أخوية  

أخوية سوريا: تجمع شبابي سوري (ثقافي، فكري، اجتماعي) بإطار حراك مجتمع مدني - ينشط في دعم الحرية المدنية، التعددية الديمقراطية، والتوعية بما نسميه الحد الأدنى من المسؤولية العامة. نحو عقد اجتماعي صحي سليم، به من الأكسجن ما يكف لجميع المواطنين والقاطنين.
أخذ مكانه في 2003 و توقف قسراً نهاية 2009 - النسخة الحالية هنا هي ارشيفية للتصفح فقط
ردني  لورا   أخوية > فن > أدب > الشعر

إضافة موضوع جديد  إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 27/02/2005   #1
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي أدونيسيات ..(قصائد أدونيس ..)


صورٌ وصفيَّة لحالاتٍ

أمْلَتْها نبوءاتُ الأعمى



أدونيس



حالة الشاعر 1



لا تعرفُه إلاَّ بغموضٍ. ما أوضحَهُ:

شمسُ المعنى

يحدثُ أن يحجبَها

ظِلُّ جدارٍ.



حالة الشاعر 2



بعد الموتِ، يقول لذاكَ الحاكمِ: زِلْتَ، وزالَ المُلْكُ، وكلُّ جيوشِكَ زالَتْ.

وبقيتُ أنا

حَتَّى لكأنَّي أُولَدُ كلَّ صباحٍ.

ويقول لذاك الحاكم: انْهضْ واشْهَدْ

سترى أنَّك تَقْفُو أثَري، تقفو خطواتي

ستَرى شِعري

مُلكًا للضَّوءِ، وأنتَ شُعاعٌ

مِنِّي، يتوهَّجُ في كلماتي.



حالة المتمرِّد



أتريدونني أن أكونْ أميرًا عليكم، وأنتم عبيدٌ؟

أنْ يُقال: أنا صوتُكم،

وأنا، مثلكم، لستُ حرًّا؟

افهموني، إذًا،

إنْ بدأتُ بِقتلِ العدوِّ الذي فيَّ مِن أوَّلٍ، وفيكم.

العدوِّ الذي يتوهَّم أَنِّيَ لا عِلْمَ عندي بِأوهامه.

افهموني، إذًا،

إنْ وضعتُ حديديَ عليَّ، عليكم، على أرضنا.



حالة المُتَّهَم



- عرَّضْتَ بالنَّبيِّ

في بعض أقوالِكَ.

- لم أُعَرِّضْ.

- نفيتَ ما يُقالُ عن خصائص الجِّماعِ، واعتنقتَ

في الظَّلامِ وحيًا آخَرًا

يَجيءُ مِن شَيطانكَ الخفيِّ.

- ... .



حالة البريء



لو تركتُكِ يا نَفْسُ تَسْتسلمينَ، لروَّضْتِ ما كانَ صَعْبًا، وَلأُعطِيْتِ مُلكًا.



وصحيحٌ ضَعُفْتُ، ولكنَّني كنتُ أفْحصُ أهواءَ عَصْريَ،

أغْزو دُخَيْلاءَهُ،

وأجادِلُ شكِّيَ فيه، ويأسيَ مِنْهُ،

وأُراهِنُ ما لا أُطِيقُ،

وما لا يُطيق الرِّهانْ.



وصحيحٌ تَأَوَّلْتُ، أَسْرفْتُ في الظنِّ، خيرًا وشَرًّا،

ولكن كيف نعرف سِرَّ المكانِ،

إذا لم نُلوَّث بطينِ المكانْ؟



حالة المفكِّر



دائمًا كنتُ أُخْطِئُ، مازلتُ أُخْطِئُ، آمَلُ أن يتواصَلَ،

مِن أَجْل ذاك اليقينِ المُنوَّرِ، هذا الخطَأْ.

لا أريدُ الكمالَ، وليس الحنينُ الذي يتفجَّرُ في شَهقاتي

وفي زَفَراتي،

حَنِينًا إلى مُتَّكَأْ.



حالة الصعلوك



ليس لي غيرُ هذا الزَّمانِ الذي يُحتَضَرْ

ليس لي غيرُ ذاك الكتابِ الذي يُحتَضَرْ

ليس لي غيرُ هذي الطَّريقِ التي تُحتَضَرْ

ليس لي غيرُ تلك البلادِ التي تُحتَضَرْ

ليس لي غيرُ هذا الفراغِ الذي يتقدَّمُ،

يَعْلو، ويمتدُّ في خطواتِ البَشَرْ.



حالة الكاتب



يكتب الطِّفلُ: "صوتُ المدينة يَعلُو

يردِّد آهاتِها وأناشيدَها."

يكتب الشَّيخُ: "آهِ، الينابيعُ حمراءُ في أرضِنا."

يكتب الفقراءُ: "الفراغُ بِذارٌ بين أقدامِنا."

يكتب الشُّعراءُ: "الحبالُ تجرُّ العصافيرَ

مخنوقةً

حول أعشاشِها."



ما الذي تكتبُ الشَّمسُ، ماذا تقولُ لأبنائِها؟



حالة السَّائل



مَا الَّذي يَتحرَّكُ فيهِ؟ جُزَيْئاتُ حُبٍّ وخَوْفٍ؟

قوافِلُ حُلْمٍ؟

خيولٌ؟ براكينُ من أَرَقٍ غَيْهَبِيٍّ؟



يَتَقَصَّى،

يُجيِّشُ هذا الهديرَ، ويُزْجيهِ صفًّا فَصفًّا

في عراكٍ مع الكَوْنِ. حِبْرٌ

وهذي يَدٌ تتدلَّى،

ومَن يكتبُ،

أيُّهذا الهديرُ الصَّديقُ العدوُّ الأبُ؟



حالة الخَلاَّق



رفعتْه رِياحُ الجُّموحِ إلى فَلَكِ المَعْصيهْ،

فاغفروا ما تقدَّم، يا أيُّها الغافرونَ، وما قد تَأَخَّر

مِن ذَنْبِهِ –

لم يَجِدْ غيرَ حِبْرِ الضَّلالِ لكي يكتبَ الأُغنيهْ.



حالة المنفيِّ



فَرَّ مِن قَوْمِه،

عندما قالتِ الظُّلماتُ: أنا أرضُه وأنا سِرُّها.

كيف، ماذا يُسمِّي بلادًا

لم تعد تنتمي إليهِ، وليس له غيرُها؟



حالة الضالِّ



كم تنوَّرَ ليلَ الذِّئابْ،

هربًا مِن سماءٍ، هربًا من بلادٍ،

هربًا من كتابْ.



حالة الفيلسوف



"كلَّ يومٍ أفتِّشُ عن هاربٍ تحت جلدي"، يقولُ

يكرِّر: "جسمي حصارٌ، وأرضي حصارٌ."

ويؤكِّدُ: "لا، لستُ أشكو." ويسأَلُ:

"ما ذلك النُّواحُ؟" المدِينَةُ، هذا المسَاءْ

وَرَقٌ طائرٌ.

هل يقومُ التُّرابُ على قَدَمَيْهِ؟

... ... ... ...

عاصِفٌ مِن هباءْ.



حالة الأُمَّة



أُمَّةٌ–غابَةٌ

ذبَحتْ طَيْرَها

لترى في دَمِ المذبَحهْ

كيف يَجْتَرُّ جِسمُ الطَّبيعةِ ذاكرةَ الأجنحَهْ.



حالة الحاكم



عقلُهُ مُخطِئٌ، ولكنَّ كرسيَّهُ مُصيبٌ:

البلادُ انحناءٌ لَهُ،

ولدولابِهِ.



حالة الصديق



أيُّهذا الصَّديق الذي كنتُ سمَّيتُه

بِاسْمِ أيَّامِهِ وأهوالِها،

أنتَ في شَهْقَةٍ، وأنا زفرةٌ.

نتهجَّى الخرابَ الذي يتفجَّرُ فينا ونقرأ آياتِه،

كي تكونَ ضياءً

لمراراتِنا.



حالة اليقين



لا أشكُّ: الخيولُ التي أسْرَجَتْها الخرافاتُ،

تقتلُ فرسانَها.

*** *** ***

..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
  رد مع اقتباس
قديم 27/02/2005   #2
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي من يوميات المتنبي ( أدونيس )


من يوميات المتنبي ( أدونيس )



أدونيس



1. تخيُّل



أتخيَّلُ بغدادَ، لكنني أُحيِّي

حلبًا، وأحيِّي

كوفةَ الثَّائرين – اتْركِ الحبَّ يدخلْ إليكْ

دونَ أن يقرع الباب. كالحلمِ يأتي إلى مقلتيكْ،

دون أن يسألَ اللَّيلَ. طَيْفٌ

يترصَّد بين شقوقِ النَّوافذِ:

مِن أين قلبكَ يمضي إلى سِرِّهِ؟

أتُراه يُحيِّي، وهو يمضي إلى سِرِّهِ،

شجرَ الورد في ساحة البيتِ؟ هل يتلفَّتُ؟ أيقظتُ

في داخلي أصدقائي لِيرَوْا مِنْ جديدٍ

سيفَ سُلطانِنا

كيف يَهْوي عليكَ – وَها هُم حولَ قبركَ. ماذا؟

هل تقومُ لِتلقاهُمُ، ونُصغي إليهم

ينشدون: سلامًا على عَهدنا

وسلامًا عليكْ.



2. رغبة



أتخيَّل بغدادَ، لكنني أُحيِّي

حلبًا، وأُحيِّي

كوفة الثَّائرينَ – اهْدَئي، ذكرياتي،

وَاجْلسي. ركبتايَ سريرانِ.

هذي عروقي

عَطشٌ جارِفٌ. وهذا

كبِدُ الوَقْتِ: من جَمْرِهِ

تتدفَّق هذي الوجوهُ التي تتشرَّدُ.

ماذا؟ إهْدَئي واجلسي.

أفلاَ ترغبينَ هنا، الآنَ، أن تَسمعيه

يتكلَّم: ذاك الذي كان يَحيا

أبدًا صامِتًا، بيننا؟



3. وداع



أتخيَّلُ بغدادَ، لكنني أُحيِّي

حلبًا، وأُحيِّي كوفةَ الثائرين – تَجرَّأْ

قلْ وداعًا لأرضكَ، للعشب فيها، ولأشجارها وأنهارِها.

