق هذا الحوار بين زمنين، ورغم بعدهما فإنهما متشابهتان في نقاط كثيرة.

* مرت علي تجربة اعتقالك فترة طويلة جداً، فلماذا كتبتها الآن، ولماذا لم تصدر «يوميات الواحات» قبل ذلك بعشر سنوات أو أكثر مثلاً؟

- أما لماذا الآن فليست هناك أسباب محددة، ولكنني عادة ما أمر بحالة صعبة عقب انتهائي من أي عمل روائي، وكنت قد فرغت من رواية «أمريكانلي»، وقد اعتدت أن أدخل في عمل جديد فور انتهائي من عمل ما، هروباً من هذه الحالة، التي هي أقرب إلي الاكتئاب.

* ولكن «يوميات الواحات» عمل ثقيل ومرهق في كتابته، بل من شأنه أن يعمق حالة الاكتئاب، إذ يستعيد حالات تعذيب.. وامتهان، واسمح لي أن أقول إن هذا العمل لا يمكن أن يكون نتاج المصادفة، خاصة أنه يتحدث عن سنوات الاعتقال ومرحلة التكوين لوعيك؟

- لا والله.. بل لعبت المصادفة دوراً، فلقد طلب مني رئيس تحرير مجلة «الهلال» الأسبق كتابة شيء عن سنوات التكوين، وهو باب كان قد استحدثه هو في المجلة، فبدأت أكتب عن هذه السنوات، فلما وجدت الخواطر تتداعي بسهولة، وأن الذكريات تتدفق وجدتها فرصة لأحول الفكرة إلي مشروع أكبر، خصوصاً في هذه المرحلة من العمر، وكأنني قصدت أن أكتب شهادتي الخاصة علي فترة من الزخم عشتها، كما وجدتها فرصة لأوثق لتجربتي مع الكتابة

  رد مع اقتباس
قديم 31/12/2007   #129
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


* هذا استدعي منك بالضرورة، أن تعيد الحياة لمذكراتك في المعتقل، والتي كتبتها علي ورق «البفرة»؟

- نعم، أخرجت هذا الورق، وأضفت إليه بعض الأشياء، وألغيت أخري، وشعرت بأنه من الممكن نشرها بعد معالجتها باعتبارها وثيقة قد تكون مفيدة أو مهمة لفترة ما من الفترات.

* أشعر بعدما قمت به من معالجات أنها لم تعد تقتصر علي كونها يوميات وإنما اشتملت أيضاً علي سؤال الإبداع؟

- نعم لم تكن يوميات تسجيلية للحياة اليومية بقدر ما كانت أيضاً رصداً وتأملاً لرحلة التكوين وتشكيل الوعي، كما كانت رحلة للبحث عن أشكال وأطر مغايرة للكتابة وفنياتها.
* في هذه اليوميات وجدنا حضوراً ملحوظاً لوالدك، فإلي أي حد لعب دوراً في هذا التكوين المعرفي؟
قل) فكان لا يتلقي الأشياء باعتبارها مسلمات، فلم يكن ضد التفكير حتي وإن صاحب هذا التفكير شطحات.
* مثلما أخذت منك سنوات الاعتقال، فقد أعطتك أشياء وهذه الأشياء جميعها كان متعلقاً بمسارك الإبداعي، ونكاد نقول إن تشكلك المعرفي تدين به لسنوات الاعتقال؟

- من الناحية الفكرية، كنت قد ارتبطت بالحركة الديمقراطية للتحرر «حدتو» وكان انتمائي يحركه حماس الشباب دون تدبر في الأفكار النظرية والفلسفية، وقد ساعدتني فترة السجن علي التعمق في هذا الجانب حيث التفكير ملازم للقراءة، مما أكسب قناعاتي قوة، أما الجانب الآخر لتجربة المعتقل فهو الاحتكاك بالآخرين حيث المئات من أساتذة الجامعة والصحفيين والعمال والفلاحين، وعلي قدر هذا التنوع كان التميز وكانت معانقة الحياة وفهمها، فكل هذه الطوائف تشكل في مجملها أطياف الحياة، ولعل احتكاكي اللصيق بهذه الأنماط الإنسانية قد أعطي عمقاً لفهمي للشخصية الإنسانية، أيضاً علمتني سنوات المعتقل الاعتماد علي النفس، وكيف أقوم بالغسيل وإعداد الطعام، وهذه طقوس حياتية يومية تعاملت معها متضرراً في البداية، لكنها ظلت ملازمة لي حتي الآن، حتي أنني أجد متعة في دخول المطبخ والقيام بأعمال النظافة فيه، وأجد فيها امتصاصاً لشحنات عصبية فائضة.

* هناك أبطال في أعمالك، نجد ملامحها مجتمعة بمثابة تجميع لملامحك الشخصية والمعرفية مثل (رمزي بطرس) و(شكري) في «أمريكانلي» إلي أي حد يصح هذا التصور؟

- هذا أمر طبيعي وأنت حينما تختلق شخصية ما أو تكتب عن حدث معين فإنك تجد نفسك مستعيناً بتجاربك وبخبراتك الشخصية، ولابد من وجود ظلال لشخصيتك أو لبعض من ملامحك في الأعمال التي تكتبها، وهذا متحقق لدي سائر الكتاب، فروائي مثل إبراهيم عبدالمجيد حينما يكتب عن صيد اليمام لابد وأن يكون قد مر بالتجربة، وبهاء طاهر حينما يكون قد أمضي فترة طويلة من حياته في جنيف فلابد أن تتسرب تجربة الغربة لكتاباته، ولكن وجود هذه الظلال لا يأتي علي نحو مباشر لأننا لا نكتب سيراً ذاتية وإنما روا
  رد مع اقتباس
قديم 31/12/2007   #130
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


* هناك أكثر من سؤال حول «وردة» هل نعتبرها تجسيداً لفكرة الصراع علي السلطة، أم هي استثمار روائي للهامشي والدرامي في التاريخ، أم أنها حوار متصل بين الحاضر والماضي، أم هي مراجعة للثورة العربية في عمان؟

- هي كل ذلك، وأحد جوانبها هو تجلِّ لتاريخ حركة القوميين العرب، كما أنها تجسيد لفكرة التحول السياسي لدي بعض الناس، من التعصب القومي إلي الماركسية والناصرية، أما الجانب الثالث في الموضوع، فيمكن اعتبار «وردة» أيضاً قراءة لهذه الفترة، لكنها ليست مجرد تأريخ، فلقد كنت واعياً لإمكانية أن تستفيد القوي الوطنية في المستقبل من مثل هذه التجربة، وكانت مشكلة الحركة القومية في (ظفار) هي وجود نوع من التعصب أو التقلب بين التيارات السياسية، كما يمكن اعتبار «وردة» نموذجاً دالاً علي عواقب التضارب والتناحر بين التيارات.

* بناء علي هذا يمكن اعتبارها قصة ثورة في محك المراجعة.. نهاية من تكون وردة هل هي رمز للثورة؟

- هي قصة شخصية متخيلة، لكنها حقيقية أيضاً وفق المعايير والمقتضيات والمعطيات الروائية، ومنذ أسابيع ماتت في البحرين شخصية نسائية معروفة اسمها «ليلي فخرو» وقد تصور كثيرون أنها «وردة»، لكنها كانت في الحركة، وكان لها اسم في حركة القوميين وهو «هدي» وقد لعبت دوراً مهماً، إنما فيما يتعلق بـ«وردة» فهي شخصية متخيلة أي روائية، لكنها قائمة علي أساس واقعي.

* لفت انتباهي توصيفك للعمل الروائي بأنه كذبة.. ونريد أن نعرف كيف؟

- العمل الروائي «كذبة» لكنه ليس «كذبة» أيضاً، ففي الرواية تقول أشياء لم تحدث، لكنها تعبر بشكل دقيق وأمين ومركز عما يحدث أو عما حدث، فالرواية رديف للواقع، رديف قابل للتصديق، لأنه يستقي مادته من الواقع.

* رغم الضغوط اليومية التي يقع المصريون تحت وطأتها، ورغم التوصيف المخيف والمحبط والقاتم للحالة التي تعيشها مصر، والتي ذكرت تفاصيلها في بيان رفضك لجائزة الرواية عام ٢٠٠٣ فإن هذا الشعب يبدو كأنه مسلوب الإرادة وافتقد آليات الاعتراض، فما الذي حدث للمصريين، فلا النظام يتغير ولا الشعب يعترض، نريد أن نفهم ما الذي طرأ علي جينات المصريين؟

- اسمع.. سيبك من حكاية النظام دي.. فالنظام لايبالي، فقد مر عليه ٢٦ عاماً، وهو وقت كاف لتحجره لا لتحركه، وأصبح كل ما يعنيه أن يدافع عن بقائه ووجوده وهذا كل ما يهمه وليس الشعب.

