أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > مجتمع > المنتديات الروحية > اللاهوت المسيحي المعاصر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 20/12/2005   #1
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي مدخل الى العقيدة المسيحية


الفصل الأول

فى دستور الإيمان


دستور الإيمان النيقاوى القسطنطينى:

الإيمان: با لحقيقة أؤمـن.
الله الآب: بإله واحـد, الله الآب, ضابط الكـلّ.
الخـلق: خـالق السماء والأرض, ما يرى وما لا يرى,
يسوع المسيح: وبرب واحد يسوع المسيح, ابن الله الوحيد, المولود من الآب قـبل كل الدهور, نور
من نور, إله حق من إله حق, مولود غـير مخلوق, واحـد مع الآب فى الجوهـر, الذى به كان كل
شئ, الذى من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء,
التجسد: وتجسّد من الروح القـدس ومن مريم العـذراء, وتأنّس,
الفـداء: وصُلِب عـنّا عـلى عهد بيلاطس البنطى, وتألّم, وقُـبر, وقام من بين الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب, وصعد إلى السماوات وجلس عن يمين الآب,
الدينونة: وأيضًا يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات, الذى ليس لملكه إنقضاء,
الروح القدس: نعم أؤمن بالروح القدس, الرب المحيى, المنبثق من الآب قبل كل الدهور,
الثالوث القدوس: نسجد له ونمجده مع الآب والابن, الناطق فى الأنبياء,
ا لكنيسة: وبكنيسة واحدة, مقدسة, جامعة, رسولية,
المعمودية: واعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا
القيامة: وأنتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى.


هـذا الدستور ( القانون ) للإيمان وُضع عـلى مراحـل حسب ظهـور الهرطقات واضطـرار الكنيسة للدفاع عـن إيمانها...

وقـد سُمّى بالنيقاوى القسطنطينى لأن قسمـًا منه وُضع فى المجمـع المسكونى الأول الذى انعـقد السنة الـ 325 فى نيقـية...
ثم اُكمـل فى المجمـع المسكونى الثانى الذى انعـقد السنة الـ 381 فى القسطنطينية...

منذ العـهد الرسولى تضمنت العبادة المسيحية الاعتراف العـلنى ببعـض عـناصر مقـومات الإيمان وخاصة عـند الاستعـداد لسرّ المعـمودية وإقامته...

وفى شرقنا المسيحى دخـل دستور الإيمان النيقاوى القسطنطينى خـدمة القـداس الإلهـى كجـزء رئيسى منه فى القـرن الرابع, وتصـدّر الكـلام الجـوهـرى...

يُستهـل دستور الإيمان بكلمـة " أؤمن" وليس " نؤمن" ليظهـر للشعب المسيحى قيمـة الالتزام الشخصى لكـل عـضو فى الكنيسة...
لذلك يجب أن لا نتلو دستور الإيمان تلاوة هامشية أو أن نوكـل ذلك إلى أى كان دون اشتراكنا الفعـلى بذلك إذ المطلوب من كل مؤمن قبل اشتراكه فى تناول القدسات أن يتبنّى إيمان الكنيسة وأن يلتزمه شخصـيًا...
" أؤمن" هذا يعنى أنّى أنا فـلان الحاضر فى هذه الكنيسة أؤمن أى أتبنى لا بشفتى فقط ولكن بكـل كيانى هـذه الكلمات التى وضعـها آباء الكنيسة وسكبوا فيها الحقيقة المعـلن عـنها, جاعـلينها بعـملهم هذا فى متناول كل عـقل مستنير بالإيمان بيسوع...

ولقـد قال المطـران " فيلاريتوس", مطـران موسكو فى القـرن الماضى, فى هـذا الصدد:
" ما دام إيمانكم محفـوظـًا فى الكتاب المقـدس وفى دستور الإيمان فهـو مِلْكٌ لله وأنبيائه ورسله وآباء الكنيسة, إنه ليس لكم ولن تبدؤوا فى اكتسابه إلا عـندما يتملك عـلى أفكاركم وذاكـرتكم ..."...

ومن أجـل الوصـول إلى حـالة كهـذه عـلينا أن نسعى جهـدنا لفهـم الحقـائـق المُعـبّر عـنها فى دستور الإيمان ونسمح لها بالتغـلغـل فينـا فتـؤثر الكلمـات التى نرددها ونسمعها فى القـداس الإلهى فينـا عـميقـًا وتحـولنا إلى أعـضاء راشدين واعـين لكنيسة المسيح...

وهـذا ما هـدفنا إليه فى الكتاب الذى بين أيديـكم...

ولكن لا بـدّ قبل الغـوص فى ثنايـا الكتاب من إبـداء بعـض الملاحظـات التى نعـتبرها هامة لفهـم صحيح للعـقائد المسيحية ولدستور الإيمان:

انسان بلا حدود
CHEGUEVARA
انني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا ، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.
EYE IN EYE MAKE THE WORLD EVIL
"أما أنا فقد تعلمت أن أنسى كثيرًا، وأطلب العفو كثيرًا"
الأنسان والأنسانية
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #2
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي أولاً: تلاوة دستور الإيمان جزء لا يتجزأ من القداس الإلهى:


إن تلاوة دستور الإيمان جـزء لا يتجـزأ من القداس الإلهـى...
هى تعـبير عـن قـبول الجماعـة للكلمة الإلهية وإعـلان إيمانها بهـذه الكلمـة التى سمعـوها عـبر الرسالة والإنجيل فى القسم الأول من القـداس ( قـداس الموعـوظين )...
وهى كذلك تأكـيد لإرادة الجماعـة فى أن تصبح جسدًا واحـدًا بتناولها الكلمـة الإلهية فى سرّ الشكر...
إذن, فتلاوة قانون الإيمان عـمـل ليتورجى, نشيد من أناشيد التسبيح فى الحـياة الطـقسية...
العقـدة والتسبيح مشدودان إلى بعضهما بعُـرى لا تنفـصم:
" من يصـلى فهـو لاهـوتى, واللاهـوتى هـو الذى يصـلّى" قال الآباء قـديمـًا...
إذًا لا يمكننا أن نتعـرّف عـلى الحقـيقة الكامنة فى عـقيدة ما بالتحليل العـقلانى الصـرف ـ فالعـقـل لا يمكنه أن يحصـر الألوهـة وأسرارها...
ولكن يمكننا ذلك بالتسبيح والتـأمّـل...
بالرجـاء الكـلّى فى رحمة الله وهـو يكشف لنـا حينـئذ ذاتـه ويساعـدنا عـلى فهـم سرّ محـبّته...
يقـول أحـد الآباء:
" ليس المهـم أن نتكـلّم عـن الله أو عـن حقـيقـة الله, بلّ المهـم الأهـم هـو أن نـدع ذواتنا تتطهّـر بالله فتمتلئ منه ومن حقـيقـته"...
اللاهـوتى الحق, فى المفهـوم الشرقى, هـو القـديس, لأن القـديس قد حقـق شركته مع الله...
السعى إلى الله أساس الدين المسيحى...
ودراسة دستور الإيمان ليست دراسة ميـتافـيزيقـية, بل هى سعى صامت محـبّ ودؤوب يعـبق بالتسبيح...
سعى إلى الحقـيقـة المعـلنة من الله والمُعَـبّر عـنها بالمسيح يسوع ابنه والمحـيية لنا فى الكنيسة بروحـه القـدوس...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #3
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي ثانيًا: دستور الإيمان يؤكد وحـدة الكنيسة:


دستور الإيمـان يؤكـّد أن وحـدة الكنيسة هى, فى الأساس, وحـدة فى الإيمـان...
والجماعـة التى يشدّها إيمان واحـد إنما تعـبّر عـن إيمانها جماعـيًا مما يؤدى إلى صـون وحـدتها وإعـلانها للمـلء...
وهنا تجـدر الإشارة إلى أن المؤمنين فى القـرون الثلاثة الأولى لم يكونوا فى حـاجة إلى التعـبير عـن إيمانهم بواسطة دساتـير للإيمان...
ولكـن دفعـهم إلى ذلك ظهـور الهـرطـقات...

يقـول هيلاريوس فى القـرن الرابع:
" إن شر الهـراطـقة والمجـدّفين يدفعـنا إلى القـول بالمحـرّمات, كأن نتسلّـق القمم التى لا تُـطال ونتكـلّم فى أمـور لا يُنـطـق بها ونلجـا إلى تفاسير ممنـوعـة. كان عـلينا الاكتفـاء بأن نتمم بالإيمان وحـده ما أمـرنا به السيد: أن نسجد للآب ونكـرم الابن معـه وأن نمتلئ من الروح القـدس. ويا للأسف فنحـن الآن مضطرون لوصف الأسرار الفائقـة الوصف. أن خطـيئة الآخـرين تسقـطـنا نحن فى هـذه الخطـيئة: أن نُعَـرّض الأسرار إلى متناقضات " قصـور" لغـة البشر, بينما هـى وجـدت لنخـدمها فى سكون قلوبنا"...

هـذا يعنى أن تشويه الهـراطـقة للحقيقة المسلّمة إلى الرسل فـرض عـلى الكنيسة وضع معـتقـداتها فى قـوالب بشرية مع إدراكها تمام الإدراك أن الكلمات عاجـزة كل العـجـز عـن إحـتواء الحقيقة كلها والتعـبير عـنها كليـًا...
هـذا الوضـع جـعـل العـقائد المسيحية تحـوى ـ حسب الظاهـر ـ تناقضات لا حـصرلها...
فمثـلاً نقـول بأن الله واحـد وإنه فى الوقت ذاته مثلث الأقانيم...
ونعـترف بأن الله لا يُـدنى منه وندعـو فى الآن ذاته إلى حـياة الشركة مع الله...
ونٌقـرّ بأن المسيح إله وإنسان فى آن...
ونقـول عـن الكنيسة أنها منظـورة وغـير منظـورة كذلك إلخ...

كل هـذه التناقضات ـ ظاهـريًا ـ تعـبّر مجتمعـة عـن الحقيقة...
لكن الجمع بينها لا يتم عـلى المستوى العـقلى بلّ عـلى مستوى الخـبرة الروحـية...
وهـذا هـو معنى السر فى المسيحية...
إنه ليس نظـرية صعـبة الفهم والادراك, ولكنه حـياة نحن مدعـوون لاختبارها فى جماعـة المؤمنين الواحـدة, أعنى بها الكنيسة...
وكلما ازداد اختبارنا لحـياة الكنيسة وجـدناها أكـثر وأعـمـق...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #4
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي ثالثًا: وحدتنا فى الإيمان ملتصقة بالمحبة:


وحـدتنا فى الإيمان ملتصقـة بالمحـبة وملازمة لهـا...
وهـذه الوحـدة تؤهـلنا للوصـول إلى وحـدة الحـياة الحقـة فى اشتراكنا بالمسيح فى سرّ الشكر...
وهـذا واضح فى القـداس الإلهى إذ ياتى دستور الإيمان مباشرة بعـد دعـوة الكاهن جميع المؤمنين لممارسة المحبة قائلاً:
" لنحب بعضنا بعضًا, لكى بقلب واحـد, نعترف مقرين بآب وابن وروح قدس ثالوثًا متساوى الجوهـر وغـير منفصل"...
وهـذا يعنى أن جماعـة المسيحيين المتحـدة بالمحـبّة عـلى صورة الثالوث القـدوس هـى وحـدها مؤهـلة ومدعـوة لإعـلان الإيمان الواحـد...
المحبة الحقيقية توأمان لا ينفصـلان...
لا حقيقة معـاشة دون المحـبّة وخارجها...
ولا محـبّه حقـة خارج الحقيقة...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #5
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي رابعًا: الالتزام الشخصى " أؤمن":


أخـيرًا, يذكـرنا الالتزام الشخصى المنوه عـنه فى كلمة " أؤمن" بدعـوة دستور الإيمان لنا إلى الالتصـاق بهـذا التـدبير الإلهى الذى يسرد أحـداثه وإلى تغـيير ذواتنا لكى نصبح سفـراء للمسيح وشهـودًا له فى هـذا العالم...
وبذلك تصبح الكنيسة الجامعـة خـادمة للعالم الحـاضر كما كان سيدها...
وهـذا جـلىّ فى تسلسل القـداس الإلهى:
v وحـدتنا فى المحـبة تؤهـلنا لأن نعـبّر عـن إيماننا الواحـد..
v تعـبيرنا عـن إيماننا الواحتد يؤهلنا للاشتراك فى الكـأس الواحـدة...
v اشتراكنا فى الكـأس الواحـدة وسكنى المسيح فى قـلوبنا يؤهـلنا للتفتيش عـن المسيح وخـدمته فى كل مواضه سكنه, أى أيضًا فى الإنسان الآخـر وفى العـالم, مؤكـدين بذلك أن سرّ الشكر لا يكتمـل فـعـله فينا إلا إذا أوصـلنا إلى المنـاولة فى " سرّ القـريب" كما يقـول القديس بوحنا ذهبى الفم...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #6
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي الفصل الثانى الإيمان بالله الخـالق " أؤمن بإله واحـد.."