قلْ وداعًا لِسَجَّانها، لخليفة أنْقاضِها

وهو يُملي عليها تعاليمَهُ،

وقصائدَ غِلمانه.

وتوسَّلْ إلى غيمةٍ تتفيَّأُ في ظِلِّها.



قُلْ وداعًا لهذا التمزُّق، هذا الألَمْ

وازْفُرِ الآنَ ما خَطَّهُ

في يديكَ وفي ناظريكَ وفي خطواتِكَ وَاصْرخْ:

لكمُ كلُّ شيءٍ

وأنا مثلما تقولون: شخصٌ غريبٌ

ليس لي غيرُ هذي الدَّواةِ وهذا القلَمْ.



4. إمكان



أتخيَّل بغدادَ، لكنَّني أُحيِّي

حلبًا، وأُحيِّي

كوفةَ الثَّائرين – الأزِقَّةُ مَحْشوَّةٌ

بالبكاءِ وبالموتِ، رأسٌ



يتدحرجُ. صدرٌ

ثَقَبَتْهُ الرِّماحُ. دماءٌ

تتحوَّلُ غَزْلاً، وتُنْسَجُ للأفْقِ منها ثيابٌ.



هل ستُصبح، يا أيُّها الأفْقُ، بُوقًا

أم ستُصبح مرثيَّةً؟



يمكن الفكر أن يُطفئَ الآنَ مصباحَهُ

كي يسيرَ على هَدْي تاريخهِ.



يمكن الآنَ أن تتحوَّل شمسُ الغروبِ إلى بُومةٍ.



5. قِباب



أتخيَّلُ بغدادَ، لكنَّني أُحيِّي

حَلَبًا، وأُحيِّي

كوفةَ الثَّائرين – القِبابَ،

الشيوخَ ينامون في ظِلِّها،

أو يقصُّون أيَّامهم.

ألدَّقائقُ أوتارُ قيثارةٍ

والمصلُّون: كُلٌّ حاضِرٌ غائبٌ، وكلٌّ

يتحدَّثُ في نَفْسهِ إلى غيرهِ:

كلُّ ما يخلق الضَّوءَ فينا،

لُغَةٌ مُرْجَأَهْ.

وَطَنٌ – حِبْرُهُ جِراحاتُنا

وَنجهلُ أنْ نَقْرَأهْ.



6. لَوْ



أتخيَّلُ بغدادَ، لكنني أُحيِّي

حَلبًا، وأُحيِّي كوفةَ الثائرينَ – ترصَّدْ

كيفَ تَعجنُ بغدادُ أحزانَها

في الميادينِ، في كلِّ حيٍّ، وفي كلِّ بيتٍ

وتُزاوِجُ بين الرَّغيفِ وأحلامِها والسَّهَرْ.



لَوْ ترصَّدْتَها،

لَصنعتَ من اللَّيل قيثارةً وغنَّيتَها

وتَمثَّلْتَ فيها هواكَ ومَهْديَّكَ المُنتظَرْ.
  رد مع اقتباس
قديم 27/02/2005   #3
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي لم يعدْ يعرفُ الليلُ كيف يُحيِّي قناديلَنا*


لم يعدْ يعرفُ الليلُ كيف يُحيِّي قناديلَنا*



أدونيس



1

خَرَجَ الوردُ من حَوْضِهِ

لمُلاقاتها،

كانتِ الشَّمسُ عُريانةً

في الخريفِ، سِوَى خَيْطِ غيمٍ على خَصْرها.

هكذا يُولَدُ الحبُّ

في القريةِ التي جئتُ مِنها.



2

نهضتُ أسألَُ عَنكِ الفجرَ: هَل نَهضَتْ؟

رأيتُ وجهَكِ حولَ البيتِ مُرتَسمًا

في كلِّ غصنٍ. رميْتُ الفجرَ عن كَتِفي:

جاءَتْ

أمِ الحُلمُ أغواني؟ سألتُ ندًى

على الغُصونِ، سألتُ الشَّمسَ هَل قرأتْ

خُطاكِ؟ أينَ لمستِ البابَ؟

كيفَ مَشى

إلى جوارِكِ وَرْدُ البيتِ والشجرُ؟

أكادُ أشطرُ أيامي وأنْشطرُ:

دَمي هناكَ وجسمي هَا هُنا – وَرَقٌ

يجرُّهُ في هَشيمِ العالمِ الشَّرَرُ.



3

صامتٌ ليلُنا.

مِِن هُنا زهرٌ ينحني،

مِن هنالك ما يُشبه التَّلعثُمَ.

لا رجَّةٌ، لا افتتانْ.

ليلُنا يتنهَّد في رئتَينا

والنوافذُ تُطبِقُ أهدابَها.

- تقرأين؟

- ضَعِ الشايَ. ضوءٌ

يتسرَّبُ مِنْ جسدينا إلى جسدينا

ويغيِّر وَجْهَ المكانْ.



4

هكذا – في عِناق الطَّبيعةِ والطَّبْعِ، نعصفُ أو نَهْدأُ،

لا قرارٌ، ولا خِطَّةٌ – عَفوَ أعضائِنا

ننتهي، نَبدأُ.

جسدانا

كوكبٌ واحدٌ.

نتبادَلُ أحزانَنا،

نتبادَلُ أحشاءَنا،

جسدانا دَمٌ واحِدٌ.

نحن صِنْوانِ في الجرحِ: مفتاحُ أيامِنا

ومفتاحُ أفراحِنا وأحزانِنا،

جَسدانا.



5

فَكَّتِ الأرضُ أَزرارَها، وسارَتْ

حُرَّةً في خُطانا،

عندما سألتْنا وقلنا:

نعرفُ الحبَّ يا أرضَنا. جَبَلْنا

طينَنا مِن هَباءِ مسافاتِهِ، وجَبَلْنا

فتنةَ القمرِ المتشرِّد في طَمثهِ بأوجاعِنا،

ورسَمْنا

كُلَّ ما لا يُرى مِن تقاطيعهِ،

بتقاطيعِنا.

هي ذي أرضُنا، –

نتوقَّعُ أن يعشقَ الحبُّ أسماءَه

كيفما دُوِّنَتْ

في دفاتر أيَّامِها.



6

نَهَرٌ – مِنْجَمٌ

نَهَرٌ غامرٌ

يتلبَّسُ أعضاءَنا

ويسافرُ فيها –

يدخلُ البحرُ فيه

تخرجُ الأرضُ منه،

والبقيةُ لا تُفهَمُ.

لا أحدِّدُ لا أرسمُ:

الدخولُ إلى ليل حبِّي مضيءٌ

والخروجُ هو المُعتِمُ.



7

علَّمتْني مَراراتُ أيَّامِيَ الرائيهْ:

ليس للحبِّ إلاَّ طريقٌ عموديةٌ

لا تُسمَّى –

وإنْ قيلَ عنها

لغةٌ في الهبوطِ إلى آخرِ اللَّيل،

في نارِه العاليهْ.



8

كيف لي أن أسمِّيَ ما بيننا ماضيًا؟

ليس ما بيننا قصةً،

ليس تُفَّاحَ إنْسٍ وجِنِّ

أو دليلاً إلى موسمٍ،

أو مكانْ –

ليس شيئًا يؤرَّخُ: هذا

ما تقولُ تصاريفُ أحشائنا.

كيف لي أن أقول، إذًا، حبُّنا

أخذتْه إليها تجاعيدُ هذا الزمانْ؟



9

تركتِ في جسدي وَرْدًا، تركتِ ندًى

تركتِ غابةَ ألوانٍ – تُراهُ غدي

يُضيئُها؟ أم تُرى أمسي يُضيِّعها؟

أفي عروقيَ ورْدٌ آخرٌ؟ شهقتْ

إلى ترابكِ أعضائي – نُمازِجُه،

نفيضُ فيه، ونستقصي، ونبتكرُ.

دمٌ هَوًى لهبٌ ماءٌ مدًى – أبدٌ

لا بالحياة ولا بالموتِ يُختَصَرُ.



10

ربَّما،

ليس في الأرض حبٌّ

غيرُ هذا الذي نتخيَّلُ أنَّا

سنحظى به، ذات يومٍ.

لا تَقفْ –

تابِعِ الرَّقصَ يا أيُّها الحبُّ، يا أيها الشِّعر،

حتَّى وَلو كان مَوْتًا.



11

لا أحبُّ الرسائلَ، كلاَّ

لا أريدُ لحبِّيَ هذا الأرقْ

لا أريدُ له أن يُجَرْجَرَ في كلماتٍ.

لا أحبُّ الرسائلَ، كلاَّ

لا أريدُ لأعضائنا

أن تسافرَ في مركبٍ من ورقْ.



12

آهِ، كلاَّ

لا أريد لعينيَّ أن تَسْبحا في فضاءٍ

غير عينيهِ. كلاَّ

لا أريد لحبِّيَ وأشيائه وضوحًا

لا أريدُ انتماءً ولا نسبًا أو هويَّهْ.

لا أريدُ سوى أن نكونَ لغاتٍ

للجموح، وأعضاؤنا أبجديَّهْ.



13

لا تَقُلْ، لا تُسمِّ:

الخليقةُ، يا حبُّ، أشياؤها وأعمالُها

صُوَرٌ في كتابٍ من الظَّنِّ. خُذني

أعطني أنْ أسافِرَ في الوهم،

في ما تخيَّلتُ أو أتخيَّلُ –

أن أتمادَى

وأُشهِّيَ شَكِّي بنفسي

وبتمزيق ما تَنْسجُ الكلماتُ وما أتَقرَّاهُ فيها،

وما أشتَهيهِ

وأَنذرُ جسمي لمعراجهِ.

أعطِني أن تكون حياتي طريقًا إلى لا قرارٍ.



14

جالسٌ قُربَها

والستارُ الذي نسجتْه تباريحُنا مُسدَلٌ.

قامةُ الأفقِ مكسورةُ الخَصْرِ،

والشَّمسُ تمضي إلى نومِها.

مِشطها، قلمُ الحبر، كرسيُّها، الفراشُ

على الأرض، أكداسُ أوراقِها –

كتبًا ودفاترَ – بستانُ وَرْدٍ

تتناثرُ أكمامُهُ.