* بتأمل مضمون عنوان روايتك «أمريكانلي» يحتمل معنيين أن الكلمة جاءت علي وزن «عثمانلي» وهي إمبراطورية سطعت وتألقت ثم خبت.. وطالها الانحطاط، وبتفكيك العنوان كالآتي «أمري - كان - لي» نجد المعني ينطوي علي فقدان استقلاليتنا.. وانخراطنا في التبعية، أما المضمون فهو يمضي تماماً بالتوافق مع المعنيين، فهل تشير إلي تجربة بعينها.. تحضرني مقولة ابن خلدون في مقدمته، التي تقول بأفول الإمبراطوريات الكبري بعد بلوغها الذروة؟

- نعم.. تماماً فأمريكا فرضت نفسها علي العالم، بكل الطرق، بالقوة تارة وبالأكاذيب تارة أخري، وبلعبة المصالح تارة ثالثة، وبالشعارات تارة رابعة، وأتفق معك فيما ذهبت أنت إليه في الاستشهاد بمقولة ابن خلدون حيث لكل إمبراطورية مداها التاريخي الذي تبلغ ذروته ثم تبدأ في التراجع والأفول، ويمكن أن تصل البشرية أيضاً إلي نقطة عدم وجود أي إمبراطوريات، ولعل أمريكا ستكون آخر هذه الإمبراطوريات، ولكن سيبقي منطق المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة بين الأمم
  رد مع اقتباس
قديم 31/12/2007   #131
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


* في حيثيات حصولك علي جائزة مؤسسة ابن رشد في ألمانيا، وردت عبارة تقول: «إن هذا الكاتب الوطني دأب علي مهاجمة أنظمة الاستبداد في العالم العربي» وقد بدا الأمر، أن حصولك علي هذه الجائزة جاء لمجرد أنك تهاجم هذه الأنظمة لا لأنك روائي متفرد أيضاً وصاحب مشروع روائي؟

- «ماتبالغش قوي كده..» إنما كانت هذه عبارة بين عبارات وأسباب أخري في حيثيات حصولي علي الجائزة، وإنما أراد مانحو هذه الجائزة أن يقولوا إنني كاتب صاحب موقف، وأن هذا ملمح من بين ملامح أخري تميز مشروعي الروائي، والدليل أن هناك كتاب آخرين حصلوا علي الجائزة ذاتها دون مبررات سياسية، وإنما هناك مبررات أخري لحصولنا جميعاً علي هذه الجائزة، ومنها أن أدبنا لصيق جداً بالهم الإنساني المعاصر.

* للدكتور يوسف إدريس وقفة مهمة معك في أول مسيرتك الإبداعية، لنتوقف عندها لنعرف كيف تعامل يوسف إدريس مع جيلك؟

- أولاً، جيلنا كان مهتماً جداً بالمشروع القصصي ليوسف إدريس، حيث كان يمثل لنا تجربة جديدة تماماً تجاوزت كل الأطر والأشكال القصصية المتعارف عليها، وقد جاوزت تجربته كل الأنماط التي كانت سائدة قبل تجربته، حتي أننا كنا نتلقف جريدة «المصري» كل صباح لنقرأ قصته فيها، إذ كان يمثل لنا تجربة جديدة كسرت كل «التابوهات» الفنية وقدم قصصاً حية وبسيطة وكاوية ومتقاطعة مع الحياة، وقد سعينا للتعرف عليه، وقامت بينه وبين جيلنا علاقة قوية وطويلة الأمد، وكنا نطلعه علي أعمالنا، وفيما يتعلق بوقفته معي التي تسأل عنها، فكنت قد أطلعته علي مجموعة من قصصي القصيرة فرحب بها، وكان بين هذه القصص قصتان أو ثلاثة عن شخصية أحاول تجسيدها قصصياً اسمها «خليل بيه» فرحب بها جداً، كما كانت له وقفة مهمة أخري معي، إذ كتب لي مقدمة «تلك الرائحة» وفي السياق أعرب عن إعجابه بشخصية «خليل بيه».

* المدهش في الموضوع، أنه بعد مرور أربعين عاماً علي هذه المقدمة، وعلي «خليل بيه هذا» وجدناك تقوم بإحياء شخصية خليل بيه من جديد؟!

- نعم ولكنني منحتها مزيداًمن الخبرة والأبعاد وعالجتها بكثير من التعمق، ويمكنك أن تعتبرها امتداداً للشخصية القديمة، في محك ما طرأ من تحولات.

* رغم تحمس يوسف إدريس لتجربتكم فإنه عاد وتبرأ منها فيما بعد في روايته «البيضاء»؟

- رواية «البيضاء» تمت كتابتها في ظروف خاصة، فلقد كان هناك موضوع يؤرق يوسف إدريس بعد اعتقالات ١٩٥٩، وكان يعمل حينها في «الجمهورية»، ونشرها علي حلقات، كنوع من الدفاع عن النفس وكنا نقرأها في السجن ونحن متأثرون جداً وكون أن هناك رؤية سلبية للشخصية الطليعية في الرواية، فهذا حق مكفول لأي كاتب، لكنه لا يعني بالضرورة أنه انقلب علي موقفه من تجربتنا، أو حتي تجربة جيله.

* لك تجربة سينمائية وحيدة وفريدة قمت فيها بالتمثيل في فيلم من إخراج السوري محمد ملص، لماذا لم تكررها؟!

- تعرفت إلي المخرج محمد ملص حينما كان طالباً في معهد السينما في موسكو، وكنت وقتها هناك، في منحة دراسية، وطلب مني التعاون معه في مشروع التخرج فشاركت معه، في كتابة السيناريو وقمت بالتمثيل فيه وهذه التجربة أرهقتني، وشعرت أن هذا الأمر أكبر من طاقتي ولن استطيع القيام به مرة أخري.

* لم تكن الرواية هي الشيء الوحيد الذي وصفته بأنه أكذوبة، ولكنك وصفت أسامة بن لادن بنفس الوصف؟

- نعم أسامة بن لادن أكذوبة صنعتها أمريكا، وتستخدمه ككارت في الوقت الذي تحتاجه، كمبرر لممارساتها في المنطقة، كما تستخدمه كفزاعة للأنظمة العربية، للتغطية علي المخطط الأمريكي الكبير فنجد مثلاً «الجزيرة» فجأة تبث له شريطاً مجهول المصدر، وغرض أمريكا من هذا أنها تريد للعالم العربي والغربي علي السواء أن يستشعروا معها خطورة ما وصفته بالإرهاب، وأن هذا الخطر الماثل دائماً، مصدره الوحيد هو العالم العربي، للحصول علي صك موافقة عربي لاستهداف أي بلد عربي أو إسلامي.

* باعتبار أن «بن لادن» ظاهرة إسلامية، فإنه يهمنا رأيك في صعود ثمانية وثمانين من الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية لدورة ٢٠٠٥م، وما يمثله هذا الصعود من دلالات سياسية وفكرية؟

- .. «وإيه يعني لما يوصل الإخوان إلي البرلمان؟!» هذا لا يمثل مصدر خوف لي أو لغيري، وأنا مع صعودهم إذا كان هذا الوصول نتيجة اختيار شعبي حر، أنا لست ضد وصول أي تيار أو أي كيان سياسي للبرلمان أو حتي للسلطة مادام هذا كان نتيجة اختيار شعبي حر.

* وماذا لو وصلوا للسلطة، وخرج من بينهم وزير للثقافة وآخر للإعلام وثالث للسياحة ألن يجعل هذا سقف الحريات أكثر انخفاضاً؟

- هل تعتقد أنت أن مصر وشعبها سيتقبلون هذا؟ أليس من الممكن أو المحتمل أن تحدث جماهيرية الإخوان تغييراً في منهجهم وفكرهم؟ ولذلك فإننا نطالب دائماً أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية لأن وجودها سيتيح المجال لأطياف سياسية أخري، لكن من اختاروا الإخوان قد اختاروهم لأنه لم تكن هناك خيارات أخري أمامهم إما الاستبداد أو الإخوان فاختاروا الإخوان لأنهم لا يصدقون النظام.

* وصفت مصر في أحد أحاديثك بأنها بلد مستعمر، أي استعمار تعني والذين يحكمونها مصريون أبناء مصريين؟

- إنهم يحكمونها منذ ربع قرن، وهذا أحد أشكال الاستبداد، وهناك صور أخري للاستبداد، تتمثل في قواعد ممنوحة، واتفاقيات وتنازلات لا نعلم عنها شيئاً، وظاهر الأمر أن هناك تورطاً مصرياً مع أمريكا في ممارساتها العدوانية، هذا فضلاً عن السيطرة الاقتصادية عليها، من خلال المعونات المشروطة بالإذعان السياسي والمشروطة بدورة مالٍ مفادها أنه لا يتم شراء أي سلع بأموال المعونة إلا السلع الأمريكية، وفوق هذا فإن مصر تلعب دور الوسيط الأمريكي في المنطقة.

* لفت انتباه البعض موقفك الذي بدا متناقضاً مع الأمريكيين، ففي الوقت الذي كنت تعمل فيه استاذاً زائراً بجامعة «بركلي» بالولايات المتحدة، رفضت فيه جائزة الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن الرواية؟

- أولاً الجامعة الأمريكية بالقاهرة تابعة بشكل مباشر للحكومة الأمريكية، لكن جامعة «بركلي» مستقلة، أيضاً فإن الجامعة الأمريكية في القاهرة تلعب دوراً تم التخطيط له بعناية فائقة لغرض تحقيق هيمنة الثقافة الأمريكية، فأين يكمن التناقض إذن؟!

* هل تحلم بعودة عهد عبدالناصر؟

- لم نكن في حاجة لعبدالناصر في أي وقت مثلما نحن في حاجة إليه هذه الأيام، وبالفعل فإنني أحلم بعصر مشابه، ولكن بشرط أن يخلو من الملاحقة البوليسية، وقمع الرأي المخالف، فوجود زعيم مثل عبدالناصر في هذا العصر من شأنه أن يحقق مشروع نهضة جديداً وأن يدافع عن الفقراء، وأن يحقق العدالة الاجتماعية، ويقضي علي الفساد الذي استشري بشكل مخيف، ويحقق الانضباط ويوقف التسيب والتساهل والتستر علي النهب في المؤسسات الحكومية، وأن يوقف مظاهر السَّفَهْ والإسراف، وأن يقيم الصروح الصناعية الكبري التي لا تجعلنا نمد يدنا للغير ونذعن لشروطه.

* وإلي أين ستقودنا اللحظة المصيرية الراهنة وأي مستقبل ينتظر مصر والمصريين؟

- كل عاقل في هذا البلد، يتمني أن تتجنب مصر الكارثة والحريق المهول الذي يقودنا إليه النظام الحاكم الحالي.