فى الإيمان


* تحـديد الإيمان:

عـندما يتحـدث الناس عـما يؤمنون به, فكـثيرًا ما يقـصدون أفـكارًا اعـتنقـوها أو مبادئ تبنّـوها أو معـتقدات انتموا إليها...
لذا فالسؤال المطـروح غـالبًا هـو:
بماذا تؤمن؟...
أمّا الإيمان بمعـناه المسيحى الأصيل, فليس, فى الأساس, تصديقًا لأفـكار أو اعـتناقًا لمبادئ, إنما ارتباط صميمى بشخص حىّ, هو الله...
فى منظـارٍ كهـذا, لم يعـد السؤال اللائق هو:
بماذا تؤمن؟...
بلّ, بمن تؤمن؟...
ليس الإيمان, فى الأساس, تصديق أمور عـن الله...
بل, الانتماء إلى الله, كإلى مصدر كياننا ومرتكزه ومرجعه...
إنه إدراك حىّ, كيانى, لوجود الله, لا كما تدرك حقـيـقة رياضية أو طبيعـية أو تاريخية...
بل, كما يُدرك وجـود كائن نحن مرتبطـون به فى الصميم, ومنه نستمد وجـودنا فى كل لحظة, وإليه تصبو, فى آخـر المطاف, كل أمانينا...
حتى إذا أدركنا وجـود هذا الكائن, ألفنا ويائنا, جعـلنا ثقـتنا به وألقـينا عـليه رجاؤنا...
عـبارة " آمن", فى العـربية, قريبة من " أمن"...
آمن به تعـنى أمن له...
أن نؤمن بالله يعـنى أن نأمن له, أن نثق به, أن نجعـل منه معـتمدنا ونسلم إليه ذواتنا مطـمئنين إليه أعـمق اطـمئنان...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #7
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي * الإيمان يختلف عـن المعـرفة العـقلية البحتة:


الإيمان معـرفة لله...
وهـذه المعـرفة, ككل معـرفة, تفـترض مساهمة العـقـل...
ولكن الإيمان لا يـرد إلى المعـرفة العـقـلية...
الله لا يُعـرف بالعـقـل المجـرّد كما تُعـرف حـقـائـق الرياضيات أو نواميس الطبيعـة...
شأن الله فى ذلك شأن حـقـائـق بالغـة الأهـمية فى وجـود الإنسان, حـقـائق قـد يُكـرّس لها المـرء حـياته أو يمـوت فى سبيلها ولكنه لا يستطـيع أن يقـدّم عـنها براهـين منطـقية قاطـعة...
فمن أدرك روعـة الموسيقى أو سمو التضحـية, من اعـتنق مبدأ العـدالة والحـرية والإخـاء بين البشر, من وثق بصديقه إلى أبعـد حـدّ, من أدرك أن محـبوبه شخصٌ فـريد, وإن كان هناك من هـو أجمل وأذكى منه, كل هـؤلاء مقـتنعـون بصواب مواقـفهم وقـد يحاولون تعـليلها عـقـليًا لإقـناع الآخـرين بها, ولكنهم يعـرفون أنهم لا يستطـيعـون تقـديم البرهـان العـقـلى القاطـع عـن صحتها وأن لا سبيل لهم لتثـبيتها عـلى طـريقة 2+2=4, وأن من لم يخـتـبر بنفسه ما اختـبروه هـم غـير قـادر عـلى مشاركتهم قـناعـتهم ولو قـدّموا له أفضل ما لديهم من براهين...
ولكن ما هو صحيح بشأن تلك الحقـائق الإنسانية صحيح بشكل أخـص فيما يتعـلق بالله:
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #8
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي أ ـ لأن الله لا يحـويه العـقـل:


يقـول الكتاب:
[ اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَـدٌ قَطُّ . اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الّـَذِي هُـوَ فِي حِـضْـنِ الآبِ هُـوَ خَـبَّرَ ] [ يوحنا 1: 18 ]...
والمقصـود بذلك ليس أن الله لا يُدرك بالحـواس وحسب, بلّ أنه لا يُدرك بالعـقـل أيضـًا ولا يمكن أن يصـبح بداهـة عـقـلية عـلى طريقة حقائق الرياضيات...

هـذا أمـر طبيعـى إذا تذكّـرنا أن الله هـو الكـائن اللامحـدود...
فكيف للعـقـل المحـدود أن يُدركـه؟...
ذلك أنه لو أدركـه لاستوعـبه وحـواه وامتلكه...
ولكـن أنّى للمحـدود أن يسع غـير المحـدود...
أنّى لنقطة الماء أن تستوعب البحـر؟...
كيف للعـقـل, الذى هـو من الكـون, والذى من الكون يستمد أفكاره وعـلى نموذج أشياء الكـون يبنى تصـوراته, كيف لهـذا العـقـل أن يدرك من هـو متعالٍ عـلى الكـون؟...
ثم أنّى للعـقـل أن يحـوى الله ويمتلكه, طالما الله هـو مصـدر العـقـل نفسه, هـو قاعـدته وأساسه؟...
مفاهيم العـقـل البشرى أبـدًا محصـورة....
لذا, فتاريخ الفـكر البشرى كله, عـلى كل الأصعـدة, من عـلمى وفلسفى واجتماعـى وغـير ذلك, إنما هـو تاريخ محـاولة مستمرّة يقـوم بها العـقـل البشرى لتخـطّى محـدودية تصـوراته نحـو حقيقة أغـنى وأكمـل...
إنه بذلك التخـطّى المستمر لمكاسبه ومواقفه يشير إلى الكائن اللامحـدود الذى منه يستمد انطلاقـته اللامتناهـية...
ولكن كيف لى, وهو الذى لا يملك أبـدًا سوى حقائق جـزئية, أن يحـوى ذلك المطـلق الذى يدفـعـه بلا هـوادة إلى تجـاوز حقائقـه الجـزئية كلها وأن لا يقف عـند حـد فى حـركته التى لا قـرار لهـا؟...

الله لا يُدركـه العـقـل, لا لأنه مبهم, غـامض بحـد ذاته...
بلّ عـلى العـكس, لأنه الحقيقة الساطعـة التى تفـوق ملؤها طـاقـة العـقـل عـلى الاستيعـاب...
فكما أن العـين عـاجـزة عـن الشخوص إلى الشمس, لأن نور الشمس يبهـرها, هكـذا العـقـل عـاجـز عـن إدراك الله...
هـذا ما عـبّر عـنه الكتاب بقـوله:
[ اَلَّذِي وَحْـدَهُ لَهُ عَـدَمُ اَلْمَـوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِـنْهُ، اَلَّـذِي لَـمْ يَرَهُ أَحَـدٌ مِـنَ اَلنَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، اَلَّذِي لَهُ اَلْكَرَامَـةُ وَاَلْقُدْرَةُ اَلأَبَدِيَّةُ. آمِينَ ] [ 1 تيموثاوس 6: 16 ]...
كما أن العـين, وهى لا تستطيع أن تحـدّق إلى قـرص الشمس, تشاهـد انعكاساتها عـلى الكائنات, هـكذا العـقل لا يُدرك الله إنما يستطيع أن يهـتدى إليه ـ كما سوف نرى ـ إنطـلاقـًا من آثـاره فى الكـون, لكن دون أن يُشكّل هذا الإهـتداء عـملية من نوع البرهان الرياضى أو العـلمى, إذ أن ذلك يتنافى, كما رأينا, مع طبيـعة الله...
تلك هى المفارقة التى عـبّر عـنها المفـكّر الشهير " باسكال":
{ لا شئ أكـثر عـقـلانية مـن اعـتراف العـقـل بعـجـزه عـن إدراك الله. ذلك أن العـقـل, لو استطـاع إدراك الله, لارتـفـع إلى مستوى الله, كما يشير مدلول كلمة " أدرك". ولكن, لو كان ذلك ممكنـًا, لما كان الله إلهـًا بلّ كائنـًا فى مستوى العـقـل. لا يمكن أن يكـون الله إلهـًا إلا إذا كان فـائقـًا كلّ إدراك }...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #9
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي ب ـ لأن حقيقة الله لا تفـرض ذاتها عـلى الإنسان:


لأن حقيقة الله لا تفـرض ذاتها عـلى الإنسان, شأن البداهـات الحسّية والعـقـلية, بلّ تتطلّب منه تقـبّلاً وانفـتاحـًا...
ومن جهـة أخـرى, إذا تأمّلنـا فى عـلاقة الإنسان بالحقيقة, نـرى أن الحقائق التى تفـرِض ذواتها عـلى حـواس الإنسان أو عـقـله قـليلة نسبيـًا...
فأكـثر الحقائق لا تكتشف إلا بجهـد, وبالتالى يتطـلّب اكتسابها, لا رؤية العـقـل وحسب, بلّ مجهـود الإرادة واستعـداد النفس لتقـبّـل حقيقة قـد تصـدم الأفكـار المألوفة وقـد تجـرح الكـبرياء وقـد تتصـدّى لهـذا أو ذاك من الأهـواء...
هـذا صحيح حتى بالنسبة للحقائق العـلمية...
فقد أثبت التاريخ أن كـثيرًا من النظـريات التى طـَوّرَت العـلم ودفعـته شوطـًا بعـيدًا إلى الأمام, كنظـرية " كوبرنيك" فى الفلك, ونظـرية لافـوازيبه فى الكيمياء, و .... , حوربت بشدّة من قـبل الأوساط العـلمية المعـاصـرة لها, وذلك لأسباب لا تمت إلى العـلم بصـلة, كتمسّك العـلماء بعـاداتهم فى التفكـير وتهـرّبهم من الإعـتراف بأن معـلوماتهم كانت خاطـئة أو ناقصـة, وما شابه ذلك من دوافـع نفسية كانت تتخـذ العـلم ذريعـة لها مع أنها غـريبة عـنه تمامـًا...
هكـذا كان هـؤلاء العـلماء يقـاومون عـباقـرة عـصرهم معـتقـدين أنهم بذلك يدافعـون عـن العـلم الصحيح ضـد مزيفـيه, فيما كانوا, من حيث لا يدرون, يدافعـون عـن عـاداتهم وكـرامتهم التى كانت تحـول دون رؤيتهم للحقيقة الكامنـة فى النظـريات التى كانـوا يناهضـونها...
فالحقيقة العـلمية ذاتها لا تنكشف إلا لذلك الذى يعـترف بتـواضع أن معـرفته ناقصـة ومعـرّضة للخطـأ, وأن طريقـته فى التفكـير, أيًـا كان رسوخها فيه, قابلة للنقـض وإعـادة النظـر...
فإذا كانت الاستعـدادات الشخصـية تلعـب هـذا الدور كلّـه فى رؤيـة الحقائق العـلمية نفسها, فكم بالحـرىّ يكـون دورها بالنسبة لحقائق أكـثر مساسًا بالشخص الإنسانى وبسلوكه, مثـلاً بالنسبة للحقائق الخـلقـية...
كيف السبيل مثـلاً لإقـناع إنسان غـارق فى الأنـانية بسمو التضحـية فى سبيل الآخـرين؟...
وكيف يمكن لإنسان تسكـره غـطرسة طـبقـية أو عـنصـرية أن يؤمن بمـبدأ الإخـاء بين البشر؟...
وكيف يستطيع إنسان بنى حـياته عـلى الاحـتيال أن يعـترف بقـيمة الصـدق؟...
إن خـبرة مـريرة تعـلمنا كـلّ يوم بأن الإنسان كـثيرًا ما يفـلسف أهـواءه ويبنى لنفـسه عـقـيدة تـبرّر انحـرافات سلوكه...

هكـذا فيقـدر ما تمس حقيقة ما كـيان الإنسان وليس مجـرّد عـقـله...
بقـدر ذلك يـتأثـّر قـبولها أو رفـضها باستعـدادات الإنسان الكـيانية, بموافـقـة الشخصية العـميقـة...
ولكن أيّة حقيقة تمس كـيان الإنسان كحقيقة وجـود الله؟ إنها تعنى الإنسان فى أعـماق شخصيته, إذ عـليها يترتب, فى آخـر المطاف, تحـديد رؤيته لذاته ولمصـيره, لمعنى حـياته ومـوته, ورؤيـته للآخـرين ولعـلاقته بهم, ونظـرته إلى الكـون وإلى مركـزه فيه...
وجـود الله يعنى أنه لا يسعنى أن أكـتفى بذاتى ولا بهـذا المجتمـع البشرى الذى أنتمى إليه ولا بهـذا الكـون الذى استمد منه عـناصر أفكارى ومقـومات حـياتى...
وجـود الله يعنى أن ذاتى والمجتمع والكـون, وكل ذلك ليس مُـغَــلّـقًا عـلى ذاته, مكتفـيًا بذاته, له غـايته فى ذاته, إنما أصـله ومـرجعـه, ألفـُه وياؤه, ما يقـيمه فى الوجـود ويرسم له غـايته ويعـطيه معـناه, هـو كائن متعـالٍ عـنه وحاضـر فى صميمه بآن, ألا وهـو الله...
وجـود الله يعنى أنه باطـل أن يتعـبّد الإنسان لأفـكاره وميوله ومشاريعـه, فـردية كانت أو جمـاعـية, لأنه يبقـى عـند ذاك أسير الفـراغ والضـياع, وأنه, بالتالى, إذا شاء أن يحقق ذاته, وجـب عـليه أن يتخـذ من الله لا من ذاته محـورًا لوجـوده كـلّه...
ولكـنه يصعـب عـلى الإنسان ان يتخـلّى عـن محـورية ذاتـه...
يقـول لنا فـرويد أن الدافـع النفسى العـميق الذى حمل البشر عـلى مقـاومة نظـرية " كوبرنيك" هـو كـَوْن هـذه النظـرية نقـضت الاعـتقاد بأن الأرض ( وبالتالى البشر ) هـى مـركز الكـون, وجعـلت منها نقـطة فى الفـضاء اللامتنـاهى...
وبالتالى طعـنت الكـبرياء البشرى فى الصميم...
الإيمان بالله يتطـلّب انسلاخـًا أعـظم من هـذا بما لا يقـاس, لأنه يعنى التخـلّى لا عـن مـركـزية مكـانية وحسب, بلّ عـن مركـزية كـيانية, وهـذا أعـمق بكـثير...
من لم يكـن مستعـدًا للتخـلّى عـن محـورية ذاته, من لم يكـن مستعـدًا لمجـازفة تخـطـّى الذات وتخطـّى المجتمع والكون اللذين تجـد فيهما الذات استقـرارها وطمأنينتها, هـذا لا يمكنه أن يعـرف الله حقيقة, ولو اعـترف لفـظـيًا...
الإنسان المعـتدّ بنفسه, النشوان بأفـكاره وانجـازاته ومعـلوماته وممتلكاته, فـردية أو جماعـية, هـذا لا يستطيع أن يؤمن حقيقة بالله, كما ورد فى إنجـيل يوحـنا:
[ كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِـنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَـجْـداً بَعْـضُـكُمْ مِـنْ بَعْـضٍ؟ وَالْمَـجْـدُ الَّذِي مِـنَ الإِلَهِ الْوَاحِـدِ لَسْتُمْ تَطْـلُبُونَهُ؟ ] [ يوحنا 5: 44 ]...
من تعـبّد لأهـوائه رفـض الله, بالفـعـل إن لم يكن بالكـلام, لئـلا يضطـر إلى الاعـتراف بشره, كما ورد أيضـًا فى الإنجـيل نفسه:
[ وَهَـذِهِ هِـيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَـاءَ إِلَى الْعَـالَمِ وَأَحَـبَّ النَّاسُ الظُّـلْمَةَ أَكْثَرَ مِـنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْـمَـالَهُمْ كَانَتْ شِـرِّيرَةً.
لأَنَّ كُـلَّ مَـنْ يَعْـمَـلُ السَّيِّآتِ يُبْغِـضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلا تُوَبَّخَ أَعْـمَـالُهُ.
وَأَمَّـا مَـنْ يَفْعَـلُ الْحَـقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ لِكَيْ تَظْـهَرَ أَعْـمَـالُهُ أَنَّهَا بِاللَّهِ مَـعْـمُـولَةٌ ] [ يوحنا 3: 19 ـ 21 ]...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #10
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي ج ـ لأن الإيمان اعـتراف بالوجـود الشخصى لله:


أخـيرًا يختلف الإيمـان عـن المعـرفة العـقـلية البحـتة, لأن الله موضـوعـه ليس فكـرة أو معـادلة رياضـية أو مـبدأ خلقـيًا أو نامـوسًا فائقـًا, إنما هـو شخص...
الإيمان بالله أساسًا اعـتراف بشخص واتصـال به, وذلك ما يتعـدّى مجـرّد عـمـلية عـقـلية, لأنه يتطـلّب موقـفـًا شخصـيًا, موقـف انفـتاح وتقـبّـل...
إذا كنت منهمكـًا بذاتى, فالبشر الآخـرون حـولى يكـونـون كأنهم غـير موجـودين بالنسبة إلىّ...
ذلك أننى لا أرى فيهـم سوى تلك الصـفـات التى تمكّـننى من تصنيـفـهم وفـق مصالحى وحاجاتى:
فهـذا طـيب المعـشر, وذاك ثقـيل الظـلّ, هـذا صادق فى معـاملاته وذاك كـذّاب, ملتوٍ, ..... وهلم جـرا...
أمّا وجـودهم الشخصى الفـريد, وجـودهم بالنسبة لهم, لا بالنسبة لى ولمشاريعى, وجـودهم كما يعـيشونه من الداخـل, ماذا تعـنى بالنسبة لهم خصالهم وعـيوبهم وما تعَـبّر عـنه مما يصـبـون إليه ومما يعـانـون منه, كل ذلك يبقـى غـَرِيبًا عَـنّى, وكأنه غَـيْر موجـود بالنسبة إلىّ...
شخص الآخـر لا يصـبح حاضـرًا حـقيـقة فى ذهـنى إلا إذا قبلت بأن أتخطـّى انهماكى بذاتى لأصـبح حاضـرًا لهـذا الآخـر, منفتحـًا إليه...
عـند ذاك أصبح بالحـقيـقة مدركـًا لهـذا الوجـود الفـريد ومتصـلاً به بآن...
عـند ذاك تقـوم بينى وبينه عـلاقة حقـة أخـرج بها من ذاتى لألاقـيه كما هـو ولأشارك وجـوده كما يحـياه هـو...

لكن ما هـو ضـرورى بالنسبة لعـلاقتى بشخص إنسانى آخـر, ضـرورى بصـورة أخص بالنسبة لعـلاقتى بالله...
فإذا كان تخطـى انهماكى بذاتى أساسى لأكتشف حقـيقـة وجـود الآخـر البشرى, فكـم بالحـرى يصبح هـذا التخطّى ضـروريًا لأكتشف وجـود من هـو آخـر بالكلية, من يفـوق بما لا يقاس أفكارى وتصـوّراتى ومشاعـرى ورغائبى...
فإذا كنت منهمكـًا بذاتى, وآمالى وأهـوائى, كيف يمكننى أن أتحسس وجـود ذاك الذى يعـلو عـلى أفكارى ورغـائبى كما تعـلو السماء عـن الأرض عـلى حـدّ تعـبير أشعـياء النبى؟...
عـند ذاك فـقـد لا أدرك وجـود الله, أو أعـترف بهـذا الوجـود لفـظيـًا دون أن يكون لهـذا الاعـتراف أى معنى لحـياتى, أو قد أرى فى الله مجـرّد صـورة لما أتمنّـاه أو أرهـبه, أى أننى أكـوّن لنفسى أصـنامـًا أقـيمها عـوض الله ( مثلاً صـورة إله " وظيفـته" أن يضمن صحّـتى ونجـاحى وسعـادتى ويوفـق أمـورى ويعـطينى الغـلبة عـلى أعـدائى ...) ...
أمّا إذا كان لـدى من الانفـتاح ما يمكّـننى من التطـلّع على خـارج حـدود ذاتى, عـند ذاك يسعنى أن أدرك وجـود ذلك الآخـر بالكلية الذى هـو مصـدر وجـودى ومـرجـعـه...
عـند ذاك يُمْكِـننى أن أتصـل به وأشاركه وجـوده وأدرك أنه, وهـو المتعـالى عـنى كل التعـالى, أقـرب إلىّ من ذاتى, لأنى به, وبه وحـده أجـد ذاتى عـلى حـقيـقتها وأحقـق معـنى وجـودى...

