شواطىء....

[Bonita]

بإنتظار ك

[وهج البراءة]

عابر عمر

الفرق بين عابر السبيل وعابر العمر، إنَّ عابر السبيل نفارقه عند انتهاء السبيل ويبدأ العمر بعده، وعابر العمر نفارقه عند انتهاء العمر، وينقطع السبيل بعده

(1)


في قرارة نفسها كانت تعلم أنه لا يستحقها


لكن علمها هذا لم يمنعها من أن تحبه للدرجة التي دفعتها أن تملأ به الدنيا


وتملأ بحديثها عنه أسماع رفيقاتها


ورسائل العشاق بعضهم لبعض


فيلتقي العشاق على كلماتها عنه..وتفارقه هي

(2)


في قرارة نفسها كانت تدرك انه يخونها مع نصف نساء الكرة الأرضية


لكن علمها هذا لم يمنعها من أن تغفر له


بحجة أنه كان وفيا لها


بالقدر الذي منعه من أن يخونها معه النصف الآخر من نساء الكرة الأرضية

(3)


في قرارة نفسها كانت تعلم أنها ليست المرة الأولى أو الوحيدة في حياته


لكن علمها هذا لم يمنعها إلى من تخادع نفسها بأن المرأة الأخيرة أكثر أهمية لدى الرجل


من المرأة الوحيده والأولى

(4)


في قرارة نفسها كانت تعلم أن فيه خبث الرجال ما يدفعه إلى اتقان دور الذئب الأليف


واعتراض طريق ذات الرداء الأحمر


ليلى


ولتهام قلبها بشهية وشهوة


ذئب جائع


لكن علمها هذا لم يمنعها من تصديقه


بأن الذئب الذي اعترض طريقها


ونام في كوخ جدتها


لم يكن هو




يتبع

[وهج البراءة]

(5)

في قرارة نفسها كانت تعلم أن به من دنس الرجال

ما يحوله إلى ((رجل الوحل))
على أسرتهن
لكن علمها هذا لما يمنعها من أن تطأ وحله الراكد بحذائها الذهبي
وتعلل اتساخه بالوحل لا به



(6)
في قرارة نفسها كانت تعلم أن حصانه الأبيض بلا روح
وأن فستانها الأبيض بلا تفاصيل
لكن علمها هذا لم يمنعها من ارتداء فستانها الأبيض والوقوف على قارعة العمر المر
في انتظار معجرة قدوم حصان بلا روح



(7)
في قرارة نفسها كانت تعلم أنه ليس الأب المناسب لأطفالها
لكن علمها هذا لم يمنعها من انتقاء ملامحهم واسمائهم وألعابهم معه
ومناغاتهم في ليالي الحنين إليه



(8 )
في قرارة نفسها كانت تعلم أنها ليست في حاجة إلى اغلاق أبوابهن عليه
ومراودته عن نفسه وصراخهن به:
(هيت لك..هيت لك .. هيت لك)
لكن علمها هذا لم يمنعها من الإقبال على أكاذيب حكاياتك بتصديق



والإدبار عن صدق حكاياتهن بتكذيب


يتبع..

[وهج البراءة]

(9)

في قرارة نفسها كانت تعلم أنها تحمل له من الحب مالا طاقة له به

وأنه يحمل من الرغبة بها مالا طاقة له به

لكن علمها هذا لم يمنعها من أن تشيد سياج العقل بين حبها ورغبته

وأن تتجنب من السقوط الكثر

(10)

في قرارة نفسها كانت تعلم أنه تمثال من تمر

أن لم تتناوله في وقت أكله النمل وخسرته

لكن علمها هذا لم يمنعني من أن تتردد وتتراجع قبل أن تمد يدها إلى تمرة من حرام

(11)

في قرارة نفسها كانت تعلم أنه رجل المحطات الذي لا يستقر على محطة واحدة

لكن علمها هذا لم يمنعها من أن تقف على محطة واحده

وتنتظر قطاراً وحداً ورجلاً واحداً

كانت المحطة محطته..كان القطار قطاره..كان الرجل هو

وبعد أن أرعبنا المساء

عابر السبيل يطوي السبيل

وعابر العمر يطوي العمر

وسلامتكن

[وهج البراءة]