أتذكَّر حتَّى كأني أرى الآنَ: ها بيتُها

يَتنهَّدُ، هَا شُرفاتُ النوافذ تُسلِمُ أحضانَها

للمُريدِ المولَّه،

والشَّمسُ في أوَّل اللَّيل،

تخلعُ آخِرَ قمصانها.



15

لا الزمانُ سريرٌ ولا الأرضُ نومٌ،

شجرُ الحبِّ عارٍ

والمكانُ الذي شاءَه الحبُّ دونَ غطاءٍ.

أتُرى، أيقظَ اللَّيلُ أحلامَهُ

وهي الآنَ تركضُ في شارعِ الشَّمسِ؟ ظنِّي

أنَّ هذي الشموسَ التي تتثاءبُ

في فلكِ الحبِّ

ليست على الأرض إلاَّ جراحًا.

سأُغني لهذا المكان المُضاءْ

بحُطامِ المحبِّين قبلي:

ليسَ هذا الوجودُ سوى فُسحةٍ للغناءْ.



16

يدُها في يدي

وكلانا غريبٌ

وكلانا غدًا ميْتٌ

في فراشٍ بعيدٍ.

سَرْبِلينا بأوهامنا

وبأشباحنا،

يا أساطيرَ أيَّامنا،

واضطربْ واقتربْ

أيُّهذا البعيدُ الجميلُ الأَحدْ،

أيُّهذا الجسدْ.



17

غالبًا أتفقَّدُ بيتيَ في اللَّيلِ أُشعلُ ضوءَ المصابيحِ،

لكنَّها لا تُضيءُ/ النوافذُ؟ أبدأ فَتْحَ

النوافذِ لكنَّها لا تُضيءُ/ لعلِّي في البابِ

ألقى ضياءً، أقولُ لِنفسي،

وأُسرعُ للبابِ أرْجوهُ،

لكنَّهُ لا يضيءُ/ الظَّلامُ هنا مثلُ جُرحٍ

يظلُّ، على بُرئه، نازفًا،

يقولُ ليَ الحبُّ –

يا حُبُّ مِنْ أينَ يأتي الضِّياءْ،

والسَّماءُ تخونُ السَّماءْ؟



18

ها هو السَّهرُ المُرُّ يأتي ويُشعِلُ قنديلَهُ.

هل أُعيدُ رسائلَ حُبِّي إلى حبرها؟

هل أمزِّقُ تلكَ الصُّوَرْ؟

أقرأ الآنَ جسمي،

وأملأُ بالحُزنِ قنديلَ هذا السَّهَرْ.



19

أفتحُ البابَ، يأتي هواءٌ يزورُ الرسومَ التي تتدلَّى

ويُداعبُ أطرافَها.

بَغتةً، تتثاءَبُ، يمضي حانيًا ظهرَهُ.

لَمْ يكن حبُّنا هنالِكَ، أطيافُهُ

حملَتْ كلَّ ما رَسَمَتْهُ

في السَّريرِ، وفوقَ الوسائِدِ، في قبضةِ البابِ،

في قُفلِهِ وغابتْ.

أتَخيَّلُ؟ لكنْ

كلُّ هذا تؤكِّده غيمةٌ –

غيمةٌ تعبُرُ الآنَ، غابتْ.

لا هواءٌ يزورُ، ولا مَنْ يقولُ لتِلكَ الرسومْ

كيفَ تُروَى أساطيرُنا

كيفَ يُكتَبُ تاريخُ هذي الغيومْ.



20

ما الذي سوفَ يبقى

ويُشعِلُ للعاشقين قناديلَ أيَّامنا؟

ما الكلامُ الذي سوفَ يَبقى

من مَعاجِمِ أحشائِنا وأعضائِنا

مِن أساطيرِنا البعيدهْ؟

ما الذي سوفَ يَبْقى

غيرُ ما قالَه قاتِلونا:

كَتَبْنا بحبرِ مَرَارتِنا هَوانا

وعِشنَا بلا حِكمةٍ

وسَكَنَّا قَصيدَهْ.



21

سأزورُ المكانَ الذي كان صيفًا لنا

بعدَ ترحالِنا

بَينَ شطآن يوليسَ، في ليلِ دِلفي،

وفي شمسِ هِيدْرا.

وسأمشي مثلما كُنتُ أمشي

هائمًا بينَ أشجارهِ.

سأذكِّرَ أزهارَهُ ورياحينَهُ

بأريجِ لقاءاتِنا.

وأكيدٌ سَتسأَلُني عَنكِ: ما صِرْتِ؟

أينَ تكونينَ؟ ما وجهُكِ الآنَ؟ لكنْ

ما تُراني أقولْ

والفصولُ مَحَتْها الفُصولْ؟



22

عاشقٌ

لم يعدْ بين عينيه غيرُ الفراغ،

يقولُ الخرابَ، ويدعو

كلَّ شيء إليه احتفاءً به،

ويغنِّيه في كلِّ شيء.

أيُّها العاشق الذي صَدِئَتْ قدماهُ

صَدِئَتْ راحتاهُ

من دروبٍ عقاقير، ماذا

يفعل الآن تاريخُك القتيلْ؟

قُمْ تجرَّأ على الصمت، مزِّقْ رسائلَ أسرارِه،

قُلْ لهذا المقام: انكسرتُ،

وأعضائي الآن مهزومةٌ

وقُلْ للرحيلْ.



23

رسمَتْكِ على جسد النيل، بين يديه

عندما كنتِ تمشين كالضوء في ظلِّ أحزانهِ

لغةٌ

لم يكن لإيزيسَ أن تتوقَّع فيها

قيامَ أدونيس من موته

كي يبرِّئ من دمِه قاتليه.

وتظلُّ الأنوثةُ بدءًا.

رسمَتْكِ على جسد النيل، في غيمها وفي صحوها،

أبجديةُ أمواجه.



24

أخذتْنا الحياةُ إليها رمتْنا

في شباك أعاصيرها وأعطتْ

صَدْرَها لنوافذ أيامنا.

حين أسألُ نفسيَ: ماذا أخذنا؟ وأرى. لا أرى

في النوافذ إلا شباكًا.

أتُرانا وهمْنا

مثلَ أسلافِنا

أننا خارج الشِّباك؟ تُرانا

مثل أسلافنا

لم نزلْ نعشقُ الحياةَ التي عشقتْ قيدَها؟



25

ما أمرَّ وما أوجعَ الحنينَ إلى بيتها

واضعًا وجنتيَّ على كتفِ الليل، مستسلمًا إليهِ

تحتَ قوسِ الصَّنوبر، والليلُ يقرأ أعمالَهُ

حارسًا بابَه والنوافذَ. لا نار إلاَّ

ما يُصلصلُ في الجسد الحرِّ، أو ما يشبُّ

على أرضه.

(قاتمٌ ذلك الممرُّ إلى أرضه، اليوم،

والريحُ هوجاء من كلِّ صوبٍ.)

ما أمرَّ وما أوجع الحنين إلى ما تبقَّى

من أساطير حبِّي،

ما أشقَّ الكلامَ عليها، ولا نار عندي لهذا الحطامْ

غيرُ نار الكلامْ.



26

هل أقولُ: اغسلي قاعَ حوضِكِ مما ترسَّب فيه

من تعاليم أمْرٍ ونَهْيٍ؟

هل أكرِّر من أولٍ:

أغلقي بابَ ليلي عليكِ

افتحي للعواصف أبوابَها حيث شاءتْ

لتكنسَ أنقاضَها،

وتُسَمِّيَ هبوبَك في كلِّ عضوٍ؟

هل أُسميكِ من أولٍ؟



27

شاهدٌ أنكِ الجذرُ. حاولتُ أن أقرأ

المتبقيَ منه، وان أُنطِقَ الصمتَ:

لا صوت. من أين جاء إلينا

خَرَسٌ يتراءى، كأنَّ الصمَمْ

لغةٌ فيه؟ وجهي

ووجهُكِ، هذا المساءَ، محيطٌ

لسفينةِ جرحٍ،

وجهُ ربانِها باردٌ

ليس فيه مكانٌ لِلا أو نعمْ.



28

بعد هذا التشرُّد ملءَ المدائن،

بعد السنين التي أرهقتْ كاهليَّ،

أغنِّي لنا، لطفولاتنا.

لا أصدِّق أني شيَّختُ، أمشي غريبًا

لا عزاءٌ ولا أتشكَّى. لحبِّي وموتي

فلكٌ واحدٌ – وأُغوي

مَن يجيئون بعدي،

أن يضيئوا بنور الجسدْ

ظلماتِ الأبدْ.



29

لم يعدْ حولَ رأسي

أيُّ تاجٍ سوى حبِّها:

حبُّها زَهَرٌ ذابلٌ.

سأغنِّي حروبي فيها إليها

أنا المرهقَ المنقسمْ.

وأمجِّدُ أهوالَها

وأغنِّي، وصوتي جراحٌ:

صبواتيَ لا تنثني

وجراحيَ لا تلتئمْ.



30

قلت: أسهرُ حتى الصباح لأكتبَ، لكن

ما أقول؟ انكببتُ أخطُّ وأمحو

وأبدأ. لا شيء. كيف تغيرتُ؟

أنَّى، وكيف توارى

كلُّ ما كان عندي؟

نِمْتُ – كلا، رمى النومُ أثقالَهُ

فوق رأسي.

في الصباح، شعرتُ كأني شُطِرْتُ،

وأصبحتُ غيريَ، شخصًا

بعيدًا يسيرُ إلى ذاته البعيدةْ

كاتبًا هذه القصيدةْ.



31

ما الذي ضاعَ منَّا وما زال فينا؟

ما الذي فرَّقتْنا مسافاتُهُ

ويوحِّد ما بيننا؟

أترى لم نزلْ واحدًا

أم كلانا تشتَّت؟ ما ألطف الهباءْ

جسمُه الآن، في هذه اللحظاتِ،

وجسمي سواءْ.



32

ها هنا نحن، وجهًا لوجهٍ

في جحيم جراحاتِنا.

البرودةُ بيتٌ لنا، وما بيننا

فلكٌ آفلٌ –

فلكٌ يكتبُ الذبولُ مراثيَ أزهارهِ.

لم يعدْ يعرفُ الليلُ كيف يحيِّي قناديلنا.