* ما طبيعة هذه الكارثة، وهذا الحريق؟

- ستكون في شكل تمرد أو ثورة فوضوية الطابع، وتأتي علي الأخضر واليابس وكل عاقل يتمني أن تتجنبها مصر، بأن يقبل النظام الحالي بفكرة إرساء ديمقراطية حقيقية، وتعددية حقيقية، وتداول سلطة حقيقي، وتخل عن المشهد السياسي ورفع قبضته عن خيرات البلاد ومواردها، وتصد بحسم للفساد ويعاقب المفسدين، وما لم تكن لديه رؤية استراتيجية واضحة للمستقبل و«طول ما هو رافض» لكل هذا فنحن بانتظار كارثة.
نقلا عن جريدة المصري اليوم
  رد مع اقتباس
قديم 31/12/2007   #132
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ليلة فى جاردن سيتى ... حوار مع عبدالله القصيمى
الملفات المرفقة

- لا تقم بإستخدام برامج تنزيل او تسريع تنزيل المرفقات .
- لا تقم بتنزيل اكثر من مرفق بنفس الوقت.
مخالفة هذا او ذلك يؤدي للحجب الأوتوماتيكي لعضويتك عن المرفقات كاملة و عدم قدرتك على تصفح وتنزيل اي مرفقات بشكل دائم.


نوع الملف : pdf حوار مع عبدالله القصيمى.pdf‏ (2.23 ميغا بايت, 6 قراءة)
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #133
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار قصير مع عبد الرحمن منيف


من ضمن ما قاله في الحوار:
- قال في سياسة أمريكا حالياً
.. أما فيما يخص طريقة الأمريكيين في التعامل مع موضوع المقاومة فهي تعتبر أن كل خصم وكل مناوئ لسياستها هو مرتبط بـ “القاعدة” أو محسوب عليها بنسبةٍ ما، علماً أن تكوين القاعدة هو تكوين بدائي بحيث أنها عاجزة عن أن تقوم بهذا الدور. وأنا عندي قناعة – وهي بحاجة إلى مراجعة- أن 11 أيلول هو صناعة داخلية أمريكية، أو على الأقل هُيئت لها أجواء وظروف داخلية مكنتها من أن تعبّر عن نفسها بهذا الشكل …
وقال أيضاً :
.. تماماً كما كان يحصل أيام الحرب الباردة حين كان يُعزى كل أمر إلى السوفييت وجواسيسهم، علماً أن ثمة عوامل داخلية في كل بلد هي التي تفرز هذه الظواهر وتؤدي إلى نمائها.
- ويصف الشعب العراقي
.. وأنا لم أر شعباً يهتم بالتاريخ مثل الشعب العراقي. ومما أثار اهتمامي عندما كنت في المراحل الأولى للدراسة في بغداد أن طبيعة العلاقات بين المثقفين مختلفة عما هي عليه في أماكن أُخرى، فكنت ترى في “مقهى البرازيلية” ، مثلاً، آثارياً ومؤرخاً وشاعراً يجلسون حول طاولة واحدة وينضم إليهم شخص يحب الغناء القديم فكانت تكتمل حلقة متنوعة الاهتمامات. لنقارن بسوريا, مثلاً, حيث تسود العقلية الحرفية – وهذه ملاحظات بحاجة لمراجعة- التي تحرص على التفوق في أسرار الصنعة وعدم البوح بها، بينما تجد في العراق أن هناك فخراً بتملك أسرار الصنعة ومحاولة إشراك الآخر بها والانخراط في مناقشة معه.
- ومما قال عن دور مثقفي اليوم
أصبح المثقف جزءاً من وامتداداً للحزب السياسي، خاصة عندما أمسك الحزب بزمام السلطة وعمل على لجم المثقف. فولاء المثقف للحزب السياسي وتمثيله لهذا الحزب حوّله بالتدريج إلى شخص فاقد لحريته الفكرية وللدور المنوط به من قبل المجتمع، مقابل زيادة في الكم الإعلامي في ممارساته. فالحزب السياسي كان، في الدرجة الأولى، بحاجة لإعلاميين أكثر مما هو بحاجة إلى منظّرين لأنه يعتبر الزعيم السياسي هو المنظّر الأكفأ والمفترض أن يكون الوحيد. وقد أصبح قادة الأحزاب السياسية هم الذين يمارسون التنظير وتبرير المواقف السياسية وتقديم القراءات في مرحلة معينة فيما أصبح مطلوباً من المثقف أن يقتصر على الدور الإعلامي مبرراً ومفسراً لما يريده السياسي. واستمر الوضع إلى أن تكشّفت الأحزاب السياسية عن قدر كبير من الخواء ولم تعد قادرة على ملء هذا الفراغ عبر طروحات جدّية ومعرفة حقيقية بتكوين المجتمع وبعناصره المتداخلة، مما أدى أيضاً إلى فكرة انحسار بين عدد من المثقفين والأحزاب السياسية ..
وقال أيضاً:
.. وبدأ يترسخ وهم جديد لدى المثقف معتقداً أنه هو البديل عن الحزب السياسي وبدأ يطالب بدور اكبر وبنوع من الاستقلالية الكاملة وحتى بمشروعية المعارضة والتصدي للأحزاب السياسية ..
فسأله المحاور :
ففُتحت لهم أبواب السجون العربية كلها !
فأجاب
طبيعي، هذا عامل مهم جداً، لكن أيضاً الدور الذي كان مطلوباً من المثقف أن يكون إعلامياً بانت ضحالته وعدم فائدته. فترى مثلاً أن الحزب الشيوعي غادره كم كبير من المثقفين أو على الأقل شكلوا خطاً موازياً ، يعني ليسوا في خط التنظيم والفعالية اليومية. وكذلك حزب البعث وأحزاب دينية. فالحالة الراهنة هي حالة ملتبسة ومطلوب البحث عن معادلة من نوع جديد تؤسس لعلاقة جديدة بين المثقفين والقوى والأحزاب السياسية. إذ لا يمكن للمثقف أن يحل مكان الحزب السياسي كما أنه لا يمكن للحزبي السياسي الإستغناء عن المثقف وعن دوره في التنظير وفي الكشف وفي ربط الأحداث والمواقف والقضايا
وأضاف :
.. فدور المثقف ليس بديلاً عن العمل السياسي وإنما يفترض أن يكون جزءاً منه ..
وعن الرواية العربية قال :
.. مع الأسف يحدث أحياناً أن بعض الروايات تُكتب لأجل إظهار البراعة ومتعة اللعب اللغوي والشكلي عبر تقليد مباشر لبعض الإتجاهات الغربية. أو أن تُغرق روايات أُخرى في لعبة الغرابة من أجل إدهاش القارئ الغربي وكي تُترجم الرواية إلى لغات أوروبية، فبعضهم يكتب وعينه على المترجم وبالتالي ترى أنه حتى الصداقات بين الروائيين والمترجمين أصبحت مشبوهة.
وأضاف :
أنا شخصياً إن قُطع رأسي يستحيل أن أكتب رواية عن صدام حسين. كما لا أحب أن أكون بذوقين وأن أكتب لأنال إعجاب الآخر ورضاه. ولم يكن بذهني إطلاقاً عندما كتبت

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

أن هذه الرواية ستُترجم لأنها في منتهى الصعوبة. ولو كان ذلك في ذهني لكنت يسرت المهمة على المترجم.

وعن رأيه في الروايات العربية الجديدة الجيدة قال :
.. لفت نظري بعض الروايات المصرية واللبنابية وتوقًفت عند بعضها وقفات إعجاب وتأمل ، مثلاً

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

لعلاء الأسواني و

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

لمحمد البساطي.
لإلياس خوري و
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #134
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الروائى والشاعر المغربى الطاهر بن جلون
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #135
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


بعض الأدب يصيب القارىء بمرض "السكّري" لفرط حلاوته

لم نزل نخلط بين الحياء والجبن في العالم العربي




جاءت ولادتك الأولى من رحم الكلمة إلى عالم الشعر. إذ شرعتَ في كتابة القصائد، وصدر ديوانك الأول عام 1972. لكنك سرعان ما كرّست نفسك للرواية، مع بعض العودات القصيرة الى الشعر. لم هذا التحوّل؟
صحيح أن نصوصي الأولى قصائد، لا بل إن تعبيري الأثير هو الشعر، ولكن هل أنا شاعر؟ ليس لي الحكم في ذلك. فالشعر ليس مهنة، إنه حالة، ونعمة نادرا ما تحلّ. الشعر لا يُدعى، لا يُنادى، لا يُكتب على الطلب. إنه يأتي من تلقاء عنفه وجنونه وصفائه. يجتاحنا. تولد فجأة في داخلنا حاجة ملحة وطارئة الى كتابته. لا يسعنا الرفض. وأحياناً كثيرة يمتنع عن القدوم مهما توسّلناه. ولهذا السبب ثمة عدد قليل جدا من الشعراء الكبار. أما الرواية فلا تتبع هذه الشروط. الرواية تحكي قصّة، قصّة يمكننا أن نخترع فيها أن نهلوس أن نتخذ القرارات أن نحيد عن الدرب. مع الشعر لا قرارات: إنه صاحب القرار الوحيد، وهو متطلب ودقيق جدا، أكاد أقول ماتيماتيكي في تشدّده. فضلا عن ذلك، إن العصر الذي نعيش فيه لا يحبّ الشعر، بل يؤلّه البضاعة، المنتج التجاري، أكان هذا المنتج شيئا أم إنسانا أم جسد امرأة ام نجومية ما. نعيش في عالم لا يفسح مكانا سوى للسلعة، والشعر هو المفهوم المضاد للسلعة بامتياز. إنه خلاصة المجانية.
* إذا الرواية في رأيك هي أكثر اقترابا من مفهوم "البضاعة"؟
لا، لم أعن ذلك، لكنّ الرواية ترافق العصر، هي مرآته، أي أنها أكثر قدرة على احتمال بشاعته. أما الشعر فقدره أن يقلب العالم رأسا على عقب، على غرار ما فعله السورياليون في العشرينات مثلا، عندما تمردوا على عصر صار خلوا من الدهشة والمفاجآت والخلق، فحرّروه وأنقذوه بشعر صاعق غير منتظر. الآن لا ارى الكثير من الشعراء الجدد الذين يبرزون ويحرّرون، لا في العالم العربي ولا في الغربي. أكرر، نحن نعيش في عالم بلا شعر، وأسفنا الكبير هو أن كبار الشعراء المعاصرين، على غرار ايمي سيزير، محمود درويش، إيف بونفوا، وسواهم، ليسوا على تناغم مع زمنهم. يقام مثلا في فرنسا الكثير من مهرجانات الشعر، وأنا أحرص على متابعتها لكي أرصد تطوّر الأمور. لكن ما أراه غالبا هو مغنّ يكتب ثلاثة أسطر ويعتبر نفسه "شاعرا". إنها مهزلة. ليس ذلك تصوّري للشعر على الاطلاق. بل ينبغي على هذا أن يكون عصيّا على اللوم، ساطعا ماحقا نقيّا لا عيب فيه. عالمنا محكوم بالبراغماتية والفردانية والعنف، هو ليس عالم هدوء وتأمل وتفكير. وافضل دليل على ذلك سلوك الولايات المتحدة الاميركية خلال الأعوام الأخيرة، فهذا السلوك يشكل "نموذجا" للعالم أجمع، إنه يرسم المسار العام: اي عدم احترام القوانين، وسيادة منطق القوة والعنف على الحق، وتقديم المصالح الخاصة، وتأليه منطق التجارة. ربما سيشهد العالم بعد كل هذه الكوارث ولادة شعر جديد. لا أعرف، ولكن حان وقت اتخاذ موقف.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #136
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