تخطـّى الذات للاتصـال بالإنسان الآخـر, تخطـّى الذات للاتصـال بالله:
ليس هـناك مجـرّد تشابه بين هـاتين العـمليتين, إنما يوجـد إرتباط وثيق بينهما...
فبقـدر ما انفـتح إلى الآخـر البشرى, أصبح أكـثر استعـدادًا للاتصـال بالله...
لذا ربط الرسول يوحـنا بين محـبة الله ( أى الاتصـال الصميمى بالله, الذى لا إيمان حقـيقى بدونه ) وبين محبة البشر أخواتنا, قائلاً:
[ فَإِنْ قَالَ أَحَدٌ: { أَنَا أُحِبُّ اللهَ ! } وَلكِنَّهُ يُبْغِضُ أَخاً لَهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ، لأَنَّهُ إِنْ كَانَ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي يَرَاهُ، فَكَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يَرَهُ قَطُّ ؟ ] [ 1 يوحنا 4: 20 ]...
ولذا تدعـونا خـدمة القـداس الإلهى أن نحب بعضـنا بعضـًا لنستطيع الاعـتراف بالله الثالوث: " واجعـلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نقـبل بعضنا بعـضًا بقبلة مقدسة. لكى ننا بغير وقوع فى دينونة من موهبتك غـير المائتة السمائية بالمسيح يسوع ربنا هذا الذى من قبله المجد والكرامة والعزة والسجود تليق بك معه ومع الروح القدس المحيى المساوى لك . الآن وكل آوان وإلى دهـر الدهور , آمين"...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #11
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي * الله يكشف ذاته لنا فيجعـل الإيمان ممكنًا:


إذا كان الله, موضـوع الإيمان, يفـوق, كما رأينا, كل فكـر وتصـوّر وشعـور ورغـبة, فهـذا يعـنى أنه لا يمكننى أن أكتشفه من تلقـاء ذاتى...
ولكن الله يحـبنى...
ولذا أراد ان يكشف ذاته لى...
ذلك أن المحبة تدفـع المحـبّ أن يكشف ذاتـه للمحـبوب...
حسب قـول الرب:
[ الَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي ] [ يوحنا 14: 21 ]...

لو لم يأخـذ الله مـبادرة كشف ذاته للإنسان...
لمـا كان الإيمان ممكنًـا...
ولكنه آخـذ ابدًا هـذه المـبادرة...
إنه يخـاطب الإنسان, مظهـرًا له ذاته...
وداعـيًا إيّـاه إلى مشاركته حـياته...
وذلك بالوسائل التالية:
1 ـ من خـلال آثـاره فى الخـليقة وفى قلب الإنسان...
2 ـ بالوحى الإلهى وتاريخ الخـلاص الذى بلغ ذروته بتجسّد ابن الله...

تلك هى الطـرق التى يسلكها الله ليأتى إلىّ ويقـرع عـلى باب نفسى...
حتى إذا سمعـت صـوته وفتحـت له قلبى ( والقلب فى لغـة الكتاب هـو مركز الشخصـية, يلتقى فيه العـقـل والشعـور والإرادة )...
إخـتبرته بأعـمـاق كـيانى حضـورًا شخصـيـًا يملأنى ويمـلأ الكـون قاطـبة...
حضـورًا يفـوق كـلّ تصـوراتى ورغـائبى ولكـنه ينـير العـقـل ويستقـطب الشعـور...
حضـورًا لا أمتلكـه ولكننى به ومنه وله أحـيا...
هـذا هـو الإيمان فى آخـر المطاف...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #12
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي * أسئلة


ـ هـل الإيمان مجـرّد تصـديق أفكـار عـن الله, أم هـو أبعـد وأعـمـق من هـذا؟...2 ـ هـل يُعـقـل أن يدرك العـقـل المحـدود الله اللامحـدود؟ ماذا يقـول الكتاب المقدس بهذا الصدد؟ [ راجع يوحنا 1: 18و 1 تيموثاوس 6: 16 ]...
3 ـ هـل هـناك حقائق لا تفرض ذاتها عـلى الإنسان فرضًا, بل تتطلب منه انفتاحًا وتقبلاً لها؟ أذكـر بعض هذه الحقائق. لماذا يصح ذلك, بنوع خاص, بالنسبة لحقيقة الله؟...
4 ـ ماذا يقول الإنجيل عـن المواقف الشخصية التى تحول دون الإيمان بالله؟ [ راجع يوحنا 3: 19 ـ 21 و يوحنا 5: 44 ]...
5 ـ هـل الاعـتراف بوجـود الشخص الآخـر والاتصـال به عـملية عـقـلية بحـتة, أم أنهما يتطلبان اتجاهـًا إلى الآخـر وتخطـيًا للذات؟ كيف يصحّ ذلك, بنوع خاص, بالنسبة للإيمان بالله؟...
6 ـ هـل من عـلاقة بين الانفتاح للبشر والاتصـال بالله؟ [ 1 يوحنا 4: 20 ]...
7 ـ إذا كان الله يفوق كل فكـر وتصـوّر, فكيف أستطيع أن أؤمن به؟...
8 ـ ما الذى يدفعنى إلى كشف ذاتى لإنسان آخـر؟ لماذا وكيف يظهـر الله ذاته لنا؟...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #13
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي 2 ـ الله يكشف نفسه لنا


* الله يكشف ذاته لنا من خـلال الخليقة:


لقـد كتب الرسول بولس:
[ إِذْ مَعْرِفَةُ اَلْلَّهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اَلْلَّهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ . لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ اَلْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ اَلْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ اَلسَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْر ] [ رومية 1: 19, 20 ]...
فالخـليفة كلها تحمل أثـر الله كما أن التمثال يحمل أثر النحات الذى صنعـه...
إنها كتاب نقـرأ بـين سطـوره عـظمة الله وحكمـته وجمـاله...
إنها تهجـئة لله تحـدثنا عـنه وتشير إليه...
لهـذا أنشدت المـزامير:
[ اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اَللهِ وَاَلْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ ] [ مزمور 19: 1 ]...
فلنستعـرض بعـض آثـار الله فى الكـون وفى الإنسان...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #14
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي أ ـ إرتباط كل ما فى الكون بأسباب