33

هل يعزِّيكِ أنَّ الغيوم تجيء وتذهبُ في لحظةٍ،

ثم تأتي غيومٌ سواها؟

هل يعزِّيك أن القبور بيوتٌ

يتساوى البَشَرْ

بين جدرانها؟

هل يعزِّيك أن النَّظَرْ

لا يرى غير ما رسمتْه الغيوم؟ عزائي

أن هذا المكان الذي جئتُ منه

لا يزال يوشوشُ أسرارَهُ

للزمانِ، وأن الزمانَ الذي أنتمي إليهِ

لا يزال يجدِّد ألوانَه

ويقلِّب أوراقَهُ

في كتابِ الشَّجَرْ.



34

ألغروبُ،

تُرى ساعةُ اللارجوعِ إلى مشرقِ الحبِّ

حانتْ؟

غرفةٌ والمآذنُ من كلِّ صوبٍ

تتحاورُ في ظلِّ جدرانها.

يتذكَّر: موتٌ

في الوسائد تحت الغطاء

يقلِّب أوراقَه. غبارٌ،

وخطاطاتُ حلمٍ،

ومعاجمُ للواقع الميْت. حبٌّ غروبٌ.

آه، ما أبعدَ الشروق عن الحبِّ، عن شمسِه الوارثهْ،

آه، ما أجمل الكارثهْ!



35

لم يكن أورفيوسُ سوى صوت قيثارِه،

لماذا

شحبتْ وردةٌ وهي تصغي إليه؟

ولماذا

فهمتْ صوتَه الوحوشُ، ومالَ إليه الشجرْ

ولماذا –

مثلما قيلَ – حنَّ الحجرْ؟

أهو الحبُّ حقًّا؟

مُرَّ في حيِّنا

قُلْ لليلى، وقُلْ للنخيلْ:

لم يمتْ بعدُ قيثارُ قيسٍ

كن صديقًا كريمًا، أيُّهذا الإلهُ الغريبُ الجميلْ.



36

بعد أن شربتْنا مفاتنُ أعضائنا

وشَرِبْنا الشموسَ، دياجيرَها وقناديلَها،

لنقلْ: إننا نَضَجْنا

مثلَ عنقود كَرْمٍ.

يعشقُ الكرمُ بعدَ العلوِّ الهبوطْ

حيث ينحلُّ، يهدأُ في الدَّنِّ، ينساب في

الجسد الآدميِّ، ويعلو

من جديد إلى ربِّه.

نضَجَ الحبُّ فينا نضجْنا،

فسقوطًا سقوطًا، يا عناقيدَ أيامنا

ما أحرَّ النضوج، وما أكرم السقوطْ.



37

طِلَّسْم

طاء لام سين ميم/ s

أكتبُ لكَ أكتبُ إليكَ

لكي تخرجَ من الكتبِ التي تسكنُ في أعشاشِ طيورٍ ماتتْ

لكي لا تنسى الأشجارَ التي كنتَ تتسلقُها في طفولتك

لكي تعطيَ ضوءكَ لنجمةٍ تكادُ أن تنطفئ.

أكتبُ لكَ أكتبُ إليكَ

بحبرٍ يتشبَّه بدمعٍ سكبتْهُ عيناك في لقائنا الأول الذي كان غامضًا على جسدينا،

وأكتبُ لكي أحيِّيَ ذلك الغموض.

أكتبُ لكِ أكتبُ إليكِ

لأقول رئتي تغيَّرَ مكانُها حين يلتقي جسدانا، ولكي أسأل: هل تعرفين الطريق التي تسلكها؟

ولماذا يتحول جسدكِ آنذاك إلى بحرٍ يتموَّجُ في أعضائي، ولا شاطئ له؟

ولماذا تصبحُ هذه الحروفُ الثلاثةُ – جيم سين دال – أكبر من الأبجدية، وأكثر اتساعًا؟

نكتبُ لنا نكتبُ إلينا،

القدمُ وأصابعُها: مشطٌ للأرق،

الكاحلُ: عروةٌ في حافة

درجةُ سلَّمٍ نحو

عقدةٍ نافرةٍ في ما يشبه الفراغ

كلمةٌ تُلمَسُ لا تُلفَظ

أنا وهي قارئاكَ أيها الكاحل.

الساقُ: لذةُ انزلاقٍ

يظنُّ إيكاروس أنها هي كذلك معراجُه.

تاريخُ غرفٍ بلا نوافذ.

(يجبُ أن نعرفَ كيف نُبقي الحلمَ يتأرجحُ بثقله كلِّه بين أهدابنا.)

نعم، في نهاية السَّاق، من جهة الفخذ، يهبُّ نسيمٌ آخر،

والطبيعةُ كحرفِ الألف.

الركبةُ: خادمةُ أميرة

والجوابُ دائمًا: لا أتعب.

الفخذُ: إلى المثلث بعد ثوانٍ

تصلين أيتها الأصابع، ترى الكيمياءَ تبني لكَ مسرحَ الظلِّ أيها اللاعب.

اذهبْ هانئًا إلى موعدك هنا. من الشمس يخرجُ

الرعدُ، من التراب يخرجُ قوس قزح

للزَّغب كذلك جنونُه.

السُرَّةُ: لا بدَّ من وسيلةٍ لزرعِ الحياة كمثل

وردةٍ في حوضِ كمثلِ السُّرَّة.

الثديان: السقوط دائمًا من الثديين إلى ما

تحت السُّرَّة:

هذا هو النصُّ الذي أعطيناه عهدَنا لكي نتخذه دليلاً، ولكي نغطيَ به أماكن العبادة، ونصنعَ منه، وفقًا لأحوالنا، شرابًا أو خبزًا.

سقوطٌ نتنفسُ فيه، أينما اتَّجهنا، في دوائره وأشكاله الهندسية الأخرى، هواءً يرتجلُ أزهارَ الأنوثة والذكورة وفراشاتِها. ونصغي إلى الخلايا تتهامسُ، والى البشرة تُوَسْوِسُ وتُوَشْوِشُ أشياءَ لا نعرفُ عنها أكثر من أن الحلمَ يَقْطرُها في عرباته.

ونباركُ التفاصيلَ التي تتفتحُ كالنوافذ

مأخوذين بهذا الكلِّ الذي لا يُلغي من حضوره

إلا الملائكةُ وأوراقَ اعتمادهم.

سقوطٌ نتمسكُ فيه بقلادةٍ أو أكثر يمدُّها لنا عنقُ الشهوة فاتحًا لكلِّ حركة أفقًا وتكون أخطاؤنا بين أجمل أعمالنا لأنها تتيحُ لنا تكرارًا يتيحُ لنا أن نكرِّر الذوقَ الضدَّ

وذوقَ الغرابة.

سقوطٌ تضيق فيه على جسدينا الفراديسُ كلُّها، حتى تلك التي تتحدثُ عنها كتبٌ يحفظها الناس عن ظهر قلب، وتبدو هذه الفراديس كأنها ليست أكثر من حساءٍ دهنيٍّ (يمكن أن تقرأ الدال ذالاً).

ثم نقول لطبعنا: انثُرْ بذاركَ.

ونرى إلى البشرة التي يلتصقُ بها كيف تنبهرُ وتزدهر،

ونصغي إليها تتوسلُ لكي يتحوَّل يقينُ القطافِ إلى احتمالٍ، واحتمالُه إلى يقين

طاء لام ميم سين

.

*** *** ***





* صدرتْ عن دار الساقي (2003) مجموعةٌ شعرية لأدونيس بعنوان أول الجسد آخر البحر، هذه مقاطع منها. وقد ظهرتْ مختارات من هذه المجموعة باللغة الإيطالية بعنوان مئة قصيدة حب، بترجمة فوزي الدلمي (غواندا، ميلانو، 2002)؛ وكنا قد نشرنا 10 قصائد منها في الإصدار العاشر من معابر، بعضُها وارد هنا، لكنْ في صيغته النهائية. (المحرِّر)
  رد مع اقتباس
قديم 02/03/2005   #4
شب و شيخ الشباب Kakabouda
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ Kakabouda
Kakabouda is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
U.S.M united states of al Mahatta
مشاركات:
9,217

إرسال خطاب MSN إلى Kakabouda إرسال خطاب Yahoo إلى Kakabouda
افتراضي


ولي طلعوا عيوني ههه مشكور يا غالي

قالولي ليش رافع راسك و عينك قوية .. التلهم العفو كلنا ناس بس أنا من الأراضي السورية ...
  رد مع اقتباس
قديم 02/03/2005   #5
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


اقتباس:
ولي طلعوا عيوني ههه مشكور يا غالي
wellcome
  رد مع اقتباس
قديم 20/03/2005   #6
شب و شيخ الشباب Kakabouda
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ Kakabouda
Kakabouda is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
U.S.M united states of al Mahatta
مشاركات:
9,217

إرسال خطاب MSN إلى Kakabouda إرسال خطاب Yahoo إلى Kakabouda
افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : عاشق من فلسطين
اقتباس:
ولي طلعوا عيوني ههه مشكور يا غالي
wellcome
يرحم جدك ويلكم هههههه الله يرحمو ما كان ينزل من عن الطنبر من الصب للليل ويلك ويلكم
  رد مع اقتباس
قديم 20/03/2005   #7
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


اقتباس:
يرحم جدك ويلكم هههههه الله يرحمو ما كان ينزل من عن الطنبر من الصب للليل ويلك ويلكم
  رد مع اقتباس
قديم 28/04/2005   #8
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي مقتطافات من رائعة أدونيس ( مقدمة لتاريخ ملكوك الطوائف )


أدونيس

مقدمة لتاريخ ملوك الطوائف
بيروت 1970


وجه يافا طفل / هل الشجر الذابل يزهو ؟ / هل تدخل الأرض في صورة عذراء؟ / مَنْ هناك يرجّ الشرق؟ / جاء العصف الجميل ولم يأت الخراب الجميل/ صوت شريد .. /

(كان رأس يهذي يهرج في الفسطاط في حضرة العساكر محمولاً ينادي أنا الخليفة) / هاموا حفروا حفرة لوجه غليّ/ كان طفلاً وكان أبيض أو أسود يافا أشجاره وأغانيه ويافا .. / تكدسوا، مزقوا وجه عليّ/ دم الذبيحة في الأقداح، قولوا : جبّانة، لا تقولوا : كان شعري ورداً وصار دماء، ليس بين الدماء و الورد إلا خيط شمس، قولوا : رماديَ بيت وابن عبّاد يشحذ السيف بين الرأس و الرأس وابن جَهوَر مَيْتُ.