في الحديث عن المواقف، انت مثقف ملتزم، تعبر باستمرار عن وجهات نظرك في مشكلات العالم، وتردد أن الكاتب يجب ان "يغرز قدميه اكثر في المجتمع المدني". لكنك تقول ايضا ان "الفن يدرك جماله الاقصى عندما يكون بلا جدوى"، وتؤكد ان لا افظع من الروايات الاجتماعية او النفسية او السياسية: فكيف يوفّق الطاهر بين التزام الكاتب ولا جدوى الكتابة؟


انا ملتزم مجتمعي كمواطن وإنسان. أما الكاتب فيّ فملتزم أدبه وكتابته ولامجانية هذين الأدب والكتابة بالذات. يجب أن نجتنب ما قام به الستالينيون في مرحلة ما، اي دعم الأدب "المناضل" وتعزيزه على حساب أدب الخلق الصافي. أعتقد أن ثمة التزاما هو خاص بالادب في ذاته، اي بمعنى التفكير في الكتابة والاخلاص لها. ينبغي ألا يمزج المرء بين فعل الكتابة وفعل الحضور في العالم. أنا ملتزم أدبي لأني أمين له، مثلما أني ملتزم مجتمعي لأني معني به، لأني رب عائلة وأقلق على مستقبل أولادي، ولا يسعني ان أكون منعزلا ومنسحبا وفي حال حياد، ولا أن ادفن رأسي في الرمل واقول: ما يحصل من حولي لا يعنيني. بل إنه يعنيني. ولا أقصد بذلك المجتمع الفرنسي فحسب، بل المغربي أيضا وخصوصا.


* فعلا، فأنتَ تعيش في فرنسا منذ نحو ثلاثين عاما، لكننا نلاحظ أن المغرب حاضر بقوة في جوهر رواياتك وفي روح اهتماماتك. هل هذا الحضور الدامغ تعبير عن انتماء مطلق لأرضك الأم ومسقط رأسك؟


هذا الحضور الدامغ، كما تقولين، سببه قوة المغرب، ولا فضل لي في صونه. إذن هو ليس تعبيرا واعيا بقدر ما هو انعكاس لسطوة بلدي عليّ وعلى خيالي ووجداني وصوتي وهذياني. فأنا أنتمي الى أرض تطبع أبناءها بقوة، أكانوا رسامين أم شعراء أم روائيين الخ... إنها بلاد تغذي دواخلنا بطريقة استثنائية ورائعة، تغذينا حقا. وواقع إقامتي بعضا من الوقت داخل المغرب يدعم هذه التغذية، فأنا أعيش الآن نصف السنة في فرنسا، والنصف الآخر في المغرب. وبسبب هذين الذهاب والعودة المستمرين يسعني أن "أرى" بلدي، أي أني ألاحظ فورا الأشياء التي تصدمني فيه وتلك التي أعشقها. أقضي الأيام الثلاث الأولى من وصولي كل مرّة في التأقلم، فالمجتمع الفرنسي "معقلن جدا"، إلى حد مغيظ ربما، وأعرف تماما ما ينتظرني فيه، على العكس تماما من المجتمع المغربي الذي لا يكف عن مفاجأتي، وعن إغاظتي أيضا على طريقته. لذلك ظللت مغربيا جدا، اي متجذرا في مجتمعي، هذا المجتمع الغني بمخيّلة رائعة. طبعا نحن نعاني مشكلات كثيرة، لكن الروائي كما تعلمين في حاجة الى المشكلات، لا الى السعادة.
* صحيح، فأنت الذي تقول إن السعادة ليست "أدبية"، كأنك تعني أن الكتابة مرادف للتعاسة... لا بدّ انك تعيس جدا، وربما عندما تصبح سعيدا ستكف عن الكتابة!
أصبح سعيدا؟ أرجوكِ، لا اتمنى لنفسي مصيرا كهذا! (يضحك). الناس السعداء مشبوهون ومثيرون للريبة. في اي حال، لا شك عندي في أن الكتاب "السعيد" ممل جدا. إنه في شكل ما الكتابة على طريقة باولو كويلو. الكتابة اللطيفة و"المهذبة". لا، ينبغي على الأدب أن يثير، أن يزعج، أن يقلق، أن يصفع. كأن نكون مثلا في السادسة عشرة من العمر ونكتشف كتابة سيلين، أو سالينجر، أو فولكنر... يا لها صدمة! أعتقد أن الاضطرابات هي التي تغذي الكتابة، والأدب الحقيقي لا يصل الا مع الاعاصير والعواصف، لا مع الهدوء المسطّح. ويُستحسن لمن ينشد الهدوء المسطّح أن يتناول حبة منوّمة. لا يمكن ان نصنع الادب بالمشاعر "الجيدة". بل من الضروري أن ندفع القارىء الى استثمار منطقه واحساسه وانفعالاته وخيالاته وعنفه. حتى ما يُسمّى "الواقع" غير موجود في الأدب. فالواقع مفهوم نسبي جدا. وكتابي الجديد، الذي سوف يصدر في شهر آذار في عنوان "الصديق الأخير"، يعالج موضوع هذه النسبية بالذات، التي قد تجعل الحياة كلها وهما كبيرا. النسبية اكتشاف يمكن أن يقلب الحياة رأسا على عقب، وقد اخترتُ تناولها تحديدا في إطار الصداقة لا الحب، لأن التوهم جزء من لعبة الحب، بينما الصداقة تجسد العلاقة بين إنسانين في كمال مجانيتها.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #137
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ألاحظ أنك غالبا ما تتحدث عن الصداقة، ولديك أيضا كتاب آخر عنها في عنوان "رباط الأخوّة". هل لديك اصدقاء كثر؟

( يبتسم بتهكّم ينم عن ألم). كيف يمكن أن اجيب عن سؤال كهذا؟ (صمت). لا، في الواقع لا، لقد تعرّضتُ لخيانات كثيرة على مر الوقت، وحسبي أن اصدقائي يُعَـدّون على اصابع اليد الواحدة. أتحدّث عن هذا الموضوع في كتبي لأنه مؤلم، فأنا مقتنع كما ذكرت بأن على الأدب أن ينكأ الجروح، أن يكسر حواجز المجاملة والمسايرة وأن يوجع، وإلا سيتحوّل نثراً دلعاً من شأنه أن يصيب القارىء بمرض "السكّري" لفرط حلاوته. طبعا لا يعني ذلك أن الأدب دواء أو حلّ. فالكتابة لا تحدث تغييرا. جل ما تحققه هو أنها تجعل الإنسان والعالم أكثر قابلية لـ"المعاشرة".

* ولكن عندما كتبت "العنصرية كما فسّرتها لابنتي"، ألم تكن تأمل في إحداث تغيير ما؟

إسمعي، عندما كتبتُ ذلك الكتاب، كان 15 في المئة من الفرنسيين مع لوبين. أما اليوم، وبعد خمسة أعوام، فقد ارتفعت هذه النسبة الى 22 في المئة ! (يضحك). هذا لأبرهن لكِ مدى قدرة الكتب على إحداث أي تغيير. في أي حال، إن التحوّلات لا يمكن أن تتم إلا على مستوى الأجيال الشابة، أي من طريق التربية. وهي تتحقق بتراكم الصدمات المتتالية.

* أنتَ تصدم أيضا بتناولك مواضيع محرّمة غالبا، هي على علاقة بالجسد والجنس ووضع المرأة، مما يستفز قراءك التقليديين. فكيف يتلقى القارىء العربي كتاباتك هذه؟

تصوّري أن بعض غلف كتبي "الصادمة"، على غرار غلاف كتابي الأخير "قصص حب سحرية"، تُبدَّل في المغرب! انا لستُ استفزازيا، بل أشهد على الواقع بكل بساطة. أحاول رصد الاشياء غير المرئية، أي الامور التي تُخبأ في عتمة الجوارير، تلك التي يجب كتمانها وعدم تعريضها للضوء، وأولها العلاقة الجنسية، التابو الكلاسيكي عندنا نحن العرب. إذا ما تأملنا في تصاعد موجة الاصولية في العالم العربي-الاسلامي، سنكتشف انها في الاصل مشكلة جنسية، لا دينية. فما يربك الاصوليين في شكل خاص هو المرأة والجنس، لا مسألة أداء فروض الصلاة خمس مرات في اليوم. مشكلتنا الأساسية في العالم العربي هي علاقتنا بالمرأة، وهذه العلاقة هي في رأيي المؤشّر الأصوب والأدقّ للحكم على تقدم مجتمع ما او تخلّفه. سلوكنا مع المرأة ونظرتنا إليها يحددان مدى تطورنا، ويعبّران عن مشكلات ونزاعات اخرى أكثر خطورة. نحن في العالم العربي لم نزل نخلط بين الحياء والجبن، ولن تتغيّر الأمور سريعا. القوانين قد تتغير ربما، لكن الذهنيات لن تتبعها إلا بعد وقت طويل.