كل ما فى هـذا الكـون مرتبط بأسباب أوجـدته...
إذًا, لا شئ فى هـذا الكـون موجـود بحـد ذاته, إذ لولا الأسباب التى أوجـدته لما وُجـد...
لا شئ, إذًا, فى الكـون موجـود بالضـرورة, أو, كما تقـول الفـلسفة, واجب الوجـود...
كـل ما فى الكـون ممكن الوجـود, لا يوجـد إلا بفعـل آخـر...
ولكن ما يصح فى جـزيئات الكـون يصح أيضـًا فى الكـون ككـلّ...
ذلك أنه لا يُعـقـل أن يكون كل عـنصر من عـناصر الكـون ممكن الوجـود, أما مجمـوعـة العـناصر فواجـبة الوجـود...
الكـون إذًا ممكـن الوجـود لأنه مجمـوعـة عـناصر كلها ممكنة الوجـود...
وإذا كان ممكن الوجـود, فمعـناه أنه ليس موجـود بحـد ذاته, بلّ بفـعـل آخـر...
إذًا, يستدعـى الكـون سببـًا خارجـًا عـنه...
وهـذا السبب الخـارج عـن الكـون ندعـوه الله...
ولنأخـذ الآن مثلاً يوضح ما قـلناه:
إذا أخـذنا حيـوانـًا وتساءلنـا:
لماذا هـذا الحـيوان حىّ؟, وما سبب إستمـراره فى الوجـود؟...
رأينا أن لذلك أسبابًا متعـددة منها المواد الغـذائية التى تحويها الأطعـمة. ولكن إذا تساءلنا من أين تأتى تلك المواد الغـذائية التى هى سبب إستمـرار الحيوان فى الوجـود رأينا أن لها بدورها أسبابًا. فمثلاً المواد السكرية, وهى التى تحرّك جسم الحيوان وتولد النشاط فيه, لا يمكن أن تأتى فى النهاية إلا من النباتات...
وهنا نتابع تساؤلنا فنفتش عـن سبب وجـود هذه المواد السكرية فى النباتات, فيتـّضح لنا أنها تتكـوّن من اتحاد الكربون بالمواد الكيماوية التى تمتصها النباتات من الأرض بواسطة الجذور...
وهنا نتساءل, ما هو سبب وجـود الكربون فى النباتات؟...
فيجيب العـلم أنه من تحليل الحامض الكربونى أو ثانى أكسيد الكربون الموجـود فى الهواء...
ولكن ما هى عـلة هـذا التحليل؟...
إنه يتم بفـعـل مادة الكلوروفيل الموجـودة فى النباتات...
ولكن ما هو سبب فاعـلية الكلوروفيل عـلى ثانى أكسيد الكربون؟...
هنا يظهـر البحث العـلمى أن فاعـلية الكلوروفيل ناتجـة عـن الطاقة التى تستمدها من الشمس...
فنتساءل: ما هى عـلة الطاقة الشمسية هـذه؟...
فتجيبنا إحـدى النظـريات العـلمية أنها ناتجـة عـن تفكـيك ذرات الهيدروجين فى الشمس...
وهنا لابـدّ للعـقـل أن يتساءل عـن السبب الذى يحـدث هـذا التفكـيك وهـذا السبب يستدعى بدوره سببًا آخـرًا .. وهلم جـرا...

وهـكذا حيثما انتقـلنا فى هـذا الكـون نجـد سلاسل مرتبطة حلقـاتها إرتباطـًا متينـًا...
وكـأن الكـون آلة مـركبة من دواليب كثـيرة يحـرّك أحـدها الآخـر...
فكـل من هـذه الدواليب يستمد حـركته من دولاب آخـر...
غـاية العـلم أن يكتشف دومـًا أسبابـًا جـديدة أى دواليب جـديدة وهـكذا يفسّر لنـا الكـون ولكن تفسيره ليس بنهـائى...
لأن السؤال النهائى ليس هـو ما هـى الدواليب وما هـو عـددها ولكن ما هـو سبب حـركة الآلة كلها...
ذلك لأنه مهما كـثر عـدد الدواليب, وحتى لو افـترضـنا أن هـذا العـدد غـير متنـاهٍ, فهـذا لا يمنع أن تكـون حـركة الآلة مستمدة فى النهاية من محـرّك أول...
فإذا ألغـينا هـذا المحـرّك الأول توقـفت الآلـة حتمـًا لأن الدواليب, مهما تعـددت, تصبح بدونه عـاجـزة عـن نقـل أيّة حـركة...

هـذا المصـدر الأول الذى تستمد منه كل الأسباب فاعـليتها, كما تستمد الدواليب كلها حركتها من المحرك الأول, هـو الله...
وكما أن الآلة تستمد باستمرار وفى كـلّ لحظـة حـركة دواليبها من المحـرك الأول, هكـذا ليس صحيحـًا أن الكـون استمدّ وجـوده فى لحظة معـينة من الله ثم أصبح موجـودًا بذاتـه, ولكنه لا يقـوم إلا عـلى الله, أن وجـوده مستمد فى كـلّ لحظة ممن هـو وحـده واجب الوجـود...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #15
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي ب ـ نظـام الكـون:


فى الكـون نظـام وترتيب يبدوان لنا إذا تأملنا مثلاً الفلك والجسم الإنسانى أو غـرائز الحيوانات. يشير هـذا النظام إلى وجـود حكمـة فائقـة تتجلّى فى الكـون وتسيّره...
فالنظام الشمسى مثلاً, المكـون من الشمس ومن السيارات التى تدور حولها, يسير بموجب قـواعـد رياضية دقيقة بيـّنها الفلكى الشهير "كيبلر"...
هـذه النواميس لها من الدقـة والثبات ما يخـول عـلماء الفلك أن يعـينوا بالتدقـيق الزمن الذى سوف يحـدث فيـه خسوف وذلك قـبل حصـوله بألف سنة...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #16
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي الجسم الإنسانى:


ولنأخـذ مثلاً وهـو تكـوين الجـنين...
المعـلوم أن الجنين لا يبـدأ إنسانـًا صـغـير الحجم ليس عـليه إلا أن ينمو ليصبح ذا حجم كـبير...
إنما الجنين يتكـون إنطـلاقـًا من خلية واحـدة, نتجت من اتحاد رأس الحيوان المنوى الذكـرى والبويضـة الأنثوية عـند إخـراقها فى وقت معـيّن وفى مكان محـدد وهو الثلث الخارجى من قناة فالوب, بعـد أن يقطع الحيوان المنوى رحـلة طويلة من المهبل إلى عنق الرحم, ثم التجـويف الرحمى منطـلقـًا فى اتجاه قناة فالوب ...
الجسم الإنسانى بتعـدد أعضـائه وأجهـزته يخـرج من تلك الخلية الواحـدة التى لا أعـضاء فيها ولا أجهـزة إلا فى الكود الجينى الذى تحمله الكروسومات الموجودة فى نواة هذه الخلية التى يطلق عـليها " الزيجـوت"...
وعـند تكاثر الخلية وانقسامها, ينتج خلايا عـديدة متخصصة لتؤلف كل فئة منها جهازًا من أجهـزة الجسم...
ويرافق هـذا التخصيص تنسيق بديع بين الأجهزة حتى تؤلف جسمًا متماسكًا منسجم الأجـزاء, متماثلة فى جميع الجنس البشرى, وكـان العـملية كلها موجهة بموجب تصميم رائع...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #17
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي غـرائز الحيوانات:


غـرائز الحيوانات مدهشة خاصة إذا نظـرنا إلى الحشرات ورأينا عـند تلك الكائنات البدائية تصـرفات محكمـة الدقـة تفـوق ذكاءها بما لا يقاس...
فالنحـل يصنع الشمع من إفرازات غـدده فى شكل هـندسى ذو حسابات دقيقة ليتسنى إستغـلال المجـال المتاح عـلى أكمل وجه وفى تنسيق بديع...
وكذلك التنظيم المبدع لحياة النمـل وسائر الحشرات...
هـذا النظـام الذى يبدو فى مختلف مظاهـر الكـونه, كيف نفسره؟...
أنقـول أنه من المادة؟...
ولكن المادة ـ كما يدرسها العـلماء ـ هـى مجموعـة ذرات وطاقات...
فالسؤال هـو:
ما الذى يُوجِـد فى تلك المجموعـة نظـامـًا؟...
ما الذى يجـعـل منها كونـًا مرتبـًا ذلك الترتيب المنطقى الذى لولاه لما استطاع العـقـل أن يفهم الكـون وأن يبنى عـلمـًا؟...
البيت مؤلف من حجارة, ولكن المهم هـو:
ما الذى رصف الحجـارة عـلى شكل بيت؟...
الكتاب مؤلف من حـروف, ولكن المهم هـو:
ما الذى رتب الحـروف لتـؤدى معـانى رواية أو بحث؟...
إننا فى رصف الحجـارة نـرى فكـر المهـندس, وفى ترتيب الحروف نـرى فكـر المـؤلف...
كذلك فى ترتيب الكـون نـرى فكـرًا جبـارًا لا قيـاس بينه وبين الأفكـار البشرية...
لذا قال العتالم الكـبير " أينشتاين":
{ إن كل عـالم رصـين هـو فى حـالة ذهـول وانخطـاف أمام إنسجـام نواميس الطبيعـة الذى فيه يتجـلّى عـقـل فائـق بهـذا المقـدار حتى أن كـل أفكـار البشر الماهـرة وترتيبها ليست, إذا قورنت وقيست به, سوى إنعـكاس تافـه بالكـلية...} [ أينشتاين: كيف أرى الكـون ]...
هـذا الفكـر الجـبار هـو فكـر الله...
  رد مع اقتباس
قديم 20/12/2005   #18
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي ج ـ عطش الإنسان المطلق:


ولكـن أثـر الله يبـدو أيضـًا فى إعـماق القلب البشرى...
إنه يتجـلّى مثلاً, فىعـطش الإنسان عـلى المطـلق...
يمكن أن يُعـرّف الإنسان بأنه " حـيـوان قـلق"...
هـذه مـيزة أساسية يخـتلف بها عـن سائر الكائنـات الحـية...
فللحـيوان رغـبات غـريزية محـدودة, سهـلة الإرضـاء, لذلك ليس فى حـياته مشاكل...
أما الإنسان فكلما حـاول إشباع رغـباته اشـتدت وقـويت فيه هـذه الرغـبات, وكأن هـناك شيئـًا فى أعـماق كـيانه يحـرّكه ويعـذبه ويوجهه ويدفعـه دون هـوادة...
فى الإنسان تباين دائـم, تفـاوت مستمـر بين ما يرغـبه وما يملكـه, بين إرادته ومقـدرته, بين ما يريد أن يكون وما هـو عـليه...
لذلك ينـدفع دون هـوادة لإزالـة هـذا التباين ولكـنه لا يتوصّـل أبـدًا إلى هـذه الغـاية...
فكلما حـاول أن يقـترب من مرغـوبه, ابتعـد هـذا عـنه موقـظـًا فى نفسه الخـيبة والحسرة...
هـذا ما يبـدو فى الخـبرة اليومية وعـلى كـل الأصعـدة...
نكتفى بذكـر البعـض منها:
1 ـ فالإنسان الساعـى إلى مـال أو مجـد لا يكتـفـى بما حـصـل عـليه. إنه كـلما بـلغ مأربـه يطـمع بالمزيـد. لـذا, لا يعـرف قلبـه راحـة أو إستقـرارًا " عـين الإنسان لا تشبـع" كما يقـول المثـل السائر...
2 ـ ولنأخـذ السعى إلى الجمـال. أمام منظـر طبيعى بديع أو قطعـة أدبية رائعـة أو ..., يشعـر الإنسان, إلى جانب نشوته, بشئ من الحـزن, ويزداد هـذا الحـزن بنسبة ما يكون جمال هـذا المنظـر أو هـذا الإنتاج الفنى الأخـاذ. كيف يفسّر هـذا الحـزن؟. ذلك أن الجمال الذى أدركناه أيقظ فينا حـنينـًا لا قـدرة لنا عـلى إطـفائه ومن هنا نشأ الألم. وما هـو صحيح بالنسبة إلى التمتع بالجمال ينطبق أكـثر عـلى الفنـان الذى ينتجـه. فكم من الأدباء والفنانين الخـلاقـين أفضـوا إلينا بالمـرارة التى كانوا يشعـرون بها عـندما كانوا يبدعـون تحفة فنية رائعـة. عـندما تخـرج تلك التحفة الرائعـة حقـًا, من أيديهم, كان الألم يحـز فى نفوسهم لشعـورهم بالتفاوت بين ما كانوا يحلمون به وما استطاعـوا أن يحقـقـوه...
3 ـ ولننتقـل الآن إلى خـبرة الحب. فالحب, كما هو معـلوم, ينـزع إلى تأليه المحبوب. ألا يسمّى المحبّ الحبيب " معـبود"؟ إنه إذًا يطـلق عـلبه قيمة لا متناهـية وينتظـر منه سعـادة مطـلقـة. ولكنه يمنى بالخيبة, فالمحبوب, مهما سمت صفاته, بشر وليس إلهـًا, لذا لا يمكنه أن يقـدم لمحـبّه السعـادة الفـردوسية التى يحـلم بها. لذا دعـا الشاعـر الفـرنسى " كـلوديل" المـرأة المحبوب " وعـدًا لا يمكن أن يُـبَرّ به". وحتى إذا لم يؤلـه المحـبوب, فالحب يسعـى إلى شركة بين الحبيبين تامة وخـالدة, ولكنه يصطـدم بالسأم الذى تولـده العـادة وبالأنانية والمـوت...

مجمـل الكـلام أن للإنسان المحـدود أمـانى لا محـدودة...
ولذلك يعـيش فى توتّـر دائم...
ولكن ما هـو سرّ هـذا التفاوت الصـارخ؟...
من أين للإنسان هـذا السعى إلى اللامتناهى والمطـلق فيما لا تقـدم له خـبرته سوى ما هـو محـدود ونسبى؟...
التفسـير الوحـيد المـرضى لتلك الظـاهـرة الغـريبة هـو أن الإنسان المحـدود يحمـل فى ذاتـه صـورة كائن لا محـدود...
ويكـون هكـذا سعـيه إلى المطـلق تعـبيرًا عـن حـنين تلك الصـورة إلى أصـلها...
وتكـون خيبـته المتكـرّرة ناتجـة عـن كـونه يخطـئ المرمى فيفـتش عـن المطـلق واللامتناهـى بين المخـلوقات فيما لا يستطيع سوى الله أن يروى عـطش قـلبه...
فكما أن المـد يفتـرض وجـود القـمر الذى يجـتذب إليه مياه البحـر, ولو كان القـمـر مختفـيًا وراء السحب, كذلك مـدّ النفـوس فى سعـيها المتواصـل إلى المطـلق يستقـطبه الله ولو احتجب الله عـن نظـرنا وإدراكـنا:
{يا رب لقـد خـلقـتنا متجـهين إليك ولذلك لن تجـد قـلوبنا راحـة إلا إذا استقـرّت فـيك } [ أوغسطين المغـبوط ]...
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد



ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 12:21 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.33383 seconds with 11 queries