لم يكن في البداية
غير جذرٍ من الدمع / أعني بلادي
والمدى خيطيَ - انقطعتُ وفي الخضرة العربية
غرقتْ شمسيَ / الحضارة نقالة و المدينة
وردة وثنية -
خيمة :



هكذا تبدأ الحكاية أو تنتهي الحكاية.
و المدى خيطيَ - اتصلتُ أنا الفوهة الكوكبية
وكتبت المدينة
حينما كانت المدينة مقطورة و النواح
سورها البابلي، كتبت المدينة



مثلما تنضح الأبجدية
لا لكي ألأم الجراح
لا لكي أبعث المومياء
بل لكي أبعث الفروقَ .. / الدماء
تجمع الورد و الغراب / لكي أقطع الجسور ولكي أغسل الوجوه الحزينة
بنزيف العصور،
وكتبت المدينة
مثلما يذهب النبي إلى الموت / أعني بلادي
وبلادي الصدى
والصدى و الصدى ..

كشفتْ رأسها الباء، والجيم خصلة شعرٍ، انقرضْ انقرضْ
ألف أول الحروف انقرضْ انقرضْ
أسمعُ الهاء تنشج و الراء مثل الهلال
غارقاً ذائباً في الرمال
انقرضْ انقرضْ
سحر تاريخك انتهى
أدفنوا وجهه الذليل وموروثه الأبلها
و أعذري و أغفري
يا قرون الغزالات يا أعين المها ..
أحارُ كل لحظة أراكِ يا بلادي
في صورة،
أحملك الآن على جبيني، بين دمي وموتي : أأنتِ مقبرة
أم وردة ؟

أراك أطفالاً يجرجرون
أحشاءهم، يصغون يسجدون
للقيد، يلبسون
لكل سوطٍ جلده .. أمقبرة
أم وردة؟
قتلتني قتلت أغنياتي
أأنتِ مجزرة
أم ثورة ؟
أحارُ ، كل لحظة أراكٍ يا بلادي في صورةٍ ..

وعليّ يسأل الضوء، ويمضي
حاملاً تاريخه المقتول من كوخٍ لكوخ :
(علموني أن لي بيتاً كبيتي في أريحا
أن لي في القاهرة
أخوة، أن حدود الناصرة
مكة.
كيف استحال العلم قيدا ؟
ألهذا يرفض التاريخ وجهي ؟
ألهذا لا أرى في الأفق شمساً عربية؟ )

آه ، لو تعرف المهزلة
(سمّها خطبة الخليفة أو سمّها المهرجان
ولها قائدان
واحدٌ يشحذ المقصلة
واحدٌ يتمرّغ .. لو تعرف المهزلة

كيف ، أين انسللتَ
في حصار المذابح .. ماذا ، قُتلتْ ؟
أنظر الآن كيف انتهيتَ ولم تنته المهزلة
مُتََّ كالآخرين
مثلما ينشج الدهرُ في رئة السالفين
مثلما يكسر الغيم أبوابه القزحية
مثلما يغرق الماء في الرمل أو تُقطع الأبدية
عنق القبّرة
كنتَ كالآخرين، انتهيتَ ولم تنته المهزلة
كنتَ كالآخرين - ارفضْ الآخرين
بدأوا من هناك ابتدئ من هنا
حول طفل يموت
حول بيت تهدم فاستعمرته البيوت
وابتدئ من هنا
من أنين الشوارع من ريحها الخانقة
من بلادٍ يصير اسمها مقبرة
وابتدئ من هنا
مثلما تبدأ الفجيعة أو تولد الصاعقة

مُتَّ ؟ هاصرتَ كالرعد في رحم الصاعقة
بارئاً مثلما تبرأ الصاعقة
أنظرْ الآن كيفَ انصهرتَ وكيف انبعثتَ، انتهيتَ
ولم تنته الصاعقة.

أعرفُ ، كان مُلككَ الوحيد ظلُ خيمةٍ، وكان فيها خِرقٌ ،
ومرة يكون ماءٌ مرة رغيف، وكان أطفالك يكبرون
في بِركةٍ ،
لم تيأسِ انتفضتَ صِرتَ الحلم و العيون
تَظَهَرُ في كوخٍ على الأردن أو في غزة و القدس
تقتحم الشارعَ وهو مأتمٌ تتركه كالعرس
وصوتك الغامر مثل بحر
ودمك النافر مثل جبل
وحينما تحملك الأرضُ إلى سريرها
تترك للعاشق للاحق جدولين
من دمك المسفوح مرتين ..

وجه يافا طفلٌ / هل الشجر الذابل يزهو ؟ / هل تدخل الأرضُ في صورة عذراء ؟ / مَنْ هناك يرجّ الشرق ؟ / جاء العصف الجميل ولم يأت الخراب الجميل/ صوت شريد ..

سقط الماضي ولم يسقط ( لماذا يسقط الماضي ولا يسقط ؟ )
دال قامة يكسرها الحزن ( لماذا يسقط الماضي ولا يسقط ؟ )
قاف قاب قوسين و أدنى
أطلبُ الماءَ ويعطيني رملاً
أطلب الشمسَ ويعطيني كهفاً
سيدٌ أنتَ ؟ ستبقى
سيداً . عبدٌ ؟ ستبقى
غيّر الصورةَ لكن سوف تبقى
غيّر الرايةَ لكن سوف تبقى



في خريطةٍ تمتد … الخ،
حيث يدخل السيد المقيم في الصفحة أ راكباً حيواناً بحجم المشنقة، يتحول إلى تمثال ملء الساحات العامة. و (كانت) الحاكمة تغسل عجيزتها وحولها نساء يدخلن في الرمح ويمضغن بخور القصر والرجال يسجلون دقات قلوبهن على زمن يتكوّم كالخرقة بين الأصابع حيث

ك ترتجف تحت نواةٍ رفضيةٍ بعمق الضوء

ت تاريخ مسقوف بالجثث وبخار الصلاة

أ عمود مشنقة مبلل بضوء موحل

ب سكين تكشط الجلد الآدمي وتصنعه نعلاًُ لقدمين سماويتين في خريطةٍ تمتد … الخ.


شجر يثمر التحول والهجرة في الضوء جالسٌ في فلسطين وأغصانه نوافذ / أصغينا لأفراحه قرأنا معه نجمة الأساطير / جند وقضاة يدحرجون عظاماً ورؤوساً ، وراقدون كما يرقد حلم يُهجّرون يُجرّون إلى التيه …/

من أين، هل البحر قادرٌ ، هل حنان الشمس ؟ / ( _ يكفيني رغيفٌ كوخٌ وفي الشمس ما يمنح فيئاً ، لا لستُ خوذة سيّاف ولا ترسُ سيدٍ، أنا نهر الأردن أستفرد الزهور و أغويها / دمٌ نازفٌ / تبطنتُ أرضي ودمي ماؤها دمي وسيبقى ذلك الساهر النحيل : غبارٌ يمزج العاشقَ المشردَ بالريح، ويبقى نسغٌ/)
يتمتم طفلّ ، وجه يافا طفلّ / هل الشجر الذابل يزهو ؟ /
( - متى أتو ؟ كيف لم نشعر / جبال الخليل يدفعها الليل ويمضي والأرض تهزأ / لم نشعر / دم نازف / هنا سقط الثائر / حيفا تئنّ في حجر أسود و النخلة التي فيّأت مريم تبكي / حيفا تسافر في عينيّ قتيل حيفا بحيرة حزن جَرَحَتْ قلبها وسالَتْ مع الشمس إلينا / هَمَسْتُ في قدمي جوعٌ وفي راحتيّ تضطربُ الأرضُ : كشفنا أسرارنا (بُقعُ الدمع طريقٌ) أجسُّ خاصرةَ الضوء يجثُّ الصحراءَ و الكون مربوطاً بحبل من الملائك / هل تشهد آثار كوكبٍ ؟ يسمع الكوكبُ صوتي رويتُ عنه سأروي ..

في الزمن القاتل شخصٌ رمى تاريخه للنار غطى مدى وجوهنا بحمرة الخجل
و مات /

لن تعرف حرية ما دامت الدولة موجودة /
تذكر ؟ كان السجن بوابة للشمس كان الأمل
تذكر . × و القاعدة
وسلطة العمال .. ) ما الفائدة
تنحدر الثورة بعد اسمه
في لفظةٍ ، تمتد في مائدة /
هل تقرأ المائدة ؟ /

كان فدائيّ يخط اسمه ناراً وفي الحناجر الباردة
يموت /
و القدس تخط اسمها :
لم تزل الدولة موجودة
لم تزل الدولة موجودة ..

غير أن النهر المذبوح يجري :
كل ماءٍ وجه يافا
كل جرحٍ وجه يافا
و الملايين التي تصرخ : كلا ، وجه يافا
و الأحباء على الشرفة أو في القيد أو في القبر يافا
و الدم النازف من خاصرة العالم يافا
سمِّنِي قيساً وسمٍّ الأرضَ ليلى
باسم يافا
باسم شعبٍ شرّدته البشرية
سمِّني قنبلةً أو بندقية …..

هذا أنا : لا ، لستُ من عصر الأفول
أنا ساعةُ الهتك العظيم أتتْ وخلخلة العقول
هذا أنا - عَبَرَتْ سحابة
حبلى بزوبعة الجنون
و التِيهُ يَمرُقُ تحت نافذتي ، يقولُ الآخرون
( يرعى قطيع نجومه
يصل الغرابةَ بالغرابة)
هذا أنا أصلُ الغرابةَ بالغرابة
أرّختُ : فوق المئذنة
قمر يسوس الأحصنة
و ينام بين يدي تميمة
وذكرتُ : بقّعتْ الهزيمة
جسدَ العصور
وهران مثل الكاظمية
ودمشق بيروت العجوز
صحراء تزدرد الفصول، دمٌ تعفن - لم تعد نار الرموز
تلد المدائن و الفضاء، ذكرتُ لم تكن البقية
إلا دماً هرماً يموتُ يموتُ بقّعتْ الهزيمة
جسد العصور
.. في خريطة تمتد الخ ،

حيث تتحول الكلمة إلى نسيج تعبر في مسامه رؤوس كالقطن المنفوش، أيام تحمل أفخاذاً مثقوبة تدخل في تاريخ فارغ إلا من الأظافر، مثلثات بأشكال النساء تضطجع بين الورقة و الورقة، كل شيء يدخل إلى الأرض من سمّ الكلمة، الحشرة الله الشاعر بالوخز و الأرق وحرارة الصوت بالرصاص و الوضوء بالقمر ونملة سليمان بحقول تثمر لافتات كتب عليها (البحث عن رغيف) أو ( البحث عن عجيزة لكن استتروا) أو ( هل الحركة في الخطوة أم في الطريق ؟ )

و الطريق رملٌ يتقوّس فوقه الهواء و الخطوة زمنٌ أملس كالحصاة ..