نستهلك الكثير من الصحة والكثير من العمر كي نجدف مجبرين باتجاه جزر وشواطئ لا نرغب في أن ترسو سفننا يوما عليها

فكوا قيود قلبي يا رفاقي ولا تقلقوا


فقد غيرت اتجاه سير القطار ومزقت خارطة الطريق


إليهم وألقيت بآخر تفاصيلهم في محرقة الايام


فما عدت ألتفت إلى الوراء، ألمح ضآلة أحجامهم بذهول


وأتساءل بدهشة، لماذا تضآءلوا؟

فأنا يا رفاقي


ما عدت اطير بأجنحة الشوق لديارهم كما كنت كل مساء


أمر على الديار كعصورة عابرة


واضعة يدي على أعين قلبي ..كي لا يلمح سقوطهم


وتساقطهم وانطفاء دروبهم

كما ألمح يوما انطفاء وجوهه

يتبع

[وهج البراءة]

انا يا رفاقي


ما عدت أتسلل إليهم ليلا كـعاشق هزت اغصانه رياح الحنين


ولا أتقصى أخبارهم بقلق أم


ولا أتجول في طرقاتهم بثقل أسير يغادر وطنه


ولا أحصي عدد الوجوه المشوهة، ولا ركام الاقنعة المتساقطة أمامي


ولا اقرأ ما ينحتون على جدرانهم من الزيف عني


ولا انصت لهم من خلف الغرف..ماذا يقولون وماذا يتقولون


وماذا يقذفون وماذا يزعمون وماذا يفترون

انا يا رفاقي


ما عدت أتوقف على أطلالهم.. أقيس اتفاع ركامهم تحتي..أزيل غبار التفاصيل معهم


وأبحث بين الركام عن دموعي ومشاعري وشموعي وأتذكر بآلم:


هنا كتبتُ ، وهنا ضحكتُ ، وهنا بكيتُ ، وهنا خُدعت وهنا ظُلمتُ ، وهنا صُلبت وهنا قُتلتُ

انا يا رفاقي


ما عدت أزور مقابرهم حزينة .. مكنسة الفلب .. أعرِّف قلبي على تُرابهم:


هذا قبر أقرب الناس إليَّ .. وهذا قبر أخت أحبتني في الله يوما ورحلت


وهذا قبر صديقة أمنتها ظهري وطعنت


وهذا قبر أخ ظننت أن أمي لم تلده


وهذا قبر عقرب بثت سمها في المكان.. فلدغت وشتت وفرقت

أنا يا رفاقي


ما عدت ازور مدينتي التي شيدتها يوما لعينيه..وزينتها لنساء الأرض


حتى كدن يغلقن أبوابهن عليه.. ويصرخن به (هيت لك)


تلك المدينة يا رفاقي كانت لي وطناً .. كتبت بها ما كتبت، وسردت بها ما سردت.. ونزفت بها ما نزفت


وتركت عشاق الأرض بين سطورها يقرؤون رسائلي إليه.. ويبكون

يتبع..

[وهج البراءة]

أنا يا رفاقي


كبرت ألف عام وأنا أُطعن بخناجرهم


وكبرت ألف عام وأنا أكتشف أعماقهم


وكبرت ألف عام وأنا أمضغ تحت أنيابهم


وكبرت ألف عام وأنا أُرمى بألسنتهم


وكبرت ألف عام وأنا أُصفع بمواقفهم


وكبرت ألف عام وأنا أصمت أمامهم


وكبرت ألف عام وأنا أترفع عنهم


وكبرت ألف عام وأنا ألوح مودعة لهم


وكبرت ألف عام وأنا أغادر وطنهم


وكبرت ألف عام وأنا أعيد زراعة قلبي وعقلي وذاكرتي


فأحصوا عدد سنواتي يا أصدقائي


ألم أبلغ تحت مقصلة خذلانهم .. من العمر عتيا؟

وبعد أن أرعبنا المساء:


كان الرفاق رفقة درب

أمسى الرفاق في الحاضر حفرة درب

وسلامتكن..