* أخال ان التطور المنطقي هو العكس، أي أن يؤدي تطوّر الذهنيات الى تغيير القوانين...

صحيح، ولكن التقليد والعائلة يضغطان الى اقصى الحدود على تصرّف الإنسان في عالمنا وعلى طريقة تفكيره. إنها موروثات ثقيلة لن تتغيّر من تلقاء نفسها. ودعينا لا ننسى كذلك تأثير الدين، فالاسلام تحديدا ينعكس في شكل قوي جدا على سلوك الانسان الاجتماعي وتكوينه السيكولوجي.

* بما أنك تطرّقتَ الى السيكولوجيا، لقد قمتَ بدراسات معمّقة في علم النفس الاجتماعي: ترى هل ساعدتك هذه الدراسات في تكوين شخصياتك ونحتها، علما أنك تؤكد باستمرار أن الروح الانسانية تعصى على علم النفس؟

تلك الدراسات لم تساعدني حقا، لكن ثمة عامل مهم في هذا الاطار، هو الاعوام التي أمضيتها في الاهتمام بالامراض العقلية في احد المصحات، حيث اكتشفت كم ان الروح الانسانية متعددة الطبقة وكم يمكن الغوص بعيدا فيها. لقد أفادتني هذه التجربة كثيرا: هي طبعا لم تعلمني كيفية تفسير العلاقات الانسانية، لكنها أثرت على نحو لا واع في طريقة نظري الى الناس والى الانسانية عموما. فأنا عندما انظر، اراقب بفضول، اتخيل، أتـنبأ، أحلل، أكمن، اي انني نادرا ما ارتاح. ولهذا السبب أعاني الأرق، وعلاقتي مع الليل ليست جيدة، إذ أمضيه في التفكير وفي التحاور مع شخصياتي. احرص على الشروع في طقوس النوم باكرا، فأنا اكتب خصوصا في الصباح، واذا كانت ليلتي سيئة لا يمكنني العمل في اليوم التالي. أحرص كذلك على حماية حميميتي وخصوصياتي، فهي المسافة التي تعينني على اختراق حصون الآخرين، أي على الانقضاض عليها في شكل أفضل
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #138
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