حيث وقف على طرف العمل، وضع الكتاب كالشامة على جبينه ورسم جوقة من الملائكة على شفتيه وأذنيه، أخذ يغرز أصابعه و أسنانه في قصعة الكلام طالت أذناه وسقط شعره وتحوّل، وكان الوقت يشرف أن يصبح خارج الوقت وما يسمونه الوطن يجلس على حافة الزمن يكاد أن يسقط، (كيف يمكن إمساكه؟) سأل رجلٌ مقيدٌ وشبه ملجوم لم يجئه الجواب لكن جاءه قيدٌ آخر و أخذ حشد كمسحوق الرمل يفرز مسافة بحجم لام ميم ألف أو بحجم ص ع ي ه ك ويسير فيها نسيج رايات وبسطاً وشوارع وقبابا ويبني جسراً يعبر عليه من الآخرة إلى الأولى

حيث عبرت
ذبابه وجلست على الكلمة، لم يتحرك حرف، طارت وقد استطال جناحاها عبر طفلٌ وسأل عن الكلمة طلع في حنجرته شوكٌ و أخذ الخرس يدبُّ إلى لسانه ..

في خريطة تمتد .. الخ ، حيث
(العدو يطغى وهم يخسرون، ويمدّ وهم يجزرون، ويطول وهم يقصرون، إلى أن عادوا إلى عّلمٍ ناكسٍ وصوتٍ خافتٍ، وانشغلَ كل ملكٍ بسد فتوقه،

.. وعندما يجدّ الجد ويطلب الأندلسُ عونَ الملك الصالح لاستخلاص أقليم الجزيرة وقد سقط في أيدي الأسبان يكتفي بالأسف و التعزية ويقول بأن الحرب سجال وفي سلامتكم الكفاية،

.. ولم يزل العدو يواثبهم ويكافحهم ويغاديهم القتال ويراوحهم حتى أجهضهم عن أماكنهم وجفّلهم عن مساكنهم أركبهم طبقاً عن طبق واستأصلهم بالقتل كيفما اتفق)

في خريطة تمتد .. الخ، رفض التاريخ المعروف الذي يطبخ فوق نار السلطان أن يذكر شاعراً .. و البقية آتية،

في خريطة تمتد .. الخ،
يأتي وقتٌ بين الرماد و الورد
ينطفئ فيه كل شيء
يبدأ فيه كل شيء
.. وأغني فجيعتي، لم أعد ألمحُ نفسي إلا على طرف التاريخ في شفرةٍ / سأبدأ ، لكن أين ؟ من أين ؟ كيف أوضحُ نفسي وبأي اللغات ؟ هذي التي أرضع منها تخونني سأزكّيها و أحيا على شفير زمانٍ مات أمشي على شفير زمانٍ لم يجئ

غير أنني لستُ وحدي

.. وجه يافا طفلٌ / هل الشجر الذابل يزهو؟ / هل تدخل الأرض في صورة عذراء؟ / مَنْ هناك يرجّ الشرق ؟ / جاء العصف الجميل و لم يأت الخراب الجميل / صوت شريد ..

خرجوا من الكتب العتيقة حيث تهترئ الأصول
و أتوا كما تأتي الفصول
حضنَ الرمادُ نقيضه
مَشَتْ الحقولُ إلي الحقول :
لا ، لستُ من عصر الأفول
أنا ساعة الهتك العظيم أتتْ و خلخلة العقول . @
  رد مع اقتباس
قديم 28/04/2005   #9
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


ليس نجماً

ليس نجماً ليس إيحاء نبيّ
ليس وجهاً خاشعاً للقمر

هو ذا يأتي كرمح وثنيّ غازياًِ ارض الحروف
نازفاً - يرفع للشمس نزيفه

هو ذا يلبس عري الحجر
ويصلي للكهوف

هو ذا يحتضن الأرض الخفيفة.


ملك مهيار

ملك مهيار
ملك و الحلم له قصرٌ وحدائق نار

و اليوم شكاه للكلمات
صوت مات

ملك مهيار
يحي في ملكوت الريح
ويملك في أرض الأسرار.

صوت

مهيار وجه خانه عاشقوه
مهيار أجراس بلا رنين
مهيار مكتوب على الوجوه
أغنية تزورنا خلسة
في طرق بيضاء منفية

مهيار ناقوس من التائهين
في هذه الأرض الجليلية.


السقوط

إلى أنسي الحاج

أعيش بين النار و الطاعون
مع لغتي - مع هذه العوالم الخرساء.

أعيش في حديقة التفاح و السماء
في الفرح الأول و القنوط
بين يديّ حواء-
سيد ذاك الشجر الملعون
وسيد الثمار.

أعيش بين الغيم و الشرار
في حجر يكبر ، في كتاب
يعلن الأسرار و السقوط.


حوار

-"من أنت ؟ من تحتار يا مهيار؟
أنى اتجهت الله أو هاوية الشيطان
هاوية تذهب أو هاوية تجيء
والعالم اختيار"

-"لا الله أختار ولا الشيطان
كلاهما جدار
كلاهما يغلق لي عينيّ-

هل أبدل الجدار بالجدار
وحيرتي حيرة من يضيء
حيرة من يعرف كل شيء.."


لغة الخطيئة

أحرق ميراثي، أقول أرضي بكر
ولا قبور في شبابي
أعبر فوق الله و الشيطان
_دربي أنا أبعد من دروب
الإله و الشيطان"-


أعبر في كتابي
في موكب الصاعقة المضيئة
في موكب الصاعقة الخضراء
أهتف - لا جنة لا سقوط بعدي
وأمحو لغة الخطيئة.


ملك الرياح

إلى منير بشور

طرفٌ رايتي لا تؤآخي ولا تتلاقى
طرف أغنياتي

ها أنا أحشد الزهو و أستنفر الشجر
و أمد السماء رواقاً
و أحب و أحيا و أولد في كلماتي.

ها أنا أجمع الفراشات
تحت لواء الصباح
و أربي الثمار
و أبيت أنا و المطر
في الغيوم و أجراسها، في البحار.


رؤيا

تقنّعي بالخشب المحروق
يا بابل الحريق و الأسرار
انتظار الله الذي يجيء
مكتسياً بالنار
مزيناً باللؤلؤ المسروق
من رئة البحر من المحار.

أنتظر الله الذي يحار
يغضب يبكي ينحني يضيء -

وجهك يا مهيار
ينبئ بالله الذي يجيء.



المصباح

يحمل في رابعة النهار
مصباحه. يبحث عن إنسان
لا رمل في عينيه،
يسير في خفّ من الغبار
ينام في برميل
ملتحفاً كفيه.

- و أنت / ماذا؟
- - ليس لي عينان
- بينين وبين أخوتي قابيل
- بيني وبين الآخر الطوفان.

حين ينام الليل
أغافل السفاح
أمشي ويمشي خلفي الغبار،
لكنني أمشي بال مصباح.



أرض بلا ميعاد


حتى ولو رجعت يا أوديس
حتى ولو ضاقت بك الأبعاد
و أحترق الدليل
في وجهك الفاجع
أو رعبك الأنيس،

تظل تاريخاً من الرحيل
تظل في أرض بلا ميعاد
تظل في أرض بلا ميعاد،

حتى ولو رجعت يا أوديس.



صلاة

صليتُ أن تظل في الرماد
صليت ألا تلمح النهار أو تفيق
لم نختبر ليلك، لم نبحر مع السواد،

صليت يا فينيق
أن يهدأ السحر و أن يكون
موعدنا في النار في الرماد،
صليت أن يقودنا الجنون.


الخيانة

آه يا نعمة الخيانة
أيها العالم الذي يتطاول في خطواتي
هوة وحريقه
أيها الجثة العريقة
أيها العالم الذي خنته و أخونه.

أنا ذاك الغريق الذي تصلي جفونه
لهدير المياه،
و أنا ذلك الإله
الإله الذي سيبارك أرض الجريمة.

إنني خائنٌ أبيع حياتي
للطريق الرجيمه ،
إنني سيد الخيانة.


إلى سيزيف

إلى حليم بركات


أقسمت أن أكتب فوق الماء
أقسمت أن أحمل مع سيزيف
صخرته الصماء.

أقسمت أن أظل مع سيزيف
أخضع للحمى وللشرار
أبحث في المحاجر الضريرة
عن ريشة أخيره
تكتب للعشب وللخريف
قصيدة الغبار.

أقسمت أن أعيش مع سيزيف.


ليس لك اختيار


ماذا، إذن تهدم وجه الأرض
ترسم وجهاً آخراً سواه،

ماذا إذن ليس لك اختيار
غير طريق النار
غير جحيم الرفض


حين تكون الأرض
مقصلة خرساء أو اله.



الجثتان


دفنت في أحشائك الذليله
في الرأس و العينين و اليدين
مئذنة ، دفنت جثتين
الأرض و السماء،


أيتها القبيله
يا رحم الزيزان يا طاحونة الهواء.



وطن


للوجوه التي تتيبس تحت قناع الكآبه
أنحني، لدروب نسيت عليها دموعي
لأب مات أخضراً كالسحابه
وعلى وجهه شراع
أنحني ، ولطفل يباع
كي يصلي وكي يمسح الأحذيه

(كلنا في بلادي نصلي كلنا نمسح الأحذيه)

ولصخر يتدحرج تحت جفوني وبرق
ولبيت نقلت معي في ضياعي ترابه
أنحني - هذه كلها وطني، لا دمشقُ.


رؤيا


هربت مدينتنا
فركضت أستجلي مسالكها
ونظرت - لم ألمح سوى الأفق
ورأيت أن الهاربين غداً
و العائدين غداً
جسد أمزقه على ورقي.