فعلا، فأنتَ توصف دائما بالرجل الخفر، المتحفظ، الغامض، المنسحب. هل تعتقد أن الكاتب يجب أن ينعزل عما حوله، وما رأيك في ظاهرة نجومية الأدباء التي نرصدها اليوم لدى البعض، خصوصا في الغرب، بفضل آليات الاعلان والترويج والتسويق؟
هذا اللهاث وراء النجومية امر فظيع من دون شك، والكتابة هي حتما عمل انعزالي، ولكن عندما نُصدر كتابا، يتحتّم علينا أن نرافقه: ألا يرافق الأهل خطوات ابنهم الأولى؟ لا يمكننا أن نختبىء ونقول: "ها هو الكتاب ولد، وعليه أن يشق دربه بنفسه". بعض الذين يختبئون، على غرار ميلان كونديرا مثلا، إنما يخدمهم هذا الإختباء بالذات، كعامل ترويجي. أكرر، لقد أدركنا للأسف زمنا تؤدي فيه وسائل الاعلام دورا رئيسيا، زمن غزت فيه الكتب غير الأدبية رفوف المكتبات بنسبة 80 في المئة: كتب الاسفار، والشهادات، والمذكرات...الخ: إنها كتب تجتاح مساحة المكتبة وتسرق منا القرّاء: قد تقولين لي إن قارئا عاديا يدخل الى مكتبة لن يختار على الارجح كتابا لإيكو او لكونديرا، وستكونين على حق: لكنه كان ربما ليقرأ هذا الكتاب لو لم يكن أمامه كتاب آخر عن الفتاة التي عاشت تجربة الستار اكاديمي أو عن الشاب الذي هزم تماسيح أدغال الأمازون! انه اجتياح اللاأدب واللاكتب لعالمنا. لذلك علينا ان ندعم الكتاب. أن نحميه ونعينه على الصمود. حتى صديقي لو كليزيو، الذي كان مثال الكاتب "المتوحش" والمتوحّد والمنعزل، رضخ الآن وصار يجري مقابلات على الراديو والتلفزيون ويقوم بحفلات توقيع عندما يصدر كتابا جديدا. إنه وضع مؤلم ومرير لكنه الواقع. المهم ان يفعل الكاتب ذلك باحترام، محافظا على كرامته وكرامة أدبه، أي ألا يذهب الى أي مكان، ويلبي فورا أي دعوة. فالأدب مثل الحرية: إنه غير قابل للمفاوضات والتنازلات، وهو، خصوصا، لا يحتمل المساومة.
* لقد سبق أن نشرتَ كتابين يحملان طابعا اوتوبيوغرافيا، هما "الكاتب العام" و"رباط الأخوّة". هل تؤمن بنظرية أن كل رواية هي في شكل ما سيرة ذاتية؟
طبعا، فالكاتب يتغذى دائما من نفسه. مثلا، كتبتُ أخيرا رسالة الى اوجين دولاكروا أتناول فيها موضوع رحلته الى المغرب عام 1832، التي بعدما عاد منها لم يرسم سوى بلادي طوال ثلاثين عاما تقريبا. وادركت في لحظة ما أني ، إذ كنت أكتب عنه، أكتب عن مغربي أنا من خلال رسومه وحياته. ذلك لأقول إن الكاتب، حتى عندما يؤلف كتاب خيال علمي، لا يسعه أن ينسحب كليا مما يكتب. لا اؤمن بالكتابة المحض موضوعية. إننا ننهب انفسنا وحيواتنا باستمرار. لكننا نخترع أيضا، بالتأكيد، ولحسن الحظ، عالما غير موجود، ونكتب لكي نمحو في شكل ما وجوهنا. فالكاتب لا يمشي قط عاريا، ولا يسلّم نفسه للقرّاء على نحو كامل. فضلا عن اني لا أملك على ما أظن ما يكفي من التعقيدات لكي أكون أنا شخصيات كل رواياتي. تعلمتُ أن افرض مسافة بيني وبين ما أكتب، إذ يجب الا نرهق الكتاب والقارىء بصورتنا. أغرف من الحياة التي تدور من حولي أيضا، ومن الناس الذين أعرفهم وألتقيهم، ولذلك غالبا ما يتملكني الشعور بأني أسرق الآخرين عندما أكتب.
* وما المشاعر الأخرى التي تنتابك أثناء الكتابة؟
أعيش خصوصا حالا من القلق الهائل، لاني لا أنفك أخاف من ان اخيّب القراء. يتكرر الخوف والتوق نفسيهما مع كل كتاب جديد، فالكتاب الذي نشرناه هو دائما اقل أهمية من ذلك الذي نحلم بكتابته. اتخيل ردود الفعل الممكنة، يجتاحني انعدام الرضى وتتآكلني الشكوك. أخشى الضياع وفقدان صرامتي وتشددي.
* وهل يدفعك هذا الخوف من التخييب الى القيام بمساومات؟ الى المراعاة والمجاملة؟
ابدا على الاطلاق، بل على العكس من ذلك، إنه خوف يدفعني الى تجاوز نفسي وبذل كل ما اوتيت من طاقة بغية تقديم شيء ذي قيمة. أحيانا أثق بكتابتي وأحيانا لا، ولذلك أتقدّم دائما من الكلمة بتواضع وخشوع. من ناحية أخرى، لقد تقبّـلتُ واقع ان لا يمكن المرء إرضاء الجميع، وان لا مفر من وجود اشخاص لا يحبوننا، لا بل ثمة أيضا اولئك الذين ينتقدوننا عن جهل. لقد عانيت الكثير جرّاء هذا الخبث في حياتي.
* أعرف أنك واجهت مشكلات كثيرة مع كتابك "تلك العتمة الباهرة" الذي يروي قصّة أحد السجناء في سجن تازمامارت. فما قصّة هذين الكتاب والجدل؟
فعلا، عشتُ تجربة مؤلمة للغاية مع هذا الكتاب على مستويين، اولا من حيث المضمون، لأنه كتاب موجع جدا وقد كتبته وعشته بكل جوارحي، وثانيا على المستوى الشخصي، لأن السجين المعني وشقيقه خدعاني وأوقعاني في فخ بشع جدا. إذ كنتُ قد وقّعتُ مسبقا اتفاقا مع السجين حول القصّة، وأرسلت اليه المخطوطة قبل النشر، فكتب لي رسالة موافقة يصفه فيها بالرائع، ثم وقّع بدوره عقدا رسميا مع دار النشر. لكنه ما أن قبض الشيك، وبعد ما لا يزيد على خمسة عشر يوما على صدور الكتاب، سارع الى عقد مؤتمر صحافي يزعم فيه أنه لم يوافق يوما على إصداري هذا الكتاب. كان يريد على ما يبدو ان يبرىء نفسه إزاء السلطات المغربية. وهنا استولت الصحافة طبعا على القضية ووقفت ضدي، وحولتني وحشا استغلاليا، رغم كل ما أبرزته من وثائق: ففرصة الإنقضاض عليّ كانت أجمل من أن تضيع هباء. ذلك أحد أمثلة الخيانة. كل يوم نتعلم أشياء جديدة عن النفس الانسانية وعن قدرة الانسان على الطعن. ولقد رددتُ في الواقع على تلك المسألة من خلال قصّتين وردتا في مجموعتي القصصية الأخيرة "قصص حب سحرية" (سوي، 2003)، هما "حمّام"، و"المغتصب"، اتناول فيهما موضوع الغدر والخيانة.
* ثمة قصّة ايضا في المجموعة نفسها التي ذكرتها، مستوحاة من 11 أيلول. أنت الشرقي المقيم في الغرب، كيف ترصد الانقسام المزعوم بين هذين العالمين في حياتك اليومية، وهل تؤيّد ما يُحكى عن أدب ما قبل 11 أيلول وأدب ما بعده؟
لا ، هذه تسمية خاطئة ولن تصحّ يوما. أما في ما يتعلّق بـ 11 ايلول في ذاته، فهو كارثة الحقت الضرر بالعالم العربي اكثر مما أذت الغرب. لقد هشّمتنا وهشّمت صورتنا. تلك الكارثة هي التي أفسحت أمام الاميركيين فرصة اجتياح العراق. وفي رأيي أن 11 ايلول خدم مصالح الأميركيين اكثر من اللازم. لأجل ذلك، يؤلمني اجتياح اللاعقلاني للعالم العربي، الذي لم يزل يرفض الاعتماد على الوقائع والحقائق والمنطق. انه امر متعب للغاية. رغم هذا، من الضروري أن نميز بين أميركا البنتاغون، التي هي فظاعة مطلقة، وأميركا الثقافة التي تعطينا أدبا وموسيقى وفنونا وسينما- لا أعني الهوليودية طبعا- غنية ومثيرة جدا للاهتمام. لا يمكن وضع الجميع في المرتبة نفسها: بوش مجرم وابله، ولكن هناك فنانون ومثقفون اميركيون رائعون يعارضون سياسته بشجاعة. لذلك يجب عدم المزج بين جنسية الانسان أو عرقه أو دينه وبين سياسة بلاده. مثلا، أنا اليوم أفصل في شكل واضح وحاسم بين السياسة الاسرائيلية التي أدينها وأستنكرها واعارضها الى اقصى الحدود ومن دون اي لبس، وبين أن يكون المرء يهوديا، الذي يعادل بالنسبة إلي واقع أن يكون مسلما أو مسيحيا أو بوذيا الى آخره. لا استطيع ان احكم على إنسان بناء على انتمائه الديني او العرقي. وهذا الخلط أمر شائع، خصوصا في عالمنا العربي العزيز.
* "عالمنا العربي العزيز" هذا، لقد كتبتَ عنه الكثير، ومن أجرأ ما كتبت ربما مقالك الأخير في النوفل اوبسرفاتور في عنوان "السجن العربي"، حيث تساءلت: "ما العوامل المشتركة بين هؤلاء الملايين من العرب؟ أتراها ال أنظمة سياسية ال مشكوك في شرعيتها، أم مسلسل ال إخفاقات ال داخلية، أو اله زائم ال متعاقبة، أو نزيف الأدمغة، أ و تلك ال لغة ال كلاسيكية التي يتكلمها المثقفون فحسب، وهم غالبا من عزلون عن الشعب ؟". ما مآخذكَ على هذا العالم؟
هل لديكِ حقا كل ما تتطلبه إجابة كهذه من وقت؟ في الحقيقة، بات من الضروري ان يجري العرب بدورهم فحصا لضمائرهم. إننا نعاني من نقص مهلك وفتّاك في الحرية والخيال، نغذّي الخبث والحقد، لا نقول ما نفكر فيه، وحتى مخيّلتنا هي مخيّلة تحديدية وقمعية، ولذلك نعيش حالا من الانحطاط الرهيب، انحطاط هو عبئنا الأكبر. مثلما سبق أن كتبت، سوف يصبح لل عالم العربي وجود فعلي عندما تقوم وحدته، ليس على اللاعقلانية الدينية أو الميول الظلامية، ولا على الخطابات الرنانة و اللازمات والشعارات المملة كما في أغنيات أم كلثوم الجميلة؛ وإنما على مشروع اقتصادي جد ي ، وعملة موحدة، و إلغاء الحدود والتأشيرات، وعلى حرية ممارسة الديمقراطية بكل ما لها وما عليها. ينبغي علينا أن نتواضع و أن نبدأ بالإعتراف بانقساماتنا وخياناتنا و ان عد ا م كفا ي تنا. لننظف بيوتنا قبل أن نتهم الآخرين، و ل نحاول أن نستحق من جديد إرث أسلافنا، اولئك الذين حملوا اللغة والثقافة العربيتين إلى أوج الحضارات.
* وما موقفك من قضية الحجاب التي أثيرت أخيرا في فرنسا، وفي قرار شيراك منع ارتدائه في المدارس؟
أنا رجل علماني، اذا أنا ضد كل مظاهر اجتياح الدين للمساحة العامة. أؤيد منع ارتداء الحجاب في المدارس او في أحواض السباحة، أؤيد رفض مبدأ أن تكون معالجة النساء حكرا على الطبيبات في المستشفيات العامة، أؤيد الحؤول دون فرض البعض رؤيتهم الخاصة للحياة على الآخرين. هذه ظلامية تريد ان تنخر مجتمعا علمانيا ناضل الكثير ودفع أثمانا باهظة لكي يحقق علمانيته هذه. إنها نوع من الرقابة غير المقبولة. كأنك توشحين جزءا من شاشة السينما بالسواد لأنك ترفضين بعض مشاهد الفيلم، فتفرضين على سواك أيضا هذه العتمة رغما عنهم.
* في الحديث عن السينما، نعرف أنك مفتون بهذا الفن، فأي إسهام قدّمه هذا الإفتتنان بالصورة لكتابتك؟
أعطتني السينما الكثير الكثير. لقد تعلّمتُ أن أروي قصصي من خلال مشاهدتي الأفلام. كنتُ محظوظا بمشاهدة أفلام عظيمة عندما كنتُ فتيا، وكان هذا الفنّ شغفي الأكبر منذ طفولتي. كنّا نرتادها يوميا شقيقي وأنا بعد انتهاء الدروس، من الخامسة الى السابعة مساء، إذ أقنعنـا والدينا بأنها جزء من الواجبات المدرسية. فريتز لانغ، هاورد هوكس، اورسون ويلز، الخ... هؤلاء المخرجون العظماء علموني كيف أجعل قصصي متماسكة، كيف أفرض شخصياتي وأحرّكها. لا بل اني أردت في مرحلة ما ان اقوم بدراسات في السينما، أول وصولي الى باريس، ولا أذكر في المقابل أن كان عندي طموح بأن أصبح كاتبا. أعشق في السينما الشعر ولعبة التلميح وفنّ استثمار الوقت...
* وأنت، ألا تشعر بمرور الوقت؟
افكّر فيه كثيرا. يكفي أن انظر في المرآة وأرى عواقب تساقط شعري. لم يكن تقبّل ذلك بالأمر السهل (يضحك). لكني أشعر في الوقت نفسه بأن أبوّتي تحميني من مرور الوقت، وبأن وجود أبنائي يساعدني في الاستسلام لهذا الوحش القاهر، أو على الأصحّ في التحايل عليه. أحاول كذلك الإعتناء بنفسي. لستُ من هواة الرياضة لكني انتبه الى ما آكله واحرص على الا يزيد وزني. كما انني مارست في مرحلة من المراحل رياضة اليوغا، رغم أنها كانت نوعا من اليوغا الفكرية والتأملية أكثر منها جسدية. لذلك، إذا كان لدي من خوف حقيقي على مستوى مرور الوقت، فهو من دون شك الخوف من المرض ومن الانهيار الجسدي والعقلي، أما الشيخوخة في ذاتها فلا أهابها: شباب أولادي يدرأ خطرها عنّي، مما يشفع الى حدّ بعيد، أعترف، بمساوىء مؤسسة الزواج...
* أجل، أعلم أن لديك رأيا "شجاعا" في هذه المؤسسة...
لنعترف بأن الزواج ليس أمرا طبيعيا، وإن كانت بعض صيغه ناجحة طبعا. نتزوج في الواقع لكي نؤطر أنفسنا داخل المجتمع. إنه محض رضوخ للقوانين. من النادر ان يكون الشريكان متكافئين، لذلك تبرز في الزواج ضرورة من اثنتين: إما القيام بمساومات، أو إتقان لعبة السيطرة. والمرأة هي التي تسيطر غالبا، لكنها تمنح الرجل وهم أنّه هو المسيطر. ثمة حاجة الى الكثير من الذكاء بغية قبول الآخر كما هو. الحب بين إنسانين أمر استثنائي الى حد أنه من غير المقدّر له أن يُحصر في زمان ومكان وشروط وقيود، وذلك ما يفعله الزواج بالضبط. لكن هذا الأخير مثل الديموقراطية: لم يتوصل الناس بعد الى صيغة افضل لإنجاب الاطفال وتربيتهم!
* الطاهر بن جلون، لقد حقّقتَ الكثير ونلتَ شهرة واسعة وتُرجمتَ الى لغات لا تُعدّ وحزتَ جوائز لا تُحصى، ويرد اسمك بين المرشحين المحتملين لجائزة نوبل. إلام تصبو في هذه المرحلة من حياتك؟
إلام أصبو؟ (يبتسم). حسناً، الى الهدوء، الى الصفاء، على ما أعتقد. الى السلام الداخلي. وسيكون من الرائع أيضا أن يتاح لي عيش الشغف من جديد.
* الشغف والسلام الداخلي؟ توقان لا يجتمعان على الاطلاق. أرى أن عليك ان تختار بينهما...
سأختار الشغف إذن. (صمت). الشغف بالتأكيد.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #139
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


حوار مع محمد الماغوط
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #140
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


يشكل محمد الماغوط حالة خاصة في سورية، بل في الأدب العربي كله، ففي داخله أكبر من شاعر،طفل ترك مقعد الدراسة ليدخل السجن، وحين غادره أعلن بشجاعة عن الرعب والخراب الذي أصابه، فاكتشف فيه الآخرون شاعراً، هو السجين العائد من غيبته الصغري ليعلن تمرده في مملكة الله وممالك الانسان، ويقرأ علينا قصائد ونصوصاً في الحكمة الأولي وفي لذة الاكتشاف، قبل أن يدخل في غيبته الكبري.

خرج الماغوط من مدينة سلمية التي تقع علي قوس البادية في سورية، ليعيد صياغة أقواس الشعر التي مالت قليلاً مع قصيدة التفعيلة، لكن الأقواس تكسرت بين يديه، وتقطعت الأوتار. فنثر عليناً دهشته فيما سميّ قصيدة النثر التي ما يزال يمضي بها في نصوص أخيرة أين منها الشعر والشعراء.

في شخصية الماغوط نفور الشاعر الذي يهرب الي ظل نخلة علي الأفق الأخير للسراب، يمتلك توجس البدوي وحذر السجين، يأنف الحديث أمام آلة التسجيل، كما يرفض آلية الحوار التي تذكره بالتحقيق، وتذكرنا بالعصيان، هو لا يخاف فيما يعلن أو يكتب، لكن القول يضنيه كصبية لا تعرف أن تبوح بعشقها، فتنثر مواويلها في الفضاءات، أشقاه الصمت وصقيع الجدران، فاكتشف عزاء له في الكتابة.

أصيب الماغوط بالكآبة ونقص التروية والمزيد من الخيبات، فاعتكف في منزله، لم يغادره منذ عامين الا لحفلي تكريم له كان آخرهما في مهرجان دمشق المسرحي،منذ شهرين ونيف وأنا أجلس اليه، نتحدث، اقتنص من هنا عبارة ومن هناك فكرة، لأعود الي مكتبي أسجل ملاحظاتي، وما اقتنصت.

آخر تعديل butterfly يوم 17/01/2008 في 08:53.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #141
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


هل اسميه لقاء؟ هو أكثر من لقاء.
هل اسميها دراسة؟ هي دون ذلك.

ربما تكون مكاشفة، أو ربما تكون تجميع لحظات مسروقة من بوح قليل ينز كحبيبات الندي التي تسيل علي الحواف الخارجية لكأس مثلجة.

الشاعر محمد الماغوط ، بيني وبينك قاسم مشترك هو السجن؟
السجن تجربة لا تنسي، قد يكون مضي عليها نصف قرن من الزمان وما زلت اغتسل من أدرانها، فالسجن دمر شيئاً في داخلي، وكل ما قمت به لاحقاً وحتي الآن لا يعدو كونه ترميماُ لذلك الخراب الذي حصل، ومع ذلك كان ارهاباً نبيلاً في تلك الفترة قياساً مع الارهاب الذي انتشر كالطاعون.

ولكنك في السجن كتبت الشعر؟
أنا لم أخطط في حياتي لأن أكون شاعراً، أو كاتباً مشهوراً، في السجن كانت الوحدة وصقيع الجدران قاسيين، فأخذت أدون شيئاً من الملاحظات واليوميات علي ورق السجائر، كانت شيئاًُ ينز من داخلي الذي تحطم علي أعتاب سجن المزة العسكري، وحين خرجت من السجن أدركت حجم الخراب الذي لحق بروحي، لكنني أدركت أيضاً أن ما كتبته في السجن كان شعراً.

وهناك التقيت أول مرة بالشاعر ادونيس؟
صحيح وأنا أحبه، فالسجن يشكل أعظم مناخ للعلاقات الصالحة، لذلك عندما هاجمه الكثيرون، كنت وفياً له، وحين غادرت دمشق الي بيروت التقيت ثانية به، وهناك اكتشفت رحابة العالم، وقد فاجأني وأدهشني كبار شعراء تلك المرحلة (أنسي الحاج، يوسف الخال، أبو شقرا وغيرهم)، كما التقيت في منزله بالشاعرة سنية صالح التي أصبحت زوجتي لاحقاً.أتذكر تلك التفاصيل كما لو كانت بالأمس فقط، كنت نشرت أولي قصائدي في مجلة شعر حينها جاءت الي ادونيس تقول له: ما هذا الشعر العظيم؟ من هو محمد الماغوط؟ . وكنت جالساً في منزله.
عندما قرأت لهم في مجلة شعر بعضاً من أوراقي احتاروا أمام هذه القصائد، ومدحوني كثيراً، حتي ارتبكت وأحسست أن المكان لا يتسع لي.
وعندما أصدرت ديواني الأول حزن في ضوء القمر ، اتهمت وقتها بأنني هدام وسوداوي ومتشرد. لكن هذا الديوان شكل مرحلة استثنائية في مسيرة الشعر العربي، كما كتب عنه جبرا ابراهيم جبرا وأنسي الحاج.
ومع ذلك رفض ادونيس اعطائي الجائزة سنة 1958 التي أعلنتها مجلة شعر لقصيدة النثر وقال: هذه ليست قصيدة نثر ، لكنه بعد خمسين عاماً علي ذلك جاء يقول لي: كانت قصيدة رائعة .
في عام 1961 نلت الجائزة التي نظمتها جريدة النهار اللبنانية لقصيدة النثر، وقد كتب نذير العظمة عن الذهول الذي أحدثته قصيدة الماغوط.

أدونيس:
أيها النسر المتواطئ مع أعتي الرياح والعواصف
أنا معك حتي الموت في مسيرتك المظفرة
تحت وابل من القشع والسعال
والقيح المعمم كالبيانات الرسمية
ولكنني سأخلد قليلا الي الراحة
وأعهد اليك ببعض الزهور الأثيرة لدي
وهي بكماء وقاصرة
ولا تعرف مواسمها
ولا الفرق بين الربيع والخريف!
فأرجوك.. اسقها ولا تناقشها.

آخر تعديل butterfly يوم 17/01/2008 في 08:55.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #142
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


وماذا عن سنية صالح؟
هذه العلاقة أثمرت شعراً وأكداساً من الحزن والألم والذكريات، لقد لعبت سنية دوراً مهماً وكبيراً في حياتي منذ التقيتها أول مرة، اعترف بأنني اقترفت أشياء كثيرة في حياتي، لكنني لم ادع ذلك يؤثر علي شعري أو عائلتي أبداً،لقد رثيتها في سياف الزهور وهو أجمل ما كتبت، هل هو احتجاج علي موت سنية؟ أم علي الحياة التي اغتالت لحظاتنا الجميلة؟ أم أننا نحن الذين اغتلناها؟
لقد توقف قلبي لأول مرة حين غادرتني سنية وحيداً مع حزني وذكرياتي وطفلتين هما شام وقد أصبحت طبيبة، متزوجة وتعيش الآن في أمريكا، و سلافة وهي الآن خريجة فنون جميلة متزوجة أيضاً وتعيش في دمشق.

قلت في سياف الزهور:
كالجندي الجريح
ولم استطع أن أحملك بضع خطوات
الي قبرك
الزوجة والأولاد... تفاصيل تعود بنا الي العائلة والي سلمية التي لم تزرها منذ عقود؟

ولدت في سلمية عام 1934 وكنت الأبن الأكبر في عائلة تضم ستة أخوة، درست في المدرسة الزراعية فيها، ثم غادرتها الي دمشق لمتابعة تحصيلي العلمي في ثانوية خرابو الزراعية، لكنني اكتشفت أنني لا أصلح للعمل في الأرض، وأن الحشرات والمبيدات ليست هوايتي المفضلة، اضافة لتردي وضع الأسرة المادي، حيث باع والدي مضخة المياه طرمبة بـ 12 ليرة سورية، في ذلك الزمن وأرسلها لي لأنفق منها علي دراستي، فتركت الدراسة وعدت الي سلمية. في سلمية يمكن للمرء أن يتعرف علي الفوارق الاجتماعية الهائلة، وأن يحس بالتمرد، حتي أن ماركس كان يفترض به أن يولد في سلمية وليس في ألمانيا.في سلمية انتميت الي الحزب القومي السوري الاجتماعي ليس لمعرفة أو خيار ايديولوجي، بل لأن مقر الحزب هو المكان الوحيد قرب بيتي والذي أستطيع أن أجد فيه مدفأة أجلس بقربها في أيام الشتاء البادرة، وأتدفأ في صقيع سلمية شبه الصحراوي.
وقد كتبت منذ الستينات عن سلمية التي هُدمت عشرات المرات. سلمية معقل القرامطة والمتنبي:
سلمية الدمعة التي زرفها الرومان..
يحدها من الشمال الرعب
ومن الجنوب الخراب
ومن الشرق الغبار
ومن الغرب الأطلال والغربان
لكن سلمية هذه أحبها جداً، رغم أن أغلب أصدقاء الطفولة والذكريات المشتركة فيها قد غادروا. منهم من مات ومنهم من هاجر أو دخل السجن، لكنها المكان الذي لم يغب عن ذاكرتي لحظة واحدة، واذا كنت لم أذهب اليها منذ عشرين سنة فلأسباب كثيرة، ولكنني ارغب حقاً في أن أزورها، وأنا الآن بصدد ترميم البيت القديم الذي خلقت فيه في سلمية.