ورأيت - كان الغيم حنجرة
و الماء جدراناً من اللهب
ورأيت خيطاً أصفراً دبقاً
خيطاً من التاريخ يعلق بي

تجتر أيامي وتعقدها
وتكرّها فيه - يد ورثت
جنس الدمى وسلالة الخرق.

ودخلت في طقس الخليقة في
رحم المياه وعذرة الشجر
فرأيت أشجاراً تراودني
ورأيت بين غصونها غرفاً
و أسرّة وكوى تعاندني،
ورأيت أطفالاً قرأت لهم
رملي ، قرأت لهم
سور الغمام وآية الحجر
ورأيت كيف يسافرون معي
ورأيت كيف تضيء خلفهم
برك الدموع وجثة المطر.

هربت مدينتنا
ماذا أنا، ماذا؟ أسنبلة
تبكي لقبرة
ماتت وراء الثلج و البرد
ماتت ولم تكشف رسائلها
عني ولم تكتب إلى أحد
و سألتها ورأيت جثتها
مطروحة في آخر الزمن
وصرخت - " يا صمت الجليد أنا
وطن لغربتها
و أنا الغريب وقبرها وطني. "

هربت مدينتنا
فرأيت كيف تحولت قدمي
نهراً يطوف دماً
ومراكباً تنأى وتتسع
ورأيت أن شواطئي غرقٌ
يغوي و موجي الريح و البجعُ.

هربت مدينتنا
و الرفض لؤلؤة مكسرة
ترسو بقاياها على سفني
و الرفض حطاب يعيش على
وجهي - يلملمني ويشعلني
و الرفض أبعاد تشتتني
فأرى دمي وأرى وراء دمي
موتي يحاورني ويتبعني.

هربت مدينتنا
فرأيت كيف يضيئني كفني
ورأيت - ليت الموت يمهلني.


وداع


قلنا لك الوداع من سنين
قلنا لك المرثية التائبه،
يا هالة الملائك الميتين
يا لغة الجرادة الهاربه.

الكلمات أحتقنت بالوحول
الكلمات ازينّت بالمخاض-

عادت لنا أرحامنا الغائبه
وها هي الأمطار و السيول
يا لغة الأنقاض
يا هالة الملائك الميتين.


موت

نموت إن لم نخلق الآلهة
نموت إن لم نقتل الآلهة

يا ملكوت الصخرة التائهه.


الصخرة العاشقة

إلى يوسف الخال

الرحيل انتهى و الطريق
صخرة عاشقه.

إننا ندفن النهار القتيل
إننا نكتسي برياح الفجيعه،
غير أنا غداً نهزّ جذوع النخيل
وغداً نغسل الإله الهزيل
بدم الصاعقه،
و نمد الخيوط الرفيعه
بين أجفاننا و الطريق.


الطوفان

اذهبي، لا نريدك أن ترجعي يا حمامه
انهم أسلموا لحمهم للصخور
و أنا - ها أنا أتقدم نحو القرار السحيق
عالقاً بشراع السفينه.

إن طوفاننا كوكب لا يدور
انه غامر عتيق -
ربما تنشق فيه اله العصور الدفينه
ربما نؤثر هذا اللقاء العريق،
فاذهبي لا نريدك أن ترجعي يا حمامه.


سفر

مسافر دونما حراك :
يا شمس، من أين لك خطاك ؟



مرثية الحلاج

ريشتك المسمومة الخضراء
ريشتك المنفوخة الأوداج باللهيب
بالكوكب الطالع من بغداد
تاريخنا وبعثنا القريب
في أرضنا- في موتنا المعاد.

الزمن استلقى على يديك
و النار في عينيك
مجتاحة تمتد للسماء

يا كوكباً يطلع من بغداد
محملاً بالشعر و الميلاد،
يا ريشة مسمومة خضراء.

لم يبق للآتين من بعيد
مع الصدى و الموت و الجليد
في هذه الأرض النشورية
لم يبق إلا أنت و الحضور
يا لغة الرعد الجليليه
في هذه الأرض القشوريه
يا شاعرا الأسرار و الجذور.

من كتاب ( أغاني مهيار الدمشقي- أدونيس )
الطبعة الأولى- بيروت
دار مجلة شعر - 1961
  رد مع اقتباس
قديم 09/05/2005   #10
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي اعيش مع الضوء ..


أعيشُ مع الضوء عُمْري عبيرٌ

يمرّ, وثانيتي سنواتُ

وأعشق ترتيلةً في بلادي

تَناقَلها كالصباح الرعاةُ;

رَموْها على الشمس قطعةَ فجرٍ نقيٍّ

وصلّوا عليها وماتوا -

إذا ضحك الموتُ في شفتيكَ

بكت, من حنينٍ إليكَ, الحياةُ .

بين عينيك وبيني


حينما أُغرقُ في عينيكِ عيني,

ألمح الفجر العميقا

وأرى الأمس العتيقا

وأرى ما لست أدري,

وأحسّ الكون يجري

بين عينيكِ وبيني .

العباءة


في بيتنا عَباءةٌ

فصّلها عمْرُ أبي

خَيّطها بالتّعبِ.

تقولُ لي - كنتَ على حصيرِه

كالغُصُنِ المنجرِد

وكنتَ في ضميرِه

غدَ الغدِ.

في بيتنا عباءةٌ

مرميّةٌ, مبعثره

تشدّني لسقفهِ

لطينهِ للحجَره

ألمح في ثقوبها

ذراعه المحْتضنهْ

وقلبه ولهفةً في قلبه مُستوطنه

تحرسني تلفّني تملأ دربي أدعيه

تتركني شَبَابةً وغابةً وأغنيه .

من (ثلاث مرثيّات لأبي)


على بيتنا, كان يشهق صمتٌ ويبكي سكونُ

لأنّ أبي مات, أجدبَ حقلٌ وماتت سنونو .

العهد الجديد


يجهلُ أن يتكلّم هذا الكلامْ

يجهل صوتَ البراري,

إنه كاهِنٌ حجريُّ النعاسْ

إنه مُثْقَلٌ باللغات البعيدهْ.

هوذا يتقدّم تحت الركامْ

في مناخ الحروف الجديدهْ

مانحًا شعره للرياح الكئيبهْ

خشِنًا ساحرًا كالنحاسْ.

إنه لغةٌ تتموّج بين الصواري

إنه فارس الكلمات الغريبهْ .

ليس نجمًا


ليس نجمًا ليس إيحاءَ نبيّ

ليس وجهًا خاشعًا للقمرِ -

هُوَذا يأتي كرمحٍ ( ... )

غازيًا أرض الحروفْ

نازفًا - يرفع للشمس نزيفهْ;

هُوَذا يلبس عُرْيَ الحجَرِ

ويصلّي للكهوفْ

هوذا يحتضنُ الأرض الخفيفَهْ .

صوت


مهيارُ وجهٌ خانهُ عاشقوهْ

مهيارُ أجراسٌ بلا رنينْ

مهيارُ مكتوبٌ على الوجوه

أغنيةً تزورنا خِلسةً

في طُرُقٍ بيضاء منفيّهْ,

مهيار ناقوسٌ من التائهينْ

في هذه الأرض الجليليّه .

لغة للمسافة


أمسِ تحت المحاجر سافرتُ تحت الغُبارْ

فسمعتُ صدانا

وسمعتُ انهيارَ الحدودْ

ورجعتُ, وقيل نسيتُ هنالكَ,

مِن دهشةٍ, خُطواتي

خطواتي? بلَى وَكأنّي أراها

حُرَّةً تَتنقَّل بين الشرايين بين الرّئاتِ

وتطوف الحنايا وتنقادُ

مذهولةً أو تحارْ

في ثنايا الخواصر في الجلْد

في هُوّةٍ لا تراها

وكأني أراها

بعد هذا تعودْ.

ستمرّ, ولن تلمحوا, خُطواتي

بيننا لغةٌ للمسافة يجهل ألفاظها سوانا .

سفر...


سأسافرُ في موجةٍ في جَناحْ

سأزور العصور التي هجرتْنا

والسماءَ الهُلاميّة السابعهْ,

وأزور الشفاه

والعيونَ المليئةَ بالثلج, والشفرةَ اللامعه

في جحيم الإِلهْ;

سأغيب, سأحزم صدري

وأربطُه بالرّياحْ

وبعيداً سأتركُ خطويَ في مفرقٍ,

في متاهْ ... .
  رد مع اقتباس
قديم 09/05/2005   #11
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي الصقر


الصقر


( مقاطع )


(وأقبلتِ الخيل فصاحوا علينا من الشط: ارجعا لا

بأس عليكما, فسبحْتُ, وسبَحَ الغلامُ أخي, فالتفتُّ

إليه لأقوّي من قلبه, فلم يسمعْني واغترَّ بأمانهم

وخشيَ الغرق, فاستعجل الانقلابَ نحوهم, وقطعتُ

أنا الفرات, ثم قدّموا الصبيَّ أخي الذي صار إليهم

بالأمان فضربوا عنقَه ومضَوْا برأسه, وأنا أنظر إليه

وهو ابنُ ثلاثَ عشرةَ سنة, ومضيتُ إلى وجهي:

أحسبُ أنّي طائر وأنا ساعٍ على قدمي).

عبد الرحمن الداخل

(صقر قريش)

هَدأَتْ فوق وَجْهِيَ بينَ الفريسةِ والفارسِ الرِّماحُ

جَسَدي يَتدحْرَجُ والموتُ حُوذيُّهُ والرّياحُ

جُثَثٌ تتدَلّى ومَرْثيّةٌ, -

وكأنَّ النّهارْ

حجَرٌ يثقبُ الحياةْ

وكأنّ النَهارْ

عَرَباتٌ من الدّمعِ,

غَيِّرْ رنينَكَ يا صوتُ,

أسمعُ صوتَ الفراتْ:

- (قُرَيْش...

قافلةٌ تُبْحرُ صوبَ الهِنْدْ

تحملُ نارَ المجدْ.)

... والسَّماء على الجُرح مَمْدودَةٌ, والضِّفافْ

تتهامَسُ, تَمْتَدُّ:

بيني وبين الضفَّافْ

لُغةٌ, بيننا حِوارْ

حَضنَتْهُ الْكَراكِيُّ, طافَتْ به كالشّراعْ

بيننا, -

(وافُراتاهُ, كنْ ليَ جسْرًا, وكن لي قِناعْ)

وتَرَسَّبْتُ,

غَيِّرْ رَنِينَكَ يا صوتُ, أسمع صوتَ الفراتْ:

- (قُريشْ...