غادر محمد الماغوط الحزب مبكراً، لكنه ما يزال مسكوناً بهم السياسة في كل ما يكتب؟
الانسان أكبر من الحزب، وأنا في كل ما كتبته كنت معنياً في صياغة معادلة الانسان كقيمة فردية في مواجهة السلطة ـ الدولة، فهي المعادلة المستباحة في واقعنا، منذ استباح العسكر روحي ـ كما قلت لك ـ وأنا أجاهد لالتقاط أنفاسي، لاعادة الاعتبار لانسانية الفرد وكرامته.
فمن يستبيح الانسان... يستبيح الوطن، هذا الوطن الذي يدعوك لمغادرته بكل ما فيه، لكنني لن أتزحزح من مكاني:
كتبت عن السلام فاندلعت الحرب
عن النظام فعمت الفوضي
عن البطولة فتفشت الخيانة
عن الأمل فزادت عمليات الانتحار
عن تنظيم الأسرة فغصت الشوارع بالجانحين والمنحرفين
عن البيئة فدفنت النفايات النووية بين المنازل
عن الصمود فغصت السفارات بطالبي اللجوء السياسي
والاقتصادي والجنسي والديني
يبدو أنني طوال هذه السنين
ألقي مرساتي وأنصب شباكي
في البحر الميت.
30 سنة وأنت تحملينني علي ظهرك

آخر تعديل butterfly يوم 17/01/2008 في 08:57.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #143
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


لكن السياسة في مجتمعاتنا تقتل الفرد أو تقتل الابداع، لأنها صنو الخراب؟
لذلك علينا أن نحرر الوطن من الحكام والحكومات، من السياسة والأحزاب، من كل ما يمكن أن يغتال حرية الانسان وكرامته. أنا الذي كتبت ديوان الفرح ليس مهنتي تعبيراً عن هزيمة 1967، وهي التي دفعتني باتجاه البحث عن وسائل تعبير أخري، أشكال من الكتابة قد تكون أوضح أو أكثر حدة، فكانت مسرحياتي مع دريد لحام.

لكنك متهم في هذه المسرحيات بالمحاباة وركوب الموجة التجارية؟
هذا لأنهم لم يفهموا وظيفة المسرح أو وظيفة الأدب، أنا حين لم أتحمل مجلة شعر واتجاهات أصحابها في التجريب ، تركت بيروت وعدت الي دمشق، وحين ألمت بنا الهزائم، رأيت أن ننتقل بالكتابة من النخبة الي العامة، رأيت أن نستبطن وجدان وأحزان الانسان العربي، وهنا بدأت المزاوجة بين العنصرين التجريبي والشعبي في كتابة كوميديات ساخرة مع أنها دامعة أيضاً.
تعرفت بدريد لحام في بداية السبعينيات، وأسسنا فرقة ضيعة تشرين وكان هذا عنوان أول مسرحية نقدمها بعد حرب تشرين، وتتالت مسرحيات غربة، كاسك يا وطن، شقائق النعمان... .
وهذه المسرحيات شكلت نقلة من المسرح التجاري الي المسرح الشعبي الذي حافظ علي أسلوب الكوميديا الساخرة، لسهولة تواصلها مع الجمهور، ولا أدل علي ذلك من كونها ما زالت تعرض علي مختلف الشاشات والفضائيات العربية، أنا في المهرج وفي شقائق النعمان الشاعر نفسه ولم أتغير.

تجربة الماغوط في المسرح أوسع من مسرحياته التي قدمها دريد لحام؟
نعم، كتبت خارج السرب بعد انقطاع، وعدت للمسرح، ولكن هذه المسرحية سرقها مني جهاد سعد وعابد فهد، وقد شكلت نكسة كبيرة في حياتي، اعتكفت من بعدها في المنزل وأدمنت الشراب. هذان الشخصان أساءا اليّ كثيراً.أما مسرحيتي المهرج فقد جاءني مؤخراً وفد من الولايات المتحدة الأميركية، وقابلوني وهم الآن بصدد ترجمتها واخراجها مسرحياً باللغة الانكليزية. وقد اعتبرت من النصوص الخالدة في التاريخ، ولي مسرحية المارسيليز العربي ، كما قدمت مسرحية مستوحاة من كتابي سأخون وطني .
لدي مسرحيتان جديدتان قيام، جلوس، سكوت وقد اشتراها الفنان زهير عبد الكريم، وهو بصدد العمل عليها الآن. كما اشترت مني وزارة الثقافة مسرحية المقص وسيخرجها ماهر صليبي.

ماذا حول آخر أعمالك الدرامية حكايا الليل والنهار ؟
أنا مُقل في الدراما التلفزيونية، كتبت سابقاً ثلاثة أعمال هي حكايا الليل و وين الغلط و وادي المسك والآن أنهيت حكايا الليل والنهار الذي كتبته كأفكار، رغم أنّ الصياغة الدرامية ليست لي، وسيخرجه علاء الدين كوكش.
كذلك كتبت سيناريو فيلمين سينمائيين هما الحدود و التقرير .

لقد تُرجم العديد من أعمالك؟

هناك مختارات مترجمة من أشعاري باللغة الفرنسية وباللغة الأسبانية، وتوجد ترجمات أخري متفرقة، لكنهم مؤخراً أخذوا موافقتي علي ترجمة كل أعمالي الي اللغة الانكليزية.وقد جاءني بروفيسور باحث في أحدي الجامعات الكندية، وقال لي: ظلّ الغرب خمسين عاماً يبحث عن تعريف للشعر، حتي قرؤوا لك:
سئمتك أيها الشعر
أيها الجيفة الخالدة
وقد كتبوا حولها مطولات ودراسات في تعريف الشعر.

قديماً قيل الشعر ديوان العرب لكن العرب الآن لا يقرأون، كيف تري مستقبل الشعر؟
ديوان العرب الحقيقي الآن هو أقبية المخابرات، حيث الاعترافات وصديد الكرامة الانسانية، ديوان العرب هو سياط الحكام منذ بدء الخليقة وحتي الآن. وأنا أكتب كي أنجو من حالة الألم واليأس.
انظروا ماذا يفعل، انعدام الحرية وقسوة الطغيان، حتي تقرأوا أشعاري حزن في ضوء القمر، غرفة بملايين الجدران، الفرح ليس مهنتي... نحن لا يلزمنا كثير من الفذلكة حتي نُميّز الأشياء، فأنا بدلاً من أن أري السماء رأيت الحذاء، حذاء عبد الحميد السراج رئيس المباحث/ نعم رأيت مُستقبلي علي نعل الشرطي، لذلك تري:
انّ أي فلاح عجوز
يروي لك في بيتين من العتابا / كل تاريخ الشرق
وهو يدرج لفافته أمام خيمته... .

آخر تعديل butterfly يوم 17/01/2008 في 08:59.
  رد مع اقتباس
قديم 03/01/2008   #144
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


الماغوط الذي أسس لقصيد النثر في الشعر العربي بدأ ينثر نصوصاً لم يسمها شعرا، مع أنّ الكثيرين يجدون فيها ما هو أجمل من الشعر؟ ما الفارق بين قصائد نثر الماغوط وبين نصوصه؟
لا أدري، فقط لم أسمها شعراً، في كتاب سأخون وطنــي كانت مقالات ونصوصاً، حتي سياف الزهور اعتبرته نصوصاً. أنا اقترفت كل أنواع الكتابة، لي رواية بعنوان الأرجوحة صدرت عام 1992 عن دار الريس في لندن. كتبت مجموعة من المسرحيات، كتبت دراما تلفزيونية، كتبت الكثير من الشعر والكثير مما أسميته نصوصاً أدبية، البعض قال لي: انّ كتابي الأخير شرق عدن ـ غرب الله.... من أجمل ما كتبت شعراً، مع أنني أسميته نصوصاً.
أعتقد أنّ الكتابة هي اشتغال علي اللغة، كالرسم بالألوان، يجب أن لا تحدها المدارس والتسميات. وكما قلت لك أنني لم أختر أن أكون شاعراً ولم أتعلم نظم القوافي، هناك من يعتبرني شاعراً بالفطرة، والبعض قال عني: ساحر يخبز لنا من اللغة خبزاً شهياً. وبالنسبة لي لا يمكن الفصل بين الشعر والنثر من حيث اللغة والأسلوب والصورة، دعني أقول: أنّه لا يوجد شعر أو نثر، هناك محمد الماغوط.

كتب يوسف الخال يقول: هبط علينا الماغوط كالاله يونان، وجوزيف حرب قال: محمد الماغوط في بيروت مثل فيروز في بيروت، لا أحد يختلف عليهما، أما سعيد عقل فقال: الماغوط ليس شاعراً انه الشعر.
صديقك الراحل ممدوح عدوان ظلّ يُحارب قصيدة النثر مع اعجابه بشعرائها الكبار أمثالك، حتي كتب قبل وفاته أو جمع قصائد نثرية له ما سر هذا التحوّل؟
لا أدري، ولكن ليته لم يفعل ذلك، ممدوح عدوان فيما عرفناه من شعره الأول كان أجمل.

البعض يتحدث عن أزمة الشعر، والبعض يتحدث عن أزمة ثقافة وقيم، لكن الماغوط ندب وطناً بكامله؟
بالنسبة لي الشعر ليس هدفاً، انه وسيلة لسعادة الانسان، كل الفنون كالرسم والغناء والتصوير والنحت.... هي وسائل لسعادة الانسان، وليست هدفاً بذاتها، وفي كل ما كتبت كنت محمد الماغوط ولم أتغيّر. امتهنت الرعب حين ضاع الوطن، وبكيت حين ظنّ العرب أنهم مُنتصرون:
آه كم أود أن أكون عبداً حقيقياً
بلا حب ولا مال ولا وطن ... .

وسبق أن أعلنت أنني مع القضايا الخاسرة باستمرار، نشرت في العدد الثاني، عام 1958 من مجلة شعر قصيدة القتل :
ضع قدمك الحجرية علي قلبي يا سيدي
الجريمة تضرب باب القفص
والخوف يصدح كالكروان .

آخر تعديل butterfly يوم 17/01/2008 في 09:02.
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 14:37 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.33925 seconds with 12 queries