لُؤْلْؤَةٌ تشعُّ من دِمشْقْ

يُخْبِئها الصّندلُ واللُّبَانْ

أرَقُّ ما رقَّ له لبنانْ

أجملُ ما حَدَّثَ عنه الشّْرْقْ...)

افتَحي يا بَراري مصاريعَ أبوابكِ الصَّدِئاتِ:

مَلكٌ والفضاءُ خراجي ومملكتي خُطواتي

في الشّقوقِ تَفّيأت

كنْتُ أجسُّ الدَقائقَ

أَمْخضُ ثَدْيَ القِفارْ

سرتُ أمضى من السّهْم أمْضى

عَقَرْتُ الحصَى والغُبارْ

كانتِ الأرضُ أضيقَ من ظلِّ رُمْحيَ - مُتُّ

سمعتُ العقاربَ كيف تَصيىءُ, هديتُ القَطَا في المجاهلِ -

مُتُّ, انْحنيتُ على الأرض أكثرَ صبرًا من الأرض - مُتُّ

انْكَببْتُ على كاهل الريحِ
  رد مع اقتباس
قديم 08/06/2005   #12
صبيّة و ست الصبايا ألف
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ ألف
ألف is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
شي محل بهالعالم
مشاركات:
349

افتراضي أفصحي, أنت أيتها الجمجمة


شَحْمُ هذي السّماءِ كثيفٌ، وأزرارُها
تتفكّكُ في غابةٍ مِن شظايا.
أذرعٌ يتخاصمُ فُولاذُها وَإسمنتُها،
والعناصِرُ مخبولة تتخبّطُ ـ ما هَذهِ اللغةُ المُبهمهْ!
أفصحي أنتِ، يا هذهِ الجُمجمهْ.

شاشة لقياس التوحش عندَ الملائكِ، بَعدَ
السقوطِ إلي عالَم يدبُ علي بطنِهِ.
لازوردُ السماءِ وطينُ البَشرْ
مَسرَحٌ لهباءِ الصورْ .
للغُبارِ الذي سنسميهِ ضوءا وللصورةِ الآدميّهْ
لَبستْ أنجمُ اللهِ في ليلها البَدويّ
سَراويلَ أعراسِها :
عَضَلُ الأرضِ مُستنفرٌ
والغرائزُ في نشوَةٍ كوكبية.

** ** **
نصفُ ثَورٍ ونصفُ حِصانٍ
يَرضعانِ معًا ثَدي تُفاحةٍ
ـ (ربما ذكّرت بعضَهم
بغواية حوّاء) ـ حواءُ مُذاكَ في رِحْلةٍ
لم تعدْ بعد منها. سياجٌ

قَفزَ العَصْرُ مِن فوقهِ. يتحدّثُ مع نفسهِ
مع قبائِلَ ـ كُل تُسمي
نفَسها بَيضَة. وكلّ
تَنْتَمي، كلّ يومٍ، إلي حُفرةٍ، ـ
حُفْرَة تَتَنَزّلُ فيها
جُثَثُ المارقينْ،
حُفْرةُ السّائلينْ ـ
يُخْنَقون بِصمْتٍ.
حُفْرةُ الفقراء يَسُوسُونَ أرضَ الطّغاةِ بأشْلائِهمْ.
حُفْرةُ العائِدينْ
مِن لقاءٍ يُصالِحُ بين الجِراح وسِكينها،
ويقولُ لهذي القبائلِ قسمْتُ جسمي كما شِئْتِ،
مِثْلَ الحقيقةِ في هذه الأرْضِ نِصفين:
صَوْتاً
وسَوْطاً ـ
جَسداً واحداً.

** ** **

غَسَقُ الكَوْنِ، ـ أوّلُ ما تقرأ الشمسُ منه ـ انتشرْ حول أهدابهِ
مِثلَ كُحْلٍ، وكُنْ عِطْرَ أحزانهِ.
أوّل الليلِ جُرح. ما تبقي بذارٌ
لعِبٌ جامحٌ لطفولةِ هذا الفضاءْ.

هل تريدُ الحياة انسياقا كمثل الحكايةِ؟
خذها بذرة ً واحتضِنْها
طِفلة تكتبُ الشّعر. خُذها
مِثْلَ فَجْرٍ ـ لِقاحاً
لحقولِ الهواءْ.

خاتَمُ الموت يَمْهرُ أجسادَنا
فَاقتَلعْنا
مِن أروماتِنا.
وَمُرِْ الريحَ أن تتعهّد أشلاءَنا. وهذي
أرضُنا تتعفّنُ، يا سيّد الحَرْبِ: هَا لَحْمُ أجدادِنا
وآبائِنا، وأبنائِنا
يتَفَسّخُ في مَطبخ الكونِ، والنّاسُ في شُغلٍ فاكهونُ .
قُلْ لهم: هكذا
يرفع القاتلونْ
راية القَتْلِ تَيّاههْ عاليهْ.

** ** **
مُدُنٌ، أمْ مَسارحُ للهَوْلِ والموتِ؟ ماذا؟
رأسُ جرّافَةٍ؟
صبغَت وَجْهها
صَبغت كتفيْها
صَبغت صدرَها
بِدَمٍ أحمرٍ ـ أسْودٍ. أهذي
مُدنٌ أمْ مَسارِحٌ للهَولِ والموتِ؟

زَهَرٌ يابِسٌ يقاسِمُ غاباتِنا حُزْنها،
والطرائدُ مِن كلّ نَوْعٍ
تتزاحَمُ فيها، تُرتل أوجاعَها.
هَلْ تقولُ لِفَجرِ أغانيكَ، يا شِعْرُ،
أن يَنْشُرَ الآنَ مِنْديلَهُ؟
أتُراهُ يُغطي
مَا تآكَلَ مِن جَسَدِ الأرضِ، أو ما يُمزّقُ مِنهُ؟
وبِماذا. وكيف سَيَرتقُ أعضاءَ هذا الزّمانِ،
وأيّ المياهِ ستغسلُ أدرانَهُ؟

** ** **

كلّ شيءٍ يقولُ: ودَاعاً
لِمدائنِ أيّامِنا
لدفاترِ أطفالها
لمحابرِ أقلامِهمْ
لأقلامهم
لِلأسرّةِ مَفروشة ً بأحلامهم.

مَا لِوَجْهِ الحَجرْ
بين زيتونِنا وشُطآنهِ،
يَتَغضّنُ؟ ماذا؟
كَبدُ الأبْجديةِ َمقروحَة؟
أمْ أزاميلُها
تَتَكسّرُ مَنبوذَة؟
صَوْتُ ناي بَعيدٍ
يَتَصاعَدُ مِن جُرحِنا
عَبَقا ضائِعاً في ثيابِ الشّجَرْ.

** ** **

شَهَواتي تُجَنّ،
وَمِن أين يأتي لِروحي هذا الشّقاءْ؟
وأنا مِنكُما،
أيّها العالَمانِ، وألبُس ما تَلبسانِ ـ

مَا الذي يُولمُ العقْلَ للقتْلِ في شَرْقهِ المتوسّطِ،
في القُدسِ، بين جنائن بغدادَ،
أو في دِمشقٍ وبيروتَ والقاهِرهْ؟
ما الذي يتبقى، مَا الذي يتلاشى، ما الذي
يتقطر من هذه الذاكرهْ؟
مَنْ سَيَجرُؤ في هذه اللحظةِ الغَسقيةِ،
في هذه اللحظةِ ـ المُفترَقْ،
أنْ يُجاهِرَ: كلا،
لم يكن ضَوْؤنا
غيرَ وَهْمٍ، ولسنا سِوي بَشَرٍ مِنْ وَرَقْ.

أدونيس برلين 2002

ليس المهم أن تصرع التنين
بل أن تصارعه
  رد مع اقتباس
قديم 08/06/2005   #13
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


لأحلى ألف
  رد مع اقتباس
قديم 08/06/2005   #14
صبيّة و ست الصبايا ألف
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ ألف
ألف is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
شي محل بهالعالم
مشاركات:
349

افتراضي


مشكور عاشق
  رد مع اقتباس
قديم 29/08/2005   #15
شب و شيخ الشباب ميخوووووووو
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ ميخوووووووو
ميخوووووووو is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Great Homs
مشاركات:
574

افتراضي



حمصي أنا إخشيني الويل إذا أحببتني

قلبي قفص صدري يحرسه رمح مخملي
  رد مع اقتباس
قديم 31/08/2005   #16
شب و شيخ الشباب Syria Man
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Syria Man
Syria Man is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
بين الزحام أدوب ...................... وارحل بين الدروب
مشاركات:
5,240

إرسال خطاب MSN إلى Syria Man إرسال خطاب Yahoo إلى Syria Man
افتراضي


شكراً لكم
عاشق من فلسطين
الف

خدني الحنين لعينيكي حبيتو من وقتها
بحلم سنين ألاقيكي و أنسى الجراح بعدها
وبقيتي من قسمتي عشقي ونور دنيتي
ما شافتش قبلك عيوني وعليكي فتّحتها

المسيح يحمينا

jesus i trust in you

أنا هو القيامة والحياة من يتبعني لايمشي في الظلمة
  رد مع اقتباس
قديم 02/09/2005   #17
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي


اقتباس:
شكراً لكم
عاشق من فلسطين
الف
الشكر لأدونيس على هذا النتاج الأدبي الرائع ..
  رد مع اقتباس
قديم 03/09/2005   #18
صبيّة و ست الصبايا ألف
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ ألف
ألف is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
شي محل بهالعالم
مشاركات:
349

افتراضي


اقتباس:
كاتب النص الأصلي : عاشق من فلسطين
اقتباس:
شكراً لكم
عاشق من فلسطين
الف
الشكر لأدونيس على هذا النتاج الأدبي الرائع ..
  رد مع اقتباس
إضافة موضوع جديد  إضافة رد


أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لافيك تكتب موضوع جديد
لافيك تكتب مشاركات
لافيك تضيف مرفقات
لا فيك تعدل مشاركاتك

وسوم vB : حرك
شيفرة [IMG] : حرك
شيفرة HTML : بليد
طير و علّي


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 17:11 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون
Page generated in 0.27155 seconds with 11 queries